Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

رواية السيد حافظ نسكافيه             جراءة الحداثة والمعاصرة                                       انطباعات : أمين بكير

            رواية السيد حافظ نسكافيه
            جراءة الحداثة والمعاصرة
                                      انطباعات : أمين بكير

لقد استوقفتني هذه الرواية من بين الأعمال التي قرأتها قبل رحيل عام 2010 فوجدت هذا الطرح العميق المشاعر من حيث المضمون وطرافته وجدارة الطرح وأصالته.
فقد رسم الكاتب الكبير: السيد حافظ ملامح مجتمعنا من خلال روايته "نسكافيه" بالتقاطه لصور فنية، مجتمعية شديدة الصدق. وكذلك رسم بحريفية عالية ملامح الصراع الدائر على أرضنا.. واستطاع أن يضبط طرفي المعادلة الفنية (الشكل والمضمون) وتعتبر الرواية (إطلالة جريئة) وحديثة تحمل في أعطافها الأصالة والمعاصرة.
والبداية عند الكاتب في هذه الرواية بدأت من (ينبوع الشباب) والسيد حافظ هو (الحكاء) الجيد في السرد الشاعري في اختيار مفرداته اللغوية.. فقد كان السرد عن قصة (لـمى) وعالمها المشحون بالنزق والرغبة والانكسار ومقاومة عالم الذكورة الزائفة حيث رسمها السيد حافظ في صدق، والأهم في شاعرية أدبية عميقة ومؤثرة.
وهو في الانتقال من فصول الرواية في نعومة ساحرة. إذ يغوص كبحار ماهر في بحور الأمنيات التي يحلم أبطال روايته: لـمى أو شخصية: وحيد سالم، أو باقي الشخصيات التى كان صادقاً فى رسمها فى حذق أدبى، تحدث عن رغبات الجسد وجموح العشق وحزن النوارس فى طيف أبطال روايته. وعن عضعضة أفعال وإكساب خصال، طرح علينا قضايا شخوصه وهمومهم ليجعل من المتلقى مشاركاً إيجابياً حيث حتمية أن يعقد المتلقى المقارنة بين الشخصيات وسلوكياتها. ويسدد في صدق عن آلام وأحلام الجيل المجهض الأحلام.
على أن عبقرية الأداء الروائي في هذه المحاولة ككاتب مسرحي مخضرم أراد أن يطرح بقلمه، الذي أطاع مشاعره، فأخرج من مخزون ثقافته جذوة نارية على إبداع مواز للحكي. وهو (استفاقات) أو (وقفات) أو (تعليقات على الأحداث الجارية) وكأنه بهذا الاتجاه يختار مهمة (التأريخ) بجانب الإبداع الأدبي، أراد كذلك أن يذكرنا بما يجري لعالمنا المعاصر.. لممتلكاتنا التاريخية وعقائدنا الفكرية.
وإذا كانت الأحداث لرواية "نسكافيه" تنكأ جراح الأبطال والمتلقيين على حد سواء. إذ يضعنا الكاتب أمام سندس الدهشة للشاعرية. وفي ذات الوقت واضعاً كل عقبات الإنطلاق. وسوف يجد القاريء في رواية "نسكافيه" العبقرية صدى بل أصداء لأشياء قريبة منه وقد بعدت عنه. أو بعيدة عنه فاستقدمها الكاتب.
إن الإحكام الفني في "نسكافيه" هي فضح كل أطراف المؤامرات التي تحاك في حق هذا الوطن. والذي سيجد القاريء أن الكاتب اختار تعبيرات أدبية أرادها أن تكون شارحة لما حدث في عالمنا المعاصرة وكذلك ذكرنا بطائفة من البشر باعوا انتمائهم للشيطان، وباعوا الله في طرقات الموت.
والشخوص المثخنة بعذابات الصدر والوجد والفساد والطموح والجنوح وتنوع المعاناة اليومية لرجل الشارع الذي لا ينساه السيد حافظ ولكن يذكره ويشكل مواز للسرد الروائي بقصص العشق وبكل الأمنيات الجميلة التي اقتنصت منه. وقصص لحياة قطاعات من البشر فينا، ومنا، وإلينا، وضدنا ومعنا في آن واحد.!؟
وعن لغة التوحد بالجسد وبالوطن وللوطن وسريان النزق في أوردة الشخوص، وعن السحر والجمال والصعلكة والتثاقف، وعن الوحشة والتوحش، وعن التوحيد والتطهر، وعن زلزلة الحب والرغبات الجانحة الجامحة ذي الأجنحة مثل طيور تحمل للبشرية كل الكره لها، وهذه الرواية للوطن لابد أن يعيد القارئ قراءتها مرات ومرات حتى يقف عند سندس الدهشة على قدرة الصياغة والوصف والحوار والشاعرية والصدق والتوثب. والتأريخ والتعليق على الأنباء، وتقليب تربة الحزن. ولقد صاغ الكاتب خطوطه في رواية عن القاهرة في حركتها غير العادية وسهر الساهرين وغضبة الثائرين وصور حقد الحاقدين، وعن معاملة النساء وكأنهن ملكات متوجات على عروش قلوب العاشقين. وحكى عن فرسان وقامات وأقذام، موضحة الكون للقارئ الإنسان. وإهداء الحب حتى ولو بعد فوات الآوان.
إن الأعوام ليست لها حساب في زمن السيد حافظ الروائي بل المعنى المتنامي دوماً في تربة اليقظة الناقدة..!؟
ورغم الإسقاط من خلال شخصيات الرواية فيحن يتصور العاشق أنه أحد ملوك الفراعنة وأنه أوزوريس وأن (لـمى) هي إيزيس ويتمنى أن ينجب منها حورس جديداً. واستبدال المشاعر والمتاجرة بها. ومثل سيمفونية عزفها الكاتب في ضلوع الشخوص في روايته، وجعلها بأحداثها سوسنات تأخذ بلباب المتلقي.
شاعرية الطرح :
لقد اختار الكاتب أسلوباً فيه الكثير من الشاعرية، وأتت كلمات كثيرات على وتيرة الشعر الحر، المطلق، ودعوني أستشهد بهذه الكلمات في صفحة (51) من هذه الرواية الشيقة : بعنوان (تنهيدة) ويقول الكاتب:
" كلما قرأت القرآن أو الإنجيل أو التوراة عرفت أن الله رب الشعر وكلما نظرت في عينيك عرفت أني بالعشق معجون وكلما سمعت صوتك الهادر بحنان كأمواج البحر أقول من أنت؟ فأنت لا تردين ومن يجيبني المطر أم الشمس ؟هل أنت الحضور أم ملكة ملكات التاريخ أم رعشة في الدم واشتعال الروح أم أنت زهور ارتوت بدم الحسين والمتنبي وبلقيس وكليوباترا وأنت شرفة للشهوة تطفىء انحرافي فأقوم للصلاة وأنا الجريح بالعشق وبكل ألوان الطيف"
