Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 22 أكتوبر 2016

"قهوة سادة" .. فسيفساء روائية للسيد حافظ بقلم: أحمد فضل شبلول

"قهوة سادة" .. فسيفساء روائية للسيد حافظ


بقلم: أحمد فضل شبلول


هذه رواية كتبها صاحبها "بحثا في روح مصر المتخاذلة سبعة آلاف عام، وبحثا عن روح مصر أخرى، للإنسان فيها معنى وقيمة وحضارة حقيقية فعلا وقولا"، كما يقول في إحدى عتبات الرواية.
وهي في حقيقة الأمر ليست رواية واحدة، أو روايتين كما يدعي الكاتب، وإنما هي ثلاث روايات جمعن في كتاب واحد تحت عنوان "قهوة سادة"، استطاع مبدعها الكبير السيد حافظ أن ينسج بينها خيطا حريريا لا يراه إلا من تذوق سحر الكتابة الإبداعية، وسحر تداخل الأنواع والأجناس الأدبية، أو الكتابة عبر النوعية.
إنها فسيفساء روائية يرصّع صاحبها كلماتها وجملها وعباراتها بحروف من نور الإبداع.
ثلاثية روائية يجمعها طعم القهوة المر، التي لا يخلو فصل من فصولها دون ذكر لها، وكأن مرارة الأيام تصاحب أبطال هذا العمل الضخم وكذا قارئه.
الرواية الأولى هي رواية سهر التي استيقظت على رؤية بقعة دم على قميص نومها في 5 يونيو 1967 وكأن الكاتب يرمز إلى روح الأمة العربية من خلال بطلة الرواية "سهر" التي "رأت أباها يبكي يومي 8 و9 يونيو وهو يرى عبدالناصر يتنحى .. ذهبت أمها بها إلى شهرزاد وقالت لها: البنت صارت أنثى".
هكذا يفتتح السيد حافظ "قهوة سادة" بهذا المشهد المؤلم، ومن هنا تتصاعد الأحداث ويمر الزمان ونشم عطر سهر الفواح الذي يُسكر كل من يشمه من على البعاد، والذي يكون سببا في تطور الرواية والأحداث، وفي ظهور شخصية كاظم معلم اللغة العربية في مدرسة سهر، لنكتشف أن أحداث الرواية الأولى (ضمن الثلاثية) تدور في الشام، وليست في مصر، وأن سهر ولدت يوم الاتفاق على الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958.
ثم يدخلنا الكاتب بيتَ "سهر" لنتعرف على أسرتها والبيئة المحيطة بها وعلى مدرستها وصديقاتها وعصفورها الذي ينام على كفها وفي صدرها. كما يجعلنا نحلق في عالم كاظم وثقافته وأحلامه وعاطفته نحو "سهر".
وفي نقلة أخرى للرواية الثانية نعيش مع فتحي رضوان الشاب المصري الثوري (الذي سيكون حبيب سهر بعد 15 عاما) وهي العبارة التي يفتتح بها الكاتب سيرة فتحي رضوان، ومع انتهاء الرواية لم نر ذكرا لهذه الرؤية التنبؤية (ربما تأتي هذه الرؤية في جزء تال).
ولكن على أية حال فإن الجزء الخاص بـ فتحي رضوان ما هو إلا تأريخ فني وسياسي واجتماعي لمصر، وأكاد أقول إن هذه الجزء ما هو إلا سيرة ذاتية لمؤلف الرواية السيد حافظ، خلال فترة الستينيات وما بعدها، وفيه يقدم الكاتب صفحات أقرب إلى التوثيق الصحفي أو المعلوماتية، منها إلى الفن الروائي، وفيه مقارنة بين عبدالناصر ومحمد علي، وفيه نقد عنيف للشعب المصري يصل على حد جلد الذات، ومنه قوله: "ضيعت قلبي في وطن حقير اسمه مصر والوطن العربي"، و"عبدالناصر دكتاتور عادل ومحمد علي دكتاتور عادل والحاكم بأمر الله دكتاتور عادل .. مصر لا تنهض في تاريخها إلا بدكتاتور عادل .. الشعب متمرد كسول لا يحب العمل ويحب الشر والكذب والفهلوة والنصب والتحايل على القانون".
هل هذا توصيف للشعب المصري، أم هي لحظة غضب يصبها الكاتب على الورق لينفث من خلالها همومه وأحزانه؟
وهكذا تمضي "قهوة سادة" متراوحة بين حكاية سهر وحكاية فتحي رضوان، وكلاهما متباعدان عن بعضهما البعض ولا يلتقيان طوال الرواية رغم العبارة التي يصدرها لنا الكاتب في معظم الفصول بقوله: "سيكون حبيب سهر بعد 15 عاما".
غير أنني لاحظت أن الجانب التوثيقي هو الأوفر حظا في الجزء الخاص بفتحي رضوان، فأحيانا نجد الكاتب يثبت صفحات من مذكرات محمد فريد، أو يثبت بيان 30 مارس الذي ألقاه جمال عبدالناصر عام 1968 للإصلاح السياسي، أو يلجأ إلى التفسيرات اللغوية في بعض الأحيان كتفسير كلمة "طاغية".
