Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 18 سبتمبر 2021

39 السيد حافظ وهموم الإنسان العربي دراسة حول مسرح السيد حافظ والتزامه لقضايا الوطن والمواطن كهم أثير لديه بقلم د / مصطفي حشيش

 

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(39)

السيد حافظ وهموم الإنسان العربي
دراسة حول مسرح السيد حافظ والتزامه
لقضايا الوطن والمواطن كهم أثير لديه
بقلم د / مصطفي حشيش

 

دراسة من كتاب

المسرح التجريبى بين المراوغة واضطراب المعرفة 



السيد حافظ وهموم الإنسان العربي
دراسة حول مسرح السيد حافظ والتزامه
لقضايا الوطن والمواطن كهم أثير لديه
بقلم د / مصطفي حشيش

جامعة 6 أكتوبر

كلية الإعلام


الابداع .. المبدع .. معنى وصفة، هما جل هم من عمل بالأدب  والفنون  فى كل بلدان العالم المتحضر، وقيمة كبرى فى قواميس كل الشعوب ، وهما كلمتان لاتطلقان جزافا على الناس فى كل بلد ، لما لهما من قدسية وأهمية ومواصفات قياسية لايتحلى بها معظم الناس ولاتنطبق الا على صفوة الصفوة منهم ..

الا انه للمؤسف عندنا استبيحت حرمة  هاتان الكلمتان واصبحتا مرادفتين لكل مسف وغث وتافه ومقزز ، فكل الاشياء والاشكال عندنا ابداع _ سواء كانت الاعلانات التافهة المستفزة او الروايات  المسروقة ، او الافلام المنقولة تشويها ومسخا وصولا إلى الاغانى العارية مرورا بالمسرحيات السطحية الساذجة الغبية ، ولان كل شيء عندنا يندرج تحت اسم الابداع ، صار كل عابث ودجال وجاهل ولاخجل من قول قواد ايضا ..مبدعا..

وللاسف كم من الجرائم ترتكب باسمك ايها الابداع

اننا يجب ان نسأل بشكل مستفز ، هل كل من قدم فتاة عارية تتلوى فى اوضاع مخجلة فى فيديو مصور لأغنية فى فديو مصور لاغنية اصبح مبدعا؟

هل كل من تجرأ على دين او عقيدة او رمزا من الرموز فى رواية اصبح مبدعا؟ هل كل من نقل فيلما نقلا مشوها اصبح مبدعا ؟ ان هناك فرقا بين ابداع حقيقى قد يصطدم بمشاعر الناس ومقدساتهم ويثير جدلا لكن من خلال عمل لبداعى صحيح ولنا فى اعمال يوسف شاهين السينمائية النموذج والمثل وكذلك اعمال نجيب محفظ الروائية واشعار امل دنقل  وتاريخ صلاح طاهر الفنى واعمال عبد الوهاب

ان الابداع الحقيقى هو مايجب ان تنحنى له الرؤوس وتفتح له الابواب وتتوفر له كل الحماية والحرية ، ولاتزال امامه كل الحواجز والقيود ليثرى حياتنا من خلال مناقشته والحوار حوله ونحن اليوم بصدد مناقشة اعمال احد المبدعين الحقيقيين  فى حياتنا المسرحية ، اثراها انتاجا وجدلا ، اعمالا ونضالا اقترابا  وابتعادا ، غوصا وعمقا وتشريقا وتغريبا حبا وهجرا حنانا وقسوة غراما وانتقاما كل هذا بقلم ملأه من ذاته المتوقدة وفكره الحر المستنير ومعاناته  وآلامه المتدفقة ، ورؤيته الثاقبة الشاملة ، وسبره لأغوار ناسه ومجتمعه ، وحبه لأهله ووطنه وامته .. السيد حافظ مبدع مصرى عربى الهوى .. كتب القصة والدراما التلفزيونية ، مارس النقد والاخراج ، لكن الكتابة للمسرح كانت ومازالت مشروعه الاثير منذ البداية وختما للنهاية ، وقدم للذاكرة والوجدان والعقل العربى عددا لا بأس به من المسرحيات تقريبا (66 مسرحية) التزم فيها بموقف تجاه جيله وواقعه ومجتمعه وهذا الالتزام ليس فقط فنا وابداعا ، وانما معنى وسلوك حياتى يلمسه كل من يعرفه او يتعامل معه.

فعلى المستوى الشخصى .. فعلى مدى ستة وخمسين عاما هى عمره .. وبعد تخرجه من جامعة الاسكندرية فى عام 1973 شغل عدة  مواقع اوضحت مدى التزامه وتفانيه فى خدمة مجتمعه سواء مديرا لقطاع الدراما بالثقافة الجماهيرية –رئيس تحرير مجلة رؤيا – مدير مركز الوطن العربى سابقا –اتحاد الكتاب العرب -اتحاد كتاب مصر – نقابة المهن التمثيلية – والسينمائية وعضوية منظمة تربوية فى الاريزونا.

وعلى مستوى الانتاج الفنى .. كان السيد حافظ غزير الانتاج متنوع الموضوعات والتوجهات .. فقد قدم منذ 1970 وحتى الان اكثر من 66 مسرحية واكثر من 15 مسرحية للاطفال عرضت معظم هذه المسرحيات على امتداد ورقعة الوطن العربى وعلى خشبات العديد من المسارح.

