Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الخميس، 21 ديسمبر 2017

حوار مع الكاتب المسرحى ورائد المسرح الاحتفالى عبد الكريـم برشيد

حوار مع الكاتب المسرحى ورائد المسرح الاحتفالى
عبد الكريـم برشيد
أجرى الحوار : السيد حافظ
*****
- أرفض مغازلة الجمهور لأن إدانة الواقع بالضروة إدانة للجمهور.
- المسرح فى جوهره شعبى عام احتفالى....

عبد الكريم برشيد ... رائد المسرح الاحتفالى وصاحب نظرية ومن الشبان الجادين فى الساحة الثقافية والفنية وفى هذا اللقاء نلقى الضوء على المسرح الاحتفاى ورائده ومدارسه الفرعية ....
• لماذا الاحتفالية. الاحتفالية كمسرح قمت بتأسيسه لماذا؟ وهل هناك ضرورة؟
- فى سؤالك منطوق ومسكوت عنه وسأجيبك عنهما معاً فالاحتفالية هل هى مجرد مسرح.. مسرح يمكن أن يؤسس وأن تكون له أصول وقواعد فنية مختلفة فبالرجوع إلى البيانات والأبحاث ستجد أن الأساس هو إقامة منظومة فكرية تسمى الاحتفالية هذه المنظومة التى تسعى إلى بناء تصورى فكرى متكامل ومتماسك على ضوئه يمكن أن تكتب المسرح والشعر والقصة والرواية والنقد من هذا نجد أن الاحتفالية شئ آخر غير المسرح الاحتفالى وذلك لأنها أعم وأشمل منه فهى الأصل والكل أما المسرح الاحتفالى فهو الفرع والتجلى. إنه فعالية فكرية وفنية تستند على التصور الاحتفالى هذا التصور الذى نحاول أن نشكله داخل منظومة فكرية مترابطة ليكون بذلك فلسفة ... فلسفة ملتحمة بالإبداع والسلوك معاً حتى تصبح فناً وأخلاقاً فى نفس الوقت هذا ما ورد فى البيان الرابع لجماعة المسرح الاحتفالى والذى لم ينشر بعد. وهو يؤكد بالأساس أن الاحتفالية كتابة بالأجساد الحية داخل فضاء الحياة وذلك عوض أن تكون مجرد تخطيط على أوراق أو داخل فضاء سيتوغرافى محدود.
- الفلسفة الاحتفالية تقوم على أساس أسبقية الحيوى والعفوى والتلقائى على النظرى والمادى ولالى والمجدر وبذلك فهى تؤكد على (الأن) والـ (نحن) والـ (هنا) لأن الاحتفال هو التعبير الجماعى التلقائى الذى نفجره نحن الأن هنا. وهى إذ تؤكد على التعبير الجماعى أو الحس الجماعى فإنها بذلك تسعى إلى الكشف عن الوجه الحقيقى للإنسان والحياة والمدينة. وأن إنسانية الإنسان لا يمكن أن تتم إلا بموت الوحش داخل هذا الإنسان. كما أن الحياة الحقيقية لا يمكن أن تجد ذاتها إلا فى حضور الأحياء وليس الدمى وأن تكون لهؤلاء الأحياء أفراحهم وأحزانهم ومواقفهم وآراؤهم المختلفة. كما أن وجود المدينة لا يمكن أن يتحقق إلا فى غياب الغاب وفلسفة الغاب القائمة على لغة الدم والقوة عوض لة الحوار والمنطق.
- من هنا تجد أن المشروع الاحتفالى ليس مشروعاً متواضعاً. وذلك لأن ما يهدف إليه ليس بالشئ الهين ولا بالشئ اليسير. فهو يهدف إلى إحداث انقلاب جذرى – فى الفكر قبل الفن وفى الهياكل الاسنانية قبل الظواهر الفرعية. فأنت لا يمكن أن تجدد الفن المسرحى فى ظل الشروط التاريخية الموجودة  وبذلك فلا مجال إلا بأن نبدأ من البداية أى من بناء الإنسان العربى – أو إعادة بنائه من جديد – وبناءص المدينة العربية الحديثة على أسس من العدل والكرامة والحرية وبناء الحياة فى شخص الأحياء.