ويذكرنا الكاتب دوماً بأننا على أرض مضر.. فوضع في أسفل تنهيدته همسات هي مفتاح اليقظة على واقعنا.. وفي ملحية كاشفة للسلبيات والانتقاد ثم يعود إلى السرد عن أبطال روايته وتستمر هذه الانحرافات التي يذكرها الكاتب سواء في تنهيداته الناقدة أو همساته التي تدين المخطئين في حق المعشوقة مصر.. وكل الشخصيات التي تبحث عن فجر حياتها، عن وجودها وعن قيمة هذا الوجود وأن رسالة الكاتب حب وسلام والتقاء الروح مع الجسد. والعطاء المجتمعي الذي يجعل المتلقى في عالم من السحر وهذا الجمال.
ولا أقول أن هذا الميلاد الروائي الجميل والجديد في توجهه المعتمد على التحليل العقلي وردود أفعال لأبطال الرواية وظل بقلمه يجعل من أبطاله في حالات العنف والعناد والسهاد والبعاد والاقتراب، وكل السجايا الإنسانية وكل كل خطايا البشر..
وعن الاغتراب والاقتراب ويأتى بأخبار الأولين ويشرح بجانب السرد الروائي أبعاد ثلاثية، فيها شمولية الثقافة أنه يكتب عن الإسكندرية العطش للحياة ويكتب عن عطش المواطنة إلى الحرية إلى الديمقراطية.
والخطاب الروائي في عمله الجديد خطاب وإن كان فيه استطالة الأذن فيه كل التبتل للوطن كأنه سيرد على أوجاع وعذابات المواطن المفروس من أفعال أشاوس الشر، وهو بجانب كونه (جبرتي جديد) فقد أخذ ولاية التأريخ من أفواه ومن كتابات المفكرين وشاعرية الشعراء وحكمة الحكماء. وقد أشفقت على السيد حافظ حين استلمت روايته حتى أقرأها وأن أكتب عنها انطباعاتي. وها أنا أكتب لا ناقداً ولكن قارئاً لعمل روائي لم أقرأ مثله من قبل. ففيه كل مبتغى القارئ من فكر ومن خط أدبي وخطاب روائي. وإنه كان بإمكانه أن يقسم هذه الرواية إلى ثلاثة أنواع من الإبداع. ففي همساته التأريخ، وفي تنهيداته شعر راق، وفي سرده الروائي إمتاع أدبي.
وأن السيد حافظ وعالمه المسرحي. ومعاناته في الغربة. أو في الاغتراب جعلت منه فيلسوفاً وقد يظن الجهلاء أن روايته عبث. وأنا لا أنفي أن تكون عبثاً لكنه عبث من أجل الاستفادة. وأيضاً قد يظن البعض الآخر أن الرواية قصة عشق عادية تحدث في كل يوم، وفي كل لحظة، وفي كل وطن ولكن حدوثها هنا على أرض مصر، وانتقال الأحداث والمشاهدات والشخوص ومناقشة حال البلاد والعباد، من خلال خلفية ثقافية وموسوعية، حاول الكاتب باجتهاده أن يقدم للقارئ من خلالها وجبة ثقافية متكاملة. فكتب عن العشق، عن الظلم، عن الخيانة، عن الأوجاع النفسية، وصاغ حكايات وتنهيدات وهمسات عن حفلات الغزل والخلوى الذي أبدع في تصويره هذا الغزل الخلوى للوطن الذي يجمع فيه السيد حافظ بين طرفي الصراع، ووجهي المعاناة..!؟
يجمع بين المترفين بالوطن وفي الوطن والمترفات بالتغيير والتدبيل، ويكتب عن الطبقات الدنيا فيصوغ أحلامهم بمهارة وجسارة، وأن المسألة ليست من خلال الشخصيات، وإنما الأحداث التي تأخذ الأبطال والقاريء معاً إلى دائرة معرفية للغة مشحونة بالحب والنقد، وبالمرارة وهذا هو الواضح. منتهى الواقعية ومنتهى الرومانسية في رواية واحدة..
وإذا كان اسم السيد حافظ قد اقترن بالمسرح أولاً.. فإنه من خلال إسهاماته في الكتابة للسينما أو للفيديو فهو ملك متوج في دائرة الحوار المستنيرة ونراه في سرده الأدبي قابضاً على أدواته، واعياً لما يكتبه مستبشراً خيراً للوطن من خلال هذا الأدب الروائي الهادف.
ولعل من المسلم به. وما ينبغي ذكره، أو التذكير به أنه لا يوجد فن جيد بدون صنعة جيدة. فاللغة عند السيد حافظ غنى في الخبرة الحوارية وشاعرية في السرد. وهو في روايته لم يعتمد إلى قوالب من التسطيحات أو إلى نوع من السهولة والبساطة وهي كلها مفهومات تحتاج إلى قدرة من التفكير. ونقل هذا العناء في التفكير إلى المتلقي المستنير، لأن الخبرة في الإبداع عنده تستمد غناها من الواقع.
والواقع عند السيد حافظ يعني وجوداً مفترضاً قد لا يقتصر على الظواهر الاجتماعية بكل ما فيها من تنوع. وإن كان السيد حافظ قد اختار الواقع المعقد الشديد التركيب، يعتمد على الصحوة كما يعتمد على الحلم، يعتمد على العلاقة بين الأشياء، وبين الذوات، وكذلك يعتمد على العلاقات بين الأشخاص بعضها ببعض، ويعتمد علاقات أخرى، يكاد لا يحصيها الحصر، مهما بلغت من ثراء وتنوع، لذلك لجأ الكاتب الى أسلوب الإحاطة الشاملة بالحقائق القائمة التي تعجزنا بالضرورة وبالتعريف على أن تكون ناقلة للواقع. ولكني أعترف جملة أن الأدب الروائي عند الكاتب كان بمثابة صناعة الأشواق والأحلام : فكان اقتطاع من الواقع.
وإن الكثافة في اللغة والشاعرية كما قلت آنفاً تدلان على الخبرة وكذلك سعي للمعرفة. وكذلك سعي إلى التواصل بين الجيال، وخبرة أظنها عند الكاتب مقسومة بالعدل بين المبدع والمتلقي، وما تحمله روايته من احتشاد. وما قد يترتب عليها من غموض، فقد اختار نسقاً جديداً ليكون إبداعه متميزاً.
ولقد بقت رواية "نسكافيه" للقاريء إلى الاستمتاع بهذا العمل الكبير والجميل، لن ألخص الأحداث أو فصول الرواية وإنما أدع القارئ بفطنته يصل إلى مبتغاه ولكل مبتغاه عند السيد حافظ هذا الكاتب الكبير...
بقلم : أمين بكير
25 يناير 2011
العنوان : 27 بلوك 11 مدينة العمال - إمبابة - الجيزة

