Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 3 يوليو 2023

شهادات عن الكاتب الكبير السيد حافظ

 شهادات

عن الكاتب الكبير

السيد حافظ

لقراءة أو تحميل الكتاب كاملا بصيغة PDF على أحد الروابط

 التالية:

 

رابط التحميل الأول

اضغط هنا

 

رابط التحميل الثاني

اضغط هنا




شهادات


عن الكاتب الكبير


السيد حافظ


تم ترتيب السادة الكتاب والأدباء والنقاد والفنانين

حسب ترتيب قائمة الدول المشاركة فى جامعة الدول العربية


 

 

أ/د. جميلة مصطفى الزقاي - الجزائر

 

السيد حافظ المبدع المتعدد المواهب والاتجاهات؛ فهو الإعلامي والشاعر والمسرحي والقاص والروائي والسيناريست الذي أنفق العمر كله في الإبداع الخلاق، حتى إن المطلع على إنتاجه لا يخيب ولا يضل طريقه أبدا، أيما جنس طرق بابه عند هذا المبدع إلا وألفاه بالعشرات بل بأعداد هائلة. بل تراه في الجنس الواحد قد اخترق الكائن والممكن إلى ما يتجاوزهما ليضع بصمته الخاصة في هذا الجنس أو ذاك. فإذا تعلق الأمر بالقصة، فلديه القصيرة والأقصوصة والقصيرة جدا، والأمر نفسه في مجال المسرح. وهذا ما جعل الباحثين والنقاد فرادى وجماعات يتصدون لإبداعاته كل بحسب ما يجيد ويتقن من مناهج وأليات وفي مختلف الأمصار. لا يحتفي السيد حافظ بمؤلفاته الخاصة مثلما يستضيء محياه نورا وتغمره سعادة لا تضاهيها سعادة حين يصله مخطوط أو كتاب ألف عن أعماله المثيرة والتي تطرح تواليات لا حصر لها من الأسئلة والإشكالات.

السيد حافظ المبدع الذي صنع الاستثناء!!!

السيد حافظ المبدع المتعدد المواهب والاتجاهات؛ فهو الإعلامي والشاعر والمسرحي والقاص والروائي والسيناريست الذي أنفق العمر كله في الإبداع الخلاق، حتى إن المطلع على إنتاجه لا يخيب ولا يضل طريقه أبدا، أيما جنس طرق بابه عند هذا المبدع إلا وألفاه بالعشرات بل بأعداد هائلة. بل تراه في الجنس الواحد قد اخترق الكائن والممكن إلى ما يتجاوزهما ليضع بصمته الخاصة في هذا الجنس أو ذاك. فإذا تعلق الأمر بالقصة، فلديه القصيرة والأقصوصة والقصيرة جدا، والأمر نفسه في مجال المسرح. وهذا ما جعل الباحثين والنقاد فرادى وجماعات يتصدون لإبداعاته كل بحسب ما يجيد ويتقن من مناهج وأليات وفي مختلف الأمصار. لا يحتفي السيد حافظ بمؤلفاته الخاصة مثلما يستضيء محياه نورا وتغمره سعادة لا تضاهيها سعادة حين يصله مخطوط أو كتاب ألف عن أعماله المثيرة والتي تطرح تواليات لا حصر لها من الأسئلة والإشكالات.

لقد حضيت مؤلفاته بالكثير من المجلدات النقدية التي يتبع صدورها عن كثب وهو مستعد لينفق عليها من وقته واهتمامه وراحته بل حتى من قوت يومه في سبيل أن ترى النور. لم أر للسيد حافظ ندا وهو "المبدع الجبل" هكذا تسنى لي أن ألقبه وأنا أستقل معنى هذا اللقب في رجل أحب الإبداع حتى الثمالة، وتفرد بسيولته الإبداعية المائزة. كتب تقريبا في كل الأجناس لكنه استقر عند آلية السردية فمنح للرواية ما لم يمنحه لفن آخر؛ حيث عوض الثلاثيات والسداسيات الروائية والعشرية الروائية أبى إلا أن يتجاوز نفسه والمبدعين الآخرين ليخرج بسلسلة من الروايات بلغت التسعة عشر.

خط لهذه السلاسل السردية مخططا وبناء روائيا حافظيا بامتياز، فاخترق الموجود إلى التجريب في الروائية المعاصرة، فأطلق العنان لشغفه بأخاديد الرواية ومسالكها الوعرة مركزا على الحادثة التاريخية التي عزم في استلهامها على فضح مستورها حتى وإن تعلق الأمر بأعز ما يملك ويحب "مصر الحبيبة" يوجعها إيلاما ولوما وعتابا ليس رغبة منه في الحط من قدرها وإنما ليراها الحبية المثالية التي لم يظفر بها أحد. في كل رواياته لا يعقل البتة أن تنسلخ واحدة منها من الذاكرة التاريخية لأرض الكنانة. كما أنه لم تعوزه العتبات النصية الأولى في إيجاد العناوين الموائمة لها حين اتخذ من المشروبات "شاي بالياسمين وقهوة سادة وكابوتشينو وغيرها..." تسميات كلها إثارة وتشويق للقارئ العادي والنموذجي مناشدة منه للتفرد.

إبداعاته تتحدث عنه بسخاء حاتمي ومن يركب صهوة نقد عمل من أعماله، فما عليه إلا يتسلح بخزان وخلفية معرفية تسعفه في أن يشاكس ويستنطق فكرا ومعرفة وتاريخا وعقيدة وإنسانية وأيديولوجية وعشقا ...والمتتبع لشخصيات أعماله تجدها السيدة التي تتربع في هيلمان خياله الشاسع لتمسك بزمام السيرورة السردية اللامتناهية من هرم إلى آخر وكأنها تطاول عنان أهرامات الجيزة... لكنها في الوقت نفسه طيعة ومتمردة وساذجة ومحتالة وشريرة وطيبة وحنونة وفضة ... على تعددها وتباينها إلا أنه يمسك بزمامها فلا ينفلت منه خيط من خيوطها... وكأنه أشهر سيف الإبداع الروائي مضاهيا حكايا ألف ليلة وليلة...

تاء التأنيث لديه حاضرة بقوة، إن لم يكن قد استقدمها على الرجل ووهبها عصمة السرد في أريحية تشي بمدى تعلق الكاتب بحنايا الأم الرؤوم والزوجة الفقيدة والابنة المبدعة ... هي الحبيبة والعشيقة والمتسلطة والحيية والفاجرة والألعبان والعاهرة كما أنها التقية النقية الورعة ... كل تلك العوالم ولجها الكاتب ولم يغفل عنها بل كان فيها الخبير بدهاليز الأنوثة الحقة، ونون النسوة التي همشت في الواقع العربي المعيش منحها ما تستحق من مكانة، مهشما تهميشها، وجاعلا إياها سيدة المقام...

صفوة القول في آخر هذه الشهادة الحيية المتواضعة المقتضبة هنيئا لأرض الكنانة بهذا المبدع الفذ، وهنيئا للمكتبة العربية بكل إبداعاته الثرة التي عرفت مساءلات واستنطاقات وتمحيصات، وستظل محط اهتمام النقاد داخل مصر وخارجها. كما أرفع ألوية الامتنان والعرفان والتقدير والاحترام لوزارة الثقافة ممثلة في معالي وزيرة الثقافة "إناس عبد الدايم" على هذه المبادرة الكريمة التي جادت بها عنايتها في حق مبدع كبير أهل لكل تكريم !!!


 

ليلى بن عائشة - الجزائر

 

المسرح التجريبى والسيد حافظ...

اختار السيد حافظ مسلك التجريب في مشواره الفني، فخاض نضالًا مريرًا ضد القهر والاستبداد ليفجر شرارة الانتفاضة العارمة على كل أشكال التردي والتخلف، ومن هنا لم تكن لتهزمه نكسه حزيران لأنها أمدته بفيض من الإصرار والتحدي لليأس والسلبية فتجاوز بذلك أحلام الرومانسية ليصبح إبداعه محاولة لبناء واقع جديد يواجه الامبريالية ويناضل من أجل الديموقراطية والحرية "وينتمي السيد حافظ إلى جيل السبعينات الذي ركز جهوده على القضية التي لم يجرؤ أحد أن يناقشها وهي قضية الديموقراطية والحرية السياسية، والدفاع عن حقوق الإنسان المهضومة في مجتمع يفتقد التقاليد الطبيعية للعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

رضع كاتبنا من ثدي امرأة أسمها الثورة، فلم يكن ليبكي على الأمجاد العربية، وإنما عرض الداء الذي ينخر جسم الأمة العربية وفي المقابل قدم الدواء الناجع لقتل السم الذي يسري في شريان الأجهزة الديكتاتورية، ومن ثمة تشبه إبداعات السيد حافظ إلى حد كبير السيف القاطع الذي يشهر للدفاع عن الحق واستئصال جذور الظلم والقهر، إنه باختصار كما يقول عن نفسه "لست تشيخوف ولست يونسكو ولكنني إنسان مرسوم في معبد آمون ومحفور في جبهة التاريخ، أسطوري الملامح.. فعشيقتي إزيس تهبني في كل رحلة سرًا من أسرار الحقيقة، تهبني رفضًا منقوعًا في شريان الوعي، ولكنني يا أصحابي ألون في داخلي الأتربة والاخضرار والمنازل والقرى والمدن والحواري والأطفال الصامتين.. كتبت على جبهتي بأنني لا أريد أن أكون سطرًا من السطور البيضاء الجوفاء أو كلمة في ناموس أخرس جامد أو ناسك في محراب الاغتراب".


 

 

أ.د. إبراهيم بوخالفة - الجزائر

شهادة أدبية

العالم الروائي للسيد حافظ

طرح الأدب الروائي للسيّد حافظ، وفي معظمه، قضيّة تمثيل العالم، انطلاقا من نقطة ارتكاز ذهنيّة ومتخيّلة، وانطلاقا من منظور إيديولوجي وحواري، ودينامي؛ فعالمه يعجّ بالشخصيّات الطباقيّة، والتي تنتمي إلى عوالم متباعدة، أو متلاحمة، يجمع بينها الشّتات والمفارقات غير القابلة للتفاوض. وكما يتوزّع الحكي على جغرافيا ممزّقة، وعصور متباعدة وتواريخ متواشجة، فإنه أيضا وبالدرجة نفسها يحاول احتضان المتناقضات، من خلال التأليف بين الماضي والحاضر، بين الأنا والآخر، بين الممكن والمستحيل.

 العالم الروائي لهذا المبدع عالم الشتات والتشظّي وغياب نقاط الارتكاز، وضمور الشعور بالانسجام. إنه عالم التوزّع والتفرّق، والانشطار، والتعدّد، عالم يغيب عنه المعنى، وتتوزّع الدلالة بين النفي والثبات، وبين الوجود والعدم، بين الدّاخل والخارج، بين المركز والهامش. إنه عالم نعيش فيه حيرة وشوقا إلى الذّات لا يرتوي، وضمأ إلى الله لا يهادن، ونزوعا إلى الآخر لا يهمد. التاريخ في العالم الروائي للسيّد عجلات مخروطيّة تدور بسرعة الضوء وفي اتّجاهات متعدّدة، وبوتيرة عالية الاشتغال. نشعر بالغثيان ونحن نقتربُ من نقطة الحقيقة فنلفيها سرابا ووجعا ودوارا، وغثيانا، نتوقف بروح سيزيفيّة، لنأخذ نفسا، ثم نستأنف العدو والركض باتّجاه طيفنا، فنحن بين نقطتين ذهابا وإيّابا، نملأ العالم ضجيجا وصراخا، ونداء وعويلا، فيرتدّ إلينا صراخنا فننكفئ على أنفسنا، ونتضاءل حتى يصل ظلّنا الدرجة الصفر.

 وأنت تغوص في عالم السيّد تلفي نفسك أمام سيولة سرديّة لا تعرفُ الحدود الزمانيّة ولا المكانيّة، بحثا عن الذّات المنفلتة من عقالها، ويتشابك البناء السردي مع نزعة حواريّة تمدّ العقل بأسباب الحياة والديناميّة الفكرية والتوثب الروحي. الأجناس الأدبية في أدب السيد حافظ قوالب شديدة المرونة والطواعيّة، تتخلّى عن أهمّ ثوابتها الشكليّة لصالح الدّلالة، فالمعنى هو الذي يحتوي الجنس، والجنس خادمٌ للمعنى. فالشكل في النهاية هو في منتهاه مضمونٌ وفكرة مصاغة جماليا وفنيا.

 في روايات السيد يتشظى الجنس الأدبي وينشطر إلى أشكال تعبير متعدّدة، خادمة لتيمة رئيسيّة، وهي تأويل العالم، والبحث عن قيم فاضلة تجعل الانسجام بين العقل المفكر والكون ممكنا. نجد السرد الروائي والسرد التاريخي، نجد لغة الحوار والمونولوج، وتيّار الوعي حيثُ تُضَيِّعُ الذّات معالمها، فتغدو كائنا بلا نقطة ارتكاز. كما نجد لغة الحكي الشعبي ولغة المثقف وكل لغات العالم الممكنة. والشخصيّات مستوحاة من القاع الأسفل للمجتمع، كما أنها في جزء منها مستقاة من فئة المثقفين وهم يعيشون الكونية والكوسموبوليتيّة بحثا عن معالم حضاريّة أصيلة، ومفقودة.

 كان أول احتكاك لي بالسيّد من خلال رواية "قهوة سادة"، وفيها اكتشفت مفكرا وأديبا، ذا كعب عال في مجال السرد الروائي، ووصلتني بعض أعماله الروائية والمسرحيّة، الأمر الذي مكّنني من تأليف كتاب "انحطاط العالم". التقيته العام الماضي أثناء زيارتي للقاهرة في مطلع شهر فيفري، وكان اللقاء على قصره ملهما لمشروع نقدي متواصل، دفعني لتكوين فرقة بحث جامعيّة لمتابعة أعماله الغزيرة. وأعتبرُ هذا دينا علي أسدّده في حقّ جمهوريّة مصر العربية التي أنتجت سيلا هائلا من المبدعين والمفكرين والنقاد الذين قادوا كتيبة التنوير العربي منذ فجر النهضة العربيّة وإلى يومنا هذا.

السيد حافظ كاتبٌ غزير الإنتاج الروائي والمسرحي والإنتاج الهجين، الذي يزاوجُ بين أجناس أدبية مختلفة لأغراض فكريّة لا يخطئها الإدراك. وعلى غزارة إنتاجه وتنوعه، يمكننا أن نلمح خيطا فلسفيّا يتخلل الطبقات السفلى للغة، ويشكّلُ رؤيته للعالم، وهي رؤية بالغة التعقيد والتحبيك، تستمدّ معالمها من التاريخ العربي والمصري بشكل خاص، ويهدف المشروع النقدي الذي يخوضه بعض أكاديميي الجزائر إلى استجلاء خيوط هذه الرؤية الحضاريّة ذات الطبيعة النقديّة لواقع عربي مُدان على أصعدة متعدّدة. إنه واقعٌ يتنكر لأهله ويكاد يذوب في فكر عولمي قاتل للهوية.

د. محمد زعيتري - الجزائر

أستاذ الآداب العالمية بجامعة محمد بوضياف

 

لم يكن إشرافي على رسائل وبحوث الطلاب فى الجامعة من باب الالتزام بالمهام البيداغوجية المنوطة بالأستاذ الجامعي فحسب ؛ بل كان تحديًا صريحًا رفعته لسبر أغوار عالم الرواية بعيدًا عن النمطية المعهودة، والدراسات الكلاسيكية المستهلكة ؛ فحاولت أن ألج إلى هذا الفن من باب سرّي لم يتسن للكثيرين كشف شيفرته.

و لما كان الهدف المرجو كبيرًا ، و كانت الإرادة الفولاذية ؛ سلاح التحدي ، قررت أن يكون السيد حافظ ، هو صاحب الحظوة وسيد المائدة الأدبية ، بالاشتغال على رواية من رواياته المتميزة ؛ و التي تمازج الحضور بالغياب ، والتاريخ بالمستقبل ، و التكنولوجيا بالموروث الشعبي، و البساطة بالعمق، والمنطق بالخيال ؛ في زئبقية هلامية ؛ لا نكاد نمسك بخيوطها حتى تتلاشى أمامنا كسراب دخان .

و في ظل هذا الزخم الكبير ، و التراكمات الثقيلة التي تحملها رواية السيد حافظ؛

فالتأثيث المكاني فى روايات السيد حافظ سراجًا كشافًا لزوايا مستترة في العمل الأدبي، تزيد بهرجه و تشدّ أوصاله لتصل به إلى مصاف الكمال الإبداعي ، وفق منهج سيميائي يتوغل في دلالة العلامة ، و يفجّر منها مفاهيم تختلف باختلاف المرجعيات ، و تحمل في كل مرة ـ ومع كل قراءة جديدة ـ أفكارًا جديدة تشكل صورة مستحدثة للعمل في حدّ ذاته .

فالمكان لا يعبّر عن الرقعة الجغرافية فقط ؛ بل هو المحرك الرئيس للعمل في قصدية، ويختلف من كاتب لآخر باختلاف القدرات ، و سعة الأفق ، و حجم المدركات الحسية والعقلية .

فالكاتب الماهر هو ذاك الذي يهتم بمكانه الروائي و يتلمس فيه جوانبه النفسية والاجتماعية و التاريخية ليضفي عليه جمالية فنية و ديناميكية تطورية تجعله جوهر الاهتمام .

 

 


 

 

 

الفنان القدير  علاو  وهبى الجزائر

 

السيد حافظ في رأي الخاص وحسب كل ما قرأته له . هو اهم الاسماء في الساحة المسرحية العربية وافضل كتابها وكذلك هو من المخرجين الكبار له اضافات عديدة علي المتن المسرحي العربي .

مثقف كبير ومتميز ظلمه الزمن وظلمه النقد في البلاد العربية التي لا تحتفي بكبارها وكتابها.

له العمر المديد والعطاء الجديد.

 

 


 

يوسف حمدان – البحرين

إن الوقوف على تجربة ثرة واسعة عميقة كتجربة مبدعنا الكبير السيد حافظ، تحتاج إلى ما يربو على السبعين عاما حتى تدرك السبعين ربيعا من الحلم الذي بلغه عمره الزمني من أجل تشكيل وخلق أزمنة إبداعية تداخلت فيها مختلف الفنون والثقافات (المسرح والصحافة والإدارة والدراما التلفزيونية والاذاعية وفنون الطفل والدراسة وغيرها من فنون)، كما تحتاج إلى متابعة ومباحثة للدراسات والمؤلفات التي كتبت وتقصت تجربته العميقة.

هو الكاتب المختلف المغاير المتعدد المتنوع الخلاق في كل ما يتصدى له، وخاصة في حقول المسرح التي تصدى لاخراجها ودراستها أغلب المبدعين والنقاد في وطننا العربي، ونالت اهتمام مؤسسات الترجمة الأكثر أهمية في العالم، والتي استحقت جوائز وأوسمة ندرة هم من استحقها من المبدعين في وطننا العربي.

وكان لهذا المبدع الإنساني إلى أبعد درجات الإنسانية، المتواضع الدمث الخلق، حضور فاعل وخلاق في خليجنا العربي وخاصة في الكويت التي من خلالها سنحت لنا الفرصة التعرف على مكانته المسرحية الإبداعية وخاصة في مسرح الطفل الذي يعتبر أول من أسس له في خليجنا العربي وشكل من خلاله مخرجين وممثلين ودارسين له.

وكانت من أهم المسرحيات التي شاهدتها وكان هو مؤلفها، مسرحية سندريلا وسندس والتي عرضتهما مؤسسة عواطف البدر الكويتية بإخراج الفنان الراحل منصور المنصور في أكثر من دولة من بينها مملكة البحرين في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

في هذه الفترة كان لي شرف التعرف على مبدعنا الكبير السيد حافظ، وكنت حينها حديث التخرج من أكاديمية المسرح بالكويت، وكنت حينها مشاكسا إلى درجة لا تحتمل أحيانا، فكانت مسرحية حذاء سندريلا بداية الاشتباك الخلاق مع استاذي الكبير السيد حافظ الذي ظل طيلة قسوتي النقدية على العرض يبتسم بحنو غير عادي من منصة الندوة التطبيقية ويرد على أسئلتي بهدوء اخجلني حقا، وما أن انتهت الندوة حتى بادر هو شخصيا لإكمال الحوار حول العرض بعد الندوة، ولا أنسى وصفه الحميم لي بالابن العاق الذي أصبح فيما بعد عبر رسائله الشخصية لي ملازما لي حتى لدى بعض الأصدقاء المبدعين والمثقفين.

بعد هذا اللقاء وهذه المراسلات التي لازلت احتفظ بها بخط يده حتى هذا اليوم والتي تبدأ دائما بابني العاق، وما احلاها على قلبي وروحي، توطدت العلاقة أكثر مع استاذي المبدع، فرحت اقرأ نصوصه التي كتبها ومن بينها وربما من أهمها حكاية الفلاح عبدالمطيع التي أثارت حوارا وجدلا خلاقين على صعيد الدراسات النقدية في وطننا العربي والتي تعتبر منعطفا مهما في قراءة الموروث والتاريخ والواقع وخاصة في مصر، بل تعتبر محطة تجريبية ينبغي الوقوف عليها وتأملها جيدا ومليا، خاصة وأن الدراسات التجريبية التي رافقت تجريبي القاهرة الدولي منذ تأسيسه منحت نصوصه المسرحية أهمية كبرى في حقل التجريب على النص.

إننا لو تأملنا نصوص مبدعنا الكبير السيد حافظ سنجد أنها أوغلت في كل تفاصيل مصر قديمها وراهنها وحديثها برؤية حداثية مغايرة لا تأبه كثيرا بالتراكم الكمي المتشابه في الفكرة والأسلوب والرؤية والمعالجة التي نال وللأسف الشديد كثير من الكتاب قصب السبق بسببها أو بسبب الارتكان إليها، كما نهل من التراث والاساطير ما منح كتاباته ومؤلفاته خصوصية تنتمي لرؤيته فيها بوصفها مؤلف إبداعي خاص بالمؤلف نفسه.

