Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الأحد، 8 مايو 2022

8 // (7) حوارات فنية// مقتطفات من كتاب المشاكس

  مقتطفات من كتاب

المشاكس

( 8 )


المشاكس

رحلة في رحاب

الكاتب السيد حافظ

تقديم


د. نجاة صادق الجشعمي


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

24/2/1982

مهرجان تليفزيون الخليج الثانى

السياسة فى لقاء مع

محمد الجزائري

( فارس من فرسان المهرجان الثاني لتلفزيون الخليج )

كتب : السيد حافظ

محمد الجزائري

رئيس تحرير مجلة الفنون

شاعر

ناقد

.. عربى حتى النخاع .. صادق مع نفسه ومع الآخرين .. مناضل بالكلمة .. سجن من أجلها أكثر من مرة وعاش تجربة الحياة ..

زار الكويت مؤخرًا للإشتراك فى مهرجان الخليج الثانى للإنتاج التلفزيونى ..

بداية .. نريدك أن تحدثنا قليلاً عن الظروف التى بدأت الكتابة فيها ؟

- البداية بين الشعر والصحافة الطلابية ومغامرة السياسة عام 1952 كان الجو ساخنًا فى العراق كما هو فى الوطن العربى وما بين 1952 – 1956 جاء العدوان الثلاثى على مصر الشقيقة فتبلورت ملامحي الأولى ذلك أن البصرة مدينة ورفاق شعر وثقافة فالسياب والبريكان وسعدى والآخرون رفاق حرف ودرب وثانوية البصرة كانت ساحة التعلم الحقيقي فى المواجهة حرفًا ونضالاً . البداية كانت فى الصحافة هواية و واجبًا وليس إحترافًا ومن ثم كانت ثورة 14 تموز وما جرى بعدها. وكانت رحلة الترحال النبيل قد أخذت مني أربعة أعوام أنحت بأظافرى تذكارات الحب للوطن والحرية وعلى الجدران الصلبة والغرف المعتمة وقضبان الحديد وكانت هذه الرحلة جامعتي الأولى والحقيقية . لأنه قد تعمقت صلتي بوعي أطول لجماهير الشعب و الأمة. خلال هذه الفترة كنت نشرت القصائد إلى جانب المقالات والبحوث الأدبية والنقدية وكان العام 1960 قد فجر بي الرغبة لطبع أول ديوان و أول كتاب فى بيروت.

لكن الكتاب الأول والديوان الأول إحترقا ضمن كل المحتويات التى إحترقت فى مكتبتى قبيل دخولى السجن .

ولا زلت أحتفظ بديواني شعر مخطوطين كتبتهما .. داخل الجدران .. حين وجدت فى نفسى الناقد الذى يضيف والشاعر الذى لا يضيف فضلت الناقد والصحفى وغمست مقالات بالشعر لأنه القنديل الأخضر .

الناقد والتخصص قضية أثيرت فى السنوات الأخيرة ما رايك فى هذا ؟

- التخصص ضرورة ولكن لم يتخرج ناقد حقيقي من أكاديمية نقدية ، إن الحياة السياسية علمتنا النقد الأول والحياة فى مجموعها علمتنى النقد الأشمل . فى حالة الصحفي الكاتب لابد من شمول النظرة وعلمية التخصص وهذا التخصص يجعل مهمة الناقد متشعبة إذ لابد أن يطلع على كل شىء ويضع قلبه وهواه مع زهرة الإبداع ليس الواحد ولكن المتوحد . إذ لم تعد الكتابة المعجونة بعرق السياسة والفكر التقدمي تقبل تقسيم العمل كما إعتدنا فى النظريات. النظرية فى بدايات الخمسينات إذ أن الزمن المضمون وحده لم يعد مقنعًا للقارىء الذى يهمه الشكل الجميل والهادف فإذا كان القارىء الواعى قد تخطى الناقد ذا النظرة الأُحادية فلابد للناقد الجديد أن يتجاوز التجارب السابقة ويحل حلولاً جدية بطموح وفير وفي إستشراف المستقبل أي أن لا يستقر على نمطية معينة وتقنين واحد فى الأسلوب والتناول والتحليل والإستنتاج .

البعض يطرح المفهوم التالى، لا يوجد أدب بعد الستينات ، و أن أفضل النتاجات كانت فى الخمسينات والستينات .. ما السبب فى هذا ؟

- الخمسينات كانت محددة ومضيفة فى ميدان الشعر والرواية والقصة والفنون التشكيلية على ألا يحاولوا أن يصرخوا فى وجه الطاعة كى يكونوا أبناء غير عاصين ولكن لهم صوتهم الخاص برمتهم إذًا الذين عاشوا فى الخمسينات من خلال ما قدموه فى تجاربهم الإبداعية كان خلاصة تراكم الثلاثينات والأربعينات ووصلوا إلى الطريق المسدود . ولابد من موضع يجرح جسد التجربة ويستأصل ما شاخ وتشنج فيها. خاصة و أن الستينات شهدت تجربة مريرة فى إعادة النظر أن لم أقل فى الرفض الشامل والحس النكسوى خاصة بعد 5 حزيران وفى آواخر الستينات حين أنجزت كتابى " حين تقاوم الكلمة " كنت أقف على أرض عقائدية حادة لأن الفكر كان يعيش مرحلة ضياع لكن فى الكتاب الآخر . ويكون التجاوز ، حاولت أن أتمثل واقع التجربة الميدانية و أستخلص منها قانوني النقدي والمصطلحي و ذلك لأن الكتب النظرية كانت متوفرة على أرصفة الشوارع لكن الكتب التطبيقية ذات البعد التحليلى فى النقد الميداني والتى تعتمد قوانينها من ذات النتاج الإبداعى والبيئة والمواصفات العربية ومتغيرات الساحة كانت بحاجة إلى أن تبرز على السطح لتسهم فى الرجاء الكبير وهو خلق إستراتيجية واحدة وموحدة لفكر عربى جديد ومعافى إزاء التحديات والهبوط والإنتساب للخط البيانى للفكر والمجتمع العربيين .

 


 

2/9/1982

نعمان عاشور

ينفض غبار الحملة الشرسة التي شنت عليه مؤخرًا ويقول:

القاهرة من السيد حافظ

نعمان عاشور

الرجل الموقف

مؤسس المسرح الاجتماعي في مصر والوطن العربي .

تعرض لهجمة كبرى من أساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة !!

لماذا ؟

من المعروف أن في الستينات عندما عاد كرم مطاوع وسعد أردش و أحمد عبد الحليم من البعثات الدراسية من الخارج كان جلال الشرقاوي يزاملهم في ذاك الوقت. صفوا حولهم هالة من الأضواء أو جعلوا من أنفسهم مركزًا للإشعاع حتى تجاوز بعض النقاد المفهوم السائد و أطلقوا على هذه الحقبة عصر المخرجين ولكن بعض النقاد المنظرين فى تلك الحقبة و أصحاب الأقلام الكبيرة قالوا أن عصر عزيز عيد و جورج أبيض هو عصر المخرجين والستينات هى المؤلفين أمثال نعمان عاشور وسعد الدين وهبه – صلاح عبد الصبور – محمود دياب – عبد الرحمن الشرقاوى و أيًا كان اسم العصر فإن القضية هى تلك الفترة الثرية العطاء فترة الستينات التى قدمت مؤلفين مميزين ومخرجين متنافسين وروح مبدعة طموحة وفى السبعينات ظهر الإفلاس الفكرى الشهير لأجيال كاملة ولمواهب كثيرة ولم يستمر فى الإبداع إلا قلة كان ضمنهم سعد الدين وهبة وفجأة جاء الأساتذة الأكاديميون إلى الساحة وبدأوا فى كتابة مسرحيات :

1- فوزى فهمى                   2- د. عبد العزيز حموده

3- د. محمد عنانى                4- د. سمير سرحان

وحاول الأساتذة المعروفون دفع صغار النقاد والدارسين إلى اطلاق اسم " عصر الأكاديميين " على هذه الفترة و أنهم أي الأساتذة هم مؤلفو المسرح فى هذا العصر مما دفع نعمان عاشور إلى كتابة مقال يقول فيه إن محاولات كتابة المسرح من قبل أساتذة النقد المسرحى هى محاولات ضعيفة لا يوجد فيها غير الدكتور سمير سرحان . فقامت حملة صحفية على الكاتب الكبير نعمان عاشور تصدى لها الدكتور فوزى فهمى وكيل الوزارة وقال إن نعمان عاشور قد أفلس منذ الستينات ولم يقدم أي جديد وكتب الدكتور عبد العزيز حموده والدكتور محمد عنانى .

أجهزة الاعلام مجتمعة لا يمكنها أن تصنع كاتبًا مسرحيًا ؟!

جيلنا لم يفلس ، والدليل أن مسرحياتى لا تجد مكانًا لعرضها

سميحة أيوب ترفض أعمالى ، وتتبنى أعمالاً مسرحية هابطة !

وعبر الهاتف كان حديثي مع الأستاذ نعمان عاشور

- أهلاً

- جريدة السياسة

وبالسؤال عن اسمى واسم العائلة والتأكيد بدأنا الحوار ما رأيك فى هذه الحملة فقال :

- لقد قلت الحقيقة كاملة أنهم يريدوننى أن أنافق و أجامل أن الحركة الفنية الآن قائمة على النفاق ولذلك لا تجد مسرحًا لا بالمعنى العلمى ولا بالمعنى الفني إنهم يظنون أنهم يملكون مساحات للنشر والهجوم علي و أنا أعتقد أنهم مهما كتبوا فى الصحف والمجلات فلن يخدعوا الناس أو يتبنوا مواهبهم .

لماذا لم تقدم لك مسرحيات فى المسرح القومى ؟

- أسألك سؤال ماذا قدم المسرح فى مصر لنا قدمت لهم مسرحية " شهر زاد " وقدمتها سميحة أيوب ولكنها حولتني للمسرح الحديث .. أن تقدم أعمالى فى المسرح الحديث وغيري تقدم أعماله فى المسرح القومي أنا الذى أعتبر بيتي هو المسرح القومى ترفضني سميحة أيوب وتقدم اسماء اخرى ومواهب لا تستحق ان تقدم اعمالها .

 لقد قال أحد الأساتذة فى حملته عليك أن جيلك كله قد أفلس ؟

- كذب.. محمود دياب عنده ثلاث مسرحيات لا يعرف أين يقدمها ولمن؟ عبد الله الطوخي عنده مسرحية.. أنا عندى مسرحية أين نقدمها ما دام المسرح القومي يرفض أعمالنا ويرحب بأعمال غيرنا .

 ألسنا نخرج بعيدًا عن قضية عصر الدكاتره  أقصد عصر الأكاديميين ؟

- أي عصر هذا على من نكذب على أنفسنا على الناس على التاريخ إن أجهزة الإعلام كلها لا تستطيع أن تصنع كاتبًا ولا أي  مسرح . المؤلف الحقيقى ينفذ من خلال كل القيود لقد حفرنا الصخر حتى نصل للناس إن المناصب الكبرى لا تصنع موهبة والمخرجون الآن يجرون وراء كبار الموظفين كى يصنعوا منهم مبدعين ولكن لن يفلحوا ولن يخدعوا الناس .

أحيانًا ترى سلطة تريد أن تصنع نجومها فتأتي للمبدعين ببعض الموظفين المدعين كى يكونوا فى أول الصفوف ولكن كل هذا يذهب هباء .

 

 

 

 


 

8/3/1983

الصوت الغنائى القطرى

إبراهيم القطان يقول المجتمع العربى " مكبوت "

إبراهيم القطان

الصوت الجديد الذى يدخل كل بيت .. نفذ صوته إلى قلب جماهير الخليج من خلال أغنياته الأولى .

إبراهيم القطان ..

الصوت الحساس . النابض الذى إكتشفه الملحن خالد الزايد ..

يقول خالد الزايد "إن إبراهيم القطان هو صوت المستقبل الشاب"

و " السياسة " ترحب بهذا الصوت الشاب إيمانًا منها بأن الفرص يجب أن تعطى كاملة للشباب حتى ينمو ويتطور ...

سألته ...

لماذا نجحت الأغنية الكويتية و إنتشرت فى الخليج بسرعة أكثر من الأغانى الآخرى ؟

- أعتقد أن العمل الجيد يفرض نفسه ... ولهجتناالخليجية متقاربة ومفهومة ... وهذا من أسباب نجاح الأغنية الكويتية ودعائم الأغنية الكويتية هى الملحن والملحن الكويتى له كفاءة معروفة ... والكلمات أيضًا إستطاعت أن تعبر عما يجيش بنفس المواطن الخليجي .

 ما رأيك بمستوى الأغنية في الخليج ؟

- الأغنية القطرية حتى الآن لم تزدهر كما ينبغي لها أن تكون ... أما الأغنية السعودية فقد إستطاعت أن تنتشر إنتشارًا كبيرًا والسبب أن العمل الجيد يفرض نفسه و إستطاعت أن تفرض نفسها على العالم العربي وذلك من خلال محاولة دخولها إلى القاهرة إستطاع الفنان السعودى أن يقدم الأغنية السعودية الخليجية للقاهرة و إلى العالم العربي .... ومن القاهرة إنتشرت الأغنية السعودية إلى المغرب ... إلى لندن ... وباريس ... وعندما تسال نفسك لماذا نجحت الأغنية السعودية لماذا نجحت الأغنية السعودية فإنك تجد لديهم شعراء كبار وملحنين جيدين ... أما السبب الثانى فإن الأصوات الناجحة لابد أن تدعم من خلال الكلمة واللحن ثم تدعيم الدولة .

 من هو مثلك الأعلى فى الغناء ؟

- الموسيقار محمد عبد الوهاب والمرحوم عبد الحليم حافظ هؤلاء غيروا مجرى الغناء فى الفترة الحديثة ... إنتقلت الاغنية من نصف ساعة حتى وصلت إلى دقيقة ...

 متى بدأت مشوارك الفنى ؟

- بدأ فى الحقيقة فى العام 1977 وكان ذلك فى برنامج الهواة مع الأخ محمد الويس وكنت الأول فى هذا البرنامج .

 ما هى شروط الأغنية الناجحة فى وجهة نظرك ؟

أولاً  : الكلمات الجميلة – القوية ذات المعاني الجميلة

ثانيًا  : اللحن القوي

ثالثًا  : الأداء الجيد القوي

رابعًا : الظروف المناسبة التي تساعد فى نجاح الأغنية يجب أن تقدم الأغنية فى ظرف ما مناسب إذا قدم مطرب أغنية عاطفية فى ظل ظروف سياسية حرجة فإنه يفشل .

ولهذا تنجح الأغنيات الخفيفة

لتروح عن نفسه هموم الدنيا

 لماذا تنجح الأغنية الخفيفة فى العالم العربي ؟

- إن المجتمع العربى مكبوت ... مستمعنا يريد أن يستمع إلى شىء خفيف لا يريد الأغنية الطويلة ... الحزينة ... الإنسان يعيش ثلاث مراحل . إما أن يكون مكتئبًا أو فى حالة عادية أو فى حالة فرح فالأغنية الخفيفة تدفعه ليكون فرحًا.

 أي الألحان تفضل أن تؤديها ؟

- الألحان كلها عندي مكسب لصوتي و لي ... وكل كلمة تخلق نفسها ... تخلق حالة من الفرح ومن الحزن ... فالمعاني تجعل له قدرة على منح المطرب الأحاسيس .

 من هو كاتب الأغنية الناجحة فى وجهة نظرك ؟

- هو الذى يطور نفسه وفكره ويتجدد ويساير الزمن فى نوعية كتاباته ... يعيش روح الناس وروح الشباب ويتجدد معهم ومع واقعهم .

 

 


 

11/12/1982

5 دقائق مع الشاعر الباحث

خالد سعود الزيد .. بعد عودته من لندن !

كتب السيد حافظ

خالد سعود الزيد

الشاعر

الباحث

الناقد

الفنان

اسم يتردد فى الساحة الأدبية الخليجية .. و إستطاع أن يلفت نظر الشارع الثقافي العربي .. لماذا ؟

لأن خالد سعود الزيد حلمه أكبر من حدود مدينته و أكبر من المساحات الجغرافية لها .

لذلك كان خالد سعود الزيد المغامر فى البحث والناقد الدؤوب الرجل الواعي .. حاول أن يستفيد من كل سطر كتب عن الكويت على أنها بلاد النفط ولا يريدون أن يعرفوا الوجه الآخر للكويت الثقافة سألنى فى القاهرة عنه ناقد وقصاص كبير هل توجد فى الكويت هذه الإبداعات التي يكتب عنها خالد سعود الزيد ؟

قلت .. إن الرجل يقدم الوجه الآخر لكويت النفط  .. يقدم كويت الثقافة وسألنى روائي عربي في مقهى ريش .

- لماذا لا يكتب خالد سعود الزيد عن الثقافة العربية .. أقصد الإبداع العربي ككل .. لماذا الكويت بالذات ؟

- قلت دعه يكتب عن الكويت حتى يعرف الناس تاريخ الثقافة بها .. ثم بالتأكيد سيكتب عن الوطن الأكبر ( من المحيط الى الخليج ) كان خالد سعود الزيد

قدره .. أن يحمل التاريخ السري للآدب ويقدمه للأجيال القادمة!!

إن صوت خالد سعود الزيد .. خرج من الشارع الثقافي الخليجي إلى الشارع الثقافي الاوروبي حيث قامت بدعوته جامعة مانشستر لإلقاء محاضرتين  وفى المحاضرة الأولى التى ألقيت في يوم 24 نوفمبر تحدث الزيد عن " وضعية الأدب العربي الحديث فى الكويت فى حالته الراهنة " وفى المحاضرة الثانية التي ألقيت فى يوم 25 نوفمبر تحدث فى محاضرة بعنوان " تجربتي مع الشعر ونظرة نقدية " من خلال مؤلفاته

 وعاد الشاعر خالد سعود الزيد من لندن .. سألته

- حمدًا لله على السلامة يا أبو سعود رحلة موفقة.

- الحمد الله .. أطلب لنا الشاي وكأننا فى مقهى ريش .. حوار بسيط .. وكان المثقف المفكر يتحول فى النهاية إلى لغة بسيطة كظهور الشمس ووضوح السحب .. عدت للسؤال

 ما إنطباع الغرب عن الأدباء العرب ؟

- علاقة الغرب بالأدب العربى علاقة قديمة فمدارس الإستشراق لها دور قديم فى نفض الغبار عن تراثنا سواء ما كان منه روحيًا .. يبدو أن عندهم الآن فكرة للإطلاع على الأدب العربي الحديث خاصة فى المناطق العربية التى لا يسمع لها صوت كبلدان الخليج والجزيرة العربية وكانت هذه المحاضرات هى البداية

وكنت أنا أولهم .

نظرة جديدة

 كيف ينظرون إلى خريطة الثقافة العربية ؟

- لديهم قسم للدراسات الشرقية والعربية خاصة وطلاب الدراسات العليا من العرب كثيرون ومعظم هؤلاء يدرسون دراسات أدب حديث سواء يلقون أضواء على الأدب الحديث فى أقطار عربية معينة أو فى حقبة معينة أو على شخصيات ذات أثر فكري معاصر

 كم عددهم وماذا يدرسون ؟

- ثلاثون طالبًا عربيًا للدراسات العليا وطبعًا فيهم من يدرس الأدب العربي الحديث – أو القديم – أو الوسيط وفيهم من يدرس التاريخ .

و إستطرد قائلاً

- تبقى الحضارة العربية فى قديمها عندهم لها مكانة ومنزلة خاصة فدراستهم للدراسة العربية القديمة على أساس أنها الحضارات الإنسانية الهامة ودراستهم للوضع العربى الراهن على أساس موقعه الاقتصادى العالمى فهذه المنطقة كانت على طول التاريخ منطقة إستراتيجية هامة سواء كان فى موقعها الجغرافى أم فى مواقعها الحضارية الأخرى كانت مطمع ومطمح أنظار العالم منذ عهد الفراعنة والبابلين والآشوريين وقبل هؤلاء من قطر هذه المنطقة حتى بمنطوق الكتاب القديم إذا شئنا نعتبره شاهدًا . إن أول بيت وضع للناس بمكه والمعروف أن رحلات المستشرقين الغربيين فى عالمنا العربى كان ذلك بدافع من إطلاعهم على التوراة لماذا لا يكون القرآن منار إهتمام المؤرخين العرب والدراسين العرب فهو يتحدث عن عاد ويتحدث عن عاد الأولى مما يعني أن هناك عاد ثانية ولا نعرف عن الأولى ولا عن الثانية شيئًا

فهل يتحدث القرآن من فراغ ؟  

 

 


 

 

أسامة أنور عكاشة

مؤلف مسلسل " سلمى " و " الفارس الاخير "

يلوم أجهزة الرقابة ، ويتهمها بإحباط الكاتب التلفزيوني العربي

كتب  : السيد حافظ

هذا عصر التلفزيون      د. عبد القادر القط

هذا زمن التلفزيون       جلال العشري

هذا زمن غريب كتاب القصة والمسرح والرواية هم فرسان التلفزيون .. هواة الكتابة ، الأدب ، الصحافة فى الصف الثاني في أروقة التلفزيون .. صفقات شركات مؤسسات .. عالم غريب هو عالم التلفزيون .. وكأن التلفزيون هو أحدث ما إخترعت الدول لغسل دماغ الإنسان المعاصر الكاتب الناجي أسامة انور عكاشة أحد فرسان القصة القصيرة الذين كتبوا للتلفزيون ودخل من باب المناوشة وتحولت المسالة بعد ذلك إلى إحتراف ..