(رواية كل من عليها خان ونظرية اللعب الحر)

(رواية كل من عليها خان ونظرية اللعب الحر)
بقلم:إيمان الزيات                         
إن من الصعوبة بمكان لي عنق ذلك النص المتمرد بوضعه في إطار مدرسة سردية بعينها .. وإنما كل ما نستطيع رصده هو ظهور تلك الروح التفكيكية فيه وذلك بتحطيمه لكل ماهو جاهز ومؤطر ومشكل ونظامي سواء كان نظرياً أو ثقافياً أو تاريخياً من خلال فك النص واعادة تركيبه وبنائه على أيدي قارئيه ومحلليه وناقديه .. بحضور الدوال وتغييب المدلول وبمعطيات المنهج التفكيكي التى صاغها (جاك دريدا) ومن أهمها :
الاختلاف
الذي يسمح بتعدد التفسيرات بعد مد القارىء بسيل من الاحتمالات مما يدفعه بالعيش داخل النص وبالمحاولة المستمرة لتصيد موضوعية المعنى الغائبة.
ومعط أساسياً آخر شديد الأهمية في هذا النص ألا وهو (نظرية اللعب الحر)
اللامتناهي لكتابة ليست منقطعة عن الحقيقة ومستلهمة من أفق واسع للمرجعيات الفكرية والفلسفية والنظم وطرق التحليل وكأن الكاتب يقول لقارئيه :
( أيها القارىء العزيز ..
لنلعب سويا لعبة التفكيك من الآن فصاعداً نحن شريكان في كل شىء .. منذ عتبة ولوجك لنصنا هذا فاختر ما تشاء من عناوين له فلن أسميه لك؛ فدوري في اللعبة أن أفكك نفسى أمامك فأخرج لك ذاتي
" الشاعرة / والمؤرخة / والساردة / والمسرحية / والفيلسوفة / والمتأملة / والمتبتلة / والمتبرمة / والمتجهمة / والممنهجة / والعابثة ".
سأرتدى الأقنعة وفي كل مرة حزر أنت من أكون ؟!!
وليس شرطاً أن تكون عبقرياً .. وليس هناك من مانع في أن تكون زنديقاً أو نبياً؛ فأنا أريد من الجميع أن يلعبوا معي تلك اللعبة .. وكل ما تتطلبه اللعبة الكبيرة أن تكون "إنساناً" فحسب .
سأمنحك علامات على طول الطريق بالحوار الماتع والمنولوجات الفلسفية .. والمسرحيات الموجعة .. والشعر المحلق الداهش.
سأنفخ في بوق الهداية بكشف العَور حتى لا تفكر بأنى أصعب المسألة عليك.
سأستخدم الكون والظل والضوء .. وأعري آلامي وأفتح لأحلامي طريق الشهرة بالظهور أمامك .. وكل ما أطلبه منك أن تفتح عينيك على الحقيقة .. فاذهب إلى ماوراء السرد أو قف على السطور وتعمق .. المهم أن تصل )

