Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

حكاية الفلاح عبد المطيع للسيد حافظ ومسرح التضامن والمشاركة

جريدة السياسة الأربعاء 13/7/1983
حكاية الفلاح عبد المطيع
للسيد حافظ
ومسرح التضامن والمشاركة
للدكتور / السعيد الورقى
أستاذ الأدب الحديث - بكلية الآداب
جامعة الإسكندرية
     يبدأ العرض بمسرح يكاد أن يكون خالياً من الديكور، يوضح المؤلف خطوطه ويوظف آلياته كما يفعل مؤلفو العرض الشامل.
     فى بقعة مضيئة فى منتصف المسرح، يتحول الكورس اليونانى القديم إلى جوقة تقترب أكثر من الراوى فى القصص الشعبية. وتقوم الجوقة بتلخيص الموقف الذى يستدعى إلى الحضور بانتقال الضوء إلى مستويات أخرى تباعاً.
     أما الموقف، فهو صراع الإنسان من خلال التفاوت الطبقى. وهو صراع قديم حديث يقوم على الاستغلال فى صوره التى عرفتها البشرية فى أطوار حضاراتها الثلاث : حضارة الرق والعبودية. وحضارة الإقطاع، ثم الحضارة البرجوازية، حيث كان صراعاً بين طبقة العبيد والسادة فى حضارة الرق. وبين الأفنان والملاك فى حضارة الإقطاع، ثم كان صراعاً بين العمال.
     والبرجوازية فى الحضارة البرجوازية وهو صراح مع اختلاف صوره - يعكس الصلة بين المستغل إلى إذابة الفوارق الطبقية تحقيقاً لمفهومه عن العدالة الاجتماعية، ويسعى فيه المستغل إلى مزيد من الضغط على الطبقات الأخرى.
     هكذا يلخص الراوى فى بداية المسرحية الموقف كله سنعود إلى الوراء - إلى زمن كان الإنسان مفقود القيمة يهان وكان الإنسان الحيوان قوى النفوذ والسلطان موهماً أن ما حدث قد حدث فى الزمن الماضى. وتاركاً الاسقاطات والمقارنة لخيال المشاهد.
     ويبدأ الحديث بعد تقديم الراوى والجوقة لشخصية البطل المأسوى عبد المطيع - لاحظ الدلالة الرمزية فى الاسم والكاتب مولع بمثل هذه الاستخدامات - على هذا النحو فلاح فقير أجير عيناه مسجدان. وقلبه يتسع حتى يحتوى العالم ويداه صلبتان فى صلابة صخر النيل. (ص5)
     وعبد المطيع هذا الذى لا يعرف سوى الطاعة والطاعة العمياء يجازى بالسجن والضرب من السلطة وأعوانها، وهو فى حيرة من أمره لا يملك أى حق. ولا حتى حق الاعتراض.. ومشكلة عبد المطيع التى ارتكبها وهو طائع إنه كان يعيش فى زمن مماليك مصر - ولا يعنينا هنا الواقع التاريخى بقدر ما يعنينا الواقع الذى جعله المؤلف إطاراً اجتماعياً لمسرحه.
     الواقع الذى وضع فيه المؤلف عبد المطيع واقع غير إنسانى استهانت فيه السلطة بالشعب فى شراسة خنقت كل الحريات. وسيطرت على كل مقدرات الإنسان حتى على عواطفه فأصبح الإنسان فيه ممنوعاً من الضحك أو البكاء إلا بفرمان حكومى يتحدد وفقاً لمزاج السلطة وأحوالها.
     لقد مرضت عينا السلطان المملوكى وصدر تبعاً لهذا فرمان حكومى بإعلان الحداد والحزن العام حتى تشفى عينا السلطان.
     ولأن عبد المطيع نموذج من الطبقة الكادحة، طبقة العبيد أو الخدم أو العمال - فهو مشغول بمتابعة قوت يومه عن التسمع لفرمانات الوزير أو السلطان، لذلك فلم يتمكن عبد المطيع من سماع الفرمان، ولم يصبغ ثيابه - بالتالى - باللون الأسود، فقبض عليه لهذه المخالفة الشديدة وسجن وجلد وأفرج عنه بعد أسبوع على أن يصبغ ثيابه وانصاع عبد المطيع فى - سلبيته - إلى الأمر فصبغ ثوبه وحماره وبيته وانطوى على نفسه يعالج جروحه ويجتر آلامه فى حزن صامت لا يعرف الثورة.
     ويتحول عبد المطيع إلى أسطورة - أجهضها المؤلف - لدى العامة فيرون فيه زعيماً لحركة مناهضة تتحدى السلطة والسلطان.