سألته .. من أين بدأت التجربة ؟

قال وهو يضحك وفنجان القهوة " المضبوط " وقهقهات الدكتور سيد عبد الكريم الذى راح يقول مقاطعًا الحديث مشكلتنا هى البداية .. قال أنور عكاشة

- بدأت الكتابة فى التلفزيون تقريبًا من العصر الذهبى للقطاع العام حوالى عامى 68 ، 69 .. أنا أصلاً كاتب قصة قصيرة ونشرت قصص فى عدة مجلات أدبية وصدرت لي مجموعة بعنوان " خارج الدنيا " عام 67 .. طبعًا تجربتي ممتدة من قبل ذلك من أيام الجامعة أنا من جيل إبراهيم أصلان ومحمد حافظ رجب هذا الجيل الذى صدم بعدة عقبات أهمها مشكلة أو أزمة القارىء فى مصر .. إن نسبة القراءة تساوى 5% ومعظم الذين يتعاملون مع القراءة هم قراء الصحف والقارىء يفضل الاسم المعروف حتى لا يغامر فى إكتشاف كاتب جديد أو قاص جديد ..

لقد شعرت أن كتاب القصة فى مصر أكثر من قرائها .. إذا قمت بعمل حصر ستجد الذين يكتبون هم كثرة والقراء هم ندرة لقد شعرت أننى كمن يؤذن فى مالطة .. بيني وبين القارىء فلم أجد أفضل من التلفزيون و أحاول بقدر الإمكان أن أقول كلمتين من خلال دراما التلفزيون ..

 

إذًا حققت طموحك فى هذا ؟

- فى الحقيقة انا أتمنى العودة إلى كتابة القصة لأن الكتابة لا يوجد شك أنها أرخص من شريط فيديو .

بدات منذ العام 68 للتلفزيون كيف ؟

- كتبت سهرة او اثنين وعندما جاء عصر المسلسلات وهكذا أحب أن أسميه عصر المسلسلات التلفزيونية . قمت بكتابة عدة أعمال فى مصر و فى خارج مصر .

أعود للحديث عن القصة القصيرة لماذا لم يصل إلى تحقيق وجوده عن طريق فن القصة ؟

- أنا من جيل محمد حافظ رجب ومحمود بقشيش ويحيى الطاهر عبد الله هذا الجيل اسميه الجيل الذى رقص على السلم لأنهم ظلموا فى فترة تاريخية معينة حدث فيها إحباط من المناخ الثقافي فى المجتمع العربي .

أنا من جيل ممتاز جدًا وكنا مبشرين وكنا ممكن نعمل شيئًا . كان من الممكن أن نضع تيارًا ينقل القصة المصرية أو العربية عمومًا للأمام . إنما الظروف الموضوعية التى كانت تحيط بنا لم تجعلنا نفعل شيئًا .

 الدكتور عبد القادر القط يقول على ناقد الرواية أن يتجه لنقد الاعمال التلفزيونية لأنها أعمال حققت شيئًا فى عقل الناس ويجب أن يكون الناقد مع الناس ليوجههم ودراما التلفزيون ولا تقل عن أي عمل أدبي .. ما رايك فى هذا ؟

- هذا صحيح التلفزيون أصبح تاثيره خطير وغريب كل الناس فى مصر الآن تجلس الساعة الثامنة والربع مساء وكأنه اجتماع مقدس أمام التلفزيون كي تشاهد المسلسل .

قد يكون المسلسل ضعيف أو جيد أو ردىء فهو يؤثر والمسلسلات إذا تخلصت من الرقابة المشددة ستلاقى نجاحًا لماذا لم تمنع أي دولة عربية مسلسل " دالاس " لو كاتب عربى كتب عن أسرة عربية ثرية فى أي مكان فى الوطن العربي مثل مسلسل دالاس أؤكد لك سيرفض لأننا نحب سياسة دفن الرأس فى الرمال .

وعندما يأتي ناقد ويقول أين المؤلف العربي الذى يكتب مثل مسلسل الجذور أو مسلسل دالاس أقول أن المؤلف التلفزيوني العربى مظلوم .

المؤلف فى الدول الأخرى غير العربية له حرية كاملة لمناقشة أي موضوع ولكن الرقابة فى الوطن العربى تقول لك ممنوع أن تناقش حياة الطبيب – والمدرسة – والمحامى – والقاضى .

 لماذا ؟ علشان الصور – ما تنهزش أمام الناس فى هذه المهن ماذا تفعل أنت تقيد الكاتب بالممنوعات وتقوله إتحرك والحركة تعني دائرة مفرغة لا بد أن تناقش الراجل اللى يجب على امرأته والبنت إللي بيحب راجل أكبر منها والست إللي بتحب راجل أصغر منها هذه موضوعات ترضي الرقابة .. الرقابة المشددة فى الوطن العربي لن تساعد على إفراز كتاب لهم قيمة أو كتاب لهم وزن هذه الحقيقة ومن يقول غير ذلك ينافق نفسه .

نعود لقضية الدكتور عبد القادر القط ؟

- بالنسبة لما يطرحه الدكتور عبد القادر القط أعتقد أن الدكتور عبد القادر ناقد كبير ومكسب للحركة النقدية ومكسب للتلفزيون و إن كتب رأيًا ضد أحد مسلسلاتي ولكن دعني أقول لك نحن أمام نوع جديد من الصحافة الآن كتاب العمود اليومى ..

ليس لديهم موضوعات يومية هؤلاء يضطرون للأسف للهجوم على أي عمل أو مدح أي عمل .. عندما تفتقد قواعد النقد وتفتقد قواعد المهنة و لا يوجد نقد منهجي وهذا يهاجمك باسم مستعار و آخر يناقشك باسم قارىء هذا النقد بهذه الصورة التى عليها الآن ..إنطباعات ودعوة الدكتور عبد القادر القط يشكر عليها ..

ما هى أعمالك التى تعتز بها ؟

- طيور الصيف – المشربية – الحصار – سلمى وهذا عرض فى الكويت بطولة السيد عبد الكريم – صفاء ابو السعود – أحمد عبد الحليم و فايزة كمال و الفارس الأخير بطولة يوسف شعبان وتوفيق الدقن . وهذا يعرض حاليًا فى الكويت .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

31/3/1983

حديث المواجهة العلنية مع محرك البرامج الاذاعية

الدكتور عبد العزيز المنصور

الفيديو صار منافسا للتلفزيون والسينما والكتاب ..

وبقيت الاذاعة .. لم تتأثر !!

كتب : السيد حافظ

الكتور عبد العزيز المنصور

أحد الرجال البارزين فى الإذاعات العربية . إستطاع أن يؤكد من خلال علاقاته الوثيقة بالإعلام والإذاعة على ضرورة تطبيق الأساليب العلمية فى مفهوم الإعلام. والدكتور إستطاع خلال هذه السنوات التى قام فيها ببناء وتوجيه إذاعة الكويت أن ينحى الكثير من البرامج والوسائل .

فى مكتبه .. حديث إزدحم بالعمل والأوراق وجرس الهاتف الذى لا ينقطع .. سالته :

هل نستطيع أن نقتنص بعضًا من الوقت للحوار ؟

هل نستطيع أن نتحدث عن مشكلات الجانب الإعلامى ؟

و أسئلة كثيرة ضاعت أثناء الحوار الذى ما فتىء ينقطع طوال هذه الدردشة .

عصر الفيديو

هذا عصر الفيديو .. ولقد إستطاع الفيديو أن يؤثر على التلفزيون والإذاعة حتى الكتاب .. ما تعليقك على هذا ؟

- حسب علمى أن الفيديو أثر تأثيرًا مباشرًا على كثير من وسائل الإعلام المختلفة ومنها القراءة .. لدرجة أن دور الموسوعات الكبيرة أصبحت تتجه إلى الفيديو .. أما الإذاعة فأعتقد أنها تتأثر بشكل كبير.. لأن من يسمع الإذاعة فهو يسمعها فى وقت غير وقت إستخدامه الفيديو فمثلاً أن تسمع الإذاعة فى سيارتك ومن غير المعقول أن تشاهده فى السيارة الإذاعة تعتمد على حاسة السمع فقط أما الفيديو فيعتمد على أكثر من حاسة السمع فأنت حينما تستيقظ من نومك لا يكن لديك أي إستعداد لمشاهدة الفيديو ولكن إستماعك إلى بعض البرامج الصباحية الخفيفة قد يساعدك .. أغنية خفيفة . خبر خفيف . الإذاعة لها وقتها الذى لا يمكن الإستغناء عنه .. أما وجهة نظري الشخصية أن الفيديو أثر على التلفزيون وليس الإذاعة لأن غالبًا ما يجد المواطن فى التلفزيون برامج لا تعجبه مثل تمثيلية معينة أو فيلم مكرر فيلجأ إلى الفيديو . إذًا الإذاعة بعيدة كل البعد عن مجال المنافسة مع الفيديو لأنها تسمع فقط في أوقاتها وعلى رأي الإذاعيين يقولون إن الإذاعة تسمع فى الصباح . فى الظهيرة فى المساء لها وقتها الخاص ومن الصعب أن تجد المنافسة معها ولكننا نستطيع أن نقول أيضًا أن الفيديو أصبح المنافس الخطير ومن الصعب أن تجد المنافسة معها ولكننا نستطيع أن نقول ايضا ان الفيديو اصبح المنافس الخطير للقراءة والكتاب لان الكتاب كان المتبع قراءته فى المساء يستغل لمشاهدة الفيديو . لكن مع ذلك لا نستطيع القول بان الكتاب فى حالة احتضار او ان فعاليته عدمت ما السر فى ذلك مع ان الكتاب صمد امام السينما كظاهرة من جديد منذ نصف قرن ؟

- الفيديو نقل العالم بشكل ملون ومتنوع الى المشاهد ولذلك كان خصما عنيدا امام التلفزيون اما الاذاعة لا والكتاب ايضا اثر تأثيرا خفيفا عليه .

هجرة الكتاب لم تحدث

بماذا تعلل هجرة الكتاب من الاذاعة والتلفزيون الى التلفزيون هل هو الاجر ام اشياء اخرى ؟

- فى رأيى الشخصى أنه ليست هجرة هناك .. الإذاعة لها كتابها المعروفون ومن المتخصصين . وليس هناك أى عجز فى الكتاب نتيجة هجرتهم للتلفزيون . لكن هناك فراغًا يحدث أحيانًا في بعض البرامج أما الهجرة فلم تحدث بدليل أن هناك برامج جماهيرية استمرت فترة كبيرة وتعلقت بها الجماهير ومازال كتابها يقدمون برامجها ولم يحدث أن ترك معدون هذه البرامج بالإذاعة إلى التلفزيون مثلًا .

مثل ؟

- برنامج نافذة على التاريخ منذ أن تأسست الإذاعة فهي مع درويش الجميل ومثل برنامج أخبار جهينة مع سليم سالم .. وبرنامج صباح الخير مجموعة العمل التى قدمته مازالت تعمل فى البرنامج رغم أي اغراءات أخرى . التلفزيون استطاع أن يشد كتاب الدراما من مواقعهم للتعامل مع التلفزيون . لأنه يسلط الأضواء عليهم أكثر و أجره أكثر من أجر الإذاعة لها دورها ورسالتها ومازال كتابها موجودين .

أجور الكتاب

أجور الكتاب فى الاذاعة متدنية .. هل هذا صحيح ؟

- أريد أن أقول لك .. حقيقة واحدة إن اذاعة الكويت تعطي للكتاب أكبر الأجور للكتاب في العالم وقانون التعامل مع الكتاب قانون مطاط يسمح بالزيادة والتشجيع للكتاب حسب الكفاءات وحسب الظروف ..

الكتاب والتشجيع

د. عبد العزيز المنصور له علاقة كبيرة فى وطننا العربي أصبح يحاصر بسياسة الإهمال . ما تعليقك على هذا ؟

- الكاتب دائمًا يعتمد على التشجيع تشجيع الدولة أولًا وللأسف هنا فى الكويت تشجع الرياضة أكثر من أي شىء آخر والكاتب لا يجد التشجيع الذى يستطيع أن يسنده ويسانده والكاتب يجد نفسه بثقافته وفكره يقف على أبواب المسئولين ولهذا ستجد أن الكاتب فى تلك الحالة فى حالة اختناق .. الكاتب ينتظر التشجيع المادى لأنه ربما لا يستطيع أن يحصل عليه ولا يكفى التشجيع المعنوي و لابد أن أقرر و أقول أن أي بلد لا تحترم كتابها فعليها السلام .. الرياضة تجد التشجيع من الجميع لأن لها رعاية جماهيرية خاصة ، وهى تنفيس لطاقات الشباب لكن أستطيع أن أقول أيضًا أن من يكتب سيجد التشجيع المعنوي وهو أكثر فاعلية وقوة التأثير المادي وسيجد الكاتب نفسه فى احتياج إلى تشجيع مادى أيضًا كى يرتكن إلى دعامتين مادية ومعنوية ومن خلال التشجيع المعنوي الجماهيري سيجد من يقرأ ومن يتحمس لفكره وثقافته .

الكويت بدلًا من بيروت

يقال أن الكويت بعد أحداث بيروت احتلت المكانة الإعلامية فى الكتاب .. ما تعليقك على هذا د. عبد العزيز ؟

- من الصعب أن تحتل الكويت مكانة بيروت وحتى القاهرة بعراقتها لا تستطيع ، بيروت لم يستطع أحد أن يصل اليها .. فمازالت فى بيروت كل الأشياء التى يبحث عنها الكاتب و أهم شىء هو الإنتشار .. مازالت بيروت مركزًا للطباعة والنشر والتوزيع فيكفى أن نعرف أن فى بيروت أكثر من (600) ستمائة دار للنشر وهذا يساعد على وجود المنافسة الشريفة . وظهور الكتاب الشرفاء والموهوبين والمبدعين .

O البرامج الثقافية إلى أين ؟

من الملاحظ أن برامج المنوعات تكتسب خطوات ناجحة عن البرامج الثقافية فى الإذاعة .. لماذا ؟

لو قلنا أن البرامج الثقافية أقل جودة فهذا خطأ .. إن أي برنامج منوع ناجح هو برنامج ثقافي ناجح فى الوقت نفسه فالأخبار الثقافية والدينية والثقافية والأحاديث المنوعة هى برامج ثقافية .

O النجاح لماذا ؟

O لماذا تفوقت إذاعة الكويت فى منطقة الخليج عن غيرها ؟

- نستطيع أن نقول أن ذلك حدث لشيئين . أولًا لحداثة ما تقدم ثانيًا لجودة ما تقدم . فهي مرتبطة مع المواطن من لحظة إستيقاظه حتى آخر الليل وتمده بكل ما يحتاجه من أخبار الطريق والسلع والسياسة والدين فهى تقدم أفضل ما فى العمل الإذاعى ، الإذاعة الكويتية تعتبر الأولى بين الإذاعات .

O المنافسة

O هل هناك منافسة بين إذاعات المنطقة ؟

- إذاعة الكويت هى جزء من إذاعات الخليج العربي . ونحن أولًا و أخيرًا في خدمة المواطن الخليجي وبعيدًا كل البعد عن طرق المنافسة مع الإذاعات . فمثلًا البرامج التى تخص المواطن

 الخليجي والعربي نقدمها بعيدًا عن التحديد الذى يبعد المستمع عنا .. فنحن مع المستمع الخليجي والعربي أينما كان ..

 

 

 


 

5/8/1981

عاشقة أمها معالي زايد

لم أدخل مجال الفن إلا بعد رحيل أمي

وبذلك لم أصعد على أكتافها

رغم أنها من عائلة فنية وتربت وترعرعت فى بيت فني و في أسرة لا تعرف إلا الفن . إلا أنها لم تكن تحلم بأن تكون فنانة ولم ترسم لحياتها ذلك الطريق وفجأة انطلقت دون أن تدري لتصبح " نجمة " بمعنى الكلمة .. جذبت أنظار المشاهدين نحوها وجعلتهم يتعاطفون معها بصدق أدائها وبساطة وتلقائية تمثيلها .. فمن يراها لا يشعر أنها تمثل . بل يحس أن الكاميرا صورتها وهى تعيش حياتها تلقائية تامة . رغم هذا فهى ليست دارسة للفن  وليست خريجة أحد المعاهد بل هي موهبة أو فنانة بالوراثة .. وكل ما تقوله رغم نجاحها الكبير و انتشارها بصورة خطيرة تقول : كل ما أريد ان أصل إليه مما أفعله هو أن أُبقي اسم أمي فى أذهان الناس من خلالي و أنا أكمل رسالتها الفنية بعد رحيلها . ولكن من أمها ؟!

أمها هى الفنانة الراحلة " أمال زايد " التى أعطت من حياتها للفن الكثير جدًا . وخالتها هي الفنانة " جمالات زايد " الفنانة الشابة " معالي زايد " استطاعت بمقدرة كبيرة أن تخرج من إطار المنافسة التى تتصارع عليها مجموعة كبيرة من الوجوه الجديدة أمثال هناء ثروت وتيسير فهمى لتفرض نفسها على المشاهدين وتجعل بساطة أدائها حديث كل الناس من خلال دور عائشة فى مسلسل " عيلة الدوغري " !

الصاروخ الذى انطلق فى سماء الفن

قلت لمعالى زايد هل قدمتك والدتك للوسط الفني ؟!

وتقول وابتساماتها المريحة تلمع فى عينيها وملامحها العربية لن تصدقنى إذا قلت لك أنني كنت مصابة " بعقدة " اسمها العائلة الفنية وكنت أخشى أن يقال أن سبب نجاحي في الفن هو أنني صعدت على أكتاف والدتي .. والغريب فى هذا أنني دخلت ميدان الفن ليس عن طريق أحد من أسرتي و لم أكن أفكر فى هذا الميدان ولكن بريق الشهرة جذبني وبعد رحيل أمي أردت أن يبقى اسمها بين الناس و أستكمل رسالتها بعد رحيلها .

* ومن الذى قدمك إلى الوسط الفني ؟!

- اكتشفنى المخرج نور الدمرداش وعملت معه فى أول مسلسل لي بعنوان " الليلة الموعودة " ولنجاحي في المسلسل بدأت تنهال عليَّ العروض و أغرتني الشهرة فاستكملت الطريق .

اشتركت مع ثلاثي أضواء المسرح فى

" من أجل حفنة نساء " أفادتني التجربة

* كيف ؟!

- بعد مسلسل الليلة الموعودة اشتركت مع فرقة ثلاثى أضواء المسرح بعد انسحاب بطلة مسرحية " من أجل حفنة نساء " واستفدت كثيرًا من تلك التجربة المسرحية أسند لي دور في فيلم " ضاع العمر يا ولدى " مع نور الشريف وشهيرة ومحمود ياسين . ثم مسلسل " الأبلة " .. ومثلت للتلفزيون الأردني " سالومي " وفى دبي صورت " إصلاحية جبل الليمون " ومجموعة مسلسلات أخرى منها " للزمن بقية " ومن " أجل ولدي " ولم يشاهدهما جمهور القاهرة و أذيعا فى المحطات العربية . ومسلسل " عيلة الدوغري " .. و" الناس والبحر " و " الأم المثالية " .. و" غريب الحى " وسهرة " الوديعة " .

تعاطف الناس مع شخصيتى فى " عيلة الدوغري "

لأنها تعبير صادق عن الواقع المصري

* تعاطف الناس معك فى مسلسل عيلة الدوغري . فهل تعتبرين هذا بداية شهرتك ؟!

- كان سبب التعاطف هو أن قصة المسلسل تعبير صادق عن الواقع المصري .. واقع الأسرة .. أي أسرة كانت ترى نفسها في الأحداث .. ودوري شد انتباه الناس من خلال شخصية

" عيشة " لأنني أديته ببساطة تامة وبدون أي إفتعال .. وعرفني الناس من خلاله فعلًا .

* بمناسبة بساطة أدائك التى تحدث عنها النقاد . هل أفادتك والدتك فى هذا ؟

- كل ما استفدته من والدتي هو معايشة الوسط الفني وعدم الخوف من الكاميرا أو الأضواء والفنان الذى لا يعمل أي حسابات للكاميرا  و أضوائها لابد أن تكون انفعالاته صادقة و أداؤه بسيطًا وغير مفتعل طالما أنه يتعايش مع الشخصية فقط و لا يتعايش مع حركة الكاميرا والمفروض على الفنان ألا يعايش دوره فقط . بل يعايش كل الأدوار الأخرى التى يتعامل معها فى العمل ليتجاوب مع أحاسيس تلك الشخصيات بطبيعية تامة وكأنه يعايشها فى الحياة .

* بعد تجربتك الوحيدة في المسرح مع فرقة الثلاثي . لماذا ابتعدت عنه ؟!

- أنا عمري الفني قصير جدًا . لا يتعدى 5 سنوات ركزت خلالها كل جهودي فى التلفزيون لأنني أحببته ومن خلاله وجدت الفرصة وكانت بدايتي فيه وعرفني الناس من أحد أعماله وعرضت عليَّ أعمال مسرحية كثيرة خلال تلك الفترة . وللأسف كنت مرتبطة بتصوير مسلسلات فى دبي و أبو ظبي والكويت .. وفجأة أجد نفسي بطلة فى 30 مسرحية فى وقت واحد . هل تصدق ؟! سمير العصفوري ومجدى مجاهد وشاكر عبد اللطيف وستذاع جميعها فى المحطات العربية وتلفزيون القاهرة خلال شهر رمضان القادم .

* والسينما ؟!

- قلت لك أنني اشتركت فى بطولة فيلم واحد هو " ضاع العمر يا ولدي " ومنذ أيام تم التعاقد معي على أول بطولة مطلقة لي فى السينما مع محمود ياسين وعادل امام فى فيلم من إخراج محمد خان و أنا سعيدة جدًا بأول بطولة فى السينما .

* ما هي النصيحة التى قالتها الفنانة أمال زايد لك ؟

الصبر والتأني والبعد عن الخلافات والغرور ودائمًا كانت تقول لي : أن ما يخرج من القلب يصل إلى القلب وما يخرج من اللسان لا يصل إلا إلى الأذان .

* هدفك من الفن الشهرة أم البحث عن النجاح ؟!

- الشهرة لا تأتي إلا من خلال النجاح . فعلى الفنان أن ينجح أولًا فيما يقدمه ومن خلال العمل ذاته سيعرفه الناس . ولكن هدفي من الفن بصدق هو أن أمتع الناس بما أؤديه و أن أحافظ على اسم أمي . لأن أمي هي العامل الوحيد المعنوي المؤثر فى سبب إصراري على النجاح وتقديم الأفضل ليبقى اسم " أمال زايد " موجودا ما دمت ان موجودة .

