Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الجمعة، 25 نوفمبر 2016

عالمية المسرح عند السيد حافظ .. بقلم:د.إبراهيم عابدين


الفجر الثقافى
مسرح
بقلم د/ ابراهيم عابدين - القاهرة

عالمية المسرح عند السيد حافظ
الصفحة الثالثة – الخميس 25 اكتور 1984
ابو ظبى
( إنه يقتحم عوالم كثيرة ويمس مفهوماتنا الفنية والسياسة بقوة
ويركز على مسئولية الإنسان فى حل مشاكله )

مسرح السيد حافظ ربما يكون هو المسرح المتخمض عنه مسرح القرن القادم ومسرحه جدير بالتامل والدراسة فى كلها تجارب صادقة تحاول أن تلعب دوراً ايجابياً فى حضارتنا اليوم وذلك عن طريق ايجاد اللغة الجديدة التى ينتهجها فى مسرحه واتلى تعكس بدقة وعمق كل ما يضطرب فى هذه الحضارات من صراعات .. والسيد حافظ عندما يحاول ايجاد لغة جديدة فهو يحرص كل الحرص على أن تكون لغة فنية فيها كل ثراء وتعقيد الفن العظيم.
ومسرح السيد حافظ من نوع جديد فهو يحاول أن يجد صيغة جديدة وهو أيضاً يبحث عن أشكال متقدمة تتعدى ما عرفناه من الأشكال المسرحية من أرسو إلى اللامعقول وبريخت ومسرحيات السيد حافظ تخاطب من خلالها جمهوراً نفترض فيه لغة الوعى ولغة الإدراك.
شاهدت فى أوائل السبعينات مسرحية للكاتب العربى السيد حافظ – كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى – من إحدى الفرق التجريبية بفرنسا وكانت هذه أول مرة اتعرف فيها على مسرح السيد حافظ وكنت فى هذه الفترة أقوم بدراسة المسرح بفرنسا واتذكر أن هذه المسرحية أثارت الكثير من المناقشات والآراء حول التجديد والإبداع فى لغة السيد حافظ المسرحية.
واتذكر أنه كان معى مدعواً لمشاهدة العرض الزميل والصديق – جوزيه ساوير – وهو من أصل أسبانى وكان يقوم بدراسة المسرح فى فرنسا وكان يعمل فى نفسه الوقت مراسلاً لعدد من المجلات الفنية الإسبانية وكان يقوم بدراسة المسرح فى فرنسا وكان يعمل فى نفس الوقت مراسلاً لعدد من المجلات الفنية الأسبانية وكان مبهوراً جداً بالعرض لدرجة أنه قال يومها كلمة بعد مشاهدة العرض مازلت أتذكرها لما كان من وقع تأثيرها على يومها لذلك دونتها فى أوراقى الخاصة .
قال يومها " إن الرؤية الابداعية الخلاقة التى أشاهدها اليوم إنما تعبر عن كاتب – السيد حافظ – مقتدر موهوب وأه لو ترجم أعمال هذا الكاتب الطليعى إلى اللغتين الفرنسية والانجليزية فلسوف تهتز له أوروبا وأمريكا وسوف يكسب المسرح العالمى كاتباً – عالمياً – عربياً سيثرى المسرح العالميى بفكر جديد وبقضايا إنسانية معاصرة وسوف لا يقل أهمية وجوده فى المسرح العالمى عن صمويل بيكيت وابسن ويونسكو وسوف يأخذ هذا الكاتب فى الأيام القادمة مكاناً مرموقاً وهاماً بين الكتاب العالميين . وبعد أسبوعين جاءنى بمقالة له خصص الجزء الأكبر فيها عن لغة الإبداع عند السيد حافظ ونشرت فى أسبانيا وكانت تحت عنوان – مولد ابداع عالمى لكاتب عربى – وكانت متضمنة آراءه السابقة وكانت هذه الدراسة بمثابة مكسب كبير للمسرح العربى.
وأننى أثق كل الثقة فى أنه فى الوقت الذى كانت هناك من مناقشات مسرح السيد حافظ فى السبعينات لم يكن المسرح العربى يشعر بوجود كتاباته الطليعية لأننى أعرف تماماً أن المسرح العربى دائماً يعانى من الغفلة ودائماً يعانى من الشللية التى تجئ على حساب ما يقدم من أعمال جادة .. كما أننا نجد فى المسرح العربى عصابات تشبه كثيراً عصابات المافيا فى قتل وخلق الطاقات الشابة الجيدة الخلاقة ؟. كما أننى أثق أيضً أنه فى الوقت الذى أثارت فيه مسرحية السيد حافظ – كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى – ضجة كبيرة حول ابداعاته كان هناك فى الساحة العربية من يقول عن مسرح السيد حافظ أنه غير مكتمل وذلك فى رأيى يرجع إلى عدم اكتمال الناقد فى فكره وفى ثقافته وفى رؤيته المحدودة وفى صدقه لتناول الأعمال الجادة.