وعلى هذا نجد اختلافا بينا بين شخصية فتحي رضوان الثوري الذي تعددت علاقاته الجنسية منذ أن كان طالبا بالجامعة، وشخصية كاظم العاطفي الذي أحب سهر بجنون ولم يحب غيرها والذي يرى أن سهر لا تضع عطرا، بل هي رائحة السماء في جسدها، وأنها قمة الشهوة والاشتهاء.
غير أن عبدالناصر لا يفارق الجزء الخاص بكاظم الذي سأله أحد الضابط: أنت شيوعي يا ولد؟ فيرد كاظم: لا. فيقول له: تحب من؟ قال كاظم: جمال عبدالناصر. قال الضابط: من سيء لأسوأ خليك أحسن شيوعي يا ولد.
وكأن "قهوة سادة" تحاكم في بعض مفاصلها أو صفحاتها الزعيم جمال عبدالناصر والفترة الزمنية التي حكم فيها مصر وسعى للوحدة العربية الشاملة، وبدأها بوحدة مصر وسوريا، والتي فشلت فيما بعد، فتقوّض الحلم الناصري، ومن ذلك قول فتحي رضوان عن اختيار عبدالناصر للسادات ليكون نائبا له: عبدالناصر اختار أضعف واحد من رجال الثورة كان خادمه هو أنور السادات.
وفي موضع آخر نجد: "الله يسامحنا إن نسينا أو أخطأنا إلا عبدالناصر لا يسامح من أخطأ". وفي موضع ثالث نجد: "طلب عبدالناصر حكيم للعشاء معه .. ثم أرسل عبدالمنعم رياض ومحمد فوزي .. ليقتلاه بعيدا عن مرأى عبدالناصر (كما قال جمال ابن عبدالحكيم عامر في حديث له مع التلفزيون المصري). و"قدم عبدالناصر جثة عبدالحكيم للشعب .. كي يدفن غضبهم من النكسة في قبر المشير عبدالحكيم عامر".
أيضا يحدثنا فتحي رضوان عن كره أبيه لعبدالناصر بشدة بسبب طرده للأجانب وخاصة أصحابه، ويكشف لنا في أكثر من موقف عن كراهية أبيه لثورة يوليو ورجالها لأنها خلعت محمد نجيب. كما يتساءل: كيف حدثت النكسة وهزيمة يونيو؟ من سيكتب عنها؟ وما هي الحقيقة؟ هل من جرئ يخبرنا؟ أين الجبرتي؟
وفي موضع آخر، يمثل إحدى عتبات الرواية الكثيرة يورد الكاتب قصيدة "الله يجازيك يا عم عبدالناصر" لعبدالرحمن الأبنودي، وبها نقد لاذع للزعيم يقول فيها الأبنودي:
الله يجازيك يا عم عبدالناصر
أما أنت خميت مصر دي خمة
يوم ما ناديت بالعشق للأمة
ورطتنا نعشق خريطة عبيطة
وبشر ما نعرفهاش.
وهذه العتبة تتواءم مع موقف الأب الذي ورثه الابن من شخصية جمال عبدالناصر.
وما أكثر عتبات الرواية التي يتوقف عندها الكاتب ابتداء من الإهداء لحفيدته كادي وابنه محمد ثائر "الثائر على أبيه فقط".
أما العتبة الثانية "أنسى أن النساء جسد من لحم ودم وأتذكر أنهن عطر له روح" فهي تتواءم مع "سهر" وعطرها الذي هو سر تميز شخصيتها.
مرورا بعتبات أخرى سنشير إليها فيما بعد.
وبذكاء سردي شديد ينتقل الكاتب إلى الرواية الثالثة بتمهيد من الخالة "شهرزاد" التي أخبرت "سهر" بأنها تتقمص روح فتاة فرعونية اسمها "نفر"، لتبدأ "حكاية إخناتون مع نفر" في الصعود ولتحكي شهرزاد "قهوة سادة" متقمصة روح شهرزاد الأصلية فتقول: "كان يا ما كان في سالف العصر والأوان في العصر الفرعوني بنت اسمها نفر".
هنا يتصاعد سرد تاريخي جديد، وأجواء روائية جديدة، يهديها الكاتب – في عتبة جديدة - لأخيه الراحل "رمضان حافظ .. نفحة الروح إذا أظلم الكون". بل يذكر في المتن على لسان فتحي رضوان لحبيبته ناهد: "اقرئي كتاب الفراعنة العرب للدكتور رمضان حافظ".
ويشعرنا الكاتب بوجود حبل سري بين سهر ونفر عن طريق تناسخ الأرواح، وانتقال العطر من نفر إلى سهر عبر نفق تاريخي وزمني طويل يصل بين مصر والشام. وهو ما تؤكده عبارة شهرزاد لـ "سهر": "تلك أول روح خلقها الله لك يا سهر".
وتتكرر عبارة العطر عند "نفر" كما رأيناها عند "سهر": "رائحة جسدها عطر من السماء لا يشبه أي عطر". هذا العطر الذي سيرفع نفر من عالم أسرتها الفقيرة إلى عالم القصور والمعابد والكهنة وصولا إلى إخناتون الذي يدعو إلى عبادة التوحيد فتتبعه نفر.