 

* يقال : أن ابن الوز عوام .. هل ترين أن هذا المثل صحيح ؟!

- المثل نسبي .. وقد لا يكون صحيحًا لأنه ليس من الشرط أن يصبح ابن الفنان فنانًا أو ابن السباك سباكًا والدليل على هذا أن هناك العديد من أبناء مشاهير الفنانين فشلوا عندما دخلوا ميدان الفن وتراجعوا عنه . المهم هو الموهبة والاستعداد والقبول عند الناس والصدق فيما يفعله الإنسان ويخطط له بهدف.

 

التلفزيون أصبح الوسيلة الوحيدة لظهور الوجوه

والمواهب الجديدة

* هل ساعد التلفزيون فعلا على ظهور مواهب جديدة ؟!

- التلفزيون هو الوسيلة الوحيدة الآن التى تخرج منها مواهب الوجوه الجديدة .. والتى تتنافس الآن منافسة شريفة و الأفضل هو الذى يستمر .. والسينما حاليًا تأخذ الدم الجديد من الوجوه من خلال من يلمع فى التلفزيون بل إن الأغرب من هذا هو أن نجوم السينما تركوها ليعملوا فى التلفزيون لأنه الوسيلة السريعة التى تصل بهم إلى قلوب الناس وتجعلهم يعيشون معهم ليل ونهار .

* وهل وجد قلبك الحب ؟!

- لا قلب فى الحياة يخلو من الحب .. والحب هو الشىء الذى تبحث عنه كل امرأة حتى ولو كان فى بلاد الصين . من يستطيع أن يعيش بلا حب ؟!

* أملك فى الحياة بعد نجاحك فنيًا ؟!

- أن أقدم الأفضل دائمًا لكي أحافظ على اسم والدتي وتظل " أمال زايد " حية بين الناس من خلال صورتي و أعمالي .

 

 


 

15/5/1980

عبد المنعم إبراهيم

أمجاد المسرح القومى يمكن أن تعاد

أنا لست من مدرسة الفنانين المتحدين

عبد المنعم إبراهيم.. نجم الكوميديا فى المسرح القومى المصرى .. الذى قام بدور " بقبق الكسلان " و " حلاق بغداد " والذى قام ببطولة كبار كتاب المسرح العربي يوسف إدريس وميخائيل رومان ونعمان عاشور .. ونحن إذ نلتقي به لنتعرف بأحد عمالقة المسرح والسينما الذين تركوا بصماتهم فى نفوس الجمهور والحركة الفنية سألته .

 المسرح الكوميدى .. هل أزمة نص ، والمسرح الكوميدى يسير فى طريق واحد ، هو طريق الفارس .. مع إنني افضل كوميديا الأخلاق وهى تنبع من حياتنا ومن مشاكلنا والكوميديا الأخلاقية يمكن أن توظف من خلال وجهة النظر السياسية .. أما مسرح الألفاظ غير المهذبة .. والشالوت .. فهو مسرح زائل فهو خليط من الأنواع التى لا تخدم الجمهور .. نحن لا نستطيع أن نسميها كوميديا ..

 لماذا لم تقدم مثل هذه النوعيات ؟

توقفت منذ 5 سنوات عن المسرح والسبب أنني أبحث عن الكلمة النظيفة التى تخدم الجمهور وتكون فى خدمة المجتمع .

قمت بتجربة فى مسرحية "كباريه" مع الفنانين المتحدين ثم انسحبت.. لماذا؟

- الفنانين المتحدين ليست مدرستي.. أنا مدرستي مع المسرح القومي .. وفرقة المسرح القومي هى مدرسة جامعة تمثل جميع أنواع القدرات والإمكانيات كما أن تاريخه حافل له أعماله المجيدة و أساتذته وجمهوره . لقد شعرت بأن هذا المسرح ليس قريبًا مني إنه يبتعد عني بمسافات كبيرة .. وسبق لي و أن قدمت تجربة مع فرقة إسماعيل يس .. ولم أجد نفسي .. كان من الممكن أن أقدم هذا اللون من عام 1955 وقدمت جميع ألوان الكوميديا من خلال وجودي في مسرح إسماعيل يس .. أما فى كباريه فأعتقد أني قدمت دورًا إنسانيًا كبيرًا وقد نجح .

 لماذا توقف المسرح القومى عن تقديم أعماله الرائعة ؟

- السبب يرجع إلى عدم وجود النص .. و إن شاء الله سأقدم نصًا من نصوص المسرح العالمي .. الموسم القادم .. و أعتقد أنه سيكون مسرحية " البخيل " والتى سبق و أن قدمت من المسرح الحديث وقام ببطولتها المرحوم سعيد أبو بكر ..

 الجيل الجديد من فناني الكوميديا أمثال سعيد صالح – عادل إمام و يونس شلبى .. ما رأيك فى هذه الطاقات ؟

- هم خامات طيبة جدًا وظريفة وتضحك الناس وتسعدهم.

 فجأة أصبح كل ممثل صاحب فرقة .. ما رأيك فى تعدد أصحاب الفرق ولماذا لم تفكر فى تكوين فرقة باسمك ؟

- لو أردت تكوين فرقة لكنت بدأت بها منذ وقت طويل . وكان من الممكن أن أكون مثل أي فنان كون فرقة . ولكنني أرى أن المسألة أكبر من هذا بكثير .. القضية ليست قضية فرقة أو صاحب فرقة القضية هي الإخلاص في العمل .. لقد أعجبتني بدايات بعض الشباب كثيرًا .. أضحكني يونس شلبي فى المشاغبين كثيرًا وكنت أرى أن خروجه من شخصية الولد اللي ما بيجمعش شىء هام وضروري لتنمية قدراته الفنية أما ظاهرة كل واحد يكون فرقة باسمه .. فهذا خطأ . الفن إذا دخلت عليه التجارة فسد .. الفنان لا بد و أن يلتزم بالقناعة .. ليس من العيب أن يكون لدى الفنان سيارة صغيرة وبيت متواضع .. لا يعيبه أنه لا يملك قصرًا أو عربية مرسيدس مثلًا .. الفنان الصادق يسعى إلى أن يكون مخلصًا ومؤديًا فى المستوى الذى يتطلبه الصدق الفني .. وهذا الكلام طبقته على نفسي .

 بعض الممثلين يكلف الكتاب بكتابة عمل درامي له مخصوص مثلًا .. لماذا لم تكلف بعض المؤلفين للقيام بذلك ؟

- لا أستطيع أن أفعل هذا الحكاية ببساطة أنا فنان موجود فى الساحة فأهلًا بالمؤلف الجيد و أهلًا  بالمنتج الجيد . وليتفضل كل شخص جيد لتقديم أعماله .. و أنا معك أن الممثلين هذه الأيام معظمهم يبحثون عن المؤلفين لكن أنا لا أبحث عن مؤلف .. إلا إذا كان المؤلف يبحث عني وعرض أعماله عليَّ .. أنا لست فى حاجة للتعريف بنفسي ولكنني ليتني أجد المؤلف و النص .. أنا كممثل أدخل الدور و أعيش الشخصية و أتقمصها وعند انتهاء العمل أخرج منه إلى عمل آخر .. والمؤلف الجيد أيضًا لا يفصل لفنان معين بقدر ما يعيش عمله بصدق .

 هل من الممكن أن تتكرر أمجاد المسرح القومى ؟

- من الممكن أن تتكرر أعمال المسرح القومي .. وذلك عن طريق إعادة أعماله الكبيرة على شكل ريبرتوار تقدم الوجوه الجديدة فيه بأدوار البطولة والممثلين القدامى يقومون بأداء شخصيات تتناسب مع أعمارهم .

 لماذا لم تفكر فى عمل شركة إنتاج ؟

- ليس عندى نقود ..

 هجرة الفنان لماذا ؟

- ليست هجرة إنه إنتشار .

 ما إنطباعك عن الكويت بعد أن قمت بزيارتها عدة مرات ؟

- زرت الكويت عدة مرات مرة عام 58 وقدمنا خلالها تجربة مسرحية على مسرح مدرسة الصديق وحضرت فى عام 1963 وعرضنا مسرحية "عيلة الدوغري" وحضرت عام 1970 وحضرت عام 75 وحضرت هذه الأيام .

 رأيك فى الفنانين الكويتيين ؟

- لقد شاهدت أعمالًا عظيمة لتلفزيون الكويت أثناء زيارتي فى دول الخليج و أعشق سعاد عبد الله كفنانة قديرة وحسين الصالح كمخرج وممثل .

 

27/2/1983

حمدى أحمد الذى ناقش أزمة المسرح المصري

بجرأة .. فى مجلس الشعب .. يؤكد

أزمة المسرح العربي أزمة فكر ..

 كتب السيد حافظ

حمدى أحمد

نجم فيلم القاهرة 30

وعضو مجلس الشعب المصري

وعضو حزب المعارضة

وبطل عدة مسرحيات

و أفلام و مسلسلات

منها : الفارس الأخير – إلا الدمعة الحزينة

زار الكويت مؤخرًا حيث أنه أحد أبطال مسرحية ريا وسكينة .

حمدي أحمد .

هذا الشاب المصري

النجم الذى أثار حوله العديد من الحوارات والذى قيل أنه يحتاج الى كتب كي تكتب عنه وله .. قابلته فى مطار الكويت الدولى سألته

- كيف الأحوال ..

قال لى ..

- قرأت ما كتبته عن أزمة المسرح المصرى فى مجلس الشعب فى جريدة السياسة .. قلت له :

- هذا يحتاج إلى جلسة وحديث وليس كلمات عابرة ..

- إذًا نتفق على موعد للقاء .. الزمان والمكان

 مسرح سينما الأندلس .. صباح يوم الخميس الموافق 18 فبراير . المكان ، حيث تجرى بروفة نهائية لمسرحية ريا وسكينة المجرمتان ريا وسكينة – ( شادية وسهير البابلى ) وقد وقف فى الخلفية عبد المنعم مدبولى قلت له :

أكرر السؤال مرة اخرى :

- ماذا حدث فى مجلس الشعب المصري من مناقشات حول قضايا المسرح المصري ؟

- لقد تحدثت فى مجلس الشعب المصري بصفتي عضوًا فيه بكل صراحة وكل وضوح عن أزمة المسرح المصرى ولقد تحدث الأستاذ سعد أردش وتحدث الزملاء الآخرون حول نفس الموضوع لقد كنا نريد أن نقدم الحلول الجذرية .. لمشكلة المسرح المصري دون زيف أو إدعاء أو تلاعب بالألفاظ .. لأننا أهل الفن والثقافة نجيد التلاعب بالألفاظ .

 لقد سمعت أن المشكلة قد حسمت لصالح الحكومة بمعنى أن وزير الثقافة قال الخبر قبل المسرح وبذلك انتهت القضية ؟

- لقد قمت بالرد على وزير الثقافة فى جريدة الشعب وعلى وزير الإعلام أن الدولة أمنت مائه مليون جنية لإنتاج أفلام جيدة وهنا تساءلت هل نحن دولتين مختلفتين وزير الإعلام يقول أنه قد أمن مائة مليون جنية كي يدعم الإنتاج السينمائي ووزير الثقافة يقول لا توجد أموال .. إذًا من نصدق ومن نكذب وكتبت هذا كما قلت لك فى جريدة الشعب .

 هل أنت فى حزب المعارضة ؟

- نعم

 الفكر لا المادة 

 مشكلة المسرح المصرى هل هى مشكلة مادية أم مشكلة فكرية ؟

- هى مشكلة فكرية بالتأكيد .. المسرح المصري يعاني من مشكلة فكرية .. هذا مؤكد المسرح كلمة . كلمة في الأساس .

- ماذا تقول المسرحية أي مسرحية ؟

- ماذا تقدم من فكر ؟

- ما هو المضمون ؟

هذه الأسئلة هامة لأي عمل مسرحي .. المسرح المصري هو مسرح القطاع العام .. أما المسرح الآخر الذى يقدم "النمس" و " ووراك وراك " و " الفهلوى " و أهلًا يا دكتور وريا وسكينة وفرق أخرى كثيرة ..

 

الدور المميز 

- كل هذه الفرق تقدم كوميديا ؟

- نعم والمفروض أن مسرح القطاع العام يقدم الجد .. ولكن أنهو جد .. أي جد .. الجد الذي يخدم قضايا الناس . حياة الناس ويظهر هنا السؤال .. هل ستسمح الرقابة لك بمناقشة قضايا الناس .. و إذا قدمت مسرحية تحتوي على فكر نظيف و أشياء تمس حياة الناس قالوا إنك تستغل معاناة الجماهير .. إذًا هنا نرد نحن على الرقابة والمسئولين .. إذا كنت كمسئول تعرف أن الجماهير تعاني إذًا لماذا لا تخدم الجماهير وتقدم لها الحل لمشاكلها مسرح القطاع العام لابد و أن يخدم الجماهير وقضايا الجماهير ويجب أن يكون له دور مميز فى حياة الجماهير و إلا سيحاسب تاريخيًا .

 

لماذا ريا وسكينة 

 لماذا اشتركت فى مسرحية ريا وسكينة ؟

- لقد أحببت أن أقدم تجربة جديدة في عمل جماهيري .. كل المسرحيات الكوميدية الحالية تقدم النكتة اللفظية أو حوار دمه خفيف لأول مرة نقدم مسرحية كوميدية تعتمد على الشخصيات من خلال الجدية تظهر المفارقات والضحك الذى يثار فى الناس على الشخصية . والذى شجعني على العمل فى هذه المسرحية وجود حسين كمال في السينما وهو مخرج يعتمد على النوعية المميزة .. مخرج شخصية .. لا يمكن أن يقدم حسين كمال رواية ضعيفة فيها مواقف رخيصة ثم إن فى المسرحية الزميلة سهير البابلى وهى زميلتي فى المسرح القومي ثم التعامل مع رجل له تاريخه الفني مثل عبد المنعم مدبولي وشادية التى تقدم أول تجربة مسرحية لها معتمدة على تاريخها الفني السينمائي لا يمكن أن تجازف بسهولة إلا إذا كان العمل جيدًا .. ثم بليغ حمدي وفرقة الفنانين المتحدين .

 والمفاجأة ؟

- هى بهجت قمر المؤلف

 ما رأيك فى فوز نور الشريف بجائزة أحسن ممثل فى مهرجان الهند الدولي التاسع ؟

- فاز نور الشريف فى مهرجان الهند الدولى التاسع بجائزة أحسن ممثل وحصل على جائزة عن دوره فى فيلم الطاووس لعام 1982 . نور الشريف هو ابن السيدة زينب .. ابن الشعب ، فرحت و أنا أسمع هذا النبأ فرحت بهذا الفنان العظيم وهو يقودنا إلى هذا النجاح ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

13/2/1983

هل يجذب تلفزيون الكويت هذا الوجه الإعلامي ؟

زهراء مصطفى .. إحدى فارسات برنامج " أكثر من ساعة "

تخرجت من كلية الإعلام .. فصقلت موهبتها فى الإعداد والتقديم

 كتب السيد حافظ

زهراء مصطفى

صوت حالم .. حلو

يدخل إلى أذنك فيشعرك بالحياة .. تتسلل إلى روحك .

زهراء مصطفى .

اسم لمع فى وسط المذيعات وتعرفت عليه قبل أن أراه .. وعندما التقيت بها وجهًا لوجه شعرت أنني أمام إنسانة رقيقة بسيطة حالمة متواضعة تستحق أن أقول هذه المواصفات للمذيعة الناجحة .. سألتها كنا فى الدور الثاني من إذاعة الكويت ..

 أظن أن هذه أول مرة يتم فيها إجراء حديث إذاعي ..

- ضحكت

لما " هزت رأسها "

- لا

- قلت إذًا .. لنتجاوز وهذا هو المهم ..

- أكثر من ساعة حقق الكثير من النجاح وكنت إحدى دعاماته الأساسية ، لماذا كان أفضل من غيره من البرامج المنوعة ..

أكثر من ساعة في رأيي هو البرنامج المنوع الكامل الذى تستطيع من خلاله أن تقدم أفضل ما لديك وكل ما لديك .. فأولًا من حيث الفترة الزمنية للبرنامج تجد أن البرنامج يذاع لمدة ساعتين وربع تقريبًا وهى بالطبع فترة طويلة .

تستطيع أن تستغلها جيدًا فى تقديم المادة الإذاعية ثم إن برنامج أكثر من ساعة يتيح للمذيعة فرصة كبيرة جدًا فى تنويع مادتها الإذاعية بشكل لا يمكن أن يتحقق فى برنامج آخر .. فالمذيعة لديها الفرصة في أن تذيع إلى جانب الأغنية ، المسرحية ، و أجزاء من البرامج الإذاعية ، والمقابلات ، و الأهم من ذلك في رأيي أن نجاح أكثر من ساعة يعود إلى اختلاف شكله من شهر إلى آخر فأنت تعلم أن المذيعة تقدم البرنامج لمدة شهر ثم تقدمه مذيعة أخرى وهكذا فهنا يشعر المستمع لهذا البرنامج فى كل مرة أنه أمام شكل جديد صحيح إن المضمون لا يختلف كثيرًا ولكن الإطار يختلف و أسلوب اختيار المواد وطريقة إخراجها على الهواء وحتى طريقة تقديم الأغنية وتقديم المادة الإذاعية يختلف من مذيعة لأخرى وهنا يكمن سر نجاح برنامج أكثر من ساعة لأنه يستخدم أشكالًا إذاعية مختلفة .

- ما هى شروط البرنامج الإذاعي الناجح من وجهة نظرك ؟

* البرنامج الإذاعي الناجح فى رأيي هو البرنامج الذى تكون خطوطه واضحة .. ولكي تكون خطوطه واضحة ومحددة فإنه ينبغي أن تحدد لأي فئة من الجمهور ستكتب وتقدم هذا البرنامج فى فترة زمنية سيذاع أي تحديد الوقت وتحديد المادة الملائمة لإذاعتها ثم إن أسلوب الكتابة للإذاعة الآن ، لا بد و أن يراعي إستخدام الأسلوب الحواري بين المذيع والمذيعة ويستخدم أيضًا الشكل الدرامي طبعًا كل هذا لكي يستطيع جذب انتباه المستمع إلى ما يقال .. باختصار شديد البرنامج الإذاعي الناجح هذا البرنامج الذى حدد جمهوره وطوع أسلوبه و إستخدم المادة الإذاعية الملائمة للوقت الذي سيبث فيه .

- ما هى علاقتك بالميكرفون له محاسنه وعيوبه .. فالحديث عبر الهواء مشكلة كبرى ؟

* علاقتي بالميكرفون تعود إلى أيام المدرسة حيث بدأت هذه الهواية من خلال النشاط المدرسي مثل الإذاعة المدرسية .. وبعد ذلك بدأت هذه الهواية تنمو ووجدت طريقها من خلال كلية الإعلام بجامعة القاهرة .. والحقيقة إن لدراسة الفن الإذاعي أثر كبير جدًا فى نجاح اى مذيع أو مقدم برامج وهنا أستطيع أن أقول أن العلاقة الحقيقية بالميكرفون بدأت من خلال المواد التي كنا ندرسها فى كلية الإعلام ، مثل فن الإلقاء ، والتدريبات الكثيرة التى كنا نتلقاها على يد أساتذة الإعلام .. فكنا نقوم مثلًا بإعداد وتقديم و إخراج برامج إذاعية .. وكان هذا شيئًا مفيدًا جدًا لأنه ثبت أنه لا يمكن أن تكون مقدم ناجح . إذا لم تكن تشعر بالكلمة . و إذا لم يكن لديك الحاسة الفنية التى بواسطتها تستطيع أن تصل بكلماتك إلى قلب المستمع .. لأن علاقة المذيع بالميكرفون هي علاقة الألفة والمحبة و إذا فقدت هذة الخاصية .

فقد فقدت مستمعيك .. وهنا أود أن أركز أيضًا على شىء هام .

وهو نبرة الصوت ، فنبرة الصوت إما أن تقربك إلى المستمع أو تبعدك عنه ، فحاسة السمع لدى المستمع تستطيع أن تلحظ بوضوح ما إذا كان هذا الصوت صوتًا متعاليًا ومغرور أم أنه صوت طبيعى بسيط .. وطبعًا في هذه الحالة سينفر منه المستمع أما في الحالة الثانية فمن المؤكد أنه سيرتاح إليه وسينتبه إليه أيضًا ..

 

 

 

 


 

18/1/1983

جلسة ثقافية

بصراحة .. مع الناقد الفني

فيصل صوفي

ورئيس تحرير مجلة الفنون اليمنية

حينما يكون الآدب عظيمًا يهيىء للناقد نقدًا سليمًا !!

 كتب السيد حافظ

فيصل صوفي الناقد اليمني المعروف رئيس تحرير مجلة فنون

لقد استطاع فيصل صوفى أن يتميز على غيره من النقاد .. تشعر أمام قلمه إنه قلم مشع على درجة كبيرة من المعرفة ويمتلك روح ونبض فى اقتحام فكر القارىء ويحترم عقلية المواطن العربي ولا يستغل كونه رئيسًا للتحرير فى ممارسات نرجسية بل تجده بين صفحات المجلة أحد الجنود ..

سألت الناقد اليمنى فيصل الصوفي :

 يعيش الإبداع العربي حالة من الإنحسار متمثلة فى جيل قبل نكسة 1967 .. ونحن أمام جيل يولد من جديد بعد حرب 1973 إلى أى مدى يمكن تصور الأدب المستقبلي وحقيقة هذه المقولة ؟

- حقا لقد ارتكس معظم أدباء جيل ما قبل نكسة 1967م فى هوة إنحدارية سحيقة بفعل عدد من الإعتبارات الذاتية الموضوعية ، لعل من أهمها :

أولًا : غياب النظرة الأيدلوجية لفهم جدلية القوانين الموضوعية الديناميكية فى سباق حركتها التاريخية المتقدمة على صعيد المتغيرات الاجتماعية والسياسية والفكرية فى الوطن العربي .

