Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 21 أكتوبر 2023

أنا من جيل كتب عليه أن يكون وراء الشمس - حوار

 مع الكاتب المسرحى السيد حافظ

المسرح التجارى تدعم الأنظمة العربية

أنا من جيل كتب عليه أن يكون وراء الشمس


حوار اجراه معى الصديق المرحوم الشاعر الكبير محمد يوسف 1984 ونشر فى جريدة الفجر باشراف  مسعد اسماعيل فى ابو ظبى



 .........

مع الكاتب المسرحى السيد حافظ

المسرح التجارى تدعم الأنظمة العربية

أنا من جيل كتب عليه أن يكون وراء الشمس

أجرى الحوار – محمد يوسف

جريدة الفجر الثقافى مارس 1984

*****

- طفل صغير ى حارة شعبية .. يبلغ من العمر 6 سنوات أمامه فجأة – الأراجوز – يتجمع مع الأطال ويقدم الحنين لهذا العالم الضبابى القديم – لم يرى فى دكان صغير فى شارع محسن ، خيال الطفل "ب5 مليم" ويشب خياله من جديد.. حزمة من الأنهار تلف عقله – يفر من منزله ليرى خيال الظل ويخاطب الأقنعة ثم ينزوى مع الصبية يفقد لهم ما شاهده – ضربنى أبى عدة مرات حتى إن الأراجوز وخيال الظل – حتى شاهدت معه السيتما ذات مرة مصادفة فقلت لنفسى هذا هو العالم الجديد – كنت أحفظ الأفلام وأحكيها للأطفال .. لكن هذا المؤثر كان ثانوياً ثم راعتى ما شاهدته فى عالم الفجر عندما شاهدت حندوق الساحرة – لاعبة النار تلون الماء – وتجمع الناس حوله والوشم الجميل على ذقنها – سحرتنى بأنوثتها وسحرها وتجميع الناس حولها عالم السحر والأنى مكونات فى ذهن طفل يجرى فى الحارة المصرية العربية يرى الجائعين والفقراء يغنون.. يلعب بالورق تبهره تكنولوجيا السينما يصنع من أحلامه نموذجاً للفن.. ينهض من نومه ويكبر حتى يصطدم فى سن الثانية عشر بمجموعة من الأطفال فى أحد المراكز الضيقة فى مدرسة العباسية الثانوية ويلتقى برجل يمثل أدوار نجيب الريحانى يدعى حمدى عباس هذا الرجل .. جاء إلى ملعب كرة السلة حث كنا نلعب وسألنا من منكم يشترك فى فريق التمثيل؟. اشترك كل الفريق باستثناء شخص واحد هو أنا.. وهنا قال الرجل تعالى مع زملائك.. أخرجنى من سلطان الحرج وبدأ يوزع الأدوار وبعد أيام هربوا جميعاً من فريق التمثيل ما عداى لقد خرجت من الملاعب إلى خشبة المسرح إيقاع جديد.. سحر الأضواء المخزون داخلى.. لسلطان الفن روح الخفاء التى لا تموت.. خرجت من مسيرة كرة السلة والملاعب إلى هذا المجهور.. حتى جاءت المرحلة الإعدادية.. وهناك وجدت فرصة كى أمثل ولكننى لا أعرف النصوص المسرحية من أين تشترى.. وكيف يحصل عليها .. وكنت كالغريب فى مدينة وسعة .. وهناك قابلت مدرس اللغة العربية (رحمه الله) محمد الأمير القاضى.. وكان عاشقاً محباً للمسرح.. وعندما تكون الفريق سألتنى.. لماذا لا تؤلف لزملائك.. ولماذا لا تدربهم.. كما شاهدت عباس حمدى يدربنا.. دربتهم وبدأت فى تأليف اسكتشات.. قامت النار فى المدرسة.. وانسحقت من الحاقدين من زملائى واحترقت فى التدريبات وبقيت زماناً أؤدى دوراً مهماً فى شخصية "شيخ الكاتب" الذى يحارب الأمية.. ووجدت نجاحى عندما رسم 95 بالمائة من طلاب المدرسة شخصية الشيخ فرحات الكاتب فى امتحانات نص السنة.. عندما طلب منهم رسم أى موضوع يحبونه.. وحتى انتهت المرحلة الاعدادية بفوز مدرسة النهضة النوبية الإعدادية بكأس أحسن مدرسة فى فريق التمثيل.. وعند انتهاء تلك المرحلة كانت أول فرصة أمامى هى مركز الشباب بالشلالات وهناك انضممت إلى فريق التمثيل بعد عناء وجهد وكان مدرس الفريق فناناً موهوباً مثقفاً لم يساهده الحظ لاقتحام أسوار القاهرة الفنية هو (محمد فهمى) هناك تعلمت أن أجد النصوص المسرحية وتاريخ المسرح وقرأت المسرح الاجتماعى لتوفيق الحكيم وشاهدت كل مسرحياتى هيئة المسرح.. وتعرفت على شكسبير وبوربينس واسخيلوس والمسرح العالمى والمسرح الأمريكى والسوفيتى.. كانت حياتى القراءة والتمثيل والثقافة ونسخت فى العالم الأول ملخصاً ل145 مسرحية عالمية ومائتى مسرحية عربية.. تعرفت على سعد الدين وهبه ونعمان عاشور وميخائيل رومانى وشوقى عبد الحكيم ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوى والفريد فرج.. زمن يجرى – زمن يتداخل .. وأنا أجرى فى القراءة والثقافة.. فتم تعينى كومبارس ثم انتقلت إلى مساعد مدير مسرح ثم مدير خشبة المسرح ثم ممثل ثم ممثل أول ثم مساعد مخرج أول.. حتى جاءت مسرحية عالمية وانتهى المخرج محمد فهمى قراءتها أمام الفريق.. قلت له هذا عرى فكرى.. لا شئ بها.. ضحك وقال.. ألم تعجبك قلت لا.. الفكرة عظيمة ولكن الحوار ساذج وسطحى حتى لو كاتبها عالمى.. قال هل تستطيع أن تكتب هذه الفكرة بشكل آخر قلت نعم قال اكتبها إذاً.. وبعد أسبوع أحضرت المسرحية لها حوار جديد وبنفس الشخصيات ونفس الحبكة ولكن المعالجة تختلف هنا قال لى محمد فهمى.. أنت ستؤثر يوماً ما فى المسرح العربى والعالمى.. ضحكت قال : أنا لا أمزح.. وهاجر محمد فهمى من مصر إلى الكويت ثم إلى ليبيا وأصبحت المخرج المسئول عن فريق كامل للتمثيل أكبر أفراده 49 عاماً وأصغره أنا.. وفى أول اجتماع قررت نسف خطة الفريق وإلغاء مسرحيات الريحانى والبحث عن نصوص جديدة.. وقلت للفريق أمحوا زمانا كنا نعيشه فى الثلاثينات علينا بالمسرح التجريبى حتى يكون لنا مسرح مميز بنا كشباب وكدولة وكأمة.. وهنا انقسم الفريق إلى فريقين فرق معى وفريق ضدى .. وبدأت اكتب للمسرح وأعيد كتابة مسرحيات لمؤلفين كبر.. فكرة تدور تثقب رأسى الصغيرة.. وفى كل لحظة ويعاد كتابة المسرح والحوار.. كنت أجد نفسى أصارع الحياة الشط.. لا ظل لا راحة.. إننى أمام تاريخ حافل والممثل الذى أمامى هو جزء من حضارة.. كنت أقرأ الشعر والسياسة والتاريخ والفلسفة .. كنت أرى أن الشعر هو جلد المسرح وأحذر الإسفاف ولم تدهشنى الستينات ولم تدهشنى الأشياء كنت أجتاز الإنبهار وأبحث عن قافلة الفن.. الرؤية – المستقبل – كنت العاشق فى قلب المسرح وكنت كناقوس العمال.. والهلال الصغير فى مساء ملبدة بالغيوم.. كنت اخترق عالم الكتابة والإخراج والتمثيل الغير مهادن والغير صدامى وشاهدت المذيعة الفكرية التى أقيمت لآخر الفنان القاص الرائع محمد حافظ رجب فقررت أن لا انهزم فبعت ميرانى وطبعت أول مسرحياتى "كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى" عام 1970 التى أثارت زوبعة من الهجوم علىّ ورجمونى فى الصحف القاهرية جميعها وليس أيأس..

حتى قدمت مسرحياتى فى إرجاء 17 محافظة فى مصر وفى العراق درست إحدى مسرحياتى فى المعهد العالى للفنون المسرحية هو الطبول الخرساء فى الأودية الزرقاء إخراج وليم يلدا ثم فرقة مسرح العراق قدمت مسرحيتى حكاية الفلاح عبد المطيع – إخراج د. سعدى ثم فى سوريا فى الكويت من إخراج منصور المنصور.

- المسرح – لماذا ؟

- وهلى المسرح خيارك الأوحد...؟

- المسرح هو الحياة.. الحضور.. أليس رائعاً أن تجد الناس تنزل من بيوتها فى ملابسها الأنيقة متجهة إلى مسرحية ويدخلون إلى تلك القاعة فى احترام وقدسية ويصمتون عند رفع الستار وتسمع شهيقهم وزفيرهم ويصبح العالم الذى أمامهم هو دفتر الواقع وحلم المستقبل وعن الأيام.. يبكون ويضحكون ويثورون .. أليس هذا التجمع حول المسرح كأنه عربى الحياة المتجدد كل ليلة.. وكأنه موجه من الرؤى للفنون التشكيلية والموسيقية والرقصات التعبيرية والكلمة الشعرية.. وإن المسرح جذوة النار التى لا تنطفئ.. إنه كالشمس لا يموت.. كالإنسان الذى خلق فى سابع يوم من أيام الخلق الأن إنه سحر الأمم ومعيار تقدمها.. لا أدرى لماذا المسرح هو قدرى وهل هو جسد تجربة الفن الحية.. أو هو عربى الأرض لقد كان المسرح سبباً فى رجمى من الأفلام المهزوزة والمشبوهة والجالة والواعية والواعدة.. وكان سبباً فى شلالات الإشاعات والمذابح لى كنت كلما استدير أجده أمامى وكلما نصبوا لى مشنقة فى ميدان هيئة المسرح هربت إلى الثقافة الجماهيرية وكلما نصبوا لى مشنقة فى الثقافة الجماهيرية هربت إلى مسرح الشبان المسلمين وحينما تواجهنى الخناجر أهرب إلى مسرح الجامعة أو إلى مراكز الشباب أو إلى الساحات أو على الكنائس.. عتاة الهجوم.. جنود الفساد الفكرى كانت تواجهنى هنا وهناك كنت أطلع من هنا لابد هناك.. كنت أنطحن ألف مرة فلا انهزم وأعود من جديد بتجربة كانت لى أل مركب كنت فى التجربة الغزالة التى تحبل بالريح والنار والهضاب.