مبدعنا الكبير السيد حافظ الذي ظلت ابتسامته الطفلية المشرقة ترافقه حتى اللحظة التي التقيته فيها في تجريبي 23 العام الماضي 2016 بقاهرة الإبداع والحب، لمن لا يفهمه أو يدرك حجم إبداعه الثر والغزير الذي يشعرنا وكما لو أنه بدأ حلم الكتابة مذ استنشق نسمة الهواء الأولى في مشيمة التكوين، يذهب به الشطط كثيرا فيستسهل ويبني رأيه على كلمات فارطة مبررة تصدر من مبدعنا في الفيس بوك بقصد استشفاف حالة عابرة أو مؤرقة أو مقلقة، دون أن يذهب إلى عميق بحر إبداعه، وما أكثر هؤلاء الذين رأوا البحر شاطئًا فظلوا يعبثون برماله باعتبارها امواجًا!!.

استاذي المبدع الكبير السيد حافظ، سنظل ننهل من معين ابداعك وانسانيتك الخلاقة وان بلغت من الحلم مالا يحصى من العمر..

انني أراك اللحظة هذه وكما لو انني بشرفة مجاورة لشرفتك، فأنت مصر التي تسكنني وتسكننا أيها المبدع الكبير..

وكل عام ونحن لإبداعك حافظون.

أ.د. كمال الدين عيد - مصر

 

السيد حافظ... ظاهرة أدبية.. نموذج لجيل ما بعد الستينات، ابن لحظة التناقض الفكري والسياسي والاجتماعي الذي أغرق مصر، حمل على كتفيه هم الوطن والبحث عن الحقيقة، في زمن غابت فيه الحقائق وطمسها الزيف والنفاق، وتجميل القبح وادعاء أنه ليس في الإمكان أفضل ما هو كائن، فهرب إلى الماضي التاريخ التراث يستقرئ أحداثه ليتعرف بخياله وتخيله المبدع، عن المقدمات التي أدت إلى ما هو كائن، وهل نتائجها حقيقية ، أم كان في الإمكان أن يكون هنا أفضل مما هو كائن، فتمرد، تمرد على الكائن المضلل، على التاريخ المزيف الذي كتبه أعوان السلطان، وحاول أن يصيغ تاريخيا من تخيله فصنع عوالم ثانية لشخصياته ونسج لها تخيلا فانتازيا حاول من خلاله التعبير عن صراعاته النفسية الداخلية وبوعي، لعل حدسه يصيب ويضع يديه على أسباب التناقض الذي نعيشه.

أغلب الظن إلى حد اليقين، إن السيد حافظ فنان متمرد، لكن ليس من النوع الذي يسعى بتمرده إلى الهدم، بقدر السعي إلى المعرفة والتنوير، وتجاوز الثوابت إلى التجديد المثمر، وفى هذا قد اتفق مع ما قاله عوني كرومي :"التمرد في المسرح حالة من حالات إبداع الذات تنزع إلى البحث والتقصي، وعدم الرضوخ والاستكانة إلى المألوف والجاهز والمستهلك ، ... وهو نوع من الثورة على الذات والواقع مع أنه حالة فردية ولكنه مرتبط بشروط العمل والبيئة الثقافية للعصر... والتمرد أيضا يحمل في جوانبه قوة تدميريه إذا لم يكن متوافق بوعي وحكمة وتجربة وصبر وتأنى وشفافية "، ومن هنا يجيء لجوء السيد حافظ إلى الفنتازيا التي تحتاج إلى الوعي الكامل في إبداعها.

السيد حافظ مبدع متنوع، أبدع في معظم الأجناس الأدبية وأشكالها، القصة القصيرة والرواية مسرح الطفل مسرح الكبار الدراما التلفزيونية الدراسات النقدية، وفى معظم إبداعاته السردية والدرامية كان للفنتازيا النصيب الأكبر، خاصة تلك التي تصنف بفنتازيا الزمن، وشاهدنا هنا اعتماده على أشكال الحكي الشعبي خاصة حكايات الخوارق والتي تعبر المنبع الأصيل للفنتازيا، ولجوئه لخلق عوالم ثانية لإبداعاته مستلهما التاريخ والانتقال إلى أزمنه تاريخية، أو متخيلة، وهو هنا لا يستخدم آلة الزمن كما هو معروف بل يستخدم الاستدعاء الدرامي للأحداث لينقل إليها متلقيه، فيطوف به بين دروب التاريخ وأحداثه، يمزج الأزمنة مع بعضها لإبداع عالم ثان من الفنتازيا كوسيلة للهروب من واقعه أو التعبير عن هم الواقع من خلال التاريخ، لا من أجل وضع خطة لتغييره أو إصلاحه، ولكن ليتعرف عليه ، ليفهمه ويستنتج كل تلك الأسباب التي تجعله يحاول التصالح معه كما فعل عبد المطيع، لكن الواقع يرفض المصالحة، فيرفضه ويتمرد عليه وعلى ساكنيه الذين لم يرضوا فقط بالاستسلام، بل راحوا يكيدون لبعضهم، ويطعنون البعض في ظهورهم.

على كل هذا تمرد السيد حافظ، وحاول الهروب من واقعه المشابه كما تشي أعماله، ومع ذلك لم يسلم من الطعنات، لا في الوطن ولا في بلاد المهجر، مثله مثل سعد الله ونوس الذي يهدى إليه مسرحيته "حرب الملوخية" بقوله (هزموك رجال المسرح في دمشق مثلما هزم رجال المسرح في مصر محمود دياب ونجيب سرور... إنه زمن هزيمة المبدعين في الوطن العربي.... يا سعد أهديك هذا العمل الساخر من حياتنا وعذابنا).

 


 

المبدع المسرحى / سعد أردش – مصر

عام 1981

السيد حافظ ينتمى إلى جيل جديد يبنى رفضه للقديم على أسس واقعية، من أهمها أن ذلك الجيل لم يف بالتزاماته - إما لأنها لم تكن واضحة له كل الوضوح، وإما لأنه سارع بالتنازل ظنًا منه أن المعركة قد حسمتها الثورة وإما لأنه كان كاذبًا فى التزامه فكان يغطى به تطلعاته البرجوازية، ضاربًا عرض الحائط بمصالح طبقة الكادحين وبمصالح مصر.

كاتبنا من جيل عاش صباه ويعيش شبابه ملتاعًا يكتوى بسلسلة من الهزائم الوطنية القومية.. وكان من الممكن أن يعيش عصر التحرر، والاشتراكية، والعدالة، والعتق من كل ما كان يثقل كواهل الأجيال السابقة وما حارب من أجل الخلاص منذ أجيال 1919، 1946، وما قامت من أجله ثورة يوليو 1952 وما تلاها من ثورات فى الوطن العربى.

والسيد حافظ هو (الحكاء) الجيد في السرد الشاعري في اختيار مفرداته اللغوية.. فقد كان السرد عن قصة (البطلة) وعالمها المشحون بالنزق والرغبة والانكسار ومقاومة عالم الذكورة الزائفة حيث رسمها السيد حافظ في صدق، والأهم في شاعرية أدبية عميقة ومؤثرة.

على أن عبقرية الأداء الروائي في هذه المحاولة ككاتب مسرحي مخضرم أراد أن يطرح بقلمه، الذي أطاع مشاعره، فأخرج من مخزون ثقافته جذوة نارية على إبداع مواز للحكي. وهو (استفاقات) أو (وقفات) أو (تعليقات على الأحداث الجارية) وكأنه بهذا الاتجاه يختار مهمة (التأريخ) بجانب الإبداع الأدبي، أراد كذلك أن يذكرنا بما يجري لعالمنا المعاصر.. لممتلكاتنا التاريخية وعقائدنا الفكرية.

ومن هنا نستطيع أن نتفق على أن التجديد ليس مطلقًا أبدًا، ولا يمكن أن يكون مطلقًا، والا خرج من إطار المسرح إلى نوع أخر من الإبداع. إن المجددين فى المسرح يحتفظون بجانب من التقاليد، على الرغم منهم، ويضيقون أو يحذقون أو يعدلون فى الجوانب الأخرى.

الروائي والباحث والناقد الكبير
عمار علي حسن - مصر

 

ذات مساء ليس بالبعيد، وفي صالون الدكتور "عبد الناصر هلال" همس في أذني أحد الجالسين بعد أن رآني أصافح رجلا يبدأ عقده الثامن على مهل: من هذا؟

نظرت إليه متعجبا، وسألته: ألا تعرفه؟

هز رأسه بالنفي، فأدركت وقتها كم يهمل مثقفون منا في حق مبدعين كبار، دفعتهم ظروف وصروف، إلى الابتعاد، وهم يسعون وراء أرزاقهم الشحيحة في بلاد الناس، دون أن يتوقف عطاؤهم، وينقطع إبداعهم، ويركنون إلى وظائف عابرة، ومناصب زائلة، ومهام، على أهميتها، لا تشبع ذائقتهم. كان الرجل هو الأستاذ السيد حافظ، الذي لا يجهل قامته وقيمته، إلا من ينجذب إلى العابر والذائع وذي الجلبة، ولا يكلف نفسه عناء قراءة كتب من لم يلتقيهم، أو تربطه بهم علاقة وجه لوجه. قلت لمحدثي، يمكنك أن تضغط على زر هاتفك، وتكتب اسمه على محرك البحث "جوجل"، وستظهر لك سيرة ذاتية عامرة، ومدونة تحوي نبذات عن مختلف ما كتب، وما كُتب عنه، أغلبه ليس بأيدينا نحن المصريين، فالرجل يعرفه غيرنا، أكثر مما نعرفه نحن. تبين سيرة السيد حافظ أنه رجل متعدد الإمكانيات والمواهب والخبرات، أخذه بحر الحياة الهائج إلى شواطئ عدة، فرسا على كل منها، يلتقط أنفاسه، كي يواصل الإبحار من جديد، مرة إلى العمل بالصحافة، وثانية إلى العمل بالبحث العلمي، ومرة إلى التأليف المسرحي، للكبار وللأطفال، وأخرى لكتابة الدراما الإذاعة والتلفزيونية، وخامسة لتقلد مناصب إدارية في بعض المؤسسات الثقافية في مصر والكويت، وسادسة في الإخراج المسرحي. وفي هذه المسيرة الطويلة ألف السيد حافظ ثلاثة وثلاثين مسرحية للكبار، وست عشرة للأطفال، وأخرج الكثر من المسرحيات، أهمها "مسافر ليل" لصلاح عبد الصبور، و"الحبل" ليوجين أونيل، و"الزوبعة" لمحمود دياب، وحديقة الحيوان" لإدوارد أولبي" و"الخروج من ساحل المتوسط" وهي قصيدة لمحمود درويش و"آه يا وطن" وهي قصائد لفؤاد حداد، وعبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب ، ومجدى نجيب . ثم أخرج من تأليفه هو مسرحية "كوكو ولولو" و"أولاد جحا"، وكتب ثلاثة عشر مسلسلا وسهرة تلفزيونية أنتجها التلفزيون المصري والكويتي، وتسعة مسلسلات إذاعية أنتجتها إذاعات في مصر والكويت والإمارات والبحرين وقطر، فضلا عن ست عشرة رواية، وقد نشرت له جامعة أريزونا بالولايات المتحدة خمس مسرحيات باللغة الإنجليزية، وثلاث باللغة العربية بموقعها علي الإنترنت، كما نشرت له سبعة أعمال مسرحية بالإنجليزية في بريطانيا، وأعدت نحو اثنين وخمسين أطروحة علمية، ما بين بحث تخرج وماجستير ودكتوراه، في جامعات عدة، أغلبها في بلدان المغرب العربي، عن أعماله المسرحية، فضلا عن العشرات من الدراسات والمقالات النقدية، ونال عدد من الجوائز من مصر وخارجها، لكنها لا تناسب، حتى الآن، هذا العطاء الغزير المتنوع. ولم يكتف السيد حافظ بالتأليف والإخراج المسرحي، ولا بتقلد مواقع إدارية، إنما جمع بين الكتابة والحركة، وهي أمر لم يتأت لأغلبية الأدباء، حيث أسس جماعات تجريبية للمسرح، مثل: "فرقة الصعاليك" و"فرقة ألف باء مسرح" و"جماعة المسرح الطليعي"، وجاب العديد من أقاليم مصر عارضا مسرحياته، مؤلفا ومخرجا. هكذا عرف محدثي من هو الرجل بعد أن طالع سيرته، وسألني: ـ كيف لا نعرف رجلا كتب وفعل كل هذا؟ ابتسمت، وأجبته: ـ هذا ثمن الغربة. فالسيد حافظ غادر مصر في منتصف السبعينيات للعمل بالكويت، ومكث هناك زمنا طويلا، ثم انتقل للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة. في غربته الأولى لم تكن وسائل التواصل كما نعهدها الآن، فانعزل بعيدا، عن أعين وآذان لم تر وتسمع ما يؤلفه، وإن رأته، فلا تتعامل معه بالجدية التي تتعامل بها مع من له حضور جسدي في وسط المثقفين، وهي آفة، لم يفلت منها إلا قلة، لم يستطع أحد أن يغلب، بالتجاهل والغفلة، جمال نصوصهم وعمقها، وقدرتها الذاتية الفائقة على التأثير، بعد أن حفرت مجرى لها، لا ينقطع تدفقه. وجاءت الغربة الثانية لرجل أخلص طويلا للكتابة المسرحية، لتكون بنت وقت يمر فيه المسرح بأزمة طاحنة، كتابة وتمثيلا، فلا دور النشر تقبل على طباعة المسرحيات، لأن قراءها تناقصوا إلى أدنى حد، ولا خشبة المسرح تنتظر النصوص الجادة الجيدة. بين هاتتين الغربتين يمضي السيد حافظ، بعزم لا يلين، وصبر لا ينفد، مخلصا لإبداعه، ومؤملا على أن الذين لم يبذلوا جهدا في سبيل الوصول إلى نصوصه في زمن مضى، بوسعهم الآن أن يردموا الهوة، ويسدوا الفُرج، ويعطوا الرجل حقه المهضوم في بلدنا.


 

الناقد الكبير: سمير غريب – مصر

 

إذن سيكرمون السيد حافظ أخيرًا، فهنيئا لهم. يكرمون شخصا قدرا، من تلك القلة التي يحملها القدر للبشر، كلما عنت له حساباته، لتفرض نفسها على خيال الواقع وتلعب دورها المحبوك أينما كانت، وتمضي في حال سبيلها، مخلفة آثارها تدل عليها. هكذا فعل السيد منذ بدأ الكتابة بأشكالها: مسرحا أو تلفزيونا أو صحافة أو قصصا. طرق كل ما اشتهت موهبته الموارة المركبة. حتى تلك الروايات العجيبة المتفردة التي نشرها في السنوات الأخيرة. روايات من ذاته وذوات آخرين. عاكسة غيوما وسكونا ومطرا ورعدا وظواهر كونية أخرى. هو نفسه من تلك الظواهر الكونية التي تجلجل أينما كانت. يفيض أو ينهمر. تعجب من هذا السيل الإبداعي الطواف الخارج منه. لا يستطيع السكوت. لا تستطيع قوة أرضية أن توقفه. يذكرك أحيانًا بدون كيشوت ورغبته المشتعلة في تغيير الكون وحده، محروما حتى من تابعه. تحركه نار مقدسة وقودها خليط من الأمل ومن اليأس. بدأ مؤملا كبيرا حتى خالطه اليأس. لكنه لم يتوقف. اخترق غلاف الصمت وأضاء عاريا بلا خجل من أحد. إما أن تحبه أو تخفي عينيك عنه فلا تراه. أحبه من سمحت لهم بصيرتهم برؤيته ومن اسعفتهم مشاعرهم المولودة بذكاء في القلب. كما أحبه كثير ممن لم يلتقون به لكنهم أدركوا إبداعه رغم بعد المسافات. من قال أن المسافات القريبة أو البعيدة لها علاقة بالحب؟؟ استغرقوا في عوالمه الإبداعية استكشافا وغوصا في أعماقها ليظاهروا الناس بما وجدوه. كوفئوا على جهدهم بدرجات علمية عالية هو نفسه لم يحصل عليها ولم يسع أصلا لها. فإما أن يبدع أو يدرس. هل تحصل الجاذبية على درجة علمية لأن نيوتن اكتشفها؟؟

نمى السيد حافظ في حياته بالعرض. مد ظله على آخرين هنا وهناك وهناك. استظل به كثر وعندما خرجوا منه أنكروه بلا خجل، هذا من عادات العرب الغاربة. هو أول من يعرف تلك العادات بحكم خبرته التاريخية بالغروب. إبتداءا من شروق رع في عليائه وتحولاته الكبرى عبر الزمن حتى تفرقت القبائل والشعوب واقتتلت في الربوع. أُدخلوا في كتاباته أو شاهدوها، إن سُمح لكم، لتقدروه بأنفسكم فلا وكالة في التقدير. انبسطوا في عالمه فهناك مصباح مازال مشتعلا وسيظل حتى وإن أبعدوه ونأوا به عنكم. سيغدو هذا المصباح خبيئة تكتشفها كائنات أخرى غيرنا.


 

الفنان / أشرف زكى

مخرج مسرحي وممثل مصري

نقيب المهن التمثيلية ورئيس أكاديمية الفنون

الكاتب الكبير السيد حافظ

سكندري المنشأ عربي الهوى

المبدع والكاتب الكبير السيد حافظ من الأدباء الذين حققوا تواجدا كبيرا في مصر والوطن العربي فهو سفير الثقافة المصرية في كل أرجاء الوطن العربي تارة يعمل في الصحف وسلسلة عالم المعرفة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت وتارة تعرض أعماله بالبحرين أو عمان أو الامارات أو بغداد أو طبعا مصر ثم تجد أعماله تناقش في رسائل ماجستير ودكتوراة بالجزائر أو المغرب التي اهتمت جامعاتها بدراسة أعمال السيد حافظ بصورة لافته للنظر ثم نجد أعماله تطبع بالكويت وسوريا ومصر ثم تترجم للانجليزية وتدرس في رسالة على يد باحث روسي وفي نهاية هذه الرحلة تجده ينتظرك على أحد مقاهي القاهرة أو الجيزة بابتسامة رحبة لم تفقد بساطتها وحيويتها واحتوائها للآخر.

تخيلوا مثلا أن نصا عربيا واحدا من عشرات المسرحيات التي قدمها للمسرح العربي مثل مسرحية (حكاية الفلاح عبد المطيع) تقدم في الثمانينات والتسعينات مرات ومرات في عدة دول عربية في بغداد من اخراج د. سعدى يونس وانتاج فرقة بغداد، وفي الكويت إخراج عبد الله عبد الرسول انتاج فرقة الشباب، ثم يقدم في مصر بفرقة من أميز فرق الثقافة الجماهيرية هي فرقة بني سويف من إخراج الفنان مجدى عبيد.

وكأن نصوص السيد حافظ مشاريع عربية يمكن أن تكتسي برداء القرية أو المدينة أو البلد التي يعرض فيها ليستحق السيد حافظ أن ينضم لكتيبة كبار كتاب المسرح العرب ممن قدمت نصوصهم باللهجات والثقافات العربية المختلفة دون أن تفقد عالمها وروح كاتبها.

انه لغز غير محير لأنه لغز أديب مصري سكندري خلق لكي يكتب ويكتب ويكتب ولا يبرح الكلمات حتى يتماهى فيها وتتماهى فيه سواء كان صحفيا أو سكرتير تحرير أو مؤلف مسرحي أو كاتب روائي أو سيناريست أو حتى مخرج مسرحي، ولعل انعكاسات إسهاماته وتراثه في مجال المسرحيات الموجهة للطفل والذي غزى كل المسارح العربية تقريبا أكبر دليل على ذلك.

انه ابن الثقافة الجماهيرية الذي بدأ عاشقا لفن المسرح ولعا بالكتابة والاخراج والتمثيل يختبر أدواته بين الحين والحين ويجرب ويجرب ليصل لصيغته المسرحية وما تعكسه هذه الصيغة من أفكار ومضامين.

يستحق السيد حافظ كل تكريم وكل تقدير لما قدمه ويقدمه للمسرح العربي من عطاءات نحتت اسمه في أوراق تاريخ المسرح العربي أطال الله في عمره وأمده الصحة والعافية.

 


 

الناقد الكبير / محمد الروبي – مصر

السيد حافظ الذي لم أكن أعرفه

يبدوهذا العنوان مخادعا بعض الشيء، فأنا بالطبع أعرف الكاتب الكبير السيد حافظ ، مسرحيا وروائيا . بل وأعرفه شخصيا منذ سنوات طويلة لكنها ظلت إلى وقت قريب ودون قصد مني أو منه معرفة عابرة. وهذا تحديدا ما قصدته من العنوان، أي ذلك الجانب الخفي في السيد الذي منحني الحظ فرصة نادرة لاكتشافه .

علمتنا خبرة الحياة أن الإبداع ليس بوابة صادقة دائما لمعرفة المبدع. فكم من مبدعين أثروا الحياة الإنسانية بابداعاتهم لكنهم صدموا أحباء إبداعهم حين اقتربوا منهم بعد أن اكتشفوا أن الصورة البراقة الزاهية التي رسمها لهم الإبداع عنهم كانت مزيفة أو على الأقل أدنى كثيرا مما كان في خيالهم وقت قراءتهم لما أبدعوه.

والحديث عن إبداع السيد حافظ هنا وفي هذه المساحة الصغيرة هو ضرب من الجنون أو محاولة استسهال لا أرضاها لنفسي ولا للسيد حافظ . يكفيني ويكفيه أن عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه تناولته بالتقييم الأكاديمي . ويكفيني ويكفيه أن أعماله مازالت تقدم في بلاد عربية كثيرة . ويكفيني ويكفيه أنه مازال قادرا على الإبداع مواكبا عصره غير متكلس عند زمن ولم يكتف بما تحصل عليه من خبرة وظل باحثا شغوفا عن كل جديد يجري خلفه بحماس شاب عشريني.

لذلك كله كان اختياري للحديث عن السيد حافظ هو ذلك الجانب الذي لم أكن أعرفه فيه، ومنحني القدر فرصة اكتشافه دون ترتيب مني أو منه.

بدأ الاكتشاف منذ شهور قليلة في صالة انتظار مطار القاهرة . حيث دعيت إلى مهرجان مسرح الشباب بدولة الكويت الحبيبة إلى قلبي. دخلت إلى قاعة الانتظار لأجده يجلس وحده مع كتاب يتصفحه، فهرعت إليه فرحا بأنني سأكون بصحبته في هذه الرحلة . واستقبلني هو بفرح لا يقل عما أعتراني.