ثانيًا : الإرتباط البرجماتي بالمصالح الطبقية الجذرية للقوى السياسية " الوسطى " والمسيطرة على مقدرات الشعوب العربية الفقيرة .

ثالثًا : الإحساس النفسي المروع بفداحة المصاب القومى و إيثار السلامة والتوقف والتراجع بتعبير " الإنحسار " عن نقاط التصادم الاجتماعي مع الأشكال اللا تاريخية على صعيد الوعي والممارسة والسلطة والقبيلة والعشيرة والدولة ، ولكل تلك الإعتبارات سالفة الذكر فقد كان من الطبيعي أن يتراجع عدد كبير من أدباء السلطة عن مواقعهم الإبداعية المتقدمة فيفقدون رصيدهم الأدبي العريض ويخسرون ثقة الجماهير الكبرى بهم ، أما عن إبداع جيل ما بعد 1973 انبثق تاريخيًا عن الخصوصية الذاتية للظروف النوعية التي اتسمت بها المرحلة التاريخية بشتى متغيراتها الطبقية والسياسية والأيدلوجية الجديدة وكان من الضرورى أن يتوالد الأدباء الطليعيون بل ويتناسلوا ويتكاثروا ليملأوا الرقعة الشاسعة من خارطة الإبداع العربي المعاصر ، أما عن " أدب المستقبل " فلا يمكن تصوره بمعزل عن السباق التاريخي لحركة الجماهير العربية الثورية باعتباره أحد أشكال المتغيرات الفنية الطبقية الجديدة التى تحققت على صعيد ( وعي ) الأديب العربي بدوره الطليعى الحاسم فى قيادة الجماهير نحو أفاق التحول الاجتماعي المرتقب ( فأدب المستقبل ) هو بالضرورة أدب الجماهير ينبثق عنها ويتجه إليها ويتقاطعان عند هدف تاريخي مشترك .

 الكاتب الموقف أصبح يعاني من ضغوط تصل به إلى حد الإنتحار الإبداعي أما السقوط في المباشرة أو الصمت أو الجنون  بماذا تعلل هذه الحالة ؟

- أفسر تلك الحالة فى ضوء عاملين رئيسين أولًا ضراوة الأنظمة العربية المتخلفة وفظاعة أجهزتها الطبقية القمعية .

ثانيًا عجز الأديب عن ممارسة فعل التغيير الإبداعي الثوري في واقعه الموضوعي بوضعه الفردي المنعزل عن الجماهير وطليعتها الثورية فى الوقت نفسه وكثير من الأدباء العرب إما أنه قد انزلق نحو منحدر المباشرة الفنية الفجة أو يكون قد فقد صوابه فانكفأ على ذاته فى منولوج داخلي حزين . ومن الطبيعى أن يعجز الأديب العربي الذى يتبنى موقفا فرديًا عن مواجهة بطش السلطة العربية المتخلفة وقيادتها المتقدمة المناضلة ، والأديب من خلال إلتزامه يستطيع أن يوظف قواه الذاتية ومهاراته العقلية وقدراته الذهنية ومواهبه الإبداعية من إسقاط تلك الأنظمة السياسية الرثة .

 الفيديو .. التلفزيون .. أبعدا الناس عن الأدب فكيف نواجه هذا الجهاز الخطير؟

- فى البدء أسمح لي أن أشير إلى أن الأدب قد استفاد كثيرًا من المنظور التقني الكبير الذي طرأ على الوسائل السمعية البصرية المختلفة من فيديو وتلفزة ، فأصبح بمقدوره الإنتشار جغرافيًا بصورة أكبر من خلال ما يقدمه لتلك الاتصالية الحديثة والمنظورة من مواد أدبية وفنية مختلفة .

وصدقنى إن " للكتاب وللأدب جماهيره المتعطشة إليهما فى خلوة مع النفس " فالمواطن العربي ليس متفرجًا فقط ولكنه قاريء أيضًا و أعتقد أن الكتاب مثله مثل أي سلعة اقتصادية أخرى يتوجب العناية بشأنه شكلًا وموضوعًا .

 الحركة الأدبية فى اليمن الديمقراطي كيف تكون بين حالتي المد والجزر ؟

- الحركة الأدبية فى اليمن الديمقراطي جزء لا يتجزأ من حركة الأدب العربي المعاصر وما ينطبق على هذه من سمات يسيرة على تلك بصورة أو بأخرى مع فارق نوعي بسيط يكمن فى طبيعة المنشأ الموضوعي للأدب اليمني الحديث. نحن الآن لدينا أدب ثوري طليعي ينبثق من واقع معاناة الجماهير وتشوقها للمستقبل الرائع وعبر حركة التواصل والتجاذب والامتداد – الديناميكية التى شهدها واقعنا الأدبى اليمني المعاصر ثم فرز كافة الأنماط الإبداعية التقليدية وتجاوزها وتخطيها بصورة انتقادية ثورية خلاقة استمدت من الموروث الوطني القديم أصالته الإبداعية ومزاياه المشرقة ومن الحاضر الجديد روحه المستقبلية المتقدمة الوثابة فانبثقت أنماط إبداعية ذات هوية نوعية جديدة عكست الوجه التقدمي المشرف للأدب اليمني الحديث وعلى سبيل المثال لا الحصر .. أذكر في مجال الشعر محمد سعيد جرادة – إدريس ضبلة – عبد الرحمن فهمي و آخرون وفي مجال القصة أحمد محفوظ عمر – سعيد علوقي – علي صالح عبد الله و آخرون .

 النقد الادبى فى اليمن الديمقراطية كيف تنظرون الى مستواه الراهن ؟

- لا يزال النقد الأدبي في اليمن يمر بمراحله التأسيسية الأولى عن طريق إنضاج أدواته المنهجية ورؤيته الجمالية و الأدبية والفكرية من أجل ترسيخ ملامح نقدي علمي متطور يرتبط بحركة الإبداع اليمني المعاصرة والمنبثقة عن الواقع الموضوعي الجديد . فالنقد في اليمن لا يمتلك إرثًا تاريخيًا تأسيسًا يؤهله لتأصيل وتحديد هويته الإبداعية الجديدة بل هو شكل جديد ولد مع مطالع السبعينات . ونما بشكل تدريجي وبصورة جنينية طموح لخلق تقاليد نقدية نظرية مواكبة لحركة المتغيرات ويعتري الأدب من مظاهر القوة والضعف فحينما يكون الأدب عظيما يهىء الناقد لأن يخلق نقدًا عظيمًا كذلك . ومن أبرز نقادنا د. سالم بكيرود ود. حسن عزعزي والشاعر عبد الرحمن فخري

 

نبذة شخصية عن حياة الناقد الادبى اليمني

( فيصل صوفي )

ê من مواليد 14/اكتوبر 51م فى م/عدن .

يشغل حاليًا وظيفة ( رئيس تحرير مجلة الفنون ) ومركز

( رئيس لجنة مراقبة الافلام ) وعضوية (مجلس الشعب المحلي)

م/عدن . وكذلك عضوية ( اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ) .

êيسهم فى كتابة ( المقالة النقدية ) فى الصحف اليمنية منذ أوائل السبعينات.

ê صدر له حتى الآن كتاب أدبي تحت عنوان "فى الأدب والنقد" عن دار الفارابي – بيروت ودائرة التأليف والترجمة والنشر بوزارة الثقافة والسياحة فى عدن .

 

 


 

27/10/1982

محمد حسن عبد الله

كاتب مسرحي شاب تقدمه الصفحة الفنية

كتب : السيد حافظ

" جرس الهاتف "

- هالو.

- أهلًا

- كيف حالك ؟

- من ؟

- منصور المنصور

- أريدك فى موضوع هام .. مفاجأة ..

" الزمان 1980- "

إلتقينا أنا والمخرج المسرحي والإذاعي منصور المنصور ويجلس معه شاب كويتي صامت .. هادىء .. متزن

- أين المفاجأة يا منصور يا صديقي ؟!

- هذا الشاب الكويتي محمد عبد الله مؤلف مسرحي يستحق أن أقدمه للحركة المسرحية وحتى تتعرف عليه لقد كتب مسرحية لي فاكتشفت أنه موهبة حقيقية أريدك أن تتعرف عليه .

- لم يتحدث الشاب عن نفسه .. لم يتقمص شخصية أنصاف الآلهة والغرور الذى أصاب الكثيرين من الكتاب والمخرجين الشبان قلت له .

 ياصديقي العزيز منصور المنصور أنت تعلم أن شبان هذه الأيام عندما تكتب عنهم نقدًا أو مقالة أو تقدمهم على صفحات الصحف يصابون بمرض جنون العظمة . وعندما توجههم يلعنون كل من يوجههم .. ونحن الآن على مشارف الأربعين مازلنا نقول أننا هواة و أننا في البداية وللأسف هذه الأيام كل من كتب سطرًا ظن نفسه عبقريًا و إذا قابل أكبر منه تجربة وثقافة تصرف معه بكل أنواع المرض النفسي والذاتي حتى يثبت ذاته وعقد النقص كثيرة .

قال الفنان منصور المنصور

- هذا شىء مختلف شاب مختلف وهناك محمد عبد الله كاتب كويتي جيد قدم تجربته الأولى " قفص الدجاج " مسرحية للأطفال لمنصور المنصور وظل الحوار بينه وبين المخرج منصور المنصور و أعاد كتابة المسرحية وتغييرها لمدة عامين .. عامان يكتب ويغير ويطور نفسه وهكذا يكون الكاتب المبشر بالخير .

وفى لقائي به أقدمه للقارىء الكويتى .. قدم كاتبًا مبشرًا بالخير يقدم أول تجربة مسرحية له فى مسرح الطفل وها أنذا إيمانًا من الصفحة الفنية بالسياسة على خدمة الصدق والموهبة الصادقة.

وكان سؤالي الأول له :

 المسرح الكويتى فى أزمة – هكذا يقول النقاد .. مارأيك فى هذا القول خاصة أن وفاة صقر الرشود قد أثر على الساحة ؟

- حتى توجد أزمة مسرح يجب أن يوجد مسرح وحتى يوجد مسرح يجب أن يوجد تاريخ مسرحي نحن بحاجة إلى 100 سنة على الأقل قد تطول أو تقصر ، ذلك يعتمد على الجهد المبذول وغير هذا الكلام هو صيد للذباب لا أكثر و إذا كانت هناك أزمة ثقافة وهذه الأزمة لا تخص الكويت وحدها بل تشمل كل الوطن العربي والغريب فى الأمر أن هناك من يقول بأننا نعاني من أزمة نصوص فماذا عن المسرح الفرنسي مثلًا أو الإنجليزي .

الغرب هو الذى يعاني من أزمة نص لأسباب حضارية لا نحن فمازالت هناك قضايا بحاجة لأن تطرح عندنا . ومازالت هناك موضوعات بحاجة لأن تفتح أختامها وعمومًا لقد تعودنا أن ننظر إلى أنفسنا من خلال عيون الغرب هل هذا بسبب إحساسنا بالهزيمة منه لا أدري . فمثلًا هناك خطأ شائع معترف به كحقيقة عندنا وهو أن الكتابة لمسرح الطفل أصعب من الكتابة لمسرح الكبار دعنا نناقش الأمر بهدوء .. إني أبني كلامي هذا على رأي العالم .. العالم النفساني يونغ الذى يقول بأن العناصر الموجودة في الحلم هي ذاتها الموجودة في الدراما والموجودة في الحكايات الشعبية والخرافية .. كالتحول والتعرف والتطهير .. إلخ ..
ومسرحية الأطفال ماذا تكون إن لم تكن حكاية شعبية أو حدوتة مصاغة على نمط الحكاية الشعبية .. و إذا كانت العقلية الغريبة عاجزة عن صياغة مثل هذه الحكايات فهذا شىء مفهوم لأنها مع التقدم العلمي قد إبتعدت عن المنبع الأسطوري أما نحن فمازلنا نعيش بتلك العقلية الأسطورية ومازلنا نتعامل من خلالها بشكل مفرط لدرجة المرض ومثال على هذا أن الإنسان الغربي يتوهم بوجود الأطباق الطائرة بغض النظر عن وجود هذه الحقيقة أما نحن فنتوهم وجود جنية على شكل على شكل عنزة تزعج الناس ليلًا في الطرقات . هذا من حيث الحدوتة أما من حيث الشكل المسرحي سواء كان للكبار أم للصغار هو " مسرح " .

 الجمهور العربى ترك المسرح الجاد و اتجه للمسرح الهزلي بشكل مرعب .. لماذا ؟

- الإنسان العربي نتيجة لظروف مرحلية إنسان حقود وبالتالي فهو بشكل واع وغير واع باحث عن التشفي يسمونه تسلية مرح – ضحك .. مثلما تحدث مذابح بيروت بالعقاب الإلهي لأن بيروت فسقت .. أنا لا أستطيع أن أضحك من إنسان تعثر بالكرسي أو إنسان مزقت ثيابه أو صفعة تنهال على قفا إنسان .

يقولون الإنسان العربي عامة والكويتي خاصة يحتاج الى الترفيه بعد يوم عمل كادح ولكني أسال كم دقيقة هى إنتاجية الموظف الكويتى خلال يوم عمله ساعة، ساعتين .. عشرين دقيقة أعتقد أن النسبة معروفة .

يقولون إن الإنسان بحاجة إلى الراحة من التفكير لأن تفكيره متعب من التناقضات المطروحة حوله  .. وهذا قول مردود  لأن الراحة من التفكير بالمتناقضات تأتي خلال حل المتناقضات لا نسيانها إلا إذا كانوا يقصدون التخدير ..

فبهذا يكونوا على الأقل أكثر صدقًا مع الذات وعمومًا كنا دائمًا نؤكل ونحن نضحك نحن بحاجة إلى مسرح يصنع ويلكم ويركل فى هذه الخيمة المكرشة التى تسمى بالمواطن العربي .. لأن المشكلة هي في وعي هذا الفرد لذاته .. لوجوده .. لانتمائه .. للقوانين التى تحركه و إن لم يحدث هذا الوعى فنحن المسئولون المباشرون .

 

 

 

 

 

 

 


 

/2/1982

لقاء مع أخر طبيب يدخل ميدان التمثيل

كمال عبد الرحيم يقول :

- قدمني عبد العزيز المنصور للشاشة الصغيرة

- مطلوب أفكار وموضوعات جديدة للتلفزيون حتى

ننقذ المشاهد من الإختناقات

كتب : السيد حافظ

كان البعض يظن أن أخر طبيب إختطفته السينما هو " يحيى الفخرانى " والحقيقة أخر طبيب ظهر بعد هذه الظنون هو

" كمال عبد الرحيم " الذى اقتحم عالم التلفزيون .

كانت البداية سهرة تلفزيونية فى عيد الأم الماضي قدمها المخرج عبد العزيز المنصور لمؤسسة البدر وقام كمال عبد الرحيم بدور طبيب مع حياة الفهد وسناء شافع وبعدها كان المخرج " سعيد مرزوق " ومسلسل " ابن سينا " حيث قام كمال عبد الرحيم بدور بارز أمام محمود ياسين بعدها وقد رشح للقيام ببطولة عدة مسلسلات ..

كمال عبد الرحيم

 فنان

 ابن بلد

 بسيط

يقول كمال عبد الرحيم عن التوجه لعالم الفن  .

- الفن فى البداية موهبة تكون كامنة فى داخل الفرد وعندما تجد هذه الموهبة التربة والمناخ الملائم تظهر وتحقق وجودها .

 إذًا انت تحب الفن منذ الصغر ، أي أنها ليست حالة طارئة ؟

- أحيانًا تكون متجهًا نحو طريق آخر و أعتقد أن الطريق الصحيح لا يضيع من الفرد و إن تأخر بعض الوقت فى الوصول إليه ..

 كيف وجدت نفسك أمام الكاميرا .. بعد غياب طويل ؟

- كنت مع فنان حساس هو الفنان عبد العزيز المنصور فنان طموح يريد أن يحقق أعلى مستوى فني فى كل كادر يقدمه .. ومن يعمل معه يحتاج إلى نفس الحساسية ونفس الروح والمغامرة وقد تعاملت معه فشعرت به و أعتقد أنه فنان موهوب ومميز .

 والتجربة الأخرى فى " ابن سينا " ؟

- سعيد مرزوق أيضًا مخرج على مستو راق .. فنان يحب الرُقي ويرغب في إضافة روح جمالية فى كل ركن من أركان الديكور وكل حركة من حركات الفنان الممثل وفى كل اضاءة ..

إن سعيد مرزوق نشعر أحيانًا أنه يعزف في كل مشهد يقدمه و أن العمل الذى بين يديه سيمفونية فى التلفزيون كما تشهد بذلك أعماله السينمائية والتلفزيونية .

 هل ستتجه إلى المسرح ؟

- المسرح هو أكثر الفنون صعوبة . فهو دائم التطور كل ليلة تشعر أنك أمام جمهور جديد أي أن الفنان فى كل ليلة أمام اختبار ويحظى كل ممثل فى نهاية كل عرض مسرحي بالنتيجة من الممتحن وهو الجمهور والممثلون على المسرح كل ليلة يجب أن يكون بينهم وحدة و انسجام .. وهذا صعب !!

 إن الممثل فى المسرح يجب أن يكون فى كل يوم محافظًا على العوامل النفسية للشخصية و أن يفصل بين شخصية وشخصية الدور الذى يلعبه ويجيد الدور مستفيدًا من قدراته الحرفية و أن يكون الإلقاء طبيعيًا والمراد بالطبيعية وضوح الإلقاء وسلامته و أشياء كثيرة مطلوبة من ممثل المسرح و أعتقد أن المسرح حلم لي ولكن الظروف لم تأت بعد ..

 ما رأيك في الأعمال التلفزيونية التى أخذت تنتشر هذه الأيام ؟

- عنصر التكرار فى موضوعات الأعمال واضح .

تكرار الفكرة والممثلين والمشاهد .. المطلوب أفكار جديدة وممثلون جدد وكتاب جدد حتى يخرج المشاهد من دائرة الاختناق التى حاصرته

 أهم شىء في الممثل الناجح ؟

– البساطة.

 وفي المخرج ؟

- المغامرة

 وفى الطبيب ؟

- الإخلاص .

 وفي الإنسان الناجح ؟

- الثقافة والتسامح .

 

 


 

21/4/1982

وقفة فنية سريعة مع خالد العبيد

خالد العبيد

أحد الأسماء التي أخذت تؤكد نفسها .. صاحب المشوار الطويل في المسرح و أحد نجوم مسرح الخليج اجتازت شهرته الخليج بسبب تأديته الأدوار الصعبة المركبة .. وقد نجح خالد العبيد في كل الأدوار التي يؤديها ونال شهرة كبيرة فى عالم الطفولة .. بمسلسلات الأطفال التي قدمها خالد العبيد اختفى فى الأونة الأخيرة عن أنظار الكثيرين سألت خالد العبيد :

- أين انت ؟

- ليس المهم هو الكم فى الأعمال التي يقدمها المهم الكيف .. ما يرغب الفنان فى توصيله .. المهم العمل الذى يرسخ في أذهان الناس .. فالاعمال التى تعرض على الفنان كثيرة وعلى الفنان أن يختار ما يناسبه يتناسب مع إمكانياته وجمهوره .. وخاصة أن جمهورنا ذكي ولماح .. الجمهور حكم واع وليس بالساذج والذين يتعقدون أن الجمهور ساذج هم السذج .. و أنا أحترم الجمهور و أحترم الأعمال التى أقدم نفسي بها للناس ..

 هل نوعية الأعمال فقط هي سبب احتجاجك ؟

- كنت مشغولًا مع أحمد العامر فى إعادة تأسيس شركة العامر .. وبدأنا نخطط بشكل جديد بتوسيع الشركة وعملية الإنتاج .

 ولماذا الصوت العامر ؟

- أحمد العامر رجل شجاع نجح فى تقديم و إنتاج أول فيلم كويتي هو فيلم الصمت .. و أحمد العامر نجح فى هذا و أعتقد أنني مع أحمد العامر سننجح بإذن الله فى عمل شىء جديد ..

 أخر أخبارك ؟

- مسلسل مكون من 30 حلقة قصة وسيناريو وحوار نادر خليفة وهو عمل موجه للأطفال ..

18/2/1982

وجه من المهرجان الكاتب السوري الضيف وليد نجم

الفنان وليد نجم

قاص

كاتب تلفزيوني

صحفي

من الإقليم السوري .. وصل إلى الكويت للمشاركة في التظاهرة الفنية الكبرى ألا وهي مهرجان الخليج التلفزيوني الثاني ..

 يقول الكاتب التلفزيوني ( وليد نجم ) .

- بدأت بالكتابة عام 1967 أي بعد نكسة 67 . وقد كانت البداية في القصة القصيرة .. ونشرت بعض القصص في بعض المنابر الثقافية مثل الآداب البيروتية .. وفي عام 1976 صدرت مجموعتي القصصية الأولى والتي تحمل عنوان ( الولادة في الظهر ) و أستعد الآن لإصدار مجموعتين هما (يا حسافا) و ( هذا البلد الأمين ) كما أن هناك مشروع رواية قد بدأته ولم أنته منه بعد . و أعتقد أنني سأنتهي منه خلال هذا العام بالإضافة الى الكتابات النقدية التي أمارسها في الصحف ..

وحاليًا أعد برامج التلفزيون في سوريا أي في وظيفة معد ..

لماذا يتجه كتاب القصة والرواية إلى التلفزيون .. هل تطور طبيعي لعملية الإبداع .

- هناك مسألة هامة جدًا . ألا وهي مسألة التوصيل . وتقديري أن التلفزيون هو الوسيلة الإعلامية الرئيسية بالنسبة لتوصيل أي عمل أدبي أو فكري للجمهور . و أستطيع أن أقول أن لغة الصورة صارت هي المسيطرة على وجدان الناس وطبيعي أن لغة القراءة فقدت الكثير من حرارتها ومن تأثيرها.