واذا نظرنا لتاريخ ميلاد المبدع العربى – السيد حافظ – نجد أنه كما يقول المخرج سعد أدر فى دراسة له عن مسرح السيد حافظ أنه من مواليد سنة 1948 وهذا الميلاد يذكرنا بضياع فلسطين وقيام اسرائيل تحقيقاً لوعد بلفور وعندما أتم السيد حافظ عامه التاسع عشر أصابت الأمة العربية هزيمة أخرى على يد الجيش الاسرائيلى إذن هذا الكاتب عاش صباه ويعيش شبابه ملتاعاً سلسلة من الهزائم الوطنية إذن فهو نشأ وتواجد فى ظل صراعات ومتناقضات حدثت وتحدث فى الساحة العربية ولا شك أن فكر وثقافة السيد حافظ تبلورت تحت ضغط ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية معينة أنه نشأ فى ظل ظروف مليئة بالتناقضات والشد والجذب والصراع وتوالد مسرحه ليخرج لنا مسرحاً مليئاً بلغة التغيير – مسرح يتحدث بلسان الحياة ضد الموت وقد قام مسرحه ليتضمن فى ثناياه القيم الاجتماعية والثورية ليحملها فى ثوب جديد وعالم مسرح السيد حافظ يثير مناقشات واسعة عنيفة فهو يقتحم عوالم كثيرة ويمس مفهوماتنا الفنية والاجماعية والفكرية والسياسية بصورة قوية مباشرة ومن هنا كان لابد وأن يثير مسرحه عاصفة من اراء المؤيدة والآراء المعارضة على السواء إن جهد السيد حافظ هو جهد فيه كثير من العمق الفنى والأصالة والحضارة . ويستمد السيد حافظ تجاربه الفنية المسرحية من دراساته الفنية وتأملاته فى المحاولات المسرحية الشعبية البدائية على مر التاريخ .
وهذا هو المسرح الحقيقى لأنه يعبر عن المشاكل والهموم التى تشغل كاهل الإنسان والسيد حافظ تجده دائماً مخلصاً لبيئته يتأملها ويتعمقها إلى أبعد الحدود . وهذا الاخلاص للبيئة هو الذى يقدم لنا تجربة حقيقية حية يمكن أن يصورها ويعبر عنها ويؤثر من خلالها على الآخرين حتى ولو كانوا غرباء عن هذه البيئة.
ومسرح السيد حافظ يناصر ما هو حر ضد ما هو مستعبد ويناصر البحث عن الحرية ضد الديكتاتورية ويناصر اتساع النظرة ورحابتها ضد ضيق النظرة ومسرحه دائماً تجده يواجه الحقيقة . والسيد حافظ لا يلتزم بحرفية تعليمات وحدات المكان والزمان الأرسطية ولكن تنصب اهتماماته على تحرير المسرح كمسرح من الأشكال التقليدية والقديمة.
ووصلنى أخيرا ًأحدث مسرحية له جاءنى بها أحد الأصدقاء المهتمين بالمسرح فى العراق وهى مسرحية – حكاية مدينة الزعفران – وهى ضمن ثلاث مسرحيات نشرت أخيراً فى كتاب من القطع المتوسط يحمل الغلاف عبارة – حبيبتى أميرة السينما – ترى من حبيبته تلك التى يقصدها المبدع العربى السيد حافظ هذا ما سنكشفه فى دراستنا هذه وسوف اتناول فى دراستى مسرحية واحدى هى – حكاية مدينة الزعفران – ذلك لأنها فى رأيى الشخصى من أفضل المسرحيات التى قرأتها فى خلال الخمس سنوات الأخيرة.
إن مسرحية – مدينة الزعفران – عمل فنى توفر له كل ما يحتاجه العمل الفنى الناجح ففى هذه المسرحية فكرة انسانية عميقة يحاول المؤلف أن يعالجها ويقتحمها ويثيرها على المسرح – إنه يقبض فى مسرحيته على قلب مشكلة كبيرة من مشاكل الإنسان المعاصر وهى الحرية.
فى هذه المسرحية نجد أن السيد حافظ يملك قدرة بالغة لى التجسيد ويملك قدرات واعية على رسم الشخصيات لمسرحه بدقة وعمق وهى تدل على معرفته العميقة والواعبة على أن الشخصية الإنسانية فى المسرح هى التى تمنح الدفء والدم والحرارة اما مدينة الزعفران فهى مدينة يقول عنها السيد حافظ أنها مدينة ليست على الخريطة وهى خارج الزمان والمكان ولكنها داخل الإنسان ومدينة الزعفران فى رأيى الشخصى هى شهادة إنسانية وفنية عظيمة القيمة وهى مسرحية تلقى أضواء ساطعة على المأساة الاجتماعية والسياسة التى تعيش من خلالها مجتمعات تعيش تحت ضغط الإرهاب لذلك فكل الشرفاء تركوا البلد.. والحراس لا يتركون أحداً يفكر إلا وقتلوه والتفكير الحاد كفر وعصيان والشرفاء فى حالة تغيب من 42 والناس فى مدينة الزعفران صارت نفوسها مريضة تهرب من واقعها فى نكته أو فى كأس أو فى امرأة أو فى ثرثرة ودائماً الناس تترك وعيهم ويعتمدون على وعى رجل واحد والشهادة فى عصر مدينة الزعفران تحل توقيع السلطان والشهيد خارج المر والمأمور يصبح خائناً ص 28 وكل مواطن خائن حتى يثبت براءته ولكن ذلك لا يمنع أن فى كل عصر يظهر أحد الشرفاءويكون ضمير الأمة وصوت الحق فيها وهذا هو مقبول عبد الشافى ويكون ضمير الأمة وصوت الحق فيها وهو عصفور الحلم الغائب وقرصان تاج الفضيلة المدلل ويسعى مقبول دائماً لأن سكون أداة تغير الواقع الاجتماعى الذى يعايشه ونادى دائماً مقبول بالحرية والديمقراطية لكنه يعرف جيداً أن كل الاحتياجات ليس من السهل أن تجئ فى ظل قوانين بيروقراطية ومبادئ مقبول عبد الشافى تعرفها القرى والنجوع والكفور والشوارع والمصاطب والفلاحين والأجراء والهتافين للشمس والزارعين الحرية فوق جبال الموت والمطحونين فى دوامة الهموم والقهر والمنبوذين.