وكعادة مثل هذه اللقاءات غير المعد لها ، بدأ الحديث بيننا بالسؤال عن الأحوال الخاصة ، ثم تطرق إلى الأعم فالأعم من سياسة ثقافية إلى تغيرات اجتماعية. وكأي كريشندو موسيقي تصاعدت بيننا الأحاديث لا يقطعها إلا تدخلات النادل المبتسم يسألنا عن جديد نريده .وهكذا مرت السويعات حتى سمعنا معا النداء على طائرتنا فتوجهنا إلى حيث بوابة الدخول. ورغم عادية الأحاديث التي دارت بيننا إلا أنني شعرت بأن هذا الرجل سيكون لي في هذه الرحلة ونيسا وكفيلا، فبدايات ما دار بيننا وشت بأنه يستحق هذه الثقة.

وبالفعل ومع دخولنا الأول للفندق الكويتي القاطن على أطراف المدينة بدأت علاقتنا تتوثق حتى أصبحت الأيام العشرة التى قضيناها معا في الكويت جزء من التاريخ الشخصي الذي أعتز به.

خلال الأيام العشرة اكتشفت أن ذلك المبدع الذي خبر الحياة وخبرته ما زال يحمل بداخله قلب طفل يعتمد عليه في الحكم على الناس والأشياء. ويبدو أن قلبه ذلك لم يخذله يوما فقرر التمسك بالاحتكام إليه. كذلك اكتشفت أنه إلى جانب تعدد مجالات إبداعه يمتلك موهبة لم يمتلكها إلا قلة ممن عرفتهم من المبدعين الكبار. وهي موهبة الحكي ، تلك التي يأسرك بها وتجعلك تضعه بضمير مستريح مع كبار الحكائين من أمثال محمود السعدني وكامل زهيري ومحمد عودة، أصحاب ذلك النوع من الحكي الذي يأخذك إلى عوالم رحبة ويحلق بك في أفاق متنوعة من الحياة.

لكن أكثر ما لفت نظري في السيد حافظ ولم أكن أعرفه أنه إلى جانب إمتلاكه لموهبة الحكي هو أيضا مستمع رائع. فهو من ذلك النوع من المستمعين الذي يدفعك دون أن تشعر إلى (الفضفضة )وكأنك تعرفه منذ سنوات طويلة ، لدرجة أنني توقفت مرة عن استرسالي وفاجأته بسؤالي "كيف يا رجل جعلتني أقص عليك كل هذا الذي لا يعرفه عني إلا ندرة من الأصدقاء؟"

عشرة أيام من العمر قضيتها بصحبة السيد حافظ أضافت لي الكثير، ووضع هو يدي على أشياء في نفسي لم أكن أعرفها ، بل وطالبني باقتحام عالم الإبداع لأنه رأى – ولا زلت لا أرى أنا – أنني أمتلك منه الشىء الكثير. كيف عرف السيد حافظ ذلك ؟ لا أعرف ولكن ما أعرفه الآن أنني اكتسبت في هذه الرحلة صديقا وأخا أكبر ألجأ إليه وقت الاحتياج ودون خجل.

شكرا للسيد حافظ الإنسان الذي تعرفت عليه مؤخرا . وشكرا للمبدع الذي مازال قادرا على القبض على الجمر في زمن عربي لم يعد يقدر قيمة الإبداع والمبدعين.

 

 


 

الشاعر الكبير / يسري حسان – مصر

 

عن الذى تجاوز التاريخ والجغرافيا

لا أعرف متى التقيت بالمبدع الكبير السيد حافظ، أو للأمانة لاأريد أن أعرف التاريخ تحديدًا، فهو قد يعود إلى ثلاثين عامًا مثلًا، وفى التصريح به اعتراف بأني، وهو، قد بلغنا من الكبر عتيًا.

دعك من التاريخ والجغرافيا، فالسيد حافظ تجاوزهما، بسم الله ماشاء الله، وأنا الآخر في سبيلى إلي ذلك لو سرت على خطاه وخطى أمثاله من المبدعين أصحاب الطاقة، لكنى أبدًا لاأسير، وكل واحد حر فى طاقته.

تقريبًا عرفت السيد حافظ ،على المستوى الشخصى ،بواسطة استاذى وصاحب الفضل الأكبر على شخصى الضعيف ، الكاتب الكبير محمد جبريل، فهو اسكندراني مثل الأستاذ السيد حافظ ،والدم يحن، عرفته شخصًا ابن بلد وإللى فى قلبه على لسانه، صلب جدًا فى دفاعه عن الحق ، معتزًا بنفسه وبإنجازه الأدبى المتنوع ، فأنت لاتستطيع تصنيفه ككاتب، هل هو كاتب مسرحي، أم كاتب روائى، أم كاتب أطفال، أم سيناريست ، أم صحفى له تجارب مهمة فى تأسيس عدة مجلات،فهو كل ذلك وأكثر، ولااستبعد أن يكون فنانًا تشكيليًا ومؤلفًا موسيقيًا من ورانا ، فهو قادر ويعملها.

كتب السيد حافظ فى فنون الإبداع كافة ، وأجاد فيها كلها، وكانت كتاباته دائمًا محط أنظار الباحثين والدارسين الذين تلقفوا أعماله وأنجزوا عنهاالعديد من رسائل الماجستير والدكتواره، ليس فى مصر فحسب بل فى العديد من الدول العربية ، مايؤكد تجاوزه لفكرة الجغرافيا، فما من روائى أو مسرحى أو باحث فى وطننا العربى إلا ويعرف السيد حافظ ويقدر إنجازه، والغريب أن الرجل – ولاأعرف لماذا- حظى بتقدير عربي أكثر مما حظى به فى مصر بلده الشقيق، لكن لابأس فلا شئ يضيع هباء، وهاهو المهرجان القومى للمسرح المصرى يكرمه فى دورته الثانية عشرة، كان يستحق التكريم منذ سنوات ، لكن مالايدرك كله لايترك كله.

السيد حافظ ،الذي أنجز عشرات الأعمال فى المسرح والرواية وأدب الطفل، وأنجزت حول أعماله الكثير من الدراسات الأكاديمية،وأخرج عدة أعمال مسرحية، وأخرج أعماله المسرحية مخرجون كبار مثل أحمد عبدالحليم ومحمود الألفى وحسام عطا وغيرهم فضلًا عن المخرجين العرب، وأسس أكثر من جماعة مسرحية، وقدم عشرات المشاريع للمسرح التجريبى والمسرح النسوى وغيرهما،رجل مشاغب أصلًا ولايعجبه العجب، اسكندراني بقى ، وربما لهذا السبب يتم استبعاده كثيرًا ،أو محاولة استبعاده، لكنه- وهذا من غرائبه- لايستبعد أبدًا ، فهو حاضر دائمًا بمنجزه المهم ، وتاريخه الطويل فى العمل الإبداعى والثقافى.

تكريم السيد حافظ فى المهرجان القومى للمسرح،دلالة واضحة على أن ماينفع الناس يمكث فى الأرض ، بينما يذهب الزبد جفاء، فهنيئًا للمهرجان أن تزين بهذه القيمة والقامة الكبيرة التى اسمها السيد حافظ.. ابن الأسكندرية البار، والذى لولا أننى أعرف محل ميلاده، لاعتقدت أنه من شبرا مسقط رأسي، فهو يشبهنا كثيرًا،رجولة وأدبًا وشهامة،فضلًا عن إبداعه المتنوع والغزير.. عمومًا أسكندرية وشبرا "حتة واحدة" زى مصر والسودان أيام زمان!!


 

 

الكاتب الكبير / ابراهيم الحسيني - مصر

 

برغم تلك الطبيعة المتهورة والمفارقة لأبعادها الإنسانية تظل :

 الكتابة كفعل مقاومة..

 

عن الأسئلة الشائكة نتحدث:

عندما تريد الكتابة أو تقديم شهادة عن كاتب بحجم السيد حافظ لابد أن تستوقفك بعض الأسئلة الشائكة لعل أهمها خمسة أسئلة هي : سؤال الشخصية ، سؤال العلاقة مع الزمن ، سؤال الكم والكيف ، سؤال التعدد ، محنة سؤال الجدوي ..؟! وهذه الأسئلة كلها تتدافع داخل ذهنك بمجرد طرح الإسم ، والإجابة عنها قد يعني ـ إلي حد كبير ـ وضع تعريف لشخصية هذا الكاتب ، فنحن أمام كاتب واسع الإطلاع ، كثير التجارب ، كثير الأعمال الدرامية ، متنوع كيفا وكما ، أنتج في حقول إبداعية مختلفة فقد كتب مايزيد عن المائة عمل درامي في : المسرح ، التليفزيون ، الدراما الإذاعية ، الرواية ،... يبحث كثيرا وينقب عن الأفكار ، يختارها بعناية ويصبها في قالب درامي ، إنتاجه المسرحي تحديدا هو الغالب عليه ، فمنذ بدأ كتابة المسرح في أوائل السبعينات ولم يتوقف عن كتابة المسرح حتي هذه اللحظة ، وعندما كتب الرواية في السنوات العشر الأخيرة كتبها بروح المسرحي ، ثمة ما غلبة في الحوار والتشكيل المسرحي علي بعض رواياته ، فمن كتب كل هذا العدد الضخم من النصوص المسرحية للكبار والصغار وعلي مدار ما يزيد عن الخمسين عاما فلابد أنه لا يستطيع التفكير بعيدًا عن المسرح ، إنه يفكر به ولا ير الحياة إلا عبر زاويته وأبعاد خشبته ، وربما كان ذلك هو مفتاح بداية لعوالم شخصية السيد حافظ ككاتب درامي وكإنسان درامي أيضا .

أبعاد الشخصية ، فضاء الدراما :

ليس غريبا أن يعيش إنسان ما بعض اللحظات الدرامية في حياته ، لكن أن يعيش جل حياته كلها كشخصية درامية تحيا داخل فضاء الزمن بمنطق الشخصيات الدرامية فهذا هو الأمر الغريب ، في البداية نجد أن الأشخاص الطيبة والسوية لا تصنع دراما ، الدراما يصنعها الأشرار ، أو لنقل كل من استطاع كسر تابو ما أو خرج عن مألوف القبيلة فيمكنه أن يصنع درامته الخاصة ، هكذا فعل حافظ .

في منتصف التسعينات وكنت أيامها طالبا بالمعهد العالي للفنون المسرحية ، كنت أكتب بعض المقالات لمجلة المسرح التي تصدرها الهيئة العامة المصرية للكتاب ، وفي أحد مقالاتي بالمجلة كتبت مقالا مطولا عن بعض النصوص المسرحية المنشورة حديثا وكان من بينها نص للسيد حافظ عنوانه " إمرأتان" ، لم أكن أعرف الرجل وقتها ، قدمني إليه بعد ذلك الراحل الجميل الكاتب أمير سلامة ، وكان وقتها 1997 يعمل مديرا لتحرير المجلة ، يومها منحني حافظ بعضا من كتبه أتذكر من بينها كتب نصوص : حكاية الفلاح عبد المطيع ، كبرياء التفاهة في بلاد اللامعني ،..... ومنذ تلك اللحظة بدأت التعرف علي عالم السيد حافظ المسرحي من خلال كتاباته ، وهذا شأن ومن خلال أحاديث الأصدقاء عنه وهذا شأن آخر ، فالرجل ككاتب لا ينفصل عنه كإنسان ، وكصانع شخصيات درامية لا ينفصل عن كونه هو يحيا داخل الواقع كشخصية درامية ..فكيف يمكن لنا أن نفسر ذلك..؟!

كانت أولي مسرحياته ـ علاي ما أعتقد ـ مسرحيته " كبرياء التفاهة في بلاد اللامعني " هكذا إختار لمسرحيته هذا العنوان الطويل الملغز ، فالتناقضات الكثيرة الموجودة في العنوان تجعله غريبا ، إذ كيف نجمع بين الكبرياء ، وبين التفاهة ، ثم نجمع بين البلاد ، وبين اللامعني ، ثم نجمع بين الجميع ... إلي آخر ذلك من التساؤلات العبثية الأخري والشكل التجريبي الذي طرحه النص.ثم يكتب بعد ذلك " الطبول الخرساء في الأودية الزرقاء ، حدث كما حدث ولكن لم يحدث أي حدث " ، إلي آخر ذلك من نصوص البدايات .

فالرجل يبحث عن الشكل ، وعن غريب المضمون ويصيغ عالما يبعث علي التسائل أكثر مما يمنحنا أمان واستقرار ، الأسئلة هي التي تصيغ الوجود وتسائله في عنف ، وشخصياته الدرامية إما مجردة تتجاوز أبعادها المعروفة ( الفيزيقية ، النفسية ، الإجتماعية ) وإما متهورة ألقت بنفسها في آتون صراعات الحياة ، وهي هكذا في نصوصه بعد ذلك ، كما في حرب الملوخية ، ملك الزبالة ، باب المدينة ،....

  البحث عن الله:

 والمتأمل لتلك الطبيعة المتهورة والمفارقة لأبعادها يجدها تتحقق بنسب في شخصية الرجل نفسه كإنسان وليس ككاتب بالرغم من أن الإثنان لا ينفصلان ، نعم ، هذه هي شخصيته كإنسان ، فالرجل سافر الخليج في طليعة الأفواج الأولي التي سافرت إلي هناك وقضي سنوات في العمل الصحفي وفي الكتابة ، كسب كثيرا وخسر أكثر ، سافر ، تنقل بين البلاد ، طبع كتبه علي نفقته ، تعرف إلي نقاد المسرح من الخليج للمحيط ، أنفق كثيرا لكن بالرغم من ذلك و الثابت عنه أنه كان مليونيرا في منتصف عقد الثمانينيات ، لكنه لم يبني بيتا ولا أسس مشروعا ، أقام دار نشر ومركز ثقافي " رؤيا" ، وأنفق كل نقوده علي العمل الثقافي والتنويري ، أو هكذا كان يعتقد وقتها ، وسواء عاد ما فعله عليه أو علي المجتمع بعائد ثقافي ما فهذا ليس محل نقاشنا إلا أن الثابت أيضا أنه أفلس.

لقد أقام الرجل قبل إفلاسه ووقت أن كان مليونيرا مهرجانات مسرحية وأسابيع ثقافية ، ندوات مختلفة ، فعاليات منظمة دعي إليها مصريين وعرب من كل البلاد ، وما إن إنتهت نقوده إنفض السامر وعاد وحيدا ، معادلات أو مفردات : السفر ، النقود ، الإفلاس ، ثم الإحتياج المادي القاهر ، ومن ثم العودة للسفر مرة أخري ، كل تلك الأمور تحولات درامية فارقة ، كان الرجل قبل سفره الثاني وبعد أن أنفق كل نقوده في خدمة الثقافة اضطر لأن يفتتح دكانا صغيرا يبيع الكتب الثقافية القديمة ، ومع الظروف والتغيرات عاد للسفر للخليج مرغما ، كان شعاره وقتها " أنه يبحث عن الله في سفرته هذه " ، وعاد الرجل بعد سنوات من الغربة الثانية وبدلا من إفتتاح مركزا ثقافيا ليتم إنفاق مئات الألوف عليه بعد عودته الثانية كما فعل سابقا ، عاد الرجل خاوي الجيوب مرة أخري ، لكنه بالرغم من ذلك كان محمل بالكثير من التجارب الغنية في محتواها الدرامي ،والقاسية في آن واحد ، تلك التي ضمن بعضها كتابته لرواياته من مثل: ( شاي أخضر ، نسكافية ، كل من عليها خان ،....) ، لذا يعيد الرجل إفتتاح مكتبته القديمة ليبيع فيها الكتب القديمة ، ثم نجده يغير جلده ويكتب في مجاال آخر غير المسرح هو مجال الرواية ، أو علي الاقل استولي علي غالبية اهتمامه ، ليطوي بذلك صفحات من التحولات الكبيرة شكلت شخصيته الدرامية ومازالت تطن في ذاكرته ، ثم تحين تلك اللحظة التي ينال فيها الرجل تكريمه أخيرا بسبب كونه رائدا مسرحيا في المهرجان القومي للمسرح المصري.

علاقة اشتباك مع الزمن:

ثمة ما علاقة مع الزمن ، حالات صراع مكتومة ومعلنه مع تموجات الزمن ، صراع مع التحقق والإعتراف بالذات ، وهي صفات غالب الظن أنه قد تخلي عنها الآن وبات سؤال الجدوي هو ما يلح عليه ...ما جدوي ما نكتب وما نقدم ... وهل يغير ذلك فينا كمجتمع شيئا ...؟! قد يسقط مثل هذا السؤال كاتبا ناشئا أو قليل الخبرة ، يسقطه في مهالك لا حصر لها ، لكن السؤال مع مثل هذا الرجل يعني الأستمرار في تقديم الجديد مع الإعتراف بأن العائد الثقافي منه قد لا يغير شيئا في الواقع الآن ، وهذا ما يدعوه للحسرة ويزيد من نكد الدنيا عليه ، لكن يبقي في آخر نقطة في الذاكرة بصيص أمل متهافت أنه قد يأتي ذلك اليوم ولو بعد عقود ويستطيع هذا الإبداع تغيير ولو جزء صغير من هذا الواقع الرابض فوق النفوس.

كل ذلك وأشياء أخري يجعلنا نحيل شخصية الرجل لشخصية درامية من مثل تلك الشخصيات التي كتب هو عنها ، حالات التقلب ، الصعود والهبوط ، التهور ، التحسر ، الخوف ، الكتابة كفعل مقاومة ، الفرح كطفل ، والغضب كطفل ، سنوات المعاندة والقهر لم تكسره ولم تحوله لبطل من أبطال المآسي الدامية ، فقط صهرته التجربة كبطل درامي يشعر بالهزيمة أكثر من شعوره بالنصر ، ربما كل هذه التناقضات هي ما تجعله مصرا علي الكتابة كفعل مقاومة ، مقاومة ـ علي الأقل ـ لتقلبات الذات قبل أن تكون مقاومة لتقلبات الواقع..

في نهاية تلك الصورة الدرامية ، والتي يستطيع المقترب من الرجل أن يتعرف عليها بسهوله فالسيد حافظ ـ هكذا ومن دون أية مقدمات ولا ألقاب ـ كتاب مفتوح ، إما أن يحبك ومن دون تحفظ ، أو يتحفظ عليك ومن دون حب ، كل ذلك وغيره الكثير يلضم لديه الإنساني بالدرامي ويجعل من الإثنين شيئا واحدا ، الأمور كلها بخياراتها المتاحه وغير الممكنة تأتي من باعث درامي ما لديه وتصب في نهاية الأمر إلي حبكة درامية خاصة به ولا تشبه إلا نفسها .


 

أ.م / فايزة سعد - مصر

أستاذ النقد الأدبى والأدب المقارن المساعد

كلية الألسن - جامعة عين شمس

السيد حافظ مبدعًا

السيد حافظ كاتب مسرحى وروائى من أهم مبدعى الأدب العربى الحديث ؛ وقد حظيت أعماله الإبداعية بعدد كبير من الدراسات الأكاديمية خاصة في الجامعات العربية، وقد نشرت له جامعه أريزونا بالولايات المتحدة خمس مسرحيات باللغة الإنجليزية وثلاث مسرحيات باللغة العربية علي الإنترنت،كما نشرت له المملكة البريطانية سبعه أعمال مسرحية باللغة الإنجليزية وترجع أهمية إبداع السيد حافظ إلى حرصه الدائم على التجديد والخروج على القوالب الفنية الجامدة ، وإلى هذه الحمولة الثقافية بالغة الثراء التي تتضمنها أعماله الإبداعية والتي تنم عن ثقافة موسوعية استطاع الكاتب من خلالها تحديث بنية السرد في الرواية العربية موظفًا تراسل الفنون، وتقاطعاتها مع المعارف الإنسانية، ليقدم للملتقى رؤية بينية تجمع بين السرد والشعر والدراما والتاريخ وعلم النفس... تعبيرا عما يمكن أن نطلق عليه سمة العصر، حيث تذوب الحدود الفاصلة بين الفنون بعضها بعضًا، وبين الفنون والعلوم الإنسانية . فإذا كنا نعيش عصر "المعلوماتية" وتبادل الأفكار والتجارب الإنسانية فإن أعمال السيد حافظ ترسخ قيمة تفاعل العمل الإبداعي مع معطيات الحياة ، وتعبر عن موقفه منها ؛ وهو ما يعبر عنه الكاتب تصريحًا في إذ يقول:

" الرواية في رأى العبد الفقير لله السيد حافظ هي سرد، والسرد يعنى التاريخ، والحكاية، والزمن الإنساني واللغة الحية التي تملك الدهشة الشاعرية، وإذا أردت أن تكتب سردا اكتب شعرا . وإذا نقص ضلع من هذه القواعد لن تكون رواية بل حكاية ضعيفة "

وهو ما تعبر عنه سباعيته (قهوة سادة) بشكل واضح إذ تعكس تأثر السيد حافظ روائيا بثقافة السيد حافظ ومهارته كاتبا مسرحيا له بصمته الخاصة في المسرح التجريبى وممارساته التي تعكس تأثره بمسرح بريخت وكسر الجدار الرابع واتخاذ المتلقى شريكا فاعلا في إبداع دلالة النص الإبداعى .

يرتكز النص السردي في كتابات السيد حافظ إلى تشظى الحدث؛ فليس ثمة حدث يتنامى ويتصاعد، ولكنها أحداث متفرقة بين الماضي والحاضر عبر أماكن مختلفة، تضع على عاتق المتلقي تجميع خيوط الحكايات لإعادة ترتيب المتن الحكائى .

يهدف العمل الأدبى عند السيد حافظ إلى مساءلة الواقع عبر استقراء التاريخ ، من خلال هذه المزاوجة بين الآن والماضي: الآن اللحظة الراهنة في الواقع بما يحمله من مشكلات سياسية اقتصادية واجتماعية، والماضى بدءا من عصر إخناتون وصولا إلى اللحظة الراهنة ومن ثم تنجلي الرؤية " الأيديولوجية" للعمل الأدبي الذى يعد نموذجا للإبداع المهموم بقضايا الوطن ومعاناة المواطن

يحفل الإبداع السردى للسيد حافظ بحشد ألوان مختلفة من الإبداع الأدبي والنصوص التاريخية التي تمثل نصوصا موازية ، و سباحة عقلية، ومتعة جمالية متعددة المشارب والاتجاهات، يخاطب الكاتب من خلالها ذائقة المتلقي ، وينعش وعيه الثقافي ، ليضعه دائمًا في حالة جدلية بين الواقع والخيال أو بين ما هو عقلي وما هو جمالي، هذا إلى جانب اهتمامه البالغ بجماليات التشكيل اللغوي في السرد ليحقق القيمة الجمالية للنص الأدبي، إلى جانب هذه الحمولة الثقافية التي تصقل العمق المعرفي للنص السردي .