هذا إلى جانب اكثر من اثنى عشر عملا تلفزيونيا واكثر من خمسة عشر عملا اذاعيا.. بالاضافة إلى جانب هام وهو وجوده كمادة بحث للعديد من الدارسين والباحثين العرب والمهتمين بالمسرح .. فقد كانت اعماله مادة ثرية ونبعا دافقا وحقلا يانعا لهؤلاء الباحثين على امتداد رقعة الوطن العربى فالكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه والعديد من البحوث والدراسات تناولت مسرحه سواء فى المغرب العربى او حتى الخليج إلى جانب العديد من الدراسات بمصر للكثير من اكفاء النقاد والمهتمين بقضايا المسرح الحقيقية.

واعمال السيد حافظ  متنوعة الشكل والمضمون ولكن رغم تنوعها تتفق على شيء هام  واثير لديه ، وهو ان الإنسان وحلمه بالحرية ومحاولة تجاوز اغترابه فى واقعه ، فالعدل والظلم والموت والحرية ، كلها معانى وقيم أهمته وشحذت همه ليحاول ان ينتصر لهذا الإنسان ضد كل عوامل قهره سياسية ام اقتصادية  او اجتماعية او حتى ذاته الداخلية.. فمحاور السيد حافظ او قارىء اعماله .. يستشرف فى حلقه وقلمه مرارة مصدرها هموم الإنسان العربى وحسرته على واقعه الذى يبغى له السيد حافظ الافضل دوما ، باحثا عن كل السبل والطرق التى توصله إلى مبتغاه سواء  بترويض التراث ، وركوب بسلطه السحرى استشرافا للواقع وطيرانا على الواقع المعاش ..

واذا كان التجريب هو الموجة الدائمة العوم على سطح بحر المسرح هذه الاعوام فان السيد حافظ كان من اوائل السابحين فى هذا البحر واول راكبى تلك الموجة، ومن يقرا مسرحيتة (كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى) والتى قدمت  فى7 ينايرعام 1970 اى اوائل سبعينيات  القرن الماضى يدرك انه تعامل مع هذا المصطلح قبل ان يطرح للتداول على خشبات مسارحنا وطاولات بحثنا وحلقات مناقشتنا والذى لم نصل إلى اتفاق حوله حتى اليوم ولا تعريف محدد له حتى اليوم كشأن أى شيء فى حياتنا وعالمنا العربى ولعل اهم مايميز اعمال السيد حافظ ، البعد السياسى فى تلك الأ عمال فهو ليس نجاف ولا قعوار ، واختياره للشخصيات والوقائع التاريخية والتى يختارها بعمد وقصد لاتخلو من دلالات مع حذر واضح فى المباشرة وهو دائم الاهتمام مهموم بالقضايا الكبرى كالحرية والهوية وجدلية الماضى مع الحاضر ، لذلك كان التراث ثوبا كلاسكيا متخفيا بل شيئا حيا، متحرك و متجدد ،  لأنه يؤمن أن من لايملك تراثا لايستطيع ان يقدم اعمالا ادبية عظيمة ، فالكلمة فى المسرح كما هى فى الأدب ذات مستويات متعدده  كما هو معروف ، والتراث يعطينا تلك المستويات وهذه الابعاد ، ويرتكز السيد حافظ إلى التراث فى مسرحه ليعطى فرجة ومتعة لأن المسرح فى أساسه فن البهرجه والمتعة البصرية والتراث يعطي ذلك البهرج ويزيد تلك المتعة ثم انه يعطي مدلولات للفهم يتلقاها المتفرج كما يهوي ويفسر. والسيد حافظ حين يكتب لا يمارس وصاية علي الأفكار ولا علي المتفرج بل يقاسمه تلك الأفكار .

والتاريخ عند السيد حافظ  معين يستقي منه ولكنه حينما يتناول التاريخ ليقدمه لنا فهو لا يعطينا درسا في  التاريخ وانما يقترحه علينا لنعمل فيه خيالنا بعيدا عن الأدلجة السياسية التي تقلل من قيمة المعني وتحد من الخيال وتقلل من الاستفادة فالسيد حافظ يأخذ من الخلفية التاريخية معبرا للجدلية بين الماضي والحاضر حتي يكون الصراع حيا وجديدا وهو في كل ذلك لا ينبغي ان يكون المتفرج تابعا له فهو لا يفرض عليه الوصاية بل يرجو ان يشاركه ويجادله لانه بدوره ليس تابعا لا لانثربيولوجي  ولا لسياسي ولا لعالم اجتماع ولا لأحد ... هو كاتب للمسرح هذا العالم الثري الرحب وحسب .

ولعل قراءة في بعض نماذج من أعماله تجعلنا نقف علي عالمه السحري الزاخر والثري.