لقد اكتشف مقبول أن العدالة تزوجة بأفكار السلطان فانجبت المهزلة فى مدينة الزعفران ص 40 ووجد أن هناك إنسان أصله حيوان وأن هناك حيوان أصله إنسان والمسافة بين الإنسان والحيوان والحيوان والإنسان .
لغة الوعى ص 40 ووجد أن الناس فى ظل القوانين الحيوانية تهرب وتلف العقل والوعى فى سيجارة حشيش أو فى ثدى امرأة أو فى كأس أو فى نوم أو صمت ص 30 والناس عند مقبول تنقسم إلى أقسام فهناك الناس الصمت وهناك الناس الخوف وهناك الناس الصبر وهناك الناس الفزع من الأقدار لكنه رغم ذلك يؤمن بأن الناس هى التى تملك أداة التغير الاجتماعى .. تملك ان تضع لنفسها قوانينها ومبادئها وتخلص لنفسها الحرية فالحرية فى نظر مقبول هى ماء الأرض وسفن الغرقى فى بحر الضياع ونشيد الخرس وحروف الخوف.. ويجاهد مقبول فى إيقاظ الناس من حالات اللاوعى التى يمارسونها فى حياتهم اليومية فيقول لهم مقبول عبد الشافى.
اجمعوا وعيكم الممزق فى الخبز والسيارة والبقال والدهان.. اجمعوا أفكاركم المشتتة على عتبات الأبواب ) لقد كان مقبول رجلاً فى عصر مهزومة فيه القيمة ونتيجة لذلك حكم على مقبول عبد الشافى بالسجن عامين ويخرج مقبول ليرى أن كل شئ مازال كما هو بلا تغير فالحرية مازالت محبوسة والضرائب مازالت موجودة والناس لم تتحرك لذلك يقرر أن يترك كل شئ ويرحل.
مقبول : هم تركونى .. هيا معى.. ليس لدينا وقت نضيعه .. عمرنا يجرى ومراكب الزمن لا تهدأ .. هيا نمض فى مدينة يبحث فيها الأثرياء عن الكلاب المفقودة ويسجنون فيها الإنسان.
المرأة : لا أنت لست أنت .. أنت يا مقبول قيمة.
مقبول : أنا لست القيمة أنا الهزيمة.
المرأة : لا لم تهزم بعد .
مقبول : أنا لست النبى .. يا حبيبى يا رسول الله ما معنى الإنسان إذا صار عبداً وصارت الأمة لفاجاً ؟
يعطى السيد حافظ .. صورة فكرية فلسفية يعرضها بوعى وبحكمة حين يتساءل مقبول أى تساؤل - السيد حافظ – وينبهنا على أمر هام ومفجع حين يتم التنازل كل التنازل للسلطة على الحرية والديمقراطية . ويتساءل ما هو مصير الإنسان إذا صار عبداً وصارت الأمة لفاجاً! يدعونا للتفكير ويدعونا للتخذير ويدعونا أن نكمل هذه العبارة الفلسفية الإنسانية بلغة التنوير وبلغة التعقل.
ويغير مقبول موقفه من أن يترك مدينة الزعفران لأنه قد قد حدث صحوة جماهيرية ... لقد حدث انتفاضة جماهيرية بسبب ارتفاع الأسعار وانتشر البلاء فى البلاد وزوجة خادم العامة استأجرت الطواحين وابن خادم العامة اشترى كل السفن التى تجوب البحر ونادى الناس كل الناس بسقوط خادم العامة ويحاور مقبول الناس عندما تستيقظ ويعلمهم حقوقهم التى تنازلوا عنها للوالى والسلطان ويعتبر المشهد من أقوى المشاهد الاجتماعية والإنسانية والسياسية فى المسرح السياسى وهذا المشهد الذى لا يتجاوز الـ 5 دقائق وإنما يعبر عن حوار لامع وهو حوار يتميز والايجاز والحرارة وهو حوار ملئ بالفكر الذى حوار يدل على أبعاد حقيقية داخل السيد حافظ هذا الفنان المثقف الحساس المنفعل بموضوعية الموقف :
مقبول : من اختار خادم العامة؟
الكورس : نحن.
