Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الخميس، 22 ديسمبر 2016

مستويات اللغة وتجانسها في رواية "كل من عليها خان"

مستويات اللغة وتجانسها في رواية "كل من عليها خان"
للكاتب الكبير / السيد حافظ
رؤية نقدية / محمد مخيمر
المقدمة :
حينما تشرع في قراءة رواية يكتبها السيد حافظ يجب أن تعرف أنك مقبل على تجربة جديدة وفريدة في قراءاتك الروائية، والتاريخية، والذاتية، وحتى الرومانسية، وبالتالي يجب أن تتخلى عن كل معتقداتك السابقة عن كيفية بناء الرواية التقليدية، وكيفية قراءة التاريخ، ونوعية الحب والعشق الذي اعتدت عليه، وأن تجمع كل ما لديك من ذهن وتركيز؛ كي تواصل متعة القراءة والمعرفة، فالرواية لدى السيد حافظ كما عبر عن ذلك بنفسه "الرواية هي سرد والسرد يعني التاريخ، والحكاية، والزمن الإنساني، واللغة الحية التى تملك الدهشة الشاعرية، وإذا أردت أن تكتب سردا أكتب شعرا.. .وإذا نقُص ضلع  من هذه القواعد لن تكون رواية بل حكاية ضعيفة.. قد تكون الحكاية الشفاهية والحكاء الشفهي للرواية أكثر قوة وإبداعا من الحكاء الورقي..لذلك الرواية الورقية تحتاج للتحفيز والدهشة المستمرة دائما لتكون قادرة على المواجهة والصمود." ، وبالتالي فقد أدخلنا الكاتب بوعي وإدراك إلى منطقة غاية في الأهمية ألا وهي أهمية اللغة التي تملك الدهشة والقادرة في ذات الوقت على المواجهة والصمود أمام الحكاية الشفهية؛ لإنتاج حكاية أو رواية ورقية تملك نفس القدر من المتعة والإبداع.
ملخص الرواية :
تعد رواية كل من عليها خان جزءا جديدا من أجزاء المتتالية الروائية التي قدمها السيد حافظ في رواياته السابقة قهوة سادة وليالي دبي بجزئيها، والتي يكون انتقال روح سهر من جسد إلى جسد خلال الأزمان المختلفة هو بوابة العبور والجسر الذي يسير بنا عليه السيد حافظ ليحكي لنا التاريخ المسكوت عنه، ويكشف الستار عما خبأة المؤرخون. فيكون لدينا في الرواية أكثر من زمان وأكثر من مكان، فنرى الانتقال من الزمن الحاضر زمن سهر وفتحي رضوان إلى الزمن الماضي - في هذه الحلقة من المتتالية - وهو زمن المستنصر بالله وحكاية وجد ونيروزي، كذلك الانتقال من مكان الزمن المعاصر وهو دبي، إلى مكان الزمن الماضي وهو مصر، ومن أزمات الزمن الحالي من جوع وديكتاتورية وظلم وخيانة إلى أزمات الزمن الماضي من جوع وديكتاتورية وظلم وخيانة "الشدة المستنصرية". من خلال تشابك سردي معرفي روائي مسرحي درامي، تم مزجه جميها في ترابط لم يخل من متعة وجدة وحداثة وتفكيك. تنوع فيه الرواة المشاركون والعالمون، تخلل ذلك فواصل ذات مخزى وعمق ترسخ لفكرة الرواية وهي الخيانة؛ فكل من عليها خان وهان وبان. 
لماذا اللغة :
إن السرد Narrative اصطلاحا هو فعل نقل الحكاية إلى المتلقي، فالمحكي خطابٌ شفوي أو مكتوب يعرض حكاية، والسرد هو الفعل الذي يُنتج هذه الحكاية . ومعنى ذلك أن الحكي يقوم على دعامتين رئيستين، الأولى : أن يحتوي ذلك الحكي على قصة تضم أحداثاً، الثانية : أن يحدد الطريقة التي تحكى بها تلك القصة، وهذه الطريقة هي السرد . فالحكاية لا تتحدد بمضمونها وحده، ولكن بمضمونها وبالطريقة التي يُقدم بها ذلك المضمون معاً . وبالتالي فإن فعل الحكي / السرد لا يتم إلا من خلال اللغة، فاللغة هي التي تعطي للفعل السردي شكله أو جنسه الأدبي وتنفخ فيه روحه التي يعيش ويخلد بها .