حتى أن الصديق الشاعر مجدى نجيب قال لى فى إحدى رسالته.. إن صعودك وإصراراك هو الرعب للمفلسين تملك شهامة وإصرار النسر.. أى تحتويك تفتح أحشاءها تنفلت منك رؤى المسرح تتصايح هنا وهناك.

دائماً كنت أشاهد جلادى المبدعين وكنت إذا وجدت الباب موصداً انتقلت من النافذة أو من الحجر.. إلا لمهم كنت لا استسلم حتى جاءنى ذات يوم القاص الكبيرى محمد صدقى فى إحدى الأندية الفقيرة وأنا أقدم مسرحية لقاسم حول وقال ما الذى يخيتك إلى هنا قلت مذبحة الخناجر الإبداعية التى تثاوم لى فى مصر.

إننى أشعر بالتغيب أبداً ولكن كان قدرى للمسرح إلى أن وجدت التليفزيون له سحر خاص كنت أشعر بالغثيان مما يقدم فى جهاز التليفزيون. وضجرت برغبة فى أن أكتب فالتقيت بالمخرج محمد السيد عيسى.. الذى أفادنى كثيراً برؤيته حتى قدمت أول عمل تليفزيونى أثار ضجة ثم أتوقعها – وقامت مذبحة كبرى وقدمت خطوة فخطوة. وأشعر أننى كاتب مبتدئ فى التليفزيون أكبر مما انجزته ولا اهتم بأعماق الأقلام الحاقدة إلى أعلن الحب أثناء الكتابة وفى الحياة. إننى عاشق الكلمة الرؤية والكلمة كالمرأة لؤلؤ ومحار وشراع إننى فخور انجزته وأرفضه إننى اتجاوزه. والأن أتقدم نحو السينما.

- المسرح حياة تتجدد كل ليلة أشعر أننى كاتب مبتدئ فى التليفزيون :

- بعد أن أقنعنى الفنان نور الشريف أن السينما تحتاج إلى الأقلام الجيدة. وبدأت فى أول عمل عن قصة الشاب مصطفى نصر – تحت عنون جيل ناعسة.

كل يوم ابتعد عن المسرح واقترب من التليفزيون والسينما ولكن مسرح الأطفال يشدنى.. إننى عشت فى المسرح تجربة المرارة الكاملة.. أنا الرجل الوحيد فى المسرح المصرى الذى فر من المذبحة إلى الكويت .. إننى نفضت غبار الهزيمة عن ملابسى وفكرت أن اخترق كل المدن العربية ولو أنس وجه مصر ونقادها الذين ذبحوا محمود دياب ونجيب سرور وعلى عبد الله – إننى عربى وفى الساحة العربية أتواجد.. إننى سابح فى سهول وحقول الرؤى لا يهم مذابح وكوارث السبعينات الفكرية.

- المسرح السياسى .. لماذا تلاشى فى ظل سياسة الانفتاح ؟

- بعد نكسة 1967 مباشرة خرج أنين الجماهير فى الشوارع وظهرت حالة الاختناق وبدأ فى سوريا عام 1968 مسرح الشوك قادة سعد ونوس والمخرج كوكش ومجموعة من الشباب كانت ضد تيار الفجيعة وراء المسرح كالصاعفة وفى مصر ظهر فى دمنهور عام 1968 على عبد اللا بمسرحية الوطاويط.. وظهر فى الجامعة مسرح الكبارية السياسى الذى قدمه المؤلف البركان نبيل بدران بمسرحية (البعض يكلونها والعة) وفى مصر ظهر محمد فاضل وناجى جورج فى مسرح القهوة عام 1969 ثم ظهر سعد الدين وهبه بمسرحية المسامير وسبع سواقى وكانت مسرحية نجيب سرور عطشان يا صبايا فى مقدمة المسيرة الجادة للمسرح السياسى وجاءت مسرحيات ميخائيل رومان الدخان وغيرها.

ففى مقابل المسرح السياسى كانت هناك بعض الفلتات الإبداعية تحمل إبداعها المتوج على خشبة المسرح مثل وطنى عكاز النار والزيتون وسر الكون وغيرها.

المسرح السياسى اختفى من مصر بعد عام 1975 لأن المسرح السياسى الذى ظهر فى 1973 لزكى عمر على مسارح القاهرة بمسرحية الشرارة ومسرحية مدد مدد ما تشدى حيلك يا بلد – مشترك مع محمد يوسف وإبراهيم رضوان وكاتب هذه السطور الذى قدم بمسرحية والله زمان يا مصر والتى قدمت فى 17 محافظة من محافظات مصر.

كانت مصر حتى 1975 سيدة الموقف الفنى والفكرى.. ما تقدمه ومصر على أرضية الواقع الفنى من المحيط إلى الخليج فى زمن يتجمع فيه الفنان العربى تحت الخيمة القاهرية.. وحينما كان المسرح السياسى يأخذ شكلاً آخر فى الساحة العربية ظهر فى المغرب الطيب الصديق وعبد الكريم برشيد وكلاهما أعاد سكين الإبداع إلى قلب الشباب العربى يدحرجون الأشكال القديمة متمسكين بيح العصر وهمسات.. وظهر فى تونس عز الدين المدنى كاتباً مسرحياً تجريبياً له صوت مميز فى الساحة المسرحية العربية كما ظهر أيضاً سمير العيادى.

وفى ليبيا ظهر مخرج متطور هو محمد القمودى وفى الكويت ظهر صقر الرشود ومحفوظ عبد الرحمن.. الكاتب المصرى المهاجر فى ذاك الوقت.. وفى سوريا ظهر إيقاع جديد هو فواز الساحر وفى قطر عبد الرحمتن المناعى فى محاولات جديدة جيدة وإن لم تتبلور بشكلها الناضج الذى سيأتى مع الأيام.. وفى الأردن جميل عواد وتجربة أخرى.

كل هذه الأشكال كانت تحمل رؤية مسرح سياسى.. ولكن فى مصر حدثت نكسة المسرح المصرى فى ظل الانفتاح لقد تحول المسرح إلى تجارة رخيصة مبتذلة ولم تتدخل الدولة لحماية الإبداع والمسرح وتركت الممثلين والمخرجين يهربون إلى المسرح التجارى والمسلسلات التليفزيونية لم يتعمل على رفع أجور الممثلين مثلاً لم تنظم خروج الممثل وتحديد كمية أعماله داخل البلاد وخارجها فتركت الأمور لكل من هب ودب.. فهرب الممثلون إلى الاستوديوهات وهرب الجميع هاربين تاركين الجمهور فريسة للأفكار المبتذلة الرخيصة.

لذلك تجد مسرح الدولة فى السبعينات مغلق الأبواب كتاب المسرح المبدعون مسرحياتهم حبيسة فى الكتب والمسرحيات التى تقدم (لا يا عبودة .. لا) (جرى أيه يا دلعدى) – (إحنا اللى خرمنا التعريفة) (كله على كله) هذا ما أفرزته سياسة الانفتاح وأصبح عدوية هو القاسم المشترك فى كل الأفلام وأصبح سيناريو الفيلم يكتب ليلة واحدة.. فى ظل سياسة الانفتاح تدمرت كل القيم الجادة وأصبحت الفترة بكاملها فى حالة غيبوبة.

مسرح الشوك أو مسرح الضد.. هل يمكن يجد له خشبة مسرح فى العالم العربى..؟

- لا مسرح دون ديمقراطية .. والديمقراطية محاصرة فى العالم.. فى العالم الثالث ومعظم المسئولين عن الحركة الثقافية والفنية يرتعدون من على مقاعدهم عند سماع هناك مسرحية ما تحمل فكراً اجتماعياًَ.. ولا أدرى كيف يثق أى حكام دولة فى العالم من أنفسهم.. وهم يرتعدون من مسرحية تعرض أمام ألف متفرج فى كل ليلة إذا كانت هذه السلطات تخلف من مواجهة ألف متفرج (مواطن) يومياً فكيف لها أن يعيش.. إن أية سلطة تخاف من مواجهة ألف مواطن أو مسرحية لا حق لها فى الحياة إن دولة كبرى مثل أمريكا عندما شاهدت مسرح الحى يقدم مسرحيات تدين حرب فيتام فكرت بطريقة أخرى فى جعل المسرح يفقد حماسه إذ أنشأت فى كل مؤسسة اقتصادية مسرحاً يسمى مسرح الحى يدين حرب فيتام بمسرحيات مشابهة.. هكذا صار الحصار والمواجهة بتكرار التجربة أو اختيار تجارب مشابهة ترتدى أقنعة أما فى الوطن العربى فإنهم يطاردون رجال المسرح ويجعلون الشرطة تجذبهم من الشوارع مثلما حدث مع روجيه عساف ونضال الأشقر فى المسرح الحكواتى فى لبنان عام 1973.. ومثلما دخل رجال الشرطة فى عام 1972 فى مسرح جامعة القاهرة لمنع مسرحية (البعض يكلونها والعة) تأليف نبيل بدران وإخراج هانى مطاوع.. وعندما أغلقت الشركة مسرح السويس فى ليلة افتتاح مسرحيتى (6 رجال فى المعتقل) عام 1973 من إخراج عبد العزيز عبد الظاهر المخرج الشاعر.. أليست هذه خيبة أمة..؟ تطارد الشرطة رجال المسرح..؟ إن مسرح الشوك مات فى سوريا ليس لكون السلطة وقفت ضده فى الوطن العربى وهو المسرح الذى يحتاج إلى ديمقراطية ولا ديمقراطية دون حكومة وطنية.