مقبول : من يعزل خادم العامة؟
الكورس : (يهمهمون)
مقبول : من يستطيع عزل خادم العامة؟
رئيس الكورس : (متردداً) السلطان.. أو الوالى أو الوزير.
مقبول : لا أنتم.. (يهمهمون)
مقبول : أيها الناس اتيتكم بخوفى فآتونى بشجاعتكم .. اتيتكم بضعفى فآتونى بقوتكم.. أيها الناس أنتم تملكون زمام المواقف.
مقبول : ايها الناس صفقنا لكل خطاب.. لكن لا جدوى من الخطب. صفقنا للمقاتلين المخدوعين فى الحرب. وقلنا مرحى بالأبطال علقنا كلمات النصر ونحن نساوم العدو.. صار السماسرة أبطالاً رغم أنف أبيكم وأبى. أيها الناس لا تنسو أن الخبز سياسة.. المسكن سياسة.. السير سياسة.. التجارة سياسة.. الحب سياسة.. السياسة لا تنفصل عن أى شئ.. كم هم أغبياء.ص 54.
والسيد حافظ هنا يحذرنا من السلطة عندما تبدأ فى خداع الناس فحينما تعزل السلطة السياسة عن العشب وتعزل الدين عن السياسة وتحتكر السياسة لنفسها فهذا معناه فى رأى السيد حافظ بداية لعهد – ديكتاتورى – عهد تسلطى عهد تنعدم فيه حرية الفكر وحرية الكلمة حرية الديمقراطية .. إذن كيف نفصل السياسة عن الحياة الاجتماعية والسياسة تفرض نفسها على المسرح الاجتماعى والسياسة أيضاً هى الطريق التى تعالج بها المجتمعات الشرية مشاكلها وتتغلب بها على العصوبات التى تنشأ وهى تسعى إلى تحقيق أهدافها .. فالسلطة دائماً تتناسى على مر العصور انه من المستحيل أن نفصل الشعب عن السياسة وأن نخدعه تحت أساليب ملتوية وذلك فى رأى يرجع إلى أن الإنسان ليس كوكباً يوجه إلى الفلكى التلسكوب وليس ذرة يحاول العالم أن يراها بميكروسكوب ولا عملية رياضية لها نفس الحل فى كل الظروف والاحتمالات .. فالإنسان كائن حى يتفاعل مع البيئة ويستجيب بما يرضيه ويتعرض على ما لا يروقه له والإنسان أيضاً هو مجموعة من عواطف ومشاعر تأتى أن تستجيب لكل من يقيدها ويسجن حريتها..
ولأن السلطة تتحكم فى اتجاهات الجماهير بما تملك من وسائل الإعلام والردع والقسر والتخويف والإرهاب من ناحية والمغازلة والترغيب وتحقيق الأحلام والتطلعات من ناحية أخرى فوجدوا أن الحل فى مدينة الزعفران أن يتم تعين مقبول عبد الشافى – المفكر والزعيم فى منصب خادم العامة لأنه سيحقق نتيجة من شقين الأولى أنه سيتحدث فى الظاهر عن لسان الشعب.
ثانياً أنه سيكون المتحدث والمبرر لأفعال السلطة.
ويتم عزل خادم العامة المغضوب عليه جماهيرياً وترشح السلطة الشعب مقبول عبد الشافى فهذه عادة السلطة فى مدينة الزعفران فعندما تجد وتكتشف بوجود ثائر ومفكر بين الجماهير تعمل على كسبه إلى صفوفهم . أى صفوف السلطة لكن مقبول يعلم جيداً أن من يقبل منصب خادم العامة لابد وأن يخدم السلطات أولاً لكن السلطة كما قلت سابقاً هى المتحكمة دائماً فى اتجاهات الناس فقد أثارت السلطة الناس فى أن الحل يحتاجونه وذلك لا يتم إلا عن طريق أن يشغل منصب خادم العامة وأمام الرغبة الملحة للجماهير التى نادت به لأن يكون خادم العامة يحكى لنا الكورس ماذا حدث ..
الكورس : فارسنا امتطى حصانه.
وصار وحيداً فى صمته.
لم يعد من المستحيل أن يكون المرء فارساً.
ولا من المستحيل أن يكون المرء مغنياً..
مقبول : ولمن تغنى أنت ولمن أغنى أنا .. وهل صوتى يعبر المسافات والقصور وهلى صوتك ينشق فى الجب فيثور ويقبل مقبول النتص لكنه يخاف من السلطة ويخاف من نفسه ص 79.
ويصدر مقبول فرامنات جديدة بالإفراج عن حرية اللسان وحرية الكلام ويلغى السجين والسجان لكن الحقيقة مؤلمة مازالت مدينة الزعفران كما هى واستطاع منصب مقبول عبد الشافى أن يكون بمثابة حاجز مباشر بين زعيم الشعب والشعب فما زالت الأسعار فى ارتفاع والأطفال أصبحت لا تعرف طعم البرتقال ص 89 ولقد ضاع كل شئ فى مدينة الزعفران وأصبح كل فرمان يصدر ضد الشعب تسبقه إشاعة إلى الجماهير أنه صدر من زعيم الشعب مما أحدث بينهم فجوة كبيرة..