الواو الحافظية
لو أن لحرف أن يغير مسار السرد من النقيض للنقيض ويجمع الأضداد ويضم المترادفات في تدفق وحنو لكان هذا الحرف هو (واو العطف الحافظية) ذلك الحرف العطفي المذهل الذي يدمج المحسوس بالملموس .. ويكثفهما في جملة سردية ذاهلة تعكس مدى رحابة أفكار ذلك المبدع وتتابعها وتدفقها كشلال هادر يسري بعطاء سردي كريم.
أفاد ذلك الحرف نص المبدع أيما افادة حيث لعبت أكثر من دور بلاغي ولغوي وتقني ..
فلقدعطفت العام على الخاص.
وعطفت الشىء على مرادفه.
وعطفت الصفات المفرقة.
وعطفت مالا يستغنى عنه من الكلم.
وتعالوا معي نستعرض مثالاً زاخراً وثرياً بتلك الأحجية الابداعية الحافظية
(وأنا أعرف أن الحب نبي وصبي وبهي وغبي ودني وعتي وشقي وصوفي وفجائي وصدفاوي وقدري وجنوني ومزاجي ونزوي وليس في كل وقت بتقي) .
ويشرح وجهات نظره برحابتها فيقول :
(القمر لا يعرف أسماء الناس والبلاد والعباد)
ويعرف نفسه بشموليتها فيقول :
(وأنا القاص والراوي والبعيد والداني)
لقد تجلت (واو العطف الحافظية) وتزيت وتباهت في هذا النص .. وسيندهش القارىء اندهاشات غير منقطعة بها على طول مشواره القرائي به .
الرواية لدى الأديب هنا عبارة عن معزوفة (بوليفونية) صاخبة بالتعددية في كل عناصرها ومكوناتها البنائية والتقنية.
سنجد تعددية في ..
( الضمائر/ الشخوص/ اللهجات / الحوارية / وحتى في الأجناس الأدبية)
وسأكتفي هنا بالاشارة إلى (البوليفونية في الموضوعات) فلقد اشترك وتناص النص في الفكرة والموضوع مع العديد من النصوص العالمية الأخرى سلباً وايجاباً . وعادة ما نجد النص يشترك أو يختلف مع نص واحد على الأكثر ولكن تلك ليس قاعدة من قواعد الفكر الحافظي الرحب والمتفرد .
فمثلاً لم يجلس في انتظار جودو  كما فعل (بيكيت) باحثا ً في عبثية الوجود ، مستسلماً للزمن .. لم ينتظر أن تأتيه الحلول على طبق من ذهب إنما حلل وعرض وطرح وشرح وقدم فرضيات ومقدمات تجعل المتلقي يصل لنتائج منطقية .. كل هذا في اطار أدبي بديع .
إنها كتابة المنطق في مقابل اللا منطق .
اشترك النص الروائي الحافظي مع  (مائة عام من العزلة ) (لماركيز) في امتدادها الزمني .. إلا أنه عرض الأحداث بطريقة واقعية بعكس الرواية الماركيزية التى صيغت بداخل اطار خيالي.
وإذا تكلمنا عن الأنثروبولوجيا ودراسة الإنسان في أصوله التاريخية التى تمس جوانبه الإجتماعية وتطوراته الحضارية .. سنجد أن رواية (كل من عليها خان ) تقف يدا بيد مع رواية (الكوميديا الإنسانية) لبلزاك الذى انصبت كتاباته أيضا على ذات الموضوع بيد أنه قد حشد في سبيله كل ما كتب من روايات حيث أن الكوميديا الإنسانية عبارة عن كل الروايات التى كتبها بلزاك مجمعة .. أما الفكر الحافظي تخير أن يحشد جيوش التقنيات ويحصن قلاع الأجناس الأدبية في هذا الصدد .. والتى تكفل للنص عناصر الدهشة والجذب والمتعة والمشاركة القرائية التى عمد إليها منذ صفحاته الأولى وحتى نقطة النهاية التى تَعد بالمتابعة القريبة .. حيث لا وجود للنهاية عند المبدع السيد حافظ فهو كما كان بلزاك يقول عن نفسه :
(أما أنا فإنني أحمل مجتمعاً في رأسي ).
برعت الذات المسرحية عند مبدعنا الكبير في استخدام تقنية (كسر حاجز الايهام ) أو الجدار الرابع.
تلك التقنية البريختية التى طوعها الكاتب تطويعاً مائزاً .. فلقد هدم الجدار العازل بينه وبين القارىء منذ اللحظة الأولى بمنحه حرية اختيار عنوان النص .. ثم وضع عينيه الكتابيتين عليه فبرع بالسكوت عن طريق ايقاف المد السردي قبل أن يتسلل الملل إلى نفس المتلقى ومنحه بدهاء شديد (استراحات فكرية مجانية ) من خلال المسرحيات القصيرة بعد أن يقول له بصوت خارجي :
(فاصل ونواصل ..
لا تذهب بعيداً )
ثم ينبهه للعودة من جديد ويقول : ( عدنا .. اقرأ الآن )
وكأنه كان يتسكع في ردهات الرواية متسلياً بالصور والنظر لأفيشات أفلام وعروض مسرحية أخرى !!
تلك تقنية تجسيدية تشعر القارىء أنه يشاهد فيلماً لا يقرأ نصا .