ويظهر الثائر فتحي رضوان مرات ومرات في الرواية الثالثة منتقدا أوضاع مصر وتاريخها مثل قوله: "معظم شوارع مصر بأسماء الخدم والخونة من تاريخها" أو "مصر تسمي أسماء الشوارع بأسماء القاتل والمقتول" مفسر ذلك بقوله:
"في القاهرة في حي الزيتون .. شارع باسم طومان باي البطل الذي قاوم الاحتلال العثماني، والشارع المقابل له باسم سليم الأول العثماني الذي قتل طومان باي .. في عقل مصر عقلين .. عقل عظيم وعقل عبيط".
في الجزء الثالث أو الرواية الثالثة نكاد ننسى كاظم إلا قليلا، بسبب الحضور الطاغي لقصة إخناتون والدراما المصاحبة لها، والحضور القوي لفتحي رضوان الذي ذهبنا من قبل إلى أنه الشخصية التي تعكس الكاتب نفسه، أو الجزء السيرذاتي في "قهوة سادة"، خاصة بعد أن نكتشف أنه يذكر أسماء شخصيات وأماكن بعينها كان لها حضورها في الواقع الثقافي، مثل قوله في شكواه لوزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة عام 1969، وينعته بالوزير المثقف الصامت: "بالإسكندرية قصران للثقافة الأول في شارع طريق الحرية يسمى قصر ثقافة الحرية القائم عليه اسمه محمد غنيم.. يمتاز بالثورة الكلامية ويرفض فكرة تكوين اتحاد كتاب الأقاليم التي يطالب بها بعض الكتاب وطردهم من القصر، وبها فرقة مسرحية مع مخرج هارب من القاهرة يدعى أنه يقدم مسرح الجيب ..".
أيضا هناك أشخاص آخرون كانوا موجودين في الحياة العامة في الإسكندرية يذكرهم الكاتب بأسمائهم الحقيقية مثل الأستاذ باسطة مدرس الأحياء في مدرسة الإسكندرية الثانوية التي تخرج فيها الكاتب، ويصفه بأنه شديد القسوة.
وعلى الرغم من معايشتنا للأحداث الفرعونية وأجواء التآمر على اخناتون الذي دعا إلى التوحيد، سواء من الكهنة أو زوجته نفرتيتي، فإننا نجد إسقاطات سياسية على العصر الراهن من خلال بعض البرديات التي يلجأ الكاتب لإثباتها. أو من خلال بعض العبارات التي وردت على لسان اخناتون مثل: أخاف على مصر من المؤامرات التي تحاك ضدها من كل صوب.
توسلت الرواية بالكثير من التقينات الفنية إلى جانب الإسقاطات السياسية، وهو ما جعلني أقول منذ البداية إننا إزاء فسيفساء روائية، استطاعت أن تستفيد من تقنيات المسرح (والكاتب في الأصل كاتب مسرحي متمكن له العديد من الأعمال المسرحية المهمة) ومن تقنيات السينما وخاصة تقنية المشاهد والتقطيع والمونتاج، ومن تقنيات الشعر، حيث يتوسل الكاتب بعبارات شعرية تجئ من خلال بطله كاظم (حبيب سهر)، أو من خلال المعلم باكا (الذي أحب نفر) في الجزء الخاص بأخناتون، وغيرهما.
كما توسلت الثلاثية بالكثير من العتبات الروائية، بل سنجد أكثر من عتبة في مطلع الفصل الواحد، وعلى سبيل المثال في مطلع العمل نرى عتبة الإهداء، ثم مقولة للكاتب نفسه ومنها: "يا أيها العابرون على ذكرى طفولتي ألقوا عليها الورد والابتسام"، ثم الآية 85 من سورة الإسراء "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"، ثم مقولات متعددة للكاتب نفسه.
وعلى مدى العمل نرى عتبات لجبران خليل جبران، ونزار قباني، وميخائيل نعيمة، وأدونيس، ويوسف الخال، ومحمود درويش، وصلاح جاهين، وعبدالرحمن الأبنودي، وحافظ إبراهيم، وغيرهم، ومقولات للكاتب نفسه، إلى جانب عتبات قرآنية، وإنجيلية، ومقولات لأخناتون، بل أننا نجد عتبة لأحد أبطال الرواية وهو فتحي رضوان خليل.
ولاشك أن هذه العتبات تحتاج إلى دراسة فنية منفصلة نظرا لكثرتها، وتنوعها من ناحية، والأجواء التي تشيعها من ناحية أخرى، سواء الأجواء الروحانية أو السياسية.
ويبدو أننا على عتبات عمل روائي ضخم آخر يستكمل فيه الروائي السيد حافظ تلك الثلاثية الروائية التي اسمتعتنا بها في "قهوة سادة"، ولعل عمله القادم هو "نسكافيه" أو "كابيتشينو"!






