Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

(رواية كل من عليها خان ونظرية اللعب الحر)

(رواية كل من عليها خان ونظرية اللعب الحر)
بقلم:إيمان الزيات                         
إن من الصعوبة بمكان لي عنق ذلك النص المتمرد بوضعه في إطار مدرسة سردية بعينها .. وإنما كل ما نستطيع رصده هو ظهور تلك الروح التفكيكية فيه وذلك بتحطيمه لكل ماهو جاهز ومؤطر ومشكل ونظامي سواء كان نظرياً أو ثقافياً أو تاريخياً من خلال فك النص واعادة تركيبه وبنائه على أيدي قارئيه ومحلليه وناقديه .. بحضور الدوال وتغييب المدلول وبمعطيات المنهج التفكيكي التى صاغها (جاك دريدا) ومن أهمها :
الاختلاف
الذي يسمح بتعدد التفسيرات بعد مد القارىء بسيل من الاحتمالات مما يدفعه بالعيش داخل النص وبالمحاولة المستمرة لتصيد موضوعية المعنى الغائبة.
ومعط أساسياً آخر شديد الأهمية في هذا النص ألا وهو (نظرية اللعب الحر)
اللامتناهي لكتابة ليست منقطعة عن الحقيقة ومستلهمة من أفق واسع للمرجعيات الفكرية والفلسفية والنظم وطرق التحليل وكأن الكاتب يقول لقارئيه :
( أيها القارىء العزيز ..
لنلعب سويا لعبة التفكيك من الآن فصاعداً نحن شريكان في كل شىء .. منذ عتبة ولوجك لنصنا هذا فاختر ما تشاء من عناوين له فلن أسميه لك؛ فدوري في اللعبة أن أفكك نفسى أمامك فأخرج لك ذاتي
" الشاعرة / والمؤرخة / والساردة / والمسرحية / والفيلسوفة / والمتأملة / والمتبتلة / والمتبرمة / والمتجهمة / والممنهجة / والعابثة ".
سأرتدى الأقنعة وفي كل مرة حزر أنت من أكون ؟!!
وليس شرطاً أن تكون عبقرياً .. وليس هناك من مانع في أن تكون زنديقاً أو نبياً؛ فأنا أريد من الجميع أن يلعبوا معي تلك اللعبة .. وكل ما تتطلبه اللعبة الكبيرة أن تكون "إنساناً" فحسب .
سأمنحك علامات على طول الطريق بالحوار الماتع والمنولوجات الفلسفية .. والمسرحيات الموجعة .. والشعر المحلق الداهش.
سأنفخ في بوق الهداية بكشف العَور حتى لا تفكر بأنى أصعب المسألة عليك.
سأستخدم الكون والظل والضوء .. وأعري آلامي وأفتح لأحلامي طريق الشهرة بالظهور أمامك .. وكل ما أطلبه منك أن تفتح عينيك على الحقيقة .. فاذهب إلى ماوراء السرد أو قف على السطور وتعمق .. المهم أن تصل )