وهناك فارق مهم بين اللغة واللسان فكثيرا ما يحدث الخلط بينهما، فليس المقصود باللغة مجموعة الإشارات الصوتية التي يتفاهم بها مجموعة من الناس كالعربية والفرنسية والإنجليزية، فهذا هو اللسان. بينما يقصد باللغة أنها "مستوى انزياح تلك الإشارات اللسانية إلى معانٍ لا توردها المعاجم"  فالعصفور لسانا هو جنسُ طيرٍ ، بينما العصفور لغة يكون حسب الانزياح في الاستعمال الحياتي أو الوظيفي أو التعبيري؛ فقد يكون أدبيا هو الحبيب، أو الوطن الحبيس، أو الحرية، أو الجمال، أو الهجرة، أو الضعف، إلى غير ذلك من انزياحات. وبالتالي فاللغة في الرواية هي الركيزة الأولى والأهم لبنائها الفني، فاللغة هي التي تصف الشخصيات وتمكنها من وصف شيء ما، واللغة هي التي تحدد وتبني غيرها من عناصر الرواية؛ مثل الزمان والمكان، واللغة هي أيضاً التي تحدد وتبني الحدث الذي يجري في المكان والزمان  .
وسوف يتم تناول اللغة في رواية "كل من عليها خان" للسيد حافظ من خلال عنصرين رئيسين هما : التجانس اللغوي اللساني ، وتعدد مستويات اللغة المستخدمة.
أولا : التجانس اللغوي اللساني :
التجانس لغة هو توافق سمات الكلام من إيقاع ونبر واختيار ألفاظ لما فيها من معان وأصوات متجانسة بحيث يصبح حسن الوقع في السَّمع أو خلاّبًا للذِّهن ، وأقصد بالتجانس اللغوي أنه كان هناك تلاؤم بين اللغة المستخدمة والسياق المستخدمة فيه تلك اللغة، فكان الكاتب يستخدم اللغة المسرحية على سبيل المثال حينما كان الحدث هو قصة المستنصر بالله والمجاعة التي لحقت بمصر آنذاك، بينما كان يستخدم لغة الدراما والسيناريو حينما كان الحدث هو قصة سهر وفتحي، بينما كانت اللغة سردية وصفية روائية حينما كان الحدث على لسان الراوي الرئيس فتحي، وبالتالي كان هذا التنوع الواعي مناسبا لتنوع الأزمان والأمكنة وطبيعة الحكي، كذلك كان هناك تلاؤم بين لغة السرد ولغة الحوار وطبيعة الحدث الذي استلزم ذلك، فما كان يحتاج الوصف لم يتخذ له الحوار سبيلا، وما كان يحتاج الحوار ندر فيه الوصف وكان الحوار مؤديا للوظيفة ذاتها.
كذلك كان هناك تجانس لغوي مهم يتمثل في مناسبة الألفاظ الواردة وعددها لما يحمله النص من دلالات وأفكار، على سبيل المثال نجد أن لفظة خان وتصريفاتها مثل يخون وخيانة قد ذكروا حوالي 74 مرة وهو ما يتناسب مع رواية تعتمد الخيانة عنوانا رئيسا فالخيانة بدأت منذ أن خان قابيل هابيل وقتله مرورا بخيانة المصريين لعثمان بن عفان فكان أغلبية قاتليه من المصريين كما تقول الرواية ص 110 "و أن سيدنا عثمان بن عفان ترك المصريين شهورا على بابه حتى يقابلهم ويسمع شكواهم ضد عمرو بن العاص فضجروا فأفتى المفتي المصري الغافقي بقتل عثمان بن عفان وقتل بيدي 32 شخصا منهم 28 مصريا".، ثم خيانة التجار والحكام لمصر في فترة الشدة المستنصرية وصولا لخيانة سهر وفتحي لزوجيهما بدافع الحب والعشق.
نعم إنه الحب الذي يدفع المرء للخيانة وسب الوطن المستباح الذي تم احتلاله سبعة آلاف عاما، فعدد مرات ذكر الحب في الرواية تكرر 100 مرة ، كذلك تكرر لفظ العشق 100 مرة تقريبا، فمن يا ترى المحبوب الأكثر ذكرا هل هي سهر؟ ذكرت حوالي 200 مرة ، أم وجد؟  ذكرت حوالي 280 مرة أم إنها مصر؟ فقد تكررت حوالي 567 مرة على مدار صفحات الرواية؟ الإجابة واضحة إنها مصر الحب والجرح، العقاب والصفح، ذات الذاكرة المثقوبة، أرض اللقاء المنتظر والعودة من الغربة.