وهنا يبين لنا السيد حافظ صورة من صور السلطة عندما تريد أن تنهى زعيم الأمة المتسبب دائماً للسلطة بالقلق والمتاعب وها هى محاوف مقبول تتحقق من السلطة والسلطان لقد أصبح مقبول عبد الشافى سكرتارية فهناك سكرتير اول وهناك سكرتير ثان وهناك سكرتير ثالث وأصبح من الصعب أن تصل إلى مقبول عبد الشافى لأنه من الصعب أن تصل إلى سكرتيره الثالث وهكذا حدثت الفجوة السحيقة بين صوت الشعب والشعب وهذا ما يقول مقبول ص 94.
مقبول : كل شئ هنا يسير خارج ارادتى حتى نفسى أصبحت لا أملكها لذلك يخرج مقبول عبد الشافى المناضل والمفكر والمفجر للثورة من مقبول عبد الشافى خادم السلطة اينادى وينظم إلى جميع الشعب وينادى معهم بسقوط خادم العامة مقبول عبد الشافى ليعود مرة أخرى إلى مقبول عبد الشافى المناضل والمفكر والمنير والواعى فها هو أبو المعاطى صديق الحارة يوقظ مقبول من عقلته ويذكره بمقبول المناضل..
أبو المعاطى : لقد كنت تقول لنا لا تنتظروا الخبز عندما تجوعون .. اخرجوا يا كسالى من مساكنكم وقلت لنا الزمن لصالح الناس وسألتنا من يستطيع عزل خادم العامة قلنا لك السلطان أو الوزير قلت لا أنتم..
ويخلع مقبول عبد الشافى جبة المنصب ويلقى بسيف السلطة ويجرى وسط الجماهير وينادى بسقود خادم العامة .. بسقوط الظلم.. بسقوط الفوضوية والمهازل وها هو السيد حافظ يبين أساليب السلطة فى قتل وتشويه زعماء الحركة الوطنية .. حيث يتم القبض مرة أخرى على مقبول خوفاً من أن يظهر مقبول عبد الشافى المغير وينزل فرمان من الوالى أن المتسبب فى كل هذه الأحداث والغلاء هو مقبول عبد الشافى وربما استمد السيد حافظ هذا الموقف من تاريخ الثورة العرابية عندما أصدر السلطان العثمانى فرماناً بعصيان احمد عرابى وخروجه عليه واتهمه بالخيانة بدأت الجماهير تنسحب من حوله ويقذفونه بالسباب وبالخيانة لأنه خرج على أوامر السلطان إلى أن تحول احمد عرابى فى النهاية إلى الحى الميت ومات غريباً فى قريته بالشرقية بمصر وذلك يذكرنى بموقف الإمام محمد عبده عندما خالف الراى للإمام الأفغانى فى أن ثورة التغيير لا تجئ بإثارة الجماهير والالتفاف حول زعيم تتنازل له الجماهير عن مصيرها ولكن ثورة التغيير لابد وأن تحدث عن طريق تعليم الشعب حقوقه وتنبيهه لواجباته.
وفى نهاية المسرحية نجد أن موقف مقبول عندما رفضته الجماهير بناءً على فرمان الوالى حدث له مثل ما يحدث للزعماء الوطنيين فى تاريخنا العربى فقد أصيب مقبول عبد الشافى بالجنون والغريب أن الذى حدث بعد ذلك فى مدينة الزعفران أن ظلت المدينة بدون حاكم لمدة عام والعريب أن الدولة تسير نفسها بنفسها وظل الناس يحكون عن الحى الميت مقبول عبد الشافى .. ص 104.
واذا نظرنا إلى شخصية مقبول نجدها شخصية مجردة تصلح فى أى زمان وفى أى مكان وفى مسرحية مدينة الزعفران نجد أن كل كلمة وكل عبارة مدروسة خارجة من مصفاة فنية دقيقة.. فالحوار ملئ بالهندسة الفنية والشاعرية الساحرة الجذابة.. إن السيد حافظ تختار فى وصفه هل هو فنان أم مفكر؟؟ ام شاع؟ أم فيلسوف ؟ فبين يديه تنطقل المعانى الإنسانية.
إلا أن السيد حافظ يقف فى مسرحية مدينة الزعفران مواقف الفنان الغاضب الفنان المغير.. الفنان الرافض.. الفنان الذى يقدم حلولاً لأزماتنا المعاصرة فهذه المسرحية هى مسرحية احتجاج واعتراض ورغبة فى التجديد والتنوير والتغير وهو غضب اجتماعى وفلسفى معاً..
إن تجار بالسيد حافظ لا تقوم على اللا مبالاة ولا تجارب تقوم على انتماءات ميتافيزيقية ولكن تجاربه تقوم على التغيير والتنوير والمسرحية تحتوى على أفكار أساسية منها.