هذا بالاضافي لجيوش الهجوم اللغوي .. وقلاع التكنيكات وعتبات التناص (اللفظى / المعنوى / والإيحائي).
إن الكتابة لدي السيد حافظ هي فعل اليقظة الدائمة والدهشة الفريدة ..
قرع طبول و دق أجراس ونداءات ونساء ومدن ومتعة لا تنقطع.
سيشهد التاريخ أننا عاصرنا رجلا شحذ طاقاته ووسائله الابداعية وقدراته الثرية وأعلن الثورة على النمطية ورفع لواء التجديد والابتكار .. رجلا لم تساعده ظروفه بل خدمته امكاناته المتعددة .. ومنحه جرح وطنه الذي يعشقه نكهة خاصة وأنيناً مائزا ونزفاً ابداعياً زكياً.
  مبدع حفر اسمه على صخر كهوف لم تكتشف بعد فضمن لاسمه الخلود .

                                               إيمان الزيات






بسم الله الرحمن الرحيم 

السبت، 1 أكتوبر 2016

السيد حافظ وكيمياء التجريب الدكتور عبد الكريم برشيد المغرب




السيد حافظ وكيمياء التجريب

                                   الدكتور عبد الكريم برشيد 
                                                                                  المغرب 

السيد حافظ، هو المسرحي الذي عاش زمنه المسرحي كاملا، والذي جمع في ذاته الكاتب والمخرج والمنظر والمبدع والإنسان والسياسي، واستطاع أن يخرج من دائرة القطيع، وأن يكون ذاته، وأن يؤسس رؤيته الجديدة والمتجددة للعالم، وأن يكون أحد الشهود على العصر، بكل متغيراته السياسية والعلمية والاجتماعية والفكرية، وأن يكون مقيما ومسافرا، وأن يكون مواطنا في مملكة المسرح، وأن يجد في هذا الوطن المسرحي كل القيم الجمالية التي ضيعتها الأوطان الواقعية.
 هو كاتب مشاكس ومشاغب، يعيش فكره في كتابته الغريبة والمدهشة، وهو لا يكتب إلا حياته، وليست حياته ـ في حقيقتها ـ إلا اختزالا لحياة الإنسان في عموميتها، وشموليتها وكليتها، وفي ثوابتها ومتغيراتها، وفي جوهرها الصلب، وفي أعراضها المرنة والرخوة..
 لقد كتبت عن هذا الإنسان المبدع منذ ثلاثين سنة، ومنذ ذلك التاريخ تغيرت أشياء كثيرة في العالم، كما تغيرت أشياء كثيرة في رؤيته الإبداعية، وفي كتابته المسرحية، لقد كتبت عن مسرحية (حكاية الفلاح عبد المطيع) وذلك عندما أخرجها سعدي يونس في بغداد، وقد عرفت المسرحية قبل أن أعرف المسرحي، واكتشفت فيها إحساسا حارا وملتهبا وصادقا وحقيقيا، وقرأت فيها كوميديا سوداء، وتمثلا رماديا للوجود، ورأيت أن رؤيته ليست سوداء تماما، وليست بيضاء خالصة، ولكنها رؤية مسرحية مركبة، رؤية تشبه غرابة اللحظة التاريخية، وتشبه عبثية الأيام والليالي المجنونة ..
 واكتشفت أن هذا الكاتب هو كاتب تجريبي، وأنه يؤسس للممكن أكثر مما يستنسخ الكائن والموجود والمعروف والمألوف، وأنه من أهل الإبداع، وليس من أهل الاتباع، وأنه كاتب مسرحي غير مدرسي، وأنه بذلك بغير أستاذ، الشيء الذي سوف يجعل منه فيما بعد مدرسة إبداعية قائمة الذات؛ مدرسة لها منهجها في الكتابة، ولها بنيتها، ولها أدواتها، ولها لغتها المسرحية الخاصة، ولها منهجها العلمي والفكري والجمالي.