نماذج :

أن قراءة سريعة في نماذج أعمال السيد حافظ تدلنا دلالة قاطعة علي ما سبق ذكره حول مسرحه ففي مسرحية ( اشاعة ) على الرغم من مأساة الموضوع .. إلا انه يتحول بها من الخاص إلى العام حيث الفضيلة تواجه قوي الشر .. ويدين كل عوامل التربص بالحب والجمال .. رافضا كل أشكال الحقد و التخلف والأنانية، ان مسرحية ( اشاعة ) تطرح مفهوما عصريا للصراع الأزلي بين الخير والشر من خلال نموذج العالم المصري الذي يحصل علي جائزة نوبل في العلوم الاجتماعية، ويهديها لكل الشعب المصري ولأن قوي الشر الهدامة بالمرصاد لكل محاولة جادة، وفاتحة أفواه الرياح لاطفاء كل بصيص نور ولو لشمعة وسط ظلام حياتنا تبدأ تلك القوي في نسج اشاعة تدين هذا الأستاذ واحدي تلميذاته الصعيديات .. في اشارة إلى محاولة تشوية القيم والعادات والتقاليد الراسخة .. ومن خلال الصراع بين بعض قوي الشر متمثلة في بعض الشخصيات، يضع السيد حافظ همه السياسي ورؤاه حول العصر الذي عاش فيه ورموزه التي انفعل بها إلى جانب عدم اغفاله مناقشة علاقة التيار الديني بالسلطة في فترة من الفترات في محاولة لضرب التفكير العلماني والفكر اليساري .

وعلي عكس المألوف الساذج والمتوقع التقليدي ينتصر الشر بتآمره علي الفتاة كنموذج للبراءة والخصوبة وتشويه الأستاذ علي المستوي المعنوي .. في دلالة عن ان الشر باق وقوي .. ولكنه في نفس الوقت تأكيد علي ان ( مصباح الزمان ) أيضا لابد ان يظل منيراعلي مر الزمان ليهدي الحياري وسالكين دروب الحياة الوعرة في ظلمة ليل اليأس والتخبط والضياع .

أما عن موقفه السياسي وتآزره مع رجل الشارع والمواطن العادي البسيط ومحاولة تغيببه عن دوره في حياته .. ومحاولة السلطة إغراق عقله البسيط وتضخيمها حتي لا يفكر في غيرها  .. يقدم لنا السيد حافظ هذا النموذج في ( حكاية الفلاح عبد المطيع ) ذلك الغارق بفعل السلطة في همومه الاقتصادية المتمثلة في الفول لأولاده والشعير لحماره ... وهو بهذا يغيب عن واقعة ويتنازل عن حريته في مناحيته ووضعه وظروفه ويترك أمره لظل نظام سياسي يدعي الديمقراطية ويرفع راية الحرية زيفا ... وهو نموذج لملايين البشر علي امتداد العالم والتاريخ ليس فقط في عصر المماليك كما قدم ولكن بشكل اوسع ومنظر أشمل وناعم في كل مكان .. فالزمان والمكان اللذان قدمهما السيد حافظ لم يغيروا استنساخ الصورة في أي وقت ومكان يجمع الحاكم بالمحكوم مع تفاقم درجة التطور والتغير الشكل والممارسة في كل وقت .

وفي نموذج أخر يقدم لنا فيه السيد حافظ السلطة منافقة متمايلة كاذبة مستبدة متسلطة، يقدم ذلك في مسرحية ( العزف في الظهيرة ) فمن خلال الشخوص والأحداث يقدم لنا السيد حافظ مكر السلطة والتواء اساليبها في سبيل تحقيق اغراضها ومصالحها حتي علي حساب الشعب، فلو ان السلطة مع عبد المطيع استغلت التخلف لانهاكه والسيطرة عليه فإنها في الظرف وفي ظل التطور الحضاري تمارس قوتها بالتحايل ولو من خلال القوانين .

وهو بهذا النموذج يدين آفات إجتماعية ضربت الآمة وعاني منها الشعب العربي .. وذلك ما أوضحه وصوره وأكد عليه في مسرحية اخري وهي (ملك الزبالة).

وقضية الاغتراب حتي عن الذات والناس .. عالجها السيد حافظ في مسرحية ( امرأتان ) فهذا النموذج الذي يتم من خلال تقديم قضايا إجتماعية وخلقية من خلال قصة امرأتان يتيمتان يتم الاستيلاء علي ..... وحصرهما في نطاق ضيق بحيث تبحثان عن اليف أو ونيس حتي لو تمثل في كلب كرمز للوفاء بعدما فقدتا الأمان لدي الأصدقاء ولمتحصدي سوي النفاق والاستغلال فالاغتراب والانتظار سمتان اساسيتان يطرحهما السيد حافظ في هذه المسرحية وهو بهذا لا يشير إلى الاغتراب بمعناه البسيط وانما إغتراب الإنسان عن مجتمعه عندما يصطدم بآفات خلقية تحاصره وأمراض اجتماعية تقهره وتجعله يغترب عن مجتمعه بل حتي عن ذاته وينتظر واهما املا قادما لن يأتي وكأننا أمام  فلاديمير وسترجون .. والذي لن يأتي بدا .. ورغم تشاؤمية النظرةالتي يطرحها السيد حافظ إلا ان واقعيتها وانعكاسها علي الإنسان المعاصر تؤكد وعي هذا الكاتب بالذات البشرية المنسحقة بواقعها, المنغلقة علي ذاتها كصدفة السلحفاة تحميها من الجو الخارجي ولكنها لا تمنع عنها المرض الداخل الذي قد يصيبها في مقتل حتي لو كان مرضا بسيطا .