 لماذا ؟

- هذا يرجع إلى رخص الكلام .. الكلام صار كثيرًا من كافة الأطراف يبدأ من الكلمة السياسية حتى الكلام العام الدارج وبالتالي الكلمة فقدت تأثيرها وعمقها وقوتها على الناس.. هذا هو السبب الرئيسي في رأيي لاتجاه الكُتاب للتلفزيون..

كيف تتم عملية توجيه وترشيد المشاهد ؟

- المسألة خارج أيدي الكُتاب . المسألة في يد المحطات بل ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالمحطات والكاتب غالبًا ما يشوه عمله وهو ليس مسئولًا عن أي توجيه يقدم . المسئول فقط ادارة الإنتاج وبمعنى آخر .. ادارة التوزيع .. وهنا يبدأ السؤال الملح .. ماذا تختار ادارة الإنتاج العربية ؟ أحيانًا تلجأ إلى أسماء كبيرة ولها مبرراتها التجارية و أحيانًا تلجأ إلى أسماء المصلحة و أقصد بها الكتاب الوسطيين الذين يكتبون بما يرضي دوائر الإنتاج .. تقديري بنفس المنظور .. وهدف كل المحطات هو إمتاع  المشاهد . وحتى لا نظلم كل المحطات وكل دوائر الإنتاج نقول أن هناك أعمالًا جادة وهادفة قدمت ولكنها قليلة ولا تشجعها دوائر الإنتاج .

و الأعمال الجادة غالبًا ما تواجه بالمقاطعة بعد عرض حلقتين أو ثلاث ..

 إذًا ماذا يفعل الكاتب ؟

- الكاتب عندما يتعامل مع التلفزيون يعيش بين المطرقة والسندان وغالبًا لا يصمد . لا بد و أن يتكيف نتيجة الطرق والذي لا يريد أن يتكيف يبتعد قليلًا أو في الوقت الحالي على الأقل .

 

 

 

 

 

 

 

13/3/1982

الفنان سعيد النعمى

نتمنى أن نكون عند حسن ظن المستمع

الأعمال الدرامية المشتركة خطوة جيدة

عدم الإستغراق في اللهجة المحلية

يساعد على انتشار الدراما الخليجية عربيًا

سعيد النعيمي فنان الكوميديا الأول في دولة الإمارات .

في حديث صريح مع الصفحة الفنية يقول :

- كانت صدفة أن أدخل مجال الفن ، وكانت الهواية في أحد الأندية بدولة الإمارات وبعدها أنشئت الإذاعة والتلفزيون ومن باب الصدفة أيضًا التحقت بالتلفزيون .. ومن خلال هذا الجهاز استطعت أن أُنمي موهبتي .

 كيف تقيم الحركة المسرحية في دولة الإمارات ؟

- الحركة المسرحية ما زالت في بدايتها .

ووزارة الإعلام لا تقصر في دعم هذا الكيان الحي .. ووزعت المخرجين من قبلها على جميع المسارح لإخراج المسرحيات وتوجيه المخرجين المحليين في النوادي .

 كيف تصل الدراما التلفزيونية

الخليجية إلى العالم العربي ؟

- نحن الآن نتجه إلى عدم الاستغراق في الألفاظ واللهجات المحلية وحتى نستطيع أن نخلق هذا الجسر نبحث عن الكلمة المرادفة القريبة للفصحى . هناك سهرات تعرض في تونس وليبيا والمغرب من الخليج و أصبح الناس يفهمون اللهجة المحلية .

 ما هي أقرب لهجة غير اللهجة المصرية .

- هناك مسلسلات كثيرة وسهرات متنوعة قدمتها و اشتركت في حوالي 20 حلقة من برنامج رسالة وعملت سهرة مع الإخوة الكويتيين " حريم أبو هلال " وهناك مسلسل من تأليفي " يطول العمر واشبع طماشة " وعملت فيلم اسمه عرس في البادية من تأليفي و إخراجي .. واشتركت به في مهرجان سينما القاهرة و أخذت جائزة .

 نشاطك في المسرح ؟

- قدمت 4 مسرحيات .

ساعات الإنتاج زادت بسبب زيادة ساعات البث . كيف سنتحكم في النوعية والجودة ؟

- في الأول اتبعنا طريقة بث كل شيء .. كنا مجبرين نقدم أي شيء على الشاشة .. بعد ذلك بدأنا نختار النوعية الجيدة والممتازة حتى المقبول لانقبله ، حتى لو أعدنا عملًا ممتازًا أكثر من مرة .

 هل الإنتاج المشترك أكثر جدوى من الإنتاج المحلي ؟

- هذا التعاون جيد بشرط أن يكون العمل به عناصر النجاح حتى يشعر الناس بالترابط في العمل .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

4/1982

 حوار مع الدكتور عادل المصرى

الحركة بحاجة إلى حركة نقدية فى الفن التشكيلي

نحن بحاجة الى حركة نقدية فى الفن التشكيلي

لتحريك قضايا هذا الفن الكثيرة

كتب : السيد حافظ

د. عادل المصرى فنان تشكيلي معاصر .. سافر إلى إيطاليا للحصول على درجة الدكتوراه و أقام العديد من المعارض الفنية على كافة المستويات ( المحلية والعربية والعالمية ) ويعمل حاليًا كأستاذ لمادة تاريخ الفن فى المعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت .

كيف بدأت التجربة الفنية عندك وكيف ترى نفسك فى كل مرحلة ؟

- لا يستطيع الفنان أن يقيم المرحلة التى يمر بها و لا سابقاتها.

فهو يعيش عملية تداعي مستمرة ومتصلة يمارس من خلالها معايشة كاملة لكل لحظات الإبتكار ينسى فيها كل شىء حوله ويندمج قلبًا وعقلًا فى البحث عن لحظة انتصار ونشوة .. يتغلب فيها على حالة القلق التى تلازم صياغة العواطف والتخيلات إلى شكل فني .. ثم تعاود الفنان تفاعلات جديدة يسعى إلى السيطرة عليها وفى كل مرحلة تختلف الحالة وتستدعي منه إمكانية أدائية يسخر لها كل مهاراته ومن هنا تأتي ضرورة بحثه الدؤوب لإثراء وسائله التعبيرية حتى يمكنه أن يتمم ميلاد عمله الفني بسهولة ويسر . وكلما تعثر أعزي ذلك إلى نقص أو عجز في مفردات لغته التعبيرية مما يزيد من توتره . الأمر الذى يدفعه إلى البحث والتجريب من جديد وقد يلجأ إلى استخدام ذكائه في الخروج من الحيرة متناسيًا التزاوج الأساسي الذى يجب أن يتم بين عواطفه ووجدانياته وعقله .

و أنت ؟

- أنا فى تجاربي الطويلة منذ حوالى 30 عامًا ( ثلاثين عامًا ) كنت أحاول أن أنتصر على نفسي و أن أعيش تجاربي بكل أبعادها سعيًا وراء تحقيق الذات وبمنتهى الصدق وكنت في كل لحظة لقاء بينى وبين أعمالي والمتذوقين أتلقف الإنعكاسات المباشرة والتى عادة ما تكون شراراتها نابعة من داخلي لأمسك بخيوط المراحل التالية . وعليه فقد تجولت في العديد من بلاد العالم و أقمت المعارض فى كل مكان وعادة ما كنت أشعر بأنني أولد من جديد مع كل مرحلة ومعرض .. فأنا رحالة أبحث عن سر الخلق والوجود متلمسًا خطى كل ما جاء فى الكتب السماوية متتبعًا من سبقني في هذا المضمار و اجتهاداتهم سعيًا إلى التجديد و الإضافة فتنقلت من الواقعية الأكاديمية إلى التعبيرية الرمزية إلى البحث فيما وراء الطبيعة ومازالت أبحث في هذا المجال .

الرمز والغموض من سمات الفن المعاصر .. لماذا ؟

- إن قوة الإبتكار السحرية التى تسمو فيها روح الانسان نحو الحياة والتى تسعى لإيجاد الأُلفة بين المتنافرات عادة ما يصاحبها شىء من الغموض وخاصة إذا كانت عناصر هذه العلاقة متعددة متناثرة ومتغيرة بسرعة و اضطرار الأمر الذى يتصف به عصرنا عصر المادة و إن كنت أعتقد أن هذا الغموض سوف ينجلى مع مرور الزمن كلما كان العمل الفنى صادقًا ومعبرًا بأمانة عن عصره . والرمز ما هو إلا تعبير مُركز للعلاقة بين الإنسان وحقيقة الوجود ومنذ البداية الأولى فهو يمثل قدرة الفنان على اكتشاف الطبيعة من حوله وسيطرته عليها فالرموز ليست وسائط اتصال فقط ولكنها أصول تعبر عن تاريخ الإنسانية فى صراعها مع الحياة إلى ما لا نهاية فليس بإمكان الفنان انتزاعها من لا شىء لأنها ثابتة فى ضميره تعيش داخله.

ما هى الرؤية المستقبلية لحركة الفن التشكيلي فى الوطن العربي ؟

- وطننا العربي وما يدور فيه من صراعات متعددة ووقوعه فى دوامة محاولة اللحاق بباقي دول العالم المتحضر أدت إلى أن يختلط عليه الأمر فيما بين الحفاظ على شخصيته الفريدة ذات الصفات القومية والتى ترجع إلى ماضى عريق وبين أن يلبس رداء غيره مقلدًا معتقدًا إنه بذلك استطاع أن يلحق بركب التطور المعاصر والذى له سلبياته الروحية إلى جانب إيجابياته المادية وقد تردت الحركة التشكيلية في الوطن العربي و أصبحت تعاني من محاولة تخليص تجارب فنانيها من التأثير بأساليب الفن الحديث الغربية دون تروى وهذا لا يعني أن كل التجارب الفنية العربية تسير فى هذا الخط ولكنها الصورة العامة و إذا أدركنا ما تعانيه حركة الفن المعاصر من تدهور وتعدد أفقدها تميز الصفات و اندفاعها نحو الفردية المتطرفة حتى أصبحت أداة يحركها الفكر السياسى حسب متطلباته لأدركنا سبب تمزقها وعدم تمكنها من إضافة الجديد ولاكتشفنا أننا نجرى وراء سراب .

ولقد تكشف لي أثناء رحلتي من المعرفة فى الدول الغربية أن نُقاد الفن يتوقعون أن تتحول زعامة الحركة التشكيلية الفنية في المستقبل إلى بلاد الشرق . وهذا قد يشعرنا لأول وهلة بالإطمئنان ولكنه فى واقع الأمر يضعنا أمام مسئولية أكبر نحو أنفسنا فلابد من تواجد حركة نقدية على مستوى رفيع فمن المعروف أن الفنون عادة ما تزدهر بوجودها فى مناخ ثقافي وحضاري يرد إليها أنفاسا جديدة تدفع بها إلى الأمام .

ما انطباعك عن الحركة التشكيلية في الكويت ؟

- في الواقع إنني لم أتعرف بعد على كل التجارب التى قام بها الزملاء الفنانون الكويتيون وعليه لا يمكنني أن أعطي إنطباعًا دقيقًا عنها و إن كنت أدعو كل الزملاء للبحث عن وسيلة يلتقي بها الفنانون العرب المقيمون بدولة الكويت . حتى يتواجد الحوار الجاد الإيجابي لمناقشة كل ما يتعلق بتجاربهم والمعوقات التى تواجههم فيما بينهم وليعمقوا من رسالتهم نحو المستقبل .

 


 

16/5/1982

فنون مسرحية

د. حسن خليل المخرج يستطيع بوعيه

أن يوظف الاستعراض ضمن عمل درامي مميز !!

الدكتور حسن خليل له تجربة حافلة بالعطاء للمسرح الغنائي والاستعراض عمل في المسرح منذ عام 1958 تحت قيادة الفنان زكي طليمات . وشارك حسن خليل في أوبريت العشرة الطبية ويوم القيامة هذه الأعمال التي أخرجها زكي طليمات .

وأسال حسن خليل عن مشواره الفني فيجيبني قائلًا :

إنضممت إلى الفرقة القومية الشعبية 1960 و أصبحت أحد المؤسسين و أخرجت للفرقة القومية للفنون الشعبية كثيرًا من الرقصات الشعبية التي حققت نجاحًا كبيرًا .

كما أنني ساهمت في إنشاء أكثر من عشر فرق للفنون الشعبية في مصر أهمها فرقة البحيرة . للفنون الشعبية والتي حضرت إلى الكويت عام 1968 وزارت بلادًا كثيرة  وحققت في المهرجانات العالمية جوائز كبيرة .

كما أنني أخرجت أكثر من 35 مسرحية درامية أهمها آه ياليل ياقمر –  بلدتنا – بلدي يا بلدي – معروف الإسكافي – البرجوازي النبيل – راشحون – الضفادع – الزير سالم.

ساهمت في تصميم استعراضات أكثر من 30 فيلما سينمائيًا . أهمها فيلم صغيرة على الحب – سيد درويش – معسكر البنات وحوالي 40 فيلمًا تلفزيونيًا أخرها " مبروك جالك ولد بطولة نيللي .

لماذا لا يستفيد المخرجون من الاستعراضات في أعمالهم  الدرامية ؟

الأعمال الدرامية ليست كلها تسمح لعمل استعراضات فيها ولكن هناك بعض المسرحيات الدرامية تسمح من خلال الأحداث الدرامية أن يعمل بها استعراضات أو تعبير حركي أو تشكيلات درامية معبرة .

فمثلًا نجد أن سعد أردش حينما أخرج مسرحية البرجوازي النبيل كان التسلسل الدرامي للكاتب موليير يسمح للمخرج أن يضيف إحدى الوسائل التعبيرية لخدمة النص وجو الاستعراض وفي مسرحية أخرى مثل نيام نيام للفنان فؤاد الشطي بالكويت نرى هنا الاستعراض صعب تحقيقه في إخراج هذا النص الذي من تأليف حمد الرجيب سمح بعمل التشكيلات الدرامية المعبرة في صورة لوحات درامية وهكذا نجد أن الصنف الدرامي للمسرحية والشكل العام للإخراج هو الذي يفرض شكلًا في تفسير العمل .

فإن كان المخرج واعيًا فإنه يختار اللحظة المناسبة لتقديم العمل لماذا لا يتجه المخرجون إلى إخراج الأعمال الكبرى لشكسبير في شكل استعراض .

أقصد دراما موسيقية باليه مثلًا في وطننا   العربي ؟

- لقد قدمت روائع شكسبير الدرامية بشكل البالية ومنها هاملت وقد استطاع مصممو الراقصات ومخرجو الباليه أن يحققوا نجاحًا عظيمًا بإخراجهم هاملت للباليه .

وهناك عدة محاولات أخرى فقدمت أعمال شكسبير بشكل عصري مثل روميو وجوليت التي أعيدت في فيلم سينمائي استعراضي عظيم كان بداية لأسلوب وتكنيك جديد في فن العمل الاستعراضي وهو فيلم " قصة الحي الغربي " بلا شك أن مثل هذه الأعمال العظيمة للغاية وتجارب وصلت أهدافها الاستعراضية والدرامية بشكل لا يختلف عليه اتفاق ولذلك فإننا دائمًا نقول أن وليام شكسبير ليس كاتبًا من عصر النهضة فقط ولكنه كاتبًا لكل العصور .

 

 

 

 

 

 

19/12/1982

في لقاء مع الكاتب فؤاد حجازي ..

 

يوسف إدريس أنتهى ككاتب صاحب قضية

الكاتب لابد و أن يكون له رؤية جادة ..

 القاهرة مع السيد حافظ ..

احد الأسماء الأدبية الجادة .. الحادة . في الساحة الثقافية شارك في الساحة الأدبية ..

حمل المشاعل للأجيال القادمة بإصدار .. دار للطباعة والنشر فقيرة في شكلها ثرية في تقديمها المواهب الأدبية الجادة .

فؤاد حجازي

شهادة يعتز بها ..

20 كتابا بين الرواية والقصة والمسرح وثيقة جيل من   الأجيال ..

وقد شارك بالمعارك في بورسعيد واليمن وضد إسرائيل في   1967..

واسر في داخل الأرض المحتلة لعدة اشهر ..

وخرج ليكون في الساحة ..

شكلا من اشكال الفن ..

أعود فأسأله :

فؤاد حجازي عاش تجربة بين القصة القصيرة والمسرح والرواية فأيهما الأسبق ولماذا التنقل بين أسبق .. وقد كان هذا طبيعيًا .. فلقد بدأت محاولاتي الأولى في عام 1956 والبلاد حبلى بالمعارك على المستوى الاقتصادي إرهاصات كثيرة بعد طرد الملك في عام 1952 ومحاولة اللحاق بالعصر – لم يقدر لها أن تتم – وعدوان إمبريالي إسرائيلي . ومطلوب من الإنسان المصري أن يواجه كل ذلك . و أنا موظف بسيط أحلم بغد مشرق . و أخطو بخطوات غضة على أعتاب الجامعة لم يقدر لي أن أستمر و أعيش في عائلة بسيطة واقرأ جوركي . ونجيب محفوظ و أحس برغبة في التعبير عن بيئتي القصيرة .. و أحس برغبة في التعبير عما يجيش في صدور البسطاء  وكانت القصة القصيرة ونقلها لم يشتد عودها بعد .. واقرأ كتاب المطلع السوفييتي يرميلوث عن قصص وحدة قائمة بذاتها – تقول كل شئ – كأنها رواية كاملة – أي أنها عمل فني مستقل – تعطي بذاتها وليست شيئًا مسليًا أو شيئًا قصيرًا لتمضية أوقات الفراغ .

لعلك تعجب لو علمت أني كنت وقتها أحب قراءة الروايات الطويلة ولا أكتب القصة القصيرة ثم جاءت إحساسات وجدت أن الأصلح لها هو الرواية . أي أن الرواية فرضت نفسها عليَّ .

ووجدتني أخذ راحتي فالقصة التي تعني بالتكثيف أو بوهج  الاكتشاف . لا تسمح لك أحيانًا بالتعبير عن قطاع كامل من الحياة . أما المسرح فقد كانت محاولتي فيه إبان الإزدهار في الستينات ولاقيت نجاحًا لا بأس به في قصور الثقافة في الريف ولك أن تتصور مسرحًا ينصب في جرن ويأتيه الفلاحون من كل صوب ويحددون هم موعد رفع الستار وعندما تعجبهم فقرة تمثيلية يطلبون إعادتها وكنا نستجيب لهم . ويمتد العرض حتى بعد منتصف الليل ..

جمهور غفير لا يحلم به أي مسرح في القاهرة وحماس حقيقي . وكلماتك تدخل قلوبهم وتظل معهم وقتًا طويلًا فلا يدري أحد و لا هم بالطبع متى سيرون المسرح مرة أخرى .

 بماذا تعلل انتشار المجلات الفقيرة في الطباعة في أنحاء مصر ؟

لعلك تقصد المجلات او الكراسات المطبوعة بالأوفست بعد  تصويرها .. في الحقيقة الديمقراطية تدين لتقدم التكنولوجيا في هذه الناحية .. كان التصوير من قبل يتم على ورق حساس .. وهو مكلف جدًا .. اما هذا الاختراع .. هذا المكن الرائع الذي يصور على ورق عادي .. و أحيانًا على ورق جرائد .. فقد ساهم في انتشار مطبوعات الفقراء .. وساهم في تخطي الرقابة .. كان أي كاتب لكي ينشر كتابه لابد أن يدفع به إلى الرقابة .. طبعًا محال أن يتقدم الأدب في وجود رقيب يقول هذا ممنوع وهذا محظور .. ولا يمكن أن تتقدم حرية التعبير .. ومعروف أن الرقيب محافظ بطبعه أو بالسلطة التي يمثلها .. فكيف يتقدم المجتمع و أنت تريد فضح سوءاته .. حتى يمكن تلافيها ..؟!

وكيف يمكن التعبير عما يختلج في نفس إنساننا العربي .. نحن نعرف أن كل ما يختلج في نفوسنا من المحظورات ..؟!

وكيف يمكن التعبير عن طموحاتنا نحن البسطاء .. وهي طموحات في رأي بعضهم جرائم على وشك أن ترتكب ؟!

أقول كانت المطبعة القديمة لا تساعد على سرعة الطباعة .. وكان من يتخطى الرقابة .. معرض لضبط مخطوطه في المطبعة .. التي تستغرق في طبع الكتاب عدة اشهر .. أما الاختراع المدهش .. فيمكنك من طبع كتابك في يوم واحد .. فأي رقيب يستطيع أن  يلحق بك ..؟!  و أي شرطي يتمكن من ملاحقتك ؟ّ او ملاحقة كتابك .. حتى يفعل ذلك .. يكون المطبوع بين أيدي القراء .. طبعًا لا تقل لي أن الرقابة ملغاة في مصر .. حقًا هي ملغاة رسميًا وعلى الورق .. ثم من الباب الخلفي يمر العسس على أصحاب المطابع ويمنعوهم من طبع أي ورقة إلا بعد أن تمر عليهم .. ولكن هذا الاختراع المدهش ساعد أيضًا أصحاب المطابع على التمرد على سلطة العسس .. فهو يطبع لك بسرعة . ويحملك المطبوع ويقول لك بسرعة ، ويحملك المطبوع ويقول لك : لا أعرفك ؟

بالطبع كان لهذا تأثيره في سرعة انتشار هذه المجلات والكراسات .. الأديب ينشد الحرية .. ها هو العلم يهديها له .. فاغتنمها .. من جهة أخرى .. الجهات الرسمية التي تسيطر على منافذ النشر في الصحف والمجلات ، وتخنق أي أمل أمام الشباب ، جعلهم يجدون ضالتهم في مثل هذه الكراسات .. ولقد بدأنا نحن هذه المسألة فأول مخطوط مطبوع بهذه الطريقة في مصر هو كتابي " سجناء لكل العصور " .. وقد دفعت الثمن السجن بضعة ايام والخروج بكفالة ولم يصدق  الناس .. وبعدها التقط الأدباء انفاسهم وتوالت المطبوعات .. ومن الطريف أنك قد تقرأ لصاحب كراسة هنا أو هناك أنه أول من إبتكر هذه الطريقة في الطباعة .

 جيل أخر الطموحات الأدبية صيحة يوسف ادريس .. ما تعليقك على هذا ..؟!