- المسرح التجارى .. الذى يكرس فلسفة الهشاشة والابتذال كيف يعلل استمراريته ..؟

- المسرح التجارى تباركه معظم الأنظمة العربية وأتذكر هنا مهرجان مسرحيات الضحك أو اللعب الذى قدم فى تونس إنتاج الزينى فيلم قدم (21) مسرحية فارس لا يحتوى على أية قيمة اشترتها محطات التليفزيون جميعها فى الوطن العربى أما المسرح الجاد فالمحطات ترفضه بالحجج التالية.

أولاً : إنه مسرح باللغة الفصحى.

ثانياً : الجمهور لا يفهم هذه المسرحيات.

ثالثاً : هذه مسرحيات سياسية.

رابعاً : المسرحيات الرمزية لا تخصنا..

واستمر المسرح التجارى يعنى أن معظم الدول تسانده حتى يستمر وينمو وحتى لا تدعو الناس للتفكير.. إنه مسرح المخدرات ومسرح الغيبوبة ومسرح الدرامات.. وإنهم يسقونا هذا بشكل ظريف ويتجرعه الناس عن طيب خاطر.. أمور كثيرة..

تكرس الابتذال ضغوط سياسية – هزائم عسكرية متكررة – غياب الرؤية الواضحة للمواطن العربى – عدم وجود استراتيجية ثقافية عربية تسلل المدعيين للمراكز الثقافية الحساسة – زيادة الأمية الثقافية والمراد نسبة الأمية الأبجدية..

ضياع القيم غزو ثقافى استعمارى صهيونى مدمر عدم وجود إيديولوجية واضحة فنحن مسلمون وضد القومية العربية أو مسلمون ومع القومية العربية وضد المسيحية أو مسلمون مع القومية العربية ومع المسيحية ومع احترام الديانة اليهودية وضد الصهيونية والتقدمية.

إننا كم من التناقض الهائل.. البيت العربى الواحد يحتوى على عشرين تناقض فكرى سياسى هذا البيت واحد فى العمارة الواحدة كم بيت وفى الشارع العربى وفى الحى العربى وفى المدينة العربية كم من التناقضات إن أخطر ما تواجهه الأمة العربية هو النزعة الإقليمية.. نعم النزعة الإقليمية فدخل المواطن العربى للبلد العربى يحتاج إلى اجراءات أصعب من دخول اللجنة وهذا يدعونى للقول أن فلسفة الوضع العربى الراهن هشة ولذلك زدهر المسرح التجارى الهش.. فعندما كانت الستينات تحمل بوارد القومية والشعور الوطنى كانت الفلسفة الفكرية لتلك المرحلة شبه مضيئة لذلك كان كل شئ شبه مضئ أيضاً.

- فترة الستينات .. شهدت إزدهار فى المسرح هل اقترن هذا الازدهار بمنجزات الفترة الناصرية؟

- من المؤكد أن الحلم الناصرى كان يغطى السماء العربية من المحيط إلى الخليج ولكن هذا الحلم سقط فجأة وأصيبنا بالخيبة ومن المؤكد أيضاً أن الستينات شهدت الإزدهار لأن أصحاب الفكر الاجتماعى بدأو يغازلون ثورة 1952 من شباك التنازلات على أمل الوصول للجماهير العريضة بينما كانت الأمية الأبجدية تشترى والإقطاع يرتدى أقنعة جديدة ودولة البولليس تمارس سلطاتها.. كان المسرح يزدهر فى الستينات لأن النقاد والكاتب وقف على عتاب النبؤة ولكننى أشك فى هذه الفترة كثراً لو كانت هذه المرحلة تملك الأصالة لظهر تلاميذ لجيل الستينات لو كانت هذه المرحلة الحقيقة لدافعت الجماهير عنها.. لكن المسرح الذى قدم فى الستينات أمتلك بعضه رؤية وفقد التكنيك وبعض بحث عن التكنيك وافتقد الموضوع والرؤية.. الستينات كانت الومضات التى فرشت الأرضية ولولا .. أن كارثة 67 كانت أكبر من حجم العسكرى والفكر لكانت هذه الأرضية قد امتدت لتفوز جيلاً من أصحاب النظريات التوقيعية والتلفقية.. والمتاجرة والمزايدة بالشعارات.. المسرح فى الستينات كان يرتدى نظارة سوفيتية وحلة أمريكية ونوايا وطنية حسنة أما مسرح ما بعد 1967 ارتبط بأزمة الفكر وأزمة الأمة لقد تخبط الجميع بدلي كشف كتاب الستينات المسرحيين عن عدم فهمهم لطبيعة المسرح المصرى والشعب المصرى وأن يما يقدمونه لا يمت للواقع المسرحى بصلة فعندما سألت الفريد فرج ذات يوم فى مؤتمر الأدباء الشبان الأول عام 1969 – بما أنك كاتب مصرى وتكتب للمسرح المصرى ما هى خصائص هذا المسرح المصرى.. فضح ك وخرج من قاعة الاجتماعات ونادى حمدى غيث وحسن عبد السلام كى يساعدوه فى الإجابة والذى قالوه أربع كلمات المسرح المصرى هو مسرح المصطبة.. هكذا لم يحدد كتاب الستينات من هم يكتبون ولماذا يكتبون فكانوا جزء من أسباب الهزيمة..

- النص المسرحى هل هو غالب أم مغيب ؟

- لا توجد أزمة نص مسرحى جيد على الإطلاق فى الوطن العربى فى المغرب يوجد أكثر من كتاب جيد مثل عبد الكريم برشيد وعبد الرحمن بن زيدان ولديهم عشرات النصوص وفى الجزائر كاتب ياسين لديه عدة نصوص جديدة وفى تونس مسرحيات سمير العبادى وعز الدين المدنى.. لديهم عشرات النصوص وفى مصر يوجد أبو العلا السلامونى لديه مجموعة نصوص جيدة جداً ونبيل بدران أيضاً.. والخضرى عبد الحميد وفؤاد حجازى لديهم عشرات نصوص جيدة وعبد الغنى داوود كاتب مصرى رائع أيضاً لم تقدم نصوصه على المسرح وناجى جورج.. وفى سوريا توجد عدة مسرحيات جيدة وفى العراق توجد مسرحيات قاسم محمد الرائع وفى لبنان مسرحيات روجيه عساف وفى كل دولة عربية يوجد عشرون نصاً مسرحياً جيداً على الأقل الحقيقية النصوص المسرحية ملقاة على الأرصفة ولكن تحتاج إلى المخرجين الشجعان الجيدية يلتقطونها والى الديمقراطية تفتح أبواب المسارح للجماهير العربية كى تشاهدها.



السيد حافظ مسرحى يلمع فى مصر


 السيد حافظ مسرحى يلمع فى مصر

بقلم : شفيق العمروسى - الاسكندرية



 شفيق العمروسى صديقى من40 سنة كان من الممكن ان يكون من اهم نقاد مصر وهذه دراسة عن مسرحيتى مدينة الزعفران


 السيد حافظ مسرحى يلمع فى مصر

بقلم : شفيق العمروسى - الاسكندرية

مجلة : العصر والثقافة – صفحة مسرح


كل مدينة هى " مدينة الزعفران " 

هنا الفكر كفر... وكل مواطن خائن !

السيد حافظ نجمه طالع فى مصر المسرحية، ماذا يقول السيد حافظ فى مسرحياته ؟

"أرغب أن أرى إنساناً جديداً فى كل شبر، سعيداً فى هذا الكون لن يبتلعه فرد، أحلم بالأمهات تنجبن طفلاً يبتسم ولا يبكى حين يهبط للعالم"

السيد حافظ (من مسرحية "الطبول الزرقاء")

الاسكندرية

من شفيق العمروسى

ما زال السيد حافظ يصر – رغم انتاجه الكثيف – على أن يجعل من كتاباته سلسلة من التجارب المستمرة بغية الوصول إلى "الكلمة الرغيف، الكلمة ، الكلمة التطهير ، الكلمة الشمول" كما صرح يوماً فى حديث صحافى.

ومسرحياته هى من تلك التى تثير فى ذلك قارئها التساؤلات أكثر مما تعطيه من اجابات.

ينتمى السيد حافظ إلى ذلك الجيل الذى عاش فترة من أكثر فترات تاريخنا الحديث تغيراً وتذبذباً، تلك الفترة التى بدأت بسقوط الملكية وقيام الجمهورية فى مصر عام 1952 ، والتى ما زالت ممتدة إلى يومناً.

ولم تكن تلك الفترة منفصلة عن عالم يمتد حولنا شرقاً وغرباً شهد – وما زال يعانى – من تغيرات ومتغيرات سريعة على المستويات كافة، مادية كانت أم معنوية.

تلك السمة الأساسية لعصرنا، ونعنى بها التحول والتغير السريع والمستمر والذى بدت تتحكم فيه تكنولوجيا متقدمة – سواء على المستوى المحلى أو المستوى العالمى – أدت إلى بروز عديد من المشكلات والأزمات، ابتداء من مشكلات الإدارة وأسلوب الحكم شرقاً أو غرباً ، إلى مشكلات العلاقات الأسرية.

وإذا كان هذا يشكل جانباً من معاناة كاتبنا، فلا شك أن مما يزيد من معاناته أنه ينتمى إلى تلك المنطقة من العالم التى سرعان ما اشتعلت فيها حروب وصراعات دموية لمجرد أن بدت بوادر استغلالها بعد عصور من الاستعمار والاستغلال.

وإنسان السيد حافظ خير بطبيعته، هو إنسان جان جاك روسو الفطرى، أو هو إنسان لوك الذى ولد وذهنه صفحة بيضاء، أو قل – بمعنى أوضح – هو ذلك الذى ولد على دين الفطرة. (فى "مدينة الزعفران" يقول مقبول : يا حبيبى يا رسول الله ما معنى الإنسان إذا صار عبداً وصارت الأمة نعاجاً ، اتلهف للقائك ... يا نبى الله.. يا حبيب الله، يا حبيبى .. ضمنى من هذا العالم ، خذنى إلى صدرك... خذنى بعيداً عن عالم غريب عنى غريب").