الجمعة، 21 أكتوبر 2016

الحلم الآتى فى مسرح السيد حافظ بقلم : زكريا عبد الجواد




الحلم الآتى فى مسرح السيد حافظ
بقلم : زكريا عبد الجواد
مجلة إبداع – المصرية – العدد الثالث – مارس 1983
بينما خبت شعلة المسرح الجاد ، وتوارى ألقها الستينى الرائع، تاركة الأجواء لتجار الضمائر الفاسدة، ليقبضوا على أعنة الخشبة المسرحية فى مصر الآن، ولتهطل علينا – بفضل عبقرياتهم الفذة – سحابات فجاجة الكلمة وسط هذا الجو، كان ثمة حملة للكلمة الجادة الصادقة، القاضبة على الحلم النظيف، حلم أبناء الوطن، بشمس مغايرة ، وسطوع أكثر بهجة ونقاء.
وإذا كان وعى الكاتب هو وحده الذى يمنعه من الانزلاق والذى يكشف له رغم هيمنة الغثاثة، واضطراب المفاهيم واختلاطها، إن الصدق والحقيقة وحدهما، وما وقر فى الذات البشرية من قيم نظيفة طامحة لعالم أكثر خيراً وعدلاً للإنسان ، هى التى تنفع الناس، وتمنحهم صدق الكلمة والفعل، وتبقى فى الأرض، وتعمر طويلاً.. إذا كان الوعى يمنح الكاتب موقفا متميزاً فى كل ما يمارسه من أفعال إبداعية، فإنه يمكن تلمس عدد من كتاب المسرح الجادين الذى رفضوا السباحة باتجاه تيار الزيف السائد، وحملوا الكلمة شرفاً وضميراً وشهادة ، من هؤلاء يبرز اسم الديب والكاتب المسرحى السيد حافظ، الذى صدرت له بالكويت منذ وقت قليل مسرحيات ثلاث فى كتاب يحمل اسم أولادها " حكاية الفلاح عبد المطيع".
وفى مجمل مسرحيات السيد حافظ ، يمكن ملاحظة ذلك الالحاح على أن الغد الأكثر إشراقاً لابد قادم، مهما اتسعت مساحة الأيام الغائمة، لذا يوظف جميع شخوصها ليعطى المتلقى انطباعاً يدين به القهر والظلم  والتسلط. ويمكننا أن نشهد هذا فى المسرحية الأولى من الكتاب : " حكاية الفلاح عبد المطيع" ، فهو لا يقف عند حد التوصيف والشرح الفنى وحدهما، بل يتجاورهما إلى الإدانة الصارخة والساخرة، من بشاعة القوى القاهرة، وديماجوجيتها، فالمسرحية تحكى ببساطة ، إن عين السلطان المملوكى قنصوه الغورى قد أصيبت بمرض، فالتم الاتباع والحاشية، واقترحوا اصدار فرمان بأن يرتدى الخلائق الملابس السوداء، وأن تطلى منازلهم باللون نفسه، وأن تمنع الأضواء والأفراح، وكل ما يخالف مراسم الحداد العام.
لكن عبد المطيع ، وهو هنا شخصية كسولة سلبية، ساذجة إلى حد البلد، لا تصل اليه تلك الأوارم، فيقبض عليه، ويعذب بحجة تحدى الأوامر، وعندما يخرج ويرتدى السواد، ويصبغ به حتى حماره، تبرأ عين السلطان من مرضها، فيصدر الفرمان المعاكس، بأن تعود الأمور طبيعية بلا سواد، ويمنع تماما ًالظهور بذلك اللون الحدادى، ولا يعلم عبد المطيع الساذج بهذا أيضاً ، فيعاد القبض عليه مرة أخرى بالتهمة السابقة ذاتها.