يبهرك في هذا المسرحي الاستثنائي قدرته العجيبة على أن يكون كاتبا، وأن يكون ناثرا في نفس الوقت، وأن يكون مخرجا، وأن يكون منتجا، وأن يكون ناثرا، وأن يكون مؤرخا للمسرح، وأن يكون باحثا ودارسا وأن يكون منظرا.
 إنه الروائي الذي أسس مشروع رؤيا، وهو الذي كتب عن الفلاح البسيط عبد المطيع، وعن أبي ذر الغفاري، وهو الفارس الذي كتب عن (فرسان بني هلال(، و(عنتر بن شداد) و(أبو زيد الهلالي)، وهو الطفل الذي كتب للأطفال أجمل المسرحيات: (أولاد جحا، سندريللا، قطر الندى، حب الرمان، الشاطر حسن، سندس وعلي بابا)
 وهو في مسرحية (ظهور واختفاء أبي ذر الغفاري) في رؤيته الثانية يجعل الأحداث تدور في دولة وهمية هي (فردوس الشورى)، وهذه الدولة هي التي كانت سابقا تحمل اسم (الفردوس الأخضر) وأهم ما يميز هذه الدولة المتخيلة مسرحيا هو أنه (ليس لها موقع جغرافي على خريطة العالم، لأنها دولة تقع على حدود اللازمان واللامكان، بمعنى أنها معنوية تظهر في عصور التخلف والعجز، والقهر والهزيمة) (١(
 والسيد حافظ، في كتابته المسرحية التجريبية، يمثل التلاقي بين كل المتناقضات المختلفة، فهو تجريبي من حيث شكلانيته المشهدية، وهو ملتزم فكريا وسياسيا في مضامينه الإبداعية، وهو طفل بروحه، وعالم بفكره، وهو مفكر وصانع ماهر، وهو شاعر وتقني.
 وهو مصري جغرافيا، ولكنه كوني في رؤيته الإنسانية الشاملة، وهو ساخر لحد الجدية، وجاد لحد السخرية الموجعة، وهو واقعي الرؤية، ولكنه فنطازي في قراءته لهذا الواقع الملتبس والمنفلت والزئبقي، وأيضا، في تفكيكه له، وفي إعادة تركيبه بشكل جديد ومثير ومدهش، أي بشكل تحضر فيه الإثارة، ويؤثثه الإدهاش، وتقيم فيه الغرائبية.