 

 

 

 


 

الناقدة الكبيرة  د. وفاء كمالو (مصر)

المؤلف المثقف الكبير الأستاذ السيد حافظ .. ثورة المسرح ، عبقرية الرواية .. دهشة القصة القصيرة.. الحضور اللامع فى قلب المشهد الثقافى.. يكتب ابداعًا ووعيًا وجموحًا ومسائلة.. (هو الوشم النارى على ذاكرة الوطن والروح والجسد .. كتاباته وثائق عشق مصرية .. يرفض ثقافة التخلف وصناعة الجهل.. يحاسب الماضى ويعاقبه، يقرأ تاريخ الوطن الحقيقى.. لم يتخل أبدًا عن قراره بامتلاك أقصى درجات الحرية، ليبوح ويروى ويمزق كل الأقنعة .. إنه الحالة الاستثناء ، التى تفتح مسارات الدهشة والميلاد والجمال ، لتأتى أعماله ممتلكة لوعيها الثائر وقانونها الخاص – الذى يفتح أبواب الجنة والجحيم – ويبعث وجودًا وحشيًا شرسًا ينبض بحرية العاشق وعمق التساؤلات .

بشكل عام فإن كتابات السيد حافظ هى ومضات ضوء ساحر تمنح المتلقى وعيًا وفكرًا ، وإذا كان حضوره الثقافى الأن هو روح الثورة وعشق الإنسان.. فإن المستقبل سيسجل أنه من العباقرة العظماء الذى غيروا مسارات الإبداع.

فى سياق التجربة المسرحية

مسرح السيد حافظ هو الحرية والوعى والبوح والمكاشفة يمتلك الرؤية والفلسفة وحرارة القضايا وجماليات الطرح ودهشة الإبداع – وهو بلا شك من رواد التجريب فى العالم العربي، خرج من عباءة أرسطو ، وتجاوز بريخت ، واتجه إلى وجود شديد الرحابة يمتد من بداية البدايات بحثًا عن الإنسان والجمال، وهو ينتمى لجيل ما بعد الستينات .. ليصبح ابنًا شرعيًا لزمن التناقضات الكبرى على المستويات الفكرية والسياسية والاجتماعية.. وتطل الحرية هى القضية الماستر التى تشغله وتحرك مسرحيته وتجدد وجوده وتمنح أعماله خصوصية فريدة مدهشة.

كتابات السيد حافظ

عالم من القلق و الجرأة والتجريب

أ.د. سيد علي إسماعيل – مصر   

 

يارب يعيش السيد حافظ

أخيرًا وليس آخرًا .. سيتم تكريم السيد حافظ في مهرجان داخل مصر؛ وتحديدًا في "المهرجان القومي للمسرح المصري"!! أخيرًا التفت إليه المسئولون!! أخيرًا عرفوا أن كاتبًا مبدعًا مسرحيًا روائيًا اسمه السيد حافظ، موجود في مصر وما زال على قيد الحياة!! أخيرًا اقتنعوا بوجوب تكريم خمسين سنة إبداع، تسير على قدمين اسمها السيد حافظ!!

فالسيد حافظ له سيرة ذاتية، تُطبع في كتاب!! ومن يقرأ تفاصيلها، يشعر بالحزن الشديد أمام كم التبجيل والتكريم والاحترام والتوقير والتقدير، الذي ناله هذا الرجل .. من خارج مصر، بالمقارنة بكم التجاهل والإبعاد والتهميش المتعمد .. من داخل مصر!! فحضور السيد حافظ، يخطف الأبصار، فلا ترى غيره!! وعندما يكتب، يجذب القراء، فلا يقرأون لغيره!! وعندما يُبدع يتألق، فلا يتألق غيره .. لذلك؛ كان يجب إبعاده وتهميشه!!

منذ عدة سنوات، وبعد قناعتي التامة بأن السيد حافظ لن يُكرم، ولن يُلتفت إليه وإلى إبداعه – بفعل فاعل وفواعل وفاعلات – تمنيت أن يموت السيد حافظ، حتى يشعر الجميع بتأنيب الضمير، فيهرعون – بعد مماته – بالكتابة عنه وتكريمه، تطهيرًا لذنوبهم المرتكبة في حق هذا المبدع؛ فكتبت له مقدمة لروايته "كل من عليها خان"، أنهيتها بقولي: " ادعو معي .. يارب يموت السيد حافظ"!!

أما الآن .. وفي المهرجان القومي للمسرح المصري، وبعد أن أفاقت مصر من غفوتها، وعرفت قدر الرجل .. أقول لكم: " ادعو معي .. يارب يعيش السيد حافظ"!!


 

الكاتب الكبير  بهيج إسماعيل - مصر

بوضوح

السيد حافظ كاتب صديق‏..‏ يفهمني وأفهمه وما بيننا التقدير والاحترام‏..‏ وقد لا نتفق في نظرتنا للحياة أو في طريقة ممارستنا لمتطلباتها لكنني أتفق معه في رؤيتنا الجدية للعمل ولمعني العمل ومن هنا نظرتي له كمبدع مسرحي وروائي كتب للصغار والكبار وغزيرة هي كتاباته‏..‏ وهو كاتب دءوب.

وهذه نقطة هامة ـ يري في الإبداع تحقيقا لذاته ورسالة عليه أن يؤديها بأمانة سعيا إلي الرضا الذاتي.. وهو متواضع في ممارسته للحياة غير متواضع إطلاقا في الدفاع عن كتاباته الإبداعية وهذا نوع من تقدير الذات أمام النقد المجافي أو الاستعراض من أنصاف وأرباع المثقفين وأعماله ـ التي جهد في تحقيقهاـ هي معني وجوده ومن أجلها خاض مغامرات كثيرة ـ في بلده وفي الغربة ـ ينجح أحيانًا ويتعثر أحيانًا ويبدد ما جمعه من مال في الطريق.. لا يهم.. يواصل ففي البئر لا يزال رصيد.. يواصل ويتقدم العمر.. لا يهم.. تعانده الصحة أحيانًا لا يهم ـ كما يقول المتنبي وإذا كانت النفوس كبارا.. تعبت في مرادها الأجسام.. يواصل ويقرأ ويكتب ويدفع برواياته مجال إبداعه الجديد منذ سنوات بعد المسرحيات.. يرسلها ويتراسل مع المثقفين العرب المهتمين.. إذ هم أكثر اهتماما من أندادهم في مصر وهذه حقيقة.. ويدخل أعماله في دراسات وأطروحات جامعية فيرضي ويواصل.. فلا تزال البئر تعطي وتفيض ولا يزال المبدع حيا.

والذين درسوا حياة المبدعين جيدا.. رأوا أن أعلي ما فيها كان الاستمرار.. والذي هو الصبر.. ورأوا أن الموهبة هي خليط من الرغبة في العطاء.. والقدرة علي التحدي والاحتمال إذ إن ملايين ممن توهجوا قليلا في بدايات العمر والحياة لم يتمكنوا من احتمال الثمن المدفوع فانصرفوا إلي الأعمال السهلة أو سريعة العطاء فخبا ضوؤهم واكتفوا بالقناعة.

حين أكتب عن السيد حافظ أكتب من منطلق رؤيتي له كجهد وكمعني.. جهد مبذول في المسيرة الوعرة يحرسه في الطريق الشائك المعني.. معني وجوده نفسه ضوء وحيدا مؤنسا في الطريق.

وإذا كان الصبر شريكا أساسيا للموهبة في الإبداع فإن السيد حافظ قد أرضي الاثنين معا فأرضاه فيضه الكريم. ملحوظة: لقد كتبت هذه الكلمات بحب فأرجو أن تقرأ بحب أيضا.


 

د. ماهر عبد المحسن – مصر

يعتبر السيد حافظ من الكتّاب الاستثنائيين في الأدب العربي المعاصر ، فقد مارس كل صنوف الكتابة تقريبًا، المسرحية ، الرواية ، القصة القصيرة ، القصة القصيرة جدًا، كما أنه أثرى المكتبة العربية بكَمْ هائل من إنتاجه المتنوع والمثير للجدل في ذات الوقت. ولعل في هذا التنوع من ناحية ، والغزارة في الإنتاج من ناحية أخرى.

ما جعل السيد حافظ يطلق على نفسه "عابر للمشاريع الإبداعية" ، لأن كل جنس أدبي خاض غماره إنما كان بمثابة المشروع الكبير – بالنسبة له – فهو ليس مجرد كاتب هاو أو سائح تقوده المصادفة العمياء بين هذه أو تلك من صنوف الكتابة الأدبية. ويكفي مشروعه الفريد في الكتابة للأطفال (18 مسرحية) ومشروعه الروائي (19 روايات)، خلافًا لمشروعه في الكتابة لمسرح الكبار، وإسهامه المتميز في المسرح التجريبي.

وفي كل الأحوال ، فإن ما يميز إنتاج السيد حافظ ، ليس فقط الكم أو التنوع، ولكن القضية العامة والهم الذاتي . فحافظ لا ينطلق من الفراغ، ولكن من الواقع ومن التاريخ، لأنه يمتلك حساسية خاصة تمكنه من الغوص في أعماق اللحظة العابرة، والإمساك بجوهر التفاصيل الصغيرة التي تبدو على السطح تافهة لا تسترعى الانتباه.

يؤسفني أن أعترف بأني عرفت السيد حافظ متأخرًا، وقد تساءلت كثيرًا بيني وبين نفسي عن سبب هذا التأخير الذي لا يليق بمتخصص في علم الجمال إزاء كاتب عملاق بحجم السيد حافظ . وإذا كان الأمر على هذا النحو ، فكيف هو بالنسبة لقراء العربية غير المتخصصين ؟!. إن الإجابة مؤلمة وقاسية ، فالسيد حافظ ، علاوة على أنه لا يحب الشهرة ولا يسعى للأضواء ، لا تذهب الأضواء إليه ، ويغض الإعلام الطرف عنه. ربما لأنه ليس لاعبًا للكرة أو راقصًا في ملهى أو مطربًا عاطفيًا يدغدغ مشاعر النساء ، وربما لأنه أبى أن يخضع قلمه لهوى السلطة ، وآثر أن يمضي وحيدًا عكس التيار، غريبًا في بلاد بعيدة. ومن هنا تحققت في شخص السيد حافظ متلازمة الحضور والغياب ، فهو الحاضر الغائب ، والغائب الحاضر .. يتضح ذلك في مسيرة حياته ومسيرة إبداعه .

الأديب الكبير  د. رجب سعد السيد - مصر

 

السيد حافظ...

عُمرٌ من العطاء والتوهُّج ..

 

أحبُّ كتابة الشهادات ، وأُقبلُ عليها، لأن فى كتابة الشهادات تحررًا من (الموضوعية) ، التى تفرض عليك أصولًا ومنطقًا، وتجعلك تكتب وفى ذهنك الآخرون. أما الذاتية التى تتميز بها الشهادات، فهى تعنى الانحياز الواضح (الصريح). وغالبًا، فإن من يقدم على "كتابة شهادة" لا يفعل ذلك إلا عن حب وبحب، فلماذا يقوم بإسالة ذاته على ورق، إن لم يكن من أجل حالة من الود الصافى؟.

 وهكذا – بهذه المواصفات – أكتب عن (السيد حافظ)، صديقي الذي يشاركني كلَّ ما مرّ بالوطن من أوجاع وأسقام؛ فتاريخنا الوطنى فى نصف قرن مضى هو تاريخ رجل مريض، لا يكف عن إزعاج أبنائه!. فنحن، هو وأنا، نموذجان تكراريان لأبناء جيل بائس، وُلِدَ في سنة النكبة؛ ونشــأ في كنـفِ الثورة، التي اجتذبته إلى جانبها بمكاسب حققتها له، فعلمته، وأعطته وظيفة، فراح يغني مع عبد الحليم حافظ كلمات صلاح جاهين، في حلم زاهٍ، تماهى مع الواقع، حتى بدأَ زمنٌ من التراجع، لم يتوقفْ حتى الآن، كانت افتتاحيته الكئيبة في يونية 67، ثم اختطفَ الموتُ جمال عبد الناصر قبل أن يصلح انكفاءة تسببت فيها حساباته وتقديراته الخاطئة، التي استمرت إلى أيامه الأخيرة حين فاجأنا باختيار أنور السادات نائبًا له، في قرار يرسم واحدة من أضخم علامات الاستفهام في تاريخنا الحديث.

لقد غادر السيد حافظ الوطن بعد انفتاح السادات، الذي كان بمثابة سن محراث بقرت بطن التربة المصرية، لا لكي تطهرها الشمس، ولكن لتتوفر فرص ازدهار للحشائش والفطريات؛ ولكن الوطن لم يغارده.. طرح قضاياه.. دافع عنه، وغنَّى له .. نعم .. إن مونولوجات بعض أبطال مسرحيات السيد حافظ هى – بالواقع – غنائيات للوطن ، بكل ما بها من (قرارات) و(جوابات).

وانتهت الحقبة الكويتية، واختار السيد حافظ أن تكون العودة إلى المهد.. إلى الاسكندرية. وقد كان – فى هذا الاختيار – رومانتيكيًا، فى زمن التصالحات والتربيطات والمصالح التى تبيح المحظورات. وأسس فى مدينة الاسكندر مؤسسة ثقافية طموح، هى (مركز الوطن العربى للنشر والإعلام – رؤيا) ، الذى استنزف قدرًا من جهده وماله، ثم خيب آماله، ربما بسبب الحاجة إلى إدارة، وربما بسبب أن طموحاته كانت أكبر مما تسمح به الظروف والمواصفات السائدة .. لقد كان السيد حافظ يخطط ليقوم ببعض أعمال وزارة الثقافة!

إننى أٌقرأ الآن سطورًا من كتابه المسرحى (حبيبتى أنا مسافر) ، الصادر بالعام 79 ، وأجدها لا تزال محتفظة بطزاجة الولادة. لقد كانت الدراما هى الأقرب إلى ذات السيد حافظ أعطى لها معظم جهده ، فأنتج ما يزيد عن الخمسين مسرحية. كان يكتب مسرحه فى زمن كانت له أعمدته المسرحية التى تقوم عليها (كهانة) ذلك الفن. ثم إنه كان يكتب – حيث يقيم – فى تلك القرية الصغيرة على ساحل المتوسط الاسكندرية . وبالرغم من كل هذه الظروف ، استمر (ينحت) مسرحه : كاتبًا ومخرجًا وناقدًا.

وكنت أحسده : كيف يجد كل هذه الجرأة، ليكتب لغة مسرحية خاصة مختلفة، ويجمع من حوله كل هذه الوجوه الشابة العاشقة لفن المسرح، ويقدم على مغامرة الإخراج المسرحى.. ومن أين يجد الوقت والجهد لذلك كله؟. وقد أثمرت هذه الحياة المرهقة.. جاءت منها بذور طيبة لحركة مسرحية رائعة بالثغر، وأسس السيد حافظ فى قصر ثقافة الحرية مسرحًا طليعيًا، كان أحد نجومه الكثيرين شاب خلق ليكون ممثلًا مسرحيًا، هو نجم الكوميديا الحالى أحمد أدم.

ولم تتحمل (الثقافة الجماهيرية) آفاق أحلام وتطلعات السيد حافظ ، الذى عين بها مديرًا لقطاع الدراما.. وكان يتعرض لمضايقات إدارية ، وانتهى به الأمر – كما أسلفنا - مغادرًا للوطن، الذى كانت أحوال الحياة فيه لا تتيح لموهبة بحجم موهبة السيد حافظ أن تعيش كريمة مستريحة.

وفى (الكويت) ، حيث حط الرحال، لم يجد البيئة اللبديلة، إذ كان عليه أن يستمر فى صراعات حادة، كانت تشى بها خطاباته لى، حتى نجح فى أن يثبت وجوده ، وبالرغم من اشتغاله بالصحافة ، وهى مهنة قاتلة لروح الفن، فإنه لم يتخل عن المسرح، بل لقد انتج عددًا من الروايات والمجموعات القصصية.

أنظروا إلى تصديره لكتابه المسرحي (حبيبتى أنا مسافر)، حيث يقول:

" لا أريد أن يكرمنى الوطن العربى، بعد موتى، ويقول: رحمه الله، كان عظيمًا...

لا أريد أن يكتب عنى فى المجلات والصحف ، بعد موتى : إنه عبقرى ، أو عظيم.. إلخ.

أريدكم أن تكرمونى وأنا أعيش بينكم كأنسان.. أريد أن أعيش بينكم، وأن تفتح الحوار حول الكلمة المضيئة، بالقيمة الجدية، بالأصالة والصدق، بحق الفنان فى أعادة ترتيب الأشياء وصياغة هذا الواقع من جديد..."

وأنهى شهادتى بالدعوة إلى أن يكون تكريم السيد حافظ بان يلتفت النقاد – أكثر- إلى : لغته المسرحية – لغته القصصية ، وخصائص أدبه المسرحى والقصصى، مع دعوة خاصة لإبقاء أضواء كاشفة على جانب مهم من نتاجه الإبداع : أدب الطفل.

فيا أيها العزيز ، دائم التوهج، لك فى القلب المودة، وعلى اللسان التحية.


 

الناقد والأديب الكبير / أحمد إبراهيم أحمد - مصر

 

هذا السيد الجريء

عرفت السيد حافظ في شبابنا، كان رئيسًا لاتحاد كتاب مصر وكنت عضوًا في الاتحاد، ورشحني بحكم منصبه لعضوية منظمة الشباب الاشتراكي، وحضور معسكر لإعداد القادة، وكان مركز شباب الشلالات هو مكانه المفضل للقاء الزملاء والأصدقاء، والمكان الأثير لبدء تجاربه على أفكاره الجديدة في المسرح.

مضت الأيام والتقينا في قصر ثقافة الحرية مع نخبة من أبناء الطبقة المتوسطة التي كانت قد تبلورت في الستينات، وخرجنا نحن أبناءها محملين بآمال كبيرة، وأحلام ضخمة اغتالتها نكسة عسكرية، أطلقت أوجاعًا وأسئلة وجودية ضخمة ومخاوف من المستقبل، وشحنت المشاعر بحب للوطن أعمق وأكثر نضجًا، بدأ يأخذ نوعية مختلفة عن حب الوطن الساذج... حب مسئول يبحث عن دوره في إعادة هيبة وطن، يشعر بجرحه جيل كامل كان يعد نفسه بعد إنهاء دراسته للانضمام للقوات المسلحة، لإزالة آثار الهزيمة وإعادة الكبرياء الوطني.

مارس السيد حافظ في هذه الفترة دوره ككاتب مسرحي شاب، ومخرج وممثل، ورغم محدودية الخبرة بحكم العمر فقد تميز أداءه المسرحي بقدرة مميزة على إحداث الدهشة، فقد مارس التجريب بجرأة غير مسبوقة في كتابة النص المسرحي، وكان من أوائل الذين أدركوا أهمية لغة الجسد في أداء الممثل المسرحي، وكان أحد أبرز علامات إدراكه لأهمية لغة الجسد إصراره على التزام الممثل باستخدام الذراعين، والكف متباعد الأصابع، والساقين المنفرجين، وأسس في هذا الفترة أكثر من تجمع للتجريب المسرحي أشهرها فرقة المسرح الطليعي.

واجهت تجربة السيد حافظ ضغوطًا كونه يعمل في الإسكندرية (الهامش) وتعالي القاهرة (المتن) على تجاربه رغم أداءه المتميز والتفاف فنانين سكندريين شباب، آمنوا بتجربته وشجعوه على المضي فيها وشاركوه، فقرر مغادرة مصر والبحث عن وجوده المادي والإبداعي في الخليج العربي، وسافر ليواجه ظروفًا شديدة القسوة، ونجح رغم ذلك في إثبات قيمته ككاتب مسرحي، ونجح في زرع أعماله الدرامية في المسرح الكويتي-خاصة مسرح الطفل- وتليفزيون الدولة الكويتية الذي قدم له بعضًا من أنجح المسلسلات.

عاد لمصر في ثمانينات من القرن الماضي وأسس واحدة من أبرز مؤسسات المجتمع المدني هي مؤسسة رؤيا التي استضاف فيها بعضًا من أهم المبدعين المصريين والعرب، وأنفق عليها ما جناه من عمله في الكويت (وهو ليس بالقليل) وقدم في هذه المرحلة رؤيته لبعض الأعمال الإبداعية العالمية كرائعة جورج أورويل (مزرعة الحيوان) التي قام ببطولتها كمسرحية النجم أحمد آدم.

بقى السيد حافظ مخلصًا لأفكاره عن المسرح التجريبي مما أكسبه عداء بعض من يظنون أنفسهم قادة مسرحيين، أو يرون أنفسهم طليعة ثقافية وكل حظهم من الإبداع مناصب، استطاعوا الوصول إليها بحكم كونهم في القاهرة (المتن) وبما يتميزون به من قدرات على الوصول إلى هذه المواقع، ورأى هؤلاء في السيد حافظ شخصية مستفزة، وكانوا يتحركون بدافع غريب أن من عمل في الخليج قد حقق المكسب المادي فلا حق له في التواجد في الوسط الثقافي والإبداعي المصري، فحورب السيد حافظ دون أن يعرف أولئك أنه فقد كل ما يملك من مال في محاولته ممارسة الثقافة بمؤسسة مجتمع مدني أنفق عليها كل ما جناه.

اختار السيد حافظ كتابة السرد الروائي في الألفية الثالثة بعدما سُدت في وجهه أبواب المسرح المصري، فكتب بعضًا من الروايات المبنية على استيعاب ناضج للسرد العابر للنوع الأدبي، واستطاع أن يعيد طرح نفسه ككاتب سرد روائي عبر أعماله التي تميزت بالجرأة، والاعتماد على التوثيق -خاصة التاريخي-المبني على استيعاب لدور المعلوماتية في السرد المعاصر.