 يوسف إدريس انتهى ككاتب صاحب قضية منذ زمن بعيد .. ولما كان لا يستطيع أن يعيش إلا كنجم ، فهو بين حين و آخر ، يفرقع قضية ما لجذب الانتباه ، ولكي يشعر بأنه مازال نجمًا يسطع في ساحة . و أخر هذه الصيحات هو أنه أخر الطموحات الأدبية ، كأن الدنيا أجدبت من بعده ، وسوف توجد طموحات من بعدنا نحن أيضًا .. فهذه سنة الحياة والتطور .. وبالتأكيد فقد حدث تجاوز ليوسف إدريس ككاتب .. ونظرة واحدة لعشرات الأعمال القصصية من الأجيال التالية تثبت ما أقول .. و إذا كان هو قد فاز بنقاد كبار تشيعوا له .. فالزمن لم ينته بعد .. وسوف يفرز نقادًا يتشيعون لمن تخطوه .. ولمن أضافوا ولمن سيضيفون لبنات من بعده .. إنها لعبة الزمن .. والزمن لا يرحم .. والزمن لا يغربل .. ومن أدراك أن مكانة يوسف إدريس ستظل كما هي بعد عشرين عامًا مثلًا ..؟

الجيد والآصيل والصادق والمعبر عن طموحات الناس سيبقى ..

 


 

6 / 2 / 1983

جلسة ثقافية مع المؤلف المخرج تيمور سري

السيناريو عنده هو العمود الفقري للعمل الدرامي عموما

تيمور سري

○ اسم جديد له خبرته الطويلة في عالم الإخراج والتمثيل .

- العمر33 عاما .

○ أخرج ثلاثة أفلام قصيرة هي: هدوء.. الملاك الأسود، دون إبداء الأسباب .

○ أول دفعته في معهد السينما قسم إخراج عام 1976 بدرجة إمتياز .

- أخرج أوبريتين غنائيين هما المرجيحة – والمولد في تليفزيون  القاهرة .

○ حائز على جائزة أحسن مخرج في مهرجان جمعية الفيلم بالقاهرة عام 1979 بفيلم "هدوء" .

○ حائز على جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة للافلام الروائية القصيرة عن فيلم (رغيف الخبز اليابس) قصة زكريا تامر و إخراج هشام المالح .

○ عمل مخرجًا منفذًا لخشبة مسرح فرقة ثلاثي أضواء المسرح لمدة عشر سنوات .

○ عمل في استوديوهات اليونان ولندن وعجمان ودبي .

○ مساعد مخرج لعدد من المسلسلات التليفزيونية الكبيرة .

○ إلا الدمعة الحزينة لحسام الدين مصطفى .

- ثم تشرق الشمس لعادل صادق .

- ضيوف مزعجين جدًا فتحي عبد الستار .

- وراها والزمن طويل لحسام الدين مصطفى .

كما ساهم في عدة أفلام كمخرج مساعد .

- فيلم الأقمر وفيلم السراب .

سألته :

○ سمعت أنك اتجهت إلى التأليف مؤخرًا .. لماذا ؟

- الكتابة للتليفزيون مرحلة مؤقتة تكاليفها اقل . لكن لها تأثيرها بالنسبة لي وتتيح لي فرصة خلق عمل فني على الورق .. إنني أؤمن أن السيناريو الجيد + مخرج متوسط = عمل جيد .. أما سيناريو ضعيف + مخرج قوي = عمل ضعيف .. والحقيقة لم أجد فرصة للإخراج !! فلقد أصبح الإنتاج المزاجي هو الغالب .

والسيناريو عملية خلق على الورق بالنسبة لي .. ولهذا اتجهت للتأليف بحثًا عن المنتج الجيد.

○ ما هي الأعمال التي قمت بتأليفها مؤخرًا ؟

- مسرحية ابن طرزان وهي تتناول استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .

- مسرحية انفجار عن فكرة غانم الصالح .

○ ثلاثية تليفزيونية تحت عنوان ألعاب عائلية .

○ مسلسل 15 حلقة كوميدية.

○ ما هي مميزات العمل التليفزيوني الجيد في رأيك ؟

- السيناريو هو العمود الفقري للعمل التليفزيوني .

○ إذًا ما أسباب هبوط المسلسلات ؟

-هذا الكم الذي ينتج في دول الخليج خاصةً والمحطات العربية عامةً هدفه الأول والآخر .. الربح .. فالمكسب مضمون 100٪ ولا أستطيع القول أن الهبوط يشكل كل الأعمال فهناك أعمال مميزة وجيدة موجودة في الساحة ، إن السيناريو الجيد هو الذي يحمل العمل وكتاب التليفزيون المميزين قلة ونفس الشئ ينطبق على المسرح والسينما .

○ أين جيلك من السينمائيين الشبان ؟

- جيلي السينمائي مدحت السباعي ومحمد عبد العزيز .. الأول أخرج فيلم "وقيدت ضد مجهول" ومحمد عبد العزيز له عدة أفلام .. اليوم نحن في مشكلة..

لابد أن تكون منتجًا والمنتج يعتمد على الموزع والفيلم ينتظر دوره .. المخرج لابد و أن يكون منتجًا حتى يقتنص الفرصة .. جيلنا لم يحصل على فرصة .. لأن ظهور اثنين من المخرجين لا يعني الحصول على الفرصة الحقيقية ..

الجيل الذي سبقنا أخذ الفرصة أما الآن فتظهر في السوق أفلام غريبة وعجيبة وتوليفات تجارية وللأسف هذه الأفلام تعرض بسرعة في محطات الخليج قبل الدول العربية الأخرى .

 


 

24 / 5 / 1983

ثقافة

لقاء مع شاعر الشعب البسيط

زكي عمر ..

نحن نكتب الشعر

و عدوية السياسي يردد الشعارات

سألته ما اسمك ... ؟

فقال : ("لا داعي" لذكر الأسماء لا داعي للتشهير .. لنا أعداء) (لا داعي) تحاصرني من الجبهات فلترحل فورًا "لا داعي" للإبطاء . فبلاد الدنيا ، باتت منفى للشعراء و قبرًا للفقراء .

يناديه أهل القرية : الباشمهندس زكي

و تناديه أمه : الواد زكي

و يناديه المثقفون من أهل القاهرة : الشاعر ابن الريف

و في بطاقته الشخصية : زكي عمر ..

أعرفه صديق الكلمة المضيئة الموقف الواضح و نبض الشعب

هذا هو الولد زكي عمر

شاعر الشعب البسيط في مصر ..

○ كيف بدأت مشوارك مع الشعر العامي ؟

-  نهارًا في "الغيط" الحقل ، حيث أغنيات العمل المأجور ، و مواويل البسطاء .. على "المصطبة" مساء ، حيث "حواديت" أمنا الغولة ، و الشاطر حسن ، و أبو رجل مسلوخة و حكايات أمي قبل النوم ، و .. كان يا ما كان ، كان فيه جدع فلاح اسمه زكي ، عنده جلابية زرقاء ، يحيرها و يديرها .. و نجيبها من أولها . كان فيه جدع فلاح .. و هكذا حتى أنام !

و المقصود هنا أن ذلك الجدع الفلاح لا يملك إلا جلبابًا أزرق اللون "يحيره" يقلبه اذا اكلت الشمس لونه أثر انحنائه – عملًا- طول النهار "ويديره" يجعل ظاهره باطنه حتى يصبح الجلباب لونًا واحدًا ، هو اللون الباهت .

لذلك .. كان لابد أن يصرخ ذلك "الجدع الفلاح" ذات صباح أو ذات مساء و يقول : آه و إذن لم يكن غريبًا أو مستغربًا ، أن تخرج تلك "الآه" شعرًا ، أو شيئًا يسمونه شعرًا !

○  كيف اتجهت للمسرح ، و ما هي نتائج تجربتك الإبداعية  معه ؟

-   أيضًا فوق المصطبة و حولها ، حيث كنا – صغارًا – نقوم بتشخيص حواديت المساء ، و طبعًا كانت صياغتنا للحوار عفوية و تلقائية كل حسب قدرته على التخيل ، و قدرته على إضحاك أو إبكاء أو تخويف الآخرين من أطفال الحارة .. كانت البيوت بأبوابها و جدرانها و شبابيكها و أسطحها هي الديكور ، و ضوء القمر و ظلاله هي الاضاءة المسرحية و المصطبة و ما حولها من شوارع و حارات و أزقة هي الخشبة .

من المسرح المفتوح / المصطبة في القرية الى المسرح المغلق في المدينة انتقلت راكبا قطار الكتب المدرسية و المنزلية .. من كفر الاعجر "القرية" الى المنصورة "المدينة" و في قلبها في المسرح .

هل تندهش اذا قلت لك ان "البروفات" التدريبات المسرحية كانت و ما زالت تشدني اكثر من العروض ؟ .. أنا أحب حد العشق مرحلة الولادة ، و في الناس و الأشياء .

ما كان يشدني في تلك الفترة المبكرة ، هو الحوار المسرحي ، النص .. و شيئًا فشيئًا أصبح لي وجهة نظر فيما أسمعه و أراه و أقرأه ، فيما أعيشه .. الفكرة .. المعالجة .. الموقف .. الفن .. المنطق ..

الإيهام بأن ما يقال على الخشبة ليس من تأليفك ، و إنما هو كلام الشخوص التي تحياها، كيف ؟ في القرية كنا – العيال – نكتب نصوصنا المسرحية و نمثلها و نخرجها .. و نشاهدها أيضًا بشكل جماعي ، أما هنا فالأمر يختلف .

في البداية أعددت مسرحية لمسرح العرائس ، اسمها "الفانوس" عن قصة قصيرة لعبد الله الطوخي .. لكنها ضاعت من مكتب المدير صلاح السقا(!!) والمشكلة أني لم أحتفظ بنسخة منها ، ثم كتبت أغاني لمسرحية "المشخصاتيه" لعبد الله الطوخي و إخراج عبد الرحيم الزرقاني عام 71 .. خرجت من السجن عام 73 ، و قامت حرب أكتوبر ، فأعددت عرضًا مسرحيًا غنائيًا من أشعاري . استمر العرض أربعة أشهر متتالية على خشبة مسرح الجمهورية من إخراج عبد الغفار عوده تحت اسم "مدد .. مدد .. شدي حيلك يا بلد" .. أثناء ذلك و بعد رفع الستار عن "مدد" بأسبوع واحد كان مسرح المنصورة القومي ، يعرض لي عملًا آخر بعنوان "الشرارة" من إخراج محمود حافظ .. ما لبث أن انتقلنا به إلى القاهرة ليعرض بجوار زميله مدد على خشبة مسرح العرائس ثم إلى الاسكندرية .. و باقي المحافظات .. (كانت ايام) .

فجأة استيقظت ذات صباح لأجد نفسي و قد أصبحت نجمًا .. رجال أعمال القطاع الخاص يطلبونني ، "مش ممكن" .. بصراحة خفت ، و تصورت أن هناك مؤامرة ضدي و أن هناك من يعمل على أن أنسى عنواني ، مثلما فعلوا مع آخرين قبلي .

قلت لنفسي : إذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لا يتبناني الذين أحبهم ، و الذين أرفع معهم شعار الفن للحياة أو الفن للجماهير ، لم أعد أذكر .. أنك تضغط بيدك الآن على "الدمل" الذي في قلبي و على المسمار في عقلي .. فارفع يدك قليلاً، أرجوك .

بعدها – باختصار – كتبت مسرحية "طلوع الفجر" و أعتقد أن العنوان له دلالته .. و فازت بالمرتبة الأولى بين مسرح المحافظات عام 77 حيث تقدمت بها للمسابقة بمحافظة مرسى مطروح .

هل أحكي لك عن ( حكاية عبد الفتاح الجندي و الولد زكي )؟ .. لقد كتبتها خلال عامي 69 و 70 ، و أنا لا أعرف هل هي رواية شعرية ، أو مسرحية ام رواية ..

لقد كتبتها و خلاص . و ها أنا – أخيرًا – قد وجدت من يتبناها في اليمن الديمقراطي ، و ها هي الآن مطبوعة بين يديك . إنها – في رأيي – أهم أعمالي على الإطلاق. هل هذا إرهاب من جهتي ؟!

* كيف ترى جيلك من شعراء العامية في مصر ؟

-  لم أعد أراهم منذ غادرتهم بظهري ، مضطرًا .. أحيانًا تأتيني أصواتهم من بعيد ، أفرح.. لكني أخذ على بعضهم أنهم يكتبون العامية و يفكرون "بالخاصية" و .. أن أحدًا منهم لم يطرق باب الكتابة للمسرح بعد ، مع أن المسرح هو مستقبلنا ، امتدادنا ، عمقنا الاستراتيجي ، بالتعبير العسكري.

* هل للفنان دور – الآن – في مرحلة عدوية المطرب وعدوية الشاعر وعدوية السياسي ؟

-  إسمع .. عندما قررت الهجرة او عندما دفعت دفعًا لتعاطيها كانت هربًا في الأساس من عدوية إنه أفَّاقْ بحيث يرفع شعار الجماهير بينما يحارب شعراءهم ، إنه يضرب شعراء الطبقة العاملة و يتبنى المسخ .. إنه بليد ، و مغرور و مدع بحيث يجعل منشوره أولًا و القصيدة أخيرًا ، أخيرًا ، و بالتالي فهو ممثل الجماهير الأوحد و المتحدث باسمها و يا ويل الجماهير إن هي تكلمت بلسانها .. باختصار إنه الطابور الخامس داخل الحركة الوطنية و يا ويله مني .

إن عدوية المطرب لم يأت من فراغ و كذلك عدوية الشاعر و باقي العدويات .. و لا شئ يأتي من فراغ حتى الفراغ ذاته .

*ما دور الأغنية في العمل السياسي ؟

- أنا افصل تعبير العمل الجماهيري عن تعبير العمل السياسي .. و من ثم لا أحبذ الصراخ في الفن بدعوى تحريض الجماهير و أمقت الذين يغنون المنشور السياسي و ينشدون الشعار المرحلي هذا رأيي "واللي يزعل يشرب من البحر" .. و مثلما أنا ضد تخدير الجماهير – حد الاحتراق أبد الدهر – باسم تحميس الجماهير .. إن الهتاف في الفن مضر للغاية و عليه فأنا مع الأغنية الهامسة المقنعة التي تدعو الجماهير لأن تتأمل و تفكر ثم تتخذ قرارها بحرية و بلا دق فوق رأسها .. لست مع الأغنية التي تناضل نيابة عن الجماهير ، إن الأغنية التي أريدها هي الأغنية التي تناضل الجماهير دفاعًا عنها .. و أبدًا ليست هي التي ترضي غرور عدوية السياسي و لا هي التي تغطي مؤخرته .

*لماذا تحول الكثير من شعراء العامية المصرية إلى الأغنية الخفيفة تاركين الأغنية / الشعب خلف سياج الماضي بدءً من صلاح جاهين حتى سيد حجاب؟

- عفوًا و معذرة .. إن سيد حجاب لم يكتب شيئًا رخيصًا او مبتذلا و كذلك الابنودي و مجدي نجيب و عبد الرحيم منصور ، مثلًا .. دعك من السلوك الشخصي للبعض منا ، فيكفي أنهم لا يكتبون من خارج قناعاتهم ، و الكاتب ما يكتبه .. لقد لجأ بعضنا إلى شاطئ الأغنية الخفيفة بحثًا عن الأمان بين أحضانها .. و مثلًا هل (الباقي هوه الشعب) لسيد حجاب أغنية خفيفة ؟ .. و على فكرة انا لا أدين صلاح جاهين / الأب .. و إنما أدين و أتهم ما أسميته أنت ب "عدوية السياسي" أنه هو الذي يحاصرنا و يدفعنا للبحث عن "قشة" وسط المحيط فإذا ما وجدناها بعيدًا عنه راح يشخبط \ بفرشاة ألوانه على وجوهنا .

و أرجوك لا تنسى أن عدوية السياسي هو قاتل نجيب سرور و أحمد عبيدة .. و هو الذي أسكن فؤاد حداد / الجد " مقابر الخفير " مؤخرًا .

و أطمئنك فأنا و آخرون لم نعد نخشى ذلك " العدوية " .. بعد أن اكتشفنا – بالصدفة – أننا نكتب الشعر بينما هو يردد   الشعارات !!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1 / 7 / 1982

في لقاء مع الأديب القاص محمد روميش

يوسف إدريس على خطأ في مقولة الأجيال و الطموح

سيحتفظ الكتاب الأدبي بقيمته بالرغم من وجود الوسائل الأخرى

كنت في أدبي اختار موقفي الاجتماعي

يجب أن لا نخلط بين المعلم و الفنان

يأتي محمد روميش من القرية المصرية بزورق الإبداع النيلي و اختار أن يكون طريقه هو الفن .. و سأل نفسه أسئلة محددة الفن لمن؟ ومن أجل أي شئ؟ ومن شعور الاغتراب في العاصمة الكبيرة في القاهرة هذا الشعور الذي ينشأ كرد فعل ضد السلطة . و حيث المدينة المتسعة و حيث عدم "المساواة". و بدأ محمد روميش حواره في مجالس المثقفين و المبدعين حيث كانت تناقش أمور تهمهم و حيث كانوا يبحثون في أمور الفن المختلفة . أدرك محمد روميش أن القصة القصيرة هي مجاله و هي التي تفجر ينابيع و أسرار الفن لأضواء قضيته .

محمد روميش من جيل الستينات قصاص مبدع القصة الاجتماعية و الهم الاجتماعي أرضية ثابتة لديه .

و هذا ما تدل عليه مجموعته القصصية "الليل الرحم" يعطي القارئ سلسلة من المشاعر و الاتجاهات حول أية فاعلية من فعاليات الريف المصري و يؤثر فيه بطريقة سحرية و كأنه خبير بالهم الاجتماعي و يضئ عبر مسافة الحزن و الشجن . سألته : لماذا يتوقف البعض عن الإبداع فجأة دون مبرر . هل هو فقدان التوازن بين المبدع و المجتمع .. أم ماذا ؟

أجاب :

○ المهم لا الكاتب ينكسر تحت أي ظرف من الظروف . الفنان داخل الكاتب يجب أن يبقى .. نحن نفتقد إلى الاتزان نحن ننكسر في الداخل و هذا هو الفرق بيننا و بين الفنان في الخارج و القضية بالأساس مشكلة المناخ .. مناخ سياسي و مناخ عام .. هناك مناخ سياسي يفجر طاقة الإنسان حتى لو كان مهندسًا . طبيبًا .. و هناك مناخ يتيح للإبداع أن يتفجر .. وهناك مناخ يحيط هذه الطاقات و هذا يفسر الهجرة .. هناك مناخ يفجر طاقة الإنسان المبدعة و هناك مناخ يحيط هذه الطاقة .. و القانون هذا ينطبق على أصحاب المهنة حتى الفلاح و الضابط و المهندس .. الكاتب هو أكثر الناس حساسية و هناك استثناءات و برغم الظلم الاجتماعي في روسيا القيصرية وجدنا مجموعة من الكتاب العظام رغم الجو المحيط في روسيا قبل الثورة . إذا وجد فقر فقط بجوار العدالة و روح عامة تتيح للإنسان أن يعبر عن نفسه و يمارس مهنته بلا خوف فإنه يصنع شيئًا .. و من هنا تكون المسألة هامة .. و هذا لا يعني أن على الكُتاب أن يتخلوا عن دورهم الكفاحي .

○ كيف يستطيع الكاتب أن يعبر عن هموم مجتمعه و 80 % من الشعب يعاني من الأمية ؟

-  لا أريد أن يحصل تداخل بين وظيفة محو الامية و وظيفة الابداع الفني قضية محو الاميةلها اجهزتها و الكاتب لا يتخلى عن دوره الإبداعي .. روسيا قبل الثورة قدمت تشيكوف و جوجول و جوركي و لا الخلط بين الاثنين و هذا يذكرني بما قاله الأستاذ شكري عياد حين طالب بأدب تعليمي و هذه مشكلة أخرى يتحول الكاتب إلى معلم أم إلي فنان ..

○ في مجموعة الليل الرحم .. لجأت إلى التعبير عن الريف المصري وواقعه ما مدى الاستشراف المستقبلي لهذا الريف و ظروفه الاقتصادية و الاجتماعية؟

-  الاستشراف المستقبلي ينتزع من عرض الواقع لما فيه من مثالب تبدي مرضًا دوننقص .. ففي قصة الليل الرحم مثلًا .. الاستشراف غير مقصود ولكننا في البيئة خلل يعوق الحياة و تستكمل عناصر نموها واستقرارها وبقائها .. و من الاستشفاف يمكن للناقد أو القارئ أن يضع يده على مكامن الداء .. و هذا واضح في قصص المجموعة هناك قوتان تتصارعان بشكل غير تعليمي عبر الفن    و عبر الأدب وعبر وسائل التعليم نفسه لا أقول للقارئ هناك سوء توزيع .. أو خلل ولكن عبر التيار الفني الصادق – يتشكل وعي القارئ أمام الشكل الفني فيكتشف الحقيقة .

○ شخصية ست أبوها في قصة أفق النشيد الغربي « كانت تلك المرأة البسيطة التي تحب بصدق و ترتبط بالأرض بشكل غير مباشر .. هل هذا ما تقصده ؟

-  كنت في أدبي اختار موقفي الاجتماعي .. في المجتمع صراع ضاري سواء الصامت أو المتفجر و قد حددت موقفي من هذا الصراع ، مع من أقف و ضد من أقف ؟

أن نكتب أدبًا بكل المعايير الإنسانية هذا هو المطلوب .. على الأدب أن يكون له رسالة اجتماعية و هذا ما أخفق فيه كُتاب الخمسينيات كلطفي الخولي و محمد صدقي و فاروق منيب و كانوا يملكون النوايا الطيبة . و لا تكفي النوايا و الحب لخلق أدب .. الأدب له  قوانينه و له ديناميته الداخلية حتى يؤدي الأدب رسالته الاجتماعية التي يريد الكاتب أن يشربها و أن يعبر عنها عليه أن يكون صادقًا .. و الأديب شاهد على عصره .. لكنبصدق .. لأضرب لك مثلًا : يائييل ديان ابنة موشي ديان لها رواية اسمها "الغبار" تصف فلسطين قبل دخول اليهود إليها بأنها أرض خراب و هذا يناقض الواقع و الصدق الموضوعي و هنا لا أملك إلا الرفض لهذا النوع من الأدب رغم اكتمال عناصره .. الأديب أيضًا مطالب بنوع من التحسس لمشكلات مجتمعه.