أما التجانس اللساني فأقصد به مناسبة وملاءمة اللسان المستخدم في الحوار على لسان الشخصيات. فاستخدم الكاتب عدة مستويات للسان شخوصه وهي اللسان العربي الفصيح، حينما كان يميل للسرد والوصف مثل ما كان يرد على لسان فتحي في مقالاته أو وصفه لحبيبته أو مناجاته الذاتية فهو يقول مثلا :
"وتسألني من أنت،  قلت أنا السؤال والزلزال  والثمار  والحوار والنبراس والزمان والمكان. أنا الوحدة والتوحّد والباحث عن  نور يفتح للشهوة ألف فكرة وحلم.. وأنا على جبين الإمام  الحسين بن علي.. رعشة إيمان تطير بين أحرف الكلمات حنينا لرضا الرحمن.. وأنا الحيران وفي عيني خيمتان للعشق.. واحدة لك.. وأخرى لسورة الرحمن."
كذلك حين وصف الإسكندرية :
"مدن قليلة لها هذه الروعة.. تلك التي دخلت التاريخ مثل الإسكندرية.. التي أنشأها الإسكندر الأكبر وعمره كان وقتها في الخامسة والعشرين، وجعلها عاصمة مصر.. ويقال أن هوميروس كان شاعرا ومهندسا وهو الذي رسمها للإسكندر كما في الحلم الذي رآه الإسكندر..وبكى بطليموس الثاني حين نظر من قصره  فوجد الناس تضحك في شم النسيم على البحر وقال لمَ لا ....كيف لا أكون سعيدا مثلهم وأخذ يبكي.."
أو الحوار السارد أو الواصف لشخص أو حدث، مثل حوار نيروزي مع أبوزيد الهلالي ودياب واصفا عمر الخيام :
"قال له في ذلك المساء: أخبرني عن أحداث  شاعر بلاد فارس عمر الخيام. فرح نيروزي بأنّ العرب يسمعون عن الخيام، فمدّد ساقيه وأخذ يحكي . قال نيروزي :
- عمر الخيام هو صديق الشيخ حسن الصبّاح.
-  أسألك عن عمر الخيام لا عن الشيخ حسن الصباح.
-  عمر الخيام هو ابن إبراهيم النيسابوري. نجم خراسان، عبقري إيران والعراق، وأمير الفلاسفة."
أو حواره مع وجد حاكيا لها قصة الشيخ حسن الصباح :
" - احك لي ....
- سأحكي لك....أنا من الشرق ....من بلاد فارس....
.. في بلاد فارس البعيدة.....  هناك قلعة غريبة إسمها ألموت .. وكلمة ألموت في اللهجة المحلية "أمثولة النسر" ... يحكى أنّ ملكاً من ملوك الديلم أطلق صقرا ، وتتّبع تحليقه إلى أن حطّ الطائر الكاسر على صخرة شاهقة العلو فقرّر الأمير بلا تردد أن يكون هذا المكان موضعاً حصيناً لبناء قلعة عليه سماها(ألموت)"
كما كان هناك اللسان العامي المصري اللهجة، في حوارات فتحي وزوجته وحواراته مع سهر وحوارات المصريين في عصر المستنصر بالله :
- نعمل إيه في نصيبنا..الناس باعت وأكلت كل الماعز والجاموس.. كلنا بناكل لحم القطط والكلاب.. كل مصر غني وفقير..بناكل القطط والكلاب نعمل إيه ؟
حاولت فجر.. أن تهدئ أم وجد قائلة :
- أنا فهّمتها ياخالتي القسمة والنصيب.
دخل في الحوار عمار الحلاق أبو وجد: كل الناس حتموت.. ماحدش حيموت قبل ميعاده.. "
كما كان هناك اللسان العامي الشامي اللهجة خاصة في الحوارات بين سهر وشهرزاد في لقاءاتهما المتكررة :
- سأحكي لك. ولكن إحكي لي الأول كيف حبيتيه ها المصري فتحي رضوان خليل..؟
- مابعرف شو أحكي...الحبّ يأتينا دون سابق إنذار.
- شو إنتِ إحكي لي  اللي صار لوجد روحي الرابعة.. وشو ثورة النسوان؟"
كذلك اللسان العامي بدوي اللهجة خاصة في حوارات أبوزيد الهلالي ودياب مع المصريين.
- "أبو زيد : وين القمح.. قمح مصر؟
- سنا رة : بح.. القمح.. بح..
- دياب : إيش لون .. كيف راح القمح"
وبالتالي كان التناغم الصوتي للشخصيات موفقا مما زاد من مصداقية ما يتلقاه القارئ من وصف وسرد وحوارات على لسان الشخصيات المختلفة للرواية.