- ان الاحتفال خاصية إنسانية محضة ، الإنسان الذى له وجود داخلى لا يقل حياة وخصومة عن عالمه الخارجى هذا الباطن الخفى هو الذى يعبر عن ذاته من من خلال معادل موضوعى حى ومتحرك هو الاحتفال....
- وعندما تتحدث عن الاحتفالية فإننا بالتأكيد لا نقصد فرقة مسرحية معينة لأن الأساس هو المنظور الفكرى الذى يمكن أن يتجلى فى الفرق المسرحية أو فى التجارب أو فى الممارسات اليومية أو فى المناهج النقدية أو مناهج تكوين الممثل وطرق الأداء المسرحى...
- الاحتفالية لا يمكن أن تنسب إلى شخص واحد، لأنها فى حقيقتها ظاهرة تاريخية تماماً كما هو الشأن بالنسبة إلينا نحن الذين ننتسب اليها أو تنتسب الينا فالظواهر – كما نعرف - مشروطة بشروطها الموضوعية ومن هنا يبقى السؤال مطروحاً على الشكل التالى:
- لماذا الاحتفالية الأن وما علاقتها بالمعيش الاجتماعى والسياسى والفكرى وهل هى مجرد ظاهرة اجتماعية عابرة. أم أنها إفراز وضع حضارى عام هذه الاسئلة قد يكون هذا أو أن الإجابة عنها أو قد لا يكون وذلك باعتبار أن الاحتفالية مشروع فى ورش وعليه فقد يصعب أن تقبل الأحكام القطعية ويبقى أن المستقبل كفيل بأن يقول فيها كلمته.
التراث والاحتفالية
• ما علاقة هذا المسرح – الاحتفالى – بالتراث ؟
إن الاحتفالية تسعى إلى أن تجعل المسرح العربى ينتمى إلى ذاته أى أن يكون هو له ارتباط عضوى بالـ (نحن) والـ (هنا) و(الأن) وحتى يتم له ذلك فلابد أن تكون له ذاكرة خصبة وغنية والذاكرة هى اساس وحدة الشخصية والهوية سواء بالنسبة للأفراد أو الجماعات لأن الفرد فى حقيقته حالات من الوجود بعضها ينتمى للماضى وبعضها الأخر للأن أو لما سوف يأتى .. فما الذى يمكن أن يوجد بين هذه الحالات هنا وهناك ويجعلها حية باستمرار غير الذاكرة ؟
إن الشعوب أيضاً لها ذاكرتها وهى التى تتمثل فى التراث وهى حين تضيع تراثها تفقد بالضرورة هويتها وحقيقتها وأن الحديث عن المسرح العربى – فى غياب التراث – شئ لا يمكن أن يستقيم مع المنطق. فهل يعق أني تحدث عن المسرح الفرنسى المعاصر فى غياب الحديث عن المسرح الكلاسيكى والرومانسى ؟
أبداً لا يمكن وإذا كان مسرحنا العربى يفتقر إلى مثل هذه الذاكرة الفرنسية الخصبة المتمثلة بالتجارب المتنوعة فإن المسرح العربى لا تعوزه الذاكرة ابداً وذلك لأنه لا ينطلق فى الإبداع من فراغ. ولكن من تاريخ طويل وعريض وعميق هذا التراث نحمله بالرغم عنا شئنا أم أبينا لأنه نحن نجعله فى اللغة والأخلاق والدين والأزياء والمعتقدات والحكايات والأغانى والأمثال والحكم وفى لا وعينا الجمعى.
شئ مؤكد أن المستقبل يتأسس على الأن. وأن هذا الأن بكل طواهرة الخفية والظاهرة قد تأسس على الماضى وأن محاول الغاء هذا الماضى هو فى حقيقته الغاء للمستقبل كذلك وبهذا فلا مجال أنت ننتحر – حضارياً – بدعوى المعاصرة والقطيعة مع الماضى.
والتراث فى العرف الاحتفالى لا يعنى التطفل على الموائد الفكرية والفنية والأدبية للأموات لأن الأساس هو القراءة قراءة المكتوب والمنطوق والمصنوع. مثل هذه الفعالية الحية لا يمكن أن تتم إلا انطلاقاً من الأن والـ(هنا) و(نحن).