إذن فالخير يشكل الجوهر الأساسى للموجود الإنسان، أما الشر فهو شر جزئى، تماماً مثلما قال ابن سينا والمعتزلة، الخير موجود فى داخلنا بالفطرة، أما الشر فهو اختراع بشرى، ولذا فمهما كان انحراف الإنسان فى اتجاه الشر فإنه يبقى دائماً فى داله ذلك الحنين إلى "الخير الفطرى".

يتضح موقف كاتبنا هذا من خلال قراءة آخر ما صدر له "حبيبتى أميرة السينما" وهى مسرحية ضمن ثلاث مسرحيات ضمها مجند واحد، فالى جانب تلك المسرحية هناك مسرحيتان الأولى بعنوان "حكاية مدينة الزعفران" والثانية " 6 رجال فى معتقل ".

القديم الجديد

"حكاية مدينة الزعفران" تطرح قضية قديمة – جديدة، ونعنى بها قضية العلاقة بين الحاكم والمحكومين، إذ أنها الشغل الشاغل لمفكرى هذا العصر ولكل ما سبقه من عصور، فمنذ جمهورية أفلاطون وحتى ما يطلق عليه أزمة الديمقراطية فى عالمنا المعاصر، تظل تلك المشكلة قائمة رغم كل المحاولات التفسيرية ، سواء لدى أصحاب "العقد الاجتماعى" أو ديمقراطية الطبقة أو ديمقراطية التحال...الخ.

ومدينة الزعفران ليست مدينة يونانية قديمة حيث ديمقراطية الأحرار المثالية، بل هى مدينة هذا العصر ، ويكفى أن تغمض عينيك وتضع يدك على أى مدينة فوق خريطة العالم لتكتشف أنها مدينة الزعفران، حيث حاكم يمسك من يديه بكل خيوط اللعبة، وبكل السلطات، تعاونه الأجهزة التى عليها أن توجه الناس إلى حيث يكون الصمت – والصمت هنا مقابل للنطق  وإن كان أرسطو قد عرف الإنسان بانه حيوان ناطق ، أى يفكر ويعقل، فالصمت هنا يعنى اللاتفكير، حيث أن التفكير فى مدينة الزعفران "الحاد وكفر وعصيان". وبالطبع حين تصبح مدينة الزعفران صورة لحضار العصر فالهروب منها لن يجدى وتصبح هناك مشكلة "ان تكون منفياً خارج الوطن أو يكون الوطن منفياً داخلك.

فى مواجهة هذا لا يجد المدينة حين يصبح الفكر جريمة وحين يصبح كل مواطن خائناً حتى تثبت براءته" سوى الهروب، ولكن أى هروب ؟ إنه هروب الذات وليس هروب الجسد، حيث "يلقون العقل والوعى فى سيجارة حشيش أو ثدى امرأة أو كأس أو نوم أو صمت".

هكذا يقدم لنا السيد حافظ مدينة الزعفران "مدينة يبحث فيها الأثرياء عن الكلاب المفقودة ويسجنون فيه االإنسان"، حيث الاستغلال فى أبشع صورة ، وهل أبشع بشاعة من أن يضطر الناس إلى جمع النقود لشراء كفن لبائعة طماطم متوفاة، وحيث "لا يترك الحراس أحداً يفكر إلا وقتلوه" .

ولا شك أن لتجربة نظام الحكم فى مصر قبل وبعد 1967 أثراً ورائحة داخل مدينة الزعفران، ولكن الأزمة حضارياً ما زالت مائلة.

ولابد للرفض وللتمرد أن يوجدا داخل المدينة، وهما يظهران فى شخص (مقبول عبد الشافى) فارس المدينة، أو فارس العصر المهزومة فيه القيمة ، أو هو المهدى المنتظر، فأهل المدينة جميعاً فى انتظار خروجه من السجن، بعضهم ليشكوا له آلامهم، والبعض لكى يقودهم إلى التغيير – مقبول هنا يمثل الخير الفطرى المسجون داخل كل فرد من أفراد المدينة فى مواجهة الفساد الذى استشرى نتيجة لخوفهم وصمتهم – أما مقبول فقد خرج وهو يعرف أنه لا يهم أن يقول الحقيقة أو لايقول ، يفكر أم يعمل، يعيش أم يموت، فلما لا يلتقى الضدان حينما تتلاشى المسافة الفاصلة بين الإنسان والحيوان والمعروفة بالوعى، وحين يرتبط الخير بالوعى – كما أوضح سقراط فى القرن الخامس قبل الميلاد – ولآن مدينة الزعفران فقدت الوعى فما على الخير المتمثل فى مقبول إلا أن يهجر المدينة وليذهب للعمل فى الجبل حطاباً أو مزارعاً.

ولكن المدينة لا تتركه، فحين ينادى الناس بسقوط خادم العالم – لقتله الفلاح عبد المطيع - لا يجد الوالى بمعاونة الوزير إلا أن يلعبا لعبة جديدة بأن يرغما ومعهم الناس مقبول لقبول منصب خادم العام... ولكن هل ينجح مقبول – بعدما أصبح خادماً للعامة – أن يترجم أفكاره إلى واقع . أو بمعنى آخر هل نجح الخير فى إزاحة الشر عن المدينة ؟

بالطبع احاطت به خيوط العنكبوت وتحول إلى رقم فى جهاز الدولة، واستطاعوا أن يجعلوا منه واحداً منهم، على الأقل أمام سكان المدينة .

وتدور الدائرة، وينادى العامة بسقوط خادمهمن وهو هذه المرة مقبول، مخلصهم السابق، بل ويرفضون حتى عودته إلى صفوفهم.

وحيث يختفى مقبول يصبح اختفاؤه علامة استفهام: هل يعنى هذا انتصار قوى الشر ؟ بالطبع يظل هناك دائماً فى أحلك الأوقات من يستمع إلى صوت فطرته باحثاً عن الخير، فحتى لاو "ظل الناس يحكون... مقبول مات " فإن هناك من يصر على "إنه حى فى مكان ما".

"حبيبتى أميرة السينما"

أزمة أخرى يعانى منها عصرنا، كل شئ مجرد موضة قابلة للاستهلاك فى مدينة لا تعرف سوى الصخب والضوضاء، فإنه لابد وأن يفكر، وإذا كان التفكير يعتبر جريمة يعاقب عليها فى مدينة الزعفران، فهو يصبح موضة مقرفة ومفزعة فى مدينة أميريكة – أخر تطورات حضارتنا.

هنا فى "حبيبتى أميرة السينما" نلتقى بخطين متوازيين – وبالرغم من ذلك فهما يلتقيان كدليل على لا معقولية هذا العصر – الخط الأول نعيش فيه مع أميرة السينما التى استطاعت أن تقفز من صفوف الفقراء لتحتل مكاناً مرموقاً وسط المجتمع، فهى "بحكم المولد والزمان والمكان" تنتمى إلى العمال أو إلى الفقراء المطحونين، ولكن حين نكتشف رأسمالها الممثل فى جمالها من خلال "العيون النهمة" التى تحيط بها تبدأ فى تغيير موقفها فتحب "تجار الجملة، أصحاب المصانع والسيارات والطائرات، أحب الثراء، أحب مصانع العطور، أحب أن أغرق فى بحر من العطور، أحب نيويورك". وحين يصبح بهذا المعنى فإنه يفقد كل معانيه ومضامينه الإنسانية، ولهذا فهى تعرف من خلال الإنسان الفطرى الكائن فى داخلها أن هذا التحول جعل ابتسامتها أكثر حزناً، وجعلها مجرد بضاعة تباع وتشترى فى سوق صحافة العصر الملونة الأنيقة.

وعلى الخط الموازى نجد الذى يحاول ممثلاً لكل هؤلاء الذين يحاولون الخروج من مأزق هذا العصر بالبحث عن معنى وماهية الإنسان، فهو ينقب داخل الأشياء ، ويفتش فى كل الموجودات بحثاً عن ذاته ، وبالتالى ذات الإنسان، ويكتشف أن الحياة مجرد "صخب وضوضاء" وإن محاولاته لم تجعل منه سوى تاجراً " فى سوق الكلمات "باحثاً" عن كلمة جديدة".

وعلى هذا فليس غريباً أن يتحول من الكتابة للمسرح إلى الكتابة للسينما حيث أنها موضة العصر وبما تقدمه من ربح أكثر وشهرة أوسع وعمل أسهل.

هذا التحول – الذى فرضه نمط العصر – على الذى يحاول هو الذى سهل عليه أن يلتقى بأميرة السينما، بالرغم من أن الأميرة لم تكن ترى فيه إلا "رجلاً تاه عن حقيقته" ومجرد "رجل مفزع".

ومع هذا يظل الإنسان الفطرى ويظل الخير كامناً فينا، فأميرة السينما رغم كل شئ تعرف أنه "رغم وجود الذئاب" فإن فى داخل كل منا "طفلاً ملائكياً" ، بل حتى وهى تخون زوجها فإن الذى يدفعها إلى ذلك هو الرجل الغريب، وهذا الغريب عن الطفل الملائكى الموجود فى داخلنا، هو نفسه الذى يقدم قانون العصر، "أعرف ممثلات كن نشيطات مع رجال السينما كلهم... حتى وصلن من أسفل إلى أعلى... وعندما تصلين إلى أعلى تأخذين لقب العذراء من جديد وماضيك يغطى بالفضيلة".

وبالرغم من موت الأميرة تحت تلال من خطابات المعجبين ، جمهور عصر الاستهلاك لا شك أن هذا الطفل الملائكى مازال حياً، على الأقل داخل كل من لم يمت من ضحايا هذا العصر.

وفى الاتجاه نفسه نجد المسرحية الثالثة (6 رجال فى معتقل) حيث يعرض السيد حافظ لمجموعة من العسكريين المصريين سقطوا فى أسر العدو الإسرائيلى أثر حرب 1967.

ومن خلال هذا العرض يقدم لنا نماذج من المؤسسة العسكرية المصرية تتعرض لمحاولات متعددة من العدو تبدأ من الكلام الهادئ لتصل إلى الإغراءات الجنسية والتهديد باستخدام العنف أو استخدامه فعلاً فى محاولة لتجنيدهم لحساب المخابرات الاسرائيلية أو للحصول على معلومات.