كثيرة هي القضايا التي يعالجها ويتناولها السيد حافظ في اعماله فعن الموت يتحدث بإعتبارها قضية فلسفية تمثل نهاية البداية قديمة بدأت منذ فترة وبداية لحياة جديدة تمتد لما لا نهاية .. الموت عنده ايضا امتداد للثورة والنجاح .. مثلما هو الحال في مسرحية ( علمونا ان نموت وتعلمنا ان نحيا ) . الظلم والعدل مصطلحان اثيران . لدي السيد حافظ وهمان ولما هما  وتعامل معها وعاني منها فغلفا العديد من اعماله وكانا في صراع دائم في كل كتاباته، فالعدل في اعماله مفقود تنادي وتصرخ به كل شخوصه، الظلم سائد مسيطر عانت منه تلك الشخوص  واكتوت بناره ولذلك كانت الحرية هي القضية الهامة لدي السيد حافظ والتي سعي إلى تحقيقها في معظم اعماله اعمالا  لمبدأ ان الحرية هي الدرع الذي يجب ان يحتمي به الكل ليقاوم الظلم ويدعم العدل.. ولم تكن الحرية كمفهوم سياسي فقط لديه في رفض الحروب والاستعمار وطرد العدو، ولكن كانت ايضا انعتاقا  من القيود الاجتماعية  وهربا من الأفكار الرجعية والخرافات والتقاليد البالية في مسرحه الاجتماعي ..  بل تجاوزت كل ذلك لتكون فكرا فلسفيا يعبر عن وعي الإنسان بذات الأشياء المجردة وقد اتخذت شكلا رمزيا مكثفا يعبر عن رغبات المجتمعات في محاولة كسب هويتها وذواتها واستشراق غدها وذلك الغد المشمس بنور الحرية وضوء شمسها .


 

الخاتمة :

كما سلف واكدنا ان الإنسان العربي هو المحور والهدف ومناط القول والمبتغي عند السيد حافظ فرغم طرحه لقضايا كلية عامة همها الأساسي ومادتها النموذج البشري ايا كان، الا ان ذلك لا ينفي خصوصية هذا الطرح وبروز البيئة العربية والمصرية في همومها اليومية وانعكاساتها علي هذا النموذج البشري، فمسرح السيد حافظ يتمحور كما ذكرنا حول الإنسان إيمانا بقيمته ومستقبله وخصوصا الإنسان العربي ذلك المالك لجذوره الممتدة لآلاف السنين والتي لم يضيعها السيد حافظ هباء، بل آمن بها ووعاها وسبر اغوارها وتتبع سيرها عبر كل العصور المسيحية والاسلامية والعربي كمجري النيل الذي يسري في جسد هذا الوطن ويمد شراينيه بالحياة، سرت مصر وهمومها وطموحات ابنائها واوجاع شعبها في مدار قلم السيد حافظ لتؤكد انه مصري النبض حتي النخاع، نبت نيل حتي الازهار والاثمار .

لكل ما تقدم نوجز ان السيد حافظ في كل أعماله .. كاتب مسرحي ملتزم بقضايا وطنه ومجتمعه سابرا لاغوار ذاته مشخصا لكل العلل والأورام التي ضربت في جسده وأعلته انه مهندس وعي وفكر يبني جسورا بين الإنسان وقضاياه يمهد الطريق لهذا الإنسان لينافس ذاته ومجتمعه وينظر اليهما من شرفة واسعة استشراقا للمستقبل، أملا فيه أفضل من ماض ولي وحاضر معاش .

انه تأثير علي الأوضاع خاصة السيئ منها .. ممتلئ بالعروبة حتي النخاع، متلبس المصرية من الرأس للقدم، مهموم بالانسان .. طالما ظل يحمل تلك الصفة التي هي عنوان وجوده وتميزه بين كل من عرفوه .. الانسانية.

د / مصطفي حشيش

أغسطس 2004

 

الجمعة، 17 سبتمبر 2021

31 حرب الملوخية أو الكوميديا التاريخية المصرية للكاتب السيد حافظ دراسة تحليلية بقلم أ.د كمال عيد

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(31)

حرب الملوخية
أو الكوميديا التاريخية المصرية
للكاتب السيد حافظ 
دراسة تحليلية
بقلم أ.د كمال عيد

دراسة من كتاب

المسرح التجريبى بين المراوغة واضطراب المعرفة

 


حرب الملوخية
أو الكوميديا التاريخية المصرية
للكاتب السيد حافظ
دراسة تحليلية
بقلم أ.د كمال عيد

 

 

 

 


أعترف أننى لم أقرأ المسرحية التى صدرت طبعتها الأولى فى كتاب عام 1998، وهى واحدة من صف طويل من مطبوعات دراميات للكبار وأخرى للأطفال، والتي سجلت للزميل الكاتب الدرامى السيد حافظ تاريخا محفوظا لإبداعاته وإصراراته في أماكن عديدة من الوطن العربى.