1- إن المسرحية تشير إلى أن كرامة الإنسان بحاجة إلى مزيد من التفكير ومزيد من العناية أنها بحاجة إلى أن تحتل مركزاً أكبر من مركزها الحالى فى الفكر الإنسانى.
2- يركز السيد حافظ على مسئولية افنسان فى حل مشاكله.
3- يدعو إلى التفكير والى البحث عن حل وتدعو إلى استخدام العقل فهى مسرحية مثيرة للفكر وليست معطلة له.
4- إن الأفكار الثورية مهما حاولت السلطة أن تسجنها فهى دائماً تجد لنفسها صدى حتى وهى داخل أسوار السجون ونجد دائماً من يقف معها ومن يحملها ويدعو لها.
ويطفى على هذه المسرحية الطابع التهكمى أحياناً فى أسلوب الطرح والمعالجة ومن خلال البناء العام لها يشعر المرء أن هذه المسرحية تلتزم جانب الكشف عن الحقيقة فهى موجة لإدانة النظام الفاسد مع كل الشرائع الفاسدة التى تتعلق بأهدابه ومن علو صوتها الغاضب تتدفق حركتها الإنسايابية فى تصعيد القيمة . الفكر وتحفيز الحوار المبطن لكى يطفو على السطح ومن أهم ما يميز مسرح السيد حافظ أن التقاسيم الملحمية والبناءات الدراسية فى مرسحه لم تعتمد على الشكل الأرسطى فى تقطيع وتركيب الحدث والشخصية والقيمة..
السيد حافظ بلا شك يعتب رائداً للمسرح الإنسانى فى الساحة الرعبية فهو أمل كبير ننتظر منه الكثير والكثير من أن يكشف ويتعرض لأزمات الإنسان المعاصر من صراعات الطبقات الاجتماعية والسيد حافظ يعالج موضوعاته برؤية اجتماعية واضحة فهو فنان مبدع خلاق وصاحب رسالة تملأ قلبه وعقله وتدفعه إلى الكشف عن الخراب الإنسانى المتمثل فى المادية الهادمة للقيم والهادمة للاخلاقيات.
فى النهاية أريد أن أقول أن هذا الكاتب ملك كل الأدوات الفنية التى أهلته لأن يكون كاتباً عربياً عالمياً لكن للأسف الشديد مازالت هناك غشاوة على عيون المهيمنين على المسرح فى ساحة الوطن العربى من ابداعات السيد حافظ لكننى أحب أن أقول لهم متى ستتنبهون بكل الحب والإخلال وبكل القيم إلى ابداعات المجددين فى المسرح أمثال السيد حافظ ؟ هل عندما تنتهى أعمارهم أم حينما يهاجرون ويحملون جنسيات أخرى فتصفق لابداعاتهم لأنه يبدو أننا مازلنا مصابين بعقدة الخواجة فى مجالاتنا الفنية.

الأحد، 20 نوفمبر 2016

تحولات فى المسرح العربى ابداعات مسرح السيد حافظ لماذا نغتالها؟؟


تحولات فى المسرح العربى
ابداعات مسرح السيد حافظ لماذا نغتالها؟؟
جريدة الرأى العام صفحة 10 فى 24/9/1983 العدد 7131
بقلم : د. شريف الحسينى

الدخول إلى عالم السيد حافظ المسرحى يحتاج إلى أكثر من وقفة وأكثر من إشارة.. فابداعاته المسرحية لا تقل نضجاً عن ابداعات كل من يوجين اونيكو – جورج برنادشو – وصومويل بيكيت. فهو من الكتاب المبدعين الذين يملكون قدرة بالغة على التجسيد وهو يملك قدرات واعية على التجسيد وهو يملك قدرات واعية وعميقة على رسم شخصيات مسرحية بدقة وعمق فهو كاتب متمكن من لغته الدرامية والمتتبع لمسرحياته ابتداء من كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى وحتى آخر ما صدر له مؤخراً "حكاية الفلاح عبد المطيع" يستدل على أنه فنان عرف أن الشخصية الإنسانية فى المسرح هى التى تمنح الدفء والدم وحرارة الحياة وهى التى تنزل المسرح من عالم التجريد إلى الحياة الصادقة.
وحافظ أديب يتمتع بموهبة فكرية أصقلته تجاربه الفكرية وجعلته يقدم للمسرح فكراً أكثر منه فناً كما قال الناقد فتحى العشرى فهو لم يكتب فى المسرح من فراغ بل تشعر حين تقرأ كتاباته المسرحية أنه يمتلك رؤية ايديولوجية فكرية متميزة استمدها من معرفته للاتجاهات والمذاهب الفكرية والروحية والسياسية إلى جان بمعلومات لا نهاية لها عن الفن والأدب والعلم ودور كل منها فى خدمة الإنسان المعاصر.