الهم الأساسى هنا هو هزيمة يونيو، يعالجها الكاتب محاولاً أن يفضح دور المؤسسة العسكرية، إلا أنه يجعل من تلك الهزيمة قضية هزيمة الإسنان، فى معركة أكثر شمولاً هى حرب الاستغلال فى كل مكان، ويبدو هذا واضحاً من خلال حوار ضياء (ضابط الطيران المصرى) وضابط المخابرات الإسرائيلية ، فهزيمة يونيو ترتبط بكل رصاصة أطلقها الإنسان بحثاً عن حريته عابراً كل الحدود المكانية والزمانية، مع باتريس لومومبا وثورته المجروحة، ونكروما، وثورات الزنوج ومواكب الفقر ، ومع هزيمة فريزر ومعركة رشيد، مطاردة أحمس للهكسوس ، وصلاح الدين ، وهيروشيما وهانوى وكوريا.

هنا وامام هذا الشر المتمثل فى استغلال الشعوب وبالقوة المسلحة لا يترك كاتبنا ذلك "الطفل الملائكى" قابعاً وهادئاً فى داخلنا ، هنا يتحول إلى قوة تواجه القوة، ولهذا لم يكن غريباً أن يخرج هذا الطفل ليصرخ فى المتفرجين سائلاً كلا منهم عن سلاحه.

امام غربة إنسان هذا العصر ، وأزماته المتعددة ، هل قدم السيد حافظ أى حلول للخروج من المأزق ؟ بالطبع كان من الممكن أن يجعل أحدى القوتين تنتصر فى ختام كل عمل، ولكنه لم يشأ وفضل أن يترك لك البحث عن حل مستثيراً فيه منطقة عالم لا إنسانى، ناحية أخرى لم يشا أن يسقط فى إطار مثالية تفاؤلية لا تفعل شيئاً سوى امتصاص غربتنا التى سرعان ما تحاصرنا مرة أخرى، أو يسقط فى عالم من التشاؤم لا يقدم شيئاً سوى أن يزيد من ظلمة مستقبل الجنس البشرى. ولم يكن موقف كاتبنا وسطياً ، بل هو موقف تحريض وإثارة ، يحضرك ويشيرك ويضحكك ويغضبك ويستفزك ، ثم يتركك لتواجه حايتك والعالم!.

شفيق العمروسى - الاسكندرية

السيد حافظ ومرآة جيلى

  السيد حافظ ومرآة جيلى

شهادة بقلم

أحمد غانم



عام 1985 كتب الفنان التشكيلى احمد غانم شهادة ادبية عنى  وهو فى الكويت وارسلها لى

 السيد حافظ ومرآة جيلى


أحمد غانـم – الكويت

ملحق البيان الثقافى


عرفت السيد حافظ عندما توهجت رؤوسنا وهى تصطدم – بمستطيل – النكسة وهو مستطيل أسود مستن يخالف فى الشكل والمضمون مستطيل كيوبرسك (أوديسا الفضاء) لقد دشن ميلادنا فى لحظة الذبح، والتقينا فى ابهاء وأزوقة دار العلوم الخشبية، كطيور النورس المذبوحة، كان السيد حافظ طالباً يتمتع بتمرده ، وكان الوقت – بالنسبة إليه – هو الفصل الختامى فى رحلة قلقة الجامعى بين كليات التربية اسكندرية و... و... وكنت فى العام 1969 مشرفاً فنياً للنشاط التشكيلى بالكلية. وكان اللقاء حميماً بين خريج كلية فنية ممثلى – الطلاب أقرب إليه من حبل الوريد – وبعد أن مارسوا – الذبح الوظيفى – عليه ، يتمرد ع لى طقوس الوظيفة فى مدينة النكسة التى ينخرها السوس. كنت هذا الذى هو إنسان أولاً وفنان ثانياً ولا موظف ثلثاً.

فقد كنت أقول – إننى موظف فى اللاوظيفة أو – إنها وظائف اعتمدت فى الوقت الضائع البوار من الأمة – كان السيد حافظ ابناً لمدينة ونبتاً للأسكندرية وشقيقاً لقاص سريالى رائع – محمد حافظ رجب – اصطدم رأسه – الكرة – بالجدار المسنن ، وصار رأسه رأسين وثلاثة وزيادة. وكنت ابناً للريف (مسقط رأسى البحيرة ) وزرعاً لمدينة ريفية صناعية (المحلة الكبرى) .

كانت المدينة الكوزموبولاتانية بالنسبة إلى متاهة تحتاج حلاً. وكانت المدينة بالنسبة إليه أوراقاً كرتونية بل أوراق – نرجسية - بائسة سافرة كان تمردى تمرداً استيطانياً طويلا، ومحاورات مع صديق اختزلت فيه العمر والأمة (فاروق عبد العزيز) وكان تمرده صراخاً ومبالغة محببة. وكان – وكأنه – لابد وأن نلتقى النفى جيلنا على مقولة شهيرة – نحن جيل بلا أساتذة – وبدأ جيلنا يكتب وهو أعجب الأجيال فى تاريخ الأمة المصرية (وهذا ما أوكد أن الأيام يتثبته) فجيلنا ليس ابناً محضاً لثورة 23 يوليو. لقد تشمم جيلنا رائحة أساتذة الأربعينات كان أحدنا أو الأخر قد تأثر بعمق بالآثار الأدبية الرائعة لطه حسين أو توفيق الحكيم أو عباس محمود العقاد أو سلامة موسى.

غير أن التيار وهو يجذر بنا ويمد ويجزر قد أخذنا إلى بعيد،، كانت التحديات الفوارة أكثر ضراوة من ضراوة طروادة هذه الذكرى.

ولقد ولد جيلنا فى عاصفة فصرخته الأولى كانت قنبلة هيروشيما، وقسمة كان – النكبة – وحجلة كان ثورة 23 يوليو وفى لحظة الميلاد الحقيقة لأى جيل (التخرج) اكتشفنا أننا أوراق خريف تخرقها البرودة وتذروها الرياح. 

نحن الأحلام الطائلة لجيلين (الرواد / وجيل الوسط) وقالوا : صرح بدون صوت، فالحبل والمشنقة فى رقبتك، احكمت دائرة الحبل على العنق باسم الثورة والنكسة والمعتقلات ونضال الأمة، وامتد الحبل طويلاً باسم – النفط – وبدأ المسلسل الأوسد : مسلسل الكآبة: نفط بطعم الحنظل، ومدائن يحكمها العسكر ويتركون أبوابها ومرانعها ورمالها تحت نجمة اسرائيل التى تتسيد النجوم الأمريكية.

وبدأنا نكتب ونرسم، وكأننا نمارس الطقوس الوثنية للحرية، وجاءت كتابتنا – شفرية – الأدب والخيال والتاريخ البعيد واللاوعى. تقرأ فيصيبك الدوار أو الخبال. المهم أن تكتب لغة لا يدركها قلم الرقيب ومقصه. وهكذا ولد الغموض شرعياًتحت مقارع النكسة.

كان كل شئ فضفاضاً واسعاً، غامضاً ووهمياً : التاريخ والذكر والفاجعة والأنا والمستقبل : ما تعلمناه وما لم نتعلمه. وما لن نتعلمه. كان السيد حافظ يملك تلك الجرأة التى يملكها ابن المدن الكبيرة، والذى تعلم مع الحجل كيف يتشعبط على أبواب الترام والتروللى والباص. يلج مكاتب – الكبار – بركلة من قدمه. وكنت كريفى يحيا ليلته الأولى فى مدينة لا تحسن استقبال أحد.. ويتساءل: لماذا ؟ وكيف؟ والى أين؟؟ وتشكل جيلنا بين جزئيتى ذرته (السالب/ والموجب) بين جبال الاستبطان الشامخة وبين قعقعة الأحجار المتصايحة وهى تدك أشياء المدن. بين الحزن والسخرية. وكانت الدائرة، وبدأ الجوهر واحداً وواعداً. والنقطة المركيزة للحدث واضحة. والتقى الفريقان على لغة رومانسية ثورية : لغة هياج مصطرخ كان يكتب إلينا السيد حافظ اسم أوزوريس اهداءات كتبه هكذا : إلى الأخضر، إلى النورس ، إلى ضياء الماء، وماء الضوء، إلى البنفسج، إلى الطاقة .

واقتحم السيد حافظ مع الطلب والطالبات مخزناً مغلقاً به الكراسى والمناضد والدواليب التى نريدها لمرسمنا، وأقمناه فى الدور الأول الذى قيل أنه آيل للسقوط ولم يخش – أحدنا – شيئاً من سقوط المبانى، كانت ألفتنا عجيبة لهذا المبنى وكنا حجرة وحيدة، تطل على صحن دار العلوم حيث يلمع تمثال نصفى أبيض لمؤسسها – على مبارك – باشا وكنا نشعر بالألفة العميقة مع هذه الأعمد من الأخشاب النابتة من قلب قرن مضى، وحيث يتساقط دهانها وكأنه لحاء لأشجار عجوز – مع الأطلال – أن نستمع إلى ترددات أصوات المحاضرين عبر مائة عام والى سكون الليل، والى شقشق الضوء فى رواق إسلامى والى جابة الطلاب بين الأعمد، والى مرائى المظاهرات الوطنية التى خرجت من دار العلوم إلى قلب القاهرة عبر السنين.

وحاول السيد حافظ أن يمارس الرسم، ولجأت إلى الرسم به. فلوحتى – الخوذة والشهيد – تحمل بصمات قدمه وبيده كنا رمزيين وتجريديين ، رافضين وباحثين عن واقع آخر، وكنا تعبيريين وحوشيين ووحشيين ومجربين. وكنا نمضى الوقت فى هذه الأنحاء إلى منتصف الليل. وكانوا فى الصباح يسألوننى عن تأخير خمس دقائق من الحضور الوظيفى.