وبين البياض والسواد ، بين الأمر بالفرح ، والأمر بالحزن تدور أحداث المسرحية فى اسقاط بارع، وإشارات لممارسات غاشمة، اوصلت إنسان الشرق التعس إلى ذروة الإحباط والخوف، وأسقطته فى سلبية (وأنا مالية) قل أن توجد بعيداً عن تلك البقعة التى تكالبت عليها عوامل التخلف، والإطماع الاستعمارية والعنصرية من فجاج الأرض. بينما يبعد البسطاء حتى عن إبداء الرأى فى أبسط الأشياء المؤقرة على حياتهم، خوفاً  وقهراً.
والمسرحية تقع فى فصلين، ويمكن أن تعد من مسرحيات الملهاة الجادة، اى من تلك المسرحيات التى تتخذ من الكوميديا الراقية طريقاً لبناء الحدث وتصعيده، والتى تنبع جديتها من خلال المواقف المتقدمة الحاملة سخرية مريرة ، يتطلبها الموق.
وقد اداد الكاتب تحريك شخوصه ابتداء من الشخصية المحورية "الرئيسية" عبد المطيع، وانتهاء بالشخصيات الثانوية، وأجاد إقامة حوار مقنع لكل شخصية، وبما يلائم طبيعة كل منها ، وسلوكها وحالاتها النفسية، كما أجاد اختيار اللحظة التاريخية ليتكئ على شخوصه فى تلميحاته إلى أحداث مشابهة للواقع، وإن لم يجعل تركيزه الأساسى على إضفاء الجو التاريخى لذلك العصر على أخداث المسرحية، حتى إنه يمكننا حذف اسم السلطان الغورى وكلمة "فرمان" مثلاً لنجد أننا لا نكون امام مسرحية تاريخية، بقدر ما يكون للواقع حضور مكثف وواضح.
ويمكن أن نقول بوجه عام ان هذه المسرحية هى أفضل مسحرياته الثلاث، وهى تعد تطوراً طيباً فى المسيرة المسرحية العربية الجادة، ولا شك أن السيد حافظ قد خطا بها خطوة واثقة فى عالم رحب وممتع، هو عالم المسرح.
فى اشارتين ، تقع المسرحية الثانية التى حملت عنواناً طويلاً ، ينم عن ولع السيد حافظ بالعناوين الطويلة، منذ أن بدأ الكتابة للمسرح: "علمونا أن نموت ، وتعلمنا أن نحيا "
ومن خلال الحوار الدائر بين الشخصيتين الرئيستين واللتين تحملان مفاهيم وأحلاماً متباينة تماما، وتجتمعان معاً فى غرفة واحدة من غرف السجن، ويدور بينهما حوار يبدأ فى الإشارة الأولى بالفصحى ، ثمث ينتقل إلى العامية فى الإشارة الثانية (دون سبب معلوم) ومن خلاله ندرك أن هناك سجينين : الأول يعمل صحفياً، وسجن بتهمة سياسية والثانى تاجر ويسجن لارتكابه جريمة قتل والحوار الدائر يكشف عن مدى وعى كل منهما، لكن الهاجس الذى يجمعهما معاً هو حلم الإفراج ، الأول لكى يحارب الأعداء (على المستويين الخارجى والداخلى)، والثانيى لكى يعيش مع زوجته الرابعة وبين الحلمين مسافة كبيرة تفصل ما بينهما، بحجم الوعى ومسار العاطفة، ويشتد حلم الإفراج ، وقت الغارة المعادية التى تستمر طوال المسرحية، وعلى مدار الاشارتين فيها، ويجسد المؤلف هنا عذابات الوعى الذى يعانيه من يحملونه، حين يقف السجين الثانى (غير الواعى والسلس الانقياد، وذو العواطف المتناقضة والمشوشة ) صارخاً بوجه السجين الأول (الصحفى والسياسى الحالم بغد يملؤه الخير).
