السيد حافظ
يوميات رجل مهزوم
عما يشبه الشعر
رواية شعرية مكثفة
الجزء الأول
مقدمة
عمّا يشبه الشعر... وما يشبه الثورة
منذ أكثر من نصف قرن، كتبتُ أولى صرخاتي على خشبة المسرح: "كبرياء التفاهة في بلاد اللامعنى"، وكانت تلك العبارة المفتاحية التي قرعت أجراس المسكوت عنه، وفتحت بابًا لعالمٍ لم يكن يعترف إلا بما يُرضي السلطة، أو يُرضي الغفلة.
منذ ذلك الحين، وأنا أكتب على الحد الفاصل بين الجرح واليقظة، بين السؤال والتمرّد، بين المسرح والحياة.
خضتُ معارك التجريب في المسرح، ثم في الرواية، وها أنا الآن، في لحظة تأمّل لا تخلو من القلق، أفتح نافذة جديدة:
الرواية الشعرية المكثفة ليست قصيدة، وليست رواية تقليدية، ليست نثرًا عابرًا، ولا بوحًا اعتباطيًا، بل هي محاولة لكتابة الحياة من قلب الشعر، ومن هوامش الحلم، ومن حواف اللغة التي لا تهدأ.
هذا المشروع، "عمّا يشبه الشعر"، ليس مجرّد تجريب ثالث، بل هو ذروة المراكمة الإبداعية التي بدأت منذ أول جملة كتبتها، وكنتُ أعرف أنها ستُفجّر الصمت.
الرواية الشعرية المكثفة هي نصّ لا يُلخّص، ولا يُدرّس، ولا يُؤرشف بسهولة. إنها مقاومة.
كتابة ضد المحو. ضد الترويض. ضد الاستهلاك.
لقد تعبت، نعم. لكنني لم أتنازل، ولم أساوم، ولم أزفّ الأكاذيب للقراء.
وقفتُ دائمًا ضد التنميط، وضد البهرجة الفارغة، وضد "تجّار التجريب" الذين يرفعون رايته فقط حين تُدرّ الجوائز.
هل سيحاربونني للمرة الثالثة؟
ربما، لكنهم لا يعرفون أنني، في كل مرة، أخرج من تحت الركام بنصّ جديد، بفكرة جديدة، برغبة لا تموت في أن أكتب لأفهم... لا لأُرضي.
إلى القارئ الذي ما زال يبحث عمّا يشبه الحقيقة، إليك هذا المشروع – ربما لا يشبه الرواية، ولا يشبه الشعر، لكنه يشبهني.
ويشبهنا... نحن الذين ما زلنا نكتب رغم كل شيء.
حين تتداخل الأجناس ويعلو الصوت، حين يشتدّ الضيق بالعالم، وتصبح الأجناس الأدبية أقفاصًا جاهزة، وحين تفقد القصيدة صوتها وسط الزخارف، وحين تتضخّم الرواية وتتورّم بالوصف الزائف، كان لا بدّ من كتابةٍ تشبه الحياة... لا الشعر وحده، ولا الرواية وحدها.
هكذا وُلد هذا المشروع: رواية شعرية مكثفة، أو ما أحبّ أن أسمّيه "عمّا يشبه الشعر".
ليس الغرض تجريب الشكل، بل إنقاذ المعنى.
ليس الهروب من النوع، بل تحرير النصّ.
فمن قال إن الشعر لا يكون سيرة؟
ومن حرّم على الرواية أن تكون رؤيا؟
ومن ادّعى أن الحديث مع الله، والنداء على "رشا"، والبكاء في شوارع الإسكندرية، ليس شعرًا لأنه لا يُوزن؟
كتبتُ هذه النصوص وأنا في قلب المرض، وفي أقصى مراحل التأمل.
كتبتها كما لو أنني أودّع الحياة، أو أستقبلها بعد غيبوبة.
ليست هذه قصائد، وليست فصول رواية، هي مقاطع من ذاتٍ مشروخة، تبوح بكلّ ما لم يُسمح لها بقوله، في زمن الصمت، والنفاق، والتطاول على الشكل.
لم أعد أؤمن بأن هناك "نصًّا نقيًّا"، بل أؤمن بالنصّ الصادق، الذي يخلط الاعتراف بالشطح، والشهادة بالرؤيا، والألم بالحب.
جسّدتُ في هذه الرواية الشعرية تجربة تكسير القالب، لا من أجل الحداثة، بل من أجل الصدق.
جعلتُ من كل مقطع محطة:
مرة يعلو فيها صوت الله،
ومرّة صوت الإسكندرية وهي تخنقك،
ومرّة صوت الحبيبة وهي تخون،
ومرّة صوت الفنان الثائر،
ومرّة صوت الأب المفلس في وجه العالم.
قد لا يدرك هذا العالم بعدُ ما أحاوله، وقد لا يُصنّف هذا العمل بسهولة، لكنني أكتب ليبقى الصوت، لا الشكل.
الصوت الذي يشبهني...
ويشبه جيلًا كاملًا مات واقفًا... ولم ينصفه أحد.
السيد حافظ
لتحميل وقراءة الكتاب كاملا بصيغة PDF
من أحد الروابط التالية :
رابط التحميل الأول
***
رابط التحميل الثاني
**
0 التعليقات:
إرسال تعليق