كنت أمارس فى قلب الدوام رحلتين مقدستين إحداها باتجاه الجنوب – عابراً الحى الراقى جاردن سيتى النيل ، اسكب العيون فى أبها، أمواهه وأصواءه، ثانيها إننى أعتلى ظهر مقعد حجرى رطب وثانيتهما باتجاه الشمال إلى قلب ميدان التحرير إلى شارع شمبليون اسمع الموسيقى الكلاسيكية مع رفقة أخرى منهيا العرض دائماً – بالدانوب الأزرق.

وكان السيد حافظ يختفى فى نفس الوقت باتجاه الجنوب إلى روز اليوسف وباتجاه الشمال إلى دار الهلال يقرع أذان- الأسماء 0 بصراخه المشروخ روعة.

وبدأت رحلتى مع مسرحية – حدث كما لم يحدث أى حدث – ولم يكن هناك أوضح – فى لغتنا – من هذا العنوان، فالذى حدث هو أنه لم يحدث أى حدث ، وهذا وحده يكفى تبيانا لموقف .. كنت فى هذه السنوات قادراً على أن اتناول هذه اللامعقولية فى الفن كصرخة احتجاج جيل. وكان فى هذا السيد حافظ لا يبارى. ولقد اتممنا دراسة هذا العمل واحتشدنا لديكور مسرحى فيه لوحة مصممة فى أن نرسم بالقلم الجاف الأسود على مساحة 2,5متر. (ولك أن تقدر حجم هذه الطاقة الانفعالية التى كنت نمتلكها)

فلم نكن نلعب . ووقت البيروقراطية كانت نكبة فى جيل كامل بكل فرقة (الموظفين والعسكر والبيروقراطية والدكاترة ضدنا) وكلهم ينظر إلينا وكأننا نتاج كوكب منفصل لا أحد يريد لنا المشاركة بشئ.

تحول السيد حافظ إلى الاسكندرية وبدأت مراسلاتنا ما بين – عزبة دومور – التى بالكاد أدركت فيها شقة متواضعة من ثلاث غرف فى حجم علبة السردين (الغرفة 2,5 × 2,5 متر)وكان الحصول عليها معجزة بمقدم ومؤخر وصداق ونفقة متع ونفقة حضانة وفى النهاية دخلنا فى طاعتها، وما بين مكسنه الذى لم أراه حتى اليوم ، وكان عنوان، أيضاً بالنسبة إلينا عنوناً شفوياً : محرم بك خلف نمره 16.

أخذتنا سفينة الرخ إلى مدينة الكويت وحتى تكون القاهرة ومصر كبيضة فى راحة اليد على استقامتها. وكانت البيضة ما تزال تفرخ أفراخها المذبوحين. وانقطعت أخبار السيد حافظ عنا. واكتشفت المرء عند لحظة الاصطدام الأولى: كم هى وهمية تلك المدن الذهبية. وأننا أخطأنا العنوان : خلف نمرة مدينة الذهب – لقد غلبتنا شقاوتنا وبدأ فى الكويت لنا تحصيل ثقافى فذ وكبير، ونعتز به تلك كانت طبيعتنا: أن نفرخ ثقافة ولا نفرخ دنانير.. وتذكرت أننى فى مشاهداتى الضحاوية (نسبة إلى الضحى) قد امتلأت بدنانير النيل، وحيث تلمع أضواء الأسماء الفضية على سطحه الأزلى. وكان فضل الكويت علينا أن أدركنا الإدراك الكلى صحوباً بإدراك جزئى. هنا كانت رحلة تطبيق الدنانير. لماذا ؟ والتعليم : لماذا؟ والطباعة : لماذا ؟ ومصر : لماذا ؟ والفلسطينيون: لماذا ؟ وعرب النفط: لماذا؟ والسينما : لماذا ؟ والتصميم  : لماذا ؟ والسياسة  : لماذا ؟ والعسكر  : لماذا ؟ والفرد  : لماذا ؟ والجماع  : لماذا ؟ وآه من هذه اللماذا ؟

بدأنا رحلة التخصص والتطبيق الميدانى الشاق ، الوعر، هنا.. هنا إمكانية ما لتطبيق ما. ومعمل اختبار للأمة العربية كلها. وفى مصر إذا كانوا قد استولدوك ابناً لهم بخساً، فإنهم هنا قد اشتروك بخساً وتظل قيمتك حائرة. هذا الجيل الراحل بلا نظرية ابداً لن يعود إلى ثكناته الريفية إلا بنظري . والنظرية معرفة بالأصول والفروع ، بالكليات والتفاصيل . والفلاح يعرف لا يكف يزرع الطين بل كيف يزرع الرمل والماء بل الأفكار والأحلام والمشاعر. الفلاح الحقيقى هو المثقف الذى عاد يدرك أن الأرض كلها ليست سوى تربته الداخلية: قلبه. وفى قلبك يتكون العالم – خلال رحلة المتاهة العربية – لا لا هالة وهمية بل جداراً جداراً ولبنة فلبنة. 

وفى ذات ضحى صيفى صحراوى قائظ، قابلنا (أنا وفاروق) السيد حافظ فى مدينة الذهب. كان فى أعناقنا طوق عمل لـ22 ساعة يومياً. وفاءاً بوعد لصاحب شركة اعلانية. لكنه خلع بعد تمام العمل صوت الرجل إلى صوت الذئاب وكان للسيد حافظ يبحث ظامئاً عن قطرة ماء. كان كلانا مقيداً – وما يزال – إلى عجلة النار والتجربة. ولم نملك أن نعطيه سوى أعمق الأمنية والسلام.. كان القلب منا يتقطع وهو يسكن فى حرجة 6 × 6 متر بها اثنتى عشر سريراً صعيدياً . وكان قد أتى ومعه لفائف نشرة ورسائله وبعض أعماله ، وفى لحظة إنسانية – أقدرها – لحظة امتعاض مزق خطابات – منطقة دولار – إلى منطقة خلف نمرة 16 – وبهدوء سحبت منه عدة خطابات كان آسفاً وكنت مشرفاً على هذا الأسف بعشق لاضحياتنا القاهرية والنفطية.

ومن مجلة – صوت الخليج – إلى المجلس الوطنى للأداب والفنون – بدأ السيد حافظ يتعيث طريقه ويتوازن وكنت فى هذه الفترة أحمل ما بين القاهرة – الكويت وبالعكس الكتب والرسوم الثقيلة، لا أدرى كيف أو أين تسكن، وبدأ عذاباً كعذاب سيزيف وصرحته. قمة الجبل تنكر عليك الصعود . وبطنه ينكر عليك النزول والعود ليس بأحمد. وامتلأ جسدنا، وتضخم الصوت وعرفنا طعم الفاليوم، واتخذ السيد حافظ ثمة المهاجم فى حديثه يا أولاد كذا وكان فى هذا الصراخ – السبعينى أنقى قلباً وأصفى من الأطفال. هنا بدأ يتعلم الهجوم.. ليس على كتاب أرصفة القاهرة، بل على الجنس العربى كله.

وبدأنا – ننجح – والعارف لا يعرف . وظلت للسيد حافظ لغته المسرحية الفضفاة واكتشفت إننى صرت صاحب ذوق محافظ خاصة فى غير الفن الذى امتهته هل هى المعرفة بالتخصص والتفاصيل أم أن المعارك صارت على جبهات تخصصية شتى ؟

وفى العام 1983 طلبنى السيد حافظ لأصمم له ديكور أول مسرحية يكتبها للأطفال – سندريلا – والتى تعاقد عليها مع مؤسسة البدر . قرأت المسرحية فأسعدنى جمالها وإشراقها ، بساطتها ومغزاها.

وبدت النهاية فيها فى قوة وجمال – لحظة التنوير – فى القصر القصيرة . هل يأس ا لسيد حافظ من عالم الكبار فلجأ إلى الأطفال ؟ ! واكتشفت فيها أن ذلك الشاب الذى مازال يتحدث بلغة المطلقات والرموز. وهذا القلب الغوار بالمحبة قد وجد فى نهاية المطاف أين يضع موهبته؟ ولمن يقدمها ؟!

كنت سعيداً بهذا الاكتشاف واكراماً للسيد حافظ اعددت تصوراً للديكور. واعدت تدارك ما انكمش فى الذاكرة من المنظور المسرحى الخ... التقيت المخرج والمنتج وعرضت عليهم تصورى. وكنت ألمس فى شبح السيد حافظ حزناً لم أره فيه من قبل قط.. بلى وبأساً من المواجهة. لقد اختفى أمام ناظرى.. ولم أعد ألقاه.. وكانت مفاجأة لى أن المخرج والمنتج قد استبدلا – لحظة التنوير – بلحظة تعتيم لا تضفى على المسرحية ناراً بل تجعلها هشيماً . لقد أبدلا النهاية إبدالاً.. تحت دعوى إنها نهاية.. تراجيدية ، وأنهم قدموا من قبل ثلاث مسرحيات أو أربع بنهايات حزينة..!!!

فى نهاية مسرحية – سندريلا – السيد حافظ جعل الشرطى الذى يقيش حذاء سندريلا يصرخ : الحذاء ليس حذاؤها.

وسندريلا تصرخ : إنه حذائى . ومن يصدق سندريلا ؟! وبهذه النهاية – وهى إضافة لها قيمة – يكون هنالك مبرر درامى لفهم موقف الوزير الذى يرفض من البداية هذا الزواج ويكون هنالك إثارة حقيقية للأطفال نحو فهم العلاقات الاجتماعية فى عصرهم وصراعاتهم.

وبتغيير هذه النهاية إلى النهاية التقليدية صارت مسرحية السيد حافظ بلا معنى. ولقد حملت تصوراً رمزياً وتجريدياً وعملياً للديكور يخالف تصورات المخرج. فانسحبت من العمل.. ولم يكن السيد حافظ بقادر فى كآبة نفسه المفاجئة أن يصرخ.. ولأول مرة أرى السيد حافظ استبطانياً..

وفوجئت بالهجوم المنظم والمخطط والذى يستعدى العامة على السيد حافظ محملاً إياه ما قاله كاتب فى مصر أن السيد حافظ يطور مسرح الأطفال فى الكويت – وكأنها سبة أو جريمة يقتضى عقابها؟! وهذا السيد المحرر الذى كتب واستكتب غيره طعناً فى السيد حافظ ومسرحه لم يعتنى أن يشير إليه .. هذا الذى يأكل كلمة ابداعات أمثال السيد حافظ.. ويفرد ضد مسرحه الأعمد الطوال العراض لا يشير إلى من يطعنه ...