التفتت المؤسسات الأكاديمية خارج مصر لمسرح السيد حافظ، وسرده الروائي، فتوالت رسائل الماجستير والدكتوراه في العديد من الجامعات التي تبحث في هذه الأعمال خاصة في الجمهورية الجزائرية، والمملكة المغربية، والجمهورية العراقية، بينما تجاهلت غالبية المؤسسات الأكاديمية المصرية هذا الكاتب المتميز وأعماله الإبداعية، ووصل التجاهل حد العداء في بعض وسائل النشر التي رفضت حتى الدراسات النقدية البسيطة المكتوبة عن أعماله.

تمثل تجربة السيد حافظ الإنسانية والإبداعية نموذجًا مدهشًا للفساد الاجتماعي والثقافي المصري، وقدرة الوسط الثقافي المصري على نفي أبناءه، وتأكيد مقولة أن "لا كرامة لنبي في وطنه".

قد لا يكون السيد حافظ أعظم من كتب المسرح والسرد والدراما التليفزيونية؛ لكنه بلا شك واحد من أولئك الذين يستحيا تجاهلهم أو تجاهل أعمالهم التي هي بلا شك أفضل كثيرًا من أعمال محدودة القيمة وباهتة، تم، ويتم الترويج لها لأن أصحابها في موقع وظيفي مهم في القاهرة (المتن) أو يتمتعون بشبكة العلاقات التي تمكنهم من فرض نفسهم على الحالة الثقافية المصرية.

ويبقى السيد حافظ شاهدًا على زمن أفسده أبناءه، وثقافة تأكل أبناءها الحقيقيين وتمنح أثداءها للتافهين والغرباء، وعاصمة تتعالى بلا حق ولا قيمة على كل ما هو خارجها، وتعتبر نفسها متنًا وهي ليست كذلك، وترى في الآخر هامشًا وحقيقته أنه متن يمد هذه العاصمة بأسباب حياتها.

أيها السيد يا صديقي القديم... تذكر أن اسمك هو السيد ولقبك الحافظ، فكن سيدًا ولا تنكسر، وظل حافظًا لتلك القيم التي أمضيت حياتك تصنعها، وتحارب من أجلها، وتذكر أن التاريخ لم ينس أبا حيان التوحيدي رغم كل محاولات التهميش التي حاصرته في حياته؛ بينما سقط من ذاكرة هذا التاريخ كل أولئك الذين اتعبوه، وتذكر مقولة التوحيدي:

 "إن العقل هو الملك المفزوع اليه، والحكم المرجوع إلى ما لديه في كل حال عارضة وأمر واقع. "


 

 

 

 

 

 

 

الفنان الكبير / محمد غباشى..مصر

 

شهادتي المتواضعه في السيد حافظ أول استاذ حقيقي في المسرح..علمني كيف افهم المسرح بوعي اكثر وكيف قام بتغيير مفاهيمي الباليه عن مسرح لايحمل شكلا ولا لونا حقيقيا الي مسرح يحمل كل الوان الوعي التثقيفي التنويري مشوبا بالعلم والفهم الأكاديمي وهو من انار لي الطريق لاتعلم من جديد وأ درك ان المسرح الحقيقي لايكتمل الا بالوعي والفهم والتجريب المتميز... له الفضل في اعطائي الفرص الأولى لفتح نوافذ الفهم والتعلم من كل التجارب الفنيه ... له كل الموده والامتنان.

 


 

الكاتب : أحمد حافظ مصر

وكيل وزارة التربية والتعليم

 

 السيد حافظ والوجوه المتعددة

·       هو الأب الإنسان الذى قام بتربية إخوته القصـر بعد موت أبيه ونتج عن هذه التربية ظهور الكاتب والناقد أحمد حافظ والكاتب الاجتماعى الدكتور رمضان حافظ والكاتب السياسى الدكتور عادل حافظ.

·       هو المعلم الذى قام بغرس حب القراءة واللغة العربية فى أسرة حافظ وكتابة الإنشاء بطريقة مبدعة فجرت الأدب لدى عقول الأسرة جميعًا.

·       هو النبوغ المبكر الذى قام بتأليف أول مسرحية له وهو فى الصف الثالث الاعدادى وقام بمشاهدتها إدارة وسط التعليمية وأولياء الأمور وكانت لقطة بداية للشهرة والتقدم.

·       هو القيادى الذى ظهرت موهبته كرئيس اتحاد طلاب محافظة الإسكندرية ونائب رئيس اتحاد مصر عام 1966م.

·       هو السياسي الذى كان أحد أعضاء منظمة الشباب الاشتراكى والتنظيم الطليعى.

·       هو أحد مؤسسى الحركة الفنية بالإسكندرية وخصوصًا فى حرب أكتوبر عام 1973.

·       هو أحد مؤسسى مسرح الطفل فى مصر والكويت.

·       هو كاتب وشاعر درامى فى التليفزيون من خلال المسلسلات التلفزيونية والتى لم يذع منها إلا القليل.

·       هو الروائى الذى أذهلت رواياته مصر والعالم العربى.

·       هو الأكاديمى الذى أصبحت رواياته محور رسالات الدكتوراه والماجستير لطلاب جامعات مصر والوطن العربى والدول الأوروبية.

·       هو الشقيق للكاتب العالمى للقصة القصيرة محمد حافظ.

 


 

الناقدة الكبيرة / د.نجلاء نصير  - مصر

 

السيد حافظ ومشروعاته الإبداعية التي لا تنضب

يعد الأديب السكندري السيد حاقظ علامة من علامات الثقافة المصرية والعربية ، فنتاجه الأدبي الثري أهله ليكون محط أنظار الباحثين ، فأنجزت اثنتان وخمسون دراسة جامعية عن أعماله ما بين ماجستير ودكتوراه ودبلومات في مصر وأفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وآسيا ، واستطاع أن يتخذ من التجريب آلية لخلق ميكانيزم فكري وإبداعي خاص به ، فخرج عن القولبة والجمود إلى فضاء الحداثة ،كما تناول في أعماله المسرحية المسكوت عنه ليضع المتلقي أمام مرآة المواجهة بلغة تجمع بين الشعرية والانزياح والتناص الذي يؤكد ثقافة كاتنبا الموسوعي ،فمشروعات السيد حافظ في المسرح شملت مسرح الطفل و المسرح الكوميدي والمسرح النسوي والمسرح التجريبي ، فضلًا عن ذلك فهو عروبي مهموم بقضايا الوطن فكتب خمس مسرحيات عن القضية الفلسطينية ، كما شُغل بالتراث العربي في مسرحه . وأما عن نتاجه الروائي فقد خرج فيه عن المألوف فلم يلتفت إلى تصنيفات الأجناس الأدبية واستطاع أن يقدم للمتلقي في روايته "كل من عليها خان " وجبة تجمع بين المسرح والقصة القصيرة جدا والرواية فهو متأثر ببريخت في المسرح الذي تمرد على القوالب الكلاسيكية لذلك آثر في روايته "كل من عليها خان " التمرد على قولبة الجنس الأدبي مما يؤهلها لإطلاق مصطلح "المسرواية " فقد اتخذ من تراسل الفنون آلية تؤكد على تبنيه مشروع التجديد ، والخروج عن المألوف ، وبذلك  يمكننا أن نطلق عليه لقب شيخ المجددين الذي يتوضأ بنور الكلمة ويحيا في محراب الإبداع ،ففي أعماله للأجيال القادمة دعوة للثورة على المألوف والخروج عن إطار النمطية ، ومن ثم فعلى النقد أن يتماهى مع النتاج الأدبي للسيد حافظ الذي يبحر في الأجناس الأدبية .


 

الفنان الكبير عزيز خيون العراق

 

Top of Form

Bottom of Form

 

 

 

مُسافرٌ زآدهُ القلق

هو اللآيرضىٰ بسكّرِ الجواب وحرير الطمأنينه ، الزاهدُ بفضيلة القناعة والركود ، رداءه القلق المُحرق ، هذآ المسافرُ أبدًا جهة أصقاع العذاب ودوائر الحيرة ، المسكون بنعمة السؤال ...

ماذا يريد هذا المتدثر بجلباب الفيلسوف ، الجوّال في دروب الأمكنة والأقطار وأسفار التاريخ ، هذا المُبحرُ في شرايين المعرفة وعناوينها الإبداعية ؟ ماذا يَنشدُ هذا الـ (السيدُ) في صناعته والـ ( حافظُ ) لقيمتها وكرامتها ، المتنوع في مشروعه الثقافي جِدةً وغزارة ، هذا العصيّ علىٰ التقعيد والتصنيف ، حدًّا يَحارُ فيه القاريء لأثاره والمتابع والدارس لها أن يضعه تحت أيّ عنوان وجنس في الخارطة الإبداعيه ...

هذا المتوزع والمتنقلُ في ركضهِ اليومي بين خطوط مهنة المتاعب صحفيًا وفي أكثر من جهةٍ ومطبوع ، وتارة نراهُ يلِج ميدان الكتابة لفن المسرح ، وتُثمر فلاحته في هذا الوسيط الجمالي عددًا غير قليل من المسرحيات الخاصة بالكبار والأطفال علىٰ السواء ، وأيضًا مُخرجًا مسرحيًا ، ومُبتكرًا لفضاءات جديدة من الأُطر المسرحية ، ثم يدخل الإذاعة كاتبًا للعديد من المسلسلات ، ولا يكتفي بهذه الوجبات الإبداعية ، بل تدفعه روحه الضاحة اللآتهدأ ويقدم طاقته كاتبًا للسهرات والمسلسلات التلفزيونية ، ويُفاجئنا ليدير مقود مُخاطرته الإبداعية جهة محطة إبداعية أُخرىٰ ووسيطٍ جمالي آخر هو الرواية ، ويُنجز في تربتها عددًا من المدونات ربحت حظها من الضوء قراءةً ومتابعةً ونقدًا ودراسة في هذا المحيط وذاك البلد : قهوه ساده وشاي أخضر ، نسكافيه ، كباتشينو وكلُ من عليها خان ...

هذا التنوع الحاد والترحال المستمر بين الأجناس الأدبية بالتأكيد لم يفرض ذآئقته عن هوىً طاريء ، إنما هو نتاج قلق وبحث وتوق لما هو خارج إمكانية متناول الطاقة والمعرفة التقليدية ، هذا صحيح ، لكنه بالتأكيد هو أيضًا يَشي بدوافع خفية ورغبة مُضمرةٍ في مصافحة فتنة البحث والتنقيب عن وسائط جمالية بديلة وفي منعطفات كل مخاطرة جديدة بديلة ، بقصد تفريغ فيوضات الأسئلة الملحة الموجعة التي تُحاصر وردة روح السيد حافظ وتضيقً بها ، وهي تراقب العثرات الدرامية المستمرة لواقعنا العربي المُر ، حصيلة انتفاضاته وثوراته ، الشهداء ، الحروب ، أخطاء الأنظمة ، السجون ، الخلافات العربية الواحدة تلد الأخرىٰ ، وما حلّ بالأوطان والثروات والإنسان والمستقبل ، ما يُكابدهْ كف الفقير الشريف وقناعة المثقف الملتزم في هذا الواقع المُزري الذي لآ يليق بنا أمة وحضارة وطاقات خلآقة عملآقة ....

وأمام وفرة الإنجاز هذه تنوّعه وغناه لا نستغرب أبدًا أن تُبادر وزارة الثقافة المصرية لتزفَ الكاتب والمثقف السيد حافظ صوب منصة التكريم واحدًا من أبناء مصر ومبدعيها ، في دورةٍ جديدةٍ من دورات المهرجان القومي للمسرح ، ولآ نملك نحنُ مسرحيوا العرآق إلآ أن نبارك للسيد حافظ هذا التشريف ، السيد حافظ الذي أفنىٰ سنوات عمره في الكدِ البحثي الإبداعي وفي أطيافه المتنوعة مُحققًا وهجَ النجاح والتميّز .  

 

 

 


 

د . نجاة صادق الجشعمى - العراق

 

إن السيد حافظ يظل ظاهرة فريدة فى عالم المسرح العربى، بروحه الثورية المتمردة ذات النفس الطويل التى لم تهن أو تتعب أو تستسلم للهزيمة، أو بتجربته الجديدة فى مجال الصوت الآخر فى هذا الزمن الذى تشابهت فيه الأصوات فلابد من بداية وليس خاتمة رغم أننا نعلم أن لكل بداية لابد لها من نهاية ولكل مقام مقال من هذه المقولة لم يسعني إلا أن أكتب وقد أعلن ماسأكتب يومًا ما في الندوات والمهرجانات والمؤتمرات أو في اللقاءات التي أدعى لها وهذا أضعف الإيمان ..أن أتوقف بعد ماحاولت إستعراض وقراءة جميع الدراسات التي كتبت عن إبداع الكاتب المغبون المسلوب حقه بحيث كتبت هذه البحوث والدراسات بأقلام ورؤى عربية بصورة عامة وخاصة بعيون كبار أساتذة النقد الأدبي في المغرب الشقيق بوركت إشراقاتكم المضيئه في الأدب والنقد العربي فقررت أن أكتب ما يمليه علي ضميري ككاتبة وناقدة عربية من العراق طالما كنا مهد للثقافة والحضارة وسارية للعلوم والآداب .

ففي الحقيقة أود أن أكتب بعض الكلمات لكن سألت عقلي وحرفي وقلمي ماعساي أن أستطيع أن أكتب بعد أن قرأت كل ماكتب هؤلاء الباحثين والأساتذة والدكاترة المختصين في الأدب والنقد الأدبي ماذا أكتب بعد كل ما كتب عنه (الكاتب السيد حافظ) من رؤى نقدية وآراء شخصية من قبل هؤلاء النقاد حول إبداعه المستفز المتمرد المشاكس المستنير المتجدد المتغير لكنه ناطق للحق والإبداع والسمو وليس للدنو والتردي والإضمحلال. مستفز لأنه غزير بالمعنى فكل عمل أونص يستخرج منه الباحث بحوث ومجلدات وليس دراسة بصفحتين أو ثلاث هذا الكاتب إبداعه ناطق حي يرزق بضمير الشرفاء أصحاب الفكر والعلم والنظريات الحداثية ومابعد الحداثة حداثة ...فهل لنا أن نسأل ..لماذا التهميش والتزييف والتسويف واللامبالاة فكل ما أبدع به وقدمه للمسرح من مشاريع وأعمال للمسرح الذي لايضاهيه فن لأن المسرح (أب لجميع الفنون) ألا يحق لنا أن نكرم المبدعين من أبناء الوطن ولو كان إشارة أو دعوة لمثل المهرجانات والمؤتمرات التي يحضرها كل من هب ودب الذين لا صلة لهم بخشبة المسرح والمسرح أصلًا فلا يمكن لفن آخر أن يماثل المسرح فهو واجهة إعلامية تربوية مباشرة للمجتمع تعكس الحضارة والتطور سلبًا أو أيجابًا فيجب أن نوحد أصواتنا لنصرة الحق والمطالبة بحقوق الأطفال أولًا في المسرح العربي والإهتمام بمسرح الطفل العربي ومواكبة التطور والتجديد والتقنية العالمية والمحافظة على حقوق المؤلفين وكتاب المسرح فهل سيرحل الكاتب السيد حافظ بكتاباته إلى وطن آخر ؟ هل هذا الوطن الذي كتب عنه وطن اللامعنى ؟ وهل هذا ماتمنى أن يكون يومًا ما ؟ ربما يصحى الضمير الجمعي ويمحو الحقد والتهميش المجاني ربما.....تتكلم النصوص المزخرفة بالإقتباس والبخس أحيانًا ربما لناظره قريب ...

إن السيد حافظ يظل ظاهرة فريدة فى عالم المسرح العربى، بروحه الثورية المتمردة ذات النفس الطويل التى لم تهن أو تتعب أو تستسلم للهزيمة، أو بتجربته الجديدة فى مجال الصوت الآخر فى هذا الزمن الذى تشابهت فيه الأصوات.


 

د. عواطف نعيم – العراق

كاتبة ومخرجة وباحثه في المسرح العراقي

شهادة بحق مبدع من أرض المحروسة مصر "السيد حافظ"

ليس غريبا أن يكون المبدع صاحب المخيلة الخصبة والوجع العربي الحزين والكلمات التي تحفر في الوجدان والضمير مصريا وأن تحتفي به مصر في واحدة من مهرجاناتها الحافلة بالسحر والجمال ، فهذه مصر الولاّدة للمبدعين ، على مر تأريخها الثر والمضيء ، هي التي كانت الركيزة الأولى والمناطق الأساس لكل الحالمين بفضاءات الإبداع من العرب شعراء وأدباء ، موسيقيين ومغنين ، ممثلين وكتاب مسرح ، وفنانين تشكيليين ، جاء هذا العنيد السيد حافظ ليضيف لونا وخصوصية إلى أدب الرواية والمسرحية وليكون واحدا من الأصوات العربية المهمة في خارطة الثقافة والفن في مصر العروبة وفي أرجاء الوطن العربي الممتد ما بين هم وهم وما بين جرح وجرح، وكأنه قد إستلهم كل هذه العمليات فأذابها في كلماته ونقلها في متون كتاباته وأطل بها على العالم العربي معلنا عن وجوده الرافض والمتمرد ضد كل تخلفات الحقد والكره والفرقة والغفلة ، ( كل من عليها خان ) ، وما نحن إلا جزء من هذا الكون المتغير من هذه الحياة اللاهية ، قد نخون وقد نرفض قد نثبت وقد ننكسر، لكننا من الهشاشة، من لظى الخوف ، من ناب الفقر ما يجعلنا سريعي العطب، سريعي السكوت، سريعي الانقذاف نحو النار المتقدة التي تلتهم أحلامنا وتأكل ألسنتنا ، أن نحتفي بنبدع يمتلك كل هذا القدر من الجرأة والعزيمة ، يعني أن نمنح الإبداع لفتة وفاء وتحية إعتزاز ، أن نقول للعالم أجمع أن هناك بصمة ولون ورؤية خالصة الفكر خالصة الجمال تضيء من عمق الحضارة المصرية لتعلن أن أرض الكنانة غنية باللقى ، سخية بالعطاء ، وأنها قادرة على الإنجاب المعرفي والفكري الذي يمنح العالم فضاءا واسعا أجمل للحرية والعدالة الإنسانية، شكرا للقائمين على هذه الاحتفالية وهم يكرمون قامة عربية باسقة ، عصية على النسيان ، عنيدة في مواقف الثبات والبوح ، حالمة بغد أبهى وأجمل لمصر وللوطن العربي الذي أردناه بهيا ووظفنا كل أبداعاتنا لحفظه وحفظ حضارته ونبل تراثه ، تحية للسيد المتميز حافظ في يوم تكريمه في وطنه مصر وفي مسرحه العريق ، مبروك من أرض السواد نطلقها ، من فضاء مسارح العراق البهية بإنسانها الفاعل ، أول من بنى وأول من رأى وأول من عرف الأسرار وكشف الخفايا فغنت بذكره البلاد ، بلاد ما بين النهرين ...


 

أ.د. عقيل مهدى - العراق

 

السيد حافظ الرجل التاريخي.. الاتجاهات المعاكسة بين (الفرد) و(السلطة) الكوميديا السوداء.. التأكيد على «الأثر» الجمالي لدى المتلقي، كلها باتت علامات نشطة في التجارب الدرامية للسيد حافظ.

فهو واحد من بين المسرحيين العرب الذين انتبهوا مبكرًا لتلك الآلية التي تحدّ من آفاق «الذاكرة» الثمينة للشعب، فتحصر «الفرد» في توهمات وأزمنة قريبة مأزومة، أو بعيدة خرافية، لكي يخسر هذا الفرد مسارب مرجعياته، بسبب الإحباط الذي يكابده المواطن حينما لا يجد وسيلة أو ملاذًا للخروج من المأزق الماثل في حاضرة العشوم.

لا يطمح (السيد حافظ) أن يكون متاجرًا بالقصص والحكايا، بل يريد أن يعيد تشكيل التفاعل ما بين طرفي اللعبة المسرحية، الفنان من جهة والمتفرج من جهة ثانية، ولا يطمح لخلق بطل سوبرمان بل إنسان عادي، تشكلت خلاياه بحر مسيرة سرية، ابتدت منذ زمن أبعد من الفراعنة ومن السومريين، لتمرّ عبرهم.

يبدع «السيد حافظ» استراتيجية نصية، درامية، ليس غرضه سرد كلمات وجمل ومقاطع، بل معالجة «الحكاية» بحضور جمالي للصوت المطرز بالموال والأغنية والشعر والجناسات والمفارقات، حتى لا يُقفل المعنى على اتجاه خطي، وأحادي، للموروثات من الحكايا والقصص والأخبار، التي تتوفر عليها ذاكرة الشعب، أو المخزونة بكتب المؤرخين التي غالبًا ما، يجرى أسطرتها، وتجريدها، وتثبيتها في أفق أعلى من أحاسيس الناس وأفكارهم، وقدراتهم على التغيير، أو في إعادة النظر إلى الفكر والعالم والإنسان من موقع متقدم متنامٍ جديد، لكي يرفض الحلقة المغلقة للجهل.

إن (ثيم) نصوص «السيد حافظ» تعيد ترتيب العناصر بطريقة خاطئة تجعل إحساسا عامًا ما يهيمن على تجربة التلقي، قد تكون الآراء والانطباعات التي تظهرها الشخوص الواقعية بسيطة وسطحية، لكنها تتضافر معًا لتعزيز «الأمثولة» التي يريد الكاتب البرهنة على صدقية فرضتها فنيًا هو يجنح لهذا الصراع بين السيد والمسود، ليحسم مواقف محددة في نصوصه، مزروعة في تربة الحاضر وآنيته الراهنة مهما أوعى من رحلات في جوف التاريخ والأسطورة والحكاية أو الأمثولة، لأن توظيف الاستعارات والتشبيهات لا يتم إلا بدمج العناصر الدرامية بعضها مع بعض، فيدور الراوي والديكور والشخوص والأحداث في فضاء تجريبي، رسمت آفاقه إبداعات عربية، بعد نكسات مُرة على مستوى الشارع والوطن والأمة.

وبالتالي، لا يصبح الحديث مجديًا عن «الشكل» التجريبي الجديد الذي جاء به السيد حافظ على أهمية ذلك، لكن الأهم هو جعل النص من خلالها رسالته التنويرية الساخطة على الواقع.