عنون السيد حافظ حرب الملوخية ب(مسرحية كوميدية) لكننا كثيراً ما نسمع ونشاهد عروضا تحمل نفس العنوان، ومع ذلك فهى لاتنتمى إلى الكوميديا من قريب أو بعيد وخاصة فى عصور الانحدار الثقافى وإفلاس الإبداع، وعندما يستعمل تجار المسرح وبسند من أموالهم مسرح القطاع الخاص للفظة السحرية (مسرحية كوميدية)، وماهو دليل التزييف والتحوير فى الكيانات المسرحية السيئة، والتى تبهر باللفظة عينها السذج من الجماهير أياً كان مكانها.

المسرحية تاريخية كما أشار مؤلفها، لأنها تدور وسط أحداث تاريخية حقا وهى كوميديا لأنها كوميديا من نسيج خاص خالف الكوميديات ولا أبالغ إذا قلت هذا منذ القديم القديم وحتى الآن .. لماذا ؟

بلا عودة إلى الماضى المسرحى أو التاريخ فكلكم تعرفونه إن لم يكن بأحسن منى، لكن كيف عرفنا التاريخيات والدراميات التاريخية فى المسرح العالمى.؟ لن أتحدث عن تاريخيات الإغريق والبدايات الرومانية الأولي، لكننى ساقترب من مفهوم التاريخيات عند الإنجليزى وليم شكسبير Shakespeare (23/4/1564 ـ 23/4/1616 م)

لأضع يدى فيما يختص بالتاريخيات، تحديدا .. تكاد تكون كل دراماته من التراجيديا ت الكبرى.

الجزء الأول من هنرى السادس

الجزء الثانى من هنرى السادس

الجزء الثالث من هنرى السادس

تراجيديا ريتشارد الثالث

تراجيديا تيتوس اندرونيكس

مآساة الملك ريتشارد الثانى

تراجيديا روميو وجيوليت

حياة وموت الملك جون

تاريخ هنرى الرابع – الجزء الأول

تاريخ هنرى الرابع – الجزء الثانى

حياة هنرى الخامس

مأساة يوليوس قيصر

مأساة هملت

مأساة عطيل

تراجيديا الملك لير

تراجيديا مكبث

تراجيديا انتونى وكليوباترا

تراجيدي كوريولانس

حياة الملك هنرى الثامن

The first part of Henry the sixth

The second part of Henry the sixth

The third part of Henry the sixth

The tragedy of Richard the third

The tragedy of titus Andronicus

The tragedy of king Richard the second

The tragedy of Romeo abd Juliet

The life and death of king John

The history of Henry the fourth (part one)

The second part of Henry the fourth

The life of Henry the fifth

The tragedy of Julius Caesar

The tragical history of Hamlet (prince of Denmark)

The tragedy of Othello , the moor of Venice

The tragedy of king lear

The tragedy of Macbeth

The tragedy of Antony and Cleopatar

The tragedy of Coriolanus

The life of king Henry the eight

The complete sigent classic

Shalespeare, Harcourt brace Jovanovich , inc.

Newyork, Chicago , San Francisco , Atlata , printed in the united states of America , 1972 .

 قصدت ذكر أسماء الدرامات الشيكسبيرية ما بين تاريخية وتراجيدية لأدلل علي أسماء التراجيديات ـ كما كتبها شيكسبير ـ وهو ما يرد ناقصا في الترجمات العربية أو لنقل مختصراً. لماذا؟ لست أدري . كما أن لفظة (تراجيديا) تحيلنا دائما إلى الظلام والظلمات وإلى بعد الدسائس والموبقات، وإلى اللاإنسانية التي قصد شيكسبير متعمدا إبرازها ـ كما يذكر هو نفسه ـ في درامات الملوك . هذه الأنواع الشيكسبيرية التي قسمها المؤرخون أحيانا إلى أربعة وغيرهم إلى ثلاثة . نستنتج من دراسة حديثة صدرت في كتاب بعنوان (عالم المسرحية) للعالم الدرامي المجري د. سيكلي جيرج أن مسرحية شيكسبير المعنونه تاجر البندقية The Merchant Of Venice  

جاءت ضمن تقسيماته تحت مصطلح مصنف play  ( مسرحية)، وليست كوميديا، كما وصفها أستاذنا الكبير عباس محمود العقاد في إحدي كتبه .

والآن بعيدا عن الأسماء ندخل إلى عمق هذة الدراسة المتواضعة .

سواء قصد السيد حافظ أو لم يقصد، هو يكتب، ومهمتي أن أضع كتاباته في المكان والمكانة لها .. هو لم يأت بجديد نسبة إلى تاريخ المسرح العالمي، لكنه أتي بجديد حقا بالنسبة للمسرح المصري، والدراما المسرحية .. ليدلني أحد على فكاهية أو كوميديا (تاريخية) في ريبرتوار المسرح المصري منذ عرفت مصر نوع المسرحية.

