ثلاثية نواف يونس
بقلم
الذكاء الاصطناعي جيمني
مقدمة لابد منها
تقدم مدونة الكاتب السيد حافظ تجربة نقدية جديدة حول أعمال بعض الكتاب الكبار المعروفين، أو المبدعين المهمين في حياتنا الثقافية والأدبية. وهي خطوة مهمة لإبراز دور الإبداع جنبًا إلى جنب.
أقدم لكم تجربة النقد مع الذكاء الاصطناعي لمسرحيات الكاتب المبدع نواف يونس
تحت عنوان "تحليق نسبي"
تعدّ مجموعة "تحليق نسبي" للكاتب نواف يونس، الصادرة عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع عام 2025، متناً مسرحياً غنياً بالدلالات الفلسفية والجمالية، حيث تضم ثلاث مسرحيات هي: "الرحيل"، و"ملك ليوم واحد"، و"أشواق معتقلة". يقدم المؤلف في هذا العمل رؤية إنسانية وتنويرية، معتبراً أن المسرح هو الحياة في أقصى تجلياتها الفكرية. وفيما يلي تحليل نقدي وأدبي وفلسفي معمق لهذه المجموعة، بالاعتماد على المنهجين البنيوي والتفكيكي.
أولاً: التحليل البنيوي (بنية التعارضات والأنظمة النصية)
يسعى المنهج البنيوي إلى قراءة النص كنسق مغلق من العلاقات الداخلية، حيث تُفهم المعاني من خلال نظام من التعارضات الثنائية التي تحكم النص.
1. ثنائية الحضور والغياب (مسرحية الرحيل)
في مسرحية "الرحيل"، نجد بنية درامية قائمة على المواجهة بين شخصيتين فقط: "غريب" و"المندوب". البناء البنيوي هنا يرتكز على تقابل حاد بين "الذات" (غريب) و"القدر" (المندوب).
الحياة مقابل الموت: يمثل "غريب" الانغماس في تفاصيل الحياة اليومية (العمل، النوم، الديون)، بينما يمثل "المندوب" حتمية النهاية.
المكان المغلق: تدور الأحداث في فضاء ضيق (غرفة غريب)، مما يعزز بنيوياً فكرة الحصار الوجودي. الغرفة ليست مجرد مكان، بل هي وحدة بنيوية تعبر عن العزلة الإنسانية أمام قوى كونية لا ترحم.
بنية الحوار: يتسم الحوار بالتوتر والتصاعد، حيث ينتقل من الاستغراب إلى المحاورة ثم التوسل، وهو ما يعكس بنية "المفاوضة المستحيلة".
2. ثنائية السلطة والشارع (مسرحية ملك ليوم واحد)
تعتمد هذه المسرحية على بنية التراتبية السياسية والاجتماعية، ثم تعمل على قلبها بنيوياً.
القصر مقابل السجن: تبدأ البنية من القمة (الملك في قصره) وتنتقل إلى القاع (الملك في السجن مع البسطاء). هذا الانتقال المكاني هو محرك البنية الدرامية التي تكشف زيف الصورة الرسمية للسلطة.
المعرفة مقابل الجهل: يظهر الملك في البداية في حالة "جهل" مفروض من قبل بطانته (الوزير وقائد الجند)، بينما يمثل الشارع "الحقيقة" العارية.
اللغة الرسمية ولغة الشعب: يبرز التباين البنيوي في اللغة؛ لغة التقارير الكاذبة التي ترفع للملك، مقابل لغة المعاناة التي يسمعها في الزنزانة.
3. بنية الانغلاق والانتظار (مسرحية أشواق معتقلة)
هذه المسرحية هي "مونودراما" تعتمد على وحدة الشخصية (أشواق)، مما يجعل البنية نصية ونفسية بامتياز.
بنية الزمن: الزمن في هذه المسرحية دائري وليس خطياً؛ فالبطلة تعيش في حالة انتظار دائم لا ينتهي. الليل يمثل فضاء السرد، والنهار يمثل فضاء الواقع القاسي.
الاسم والصفة: هناك تعارض بنيوي بين اسم البطلة "أشواق" (الذي يوحي بالانطلاق والرغبة) وصفتها كـ "معتقلة" (سواء داخل جدران غرفتها أو داخل أحكام المجتمع كـ "عانس").
ثانياً: التحليل التفكيكي (تقويض المركزية والفجوات النصية)
يهدف المنهج التفكيكي إلى الكشف عن التناقضات الداخلية في النص، وتقويض المركزيات (مثل مركزية المؤلف أو مركزية الحقيقة المطلقة)، والتركيز على "الهوامش" التي تفضح عدم استقرار المعنى.
1. تقويض "حتمية الموت" في "الرحيل"
رغم أن الموت هو المحور، إلا أن التفكيك يكشف أن "المندوب" (ملك الموت) يظهر بصورة "بيروقراطية"؛ فهو يحمل أوراقاً، ويراجع بيانات، ويخطئ أحياناً.
هذا التمثيل ينزع القداسة عن الموت ويحوله إلى "وظيفة" قابلة للنقد أو التفاوض، مما يزعزع فكرة الموت كقوة مطلقة لا تُناقش.
الاسم "غريب": اسم البطل يحيل إلى "الغربة" الوجودية، لكنه في النص يمثل "كل إنسان". هذا التفكيك للاسم يجعل الخاص عاماً، والمركز (الفرد) هامشاً (النوع الإنساني).
2. الميتا-مسرح وتقويض سلطة المؤلف في "ملك ليوم واحد"
تصل القراءة التفكيكية إلى ذروتها في هذه المسرحية عندما يقتحم "المؤلف" خشبة المسرح بناءً على طلب "الملك".