فالتراث ، كحقيقة موضوعية لها وجود واحد موحد. شئ لا وجود له ، التراث هو ما نقرأه ونحياه ونتفاعل معه سلباًَ أو إيجاباً – نحن الأن هنا. وبذلك فهو خلق متواصل وكتابة متجددة لأنه يحمل ذاتنا كما هى الأن وكما كانت وسوف تكون.
من الخطأ وضع التراث فى الخانة المقابلة للمعاصرة مع إنهما لا يتناقضان فالتراث الحق معاصر أبداً لأنه يمتلك مقومات الحياة والاستمرار والتجدد. إن الأساس هو امتلاك ما هو حقيقى الشئ الذى يجعل التراث مستمراً فى الأن. ويجعل المعاصر أيضاً متمدداً إلى ما بعد. فالمعاصرة ليست أشكالاً وألواناً وأصباغاً خارجية ظاهرة وإنما هى شئ جوهرى تقتسمه مع التراث. هذا الشئ هو الحقيقة. وأن ما هو حقيقى هو بالضرورة معاصر دوماً ومتجدد باستمرار وحى إلى الأبد، ولن نجد – مستقبلاً – من ينكر أن الأرض كروية وأنها تدور وذلك بحجة المعاصرة...
التراث هو حضور الماضى فى الأن واستمراره إلى ما بعد الأن ، إنه شاهد على فعل التغيير شاهد على أن لا شئ ساكن ولا شئ ثابت فلا وجود إلا لهذا المستمر والمتلاحق، وبهذا كان تعاملنا مع التراث يقوم على دعامتين والقطيعة والاستمرار . أى أن توجد الماضى لنعدمه ونثبته لننقيه.
ونستحضر تالقيم الماضوية لنغايرها ولا نكررها....
شكل المسرح العربى
• ما علاقة هذا المسرح الاحتفالى بمعمارية المسرح المعاصر ؟
شئ مؤكد أن الشكل ليس شيئاً منفصلاً عن المضمون لأنه فى حقيقته هو المضمون أو الجزء الظاهر والمحسوس فيه والاحتفالية ماذا يمكن أن تكون سوى أنها مضمون فكرى مغاير إنها خطابات محطة بهم الأن ونفس ال (نحن) وجغرافية ال (هنا) هذا المضمون فرض شكله بلا شك ويفرض معماريته الخاصة به.
بعد هذه المقدمة ندخل مجال التساؤل ونقول المسرح – البناية ماذا يمثل فى العملية الابداعية أيكون فضاء محايداً داخله يمكن أن نصب كل الخطابات أم أنه جزء من هذه الخطابات ؟ أكيد أن المسرح – البناية فى هندسته الحالية لا يخدم المسرح العرىب فى تصوراته الأنية والمستقبلية لماذا؟ صمم وبنى وفق منظور مخالف للقاء المسرحى ولطبيعة ووظيفة هذا اللقاء داخل المجتمع فالكنيسة – كما هى – أوجدتها طبيعة الصلاة المسحية والمسجد أيضاً أوجدته طبيعة الصلاة عند المسلمين والمسرح البناية هل يمكن أن نفصله عن طبيعة الاحتفال احتفال ال نحن .. الأن.. هنا.. أبداً لا يمكن.
فالمسرحية فى المنظور الاحتفالى ليست فرحة خالصة وعليه فما حاجتنا بمسارح بنيت أساساص للفرجة ؟
كما أن هذا المسرح لليس طقوساً أو شعائر دينية لذلك فشئ طبيعى أن نرفض المسارح الإيطالية والتى هى فى حقيقتها كنائس...
المسرح فى جوهره احتفال شعبى عام.. وأن إقامة الحفل – أى حفل – يستتبع بالتالى هذين السؤالين .. أين؟ ومتى؟ فالزمن والمكان هما جسد الحفل والإبداع روحه. ولا تستقيم الأشياء إلا بأن يجد التعبير الجماعى فضاءه الحقيقى. من هنا فإن الاحتفالية تؤكد على أن تجد الذات الجماعية حقيقتها فى الفضاء وذلك حتى لا يتحول المسرح – البناية إلى منفى – كما هو حاصل الأن – حيث تنتقى أية علاقة بين الممثلة بالفضاء المحيط.