 أنا شخصيا شاهدت تراجيديا سر الحاكم بأمر الله .. تراجيديا مفزعة مثلها يوسف وهبي في منتصف الخمسينيات في دار الأوبرا وغيرها من تراجيديات تاريخية وعربية وعالمية . لذلك فأنا أري أن كوميديا تاريخية مصطلح جديد على المسرح المصرى والعربى، كان يجب على المسئولين عن المسرح احتضان هذا التيار والاحتفاء به. إذن لخلف المسرح المصرى تيارا تاريخيا كوميديا جادا، وساخرا، كان يمكن أن يمتد ليقف فى وجه عبثيات المسارح التجارية، وسقطات تعلن باسم المسرح لتخالف _ وفى بجاحة وقلة من الأدب_ جوته حين يقول ( المسرح مؤسسة ثقافية)،  ثم تخالف مـرة ثانية في رأي فريدريك شيللر حين يذكر (المسرح مؤسسة أخلاقية).

سواء رضى الزميل السيد حافظ أو لم يرض، سواء لم يعرف التاريخ وعرف بحسه النابض، وماهو أشرف وأعظم، ففكاهيته هذه تعود إلى أصل نوع الميموس mimus.

الذى ظهر إلى جانب الأعمال الإغريقية الكبرى.(1) (كعرض درامى كوميدى يعالج أحداث الحياة اليومية العادية فى مرح وترفيه وفى اختلاف فى تكوينه الفنى كما فى الشكل أيضا عن الأنواع الدرامية الاخرى كالتراجيديا والساتير ..ناقشت درامات الميموس عادات الشعب اليونانى القديمة . كان ابيكارموس أحد كتاب الميموس الكبار وترك 37 عملا ميموسيا لامعا تخدم كل النماذج البشرية فى المجتمع الإغريقى.)

وفى ظنى أن مهمة هذا النوع الشعبى الاجتماعى فى كلمتين اثنتين هو تنقية الأخلاق بالضحك وهو ماسعت إليه مسرحية السيد حافظ حرب الملوخية فى لحظة من لحظاتها.

نعرف تاريخيا أن التراجيديا قد سبقت الكوميديا اسكيلوس، سوفوكليس، يوريبيديس، ثم ارسطوفانيس .لكن تسبس المولود فى بدايات القرن السادس قبل الميلاد كان أحد أفراد الكورس الكوميدى الدورى وتعترف تراجيديات اتيكا بإرثها بكل علامات تسبس وإبداعاته .كما أن هييورون تيرانوس Hieron turannosz أكبر علامة فى الميموس الأدبية الراقية يذكر ان الشخصيات فيها جاءت من الطبقة الوسطى والطبقة الدنيا (صيادون، مسنون، رسل اخبار، خياطات ملابس، حموات ) اليست شخصيات السيد حافظ قريبة من هذه المسرحية. ثم اجد تشابهاً حسياً ان لم يكن مطابقIdentical بين السيد حافظ ومؤلفوا الميموس على مر العصور فى التعبير عن ايام الاسبوع العادية، الشخصيات تشوه الأشياء لتصل إلى الهزء، تواجد الغناء والريسيتاتيفو Recitative ) ) ( الكلام الموقع بدون موسيقى ) . لعلنـي أري روح أو شبح كراتينوس ( 400 ق .م ) يتقمص روح السيد حافظ والذي وصفه نقاد الأغريق بالجلاد LASH الذي هجي بركليس وعصره رغم عظمته في دراما ( نساء ثراك ) ثم في درامته (تفهاء المزاح،  (CHAFF .

إن أكبر ممثل للنوع هو ارسطوفانيس.. لقد رأي بعينه الفاحصة الناظرة إلي الأمام بعيداً . إن بدء السقوط سببه حروب الديمقراطية الغوغاء، وان هذا التفسخ والفساد والسياسة الأمبريالية سيقودان الشعب إلى التدمير .

فوقف موقفا معاديا ضد القرارات الضارة والخاطئة مهاجما وسطاء الوحي ORACLES

الذين تولوا دعاية وبروباجندات الحروب .

كما اجد القضايا الاجتماعية عند السيد حافظ تتجسد بداية كرمز قوي في عناوين معاركه العشرة التي تتكون منها الكوميديا التاريخية ـ المصرية ولا اقول العربية لغيابها عن بقية الاقطار العربية إذا اردنا الدقة والمسئولية .

- المعركة الثالثه طابور العيش .. سكان مصر سرقوها . لعله يقصد طبقة خاصه من السكان

ـ المعركة الكاريكاتيرية الرابعه تشتري كلب او قطة او اي لحم فاسد كما حدث في التاريخ من طغاة تجار لحم الإنسان

ـ المعركة السادسة .. الزمن الردئ

ـ ثم المعركة العاشرة تجار مصر سرقوها وخانوها تاني وتالت ورابع من عناوين هذه المعارك التي تمثل المشاهد او اللوحات، اردت الافصاح والقاء الضوء علي ماتحتويه من صدق وجرأة وحب وولع لمصر وشرفاء المصريين .