"جاى تقولى افتح الحجاب اللى تحت باطك، وعايز تعلمنى القراية والكتابة، علشان اقرأ، جايز يكون الحجاب فيه ورقه سوده، وعايزنى أزعل وأشك فى نفسى والناس ليه؟.. علشان أفهم.. ما أنت اهوه قدامى بتفهم وتعبان. أنا مستريح لأنى مش فاهم.. عايز أعيش زى ما أنا.. زى ما أنا.
غير أنه يعود ليؤمن مع السجين الأول بطلوع وقت أخر جديد رائع، إلى أن تاتى نهاية المسرحية حيث ينهار حلمهما بإصدار قرار التحفظ ، واستمرار الحبس بعد انتها ءالغارة.
وقد كان للقطات الجانبية وتوزيع نقاط الضوء أثر كبير فى إثراء احداثها ، والقاء الظلال على دخائل السلوك ومكوناته عند كل من الشخصيتين المحوريتين ، إلى جانب الحوار الملائم، والذى لا تخفيه كثرة الأغلاط الطباعية، وخلط ترقيم الشخصيتين.
أما المسرحية الثالثة فى الكتاب، وتحمل عنواناً مختصراً "الخلاص" وأخر مطولاً " يا زمن الكلمة .. الخوف، يا زمن الفترة من 4 يونيو 1967 حتى 6 اكتوبر 1973 ، حيث يستدعى المؤلف ثلاثة من الشهداء الأشقاء ، هادى، صار، سلام" فى جو احتفالى ، انشادى، ليروى كل منهم قصة الاستشهاد ، وليعلنوا عن تحديهم للموت، وللهزيمة، وحيث نلمح من خلال تحاورهم ذلك الخيط الذى يربط مسرحيات السيد حافظ ، والذى يتمثل دائماً فى تحدى الظروف القاهرة والتبشير بالغد الواعد الرائع، الذى تخلقه سواعد الرجال وعزائمهم القوية.
المكان : مدينة السويس ، حيث تكون التضحية الدائمة، منذ أن حفرت القناة ، وحتى حروب 56 ، 67 ، 73، وحيث تكون صلابة المقاومة، وشجاعة الفداء الرجولى ، سمة عظيمة تنضح بها جباه البشر فى تلك المدينة الباسلة.
فى لغة أقرب إلى الشعر العامة المصرى، يتبادل الأشخاص فى تدفق حماسى، وخطابية أحياناً ، إنشاد أهازيج حماسية، عن الأرض التى تروى بدماء الرجال، وعرق جباههم، وعن الشمس المتلألئة فى العيون، والنهار الوردى، والحلم الطالع، حتى نصل إلى نهاية المسرحية، ليغنى "الكورس" ، "ازرع "لا" ، للهزيمة، ازرع "لا" ، إزرع "لا" فى وش عدوك".
"اطلع فوق الهزيمة مقاومة مقاومة ، واضرب، اضرب رصاص واحصد خلاص.. احصد خلاص .. احصد.. احصد .. هخلاص".
وهكذا تمزج المسرحية بين الرصاص والخلاص، ومنذ الحرف الأول فيها، وحتى الأخير، يظل للمقاومة الصوت الأعلى بوصفها الحل الأوحد، والأجدى، فى مواجهة عدو شرس قبيح.
إن المسرحيات الثلاث التى حواها بين دفتيه كتاب السيد حافظ الأخير " حكاية الفلاح عبد المطيع" تمنحنا فألا ، بأن المسرح الجاد مازالى موجوداً، ومازال رجاله يحملون رايته التى انحسرت من الساحة يوماً، تلك المسرحيات علامة مضيئة فى مسرح السيد حافظ ، وخطوة متقدمة هامة.
ويبقى أن ننتظر أعمالاً ناضجة أخرى فى مسيرة واعية وجادة، تعدنا بها مسرحيات السيد حافظ، طيلة مشواره مع هذا الفن العظيم ، والصعب، فن المسرح.
الكويت : زكريا عبد الجواد