الواو الحافظية
لو أن لحرف أن يغير مسار السرد من النقيض للنقيض ويجمع الأضداد ويضم المترادفات في تدفق وحنو لكان هذا الحرف هو (واو العطف الحافظية) ذلك الحرف العطفي المذهل الذي يدمج المحسوس بالملموس .. ويكثفهما في جملة سردية ذاهلة تعكس مدى رحابة أفكار ذلك المبدع وتتابعها وتدفقها كشلال هادر يسري بعطاء سردي كريم.
أفاد ذلك الحرف نص المبدع أيما افادة حيث لعبت أكثر من دور بلاغي ولغوي وتقني ..
فلقدعطفت العام على الخاص.
وعطفت الشىء على مرادفه.
وعطفت الصفات المفرقة.
وعطفت مالا يستغنى عنه من الكلم.
وتعالوا معي نستعرض مثالاً زاخراً وثرياً بتلك الأحجية الابداعية الحافظية
(وأنا أعرف أن الحب نبي وصبي وبهي وغبي ودني وعتي وشقي وصوفي وفجائي وصدفاوي وقدري وجنوني ومزاجي ونزوي وليس في كل وقت بتقي) .
ويشرح وجهات نظره برحابتها فيقول :
(القمر لا يعرف أسماء الناس والبلاد والعباد)
ويعرف نفسه بشموليتها فيقول :
(وأنا القاص والراوي والبعيد والداني)
لقد تجلت (واو العطف الحافظية) وتزيت وتباهت في هذا النص .. وسيندهش القارىء اندهاشات غير منقطعة بها على طول مشواره القرائي به .
الرواية لدى الأديب هنا عبارة عن معزوفة (بوليفونية) صاخبة بالتعددية في كل عناصرها ومكوناتها البنائية والتقنية.
سنجد تعددية في ..
( الضمائر/ الشخوص/ اللهجات / الحوارية / وحتى في الأجناس الأدبية)
وسأكتفي هنا بالاشارة إلى (البوليفونية في الموضوعات) فلقد اشترك وتناص النص في الفكرة والموضوع مع العديد من النصوص العالمية الأخرى سلباً وايجاباً . وعادة ما نجد النص يشترك أو يختلف مع نص واحد على الأكثر ولكن تلك ليس قاعدة من قواعد الفكر الحافظي الرحب والمتفرد .
فمثلاً لم يجلس في انتظار جودو  كما فعل (بيكيت) باحثا ً في عبثية الوجود ، مستسلماً للزمن .. لم ينتظر أن تأتيه الحلول على طبق من ذهب إنما حلل وعرض وطرح وشرح وقدم فرضيات ومقدمات تجعل المتلقي يصل لنتائج منطقية .. كل هذا في اطار أدبي بديع .
إنها كتابة المنطق في مقابل اللا منطق .
اشترك النص الروائي الحافظي مع  (مائة عام من العزلة ) (لماركيز) في امتدادها الزمني .. إلا أنه عرض الأحداث بطريقة واقعية بعكس الرواية الماركيزية التى صيغت بداخل اطار خيالي.
وإذا تكلمنا عن الأنثروبولوجيا ودراسة الإنسان في أصوله التاريخية التى تمس جوانبه الإجتماعية وتطوراته الحضارية .. سنجد أن رواية (كل من عليها خان ) تقف يدا بيد مع رواية (الكوميديا الإنسانية) لبلزاك الذى انصبت كتاباته أيضا على ذات الموضوع بيد أنه قد حشد في سبيله كل ما كتب من روايات حيث أن الكوميديا الإنسانية عبارة عن كل الروايات التى كتبها بلزاك مجمعة .. أما الفكر الحافظي تخير أن يحشد جيوش التقنيات ويحصن قلاع الأجناس الأدبية في هذا الصدد .. والتى تكفل للنص عناصر الدهشة والجذب والمتعة والمشاركة القرائية التى عمد إليها منذ صفحاته الأولى وحتى نقطة النهاية التى تَعد بالمتابعة القريبة .. حيث لا وجود للنهاية عند المبدع السيد حافظ فهو كما كان بلزاك يقول عن نفسه :
(أما أنا فإنني أحمل مجتمعاً في رأسي ).
برعت الذات المسرحية عند مبدعنا الكبير في استخدام تقنية (كسر حاجز الايهام ) أو الجدار الرابع.
تلك التقنية البريختية التى طوعها الكاتب تطويعاً مائزاً .. فلقد هدم الجدار العازل بينه وبين القارىء منذ اللحظة الأولى بمنحه حرية اختيار عنوان النص .. ثم وضع عينيه الكتابيتين عليه فبرع بالسكوت عن طريق ايقاف المد السردي قبل أن يتسلل الملل إلى نفس المتلقى ومنحه بدهاء شديد (استراحات فكرية مجانية ) من خلال المسرحيات القصيرة بعد أن يقول له بصوت خارجي :
(فاصل ونواصل ..
لا تذهب بعيداً )
ثم ينبهه للعودة من جديد ويقول : ( عدنا .. اقرأ الآن )
وكأنه كان يتسكع في ردهات الرواية متسلياً بالصور والنظر لأفيشات أفلام وعروض مسرحية أخرى !!
تلك تقنية تجسيدية تشعر القارىء أنه يشاهد فيلماً لا يقرأ نصا .

هذا بالاضافي لجيوش الهجوم اللغوي .. وقلاع التكنيكات وعتبات التناص (اللفظى / المعنوى / والإيحائي).
إن الكتابة لدي السيد حافظ هي فعل اليقظة الدائمة والدهشة الفريدة ..
قرع طبول و دق أجراس ونداءات ونساء ومدن ومتعة لا تنقطع.
سيشهد التاريخ أننا عاصرنا رجلا شحذ طاقاته ووسائله الابداعية وقدراته الثرية وأعلن الثورة على النمطية ورفع لواء التجديد والابتكار .. رجلا لم تساعده ظروفه بل خدمته امكاناته المتعددة .. ومنحه جرح وطنه الذي يعشقه نكهة خاصة وأنيناً مائزا ونزفاً ابداعياً زكياً.
  مبدع حفر اسمه على صخر كهوف لم تكتشف بعد فضمن لاسمه الخلود .

                                               إيمان الزيات






0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More