يربط السيد حافظ بطريقة ذكية بين نظام السوق الانفتاحي وفيه كل تاجر بما يريد او يراه، وما تجره هذه الحرية ABSOLUTE  من مصائب علي الملايين من شعوب العالم الذي يسمي (حر ) هو الآخر . عرف السيد حافظ تركيب مادته علي اسلوب ميناندروس .. اسلوب تصوير الحياة في عصره بلا تجميل او مغالاة . كان لأرسطو فانيس المؤرخ وليس الكاتب الأغريقي الشهير، الحق كل الحق حين ذكر "(2) ميناندروس والحياة " من يقلد منهما الآخر ؟ " فالحياة ولو للحظة واحدة لم تكن مسرحية فكاهية بالمرة . وعلي كاتب ( الكوميديا أن يقرر بمرارة . وفي جزئية من أجزاء مسرحيته أن الذهب والفضة هما الجديد الآن الذي ينبغي اجلاله وتقديسه عند المذبح، الإله الذي يجب الدعاء له . حينئذ يمكن للإنسان أن يحصل علي ما يريد وعلي كل ما يتمني .. الأرض، البيت، والخدم، والملابس المزينه بالفضة، والأصدقاء، والتملك وكذا الشهود . أما مصير الإنسان المسكين فحياته سير في طريق النير والعبودية حتي النهاية . يصل واحد من الممثلين في دوره إلى ان أفضل طريقة للحياة هو أن يولد ثانية من جديد والأفضل أن يولد علي هيئة حيوان حتي لا يستمر في عيشته الإنسانية هذه "(3) .    

          ويذكر ممثل ميموس آخر في نوع انبثق عن الميموس يسمي البانتوميموس PANTOMIMUS في منولوج يوجهه إلى الجمهور " .. كل واحد يفهم مانقدمه حسب احساسه وحسب ما سيتعرف عليه . فبدون استعمال اكراه او اجبار منا ستنكشف الفرجة : اعرف نفسك ثم غادر المسرح بعد أن تتعلموا ما تختارون، وكيف ؟ وما يجب الابتعاد عنه، وساعتها ستحسون بالمعرفة التي حتي الآن لم تنتبهوا اليها....."

 ـ مناهضه دكتاتوريات الأديان

 بعد القرن الثالث الميلادي تعرض كتاب وممثلوا الميموس إلى الاضطهاد وملاحقة المجتمعات في أوروبا ووضعوا ضمن المغضوب عليهم حتي يغيروا أفكارهم ومسرحياتهم المنتقدة للكاثوليكية . ومع ذلك فالعروض تتوسع في كل مكان ويخرج النوع الأجتماعي الأخلاقي في القرن السادس الميلادي إلى كل البلاد الأوربية شرقية وغربية حتي ينبري المطران أوجستون AGOSTONE معلنا الحقيقة في اعتراف عام 398 ميلادية " إن تقنية الميموس قد راقت لي . في عصري أحببت كل العروض بدرجة عاطفية كبيرة لأنها كانت مليئة بصور حرماني أنا، وبشعلة الحب المتقدمة، لأنها تهدد الابتلاع swallow

ابتلاع الإنسان للآخرين، وقبول الأشياء من غير سؤال أو اعتراض، ثم تصديقها في سذاجته (4) "

          هذا التجاوز للمعقولات الدرامية وما دأبت عليها درامات الخداع والتملق وتجميد احاسيس وقوي الجماهير المشاهدة، وما جاءت عليه مسرحية حرب الملوخية أراه قد تجاوز إلى حد بعيد الدراماتورجيا القديمة، بل ومتمردا علي نظامها الأساسي (المقدمة فالصعود إلى القمة فالحل علي شاكلتين في التراجيديا أو الكوميديا . بل لعلنا لا نجد في فاتحة المعركة العاشرة، آخر لوحات المسرحية الا امتداد للوحة الحادية عشر . بمعني امتداد المعارك، حتي تصحيح الأوضاع الاجتماعية . وسواء كانت حادثة لحم الإنسان وانتهاك حرمته في المسرحية لها أصل تاريخي أو هي من صنع السيد حافظ وفكره، فإنها في الحالتين تضع صورة رهيبه من صور اللا إنسانية العمياء التي تفطر القلب .

عاشت كثير من الأنماط المسرحية الاجتماعية علي نقد الواقع الاجتماعي، وواجهتها متضادات للإجهاز عليها، ومع ذلك فالتاريخ العالمي للمسرح يسجل الكوميديا دي لارتي commedia dell arte.

مسرحيات النموذج الإيطالي ALL ITALIANA. المشاهد الكوميدية RECREAZIONE COMICA ، الكوميديا الشخصية SOGGETTI COMICO

كما عاش نوع spielmann في المانيا في مستهل عصر النهضة الأوربية حوالي 1460 ميلادية، وصال وجال الكوميديون الجوالون بمسرحيات (اليوجلاروك) JUGLAROK في اسبانيا (HISPANIA) بعد حكم العرب لأسبانيا وكذلك وجدت الكوميديا الراقية (أرويتا) OMMEDIA ERUDITA مجالا لتأسيس نظرية المسرح ودراماتورجيته لمستقبل المسرح العالمي.

وماذا نقول في عاصمة صغيرة مثل أمستردام AMSTERDAM التي بمجموعة صغيرة من الممثلين عام 1496 ميلادية تطلق علي نفسها (شجيرة الورود ) ROSEBUSH

تنشئ مركزا للمواطنين الإنسانيين ينطلقون منه في كل الإتجاهات الفكاهية والفرجوية، بل ويتجاوز منها إلى رفع شعار الآداب الدرامية في المسرحيات.