الخميس، 20 أكتوبر 2016

كتاب "شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة" - السيد حافظ


                        رؤى للتاريخ      
                            كتاب
      شخصية مصر العظيمة ومصر العبيطة
                        السيد حافظ

..هذا الكتاب ضد الذاكرة المثقوبة وتزوير التاريخ..
هذا الكتاب بذرة بحث للشباب ليبحث
"أيا وطني، أيا أرضي المنيعة بآلامي"... رامبو
حين أرغب أن أناديك بلادى.. أناديك بلائى
إني أرى مصر العظيمة مخمو رة بزيف التاريخ وستنهار إذا لم نفهم ونعى أننا شعب
فقير كسول معظمه جاهل يحتاج إلى العمل والمثابرة والعلم وحربه الأولى ليست مع الخارج بل
مع الفساد الأخلاقي والثقافي والسياسي والاجتماعي خوفا من ان يتحول السلوك
الاجتماعى الفاسد الى جينات ولو فهمنا سنتخلص منها ابدا .. ولو نجحنا عندئذ ستكون
مصر العظيمة أبدا بكم ايها الشباب
هذا الكتاب هو دعوة لثورة ثقافية لتصحيح التاريخ حتى لاتتحول عاداتنا السيئة
الى جينات هذا الكتاب دعوة للتحرر من الخديعة والتزوير والجهل بالتاريخ.. دعوة للشباب أن
يكتب تاريخ مصر الحقيقي مهما كان قبيحا.. وهو البداية لتصحيح مصر أن تعرف نفسك..
هذا الكتاب دعوة إلى تصحيح التاريخ المزور.