وهكذا تمت الدائرة، تولد فى أنظمة العروبة فى غفلة من التاريخ والزمن. تنسانا عند المواقف، تبتزنا بكل اسم، وتطعننا دون أن تشير إلى اسمنا.

المهزلة كاملة، هى رحلة السيد حافظ ولأن الناقد، والنقاد تخلوا عن دورهم الرشيد البناء. فقد تمزعت فى أنفس كآبة السيد حافظ الظلال كلها، فاتخذ من الأطفال فى مسرحيته التالية – الشاطر حسن – حفل اختبار للغته الفضفاضة الواسعة التائهة.. وكانت تلك جريمة النقاد بأكثر مما هى مسؤوليته. لقد خالفت تصوره المعذب المشتت .. المشتت هذا.. وارباً به أن يعود إلى سندريلا قاموساً له.. بكلام الأطفال بهذه اللغة البسيطة المشرقة ويعيد سرد حكاوينا القديمة بمرآته العصري البسيطة. لا استعراض فى الفن. ولا لغة فضفاضة ومتشتتة ستعيش للزمن. أملنا فى السيد حافظ أن يخاطب الطفل بحنو قلبه ببساطة الكلمة، وعمق مراييه وشروخات عصره. ستبرز من بين يديه كإشراقة يوم جديد.

ليس حديثى حديث ناقد.. فلست بناقد مسرحى.. إنما هو حديث نتاج رحلة واحدة. ركب فيها السيد حافظ بساط المسرح الذى هو ساحر وأنا مسحور به (هذا البساط) وركبت متون جبال المستحيل بين الضوء والطمى. ولا استطيع الحديث عن السيد حافظ دون أن اتحدث عن نفسى، فهذا الحوار بين أفراد جيلنا صلة لا نستطيه منها فكاكاً، نحن المقيدون فى عجلة النار العربية، نستطيه أن نتخاطب.. أن نتهاتف ، أن نتحاور، حتى ولو عددت الكلمات فى عصرنا العربى كل معانيها حتى ولو كان الصمت حبلاً وطرقاً وأنشوطة عذت.

احمد غانم

الكويت 5 مارس 1985

الجمعة، 13 أكتوبر 2023

الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء مصرــ الجزء السادس - ( 30)

سلسلة دراسات وبحوث في مسرح وروايات السيد حافظ ( 30)

  

دراســــات ورؤى نقدية بعيــــــون مصرية

مسرحيات – روايات

الكاتب الروائى والمسرحى

 السيد حافظ

 في عيون كتاب ونقاد وأدباء مصر


 بأقلام: كتاب وأدباء ونقاد مصر

 الجزء السادس  





أ. د. كمال الدين عيد
د. وفــاء كــــــمالـو
د. أمل درويش
أ.د. كمال الدين حسين
د. مازن الماحى
أ. د. أبو الحسن سلام
د. أحمد محمود المصري
فؤاد نصر الدين

د. كاميليا عبد الفتاح

د. علي خليفة
عبد الغنى داود
عزت علام
أحمد محمد الشريف
فهمي إبراهيم
شاهيناز الفقى
أمين بكير


 كلمة الكتاب

بقلم الشاعر الكبير  يسري حسان

عن الذى تجاوز التاريخ والجغرافيا

لا أعرف متى التقيت بالمبدع الكبير السيد حافظ، أو للأمانة لا أريد أن أعرف التاريخ تحديدًا، فهو قد يعود إلى ثلاثين عامًا مثلًا، وفى التصريح به اعتراف بأني، وهو، قد بلغنا من الكبر عتيًا.

دعك من التاريخ والجغرافيا، فالسيد حافظ تجاوزهما، بسم الله ما شاء الله، وأنا الآخر في سبيلى إلي ذلك لو سرت على خطاه وخطى أمثاله من المبدعين أصحاب الطاقة، لكنى أبدًا لا أسير، وكل واحد حر فى طاقته.

تقريبًا عرفت السيد حافظ ،على المستوى الشخصى ، بواسطة استاذى وصاحب الفضل الأكبر على شخصى الضعيف ، الكاتب الكبير محمد جبريل، فهو اسكندراني مثل الأستاذ السيد حافظ ،والدم يحن، عرفته شخصًا ابن بلد وإللى فى قلبه على لسانه، صلب جدًا فى دفاعه عن الحق ، معتزًا بنفسه وبإنجازه الأدبى المتنوع ، فأنت لاتستطيع تصنيفه ككاتب، هل هو كاتب مسرحي، أم كاتب روائى، أم كاتب أطفال، أم سيناريست ، أم صحفى له تجارب مهمة فى تأسيس عدة مجلات،فهو كل ذلك وأكثر، ولااستبعد أن يكون فنانًا تشكيليًا ومؤلفًا موسيقيًا من ورانا ، فهو قادر ويعملها.

كتب السيد حافظ فى فنون الإبداع كافة ، وأجاد فيها كلها، وكانت كتاباته دائمًا محط أنظار الباحثين والدارسين الذين تلقفوا أعماله وأنجزوا عنهاالعديد من رسائل الماجستير والدكتواره، ليس فى مصر فحسب بل فى العديد من الدول العربية ، مايؤكد تجاوزه لفكرة الجغرافيا، فما من روائى أو مسرحى أو باحث فى وطننا العربى إلا ويعرف السيد حافظ ويقدر إنجازه، والغريب أن الرجل – ولاأعرف لماذا- حظى بتقدير عربي أكثر مما حظى به فى مصر بلده الشقيق، لكن لابأس فلا شئ يضيع هباء، وهاهو المهرجان القومى للمسرح المصرى يكرمه فى دورته الثانية عشرة، كان يستحق التكريم منذ سنوات ، لكن مالايدرك كله لايترك كله.

السيد حافظ ،الذي أنجز عشرات الأعمال فى المسرح والرواية وأدب الطفل، وأنجزت حول أعماله الكثير من الدراسات الأكاديمية،وأخرج عدة أعمال مسرحية، وأخرج أعماله المسرحية مخرجون كبار مثل أحمد عبدالحليم ومحمود الألفى وحسام عطا وغيرهم فضلًا عن المخرجين العرب، وأسس أكثر من جماعة مسرحية، وقدم عشرات المشاريع للمسرح التجريبى والمسرح النسوى وغيرهما،رجل مشاغب أصلًا ولايعجبه العجب، اسكندراني بقى ، وربما لهذا السبب يتم استبعاده كثيرًا ،أو محاولة استبعاده، لكنه- وهذا من غرائبه- لايستبعد أبدًا ، فهو حاضر دائمًا بمنجزه المهم ، وتاريخه الطويل فى العمل الإبداعى والثقافى.

تكريم السيد حافظ فى المهرجان القومى للمسرح،دلالة واضحة على أن ماينفع الناس يمكث فى الأرض ، بينما يذهب الزبد جفاء، فهنيئًا للمهرجان أن تزين بهذه القيمة والقامة الكبيرة التى اسمها السيد حافظ.. ابن الأسكندرية البار، والذى لولا أننى أعرف محل ميلاده، لاعتقدت أنه من شبرا مسقط رأسي، فهو يشبهنا كثيرًا،رجولة وأدبًا وشهامة،فضلًا عن إبداعه المتنوع والغزير.. عمومًا أسكندرية وشبرا "حتة واحدة" زى مصر والسودان أيام زمان!!

 




لقراءة أو تحميل الكتاب كاملا بصيغة  PDF   من أحد الروابط التالية:


رابط التحميل الأول

اضغط هنا


رابط التحميل الثاني

اضغط هنا


***



*****

 عزيزي الزائر

 أنت تتصفح الآن مدونة أعمال الكاتب/ السيد حافظ

*****

مدونة أعمال الكاتب السيد حافظ

مدونة شخصية , فنية وأدبية. تعرض أعمال الكاتب/ السيد حافظ المسرحية والروائية. وأهم الدراسات والمقالات والرسائل والأبحاث والكتب التي تناولت أعماله...





 السيد حافظ كاتب مسرحي وروائي, ومخرج مسرحي, وهو رائد المسرح التجريبي في المسرح المصري والعربي منذ أوائل السبعينيات, كما أنه عمل بالصحافة المصرية والعربية لسنوات طويلة.

برز الكاتب السيد حافظ منذ أوائل السبعينيات ككاتب ومخرج مسرحي تميز بأسلوبه التجريبي المتمرد على القوالب التقليدية في الكتابة المسرحية منذ صدور مسرحيته التجريبية الأولى "كبرياء التفاهة في بلاد اللا معنى" التي أثارت جدلا كبيرا حينها, وهي أول مسرحية صدرت من المسرح التجريبي عام 1970م عن دار "كتابات مناصرة" لصاحبها الناقد التشكيلي/ صبحي الشاروني. كما كان الكاتب السيد حافظ أول من أدخل المسرح التجريبي في العراق بمسرحية "الطبول الخرساء في الأودية الزرقاء" حينما أخرجها المخرج/ وليم يلدا في معهد الفنون المسرحية عام ١٩٧٧م, وبعده بعامين كانت المسرحية الثانية من تأليف/ السيد حافظ  "حكاية الفلاح عبد المطيع" حيث عرضت على يد دكتور/ سعدى يونس عام 1979م, وقدمت في المقاهي والساحات في العراق.

 

وقد توالت أعماله المسرحية التي بلغت حتى الآن أكثر من 200 مسرحية تراوحت  بين المسرح التجريبي والمسرح الكلاسيكي والتاريخي والتراثي ومسرح الطفل, والمسرح الكوميدي, والمسرح النسوي أيضا.




Alsayed Hafez's

business blog

Blog of the works of the writer, Mr. Hafez

A personal, artistic and literary blog. It displays the theatrical and fictional works of the writer, Mr. Hafez. The most important studies, articles, letters, research and books that dealt with his work...

  Mr. Hafez is a playwright, novelist, and theater director. He has been a pioneer of experimental theater in Egyptian and Arab theater since the early seventies. He has also worked in the Egyptian and Arab press for many years.