○ قال الدكتور عبد القادر القط .. الناقد الذكي عليه أن ينقد الاعمال التليفزيونية لأنها أكثر تأثيرًا من الأعمال الأدبية الأخرى و يقول الأستاذ أبو المعاطي أبو النجا أن الأعمال التليفزيونية سوف ترتقي إلى مستوى الأعمال الأدبية ما رأيك في هذا ؟

-  الأدب وجد إلى جوار الاذاعة .. و السينما و المسرح و جاء التليفزيون و لكل من هذهالفنون حرفيتها و أعتقد أن الأدب سيبقى له دوره ..

أما الوسائل الحديثة من تليفزيون وسينما و إذاعة فهي ليست منافسة و يخيل إليَّ أن الكتاب الأدبي سيحتفظ بقوته لأنه الأكثر تأثيرًا و هذا لا يمنع من وجود ناقد تليفزيوني و ناقد سينمائي و الأدب نشأ نتيجة حاجة الإنسان له . فالأدب سيظل باقيًا و هذه الوسائل يمكن أن تتقبل الوظيفة التعليمية بينما الأدب وظيفته أبعد من مجرد تعليم .. الأدب وظيفته بناء إنسان واع بنفسه وواقعه وموقعه في الكون و هذا الهدف صعب أن يتناوله التليفزيون و السينما و المسرح .. مثلًا يمكن أن تقدم خلال التليفزيون عدة نصائح ..

الجريمة لا تفيد.

لا تتزوج أكثر من امرأة .

إتقي شر من أحسنت إليه الخ .

كلها مقولات تعليمية يعرضها التليفزيون و تنجح .

أما طريقة قول الأدب فهي غير ذلك.

○ يقول د. يوسف إدريس أن جيلنا هو آخر جيل الطموحات و لا يوجد بعدها شيئًا ؟

لماذا جيلهم آخر جيل الطموحات ؟ هناك خصائص إنسانية تقول بأنه لا يمكن لجيل أن يدفن الطموحات معه في القبر . إن الواقع يرفض هذا الكلام ، إذ أنه بعد يوسف إدريس جاء إبراهيم أصلان و له طموحاته و جاء يحيى الطاهر عبد الله و كانت له طموحاته و غيرها . و أعتقد أنها مقولة خاطئة و تتنافى مع المنطق ؟

○ فترة الستينات عرفت مدًا في مجال القصة ، فيما عرفت السبعينات فترة مراوجة .. لماذا ؟

-  ما عرف بجيل الستينات استخلص بشكل واع أو لا داع لتجربة الخمسينات التي قلنا عنها .. الكتاب يحملون النوايا الطيبة و أخطأوا في التعبير عن هذه النوايا جيل الستينات ملك الموقف الاجتماعي و قدم أدبًا مختلفًا من عبد الحكيم قاسم و محمد البساطي و يحيى الطاهر عبدالله و إبراهيم أصلان أما سبب التوقف فيخيل لي أن جيل الستينات تشكل على أن يكون ناقدًا للتجربة الناصرية و عندما تغير الخصم الذي كان أمام جيل الستينات فإنه تلبك و عشر سنين لم تكن كافية للتلاؤم مع النقيض الجديد ..

○ أدب النشرات غير الدورية منتشر في مصر.. فما هو تفسيرك لهذه الظاهرة؟

-  هي ظاهرة صحية يمكن أن تعطينا الكثير من المبدعين و الكتاب .

11 / 10 /1982

مقابلة مع الأديب محمد يوسف عقيد

الكلمة المكتوبة في حالة حصار

الكتابة للتليفزيون أصبحت مهنة مربحة كثيرًا

من قرية الضهرية في مصر هذه القرية التي تضم بين اخضرارها حكايات وأغاني و عبق التاريخ .. و تضم في حقولها الرجال الشرفاء و الإبداع الأصيل.

محمد يوسف العقيد

اسم فرض نفسه في عالم الرواية و القصة و استطاع أن يجسد أحلام قريته و تاريخها و يحيله إلى عالم الإبداع .

و استطاع أن يخترق جدران الصمت و يكون كاتبًا موجودًا حتى في الساحة العالمية . فقد ترجمت أعماله إلى عدة لغات .

كان الحديث بين الكاتب و بيننا بحضور بعض الأصدقاء المبدعين .. و كان السؤال الأول:

كيف كانت البداية و هل بدأت بالقصة القصيرة أم بالرواية ؟

بدأت الرحلة منذ عام 1969 برواية اسمها "الحداد" .. كنا مجموعة من الشبان نتآلف و نتوافق و أذكر منهم سمير ندا و جمال الغيطاني و مجيد طوبيا و إبراهيم فتحي و قررنا أن ننشر أعمالنا .. فنشرنا رواية الحداد ثم نشرنا مذكرات شاب من ألف عام لجمال الغيطاني ثم فوجئنا بتحركات أجهزة الأمن في ذاك الوقت حيث تصورت أن وراءنا جهة معينة تقوم بتمويلنا فاستجوبونا .. علمًا بأن المبلغ كله كان مائة و خمسون جنيهًا .. (150) و كان المفروض أن يكون العمل الثالث ديوان "مجدي نجيب" "صهل الشتاء" .. إلا أن أجهزة الأمن لم توافق على الاستمرار فتوقف المشروع .

إلا أننا لم نتوقف عن النشر فنشرت حوالي أحد عشر عملًا أدبيًا منها ثلاث مجموعات من القصص القصيرة و ثمان روايات ما بين قصة قصيرة و قصة قصيرة طويلة (نوفيلا) ..

ما رأيك في قضية النشر خارج مصر ؟

لقد نشرت بعض أعمالي خارج مصر .. في بيروت على سبيل المثال و بعضها نشرته في مصر على نفقتي الخاصة . مثل "الحداد" و يحدث "في مصر الآن" و هذه الرواية الأخيرة امتنعت دور النشر في مصر جميعها عن نشرها .

وكانت بداية اتجاه سياسي في الأعمال الأدبية و استمر بعد ذلك هذا الاتجاه . حيث لم يتناول الوضع السياسي الموجود في مصر بطريقة مباشرة .

متى ظهر هذا الاتجاه في أعمالك ؟ ..

بعد حرب 1973 و تأكد في سنة 1975 و تبلور داخليًا في اتجاه إبداء الرأي بالانفتاح الاقتصادي و الصلح مع "إسرائيل" خارجيًا و معاداة الخط العربي و الدول الاشتراكية و الاتجاه إلى "إسرائيل" و الدول الغربية ، و عارضت هذا الاتجاه حتى في ظل وجود الرئيس الراحل و عبرت عنه في أكثر من رواية و أكثر من عمل بشكل واضح و محدد ..

الرواية و الانقراض

فن كتابة الرواية .. سينقرض هل هذا صحيح ؟

ليست الرواية وحدها التي تعتبر في خطر .. إننا ندخل في عصر الإعلام .. عصر أجهزة الإعلام .. و الحصار التي تتعرض له الكلمة المكتوبة بشكل عام سواء كانت رواية أو قصة قصيرة أو دراسة أو ديوان شعر .. الكلمة المكتوبة في حالة حصار بشكل عام من أجهزة الإعلام سواء كانت سينما أو مسرح و الأخطر منهما هو التليفزيون ومن بعده الفيديو . هذه الأجهزة لا تطلب منك سوى أن تجلس مستريحًا و ترى الفيلم و لا تقوم بأي جهد ذهني .. حتى المسرحيات و الأفلام يتم تسجيلها على الفيديو و تصل إليك في منزلك و في غرفة نومك .. و للأسف معظم هذه الفنون تعتمد على الإثارة و السطحية و التفاهة .. لقد بدأت تسرق القارئ و تحوله إلى متعامل مباشر معها و قد جاء هذا في عصر الاستهلاك .. الحصول على قارئ من خارج دائرة المثقفين شئ غير طبيعي.. الكلمة في حالة حصار واختناق.. ولا أعرف كيف ستخرج منه؟!

الكل ينصرف عن القراءة و عن الكلمة المكتوبة .. بعض فنون الكلمة المكتوبة بدأت تخرج من الاختناق مثل الشعر و بدأت تسجل على أشرطة كاسيت أما بالنسبة للرواية و القصة و المقال فهي في حالة اختناق .

من الذي يساعد على هذا الاختناق ؟

ارتفاع ثمن الكتاب ثم اصطدام أجهزة الكلمة المكتوبة مع الأنظمة و هذا لا يحدث في التليفزيون لأن التليفزيون تابع للدولة و الدولة تستطيع أن تمنع أي مسلسل . الكلمة المكتوبة كلها معرضة للخطر و هو خطر حقيقي .

كتابة السيناريو

طرح الروائي أبو المعاطي أبو النجا رؤية جديدة تقول أن فن الكتابة في المستقبل سيكون له شكل آخر . هناك كاتب أول و كاتب ثاني و كاتب ثالث حتى تصل الرواية إلى إبداع مشترك فما هو رأيك في هذا ؟

إحسان عبد القدوس يكتب هذه الايام روايات يسميها الأدب السينمائي .. فتحي غانم يكتب رواية على شكل سيناريو .. ما يقوله أبو المعاطي ابو النجا يؤكد الخطر الموجود على الكلمة المكتوبة .

المفروض أن الكاتب يكتب عمله دون أن تكون عيناه على أجهزة الاعلام . ما يحدث الآن أن معظم الكتاب يكتبون .. عين على القارئ و عين على أجهزة الإعلام و معهم عذر .. نجيب محفوظ لم يعرفه أحد في مصر إلا من خلال أجهزة التليفزيون و السينما و كثير من المعجبين بشخصيات ثلاثية نجيب محفوظ شاهدوها في السينما . أنا لا أُمانع أن يوجد جيل من الكتاب يقدمون الروايات برؤية جديدة للتليفزيون أو السينما أو غير ذلك .. المهم أن العمل الأدبي يقدم أولًا كعمل أدبي يقف على قدميه . أما أن يقدم للتليفزيون كنص تليفزيوني .. فهذا خطير جدًا على الكلمة المكتوبة.

الأجيال

يقول الدكتور يوسف إدريس أن جيله هو أخر الأجيال للطموحات الأدبية و هذا يعني عدم ظهور أي كاتب جديد بعد جيل يوسف إدريس ، نفس المقولة طرحها د . حسين مؤنس في إحدى الصحف الكويتية بقوله انه لم يظهر أي عمل أدبي له قيمة بعد عام 1948 .. ما رأيك في هاتين المقولتين ؟

يوسف إدريس و حسين مؤنس يمثلان اتجاهين مختلفين – يجمع بينهما شئ مشترك هو أنهما معاديان للأجيال الجديدة التي ظهرت بعد ذلك لدرجة أن نجيب محفوظ و عبد الرحمن الشرقاوي و توفيق الحكيم – و يوسف إدريس يسموننا الأدباء الشبان رغم أن أغلبنا تعدى سن الأربعين من العمر و أغلبنا له أعمال أدبية تصل في عددها إلى أعمال يوسف إدريس و حسين مؤنس . الغرض من كلامهم هذا تثبيت مقولة الأدباء الشبان كي يعطوا الجيل السابق فرصة الاستمرار في الكتابة و العطاء بينما أزمة هذا الجيل الحقيقية أنه لا يستطيع أن يعطي أكثر مما أعطى .. حسين مؤنس أثناء رئاسته لتحرير مجلة الهلال هبط بتوزيعها من خمسين ألف نسخة إلى خمسين نسخة .. لم يقرأ هذا الرجل لي حرفًا واحدًا أذكر أن صنع الله ابراهيم طلب مقابلة حسين مؤنس فذهبت إليه أنا و صنع الله و أذكر أنه كان يسمع اسمي أنا و صنع الله ابراهيم لأول مرة .. فكيف يحكم علينا و هو لم يقرأ لنا ؟

أما يوسف إدريس فإننا منذ منتصف الستينات بدأنا نشعر أنه يأخذ موقفًا ضدنا .. لكن المفروض بحكم موقعه الفكري و السياسي . و بحكم حجم موهبته الأولى التي بدأ بها الكتابة أن يكون أقرب لنا و لكن لم يحدث هذا على الاطلاق و أخذ يعادي الأسماء التي تحمل الطموح و الموهبة و الإمكانيات و أنا أشك أنه قرأ لأي منا حرفًا واحدًا .

بماذا تعلل ظهور مجلات ركيكة في مصر لا تحمل الأسماء الجيدة بينما المجلات الفقيرة احتوت الكثير منها ؟

الكتاب هم افراز الحياة العادية اليومية في مصر . 

و هناك ثقافة رسمية و ثقافة غير رسمية . هناك أيضًا كتاب الحكومة و كتاب الشوارع و الحارات .

و توجد مجلات رسمية كثيرة مثل الثقافة – الشعر – المسرح  و هي مجلات غير مؤثرة . و لا تمثل تيارًا ثقافيًا على الإطلاق و لا يكتب فيها الكتاب المبدعون

و كان طبيعيًا أن يظهر كتاب بعيدون عن المنابر الرسمية و أن تكون لهم منابرهم الخاصة .

 كنا نتمنى أن تكون المنابر الرسمية مستوعبة لكل الاتجاهات و كل الطاقات رغم وجود الاختلافات السياسية و الفكرية و لكن الذي حدث غير ذلك .

مجلة الثقافة يرأس تحريرها عبد العزيز الدسوقي تصدر منذ سبع سنوات و توزع 4 نسخ في مدينة الإسكندرية التي يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة مثلًا .

و مجلة الشعر التي يرأس تحريرها د . عبده بدوي .

مجلة المسرح برئاسة سميحة أيوب و سمير سرحان

لم تقدم هذه المجلات للثقافة المصرية أو العربية اسما واحدًا نستطيع ان نقول انها أفرزته .

أخر مشاريعك الأدبية ؟

رواية من ثلاثة أجزاء بعنوان شكاوى المصري الفصيح .

 

 


 

18 / 12 / 1983

حكاية الفنان في جبل عمان

« الحلقة الثالثة »

في حوار مع القصاص الأردني إلياس فركوح

إنني أطالب بضرورة اكتشاف ما ليس موجودًا – الصمت أجدر من تكرار الآلاف الكلمات التي قيلت من قبل

إلياس فركوح . أحد فرسان القصة القصيرة في الوطن العربي .

 وقد أثارت مجموعته الأولى "الصفعة" حوارًا داخل الساحة الثقافية في الوطن العربي .

ثم أتت مجموعته الثانية "طيور عمان" لتؤكد تجربته المميزة في عالم القصة و عبر مسافات الإبداع و رحلة الكتابة الشاقة كان إلياس فركوح مميزًا في ساحة الأدب الأردني .

ونحن نلتقي به في حوار من جزءين إيمانًا منا بأن الحديث الأدبي شهادة تاريخية و ليس فرقعة إعلامية .

○ القصة القصيرة في مجموعتك الصفعة هي " شهادة على الواقع العربي بتياراته المختلفة " هل تعتقد أن القصة القصيرة في السبعينات هي "الإدانة" ؟!

- السبعينات في عمر جيلنا مرحلة تكثفت فيها و اختلطت علامات الخيبة و النكوص و الارتداد نحو الداخل . نحن جيل تربى و نشأ على شعارات قومية براقة مرفوعة من قبل رجال عظام مثل "عبد الناصر" آمنا بهم .. و رأيناهم نبراسًا هاديًا .. مثالًا على مرحلة إرهاص ستنتهي بإنجاز "الحلم" القومي . أو بتحسين الوضع العربي العام كحد أدنى .. وهذا قادنا

إلى إغفال جوانب عديدة أساسية ما كان للحلم أن يتحقق بدونها .. و أهمها: إشاعة القواعد الديمقراطية و روحها في شتى مناحي الحياة العربية .. استطاع رجال مثل عبد الناصر و تنظيمات سياسية قومية راسخة أن تشكل في زمن ما حاجزًا كأنه حجاب غيب عن وعينا ضرورة توفير الشرط الأساسي "الديمقراطي" .. كانت الديمقراطية كلمة مشاعة إلا أنها كانت مفرغة من محتواها في نفس الوقت ومن خلال هيمنة الرجل و الانتصارات الوطنية التي حققها و كثمن مقابل لها . قمنا بالتنازل عن الديمقراطية وما كنا لنعي أننا بذلك نفرط بتلك الانتصارات من جهة أخرى . و أننا نتنازل عن شروط الحياة الحلم .

ووقعت الهزيمة في عام 1967 .. و كانت الصفعة التي أدارت رؤوسنا و شقت في وعينا منفذُا جديدًا يؤدي إلى وجوب المراجعة .. مراجعة الذات أو مراجعة المرحلة .. وكانت الإدانة .. إدانة كل شئ . بداية من الفرد لذاته . وانتهاء بالوطن العربي بكل ظروفه الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية .

بدأت بالمراجعة ثم توالت الانعكاسات بالإدانة لكل شئ و بكل الأشكال و الوسائل التعبيرية و كسر طبقتها العلوية فبان التفسخ و التحلل كأحلى ما يكون . إذن و لأن الحال هو هذا الحال كان لزامًا على الأدب أن يعكس و بتعبيراته المختلفة روح تلك المرحلة .. أن يصور بصدق الخيبة . وكذلك أن يكرس شهادة الإدانة .

و للحق دعني أقل أن أدب السبعينات و أواخر الستينات استطاع و لأول مرة أن يشكل صوتًا ملازمًا لما يجيش في عمق الحياة العربية . وكذلك أن يعكس فيما يقول جوهر الحديث "الجواني" لغالبية الجماهير العربية إذن لم تكن الإدانة في القصة القصيرة في السبعينات إلا امتدادا صادقًا لمشاعر الادانة التي هيمنت على الشارع العربي من قبل السواد الأعظم للجماهير .

○ تجربتك القصصية مزدحمة بالعالم و الصور المزدحمة . هل هذا يعني أن القصاص لابد و أن يدخل القارئ في هذه العوالم الفكرية حتى يخرجه من جفاف عالمه الذي يحيط به ؟

- لابد و أن نتفق و منذ البداية على أن التجربة القصصية للكاتب ما هي إلا الانعكاس المتأني عن تجربته الحياتية . عن ممارسته للحياة في ايقاعها اليومي . في رتابتها الباردة . في تدفقها الحار .. إذ لا يمكن للكاتب إلا أن يكون جوابًا على علامات الأسئلة العديدة التي تفرزها حياته الخاصة و انسجام تلك الحياة في سيمفونية اللحن العام .. هكذا تكون الكتابة : جدلية العلاقة بين الفرد بكل ما يمثل من عوالم صغيرة و بين العالم بكل ما يرمز من أدوات قمع او اشراقات نجاة .. قد يكون الكاتب منا جزيرة وحيدة لها ساحلها و رملها و مناخها ، و لكن هذه الجزيرة ليست بمعزل عن ملايين الجزر الأخرى . إنها تتأثر لابد بشئ من التقلبات المحيطة بها . الهاجمة عليها.

تتأثر و تؤثر أي تتفاعل . ليس من كاتب معزول منعزل . هذه خرافة .. كذبة كبيرة . و لأنه مرتبط بالعالم . معرضٌ لسلبه و إيجابه إذن هو مدفوع إلى خلق بدائله و تشكيلها و إن كانت من الخيال ليس وهمًا .. إنه الحلم .. و لكنه الحلم المنبثق من أرض الواقع . الخارج من الطين ليكون بديلًا عن الطين . التفلت من الصخر كما الماء حين ينبجس منه .. لابد من الحفر في الصخر حتى تستخرج الماء منه و هكذا الحلم في الكتابة . لابد من الدق و الحفر في تفاصيل الواقع اليومي حتى نتمكن من تشكيل البديل العالم الآخر.

الرد على تفاصيل مفروضة بأخرى ينبغي أن تكون مفروضة فرضًا. من هنا و من خلال هذا المفهوم ، يحسن أن نتناول العوالم و التصورات المرسومة في الفن عمومًا . و في الكتابة خصوصًا بشتى أنواعها . روائية قصصية ، مسرحية ، شعرية .. الخ . ولأن هذا هو واقع الفن و الكتابة وواقع الفنان و الكاتب يمكننا الموافقة معًا على سؤالك نعم ينبغي على القاص أن يدخل القراء إلى عوالمه حتى يخرجه من جفاف العالم المحيط به . لا لشئ . إلا . لأن الكتابة رسالة . و الرسالة موقف . و الموقف ينبغي تسجيله وفق الشكل المتاح و الوسيلة الممكنة و لكي نضع حدا لجفاف العالم علينا أن نواصل التنقيب فيه . مثلما الصخر . أن نحفر و نحفر و نحفر حتى نجبر الماء على الاستجابة أن يستجيب للنداء للرسالة .. أن هذا يعني بكلام آخر . لكي نخرج من متاهة السراديب و عتمتها و عفونتها . علينا أن نعي أننا بداخلنا حقًا تلك هي الخطوة العملية الأولى . الوعي بالحقيقة . بعدها يبدأ الفعل يتشكل الرفض حسبما تتوزعه "الذوات" على أن لا تخرج عن السياق العام . و هل الفن و الكتابة ببعيدين عن هذا التصور .. أنا لا أعتقد .

○ في البداية كيف كنت ترى القصة القصيرة و الآن كيف تراها ؟

- دعني أجتهد فأقول أن القصة القصيرة كامنة في داخل كل إنسان قصصه العديدة الكثيرة ، المتنوعة و التي إن جمعتها معًا عبر السنين لوجدتها أنها تسربلت بذاك الجو .. انتهت تلك النهاية .

