المهـرج
بقلم
د. علي خليفة
المهرج - أو المضحك أو البلياتشو أو البهلوان - شخصية محببة جدًّا للأطفال، وغالبًا ما يذهبون للسيرك لمشاهدة هذه الشخصية خفيفة الظل فيه.
ويستغل بعض كتاب مسرح الطفل حب الأطفال لهذه الشخصية، فيوظفونها في بعض مسرحياتهم للطفل، وغالبًا ما يكون الدور الذي يقوم به المهرج في هذه المسرحيات ثانويًّا، كأن يظهر المهرج صديقًا للبطل، كما نرى هذا في مسرحية «قميص السعادة»، ومسرحية «سندريلا والأمير» للسيد حافظ، وأحيانًا يظهر المهرج في بعض المسرحيات الموجهة للطفل شخصية ثانوية ضمن مجموعة من الأفراد يقدمون عروضًا في سيرك، كما نرى هذا في مسرحية «بنت السيرك» لأحمد زحام.
وأحيانًا يكون المهرج هو البطل في بعض المسرحيات الموجهة للطفل، ولا نراه فيها يعرض مواهبه كمهرج، ولكنه يعرض جوانب من المشاكل التي يواجهها في حياته، كما نرى هذا في مسرحية «جحا يزرع الأرانب» لعبد التواب يوسف، ومسرحية «المهرج بمبة» لأمين بكير.
ونرى أن المهرج في هذه المسرحيات - حتى لو كان دوره ثانويًّا فيها - يعتز بعمله، ولا يرى فيه ما ينتقص قدره، بل يرى أنه به يؤدي وظيفة مهمة في إضحاك الناس؛ فيخفف عنهم بهذا بعض أوجاعهم التي يلاقونها خلال حياتهم؛ ولهذا رأينا جحا - في مسرحية «جحا يزرع الأرانب» - معترضًا على قرار السلطان له بترك عمله كمضحك للناس، وأن يعمل مزارعًا، ويحاول جحا أن يقنع السلطان بأهمية عمل المضحك، ولكن السلطان يصمم على عدم جدوى عمل المضحك، ويلزمه بأن يعمل في الزراعة، ويستغل جحا ذكاءه؛ ليثبت للسلطان أنه وُضِعَ في غير مكانه، وأن عمله كمضحك مهم جدًّا في حياة الناس، فيوهم جحا زوجته التي فيها قدر كبير من السذاجة أن شجرة في حقله أثمرت أرنبين، وأن حقل البطاطس الذي زرعه قد أثمر سمكًا، وتنشر زوجة جحا هذه الأعاجيب عن حقل زوجها جحا، وتصل هذه الأخبار للسلطان، فيستدعي جحا، ويسأله عن هذه الغرائب التي تحدث في حقله، فيقره جحا على أنها بالفعل أمور عجيبة لا تصدق، ويقول له: وكذلك فإن جعله مزارعًا وهو مضحك للناس هو أيضًا وضع غريب، ويقتنع عند ذلك السلطان بأن جحا يجب أن يعود لعمله في إضحاك الناس.
وقد اهتم سمير عبد الباقي بشخصية المهرج، فعرضه في ثلاث مسرحيات من مسرحياته التي كتبها للطفل، والمسرحية الأولى له التي عرض فيها شخصية المهرج هي «أوز الأراجوز»، وقد استوحى هذه المسرحية من القصة الشعبية العالمية «ساحر الأوز»، وفي هذه المسرحية احتال أوز الأراجوز على أهل مدينة الزمرد، وادعى لهم أنه ساحر، فصدقوه، وجعلوا له مكانة كبيرة في مدينتهم، ويكتشف أوز في نهاية المسرحية أن سكان مدينة الزمرد كانوا قد عرفوا منذ وقت طويل أنه ليس ساحرًا، بل هو شخص لديه مواهب المهرج؛ لأنه عمل من قبل مهرجًا في سيرك، وقد صمم أهل هذه المدينة حتى بعد علمهم بحقيقة أوز الأراجوز أن يبقى في مدينتهم؛ لأنه أحبها مثلهم، وجَمَّلها، ودافع عنها ضد الأعداء الذين رغبوا في إلحاق الضرر بها وبأهلها.
والمسرحية الثانية التي أظهر فيها سمير عبد الباقي المهرج هي «البلياتشو وست الحسن»، وفي هذه المسرحية يتنكر الأمير في هيئة بلياتشو؛ حتى يستطيع أن يصحب ست الحسن في رحلتها التي ستقوم بها لإحضار روح العسل لأختها من أبيها بطيخة، كما طلبت إليها ذلك زوجة أبيها؛ وعللت طلبها هذا إليها بأن إحضارها روح العسل لأختها سيجعل الخطاب يرغبون فيها.