يكتب أنطونيو سبستيانو مينتورنوANTONIO SEBASTIANO MINTURNO عن تقسيم الأعمال الفنية الاجتماعية فيقول " التراجيديا في أعلي الدرجات تتكلم عن أمجاد الرجال والأبطال، أما الكوميديا فهي متعة الطبقة الاجتماعية الوسطي لأنها تذكر مدنهم والتجار الصغار والفلاحين والقرويين والجنود، والساتير تأتي في درجة أقل شعبية تضنح شخصياتها الضحكات "

إلى جانب ما أشرت اليه سابقا عن عناوين اللوحات أو المشاهد أو ما أطلق عليها السيد حافظ (المعارك) كانت هناك معركة حامية أخري، أراها معركة (اللغة) التي يوصل بها زميلنا المؤلف الدرامي مضامين مسرحيته، نابعا من صلب وإطار الفكاهيات الأرسطية، حدد لغة تنضح بالعصرية ." إننا نتقبل اليوم في المسرح المعاصر مالم نكن نتقبله قبلا . وما هو أمر طبيعي طبيعة الحياة اليومية المتجدة والمتغيرة... إن الأهم هنا هو (التحرك، والتجديد والابتكار وعدم الوقوف ( محلك سر ) (5)

الحوار ينقلك توا إلى عصر ما أو زمن ما أو حتي إلى شخصيات بعينها . الأمثلة ومقاطع الأغنيات التي تلقي حوارا تشير إلى كثير من فكر المضمون المسرحي . حجم محدد ويملأ المعارك العشرة في كل معركة بما يتناسب مع الموقف الدرامي بل ويثريه أجد كل هذه المعاني ملخصة في عبارات كالآتي:

إحنا في خدمة العدالة ياباشا

يا ميت وانت صغير

بلا خيبة . الجواسيس ماليه مصر واحنا مش عارفين

مش اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي ؟

القمح سبب بلاء الشعوب

كثير من الوزراء يجهلون الدنيا والدين

مشكلة القمح مشكلة عالمية ( هذا حوار منافق من المنافقين )

حب ايه اللي انت جاي تقول عليه

يخلط السيد حافظ بحسه بين الكلمات ( 41 شارع – شاعر الشعب )

وشتان بين المعنيين

لكن يلذ له الإبدال بما يخدم الكوميديا التاريخية

إرحم يا ساتر دستور

ياختي علي جمالك وعلي بقك اللي بينقط عسل

نار نار وانا قلبي مولع نار

والنبي ما تحذقش كده لأحسن يطقلك عرق .

أخيرا أري السيد حافظ وهو يلجأ إلى نوع من كوميديا الأبسيرد ABSURD المتشحة بالكوميديا السوداء وهو يخلط بين عناصر النوعين ليصدم المشاهد . فدفن مائتي جثة يوميا ليس دليلا علي رخاء أي شعب أو رفاهيته. لعله دليل علي الجوع والمرض وقرارات المستنصر بالله .. هذه القرارات الغبية التي أوصلت شعبه إلى السيستم الأمريكي (حرية التجارة وحرية السوق) لكن امام اصرار الشعب . يضطر إلى ترك السيستم واستبداله حتي يبقي حاكما طول العمر .

دراما تاريخية كوميدية لو وجدت من يجرؤ علي إخراجها أو مسرحا يتبني فكرا عصريا، لفتحت المجال امام عشرات من الفرق الخاصة الهشه، بل ووجهتها لخدمة المسرح المصري بدل الارتماء في المهاترات والرقصات والجنس واللا أخلاقيات، ولأفادت وهو الأهم ـ جماهير المسرح المصري، ان كانت لا تزال هناك جماهير للمسرح وأقصد بالجماهير حصيلة شباك التذاكر الذين يأتون للإستمتاع بالثقافة المسرحية من حر مالهم، فجماهير (البونات) للدخول هي ( شحاذو) المسرح كما كان يطلق عليهم في نهايات العصور الوسطي بعد أن أصبح دخول المسرح يعتمد علي ايراد شباك التذاكر .

لعلي الا أكون قد اطلت راجيا أن يوفق الله الزميل السيد حافظ الذي لا يكل ولا يهرم لازلت أراه كما هو شكلا وموضوعا كما رأيته أول مرة عام 1989 عندما استضافني في مهرجان يوم المسرح العالمي بالإسكندرية .

والله ولي التوفيق

المراجع :

(1)تاريخ تطور فنية المسرح . سان بيتر للطباعة، مارس 2002 م ص 37- 38 . المؤلف كمال الدين عيد

FALUS ROBERT : AZ ANTIK VILAE IRODALMAI

(2) آداب العالم القديم . تأليف فالوش روبرت BP 1976 .352

(3) قطعة أدبية . تأليف ميناندر ; STUCKE  MENANDER.

ميناندروس

(4) , 1903. 87. 88 Hermann reich . mimus .I .II . BERLIN

     هرمان رايخ : الميموس ج1، ج2، 1903 ص 87، 88

(5)  توفتو نوجوف .. والمخرج المعاصر . كلمة التقديم، ص 6 

 

 

 

 

 

 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More