الفنان العربى الكبير
يوسف العانى – العراق 

عن السيد حافظ

فى المجلس الأعلى للثقافة 2005
*****

عزيزى السيد حافظ مسرحيًا مبدعًا وأخًا وفيًا.. وصديقًا لا تستطيع إلا أن تعشق حضوره وتتمثله فى غاية حالة من حالات المحبة والإبداع المتواصل.

عسير علىَّ أن يُختص بك أو يتحدث الآخرون عنك.. ولستُ بينهم.. لكن وكما يقول رجال الفقه والقانون للضرورة أحكام... وكم حكمتنا تلك الضرورات لتضعنا أحيانًا فى السجن! وأنا فى مقدمتهم !

هذه المرة حكمنا المسرح الذى أنت فيه وفيه علمًا وحالة وفاء مستديمة.. حكمنا لأكون ضمن "لجنة التحكيم" وهى مسؤولية أنت تدرى كم اعتز بها وأحرص عليها لكى يكون "الحكم" فيها أمانة شريفة تخرج عدلًا وصدقًا وبُعد نظر.. وهذه أمور حملتها مسرحياتك فى السر والعلن..

اعتذر منك وذريعتى أننى وفى هذه اللحظات سأكون فى المسرح أحسب حساب المسؤولية.. يدفعنى لها وإليها أنت وأمثالك من الذين حرصوا على المسرح قيمةً وأثرًا خالدًا يغترف من الناس ما يكتشفه فيهم ويقدمه لهم ولكن ليس "نقلًا" بل "إبداعًا" وفكرًا عميقًا لا يدخل فى سياق الخطب السياسية والزعيق والصراخ الذى ضاع "طنينه" فى قضاء التعبير المفتعل..

لا .. لست من هؤلاء.. وإذا لم تصدقنى فسل الذين حولك الآن فى هذا الحفل.. أما لو كنت حاضرًا لرويت طرائف تضحكهم من القلب فاتحًا لهم من خلالك دروب الأمل التى ضاقت بنا مع الأسف.

دمعة فرح باردة سالت من بين جفونى وأنا أختم سطور المحبة هذه.. تهنئة لك ولمسرحنا العربى كله !

 


 

 

د. رياض موسى سكران – العراق

 

الروائى السيد حافظ اعتمد الروائي أسلوبًا محدثًا قائمًا على تقنيات سردية متعاضدة عضويًا مع الوحدات الزمنية لبنية أحداث الرواية.. حيث تتداخل الوحدات الزمنية والسردية، وتتخطى في الوقت ذاته نظام التسلسل النمطي السائد والتقليدي، الذي درجت عليه الرواية العربية عمومًا، حيث تتقاطع الأحداث وتتداخل بحسب قناعات الروائي ومقدرته على إقناع المتلقي، دون أن يكون خاضعا لأية محددات أو قوانين، سوى القوانين التي تستوجبها جماليات السرد وتحقيق فعل الإقناع عند المتلقي، فالروائي يهتم أولًا بالـ(كيفية) التي يسرد بها الأحداث، و(كيفية) وقوعها في هذه اللحظة الزمنية بالتحديد. وتجري عملية تداخل الأحداث غالبًا بالإعتماد على عنصر الزمن الذي يختلف في الرواية من زمن استرجاعي إلى زمن استباقي إلى زمن افتراضي إلى الزمن الآني الذي تعيش فيه الشخصيات... وغيرها من الأزمنة التي تسهم في تفكيك وإعادة البناء الهرمي للرواية.

   ومما هو جدير بالالتفات هنا، أن البناء المتداخل للحدث في الرواية عند السيد حافظ يتميز باستهلال خاص، يختلف في بنيته ووظيفته عن الاستهلال في البناء المتتابع، فالسيد حافظ يفجر الحدث في الرواية، بعد أن يكون هذا الحدث قد اكتمل، حيث يبدأ السرد بآخر الوقائع، ثم يسرد الوقائع الأخرى دون اهتمام بالترتيب المنطقي الذي يربطها.

وتخضع مسارات السرد في الرواية عند السيد حافظ إلى عدد كبير من الوقفات والارتدادات والقفزات، حيث تذوب كل هذه الأشياء في البنية العميقة للرواية، مانحة القارئ دورًا مشاركا ووظيفة فاعلة عبر إشراكه كطرف فاعل في إنتاج المعنى والهدف والغاية من الرواية، عبر تجليات المسكوت عنه واكتشاف ما لم يقُله الروائي في نسيج السرد، أي إعادة ترتيب الأحداث، اعتمادًا على القرائن الدلالية في الرواية، فضلًا عن أبعاد الشخصيات ودائرة علاقاتها.

 


 

ثَمن الغُربتين

د . ياسر عبد الصاحب البراك - العراق

مخرج وناقد مسرحي

 

السيد حافظ .. المثقف اللانسقي

يوفر لنا حقل الدراسات الثقافية ( Cultural Studies ) فرصة للإجتهاد حول إعادة فهم شخصية المثقف وطبيعة إنتاجه الثقافي وعلاقته بالبنية الإجتماعية ، فإذا كانت الأيديولوجيا بوصفها مظهرًا من مظاهر الثقافة تمثل نسقًا يتمظهر في البنية الأساسية لأي مجتمع من المجتمعات الإنسانية ، فإن المثقف الذي يتبنَّى أيديولوجيا ما يكون بالضرورة مثقفًا نسقيًا لأنه يخضع في إبداعه العام لنسقية تلك الثقافة فضلًا عن دفاعه المستمر عنها ، وبالنتيجة فإن الذي لا يتبنى تلك الأيديولوجيا لأنها تمثل نسق السلطة بأشكالها المتعددة (سياسية ، إجتماعية ، دينية ، ثقافية ) فإنه يكون مثقفًا غير نسقي . وعلى هذا يكون ( المثقف اللانسقي ) هو من يعمل خارج نسقية السلطة لأنه يؤمن بالتحرر من سلطة الأيديولوجيا وفكرة الهيمنة ( Hegemony ) في خطابها على حدِّ تعبير غرامشي .

إن المثقف اللانسقي يُعدُّ حالة إستثنائية في الثقافة العربية لأنه – وظيفيًا – يكون خارجًا عن نسق السلطة في إبداعه ، وحركته ، وفعله ، ومواقفه ، والى هذه الصورة ينتمي الكاتب المسرحي المصري ( السيد حافظ ) الذي يغادر نسقية السلطة بدءًا من إبداعه المسرحي ، ومرورًا بفعله العضوي في المجتمع ، وإنتهاءًا بمواقفه الجريئة والمعلنة في كل ما حوله .

تبدأ لا نسقية السيد حافظ من مغامرة الكتابة لديه التي تتوزع على (المسرح ، القصة ، الرواية ، الدراما الإذاعية والتلفزيونية ، المقالة الصحفية ) ، فضلًا عن الممارسة العملية في فعل الإخراج وتأسيس الجماعات المسرحية التجريبية المنفلتة من نسقية المؤسسة المسرحية الرسمية . وهذه اللانسقية تذهب صوب (التجريب Experimentation ) الذي يوفر له فرصة المغايرة مع خطابات السلطة القائمة ، سواءًا كانت هذه السلطة ممثلة بسلطة الثقافة نفسها عبر الشكل المسرحي القار الذي يمارس نسقية إجناسية تفرض على الكاتب المسرحي إقتفائها ، أو كانت سلطة الأيديولوجيا التي تُروِّج لها المؤسسة المسرحية الرسمية المرتبطة بخطاب الدولة بوصفها مالكة لوسائل الإنتاج الثقافي .

إن تجريبية السيد حافظ ولا نسقيته يتعاضدان لينتجا للثقافة العربية نصوصًا إبداعية ملغومة بالإشكاليات البنيو – رؤيوية لأنهما يفرضان وجودهما بدءًا من العتبات النصيِّة الأولى أو ما يسمى في التصور السيميائي بالعناوين أو العنونة (titrologie) حيث تبدو اللانسقية في العنوان في معظم تلك النصوص ( مثال : كبرياء التفاهة في بلاد اللامعنى ، هم كما هم ولكنهم ليس هم الصعاليك ) وهذه الغرابة واللانسقية تمتد لكل مفاصل النص بوصفه خطابًا خارجًا عن نسقية خطابات سلطة الجنس الأدبي والفني الذي هو – بالضرورة – تمثيل لخطاب سلطة المؤسسة المسرحية الذي يتكئ على المرجعية النسقية لخطاب السلطة السياسية أو الإجتماعية أو الثقافية أو الدينية بدءًا من إختياره لثيماته المميزة التي تهدف إلى الكشف عن (القاع) بوصفه الحقيقة الهامشية والمُغيبة في خطابات السلطة ، فالقاع هو الفضاء المسكوت عنه الذي يختزن الحقيقة الفعلية التي تغطيها جماليات خطابات السلطة ، وبالتالي فإن السيد حافظ يشتغل في الأنساق المضمرة في تلك الخطابات التي لا تُصرِّح بها خطابات السلطة ، ويبرز ذلك بشكل واضح في تعامله مع التاريخ والتراث في نصوصه الإبداعية ، إذ أنه يغادر الرواية الرسمية للتاريخ أو التراث التي يرويها مؤرخو السلطة ، ويشرع في الحفر الأركيولوجي في التاريخ المنسي والمهمَّش الذي يقابل ذلك التاريخ الرسمي المزيف . فيعمل على إخراج الشخصية التاريخية أو التراثية من الصورة النمطية ( Stereotype ) التي رسمتها خطابات السلطة مانحًا إياها تصورات جديدة مغايرة لتلك النسقية ( مثال : شخصية الحاكم بأمر الله ، في مسرحية " حلاوة زمان " ) مُعرِّيًا في الوقت ذاته التاريخ الرسمي . ولا يقتصر ذلك فقط على الشخصية التاريخية أو التراثية ، بل يتعداه أيضًا إلى الشخصيات المعاصرة عبر فضح نسقية خطابات المؤسسات السلطوية بتمظهراتها المتعددة (الحكومة ، المجتمع ، رجال الدين ، المثقفون ، الأثرياء ، العائلة ، المهنيون ، ... الخ ) .

يخرج السيد حافظ أيضًا من نسقية اللغة بوصفها خطابًا سلطويًا ، فاللغة مؤسسة ثقافية لها نظامها القائم الذي يفرض على المثقف التعامل معه على وفق شروط محددة تجعل من منطق الهيمنة هو السائد في علاقة المثقف بلغة التعبير لديه ، وهذا الخروج من نسقية اللغة بوصفها أداة التعبير الرئيسة يتخذ في نصوصه أشكالًا مختلفة تبدأ من إستعمال المحكي اليومي ( اللهجة العامية ) في العديد من تلك النصوص ، وتمر بفعل المزاوجة بين العامية واللغة الفصيحة ، وتنتهي بإستعماله للغة الفصيحة الخالصة . وفي كل مرحلة من تلك المراحل تعتمد نصوصه على آليات لغوية تتجنب الوقوع في نسقية اللغة بوصفها سلطة ، فاللجوء إلى العامية في نصوص الصغار والكبار على حدٍّ سواء إنما لإيمانه أن العامية تمثل اللغة غير الرسمية للناس غير الرسميين ( عامة الشعب ) بإزاء اللغة الرسمية للناس الرسميين ( الحكومة ومن يرتبط بمؤسساتها ) ، وهو يلجأ إلى المزاوجة بينهما لأن شكل الصراع في بعض نصوصه يفرض عليه هذه المزاوجة بين الرسمي وغير الرسمي لتحقيق ضرورات فنية وفكرية تدفع بذلك الصراع إلى التكشف والوضوح . وحتى في إستخداماته للغة الفصيحة الخالصة في نصوص أخرى فهو يتجنب الوقوع في نسقية اللغة وسطوتها عبر اللجوء إلى المزاوجة بين لغة الشعر والنثر والتعابر الأسلوبي والبلاغي بينهما ليُكوِّنا لغة لا نسقية تنفرد بها خطابات السيد حافظ المسرحية . وهذا الحال ينطبق على تعامله أيضًا مع العناصر الدراماتيكية الأخرى في نصوصه مثل الزمان والمكان .

بقي أن نقول : أن لا نسقية السيد حافظ سعت إلى إيجاد مؤسسة بديلة للمؤسسة الرسمية عبر تأسيسه لعدد من الجماعات المسرحية التجريبية المستقلة التي هدفت في حركتها الإبداعية إلى إيجاد خطابات لا نسقية إنتاجًا وإبداعًا ، فضلًا عن تأسيسه مؤسسة (رؤيا) التي صرف عليها من ماله الخاص في سعي دونكيشوتي لتكوين سلطة ثقافية لا نسقية خارج سلطة الثقافة النسقية السائدة في بلاده، الأمر الذي يدفعنا إلى القول : أن تجربة السيد حافظ في الانفلات من سلطة المؤسسة الرسمية وخطاباتها الأيديولوجية يفتح لنا الباب في تكرار التجربة لأنها أسفرت عن أنموذج للمثقف اللانسقي في البلاد العربية .

             

 


 

أ. عماد محمد - العراق

مخرج مسرحي - الفرقة القومية للتمثيل

12/7/2019

السيد حافظ .. بمعنى المسرح

قلائل هم اولئك الذين تنحتهم ذاكرتك عبر مشوار حياتك لتستنهض وتثور احداثا وحكايات نادرة لرجالا ت الفكر والثقافة و المسرح الشجعان تابى الا ان يكونوا من ذاكرتك الإنسانية الجمعية ومصدرا مهما لديمومتها وتثوير فعلك ومنجزك الإنساني الابداعي..هم دوما شاخصون امام ماتنجز وتبتكر وتجتهد وتعمل وتحيا... منهم في بلدي العراق واخرون في بلدانا شتى و ثمة حسنات اليهم لاتنسي امام كل الخراب والظلم والفقر الذي لايفارقنا .. حسناتا رسمت الينا طريقا اكثرهم من الجهلة والسياسون الية كارهون . .قالوا لنا الثقافة كلماء والهواء وان حرقت سنوات العمر وجفت مقلتاك حزنا ... الثقافة بمعنى الحياة والحياة بمعنى الوجود والوجود بمعنى المسرح والمسرح بمعنى الكفاح من اجل الحرية والثورة و العدالة التسامح والحوار الإنساني والتمرد الواعي المبتكر الخلاق والسيد حافظ بمعنى المسرح الابداعي والاصيل انة السيد حافظ...لتبدا حكايتي مع المسرح / السيد حافط في بداية عقد الثمانينات حينها كنت صبيا هاويا للمسرح لازلت التلمس جمالياتة وانا اشاهد عرضا مسرحيا عراقيا مهما في تاريخ المسرح العراقي ( حكاية الفلاح عبد المطيع ) لكاتبنا عربيا كبيرا السيد حافط ولمخرجا عراقيا مختلفا مبتكرا وعنيدا د.سعدي يونس بحري في فضاءات العاصمة بغداد الذي احدث متغيرا جديدا ومؤثرا في الفضاء المسرحي العراقي إلى يومنا الحاضر لتبدا رحلتنا الإنسانية في البحث عن الجمال والجنون بفضاءات الفن الرابع لسنوات موجعة وطويلة لتاتي المتغيرات السياسية في بلدي العراق لتتيح الينا حسنات اخرى اهمها السفر والمشاركة في المهرجانات العربية كان اولها عام 2004 بمهرجان المسرح العربي بالقاهرة وهي تحضنن ابناءنا الفنانين المسرحيين العراقيين لتعزز همتهم واصرارهم على التحدي والمقاومة الثقافية ضد المحتل الامريكي حينها حالفنا الحظ مرتين في وقت واحد مشاركتنا المسرحية بالقاهرة والحدث الاهم حضور الكاتب الكبير السيد حافظ عروضنا المسرحية ولقاءنا بة الذي طالما حلمنا وسعدنا وتشرفنا بقامة مهمة ورمز كبير من رموز المسرح المصري والعربي التي لازلت الذاكرة تحتفظ باعمالة المسرحية الابداعية ونحن في غاية السرور والتباهي بشخصية مسرحية ونجما لامعا في فضاء المسرح المصري والعربي وانسانا سبقة تواضعة ليفتح لنا ابواب خزانتة الفكرية والثقافية من حوارات نادرة وقيمة وداعما لقضينا وليعبر عن مدى حزنة وتعاطفة مع شعبنا و تضامنة معة في مناهضة الاحتلال الامريكي و يهدينا كتبا ومجلات لتكون زادنا وهوائنا في بلدنا بعد عودتنا ونحن نحملها كانها جوائز واوسمة حضينا بها من قاهرة الثقافة والفن والحضارة ومن كاتبنا الكبير السيد حافظ ليؤكد لنا عودتنا إلى القاهرة مرة اخرى لتحتضن منجزنا المسرحي لمرات عدة في مهرجاناتها الابداعية الكبيرة ونتشرف بكاتبنا الكبير السيد حافظ حاضرا وداعما للمسرح العراقي باصالتة ومحبتة التي نالها جميع الفنانون المسرحيون العراقيون من حضروا القاهرة ويزودنا بمتاع الفكر والفن في كل مرة ولازالنا ننسقى من ينبوعة لصافي عندما نعطش ونستنشق اوكسجين الحياة عندما تخنقنا الحياة والواقع المؤلم الذي نعيش. السيد حافظ موسوعة معرفية ومسرحية تجعلك تحلق معها في عالما من السحر والتجريب واللامالوف بين مسرحا للاطفال والكبار والكوميديا السوداء ..السيد حافظ  رجلا ميدان المسرح العربي بهويتة وثقافتة العربية الاصيلة وبصمتة الابداعية النادرة فيها ديمومة فن المسرح العربي .... سلاما اليك ايها الفنان الإنسان..سلاما لمنجزكم الابداعي..سلاما لمحبتكم ونبلكم..سلاما لمصر ام الكون التي انجبتكم...                                   

 

 


 

د. حيدر علي كريم الأسدي – العراق

استاذ جامعي وناقد

 

السيد حافظ كاتب الوجع والفرح الخالد

هو من بلاد الابداع ، من بلاد عرفت (بالقراءة) والفن والابداع ، من شموخ الفراعنة والاهرامات ، ومن حارات السمو والابداع والجمال ، من مصر التاريخ والعراقة ، كاتب امتدت سيرته بهدوء منقطع النظير لسنوات خلت دون اي ضجيج سطحي أو مأرب اخرى !! ولا يخلد الكتاب الكبار الا هذه السيرة النضالية من العطاء والفكر والبذل والكتابة والكتابة والكتابة إلى حد اللعنة ، انه المصري (العربي) العالمي بنصوصه (السيد حافظ) عرفته كاتبًا مبدعًا له مكانته واحترامه هنا في بلداننا العربية ، شغل الباحثين والدارسين بنصوصه فكان عنوانًا للمجد والاجتهاد وفيا ومخلصا في قضيته التي تبناها منذ الحرف الاول الذي نطقت به يراعه ، السيد حافظ يعي تماما هوس الكتابة وقلقها ، ويعي تماما جدلية الصراع بين المؤلف والفكرة ، ويعي تماما اهمية ان تكون انسانا مغايرا وكاتبا مغايرًا ، فكان كذلك ، في كل نصوصه التي كتبها (للتلفزيون ، والمسرح ...الخ) كاتبا واعيا للمحيط جدليا منذ النص التجريبي الاول له ، ومحط انظار النقاد والمتابعين ، شغفه بالكتابة كان يطفو على كل شيء ، على غربته أو اغترابه ، على وجعه وقلقه ، على طموحاته وآلمه ، وعلى ارتداد ما حصل لكل المبدعين العرب (بعد نكسة حزيران) السيد حافظ اراد وهو يتجه لمسؤولية عظيمة هي الكتابة ان يرسخ لهوية تنماز باصالتنا ولا تجترح امبريالية ثقافية من نوع اخر ، هوية خاصة بنا نحن العرب ترسم لمسارات ابداعية وتحرك الوجدان وتختلط ما بين جماليات الاداب والفنون واحتياجات البعد السيسيولوجي للمواطن العربي ، ولانه ديالكتيكي لا يؤمن بالساكن والجامد من النفس البشرية والابداع العربي ، فكانت تجربته الثرية قد مرت بمراحل عدة تمظهرت كل مرحلة بابداع من نوع خاص ، حتى وان كانت جل تلك التجارب كان قد رسمها خارج مسارات خارطة الوطن ، فمن المسرح التجريبي والمسرح الطليعي إلى الاعمال التلفزيونية وليس انتهاء بالصحافة ومسرح الطفل وكتابة الرواية الادبية أو كتابة الرواية الحداثوية متداخلة الثقافات والاجناس أو كما يجنسها السيد حافظ (المسرواية) ، السيد حافظ ومنذ بداياته الاولى كان كاتبا مغايرا بمعنى الكلمة حتى في بناء منظومة صياغة الشكل المسرحي (زمانيا ، مكانيا ) بل حتى في تاثيث المضامين والدلالات في نصوصه التي كانت صدمة مغايرة واجه خلالها مصدات عدة في بداية طريقه الابداعي ، وبخاصة في مصر ، ولم يثنه ذلك عن استمرار مسيرته الجمالية والابداعية ، السيد حافظ في بداياته كان يحمل داخل صدره ثورتان الاولى ضد الوضع السياسي انذاك والنكسة التي المت بجميع مبدعي ومواطني الوطن العربي والثانية هي ثورة ضد التقليدي المألوف لدى المبدع العربي انذاك بالتعبير عن قضايا وهموم بلده ، لذا ثار على اساليب التعبير واصبح مجربا حقيقيا يشار له بالبنان فيما بعد ، لذا يعد السيد حافظ ودون منازع اهم كتاب المسرح العربي الذين جعلوا التجريب وسيلة لتحقيق الخطاب المسرحي على وفق تطلعات المثقف والمواطن العربي آنذاك ، للبحث عن اصالة وتفرد من نوع خاص، تخلصنا من تبعية الاستنساخ لشكل الكتابة ومضامينها ، السيد حافظ وبعد تجربة كتابة امتدت لخمسين عامًا نزف خلالها ابداعا وكان يعيش حالة من تجنيد الروح والجسد (للكتابة) قدم خلالها للمكتبة العربية انضج واجمل المؤلفات ولاسيما تلك التي تتعلق بمفصل حياتي مهم جدا لو ركزنا عليه كثيرا لبنيت الاوطان ووعى الإنسان لقضاياه المصيرية واعني هنا كتابته لمسرح الطفل ، وهي التجربة التي تلقفها المخرجون العرب ولاسيما في الكويت بمحبة كبيرة وقدمت عشرات النصوص لهذا الكاتب ، سواء في الخليج أو في مدارس بلده الام (مصر) فهو من الادباء والكتاب القلائل الذين يستحقون ان نوثق سيرتهم بحروف من ذهب وان ندرجهم بفخر واعتزاز في مناهجنا الدراسية وان نقول للأجيال المقبلة ، اننا نفخر ان لدينا كاتبا عربيا قدم زهرة عمره وافنى شبابه في سبيل الكتابة الجادة (الكتابة المسؤولية) الكتابة التي تخرج من قلب وعقل يدرك تماما حجم وعظم الكلمة ، كيف لا وهو السيد حافظ المحب والمخلص للكتابة منذ ان نطقت انامله (الحرف الاول) وحتى (الان)...محبة مخلصة كبيرة له استاذا ومبدعًا ، والخلود لنصوصه.