The writer, Mr. Hafez, has emerged since the early seventies as a writer and theater director, distinguished by his experimental style that rebels against traditional templates in theatrical writing since the publication of his first experimental play, “The Pride of Banality in the Land of Meaninglessness,” which sparked great controversy at the time. He was also the first to introduce experimental theater in Iraq with a play “The Mute Drums in the Blue Valleys” was directed by director William Yalda at the Institute of Dramatic Arts in 1977 AD, and two years later the second play was written by Mr. Hafez “The Story of the Peasant Abdul Muti’”, which was presented by Dr. Saadi Younis in 1979 AD, and presented in cafes. And squares in Iraq.

 

His theatrical works have so far amounted to more than 150 plays, ranging from experimental theatre, classical, historical and heritage theatre, children’s theatre, comedy theatre, and feminist theatre as well.





-    السيد حافظ من مواليد محافظة الإسكندرية جمهورية مصر العربية 1948

-    خريج جامعة الإسكندرية قسم فلسفة واجتماع عام 1976/ كلية التربية.

-    أخصائي مسرح بالثقافة الجماهيرية بالإسكندرية من 1974/1976.

-    حاصل على الجائزة الأولى في التأليف المسرحي بمصر عام 1970.

-    مدير تحرير مجلة (الشاشة) (دبي مؤسسة الصدي 2006– 2007).

-    مدير تحرير مجلة (المغامر) (دبي مؤسسة الصدي 2006 – 2007).

-    مستشار إعلامي دبي مؤسسة الصدى (2006 – 2007).

-    مدير مكتب مجلة أفكار بالقاهرة (الكويت).

-    مدير مركز الوطن العربي للنشر والإعلام (رؤيا) لمدة خمسة سنوات.

-  حصل على جائزة أحسن مؤلف لعمل مسرحي موجه للأطفال في الكويت عن مسرحية سندريلا عام1980.

-     حصل على جائزة التميز من اتحاد كتاب مصر 2015

- تم تكريمه بالمهرجان القومي للمسرح المصري عام 2019.

 كتب عنه أكثر من 52 رسالة جامعية بين مشروع تخرج أو ماجستير أو دكتوراة

 


الجمعة، 6 أكتوبر 2023

مسرحية علي بابا- فيديو

فيديو
مسرحية علي بابا

تأليف 
السيد حافظ
إخراج أحمد عبد الحليم

لمشاهدة المسرحية كاملة







مسرحية سندس- فيديو

فيديو

 مسرحية سندس

تأليف

السيد حافظ

1985

 إخراج /محمود الألفي.

لمشاهدة المسرحية كاملة

من هنا  






الخميس، 5 أكتوبر 2023

الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد و أدباء مصر ــ الجزء الخامس (29)ـــ

 سلسلة دراسات وبحوث في مسرح وروايات السيد حافظ (29 )

دراســــات ورؤى نقدية بعيــــــون مصرية

مسرحيات – روايات

الكاتب الروائى والمسرحى

 السيد حافظ

 في عيون كتاب ونقاد وأدباء مصر

 بقلم: كتاب وأدباء ونقاد مصر

 الجزء الخامس 

د. مصطفى الخطيب

د. ياسر جابر الجمَّال

د. أمل درويش

د. داليا بدوي

د. حسام عقل

د . عايدى على جمعة

حسن الجوخ

أحمد محمد الشريف

سامح سكرمة

شيماء أحمد رُميح

أمـــــل ســـــالم



كلمة الكتاب بقلم

 


ذات مساء ليس بالبعيد، وفي صالون الدكتور "عبد الناصر هلال" همس في أذني أحد الجالسين بعد أن رآني أصافح رجلا يبدأ عقده الثامن على مهل: من هذا؟

نظرت إليه متعجبا، وسألته: ألا تعرفه؟

هز رأسه بالنفي، فأدركت وقتها كم يهمل مثقفون منا في حق مبدعين كبار، دفعتهم ظروف وصروف، إلى الابتعاد، وهم يسعون وراء أرزاقهم الشحيحة في بلاد الناس، دون أن يتوقف عطاؤهم، وينقطع إبداعهم، ويركنون إلى وظائف عابرة، ومناصب زائلة، ومهام، على أهميتها، لا تشبع ذائقتهم. كان الرجل هو الأستاذ السيد حافظ، الذي لا يجهل قامته وقيمته، إلا من ينجذب إلى العابر والذائع وذي الجلبة، ولا يكلف نفسه عناء قراءة كتب من لم يلتقيهم، أو تربطه بهم علاقة وجه لوجه. قلت لمحدثي، يمكنك أن تضغط على زر هاتفك، وتكتب اسمه على محرك البحث "جوجل"، وستظهر لك سيرة ذاتية عامرة، ومدونة تحوي نبذات عن مختلف ما كتب، وما كُتب عنه، أغلبه ليس بأيدينا نحن المصريين، فالرجل يعرفه غيرنا، أكثر مما نعرفه نحن. تبين سيرة السيد حافظ أنه رجل متعدد الإمكانيات والمواهب والخبرات، أخذه بحر الحياة الهائج إلى شواطئ عدة، فرسا على كل منها، يلتقط أنفاسه، كي يواصل الإبحار من جديد، مرة إلى العمل بالصحافة، وثانية إلى العمل بالبحث العلمي، ومرة إلى التأليف المسرحي، للكبار وللأطفال، وأخرى لكتابة الدراما الإذاعة والتلفزيونية، وخامسة لتقلد مناصب إدارية في بعض المؤسسات الثقافية في مصر والكويت، وسادسة في الإخراج المسرحي. وفي هذه المسيرة الطويلة ألف السيد حافظ ثلاثة وثلاثين مسرحية للكبار، وست عشرة للأطفال، وأخرج الكثر من المسرحيات، أهمها "مسافر ليل" لصلاح عبد الصبور، و"الحبل" ليوجين أونيل، و"الزوبعة" لمحمود دياب، وحديقة الحيوان" لإدوارد أولبي" و"الخروج من ساحل المتوسط" وهي قصيدة لمحمود درويش و"آه يا وطن" وهي قصائد لفؤاد حداد، وعبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب ، ومجدى نجيب . ثم أخرج من تأليفه هو مسرحية "كوكو ولولو" و"أولاد جحا"، وكتب ثلاثة عشر مسلسلا وسهرة تلفزيونية أنتجها التلفزيون المصري والكويتي، وتسعة مسلسلات إذاعية أنتجتها إذاعات في مصر والكويت والإمارات والبحرين وقطر، فضلا عن ست عشرة رواية، وقد نشرت له جامعة أريزونا بالولايات المتحدة خمس مسرحيات باللغة الإنجليزية، وثلاث باللغة العربية بموقعها علي الإنترنت، كما نشرت له سبعة أعمال مسرحية بالإنجليزية في بريطانيا، وأعدت نحو اثنين وخمسين أطروحة علمية، ما بين بحث تخرج وماجستير ودكتوراه، في جامعات عدة، أغلبها في بلدان المغرب العربي، عن أعماله المسرحية، فضلا عن العشرات من الدراسات والمقالات النقدية، ونال عدد من الجوائز من مصر وخارجها، لكنها لا تناسب، حتى الآن، هذا العطاء الغزير المتنوع. ولم يكتف السيد حافظ بالتأليف والإخراج المسرحي، ولا بتقلد مواقع إدارية، إنما جمع بين الكتابة والحركة، وهي أمر لم يتأت لأغلبية الأدباء، حيث أسس جماعات تجريبية للمسرح، مثل: "فرقة الصعاليك" و"فرقة ألف باء مسرح" و"جماعة المسرح الطليعي"، وجاب العديد من أقاليم مصر عارضا مسرحياته، مؤلفا ومخرجا. هكذا عرف محدثي من هو الرجل بعد أن طالع سيرته، وسألني: ـ كيف لا نعرف رجلا كتب وفعل كل هذا؟ ابتسمت، وأجبته: ـ هذا ثمن الغربة. فالسيد حافظ غادر مصر في منتصف السبعينيات للعمل بالكويت، ومكث هناك زمنا طويلا، ثم انتقل للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة. في غربته الأولى لم تكن وسائل التواصل كما نعهدها الآن، فانعزل بعيدا، عن أعين وآذان لم تر وتسمع ما يؤلفه، وإن رأته، فلا تتعامل معه بالجدية التي تتعامل بها مع من له حضور جسدي في وسط المثقفين، وهي آفة، لم يفلت منها إلا قلة، لم يستطع أحد أن يغلب، بالتجاهل والغفلة، جمال نصوصهم وعمقها، وقدرتها الذاتية الفائقة على التأثير، بعد أن حفرت مجرى لها، لا ينقطع تدفقه. وجاءت الغربة الثانية لرجل أخلص طويلا للكتابة المسرحية، لتكون بنت وقت يمر فيه المسرح بأزمة طاحنة، كتابة وتمثيلا، فلا دور النشر تقبل على طباعة المسرحيات، لأن قراءها تناقصوا إلى أدنى حد، ولا خشبة المسرح تنتظر النصوص الجادة الجيدة. بين هاتتين الغربتين يمضي السيد حافظ، بعزم لا يلين، وصبر لا ينفد، مخلصا لإبداعه، ومؤملا على أن الذين لم يبذلوا جهدا في سبيل الوصول إلى نصوصه في زمن مضى، بوسعهم الآن أن يردموا الهوة، ويسدوا الفُرج، ويعطوا الرجل حقه المهضوم في بلدنا.


لقراءة أو تحميل الكتاب كاملا بصيغة  PDF   من أحد الروابط التالية:


رابط التحميل الأول

اضغط هنا


رابط التحميل الثاني

اضغط هنا


***



*****

 عزيزي الزائر أنت تتصفح الآن مدونة أعمال الكاتب/ السيد حافظ

*****

مدونة أعمال الكاتب السيد حافظ

مدونة شخصية , فنية وأدبية. تعرض أعمال الكاتب/ السيد حافظ المسرحية والروائية. وأهم الدراسات والمقالات والرسائل والأبحاث والكتب التي تناولت أعماله...





 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More