وفي إبداع السيد حافظ، يتقاطع اليومي والتاريخي، والمحسوس والمتخيل، والحلمي والأسطوري، وتتحاور كل مكونات الكون، وتتفاعل كيميائيا كل عناصره المختلفة والمتنوعة، وهو مسرحي سبعيني، ينتمي أساسا إلى جيل النكسة، ولكنه لم يسجن نفسه في حقبة تاريخية معينة، ولا في جيل من الأجيال، ولا في خطاب مسرحي مقولب ومحدد الأبعاد..
 فهو أساسا من مدينة تاريخية وكونية، لها علاقة حية بالتاريخ وبالجغرافيا وبالإنسان، أي من مدينة الإسكندرية، المفتوحة فكريا وحضاريا على كل العالم، وعلى كل الحضارات المختلفة، والمفتوحة جغرافيا، على حوض البحر الأبيض المتوسط، والمفتوحة كذلك، على كل الأجناس البشرية، وعلى كل الإثنيات وعلى كل اللغات، وهذا ما يفسر رؤيته الكونية الواسعة والمفتوحة والمتسامحة، وهو ما يفسر أيضا، أن تكون الإسكندرية موطنا للسفر والرحيل، وليس موطنا للإقامة الثابتة والجامدة.
ومن الإسكندرية، رحل هذا المبدع الإنسان إلى دولة الكويت، ومنها عاد بعد ذلك إلى الإسكندرية، ثم رحل إلى القاهرة، وبلا شك، فقد كانت رحلاته الذهنية والنفسية والفكرية والروحية أهم وأخطر من كل رحلاته داخل المكان والزمان، ويظهر أنه لا يعترف بالمكان الجامد والثابت، ولا بالأسماء القاموسية المحنطة، ولهذا فإنه لا يكف عن تأسيس أسماء أخرى جديدة، وذلك لدول خيالية، ولمدن أخرى ممكنة الوجود في الأذهان، وفي الفضاءات المسرحية التجريبية، ولمواقع جغرافية مثل (الأودية الزرقاء) ومن البلدان التي أسسها نجد بلاد اللامعنى، وذلك في مسرحيته التجريبية التي تحمل اسم (كبرياء التفاهة في بلاد اللا معنى)، وفي قاموس الدول، نجد دولة أخرى تحمل اسم (فردوس الشورى) وعن هذه الدولة المتخيلة يقول السيد حافظ في مسرحيته (ظهور واختفاء أبي ذر الغفاري) في كتابتها الثانية، بأن هذه الدولة (ليس لها موقع على خريطة العالم)..
وعن هذا المبدع الاستثنائي تقول حليمة حقوني (إن السيد حافظ ينتقل من المعلوم إلى اللامعلوم، ومن الجزء إلى الكل، معبرا عن قضايا تهم السواد الأعظم من الناس، ولم يكن ذلك ليتأتى لولا أنه يحب الناس ويؤمن بهم وبقدراتهم الكامنة، ولذلك نراه يتمرد على سكوتهم وخمولهم إزاء المواقف الحياتية لإيمانه وثقته بأنهم يملكون القدرة على الحركة والفعل) (٢)
الإيمان بالإنسان إذن، هو ما يحرك هذا المبدع، والإيمان بضرورة التغيير، في عالم لا يمكن أن يقبل بأي شيء غير التغيير، والإيمان بأن الإنسان كائن محرك ومتحرك، ومغير ومتغير، وذلك في وجود لا يعترف إلا بالتغير، وهذا ما جعله مناضلا حيويا ضد الجمود والثبات، وضد النمطية، وضد النمذجة في الحياة وفي الإبداع، وضد غريزة القطيع، وضد التكرار، وضد الاجترار، وضد التقوقع والانغلاق، وضد الغربة والمنفى.
 ولأنه يبحث عن المدينة الفاضلة، فقد وجد نفسه ـ وبالضرورة ـ يبحث عن الإنسان الفاضل، وقد تكون هذه الرؤية حالمة ورومانسية وغير واقعية، ولكنها رؤية إبداعية بكل تأكيد، والإنسان يهفو إلى الأجمل والأكمل وإلى الأعلى دائما، مع أنه يعرف أن النظر إلى الأعلى يتعب، وهل حياة المبدعين الكبار إلا سلسلة كبيرة من المتاعب؟ وهل يكون سيزيف إلا ذلك الذي أتعبه الوصول إلى قمة الجبل؟
وهو يبدأ مسرحية (المنشار) بتصدير مأخوذ عن عبد الله النديم، وتقول كلمته (لكي تتقدم الأفكار وتتحسن الأحوال لابد من التجربة للكشف عن المواهب القادرة) (٣)
 التجربة أولا، وفعل التجريب ثانيا، وهل المبدع إلا حياة فيها كل شيء؟ وهل هو إلا مسار عمري تتداخل فيه المراحل والمحطات، وتتقاطع فيه المشاهدات والشهادات والحالات والمقامات؟.. وهل يكون الإبداع الحق إلا تجربة إنسانية حقيقية وصادقة؟
يقول حامد في مسرحية: (الخادمة والعجوز)
 (نص عمري قضيته في شرب الشاي والدخان والنساء والشعر والبحر والصيد والجري وراء.. اللاشيء.. الفراغ.. أنا كنت شاعرا.. وكنت بحاراً وكنت صياداً وكنت دون جوان.. في كل مينا كانت لي صديقة أو زوجة) (٤)
فمن هو المتكلم في هذا الكلام؟ هل هو شخص الكاتب، أم هي الشخصية الدرامية المتكلم لها وعنها؟ وهل هناك فرق، بين عالم الكاتب، كما يحياه بين الناس، وبين عالم الشخصيات؟.. إن الأصل في هذه الشخصيات أنها غير ورقية، فهي حياة وحيوية، وهي وجود حقيقي، وهي حالات إنسانية متدفقة، وهي مواقف صادقة، وهي شبكة علاقات متداخلة، وهي صور مقتطعة من نسيج الواقع اليومي، ومنتزعة من نسيج الواقع التاريخي، ومقتبسة من نسيج الواقع الحلمي والأسطوري للإنسان.
إن السيد حافظ، قبل أن يكون مبدع مسرحياته، فهوـ قبل كل شيء ـ مبدع حياته، ولعل أكبر وأخطر كل إبداعاته على الإطلاق، هي حياته، أو هي مسيرته العمرية الحافلة بالصدق والحركية والحيوية وبالطاقة الإبداعية المتجددة، وتعبر هذه الحياة عن نفسها، من خلال إهداءاته التي تتصدر أعماله المسرحية، وهي تكشف عن طبيعة الوفاء فيه وتكشف عن الاعتراف بالفضل لأهل الفضل، وفي بداية مسرحية (امرأتان) يمكن أن نقرأ ما يلي:
(عندما عرضت مسرحية امرأتان على مسرح قاعة المسرح القومي لم أتوقع لها هذا النجاح).. وهو يهدي هذا النجاح المستحق إلى (الدكتورة هدى وصفي التي وقفت مع هذه المسرحية. وإلى روح الكاتب أمير سلامة الذي ساهم في إنتاجها وكان مشرفا على الفرقة المركزية بالثقافة الجماهيرية) (٥)
 ولا أظن أن أحدا من الكتاب المسرحيين العرب، قد كتب بنفس القوة التي كتب بها السيد حافظ، ولا بنفس العنف، ولا بنفس الشجاعة والجرأة، ولا بنفس الغزارة والتنوع، فهو يفيض كلاما، ويفيض كتابة، ويفيض مسرحا، ويفيض مواقف، ويفيض إحساسا، ويفيض تصورات غريبة وعجيبة ومدهشة، ويفيض صدقا وشفافية، ويفيض حرية وحيوية، ويفيض عشقا للجمال، سواء في بعده المطلق أو في أبعاده النسبية، وسواء أيضا في روحه المؤسسة، أو في تجلياته، أوفي مظاهره المتعددة والمتنوعة؛ فهو كاتب ملتزم، ولكن في غير تحجر ولا تقوقع، وفي غير انحياز إلى اللغة الخشبية، وإلى المواقف التهويلية والعدمية، وهو واقعي، من غير أن يكون منفصلا عن ذاكرته الجماعية، ومن غير أن يكون منفصلا عن الوجدان الشعبي العام، ومن غير أن يكون منفصلا عن التاريخ الإنساني الشامل والكلي، ومن غير أن يكون منفصلا عن الأجواء الحلمية والكابوسية والأسطورية.
 يسجل له النقد المسرحي العربي ريادته في مجال التجريب، ذلك أنه كان مارس فعل التجريب، كتابة وإخراجا (حتى قبل أن يطرح المصطلح للتداول، وحتى قبل أن يتفلسف المنظرون حول إشكالية المصطلح في أواخر الثمانينات) (٦)
 ولعل أهم ما يميز تجربته، سواء في حياته اليومية، أو في إبداعه الأدبي والفني، الخاصيات الأساسية والحيوية التالية: الصدق، والحرارة، والمعرفة، والحس الجمالي المرهف، والتنوع، والتعدد، والتجريب، والتجديد، والعنف الحيوي، والشفافية، والحرية، والسؤال، والبحث عن المعنى، والإحساس بالغربة وبالقهر، والشاعرية، والشمولية التي تتمثل في وحدة الفنون في تجربته الإبداعية، فهو شاعر وناثر، وهو رسام وسينمائي، وهو ساحر وعراف، وهو صحفي ومؤرخ، وهو عالم وبهلواني، كما تتميز هذه التجربة بكل سمات الطفولة وملامحها، وبكل شغبها وعنفها البريء والنبيل، وقد ناضل دائما، من أجل أن يحتفظ داخله بروح الطفولة، وأن يظل هذا العالم محافظا على هذه الروح، والتي هي بالأساس روح الكون وروح الوجود، وأن يكون لذلك انعكاس في مسرحه وفي مواقفه وفي حياته اليومية، وهو يؤكد على أن الأصل هو الجمال، وأن هذا القبح الذي نراه، سواء في الناس أو في الأشياء، هو شيء عارض وطارئ، وأنه مرض مثل كل الأمراض، وأنه قابل للشفاء، وهذا ما يجعل مسرحه رحلة ملحمية باتجاه المدينة الفاضلة، وباتجاه الإنسان الكامل، وباتجاه اللحظة العيدية الحقيقية، ولقد اشتغل بالمسرح ـ وفي المسرح ـ وكان ذلك (بحثا عن كلمة ومعنى وشكل غير تقليدي) (٧)
 أكثر التجريبيين اليوم، لا يهتمون إلا بالشكل وحده، الشيء الذي يجعل هذا الشكل فارغا من أي مضمون ومن أي معنى، ومن أية رسالة، وبهذا يكون الشكل مجرد زخرفة، ويكون مطلوبا لذاته، وتكون كل مفرداته أو جلها مجرد محسنات شكلية ولونية وضوئية خارجية، ومجرد شرود ذهني ونفسي، ومجرد هروب من السؤال الوجودي والفكري والاجتماعي والسياسي، وتكون استقالة من المعنى، وتكون مجرد رحيل إلى بلاد اللامعنى، وما هكذا يرى السيد حافظ الفن ودوره، وما هكذا يحيا التجريب، ويمارسه، ويحترق بلهيب أسئلته، وبلهيب غرابته، وبجمر عوالمه الزاخرة بالمعاني الوحشية، وبالمعاني الجديدة دائما وأبدا ..