 

 

 

المخرج الكبير / فرحان هادى  - العراق
مؤسس ومدير مهرجان المنودراما بالبصرة

 

عندما تتحدث عن السيد حافظ تتحدث عن وطن ... بصراحة شديدة شهادتي به مجروحة .. لأنني عملت معه في الكويت وكان آخر عمل مسرحي معه مسرحية حذاء سندريلا .. ثم تفرقنا بسبب أوضاعنا السياسية والوطنية .. لكنني بعد تأسيسي لمهرجان البصرة الدولي الأول للمونودراما كان من المفترض أن يكون موجودا ومكرما .. لقد كان وجوده تكريما لنا وللمهرجان .. السيد حافظ هو تاريخ بحد ذاته ... السيد حافظ معلم كبير لكنه في مكان لايستحقه لأنه لو كان في أثينا لكان صديقا لسقراط..

 


 

 

 

 

الكاتب الكبير / محمود الزيودي  - الأردن

الكاتب الدرامى والباحث فى الفنون الشعبية

 

الزميل الأستاذ السيد حافظ هو من أدباء ومبدعي جمهورية مصر العربية الذين التقيتهم كثيرًا فى مهرجانات المسرح العربي.

وقد مثل بلاده فى المملكة الأردنية الهاشمية أكثر من مرة.

وهو من المبدعين فى التأليف المسرحي والدراسات والأبحاث الخاصة بالمسرح والفنون فى الوطن العربي. وهو يستحق التقدير من جميع زملاءه.

مع فائق الاحترام

 


 

 

 

 

 

 

الفنانة/ عبير عيسى الأردن
نجمة التلفزيون العربى
 


 

السيد حافظ كل الكلمات لا تفيه حقه.

ولو اردنا ان نذكر المبدعين المحافظين على مواقفهم وابداعهم لكان من اول الأسماء.

كل التقدير لأستاذي والف مبروك التكريم

 

 


 

 

مسرح السيد حافظ
بقلم المخرج / عبدالله عبد الرسول - الكويت

هل بالأمكان أن أدون كلماتي هذة، وأبدأ أسرد كيف قرأت أول نص مسرحي في حياتي.. أستاذنا القدير "السيد حافظ" أستاذنك بأن أبدأ في بوحي.

عندما تصفحتُ مجلة البيان التي تصدرها رابطه الأدباء بالكويت في آواخر السبعينات بالقرن الماضي،كنتُ حينها في نهاية العقد الثاني من عمري، شدَ انتباهي أسم ( السيد الحافظ)، حيث كانت المجلة تنشر مقالته النقدية واعماله المسرحية وبدأت أقرأ عن ما يحمله السيد حافظ من فكر، وجدتُه كاتبًا عربيًا مهمًا أبدع في مختلف الأساليب والإتجاهات الدراميه والنقدية، وخصوصًا الإتجاهات الحديثه المُعاصرة، ولا أخفي سرًا بأن الكاتب العربي القدير السيد حافظ هو جزء من المكونات المسرحية الاساسية التي استلهمتُ منها طريق المسرح في البدايات.

سألني أستاذنا الدكتور حسن يعقوب العلي رحمه الله، عميد المعهد العالي للفنون المسرحية في بداية الثمانينات من القرن الماضي، لمن قرأت في المسرح فأجبته بأني قرأت لسيد حافظ وعدة أسماء أخري، فأجابني "برافوا يا عبدالله" .. فأن السيد حافظ هو من اوائل من اقتحم الحداثه في مسرحنا العربي، وبعدها مباشرةً قرأثُ بتمعن النص المسرحي "مدينه الزعفران" لسيد حافظ، هذا النص المسرحي الذي يلقي الضوء على العلاقة بين الحاكم والشعب والتشبث بالسلطة ضد كل القوانين والأعراف، وتكون شخصية "حسان" في "مدينة الزعفران"... هي إرادة التغيير للأفضل ولكن يبقى "خادم العامة" غالبًا ماتخونهُ ثقة الجماهير أحيانًا ، هذة المضامين وجدتها بالنص المسرحي لمدينة الزعفوان ، وحينها قررت اني استأذن السيد حافظ بإخراج هذا المشروع المسرحي الذي أبهرتني فيه الصوره الدراميه الملحميه والشعريه التي صاغها بأحترافيه درامية عاليه، وكان اللقاء الأول لي مع السيد حافظ، فوجدته شخصيه ثقافية عربيه مهمومًا في واقعنا العربي، يحمل بداخله تطلعات كبيرة للمضي قدمًا لمشاريع مسرحيه حديثه، ويحمل افكار متعدده ليسلط الضوء على واقع وهموم الإنسان ،شجعني وأخذ بيدي كوني في البدايات كانت لي تجارب مسرحية أقوم بكتابتها، كان يتواجد في أعمالي المسرحية مشجعا ويبدي ملاحظاته وبدأت علاقتي بالسيد حافط علاقة الأستاذ الحريص علي أحد أبنائه

وكانت تجربتي الثانية مع مسرح السيد حافظ عام 1989 حين تصديت لاخراج العرض المسرحي " حكاية الفلاح عبدالمطيع"

نص مسرحي وجدت فيه دلالات الضعف والقوه للانسان البسيط، يقوي فينا لغة الادراك والتصدي، ويعطينا أيضا بعدًا في الفكر السياسي والاجتماعي، وجدأت أن السيد حافظ عندما كتب "حكاية الفلاح عبدالمطيع" ، يشير لجيل عاجز ومنكسر و بنفس الوقت تواق إلي العدل والحرية والتنوير والكرامه ، كان الحوار المسرحي أقرب الي لغة الايضاح وفتح الطريق لأفاق جديدة للانسان المقهور،" الفلاح عبدالمطيع" .. كوميديا مأسأوية ، تطرح قضية إنسانية في غاية الاهمية .. محورها عندما تردد "الجوقة" الحوار التالي " مامعني الإنسان إذا صار عبدًا" ... "حكاية عبدالمطيع" هي فكرًا واعيا متوهجا أكثر من أنها مجرد نص مسرحي وأنتهي الأمر

في الندوة التطبيقية لعرض حكاية الفلاح عبدالمطيع" الذي قمت بإخراجها، قالت الدكتورة القديرة فوزية مكاوي رحمها الله ،أستاذة النقد والادب المسرحي، بأن المخرج أقترب كثيرا من فكر المؤلف من خلال الرؤيا الاخراجيه، وتوحدت بينهما خيوط القضيه، فالسيد حافظ صاغها فكرا والمخرج صاغها تمردًا بصورة مسرحية فيها الشجن والكوميديا والموقف بأقتدار علي خشبة المسرح.

مسرح السيد حافظ غني ومتعدد وغزير الانتاج وهو دائما ينتقل من مرحلة الكم الي مرحلة الكيف، فهو عايش مراحل عدة فيها التناقضات والنكسات والانتصارات السياسية والاجتماعية في عالمنا العربي،مما نعكس كل هذا علي فكر وطرح السيد حافظ المتجدد، وما أجملنا عندما يكون واقعنا الملموس هو قضية فكرنا وطرحنا بقوالب دراميه غنيه بالصور، هذا مما يؤكد بأن السيد حافط ينتمي إلي جيل لن يتكرر ، الجيل الذي حمل علي عاتقه قضايانا التي ناضلنا من أجلها وعايشناها لحظه بلحظة، السيد حافظ أستوعب اهم القضايا والاطروحات في المراحل التي عايشها وصاغها في أعماله المسرحية علي أرضية تحاكي كل هذة التحولات، كما أنه قدم أشكال مسرحية عدة للتاريخ والثراث العربي، وهو من أوائل الكتاب المسرحيين العرب الذين قدموا أشكالا مسرحية معاصرة وتجريبية قدمت لنا الحداثه في مسرحنا العربي ، السيد حافط .. حافظ علي حبه و إيمانه وإخلاصه للمسرح، كوسيله للكلمه التي يريد التعبير عنها دائمًا.

السيد حافظ في كتاباته تقرأ الكلمة الصادقه وطهارة النفس والقيم والنظال وشرف الموقف، نقرأ في كتاباته الحلم الجميل الذي يتمناه كل مقهور، نقرأ في كتاباته الأمل المفقود... ستضل أدبيات وفكر السيد حافظ حاضرة بالوجدان والضمير تدعو إلي الحيوية والتشيث بالحياة وقيمة الكلمة وروح المسؤولية.

هكذا أنت يا أستاذنا كما رأيتك ... مناضلًا من أجل كرامة الكلمة.

 


 

د. وليد الحداد - الكويت

رئيس قسم الغناء فى المعهد العالى للفنون الموسيقية

شهادة بحق الكاتب السيد حافظ

الأستاذ الكاتب المسرحى السيد حافظ ذو التعامل الراقي إلى جانب كونه مبدعا غزير الإنتاج - إنسانــًا نقيـًا صادقــًا ، يمتلك طيبة كبيرة ، جعلته محبوبـًا من غالبية الوسط الثقافي ، فهذا الرجل قد اختار مجالا بعيدًا جدًا عن مجال تخصصه ، حيث لم يعرف في الفلسفة كما عرف ككاتب مسرحي ، عمل باحثـًا في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت ، إضافة إلى أنه عمل كاتبًا في الصحف الكويتية ، أما في مجال المسرح فقد قدم عشر أعمال لمسرح الطفل في الكويت ، سندريلا عام 83 ، الشاطر حسن عام 84 ، سندس عام 85 ، محاكمة علي بابا عام 85 أولاد جحا عام 86 ، حذاء سندريلا 86 ، عنترة بن شداد 87 ، فرسان بني هلال 87 ، بيبي والعجوز 88 وأخيرا الساحر حمدان 96 ، إن الحديث عن دور السيد حافظ في مسرح الطفل في الكويت ، أكاد أجزم أن له دور أساسي شكل فيه حافظ جزء مهما من هوية مسرح الطفل الذي بدأ في الكويت منذ أكثر من ربع قرن ، ولو تتبعنا تجربة السيد حافظ وصنفنا مسرحياته ، نجد أن ست مسرحيات منها تستند في مرجعيتها إلى التراث العربي وتقترب من الشعبي لو أردنا الدقة أكثر وتؤكد بذلك أن ( حافظ ) معني بالتراث العربي ، وهو ما يتماشى مع خطه القومي وتجربته في البحث عن مسرح عربي أصيل ، وإن كان السيد حافظ يتميز عن الآخرين في أنه يتخذ من مسرح الطفل ركيزة لنهجه هذا ، إن هذا الرجل كان له دورا مؤثرا وفاعلا في رفد مسرح الطفل في الكويت وإثراءه بمجموعة أعمال مسرحية شارك فيها أغلب نجوم الكويت والخليج ، ومسرح السيد حافظ هو المسرح الذى يهتم اهتمامًا بالغًا بمعنى وجود الإنسان وبالدور الذى يقوم به فى المجتمع كما أنه يعمل على إيقاظ المتلقى ليشعر بأن هناك ما هو عجيب وما هو مألوف ، ومن حسن الحظ أننى تناولت أحد أعماله المميزة وهى مسرحية سندريلا وذلك فى رسالة الماجستير "المسرح الغنائى للطفل فى دولة الكويت " ، أن مسرح الطفل في الكويت لا يذكر إلا ويذكر معه اسم السيد حافظ كأحد أهم الأقلام التي كتبت في هذا المجال كل التقدير والاحترام لأستاذنا لما قدمه وأثرى به المسرح فى دولة الكويت .

 


 

الناقد الكبير

أ. حمد الرقعى - (الكويت)

 

إن أردت أن تتحدث عن السيد حافظ

 فلن تكفيك ساعات من الزمن. و إن أردت أن تكتب فقد سبقتك أقلام سطرت مجلدات.. اتفقت جميعها على تميزه وإبداعاته الفكرية والفنية في كافة نواحي الهم الاجتماعي والسياسي في أبعادها الإنسانية العميقة مما جعل أعماله في مصاف الإنتاج العالمي

سيلعننا التاريخ يوما إذا لم نقف إلى جانب هذا المبدع العبقري بالدعم والمساندة ما استطعنا ، والحفاظ عليه باعتباره ثروة قومية.

 


 

شادية زيتون دوغان – لبنان

مصممة سينوغرافيا

نقيبة الفنانين المحترفين سابقًا

لبنان فى 14/07/2019

لا يرضى بكل شئ ولا يرفض كل شيء من خارج السياق المتعارف عليه، ومن قلب الشعب ومعاناته ، والتناقضات الموجودة فى كل إنسان ، كتب المسرح في ثوب حمل فلسفة التغيير والتقدم والوعي.

للسرد عنده خاصية التركيز والتشطي التي تقوم على الاختزال والتكثيف ، يستمد مواده من الواقع ويمزجها مع مخيلته الخصبة في طرح قضايا جوهرية تلتصق بالعلاقات الإنسانية في كل تناقضاتها وصراعاتها .

تزدان روايته ونصوصه المسرحية بمتانة الأسلوب والقدرة اللافتة على رسم الشخصيات وجعل الحدث فعلًا فاعلًا ، ودائمًا ما تفتح عناوينها للقارئ آفاقًا تثير الاستغراب والتأويلات.

فى كتاباته ، يتقاطع الماش والحاضر وكل عناصر الواقع المختلفة والمتنوعة وبوضوح تتجلى فيها الديموقراطية وكرامة الفرد وحقه في الحياة بحرية تامة.

في عشق الوطن والليل والحب وأساطير التكوين ، كتب "قهوة سادة" ، وفي عشق الوطن أيضًا ، كتب "نسكافيه" وفي الزمن بمتغيراته الثقافية والإيديولوجية والحب والحياة والموت ، كتب "كل من عليها خان".

السيد حافظ كاتب يؤسس للممكن ولا يستنسخ المألوف والموجود ، واسع الأفق لا يرفض بكل شيء ولا يرفض كل شيء ، إنه الكاتب المشاكس السيد حافظ صاحب الميرة الثرية فكرًا وأدبًا وفنًا.

مبارك له التكريم الذى يستحقه بجدارة.


 

البروفسور / مصطفى رمضاني - المغرب

 

كتابات السيد حافظ تراهن على الابتداع لا على الاتباع

السيد حافظ واحد من المتبتلين في محراب الإبداع. كتب في الشعر والرواية والسرديات. هو مفرد بصيغة الجمع. حاضر بالقوة والفعل في المشهد الثقافي العربي منذ ما يفوق الخمسة عقود، كتب خلالها العشرات من النصوص التي صارت اليوم مادة للدرس الأكاديمي في مختلف الجامعات العربية، باعتبار أن كثيرا من أعماله المسرحية والروائية تدرّس في بعض الجامعات العربية. كما أن بعضا منها أنجز حولها أطاريح ورسائل لنيل شواهد الدكتوراه والماستر. وهذا أمر يفيد أن الرجل مرجعية ثقافية معتمدة لدى المؤسسات العلمية الرسمية، فضلا عن التداول العام لإنتاجاته الإبداعية في كل أرجاء الوطن العربي. بل إن بعض تلك الأعمال ترجم إلى لغات عالمية. وباب الترجمة كما نعلم هو الباب الطبيعي الذي نلج منه إلى العالمية، ولكنه باب لا يلجه إلى من أوتي القدرة على التأثير وعلى اختراق فضاء المحلية الضيقة لمعانقة الأفاق الرحبة للمتلقي العالمي. وهذا ديدن الكتاب الأصلاء بكل تأكيد.

وإلى جانب الكتابة الأدبية، فإن السيد حافظ يمارس الفن إجرائيا، باعتباره مخرجا وكاتب سيناريوهات لغرض إنجازها عمليا فوق الركح أو على الشاشة. كما أن نصوصه المسرحية قدمت في كثير من المسارح محليا ودوليا برؤى وتصورات إخراجية متعددة، ومنها تلك المسرحيات الموجهة للأطفال. وهو النوع الأصعب فيما يتعلق بخطاب المسرح عموما. ولم يكن السيد حافظ ليلج عالم مسرح الأطفال لو لم يكن متسلحا بمعرفة بعوالم الطفولة وخلفياتها المعرفية والعلمية والفلسفية. فهو أحد خريجي شعبة علوم التربية التي تركز بدورها على علم النفس وعلم الاجتماع، فضلا عن الجوانب الديداكتيكية التي هي مطلب أساسي في مسرح الأطفال كما يعلم الجميع.

 ولعل أهم ما يميز السيد حافظ في مسيرته الإبداعية الطويلة، أنه كاتب مهووس بالتجريب. فهو لا يستقر على حال، لأنه يبحث عن المغاير والمختلف، رغبة منه في ملاحقة التحولات التي يعرفها المجتمع، وما تقتضيه من بحث عن أساليب قد لا تستجيب لأفق انتظار المتلقي بالضرورة. فهو يكتب كتابة صدامية مستفزة لا تراهن الاتباع بقدر ما تراهن على الابتداع، حتى في العلاقة التي تربطه بقارئه. وما يزال السيد حافظ مصر على الإبداع والتجديد رغم ما يعيشه من غبن اجتماعي، وجحود على مستوى المؤسسات الرسمية.

 لقد مارس السيد حافظ المسرح من منطلق تجريبي حتى صار اليوم أحد رواده. فهو يكتب بلغة مستفزة، ويتطرق لقضايا تتميز بحساسياتها التاريخية والسياسية، ويتوسل بأسلوب فيه من الإثارة والغرائبية، الشيء الذي يؤهل كتاباته لتدرج في خانة كتابات الرؤية الفنتازية للعالم. وهي كلها خصائص تؤهله هو الآخر ليكون كاتبا صداميا غير مهادن. فهو لا يقدم مادة أدبية ليريح القارئ، وإنما يقدمها وهو يدرك أنه سيقلقه، سواء فيما يقدمه من معطيات ومعارف، أم في طريقة تقديمها وآليات الاشتغال على مادته الفنية، وضمنها أسلوبه التي تتقاسمه أنماط إبداعية متنوعة داخل النص الواحد.

 السيد حافظ يكتب بعين المخرج. وهذا ليس غريبا إذا ما علمنا أنه مخرج مسرحي أخرج كثيرا من الأعمال المسرحية في مصر وفي الخليج العربي. بل هو سينمائي أيضا لأنه قدم للتلفزيون كثيرا من الأعمال الدرامية رفقة مخرجين مرموقين في الوطن العربي. وتحضر هذه الرؤية الدرامية في جل أعماله، حتى السردية منها ولاسيما في رواياته. وهي في مجملها روايات كبيرة الحجم، وذات نفس ملحمي.

 وفيما يخص الجانب السردي ـ ولاسيما في رواياته الأخيرة ـ، نلاحظ سمة تداخل الأجناس الأدبية والفنية، حتى إن القارئ ليحتار أحيانًا أين يصنف تلك الإبداعات. فهي تجمع بين الشعر والسرد والدراما، مما يؤهلها لتكون كتابات شاملة في جانبها الفني. صحيح أن بعض الدارسين يتحدثون عن خاصية المسرواية في كتابات السيد حافظ، ولكن الأمر فيما نعتقد يتجاوز ذلك إلى حضور أكثر من جنسي المسرح والرواية في جنس أدبي واحد. فهو يكتب بصور الشاعر، وأسلوب الروائي، ومونطاج السينمائي، وخيال التشكيلي، ومعرفة المؤرخ. وهذا ما يجعلنا نصف السيد حافظ بكونه كاتبا شاملا. فعلا هو كذلك. أو كما قلنا في البداية هو مفرد بصيغ الجمع.

 


 

الدكتور / عبد الرحمن بن زيدان (المغرب)

 

أكيد أن كل مبدع يقوم بإنجاز إبداعاته حسب تخصصه وحسب مجالات اشتغاله، وتمشيا مع تحديد النوع الأدبي والفني الذي يُؤمّن فيه حياة دلالاته الشفيفة إلا ونجده يستدرج معاني ما يقوله كي ينخرط في معاناته وهو يرحل بهذا إلى كل الآفاق الدلالية المحتملة التي سيكب بها وفيها تاريخه الخاص، ويعطيها كل الصفات والتميزات حتى توافق عالمه، أو تختلف عنه، وحتى توافق موقفه من ذاته، وموقفه من عالمه وهو يندمج في الصراعات التي يخوضها حتى يبقى ما يكتب حيّا يتحدى بعزم وإرادة كل المعيقات حتى يضعف أمام نقيضه لأنه يُقوّي حضوره بما يبدع رؤيته للعالم، ويفتح هذا الإبداع على إمكانات البوح الصريح أو المرموز لتقديم حالاته، وحالات مجتمعه.

هذا الاختيار هو ما التزم به المبدعون في مصر لتأكيد حضورهم الثقافي والفكري عربيا وعالميا، وهو ما آنخرطوا به في تأثيث فضاءات، وخطابات ودلالات نتاجات متجددة حولتهم إلى أيقونات مائزة في الثقافة والإبداع لأنهم كانوا يحققون تواصلهم المتجدد مع العالم على الرغم من الإكراهات المحيطة بسياقاتهم التاريخية، وكانوا يتحركون بوعيهم التاريخي القومي لكتابة معاناتهم في الإبداع مرتبطين بالسؤال الوجودي عن تاريخهم الذي صار مُكونًا أساسًا في فهم عالم متناقض ظلّ على إنهاض الوجود الرمزي لإبداع حداثي سيبقى شاهدا على الدور الحضاري والفكري والثقافي لهذا الوجود.