لقد خطا المسرح العربى خطوات مهمة من أجل أن يجد حقيقته ... حدث هذا بالنسبة للنص والإخراج والتشخيص . ولكن مجالات أخرى ظلت من غير أن يلتفت اليها.. ولعل المسرح – البناية هو أخطر هذه المجالات. إن مسرحياتنا – من حيث بنيتها الدرامية والسينوغرافية – قد تغيرت بلا شك .. ولكن المسارح التى تنعرض فيها هذه المسرحيات لم تتغير. ومن هنا تبقى ثورتنا المسرحية غير كاملة إن لم نقم بهدم – مجازاً – المسارح الموروثة وبناء مسارح جديدة لها ارتباط عضوى حميمى بمضمون مسرحنا المعاصر.
كيف تفسر أن نقدم مسرحية تدين التفاوت الطبقى فى المجتمع وذلك داخل مسرح طبقى يقسم الحاضرين بحسب ثمن التذكرة هذا التناقض بين الإدان الأدبية والتزكية المادية – لا أحد يسلم منه. الأن فى ظل المسارح الموجودة. كيف تتوصل إلى مشاركة الجمهور وذلك داخل مسارح تفصل الخشبة عن الصالة؟ ونسجن الحدث المسرحى داخل صندوق سحرى مفتوح من جهة واحدة. كيف نريد لمسرحية ما أن تصبح احتفالاً شعبياً جماعياً وذلك داخل مسارح هى عبارة عن كنائس للهمس الداخلى وللخشوع والإيهام.
شئ أخر ، وهو أن المسرحيات تتغير... ولكن المسرح يبقى دائماً كما هو أنه فضاء واحد يستوعب كل المسرحيات بالرغم من اختلاف أبعادها ومناخها وإيقاعاتها. الشئ الذى يدعو إلى أن يكون المسرح – خشبة وصالة – قابلاً لأن يتغير وذلك بحثاً عن الفضاء الحقيقى للاحتفال الذى يتجدد دائماً فى صور عديدة.
هذا الميدان وإن كنت قد بحثته فى دراسة مطولة (فى التصور المستقبلى لتعريب المسرح العربى) فإنه مازال فى حاجة إلى المزيد من البحث – النظرى والميدانى – وهذا شئ لا يمكن أن يتم إلا بعون المعماريين العرب الذين يمكن أن يرسموا لنا المسرح الجديد. هذا المسرح الذى تجد فيه شيئاً من المسجد. وشيئاً أخر من المقاهى الشرقية ومن طبيعة احتفالاتنا اليومية.
لماذا تموت التجارب المسرحية ؟
• لماذا ماتت تجربة مسرح الشوك فى سوريا وتوقفت التجارب فى كثير من الدول العربية ؟
إننى لا اعرف الشئ الكثير عن مسرح الشوك ولذلك فإن إجابتى ستكون عامة تمس كل التجارب التى تولد وتموت . سواء فى سوريا أو فى غيرها من الدول العربية..
إن الموت قابلية بلا شك. قابلية تولد معنا نحن الأحياء وبذلك كان شيئاً نابعاً من الداخل كما قد حدث أن يأتى نتيجة عوامل خارجية ، عوامل تجد لها استجابة فى الداخل فتظهر فى شكل موت.. موت شخص أو موت مسرح أو أى جنس أدبى أو فنى...
التجارب المسرحية تولد فى كل حين . فتكون شرعية عندما يكون لها انتماء حقيقى إلى الناس والى الفضاءين المكانى والزمانى – تاريخاً وحضارة وتراثاً ولغة وأخلاقاً – ولكن .. عندما تظهر كالطحالب وتنبت على هامش المجتمع عوض أن تنمو بداخله ومن صلبه. فإنها لابد أن تختفى وتموت كثير هى فإنها لابد أن تختفى وتموت. كثير هى التجارب التى قامت من غير أن تكون لها شروط موضوعية لقيامها. فقط لنها حاولت أن تكرر تجارب غربية أدهشتها فكانت ا لنتيجة أن التربة رفضتها وأن من طبيعة الجسم – سواء كان جسم فرد أو جماعة – وأن يرفض كل ما هو غريب . وأن يلقى به إلى الخارج. وهذا ما حصل بالنسبة لكثير من النظريات الفكرية. مثل الوجودية والعبثية والماركسية ولكثير من التجارب الفنية التى مرت كسحابة صيف. عن غير أن  تمطر ومن غير أن تعطى عطاء ما.