ثانيا : تعدد مستويات اللغة المستخدمة :
قام الكاتب الكبير السيد حافظ في هذه الرواية باستخدام عدة مستويات وأشكال للغة قامت بالتعبير وتبليغ الحكاية المسرودة في متن الرواية، تضافرت جميعها في إخراج هذه الحكاية المقروءة بنفس متعة الحكاية الشفاهية، فكانت اللغة الدينية واللغة السياسية ولغة المسرح ولغة الدراما ولغة التاريخ ولغة الفانتازيا ولغة الشعر ولغة القصة القصيرة ولغة السرد ولغة الحوار، حاضرة في جميع أنحاء الرواية، وفيما يلي مرور سريع على كل مستوى من هذه المستويات.
1- اللغة الدينية :
كانت اللغة الدينية حاضرة بقوة في هذه الرواية، سواء بشكل لفظي واضح أم ضمني مستتر، ولم لا والرواية تتخذ من تاريخ الدولة الفاطمية في عهد المستنصر بالله متكأ وهي الدولة الإسلامية الشيعية التي طالما اشتد صراعها مع الخلفاء السنيين، فمنذ عنوان الرواية "كل من عليها خان" نجد اللغة الدينية تطل برأسها؛ فالعنوان مخاتل يتخذ من التناص الديني قوة كبيرة وبشكل واع، ويضع القارئ من أول لحظة في مضمار الرواية، فيشعره بالانزياح في المعنى بين منطوق الآية الكريمة "كل من عليها فان" وبين منطوق العنوان. كما يشعره بحتمية المقصود من تقرير العنوان نظرا لحتمية الحكم الإلهي، فحينما استعان الكاتب بالفعل الماضي "خان" بديلا عن اسم الفاعل "فان" استبدل معه زمان الحكم من المضارعة والمستقبل "فان" إلى المضارعة والماضي "خان" .. وترك المستقبل للقارئ يحكم عليه بمعرفته ، فهل كل من سيأتي عليها سيخون؟ أم سيتغير المستقبل عن التاريخ الذي طالما تكرر.
كذلك كان حضور قصة بدء الخلق وابني آدم وأول خائن وقاتل في التاريخ ملفتا، كما كان التناص رمزيا جليا مع سنوات مصر العجاف في عهد يوسف عليه السلام وسنوات الشدة المستنصرية السبع، من خلال البرديات السبع اللاتي ذكرن بعد اجتماع ياقوتي اليهودي بتجار مصر، والتي كانت في صورة رسائل من المصريين ليوسف عليه السلام. بينما كان التناص الضمني مع الموروث الديني خاصة الرقم سبعة هو التناص الأذكى، لأنه أكسب الرواية وعيا ورمزا مقصودا من الكاتب، فلما كانت سنوات الشدة المستنصرية سبعة، كانت العناوين المقترحة سبعة، وكانت قصص جيران فتحي في الإسكندرية سبعة، وكانت المسرحيات القصيرة جدا سبعة.
2- لغة المسرح :
اعتمد الكاتب على لغة المسرح بما فيها من تقنيات وأدوات في سرده لقصة وجد ونيروزي أيام الشدة المستنصرية، وفي مسرحياته السبعة القصيرة جدا الواردة في فواصل الرواية، فكان الإرشاد المسرحي واضحا جليا في وصف دخول وخروج الشخصيات وكيفية نطق الجمل الحوارية ووصف أشكالهم وانفعالاتهم داخل المشهد داخل أقواس إرشاد مسرحي بخط ثقيل (يضحكون)، (يُخرج سيفه)، (يدخل مجموعة من الناس في مظاهرة)، كما اعتمد هذا الجزء على لغة الحوار بين الشخصيات بشكل كبير، ولغة المسرح تمتاز بعدة صفات وهي الإيقاع السريع، ووجود الحوار بين الشخصيات وهو المناسب لفن الحكي الذي تمارسه شهرزاد في سردها لحكاية الروح الرابعة "وجد" كما أنه النسق الذي يضمن أكبر نسبة تفاعل مع المتلقي والقارئ لكون المسرح يمثل وسيلة تفاعل مباشر من ناحية، ومن ناحية أخرى استخدام الحوار في توصيل أفكار الشخصيات ونوازعها الدرامية طوال العرض.