أسماء مصرية عديدة ساهمت في صناعة هذا الزمن المصري الإبداعي الذي لا يمكن عزله عن الزمان المصري لأنه في كل أبعاده ودلالاته الخاصة قائم على الاختلاف الذي أسهموا به في تعميق الحضور الفعلي لمصر بكل أزمنة الازدهار الثقافي والفكري التي شكلت المصدر الحقيقي لكل المثقفين العرب لأنهم مثقفون يعولون ـ دوما ـ على حركية هذا الازدهار وفعالياته التي تحفز على الحوار، وتُصرّ على التكامل لبناء المنظومات الثقافية والفكرية التي تساعد على إحداث رجة معرفية حقيقية في الوطن العربي تضع حدًّا لطغيان الفكر الظلامي الذي يسعى إلى إجهاض كل ازدهار يولد من أرحام التفاعل والاختلاف البناء لإلحاق الزمن المصري بالزمن العربي عوض الاستسلام لزمن الانحطاط، والتخلف، والعزلة، القاتلة.

هذه الأسماء لا تعني سوى وجود إبداع في اختلاف، ووجود اختلاف في سيرورة تاريخية تبنيها المواقف، والجدل، وهو ما يسعى إلى تخليص المجتمع من آفة البقاء في سجن مغلق، ومسدود، وجامد الذي لا يدع الفكر والثقافة تنفتح على الممكن .

وفي هذا السياق المتأرجح بين الازدهار والنكوص والتراجع على مكتسبات التحول الحضاري بما يُثبّت وجود الوطن يحضر الكاتب والروائي، والصحافي والمسرحي السيد حافظ بكتابات كلما أنتهى فيها من إنجاز رواية، أو مسرحية، أو مجموعة قصصية، وكلما اختار المتلقي من عالم الأطفال وعالم الصفوة والعامة إلا ويقف بحذر أمام جرأته في تحقيق التواصل معهم لنقد خلل مجتمع، أو نقد الطغيان الكاسح فاسدِ البلاد و العباد، ومن وعيه بهذا الخلل فقد نوّع من مجالات اشتغاله في الإبداع ليكشف عن قلق العصر، وجعل المعاناة تتكلم بتشتته الذهني الذي يجمع ما تبقى فيه من أفكار، وهذا كله من أجل البحث عن مخرج من ضيق هذه الحالات التي يريد أن يغسلها من غموضها لتتوضح أكثرفي مواقفه وهو يقوم بجسّ أوجاع اللحظات والانكسارات التي هي أوجاع جمعية وليست فردية معزولة عن الكل.

إن الكتابة المسرحية عند السيد حافظ هي ملاذه الذي يجد فيه أرماقا فيها يحس بالشعور والإطمئنان الذي يعطيه القدرة على الكتابة ليحمي أفكاره الهلوعة ومواقفه المجنونة من كل ضياع محتمل، فكانت كتابته الروائية ملجأه الرمزي لإعلاء صرخة الذات وهي تواجه كل من يريد أن يحبس أنفاس إبداعه في المثوى الأخير للنسيان، أو يريد كبس الحلم، ومصادرة التعبير الحر، وإجهاض الحلم بالثورة من قِبل من يلمع الكذب والبهتان ويُلمّع شعارات الديماغوجية في المجتمع العربي لإبقاء الحال على ما هو عليه وكأن المُلمّع هو السعادة، والعدل، والسيادة.

هذه الكتابة عند السيد حافظ كانت عبارة عن عمليات مزج قصدي بين الرواية والمسرح توليدًا للنوع الواحد في بنية واحدة تتساكن فيها خاصية بناء الدراما مع خاصيات بناء السرد الروائي وهو ما تحقق في كل السرود التي خاض بها تجربة الكتابة وكأنه يكتب سيرة ذاتية مظهرها يوحي بأنها ذاتية لكن مكنوناتها المجتمعية العميقة، وأحداثها تدل على أنها سيرة مجتمع مصري، ومجتمع عربي يبحث عن خلاصه من خلله.

إن اللجوء إلى تحقيق هذه الأنواع الأدبية ـ رواية ـ مسرواية ـ مسرحيات ـ لا يمكن أن تخفي المصادر والمراجع التي كان يعود إليها السيد حافظ وهو يتكئ على الأحداث التي كتبها المؤرخون في مصنفاتهم التاريخية لصياغة المادة التاريخية، ولا يمكن أن تحجب وفرتها وتعددها في كل ما كتب، لأنه بها كان يستنبت رؤيته التراجيدية في هذه الأنواع، وكان يوجد لها حياتها في أرحام كل نوع الأدبي يخوض فيه عملية تجريب التعامل مع هذه المصادر والمراجع، وهذا لا يخفي عنده الرجوع إلى التراث العربي، والتاريخ المصري قديمه ومعاصره بقصدية واضحة وأساسية تقوم على تحويل ما يمكن تحويله، وتعديل ما يمكن تعديله، وتأويل ما يساعد على تأويل الأحداث والمواقف لبناء النوع الأدبي حتى يوافق رؤيته بعد عملية القراءة، وآختيار الشخصيات، واصطفاء الأحداث وكل هدفه هو تطويع كل اختياراته مع الزمن المصري المناسب للكتابة المحايثة لزمانه ككاتب عربي.

من كثرة الممارسات الكتابية بهذه المنهجية القائمة على الاستنبات فقد صار السيد حافظ عارفًا بأسرار التعامل مع التراث، وصار الماهر العارف بكيفية فهم أسرار المقروء وتحويله إلى بنيات جديدة في النوع الأدبي بعد إعادة تركيبه، وختمه بخاتمه الخاص، وتحلية أسلوبه الخاص ليكون صورة المجتمع العربي فيه متكلّمة بكلام الواقع والمأساة.

لقد اكتسب السيد حافظ مهارة خاصة في تطويع التراث المصري والعربي لهذه الاختيارات لتكون موافقة لكل عملية كتابية تركيبية تكشف عن إتقان لعبة التحويل من المصادر والمراجع مما جعله يجيد بإحكام لعبة الكتابة، مما ساعده على إجلاء براعته في توظيف التراث ليصير معاصرًا لزمانه، ملتزمًا بنقد الواقع، والخلل، والانكسارات التي كان بالكتابة يلملم كل الحالات لتصير موقفًا من العالم الذي يكتوي بناره.

إنه الالتزام الذي وجدناه جليا عند الجيل الذي اكتوى بنار نكسة صادمة كسّرت أحاسيسه بالإخفاق السياسي، والعسكري، ليصير مُضيّعا ضيّعه الإهمال والتهميش الذي طاله، فعرف كيف يُخرج من جراحات الصدمة ما به كتب خطابات الاحتجاج، والرفض ليعطي أدبًا جديدًا حاملًا لتاريخ ما قبل وما بعد النكسة، كما أن الانتصار في حرب أكتوبر أعطى أدبًا آخر قدم صورة مصر مغموسة في نشوة العبور، لكن مسير هذا الأدب صار دعوة إلى القيام بحرب أخرى تكون ضد الفقر، وضد الأمية، والاستغلال، والانتهازية، والتسلط، والمحسوبية، ومعاداة الفكر والمفكرين، وهي دعوة ظلّت محملة عند السيد حافظ وجيله بحلم إعادة ترتيب العلاقات مع الذات ومع العالم ومع أعداء مصر، ومع حلفائها وأصدقائها.

من يقرأ ما كتبه السيد حافظ في كل نتاجاته، وتمعّن في عمق مضامينها، ونظر فيها بتؤدة، وتمهل في فهمها قبل إصدار أحكامه، وأعْمل فكره متأملا خطاباته، سيلفي أن قراءته ستكون صاحية أمام فيض لافت من التنوع النوعي لكتابة كلها كانت تتحرك بمهارة التعامل مع المصادر والمراجع التاريخية لتحقق بها الامتزاجب الوقع المصري، وبالمعاناة الخاصة للكاتب، ليبقى سر وجودها هو تحويلها إلى بنيات جديدة بالتجريب الكتابي في كل الأنواع الأدبية التي كتبها.

ردّ الاعتبار إلى الذات بهذه النتاجات لا تعني سوى تحصين الذات من الضياع بالكتابة عن الذات، وفهم الواقع المصري لتقديمه بقناع التراث حتى لا يضيع هذه الواقع وسط اللغط الإيديولوجي، والسيد حافظ في كل ما كتب فإنه يقدم نفسه كضحية، ويقدم الوطن كشهيد، ويقدم كتاباته كمواقف من العالم، لكن الذي يبقى في نهاية المطاف هو أن كل كتاباته ستبقى شاهدة على عصرها بكل ما يموج فيه من مخاضات وسقطات تنقل صورة حقيقية للصراع الحضاري والصراع الإيديولوجي السياسي الذي تمّ نقله إلى عالم الكتابة الغارق في التناقض في عالم يحتاج إلى فكر بديل، وفلسفة جديدة، وإبداع جديد يرأب صدوع ما هو موجود في عالم مهدد بكل أنواع الحروب......

               


 

 

 

 

 

السيد حافظ ... كما رأيتك
الأستاذ الدكتور محمد المديونى

(تونــس)

 وأيّ تشبيهٍ يمكن أن يقرِّب صورته لمن يستمع إليك؟ لا أرى من التشابيه أوْفى من تشبيه السيد حافظ بسندباد، سندباد الحكاية. لا لأنّ الأسفار طوّحت به فأخذته إلى موانئ المدن العربية كلّها أو كادت، فحسب، وإنما لأنّ رياحَ السُّؤالِ وحبِّ الاطلاع دفعت أشرعةَ مراكبه لتخوض في عُباب البحر فترسُـوَ، كلَّ مرّة، على شطآنٍ متحرّكة لا تعرف موانِئُها الثباتَ ولا الاستقرار، موانئِ التعابير الأدبية والفنّية المتعدِّدة بِأنواعها التي لا تستقرُّ على حال.

 


 

الكاتب الكبير / عمر غباش - الامارات

16 يوليو 2019

سيد حافظ الكاتب المسرحي المتجدد

إن هذا الفنان الرائد له جهود كبيرة في مجال المسرح والدراما العربية. وهذه الجهود لا تنحصر في مجال مسرح الكبار أوالدراما فقط ، فهو من الرواد الذين ضحوا بوقتهم وجهدهم في بدايات العروض المسرحية في الثقافة الجماهيرية في جمهورية مصر العربية وكذلك في بدايات مسرح الطفل في الكويت خاصة والخليج عامة. ومما لاشك فيه أن هذا الفنان القامة، كان له دور محوري في تشكل مسرح الطفل في الكويت. حيث شارك مع العديد من الفنانيين الكويتين في العديد من أعمال الطفل. كما كتب العديد من المسلسلات والبرامج التلفزيونية والإذاعية. كان له دور مهم في الحركة الدرامية العربية حيث شارك في أعماله التي كتبها العديد من نجوم المسرح والدراما في الوطن العربي.

ونشاط المبدع سيد حافظ كان له جوانب متعددة في المسرح حيث لم يكن محصورا نشاطة على الكتابة فقط بل أنه أخرج العديد من المسرحيات وشارك في الكثير من المهرجانات العربية بتقديم بحوث ودراسات متخصصة في مجال المسرح.

والكاتب الكبير سيد حافظ لم يقتصر إبداعه على المسرح والأعمال التلفزيونية والإذاعية فقط، بل أن له إسهامات مهمة على صعيد الصحافة المكتوبة سواءً في الكويت أو دولة الإمارات العربية المتحدة.حيث كان مديرًا للتحرير في بعض الصحف والمجلات فيهما وشارك في تأسيس بعضها.

من ناحية أخرى فهو يمتلك قلمًا معطاءً غزير الإنتاج في الجانب الروائي، فالجميع يعرف كتبه المشهورة مثل كابوتشينو وقهوة سادة وهل مازلت تشرب السيجارة؟ شاي أخضر وأعمال اخرى عديدة.

كما أن للأستاذ سيد حافظ اسهامات كبيرة في تأسيس العديد من الفرق المسرحية التي كانت تعتمد المسرح التجريبي منهجًا لها.

والفنان سيد حافظ، فنان ملتزم بأساسيات الفن المسرحي والدرامي ولا يقدم إلا ماهو مقتنع بأنه سيكون له تأثير إيجابيٌ على المجتمع. كما أن له أراء نيرة ، تتمثل في أرائه الصريحة بخصوص الدراما والمسرح العربي.

أما عن معرفتي بالأستاذ سيد حافظ فتعود إلى قبل مايقارب العشرين سنة حينما كنت رئيسًا لجمعية المسرحيين في دولة الإمارات العربية المتحدة.حينها كان في زيارة لدبي وكان برفقته الكاتب الإماراتي محسن سليمان. وفي تلك الفترة ساهم الأستاذ سيد بتأسيس بعض المجلات الفنية في دبي مثل مجلة الشاشة ومجلة المغامر اللتان كانتا تصدران من مؤسسة الصدى للطباعة والنشر في دبي.

لا أستطيع أن أوفي هذا الفنان الكبير حقة في هذه الشهادة المختصرة. ولكني أستطيع أن أقول بأن هذا الفنان هو مثالٌ للفنان الملتزم فهو كاتب لا يتنازل عن مبادئه الفنية ولا عن مواقفه الثابته، ومبدع دائم التجدد والتطور ويحرص دائما على تقديم ماهو جديدٌ ومختلف وملفت. تمنياتي له بطول العمر والتوفيق الدائم في كل مشاريعه الفنية. شكرًا لكل قطرة عرق تصببت من جبين هذا الفنان والكاتب القدير، الذي أثرى الحياة الفنية في الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه.

 


 

الكاتب : محسن سليمان الامارات

 

 

السيد حافظ هامة ثقافية وعملة نادرة في الحقل الثقافي عامة وفي مجال المسرح خاصة ، لازمته لمدة ثلاثة أعوام وتعلمت منه الدقة والاتقان والمواضبة في العمل، ووجدت فيه طاقة متقده وشعلة من النشاط وعطاء بلا حدود ، برع السيد حافظ في المسرح التجريبي ومسرح الطفل ومسرح الكبار كما برع في القصة القصيرة والاذاعة والتلفزيون، أما في الرواية وجدته مختلفًا تمامًا ومجددًا ،فهو يكتب بعقل المفكر وقلم المواطن وإحساس الشاعر لذلك تنزع رواياته إلى حقل التجريب والاختلاف وتأسيس لمدرسة جديدة في فن الرواية وكما يسميها (مسرواية) لذلك فإنه لا يكتفي بتحريك الشخوص بل يجعلها تمسرح الواقع بطريقته الإحترافية ونزعته التجريبية فتصيب إسقاطاته على الواقع ولا تحيد عنها. كما عرفت السيد حافظ الإنسان والفنان والمفكر ، عرفته ايضًا محللًا سياسيًا بارعًا، فهو دائمًا مايدوّن ملاحظاته على الحياة الاجتماعية والسياسية الراهنه، ويسقطها على التاريخ القديم ويدلل بالبراهين والاحداث صدق حدسه وتنبؤاته. المتتبع لسيرة السيد حافظ علية أن يكون بانورامي النظرة شامل الثقافة لانه أمام فنان موسوعي ومثقف عميق إن أردت الاستفاده منه شخصيًا فهو كريم إلى أبعد حد ومعطاء دون حدود، وإذا أردت النهل من مؤلفاته فهو غزير الانتاج ويكفيه فخرًا كم المنجزات الطلابية التي غرفت من تراثه في الجانب الاكاديمي وسفر مسرحياته إلى الشرق والغرب .

 

 

 

 

 

 

 


 

الشاعر / سمير عابدين - المانيا

كما ان امتزاج الروح و الجسد معجزة وانفصالما أيضا معجزة أخري. فالعمل الفني هو قرين الفنان مزج و انفصال السيد حافظ و ما أدراك من هو السيد حافظ، هو عاشق الوطن عاشق مصر عاشق العالم العربي. يتجول في حناياه وخباياه عله يجد نافذة صدق أو نورا روحانيا. السيد حافظ عاشق الورد والنجوم والسماء والليل والنساء. انه لا يبحث عن متعة لحظية أو زائلة أو زائفة انه يبحث عن الحب المطلق والحق المطلق يبحث عن الوجود والاستمرار. وكما يقول الفكر لا يموت يبحث لانه قلق يبحث عن الذات الفنان الحساس السيد حافظ لا يكف عن البحث و الكتابة فهما الامل و الملاذ و الخلاص من حيرته الدائمة وسؤاله الذي لا يعرف له جوابا لماذا خانه الوطن لماذا خانته الاصدقاء . السيد حافظ و ما ادراك من هو السيد حافظ ؛ قابلته في صدر الشباب في الستينيات في قصر ثقافة الانفوشي قدمه لي صديقي الفنان فاروق حسني الذي كان يعمل وقت ذلك مديرا للقصر قال لي سأعرفك بشاب نابه موهوب يعشق المسرح و التجريب وتعرفت علي السيد حافظ و جماعة اجتياز .. السيد حافظ هو التجربة و التجريب لانه ليس هناك ثمة تجربة خاطئة فالإنسان هو ثمرة تجاربه السيد حافظ هو الكاتب و المكتوب يعري نفسه كطفل برئ امام الجميع و لا يخشي تفاهة كبرياء الغرباء . السيد حافظ هو أوزوريس الذي قتل أو انفجر لتصبح عروقه انهار العالم هو الصديق البعيد القريب و القريب البعيد عاشق الكلمة و الهمسات. هو شلال من فكر و احساس . اكتشفت السيد حافظ مرة اخري بعد نصف قرن من الزمان ولَم ادري كيف مر الوقت وليد الصمت. أهداني كثيرا من مؤلفاته ليالي دبي و شاي بالياسمين و مصر العظيمة و كل من عليها خان و ها انا قد انتهيت من قراءة ما انا بكاتب الذي ارسلها لي بالمسنجر .. وهو يعني ما انا للزيف بكاتب السيد حافظ و ما ادراك من هو السيد حافظ هو عاقل مجنون ساحر و مسحور هو كنز من الأفكار الكريمة كالماس و الزمرد و الياقوت و اللؤلؤ و التوباز و هو في نفس الوقت لغز كمغارة علي بابا و ليس ما علينا الا ان نكتشفه أو ان نقول افتح يا سمسم ان نقرأ ما يكتب تحياتي الي صديقي الفنان الذي يبحث عن الحقيقة الذي يبحث عن القارئ . حبيب مصر و عاشق الاسكندرية و دبي و العالم العربي هو السكندري العصفور الفارس الفلاح حبيب القلعة الزهرة المهرة المطر تمنياتي لك يا صديقي بالصحة و السعادة و العطاء الدائم ... و ما أنا بناقد.

 


الكاتب والمخرج : مسعد النجار –  ايطاليا

 

فى عام ١٩٦٩ قابلت السيد حافظ وكان عمر الهزيمة عامان حيث سقطت الأحلام والرموز والاعلام، حيث كبرت الكذبه واستحالت الخدعة تاريخ وجغرافيا ومستقبل ممتد بلا نهاية ، هنالك خرج فينا السيد حافظ يحارب ضد الموروث و الواقع و الهزيمه ، علي عتبة العشرينيات من العمر أعلن الحرب علي المباني القديمه في المسرح ... اللغه والدراما والاداء والصوره وكل عناصر المسرح ، كان يبحث عن نصر أو غضب يصد النكسه ويدفع المهانه والعار كان يدور بين المقاهي و اشكال التجمعات يعلن عن ثوره اسمها التجريب في كل عناصر المسرح اللغه والتمثيل والصوره و المباني و الموسيقي و السرد ، والتجريب عنده هو اقتطاع جزء من كل معلوم وأعاده بنائه بحيث يصبح كيانًا جديدًا له منطقًا و وجودًا ولغةً وشكلًا ، هكذا اصبح الغضب علي خشبه المسرح ممثلًا ونصًا وشعرًا ورقصًا وموسيقي و ألوانًا ، حاول السيد حافظ إنشاء عالم مسرحي جديد ضد النكسه وأصنام الزمن و الكذب.

١٩٧٠ في الاسكندريه رفع السيد حافظ الآذان فقام معه جماعه الاجتياز المسرحية واستديو الدراما و جماعه المسرح الطليعي وأسس منفردًا جماعه مسرح الطليعه. مدخل جديد في حياتي ، كنّا مجموعه من الأصدقاء نخرج كل مساء لنلعب البلياردو وكنا نعيش حاله من التركيز و الصمت اثناء اللعب حيث لا ضوء الا فوق تربيزه البليارو وكل ما حولها اظلام تام و صمت لا تسمع غير حركه الكرات وقليل من التعليقات ، كان السيد حافظ معنا كل مساء يشاهد مباريات البلياردو وهو الشخص اللذي لا يهتم أبدًا بغير المسرح والمطالعة ، ذات مساء قال السيد حافظ ( هنا في صاله البلياردو اشاهد احدث وأجمل أشكال المسرح حيث الضوء علي الترابيزة يحدد مكان خشبه المسرح و عند دخول اللاعب تحت الضوء يبدء المشهد بين الحركه والتعليق والموضوع يتداخل بين اللعبة واللاعب وأصوات تأتي من الظلام خارج الترابيزة ويشتد الصراع بين الكرات والعصي، والكلام وحركه دخول وخروج اللاعبين تحت الضوء تخلق عالم ودراما ولغة وصورة تخلق حاله مسرحيه شديدة السحر والبهجة ) ، هنا انتهي كلام السيد حافظ وبدأت حياتي مع التجريب و صناعه الدراما من خليط بين الحلم والواقع مع حريه بلا حدود في خلق وصناعة حكايات اسمها الواقع الموازي أو الفعل الحر ، هنا اكتشفت ان اهم و اجمل أشكال الفعل هو تلك الدراما المسرحية التي يخلقها المؤلف، قد يفتح لك عامود البرق باب في حالك الظلام فتجد أمامك عالمًا من السحر والبهجة اسمه المسرح ، هكذا دخلت الي عالم المسرح التجريبي حيث وجدتني حرًا في إنشاء عالم من الجنون والنشوي وجديد القواعد أشجار تطير وخيل تغني ونساء تحملن بين أيديهن مدن وأسواق . فتح السيد حافظ امامي باب دنيا اخري تدين له بالفضل و الولاء .

السيد حافظ ذلك المجنون الذي نصر الحلم ومد كفيه و أخذ القمر رماه في عين الشمس فأصبح الظل فوق الشجر و النساء اقرب من الوقت والمسافه، السيد حافظ شيطان ونبي يرتل ما تيسر من آيات الخير.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More