     ولا يلبث السلطان أن يشفى ويعلن الفرح فى البلاد بأمر سلطانى وضرورة أن يرتدى الجميع الملابس البيضاء مع إقامة الزينات والأفراح. وإلغاء الجنازات فالموت لابد أن يتم فى صمت.
     ولم يعرف عبد المطيع فى غيبوبته بهذا النبأ الجديد ومرة أخرى يقبض عليه لمخالفته أوامر السلطان ويسجن من جديد ويجلد لمدة أسبوع أخر وفى حيرة عبد المطيع يخلع ثيابه - سبب بلواه - ويتساءل لأول مرة ماذا تريد منى أيها السلطان. وأى الألوان تفضل أن أرتديها؟
     مسرحية "حكاية الفلاح عبد المطيع" للسيد حافظ، كما هو واضح، كوميديا بشرية ساخرة، تسعى إلى المزج بين مسرح المواقف والمسرح التسجيلى. ومن خلال هذا الإطار يقدم المؤلف شخصياته نماذج إنسانية تتحرك فى مجال اجتماعى وداخل إطارات عاطفية وعلاقات اجتماعية.
     هكذا تبدأ الشخصية فى التحرك من الخاص نامية لتحقيق الموقف العام ذى النظرة الإنسانية الشاملة، وهو ما نراه مسيطراً بشكل واضح على المسرح الحديث والمعاصر خاصة عند أبسن وسترندبرج وشووبرشت ودروعات وتنسى ويليميز ميلر وأمثالهم.
     حكاية الفلاح عبد المطيع كوميديا مأساوية تطرح على مستوى الموقف الفكرى قضية إنسانية هامة تتلخص فى السؤال التالى الذى جاء على لسان الكورال، ما معنى الإنسان إذا صار عبداً؟
     وقد اتجه السيد حافظ إلى بعض أساطير الهزيمة التى تطرح العديد من صور التعفن والامتلاك فى التاريخ المصرى.
     ليشكل منها إطار الحدث الدرامى وذلك فى محاولة منه لإعادة تشكيل العالم وصياغته بعد أن أصابته الفوضى، وبعد أن اختل ميزانه.
     هكذا سعى المؤلف إلى تقديم هذا الجو من المثالية الزائفة، التى تتضمن فى الواقع تنبؤات أليمة، من خلال التركيز على الإنسان فى صراعه مع القوى المناهضة.
     وقد تبدو شخصية عبد المطيع نموذجاً سلبياً فى جهله وبلادته، وفى ارتباطه بواقع اجتماعى متهرئ لا يمكن إيقاظه بسهولة، إلا أن هذا التكوين فى الواقع هو النظرة السلبية للحياة التى يتضمنها مسرح التضامن والمشاركة، الذى وإن حاول التركيز على التواصل الفعلى فى الصراع، إلا أن مرارة الاحتجاج هذه.
     وتكشف مسرحية "حكاية الفلاح عبد المطيع"  بوضوح عن الخصائص البناءة المميزة لمسرح السيد حافظ. فهو مسرح تجريبى، أخص مايميزه هو نوع التعامل مع الزمن.
     يتعامل السيد حافظ فهو مسرح تجريبى أخص ما يميزه هو نوع التعامل مع الزمن.
     يتعامل السيد حافظ مع الزمن فى عمله الدرامى بمفهوم متأثر كثيراً باتجاه تيار الوعى فى الكتابة القصصية وبأسلوب الفلاش باك فى السينما.
     فالزمن هنا قد فقد منطقه العام وحدوده التقليدية، وأصبح زمناً متداخلاً يستدعى الأحداث والشخصيات بتوظيف بعض آليات المسرح وخاصة الإضاءة. وقد مكن المؤلف من إجادة هذا البناء وتوظيفه لخدمة عمله الدرامى. إنه كما قلنا من مؤلفى العرض الشامل.
     وإذا كان السيد حافظ قد أجاد فى سبيل معمار عمله المسرحى على نحو ما رأيناه. فقد أخفق فى استعمال اللغة، حيث كان تركيزه الأكبر فيها على القيمة البلاغية.
     واعتمد إنه لو توافرت لهذا العمل لغة شعرية تنفعل بالموقف وتثير الانفعال به، خاصة وإن المؤلف أثبت مقدرة لا بأس بها فى التعامل مع هذه اللغة الشعرية فى أعمال أخرى منها "عودة أبى ذر الغفارى" و"حكاية مدينة الزعفران"، اعتقد لو توافرت للعمل مثل هذه اللغة، لتحقق له تمام التواصل الفعلى الذى يستهدف المؤلف وصولاً إلى مسرح التضامن والمشاركة.



1 التعليقات:

ا.د. الورقى شوقنى وجدد حبى لسيد حافظ
د. عبد الحكيم العبد

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More