ويعتبر السيد حافظ من أصدق الكتاب المسرحيين الذين عبروا بصدق عما يدور فى أعماق الانسان وهو لا يهمه أن يتتبع التقاليد المسرحية الموروثة بقدر ما يهمه أن يقدم رؤياه أو فلسفته التى يريد أن يعبر عنها بحرية كاملة وهو فى سبيل ذلك على استعداد أن يضحى بالعناصر الدرامية المعروفة لذا فهو دائماً يغوص فى أعماق النفس الإنسانية ليقدم لنا التجربة الإنسانية ليقدم لنا التجربة الإنسانية بعمقها وأدق تفاصيلها واعتقد أن هذا هو السبب فى العمق الذى يتميز به مسرحه.
استطاع حافظ منذ البداية أن يكون موضع اهتمام النقاد فى الساحة العربية وفعندما نشرت مسرحيته الأولى عام 1971 "كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى" يقول الناقد المصرى عبد العال الحمامصى فى مجلة الهلال "إنها أثارت أثناء مناقشاتها فى الأوساط الأدبية العربية جدلاً لأحد لغوائه وعدم تعقله .. فقد انطلق البعض يرجمها لأن هذا البعض صدمته غرابتها لما هو مألوف لديه .. لقد نغصت مسرحية السيد حافظ الأولى استقرار البعض على مفاهيم جاهزة وارتياحه لها.. فقد تعودنا فى حياتنا الأدبية والفنية أن نجابه بالعداء والكراهية ما لا يتوافق مع امزجتنا وقد كان هذا الموقف الدائم من محاولات الإبداع التى يقدمها مسرح السيد حافظ على الرغم من أن هذه المحاولات تتسلح دوماً بالرؤية وبالثقافة والاقتدار الفنى وربما كان يعلم حافظ مسبقاً لما سيحدث عندما قال فى إحدى مقدمات مسرحياته " قد أكون مجرد نقطة حوار فى المسرح تمهد للاضافة ".
ثم يقول فى مقدمة مسرحيته "الطبول الخرساء فى الأودية الزرقاء " "عرفت الصمت لونى والضوء رجمى والمخاطر زادى وسب المجوفين صيحة البحث لى.. اهضم القديم .. اتجشأ الحديث.. اتقياً معنى الأمس حين يولد اليوم".
مذهبه المسرحى
ويعتبر السيد حافظ الأدب الروحى للمسرح التجريبى فى مصر وقد سار على نفس الدرب الكثير من تلاميذه ويتميز مسرحه بطابعين عامين أولهما الصراحة المطلقة فى الحوار وثانياً يتبنى قضايا الساعة لذا فهو حمل على كتفيه مهمة القيام بتجربة خطيرة فى التاريخ المسرحى العربى.. فقد ظل المسرح العربى بشكل عام والمسرح المصرى بشكل خاص حبيس المستوى التقليدى من حيث المسرحيات الكلاسيكية حتى أوائل السبعينات إلى أن ظهرت بوادر طيبة تبشر بمحاولات جديدة للنهوض بالمسرح المصرى بعد طول رقاد .. فظهر السيد حافظ وأصدر أولى مسرحياته التجريبية "كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى" والتى قال عنها الناقد على شلش أنها حطمت كل القواعد الكلاسيكية التى مارسها الكتاب المسرحيون فى مصر وكانت هذه التجربة الأولى بمثابة تفجير قضية فنية وهى " " هل نقبل هذا الخط الجديد من المسرح أم نرفضه لأنها محاولات جديدة على واقعنا المسرحى الكلاسيكى "؟
فقد كانت هناك حقيقة فى واقعنا المسرحى وهو افتقارنا إلى كتاب يستطيعون أن يطعموا الدراما المسرحية بانتاجات مناسبة تهيئ للمسرح العربى جواً من الاستقلالية وتمنحه مزيداً من الملامح القومية أو الملامح العالمية إلى أن صدرت كما قلت مسرحيات السيد حافظ والتى كتب عنها د. ابراهيم عابدين فى مجلة الثقافة العراقية تحت عنوان "عالمية المسرح عند السيد حافظ" (الثقافة – العراقية – يناسر 1983)
"إن السيد حافظ ملك كل الأدوات الفنية التى تؤهله لأن يكون كاتباً عالمياً"
وكتب الدكتور الامبابى فى مجلة الأسبوع العربى البيروتية فقال : إن مسرح حافظ مدرسة مستقلة لها كيانها الخاص ومعالمها المتميزة وسوف يصبح مسرحه للأجيال القادمة تراثاً مسرحياً هاماً فمسرحه هو المسرح الحقيقى الذى اهتم بالإنسان المعاصر ومعاناته. (مجلة الأسبوع العربى – بيروت 23/5/1983)
واذا تعمقنا فى التجربة الفكرية المسرحية عند حافظ نجدها عميقة فيقول عن تجربته فى أحد اللقاءات الصحفية "فى مجرى نهر الكلمات الأولى عرضت الحرية والإنسان والرغيف فى درب الحناجر والإعلام والدم عرفت الثورة والفن والتغير تشرق تجربتى مع أنهم يسلبونا كل يوم قيمة.
تشرق فى الأطفال وجدذور البحث وبقايا الصدق المترب.
وحينما نقف أمام مسرحه فنحن نقف امام طاقات ابداعية عربية جديدة تستطيع أن تغير الواقع العربى والواقع الاجتماعى.