الهوامش :
١ـ السيد حافظ ـ مطلوب حيا ـ العالية والأمير العاشق، مركز الحضارة العربية ـ رؤيا ـ القاهرة ـ 2003 ـ ص ١١
٢ـ نفس المرجع السابق ـ الغلاف الأخير.
3 ـ السيد حافظ - الخادمة والعجوز ومسرحيات أخرى- مركز الحضارة العربية ورؤيا، القاهرة ـ 2004 ـ ص 116
٤ــ المرجع السابق نفسه ـ ص ٩
٥ــ السيد حافظ ـ امرأتان ـ العربي للنشر والتوزيع ورؤيا ـ القاهرة 2003 ـ ص٥
٦ــ د. أحمد العشري ـ بين التجريب والالتزام وهموم الإنسان ـ من كتاب (امرأتان) م س ـ ص 125
7 ــ نفس المرجع..


السيد حافظ .. نصف قرن من المسرح

السيد حافظ .. نصف قرن من المسرح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحت رعاية وزارة الثقافة - قطاع شئون الإنتاج الثقافي وفي ضيافة المجلس الأعلى للثقافة
نظم المركز القومي للمسرح أمسية بعنوان :
( السيد حافظ .. نصف قرن من المسرح) ..

أدار اللقاء الدكتور/ مصطفى سليم .. بحضور نخبة المتحدثين بالندوة من رجال المسرح وأساتذته الأجلاء وهم: د/كمال عيد (مصر) - د/ أسامة أبو طالب (مصر) - دكتورة / جميلة مصطفى قرزاي (الجزائر)- الدكتور حسين الأنصاري (العراق) - الدكتور كمال الدين حسين (مصر) - والدكتورة وفاء كمالو (مصر) - والدكتور حسام عطا (مصر) - والفنان القدير / إيمان الصيرفي (مصر) ... وغيرهم من أساتذة المسرح بالوطن العربي من الأردن و تونس والكويت ..
أثارت الندوة عدة شجون حول المسرح العربي وطموحاته وآماله وتعرضت لإسهامات الكاتب المسرحي الكبير السيد حافظ عربيا ومحليا وأضاءت جوانب من مشاركاته في حركة المسرح العربي المعاصر كما تعرضت لإسهاماته في مسرح المقاومة وتحفيز الجنود في سنوات الاستنزاف واشراقات النصر وما تلاها من نصر تاريخي في أكتوبر 73 وزهو كبير بجنودنا البواسل.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More