وإذا كان المسرح الاحتفالى قد عمر كل هذه السنوات فما ذلك إلا لأنه يمتلك شهادة الانتماء إلى الناس والوطن و التاريخ فهو يتحدث لغة هؤلاء النس ويبنى تجاربه ابتداء من ذاكرتهم ووجدانهم الجمعى. فقد راهن الجميع على أن هذا المسرح زوبعة فى فنجان. ولكن الوقائع كذبتهم فكان أن خسروا الرهان. فهذا المسرح باق ما بقى الإنسان العربى يحتفل يومياً ليعبر عن همه الجماعى وعن قضاياه الذاتية والإقليمية والقومية. وفى مقابل الموت من الداخل هناك الموت نتيجة العوامل الخارجية. وذلك عندما تعيش هذه التجارب أو تلك أجواء تفتقر شروط الصحة والعافية والحياة أن الجو الموبوء يقتل الإنسان. كما يقتل التجارب والمؤسسات ويسمم العلاقات ويمسخها.
نعرف أن المسرح تعبير وهو لذلك يقوم على اساس الحرية. فهى شرطه الأول والأخير. وعندما تحضر الجماعة – محملة بالاحساسات والانفعالات والقضايا- ويغيب التعبير الجماعى الحر عن هذه الهموم يغيب المسرح أيضاً.
المسرح حوار، والحوار يقتضى وجود الأخر بالضرورة الذى له رأى مخالف ومضاد ومناقض . وهذا شئ طبيعى ما دام أن الآراء تتعدد بتعدد الأشخاص هذا الحوار المجتمعى هو الأساس الثانى لقيام التجارب المسرحية والمتقدمة والجريئة. فهل مجتمعاتنا تقف بجانب تعدد الآراء أم فى جانب الرأى الواحد الأوحد. هل تؤمن بتعدد الأصوات والأفكار والأحزاب بحثاً عن الحقيقة. أم أنها تكتفى من الحقيقة بوجهها الواحد الناقص ؟.
المسرح صراع . ولا يكون الصراع إلا مع وجود الاختلاف ولأن المسرح ظاهرة حضارية – نشأ مع نشؤ المدينة – فقد كان لابد للصراع أن ينتقل من مستواه الدموى إلى مستوى الكلمة المسؤولة والى مقارعة الراى بالرأى والحجة بالحجة... فهل نقول بأن مدننا العربية قد استوفت حقاً شروط المدينة... أى أنها تخلت نهائاً عن العشائرية وحوار الدم وحمية الجاهلية...
المسرح تظاهرة شعبية عامة. أنه لقاء فى مكان عام مثل هذا اللقاء لا يمكن أن يتم إلا فى مجتمعات تقوم على الاستقرار والا من الشئ الذى يجعل التجمع المسرحى حقاً مكفولاً للجميع شئ آخر وهو أن المسرح إبداع. وأن الابداع اجتهاد. والاجتهاد معرض لأن يصيب وأن يخطئ. وأن من حق المخطئ أن يكون له أحره – المادى والمعنوى – مع ذلك لأنه اجتهد فهل تلتزم مجتمعاتنا بهذا القانون فتكرم المصيب والمخطئ معاً ... أم أنها تهمل الأول وتجرم الثانى... وبذلك تسد الباب فى وجه التجارب العديدة التى تركب متن المغامرة الإيجابية...
المسرح شهادة عيان شهادة تتطلب أن تؤديها بأمانة ، وهل ظروفنا تسمح بأن تؤدى هذه الشهادة بأمانة وصدق من غير أن تغضب هذه الجهة أو تلك... ومن غير أن نعرض وضعنا للاهتزاز.
أخر ما يمكن أن أقول أن هناك شروطاً داخلية وأخرى خارجية هى التى يمكن أن تساند الإبداع الحق وأن تمده بالحياة والنمو والتجدد فلنبحث عن الإبداع الحقيقى فى الوقت الذى نبحث فيه عن المجتمع العربى  الحقيقى...