و الحكاية ضرورة حياتية في الإنسان كي يسجل المرء موقفه من الحياة و العالم لكي يخلف للذين سيجيئون بعده شهادته على ما جرى . تمامًا مثلما التاريخ . حتى لا يضيع على البشرية ما سجل فيها .

التاريخ يسجل العام و الكلي و القصة تدون الخاص و الشخص و الفارق بين الاثنين أن التاريخ معرض للتزوير و التشويه و قلب الحقائق بنسبة أو بأخرى . أما القصة فإنها التاريخ الحقيقي للحياة . لا لشئ إلا لكون القصاص أو الكاتب لا يكون معرضًا إلا للدافع الذاتي في المكاشفة . في فرد مكنونات نفسه على الورق . هذا في الجوهر . في الثابت .

بدأت أكتب القصة القصيرة و نصب عيني أنني أكتب حكاية مسروقة من طوفان حكايات العالم . انتقيها عندما تكون مؤهلة لأن تقول شيئًا ينسجم مع رؤيتي . شريطة توفرها على خاصية القصة من أجل قول الموقف و هذا بدوره قادني لشئ من المباشرة تقصر الطريق لكسب ذاك الموقف . بعبارة أخرى .كنت أكتب (القصة – الموقف) لأنني كنت أرى المسألة هكذا ..

أما الآن فإنني أزعم أن قصصي تكثفت و تشكلت لغويًا و بناءً و تكنيكًا كي تصور القصة الحالة.

أو لنقل الحالة الموقف . باتت الكتابة إبحارًا في لجة العالم و العين على كل مويجه صغيرة . لأن كل تفصيل هو قصة لوحده . لم يعد هناك من إنتقاء بالمفهوم السابق . و بأن التفصيل الواحد ليس بقصة مكتملة . صار لزامًا على أن أفجر فيه ملامح القصة الكامنة فيه كمولود ناقص .

وهذا يعني أنه ليس هناك من شئ صغير مهما بلغ صغره خال من مواصفات القصة حتى الحالات المتناثرة هنا و هناك ، لهي كذلك بشارات تبشر بقصة تحتاج لفنان قادر على استشفاف اكتمال الرسالة فيها و من ثم تصويرها .

صارت القصة عندي حالة مكتملة مصورة تقول شهادتها الموقف من تلقائها.

لم يعد هاجس كتابة القصة الموقف يريض علي . انتفى الموقف المساق سوقًا لنجلي مكانه للموقف المتبرعم نبتًا طبيعيًا أطلقته تربته هو .. و يمكنك ملاحظة هذا كلما تجاوزت مجموعة الصفعة و تقصيت التحول في قصص المجموعة الثانية – طيور عمان تحلق منخفضة " لتقع على ما يشبه المغامرة في المجموعة الأخيرة إحدى و عشرون طلقة للنبي " أقول المغامرة و لا أقول التجريب لأن "المحاولة" ليست شكلانية تتناول الخارج الفني بل هي مفروضة من خلال الفهم المتغير لماهية الإيقاع القصصي نفسه و الذي بدوره جلبت إليه لغته و تكنيكه و نهاياته الفنية .

قد يكون النجاح قد خانني في بعض الزوايا و الجوانب . و من هنا يمكن تفسير كلمة و لكن المحاولة مشروعة لأن لا فن بدونها .

غدًا الحلقة الأخيرة

 

 

 

 

 

 

 

 

19 / 12 / 1983

حكاية الفنان في جبل عمان

« الحلقة 4 »

في الجزء الثاني من حديث القاص الأردني إلياس فركوح يقول :

أحوال القصة القصيرة لا تختلف عندنا عن أحوالها في بقية عواصم الوطن العربي !

القاص الأردني إلياس فركوح يواصل حديثه اليوم حول أهم القضايا الثقافية التي تؤثر على إنتاج الأدباء الشبان ، ويتعرض لهموم التليفزيون في الوطن العربي و فيما يلي نص الجزء الثاني من الحوار :

بماذا تعلل توقف الإبداع النقدي على نتاج الستينات القصصي و إهمال كتاب السبعينات والثمانينات ؟

بشكل عام يمكن المصادقة على كلامك . هذا صحيح . لقد توفر لكتابات الستينات نقاد كبار تناولوها بالدراسة و النقد و التمحيص . مما أدى إلى إغنائها من جهة و إلى اشاعتها في أوساط أكبر عدد ممكن من المثقفين والقراء وهذا بدوره قاد إلى خلق "موجة" ثقافية عمت الخريطة العربية و أثرت في تشكيل الوعي الثقافي لدى المثقفين العرب .. كان هذا في الستينات و أنت تعرف بأن الستينات مرحلة مهمة في سباق تاريخنا المعاصر .. مرحلة اتسمت ببصمات مد قومي عارف تكلل بانتصارات نوعية نسبية أطلقت إمكانيات الإبداع لدى الكليات و المثقفين – بغض النظر عن تقييمنا و حكمنا على تفاصيلها اليوم .. في الستينات تفجرت القصة القصيرة الجديدة و برز أعلامها كمدارس بدأت ترسخ لنفسها قاعدة على الأرضية الثقافية . و كذلك في المسرح و الرواية وحتى في الأغنية السياسية كان هناك المد . وكان لابد للمد من نقاد يتابعونه بالدراسة و الإغناء . كانت هناك بكارة متفتحة تشهد على إرهاصات تحول ما لم يكن منطقيًا أن يحدث نهوض في الحياة السياسية و الفكرية دون أن يلازمه و يصاحبه نهوض في الحياة الثقافية يتناغم معه و يدخل في حوار شائك و حار مع مظاهره وتجلياته الكاشفة عن جوهريته . كانت هناك نسبة معقولة من ديمقراطية ثقافية تناسبت مع نسبتها المماثلة و المقابلة في الشعارات المرفوعة أنذاك من هنا يمكننا فهم وقوف النقاد على نتاج الستينات القصصي . إذ أن هذا مظهر من مظاهر الصعود و المد .. أما الآن . السبعينات و الثمانينات في أولها . فماذا نرى ؟ ردة على كل المستويات وكل الأصعدة . إنحدار الجوهر النقي للستينات و إنحداره لصالح قوى محلية و عالمية تقف على الطرف النقيض من ذاك الجوهر. لا بل تقف على إنجازاته بعد أن عملت على تفتيتها و إذا به ألا يجاب فيها . و الحياة الثقافية ليست بمعزل عن الحياة بتركيبتها العامة . طالتها الردة – وضربتها فانكمشت "الجزر" الثقافية و تباعدت لتعيد مكاشفة نفسها و مكاشفة واقعها ضمن شروط المرحلة الجديدة .. جعل تفتت للجزر . طغى المد المعاكس فأغرق الكثيرين . كشف عن شاشة البعض .عرى زيف البعض الآخر . وظل البعض الثالث في عراء الخواء المتروك للريح السوداء أن تعصف به . و لم يستطع النقاد بعد أن خبلتهم المرحلة إرساء قواعد بديلة . إنها مرحلة جديدة كل الجده. عناصرها مختلفة ، طغى الصوت الإنتهازي تحت شعار التعامل مع الواقع بواقعيته . و إنحسر صوت الثقافة و السياسة الداعي إلى التعامل مع الواقع بنظرة نقدية .

انتحار تيسير أحمد عبيده – تيسير سبول – خليل حاوي . انتحارًا ذاتيًا ثم الموت المبكر ليحيى الطاهر عبد الله – أمل دنقل – زهير الشايب ضياء الشرقاوي وهجرة الكتاب إلى أوروبا مثل زكريا تامر و حيدر حيدر ... هجرة و موت مبكر و انتحار ذاتي .. بماذا تعلل هذه الظواهر ؟

قد يبدو الانتحار أحيانًا شكلًا من أشكال الهروب من المواجهة و لكن الانتحار نفسه في أحيان أخرى لا يمكن تفسيره إلا تعبيرًا عن عبثية المواجهة . فيكون الانتحار هو "الفعل" الجدي الوحيد الضارب في عمق العمل المضاد إنه التعبير بلغة أخرى . تقول ما يلي " إذا كان الفعل مصيدة الإحباط إذا كان الركون إلى الصمت مشاركة في الجريمة فليكن الانتحار الصخب الدال على الاحتجاج " من هذه الزاوية الاجتهاد حول هذه الظاهرة محاولة تأويلها الانتحار الذاتي كما أسميته "تيسير سبول – أحمد عبيده – خليل حاوي" أنه الفعل المضاد تجاه عملية تزوير كاملة لتاريخ أمة . عملية قلب لماهية الوطن و المواطن . إذ كيف بإمكان الفنان أن يحتمل مشاهدة تحويل الوطن إلى كيلو بطاطا أو بندورة؟ أن يرى "الشقلبة" من الضد إلى الضد دون أن ينفجر ؟ أن ينام هنيئًا و في الشارع ؟ تحت نافذته ؟ يتم صلب شعب بكامله على خشبته . يسمونها السلام ؟؟ وقتها تكون الطلقة في الرأس أو في الفم أهون عليه من لقمة مقتطعة من رغيف .. مثل قش المزابل أو أشبه بخيانة الرجل لنفسه . ثم ماذا عن الموت المبكر لأشخاص مثل يحيى الطاهر عبد الله وأمل دنقل وزهير الشايب وضياء الشرقاوي ؟ أليس في هذا الموت المبكر رمزًا لأمة يريدون و يطالبون بموتها عاجلًا عاجلًا جدًا .. و بعد هل الهجرة و الرحيل عن الوطن هو تنكر للوطن ؟ هل الهروب هو سلخه عن جلدنا ؟ إن من يهاجر بعيدًا عن الوطن مكثفًا في داخله غاية التكثيف يهرب من مشانقه ليعلق عنقه في حبال مشانق أفسد .. الهجرة في وجه من وجوهوها انفلات مؤقت نجاة إلى حين .. و لكن إلى متى ؟ تختلف الإجابة حسب اختلاف إيقاع الوطن في نفس من يهاجر ؟

 أين تقع القصة القصيرة في الأردن على الخارطة الثقافية  العربية ؟

سؤال يأتي من خارج الأردن و إجابة من داخله تحاول أن تقول الممكن .

والممكن ساحة مفتوحة أبدًا لكافة الاحتمالات . تمامًا مثلما هو الواقع الخاص بالبلد وسط العاصفة المتقدمة في المنطقة .

القصة القصيرة في الأردن حديثة العهد . طرية العود .. جديدة في مجتمع لم يستكمل تشكيله الاجتماعي – نسبيًا – حتى الآن – وبسبب هذا كله كانت القصة عندنا صدى للقصة العربية عمومًا .. محاولات دؤوبة لاقتفاء أثر ما يأتينا عبر المجموعات والدوريات الثقافية . كان هذا في البداية وكان لابد من هذه البداية . ومع مرور الزمن وتلاحقت المحاولات في كتابة القصة ، بدأ الموضوع أو الموضوعات تأخذ تميزها خطوة خطوة . إذ بدأت القصة في الأردن تعكس

جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية داخل محيطها العام . لا بل تميزت موضوعاتها إذ أن واقعها الحياتي متميز في الأساس . ففي الأردن تتشابك المسألة الوطنية بالمسألة الفلسطينية بالاجتماعية . تشابكًا في نسيج معقد قل أن تجد له مثيلًا في بقية الأقطار العربية .

كتابنا شباب ليس بيننا أساتذة .. الكل يحاول .. البعض ارتضى لنفسه التكرار و النسيج على ظلال الآخرين .. والبعض قال محاولة أو أكثر ثم إستراح و أراح . والبعض يمارس ويمارس . وبذا ينجح أحيانًا لم يحدث تراكم نوعي قصصي بالمعنى المتعارف عليه . عندنا في الأردن و لهذا قلت أن الممكن ساحة مفتوحة للاحتمالات . ولإطلاعي على معظم النتاج القصصي في الأردن يمكنني القول أن القصة القصيرة هنا ليست أبدًا بأقل من مستواها الفني عن غيرها في الوطن العربي . هذا بشكل عام يعوزنا الأساتذة . ولكن من قال أن يوسف ادريس مثلًا ليس أستاذًا للقصاصين العرب جميعًا . القصة القصيرة في الأردن جزء لا يتجزأ من التركيبة الثقافية العربية . هذه حقيقة . ينبغي حسابها بغض النظر عن جهل ذنبهم و مسئوليتهم . ومسئولية الإعلام العربي أيضًا .. نحن نكتب ونكتب . ونحن على يقين بأن يوم تلتفت إلينا أنظار الآخرين سيكون قريبًا و وقتها سيكون غيرها من يثبت قصتنا في الخريطة العربية الثقافية . وليس نحن .

هجرة كتاب القصة والرواية و المسرح الى التليفزيون ظاهرة تستحق المناقشة فما تعليقك على هذا ؟

بإختصار يمكنني تعليل توجه كتاب القصة والرواية والمسرح والتليفزيون والكتابة له للأسباب التالية :

أولًا : شيوع التليفزيون في حياة المواطن العربي ودخوله الى كل بيت تقريبًا وهذا يغري الكاتب لأن يتعامل معه كوسيلة جديدة – وفعالة يستطيع من خلالها أن يوصل صوته إلى أكبر عدد ممكن من الناس وسط دوامة الحياة التي تجبرهم على ادارة ظهورهم للكتاب .

ثانيا : الاغراء المادي الذي يوفره التليفزيون خاصة إذا قارنا ذلك بالمردود "الصفر" الذي يجنيه الكاتب من كتبه . آخرين بعين الاعتبار . إن معظم كتابنا ينتمون إلى طبقة اجتماعية مسحوقة لا توفر لهم . إمكانية الرغيف الدائم و الحياة اللائقة .

هذا هو التفسير الذي أراه باختصار . ومع هذا فإن الخوف كل الخوف يكمن في قدرة التليفزيون على ابتلاع الكاتب الجيد و امتصاصه بحيث يستنزفه تمامًا . و يفقده المقدرة على مواصلة الإبداع بالنفس المرجوة .

التليفزيون سلاح ذو حدين . كالسكين كالمشي على رهافة السكين إنه لعبة خطيرة ليس كل من يمارسها قادر على النجاح فيها .

" انتهى الحديث "

 

 


 

23 / 12 / 1983

حكاية الفنان في جبل عمان

( الحلقة 5 )

محمود الزيودي مؤلف « هبوب الريح » و « تل العناب » و « الأرمل و الغريب» يقول :

نحن ضد العدو الصهيوني و بعيدون إعلاميًا عن مواجهته

○ يبرز اسم (محمود الزيودي) في الساحة الفنية الأردنية كممثل وكمؤلف تليفزيوني هام وقد اتجه الزيودي إلى تقديم حركة نضال الشعب الفلسطيني و الأردني في عدة أعمال تليفزيونية ونحن إذ نلتقي به نقترب من الصورة الفكرية التي تجول برأسه وفوق جبال عمان (فندق هلا إن) كان الحوار بيننا:

○ بعد مشاهدتي لمسلسل هبوب الريح تأكد لي أنك تتجه إلى تأريخ الحركة الوطنية في الأردن وفلسطين والتأكيد على نضال الشعب العربي ضد العدو الصهيوني والقوى التي ساهمت في ترسيخ هذا الكيان .. هل اخترت هذه الموضوعات أم كلفت بالكتابة فيها ؟

- أنا لم أكلف من أحد .. القضية الفلسطينية أصبحت القضية المركزية للعرب جميعًا . وتشغل بال دول العالم بأسرها .. نحن في الأردن الأكثر تأثرًا بهذه القضية و الأكثر احتكاكًا بها .. نحن على جبهة تعادل 450 كم مع إسرائيل وهذه الجبهة مرات تكون ساخنة ومرات تكون باردة .. هذه القضية تشغل بال العالم ككل .. الجيل الجديد ليس عنده أي فكرة عن تفاصيل القضية .. إن هذا الجيل وقع في براثن الكتابات و الاستهلاكية في الصحف اليومية والنتف التي تنشر هنا وهناك لدرجة أن القضية الفلسطينية مقررة على كل الطلاب العرب في المرحلة الثانوية. لكن ماذا يقرأ التلميذ عن القضية في المرحلة الثانوية.

و للأسف ما يكتب في المقررات الثانوية عبارة عن نتف بسيطة جامدة بأسلوب دراسي جامد ميت ، لا يتدخل في رأس التلميذ .. وللأسف نحن نملك جهازًا إعلامياً ألا وهو التليفزيون .. و التليفزيون سلاح ذو حدين قادر على التخريب الفكري و الإعلامي ، وفي نفس الوقت قادر على البناء .. التليفزيون جهاز يغزو كل بيت عربي ويمكن استغلاله لأنه لا يحتاج إلى أي طقوس تفرض على الناس فالمسرح والسينما يحتاجان إلى طقوس من المتفرج .. التليفزيون تجده في كل جزء وكل ركن من أركان الأسرة وكل أفراد الأسرة يتعاملون معه .. وللأسف المادة الدرامية و الأدبية التي تعرض على المواطن العربي ومن المؤسف أن تقدم 25 مسلسلًا عن الحب والغرام والميلودراما وأنت تعرض يوميًا على المواطن نشرة أخبار مليئة بالمآسي تعرض عليه مذابح صبرا وشاتيلا ثم بعد نشرة الأخبار تعرض عليه حكايات الحب والغرام .. ثالثًا في مشكلتنا مع القضية الفلسطينية عدونا الصهيوني و اليهودي مشبع في كراهيته للعرب من خلال استيلائهم على الأراضي ، وأسوق لك مثالًا قبل ما تحضر للأردن بقليل ، قامت إحدى المؤسسات الإسرائيلية باستطلاع الرأي العام

أيها الإسرائيليون .. هل لكم رغبة في ترك الضفة الغربية للعرب ؟ أو إيقاف بناء المستوطنات ؟ أو الانسحاب من الضفة ؟

كان الجواب هو أن 90 ٪ تسعين في المائة من الشعب الإسرائيلي على كل مستويات الأعمار التي عنده قال إن الضفة الغربية إسرائيلية وليست عربية.. ولا توقفوا بناء المستوطنات ولا تخرجوا منها بالرغم من حركة السلام الآن، ووجود الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي يكذب ويقول بأنه متواجد وله تواصل مع الأحزاب الشيوعية الإسرائيلية وبالرغم من التصريحات الكاذبة .. تسعين في المائة من الشعب الإسرائيلي ، يقول لا نترك الضفة الغربية و الجولان ؟؟ والسبب بسيط أن هؤلاء التسعين في المائة لقنوا على مدى سنوات طويلة أنه إسرائيلي من الفرات إلى النيل وبالمقابل المواطن العربي لا يملك من المعلومات عن الخطر الإسرائيلي ما يملكه الإسرائيلي عنا .. وأمام المواطن العربي تنتشر النشرات الإعلامية و الأكاديمية الجافة الجامدة في صفحات الكتب المدرسية . رابعًا ، إن الأجيال التي عاشت وعاصرت النكبة الفلسطينية بدءً من الانتداب البريطاني حتى الاستيطان الصهيوني وعلى قدر ما يملك أعطى أكثر من الجيل الحالي وغالبية هذا الجيل أجاد بنفسه والجود بالنفس غاية الجود ، إنني أقرأ ، أبحاث كثيرة ..

○ بخصوص الأبحاث هل هذا المسلسل سبقته مراجع تاريخية و إعداد وثائقي و إطلاع حتى يكون في المستوى الذي يرضى عنه ؟

- أنا أملك الآن في مكتبي أغلب ما وثق وكتب عن القضية الفلسطينية وأضفت إليها مقابلات مع معمرين فلسطينيين عاشوا أحداث هذه الفترة .. إنني إطلعت أيضًا على التاريخ غير المكتوب وهو تاريخ هام لأنه غير مكتوب ومن أفواه الناس ومن خلال كل هذا اكتشفت أن صناع الأحداث في الثورة الفلسطينية ثورة 21 ، 29 ثورة البراق الشريف التي أثارها إعدام الشهداء الثلاثة (عطا الزير – محمد جمجوم – فؤاد حجازي) ثورة 1936 ثورة الشهيد عز الدين القسام الله يرحمه .. جميع هذه الثورات كان صانعوا الأحداث فيها لم يأخذوا حقهم من الدراسة والبحث ومن الكتابة عنهم .. الذين صنعوا الأحداث لسوء الحظ للأسف كانوا في الظل والذين كانوا في الأضواء .. كانوا عبارة عن سياسيين لهم علاقة بالصحف التي تصدر في ذاك الوقت في بيروت والقاهرة ودمشق وحيفا .. كان الزعيم السياسي هو الواجهة الوطنية وصانعي الأحداث من الفلاحين ومن العمال ومن الطبقات المسحوقة المتأثرة أساسًا في عملية الانتداب والاستيطان ، هؤلاء الناس هم الذين صنعوا الأحداث .

○ بعض الأقلام كتبت تقول انك لم تغط الحركة النضالية في المنطقة كلها في مسلسل "هبوب الريح" أم هو استعراض لفترة ؟

- أنت تناولت شرائح جغرافية في مسلسل هبوب الريح ليس هو العمل الأول بل يأتي ضمن سلسلة من الأعمال تبدأ بـ "تل العناب" تدور أحداثها في إحدى قرى نابلس والقدس السلسلة الثانية هي "هبوب الريح" تدور أحداثها في الجنوب ، السلسلة الثالثة "الأرمل والغريب" وتدور في مدينة القدس بالذات داخل أسوار المدينة في سوق القدس الرئيسي . فعندما أخذت جنوب فلسطين في "هبوب الريح" أحببت أن أنبه إلى القضية هي أنه في خلال فترات الثورة الأولى وفترات النضال الأول .. كان مصدر تسليح الساحل ووسط فلسطين والشمال يأتي عن طريق   البدو ، السبب أن البدو يعيشون في منطقة مفتوحة وأنا الآن أريد أن أتوسع معك في حديث عن قبائل النقب العربي وبئر السبع وسيناء وما يقابلها في الجانب الأردني .. كانوا قبل الانتداب البريطاني شريحة واحدة .. وبعد الانتداب صار عندنا الضفة الشرقية والضفة الغربية .. صار عندنا خط هدنة ..

                                        

 

 

 

 

 

 

 











0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More