                    لقراءة الكتاب أو لتحميله إضغط على الرابط التالي 


رابط التحميل الأول


رابط التحميل الثاني

تحميل
مركز التحميل
إضغط هنا


                              https://drive.google.com/open?id=0B2rLU6MapsKuOFFieDlzeXQ4Z3c


*****

 مدونة أعمال الكاتب السيد حافظ

مدونة شخصية , فنية وأدبية. تعرض أعمال الكاتب السيد حافظ المسرحية والروائيةوأهم الدراسات والمقالات والرسائل والأبحاث والكتب التي تناولت أعماله...

صورة السيد حافظ


 السيد حافظ هو كاتب مسرحي وروائي, ومخرج مسرحي, وهو أحد رواد المسرح التجريبي في المسرح المصري والعربي منذ أوائل السبعينيات, كما أنه عمل بالصحافة المصرية والعربية لسنوات طويلة.

برز الكاتب السيد حافظ منذ أوائل السبعينيات ككاتب ومخرج مسرحي تميز بأسلوبه التجريبي المتمرد على القوالب التقليدية في الكتابة المسرحية منذ صدور مسرحيته التجريبية الأولى "كبرياء التفاهة في بلاد اللا معنى" التي أثارت جدلا كبيرا حينها, ثم توالت أعماله المسرحية التي بلغت حتى الآن أكثر من 150 مسرحية تراوحت  بين المسرح التجريبي والمسرح الكلاسيكي والتاريخي والتراثي ومسرح الطفل, والمسرح الكوميدي, والمسرح النسوي أيضا.

صورة السيد حافظ


Alsayed Hafez's 

business blog

Personal blog, artistic and literary. The writer El Sayed Hafez's theatrical and novel works are presented. The most important studies, articles, letters, researches and books that dealt with his work...

 Mr. Hafez is a playwright, novelist, and theater director. He is one of the pioneers of experimental theater in the Egyptian theater since the early seventies. He has also worked in the Egyptian and Arab press for many years.

The writer El-Sayed Hafez has emerged since the early seventies as a playwright and director who was distinguished by his experimental method that rebelled against traditional patterns in playwriting since the release of his first experimental play “Pride of Banality in the Land of Meaningless” which aroused great controversy at the time. A play that ranged between experimental theater, classical, historical and heritage theater, children's theater, comedy theater, and women's theater as well.

صورة السيد حافظ


-    السيد حافظ من مواليد محافظة الإسكندرية جمهورية مصر العربية 1948

-    خريج جامعة الإسكندرية قسم فلسفة واجتماع عام 1976/ كلية التربية.

-    أخصائي مسرح بالثقافة الجماهيرية بالإسكندرية من 1974/1976.

-    حاصل على الجائزة الأولى في التأليف المسرحي بمصر عام 1970.

-    مدير تحرير مجلة (الشاشة) (دبي مؤسسة الصدي 2006– 2007).

-    مدير تحرير مجلة (المغامر) (دبي مؤسسة الصدي 2006 – 2007).

-    مستشار إعلامي دبي مؤسسة الصدى (2006 – 2007).

-    مدير مكتب مجلة أفكار بالقاهرة (الكويت).

-    مدير مركز الوطن العربي للنشر والإعلام (رؤيا) لمدة خمسة سنوات.

-  حصل على جائزة أحسن مؤلف لعمل مسرحي موجه للأطفال في الكويت عن مسرحية سندريلا عام1980.

-     حصل على جائزة التميز من اتحاد كتاب مصر 2015

 كتب عنه أكثر من 52 رسالة جامعية بين مشروع تخرج أو ماجستير أو دكتوراة



                   

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More