وخلال رحلة ست الحسن للبحث عن روح العسل يصحبها الأمير وهو متنكر في هيئة بلياتشو - كما ذكرت هذا من قبل - ويحكي لها ولصديقيها الحصان والحمار قصة طريفة، كما يضحكهما مع ست الحسن ببعض أقوله وأفعاله.
والمسرحية الثالثة التي عرض فيها سمير عبد الباقي شخصية المهرج هي «دبدوب يجد عملًا»، وفي هذه المسرحية يظهر دبدوب كسولًا جدًّا، ويغضب الأراجوز من كثير من تصرفاته التي تسبب الضرر لغيره، ولكن دبدوب يكتشف مع نهاية هذه المسرحية العمل المناسب له، وهو أن يكون مضحكًا ولاعبًا على الحبل في سيرك، ويسر الأراجوز كثيرًا بوصول دبدوب في هذه المسرحية للعمل المناسب له.
ونرى السيد حافظ قد وظف شخصية المهرج في مسرحيتين من مسرحياته للأطفال، والمسرحية الأولى هي «قميص السعادة»، وفيها نرى المهرج دندش صديقا للسلطان، وهو إلى جانب إضحاكه يقوم بدور المستشار له، ويكشف له خلال ذلك أسباب الفساد الذي ينتشر في مملكته.
والمهرج في هذه المسرحية شخص ظريف جدًّا، ويجيد كل أساليب المهرج في الإضحاك؛ كالتقليد والتعليق الظريف والتنكر، وغير ذلك.
أما المهرج في مسرحية «سندريلا والأمير» للسيد حافظ فهو أقرب للحكيم منه للمهرج، فقلما نرى له في هذه المسرحية أقوالًا أو أفعالًا تثير الضحك، في حين نسمع منه بعض الحكم التي تفيد الأمير في معرفة أسباب الفساد في مملكته وكيفية التخلص منه.
وعرض أمين بكير شخصية المهرج في مسرحية «المهرج بمبة»، وهو في هذه المسرحية يشكو للأطفال - بأسلوب يدعو للضحك - الذين يعيشون معه في نفس الحي من زوجته نحمده التي تسرف في الأكل، حتى بدت سمينة جدًّا، وكذلك يشكو لهم من أنها تؤمن بالمشعوذين، وتنفق على ذلك مبالغ كثيرة، ولا يرى المهرج بمبة غير وسيلة الضرب مع نهاية هذه المسرحية؛ ليصرف زوجته نحمده عن إسرافها في الأكل واعتقادها في المشعوذين.
ونرى أحمد زحام قد عرض في مسرحية «بنت السيرك» شخصية مخلوف الذي كان يعمل في السيرك مكان أي شخص يقوم بأي عمل فيه ويتخلف عن عمله لأي سبب من الأسباب؛ ولهذا نراه قد عمل مهرجًا، ولاعبًا على الحبل، ومدربًا لبعض الحيوانات، وأعمالًا أخرى، ومن الطريف أنه قد برع في كل الألعاب والأدوار التي قدمها في هذا السيرك، حتى اضطره صاحب السيرك ليقوم بدور أسد مرض فجأة، وخلال قيامه بهذا الدور كشف الأسود الآخرون حقيقته، وهجموا عليه، وأصابوه إصابات كثيرة.
أما شاعرنا الكبير أحمد سويلم فقد جعل المهرج يقوم بدور الراوي غير المشارك في الحدث الرئيس في خمس مسرحيات كتبها للأطفال
– وهي: مسرحية «الثعلب الحسود»، ومسرحية «جائزة الحمار»، مسرحية «حيلة الضعفاء»، ومسرحية «جماعة القرود»، ومسرحية «الحارس الأمين» - وفي هذه المسرحيات الخمس نرى المهرج مع مجموعة من الأطفال في مكتبة، ويطلب في بداية كل مسرحية منها إلى طفل أن يختار كتابًا من كتب هذه المكتبة، ثم يبدأ المهرج الحكي للقصة المذكورة في ذلك الكتاب، ويتدخل المهرج بالتعليق عليها مع الأطفال الذين معه، خاصة في نهايتها.
والمهرج في هذه المسرحيات شخص وقور، وليس فيه من صفات المهرج غير ملابسه التي تثير الضحك بتعدد ألوانها وعدم تناسقها،
في حين أنه - كما قلت - وقور لا يثير الضحك بأقواله أو بأفعاله.