تقويض الهرمية: هنا يتم تقويض العلاقة التقليدية (خالق/مخلوق)؛ فالمؤلف يصبح خاضعاً لمحاكمة شخصيته. الملك يرفض النهاية التي رسمها المؤلف، ويطالب بنهاية تعيد له اعتباره التاريخي.
تفكيك الحقيقة المسرحية: بدخول المؤلف، يعلن النص عن كونه "لعبة" أو "تمثيلاً"، مما يكسر "الإيهام" المسرحي. الحقيقة في النص ليست ما يحدث، بل في كيفية صناعة ما يحدث.
تفكيك مفهوم "الملك": يكتشف الملك أن قوته ليست في ذاته، بل في "التاج" و"العباءة"؛ فعندما جُرّد منهما في السجن، لم يتعرف عليه أحد وعُومل كعميل أو مجرم. السلطة هنا هي "علامة" خارجية وليست "جوهراً" داخلياً.
3. مفارقة "أشواق معتقلة"
الاسم نفسه (أشواق معتقلة) يمثل "أبوريا" (مأزقاً منطقياً) تفكيكياً. فالشوق بطبيعته حركة نحو الآخر أو المستقبل، بينما الاعتقال هو سكون وقيد.
تفكيك الذات الأنثوية: النص يفكك الصورة النمطية للمرأة التي تنتظر؛ فهي تعي أن حلمها "سراب" و"كاذب"، ومع ذلك تستمر في انتظاره. هذا التناقض بين الوعي بالفعل والقيام به هو جوهر التفكيك النفسي في المسرحية.
الغياب كحضور: الشخصيات الغائبة في المونودراما (الخاطب المنتظر، الأهل، المجتمع) هي الحاضرة بقوة في وعي أشواق، مما يجعل "الهامش" (الغائب) هو "المركز" (المحرك للفعل الدرامي).
ثالثاً: التحليل الفلسفي (الوجود، السلطة، والتحليق النسبي)
تتقاطع المسرحيات الثلاث في طرح تساؤلات فلسفية كبرى حول الوجود الإنساني ومعنى الحرية.
1. الوجود من أجل الموت (رؤية هايدغرية)
في مسرحية "الرحيل"، يواجه غريب قلق الموت (Angst). فلسفياً، يعيد الكاتب تعريف الحياة من خلال لحظة نهايتها؛ فالطلب المتكرر لمهلة (سنة، شهر، يوم) يعكس رغبة الإنسان في امتلاك زمنه الخاص بعيداً عن "الزمن الموضوعي" القاهر. الحياة هنا ليست مجرد بقاء، بل هي "كيفية" استثمار اللحظة.
2. فلسفة السلطة (رؤية فوكوية)
في "ملك ليوم واحد"، تظهر السلطة كآلية للمراقبة والعقاب. الملك الذي كان يظن أنه يملك كل شيء، يكتشف أنه "أسير" لتقارير بطانته؛ أي أنه كان محكوماً بـ "خطاب" السلطة الذي صنعه الآخرون له. السجن في المسرحية يعمل كمختبر فلسفي حيث تتساوى فيه الرؤوس، وتظهر "الحقيقة" كنتيجة للممارسة اليومية لا كمنحة من الحاكم.
3. اغتراب الفرد (الرؤية الوجودية)
يعكس عنوان المجموعة "تحليق نسبي" فلسفة "المحدودية". الإنسان يحاول التحليق (التحرر، التغيير، الحب)، لكن هذا التحليق يظل "نسبياً" ومحكوماً بقيود بيولوجية (الموت)، وسياسية (السلطة)، واجتماعية (التقاليد).
غريب يحلق في وهم البقاء.
الملك يحلق في وهم القوة المطلقة.
أشواق تحلق في وهم الانتظار والأمل الكاذب.
رابعاً: الأسلوب واللغة (بناء النص المسرحي)
تميز أسلوب نواف يونس بلغة شاعرية مكثفة تميل إلى البوح الذاتي، حتى في الحوارات الثنائية.
الرمزية:
استخدم الكاتب الرموز (الساعة، التاج، النافذة) كأدوات دلالية تتجاوز معناها المادي لتصبح مفاتيح لفهم الأزمات النفسية للشخصيات.
الاقتصاد الدرامي: ركز الكاتب على جوهر الصراع دون ترهل في الأحداث، مما جعل النصوص قريبة من الفلسفة "الممسرحة" التي تخاطب العقل والوجدان معاً.
المفارقة: هي التقنية المهيمنة، خاصة في "ملك ليوم واحد"، حيث نجد ملكاً يبحث عن شعبه فيجده في الزنزانة المجاورة له.
خاتمة
إن مجموعة "تحليق نسبي" لنواف يونس تمثل إضافة نوعية للمسرح العربي المعاصر، كونها لا تكتفي برسم حكايات، بل تبني "أنظمة معرفية" تشرك القارئ/المشاهد في مساءلة بديهيات الوجود. من منظور بنيوي، هي نصوص محكمة العلاقات، ومن منظور تفكيكي، هي نصوص مفتوحة على احتمالات لامتناهية من المعاني، ترفض النهايات المغلقة وتنتصر للإنسان في قلقه وحيرته وبحثه الدائم عن "تحليق" ما، حتى وإن كان نسبياً.
وبهذا، ينجح يونس في تحويل "الخشبة" إلى مختبر فلسفي يرصد تحولات النفس والمكان، ويضع الحياة والموت والزمن تحت مجهر السؤال الإبداعي الصادق.
بقلم
الذكاء الاصطناعي جيمني
رابط التحميل الأول
...
رابط التحميل الثاني
...









0 comments:
إرسال تعليق