ولابد وأن نقف أمام لغة الكلمة المجددة فى مسرحه فيقول حافظ فى مقدمة مسرحيته "هم كما هم ولكن ليس هم الزعاليك"
لقد وجدت أننا نسير فى بشاعة كل المواقف .. نمتص رائحة عفونة الفكر المتدهورة .. حينما سقط تمزق الرؤى فى القرن العشرين يلفظ وعى اللحظة فينا إحساساً بالوحشة .. لكننا حين ندرك سر العلاقة بيننا كشعب نام والعلاقة بين الحضارات الأخرى يحدث لنا من توتر الوعى ذبذبة نتجب إشعاعاً يمكنه القدرة إلى الإضافة.
ولا شك أن الإضافات الحقيقة الفكرية فى مسرح السيد حافظ تواجدت بشكل مؤثر فى عمليات التغير الاجتماعى فمسرح السيد حافظ يخدم حركة التغير الاجتماعية التى نسعى لتحقيقها فى المجتمع العربى الذى تفشت فيه الأمراض الاجتماعية والتى أصبحت مهددة للتواجد الإنسانى لذا فمسرحه ساهم فى توضيح الرؤيا الاجتماعية لأنه يعطى للفرد الوعى لديلى بموقفه من الحياة كفرد وكعضو فى جماعة.. فمسرحه هو المرآة الحقيقية التى استطاعت أن تصور التناقضات الموجودة فى المجتمعات العربية التى تواجدت نتيجة ضغط الظروف السياسية والاجتماعية.
الحوار فى مسرح السيد حافظ يتصل اتصالاً وثيقاً بموضوعات الساعة وكلها تقريباً تدور حول محنة الإنسان المعاصر.. إنسان الحضارة المزيفة الذى عانى الكثير من مشاكل الحرب وبعدها أصبح يعيش فى جو من القلق والتوتر واليأس بعد أن تمزقت الجذور التى كانت تربطه إلى ماضيه الفكرى قيمة أو انهارت أى أن البطل فى مسرحه هو الإنسان الذى يعانى صراعاً داخلياً مريراً وأصبح غير قادر على مجابهة الحياة لأنه أيقن أن الحياة أعقد وأغرب من أن نفهمها ونحل مشاكلها بعقلنا وأيضاً أهم ما يميز حوار السيد حافظ عن غيره من الكتاب المسرحيين هو أن حواره يؤثر مباشرة فى المتلقى لأنه حوار يدور أغلبه بين كل منا وبين نفسه عندما يشعر أنه موزع بين الرغبة والخوف فمسرح حافظ هو تصوير موضوعى لصراعنا الخاص فهو يواجه جمهور مسرحه بشكل خاص لأن الإنسان بطبيعته يلجأ إلى الهرب من الأمة وما فيها من غموض مفرط وشيطانية مفرطة لذلك من الجائز أن نطلق على مسرح حافظ أنه مسرح التحليل الموضوعى.. فمسرحه يساعد البشر على وضوح رؤياهم لأنهم ويتخرج أشباحهم وينظر إلى حقيقتهم الخاصة بنفس الطريقة التى ينظرون بها إلى حقيقة العالم.
وقد لجأ السيد حافظ فى بعض مسرحياته إلى استخدام فكرة الأغراب مثل مسرحة " يا زمن الأوباش" وذلك لأنه أراد أن يخلق علاقة مباشرة بين الممثل والجمهور حيث يواجه الممثلون الجمهور ويتوجهون اليه وهذا النوع من المسرح يعمل على إثارة التفكير ويدفع عقل المتفرج إلى العمل . فهو فى كل لحظة يوحى إلى المتفرج أنه فى مسرح وأن المسرحية هى محاولة لحل مشكلة وأن عليه أن يشارك فى البحث عن الحل . كل هذا إنما يريد السيد حافظ من خلاله أن يوجد دوراً فكرياً للجمهور فى المسرحية حين لا ينسى نفسه وحتى لا يكف عن التفكير والمناقشة والمشاركة فى البحث عن حلول لما يعرض امامه من مشكلات وهو فى هذا يتشابه مع مسرح بريخت ومسرح بيراندللو.
إذن فكل هذه المميزات التى يتمتع بها السيد حافظ تجعل مسرحه يثير مناقشات واسعة وعنيفة لأنها تقتحم عوالم كثيرة وتمس مفهوماتنا الفنية والاجتماعية والفكرية والسياسية بصورة قوية مباشرة ومن هنا كان لابد وأن تثير مسرحياته عاصفة من الآراء المؤيدة والآراء المعارضة على السواء. وهناك من يحكم على مسرح حافظ فقط من خلال قراءته لعناوين مسرحياته المتميزة "حدث كما حدث ولكن لم يحدث أى حدث" ، و"الطبول الخرساء فى الأودية الزرقاء" و"الحانة الشاحبة العين تنتظر الطفل العجوز الغامض" و"قرية المرفوض فى مدينة الرفض ترفضف رفض الأشياء" ولكن حتى التعرض لتجربة الأسماء عند السيد حافظ إنما تدل على منهجه والذى يحاول تأكيده فى كل تجربة مسرحية له.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More