*
*****
عزيزي الزائر أنت تتصفح الآن مدونة أعمال الكاتب/ السيد حافظ
*****
مدونة أعمال الكاتب السيد حافظ
مدونة شخصية , فنية وأدبية. تعرض أعمال الكاتب/ السيد حافظ المسرحية والروائية. وأهم الدراسات والمقالات والرسائل والأبحاث والكتب التي تناولت أعماله...
السيد حافظ كاتب مسرحي وروائي, ومخرج مسرحي, وهو رائد المسرح التجريبي في المسرح المصري والعربي منذ أوائل السبعينيات, كما أنه عمل بالصحافة المصرية والعربية لسنوات طويلة.
برز الكاتب السيد حافظ منذ أوائل السبعينيات ككاتب ومخرج مسرحي تميز بأسلوبه التجريبي المتمرد على القوالب التقليدية في الكتابة المسرحية منذ صدور مسرحيته التجريبية الأولى "كبرياء التفاهة في بلاد اللا معنى" التي أثارت جدلا كبيرا حينها, وهي أول مسرحية صدرت من المسرح التجريبي عام 1970م عن دار "كتابات مناصرة" لصاحبها الناقد التشكيلي/ صبحي الشاروني. كما كان الكاتب السيد حافظ أول من أدخل المسرح التجريبي في العراق بمسرحية "الطبول الخرساء في الأودية الزرقاء" حينما أخرجها المخرج/ وليم يلدا في معهد الفنون المسرحية عام ١٩٧٧م, وبعده بعامين كانت المسرحية الثانية من تأليف/ السيد حافظ "حكاية الفلاح عبد المطيع" حيث عرضت على يد دكتور/ سعدى يونس عام 1979م, وقدمت في المقاهي والساحات في العراق.
وقد توالت أعماله المسرحية التي بلغت حتى الآن أكثر من 200 مسرحية تراوحت بين المسرح التجريبي والمسرح الكلاسيكي والتاريخي والتراثي ومسرح الطفل, والمسرح الكوميدي, والمسرح النسوي أيضا.
Alsayed Hafez's
business blog
Blog of the works of the writer, Mr. Hafez
A personal, artistic and literary blog. It displays the theatrical and fictional works of the writer, Mr. Hafez. The most important studies, articles, letters, research and books that dealt with his work...
Mr. Hafez is a playwright, novelist, and theater director. He has been a pioneer of experimental theater in Egyptian and Arab theater since the early seventies. He has also worked in the Egyptian and Arab press for many years.
The writer, Mr. Hafez, has emerged since the early seventies as a writer and theater director, distinguished by his experimental style that rebels against traditional templates in theatrical writing since the publication of his first experimental play, “The Pride of Banality in the Land of Meaninglessness,” which sparked great controversy at the time. He was also the first to introduce experimental theater in Iraq with a play “The Mute Drums in the Blue Valleys” was directed by director William Yalda at the Institute of Dramatic Arts in 1977 AD, and two years later the second play was written by Mr. Hafez “The Story of the Peasant Abdul Muti’”, which was presented by Dr. Saadi Younis in 1979 AD, and presented in cafes. And squares in Iraq.
His theatrical works have so far amounted to more than 150 plays, ranging from experimental theatre, classical, historical and heritage theatre, children’s theatre, comedy theatre, and feminist theatre as well.
- السيد حافظ من مواليد محافظة الإسكندرية جمهورية مصر العربية 1948
- خريج جامعة الإسكندرية قسم فلسفة واجتماع عام 1976/ كلية التربية.
- أخصائي مسرح بالثقافة الجماهيرية بالإسكندرية من 1974/1976.
- حاصل على الجائزة الأولى في التأليف المسرحي بمصر عام 1970.
- مدير تحرير مجلة (الشاشة) (دبي مؤسسة الصدي 2006– 2007).
- مدير تحرير مجلة (المغامر) (دبي مؤسسة الصدي 2006 – 2007).
- مستشار إعلامي دبي مؤسسة الصدى (2006 – 2007).
- مدير مكتب مجلة أفكار بالقاهرة (الكويت).
- مدير مركز الوطن العربي للنشر والإعلام (رؤيا) لمدة خمسة سنوات.
- حصل على جائزة أحسن مؤلف لعمل مسرحي موجه للأطفال في الكويت عن مسرحية سندريلا عام1980.
- حصل على جائزة التميز من اتحاد كتاب مصر 2015
- تم تكريمه بالمهرجان القومي للمسرح المصري عام 2019.
كتب عنه أكثر من 52 رسالة جامعية بين مشروع تخرج أو ماجستير أو دكتوراة
0 التعليقات:
إرسال تعليق