• أين أنت على الخارطة العربية ؟
أن أحدد لى موقعاً على الخارطة يتطلب أولاً إيجاد رسم تقريبى لهذه الخارطة... فما هى إذن معالم هذه الخارطة؟
إذا قلت بأن المسرح فى الوطن العربى هو أنه إما مسرح تجارة أو مسرح مبادئ... فيمكنك أن تضعنى فى الخانة الثانية.
وإذا قلت بأن هذا المسرح هو أنه إما مسرح رسمى أو مسرح شعبى فمرة أخرى يمكنك أن تضعنى فى الخانة الثانية.
وإذا قسمت هذا المسرح – وفقاً للمنظور الغربى – تقسيماً عسكريا. أى باعتبار أنه طليعة ووسط وأجنحة ومؤخرة. فيمكن أن تقول بأننى أسعى دائماً ألا أمشى فى الخلف.. وذلك حتى لا أجتر التجارب السابقة وأكررها. إننى أهدف أن أكون فى طليعة هذا المسرح وذلك حتى أشكل ابداعاتى كما نشاء نحن الأن هنا. وذلك عوض أن تشكلنى وفق مقاييس الـ/ هم / الماضى / هناك.
إننى أكتب... تلك هويتى وحقيقتى... والكتابة حياة نقيضها الموت. وبذلك فإننى أجدد ذاتى وكتاباتى باستمرار أين أنت وماذا بعد ؟ وما الجديد فالكاتب مطالب أن يدلى فى كل حين بشهادة الحياة وإلا حكم على بالموت غيابياً.
إن الكتابة إبداع.. والإبداع الحق قطيعة واستمرار ومن هنا فإننى أناقض غيرى ونسى باستمرار وبغير هذا التناقض نفقد الكتابات (الجديدة) هويتها الجديدة لتصبح مجرد نسخ لاحقة لأصول سابقة ولا شئ سوى ذلك...
كتابة المسرحيات شئ لا يمكن أن يكون مجرد تقنيات نمارسها باتقان فتكون النصوص كما شاء الله. لأن الأساس فى الابداع المسرحى هو أن نعيد صياغة هذا الموجود صياغة جديدة. وهذا الفعل ليس بالأمر الهين. إذ يقتضى أن يكون له رصيد معرفى. على ضوئه نعيد الخق والبناء والتركيب من هنا وجدتنى أدخل حقل التنظير. ليس فقط من أجل أن أعيد صياغة الفنة المسرحى. ولكن من أجل أن أجد لى موقفاً فكرياً محدداً من الناس والفن والأشياء والتاريخ والعلاقات والمؤسسات والسياسة.
لقد اخترت الأصعب – فى كل الاختيارات – وقد كلفنى هذا الاختيار الكثير من العناء فقد اغضبت كل الذين لهم رصيد متواضع فى الفن والفكر والسياسة والذن وجدوا أن مفاهيهم أخذت تهتز بفعل إثارتى للتساؤلات المقفلة والمحرجة و(المحرمة) إننى أحاول أن أعطى ما هو حقيقى. وما هو حقيقى لا يمكن أن يكون إلا جميلاً ومفيداً ونقدياً وأن إعطاء هذا الحقيقى ليس بالشئ السه.
وذلك ما دام أن كل الكتابات أو جلها تركب متن الشعارات الظرفية للتعامل مع الجمهور على اساس أنه قطيع ضاحك أو هتاف . ولا شئ سوى ذلك.
مصيبتى فى الكتابة أننى أحاول أن أجد لى لغة هادئة فى عالم غير هادئ.. وأن أسبح بإصرار ضد تيار العرف والعادات والقوالب المعلبة والمفاهيم الشائعة والجاهزة وهذا ليس بالأمر السهل. إننى لا أهادن الجمهور. لا أتملقه ولا أغازله.. لأن إدانة هذا الواقع تقتضى بالضرورة إدانة الجمهور الذى هو جزء من هذا الواقع.
هذه نظرة تقريبية لشخصى يكتب مسرحياته غيرة على الحقيقة والعدالة والجمال. بحثاً عن القيم الإنسانية الحقيقية.
أجرى الحوار
السيد حافظ

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More