3- لغة الدراما والسيناريو :
استطاع السيد حافظ أن يوظف قدراته في كتابة السيناريو في خلق لغة تتميز بالإيقاع السريع وتستطيع أن تأخذنا معها حيث تريد وقتما تريد في انصياع كامل من القارئ، فكان يستخدم لغة السيناريو من حيث وصف المشهد مكانيا وزمانيا بشكل سريع يدخل القارئ في المشهد مباشرة دون الإيغال في وصف لا طائل منه، فمثلا نجده يقول :


"الزمان / ليلا
المكان فى الشام/ شقة كاظم"
كما أنه يقطع المشهد لينتقل لمشهد قصير آخر بوصف زماني مكاني ليرصد لنا الحالة الشعورية كاملة، كما استعان بفكرة الفواصل الإعلانية ليعلن استراحة من الرواية والسرد الروائي، فيفاجئنا بنصوص موازية في فواصله عبارة عن مقاطع غنائية أو مسرحيات وقصص قصيرة جدا أو حكايات جيران فتحي في الإسكندرية؛ فيتحد عالم الفواصل مع عالم النص الروائي وينتجان نصا واحدا مليئا بالرموز والأخيلة والثراء الوجداني والتاريخي. فكانت فواصله كذلك تتخذ من لغة التليفزيون عناوينها "فاصل ونواصل .. لا تذهب بعيدا عن الرواية" و " عدنا إلى الرواية .. اقرأ الآن"
4- لغة التاريخ :
لغة التاريخ تعد من أصعب اللغات التي يتعرض لها الكاتب الروائي لعدة أسباب، أولها لأن التاريخ واقعي الحدوث ثانيها أنه قد يكون خلافي الثبوت وفقا للمؤرخ أو المذهب الديني والفكري، وتكمن الصعوبة في كون الروائي يكتب متخيلا لهذا التاريخ من وجهة نظره، وللأحداث التي صنعت هذا التاريخ بما في ذلك من حبكات فنية ودرامية قد لا تتواجد في التاريخ الواقعي، كما أنه قد يضع نفسه والقارئ في حيرة اختيار الأكثر ثبوتا أو الشك فيه، أو عرض كلا الرأيين من خلال الشخصيات المتخيلة، فالروائي يستحضر أحداث التاريخ في إطار جدلي يقوم على استكشافه من جديد للوقوف على زواياه وبؤر توتره . وهذه الجدلية تؤسس للفكر الأيديولوجي أو السياسي للروائي؛ وقد أجاد الكاتب في خلق شخصيات عاشت وتعايشت مع هذه الأزمة، فطرح من خلالها أفكاره وشجونه، كما أجاد في اقتباس مقولات منسوبة لكتاب مثل جمال حمدان من غير تزيين بل وضعها في صورتها الفكرية كما هي :
"قمت من النوم إلى المكتبة، وفتحت الجزء الرابع من كتاب شخصية مصر.. كتب فيه جمال حمدان:
خلال أكثر من 5000 سنة لم تحدث فى مصر أو تنجح ثورة شعبية حقيقية واحدة بصفة محققة أو بصفة مؤكدة، مقابل عشرات بل مئات الانقلابات العسكرية، يمارسها الجند والعسكر دوريا كأمر يومى منذ الفرعونية وعبر المملوكية وحتى العصر الحديث ومصر المعاصرة .."
5- لغة الفانتازيا :
في خضم هذا المعترك التاريخي الوطني المأساوي استطاع السيد حافظ ان يصنع المفارقة والفانتازيا عندما ورط القارئ معه مرتين .. الأولى حينما حمله عبء اختيار العنوان المناسب من وجهة نظره لأنه شريك منذ هذه اللحظة في الرواية كما قال في بداية الكتاب "صديقي القارئ يمكنك الآن أن تختار عنوانا من السبعة  وتبدأ في قراءة الرواية بالعنوان الذي اخترته أنت.. دعك من اختياري فأنت شريكي من الآن".، والثانية حينما أشركه في أحداث مسرحيته وجعل له حوارا مكتوبا ومرسوما بدقة مع حاجب الخليفة تارة ومع المستنصر بالله تارة ثانية ومع الخبازين تارة ثالثة، في حالة من كسر الإيهام المتعمد في محاولة لتوريط القارئ في الأحداث وإحالتها على الواقع الحاضر زمانا ومكانا.
القارئ إسألني أنا القارئ وأنا حرّ أعمل اللي أنا عايزه.. إلغي الرواية أو  المشهد.. أنا المشاهد صاحب الرؤية الأخيرة.. ممكن تقول القارئ عاوز كده لما الجمهور يسألك .
حاجب الخليفة حقّك عليّ يا أستاذ.. المرّة الجاية ح أقول القارئ عايز كده.
القارئ خلاص.. خلاص.. إتفضل إطلع بره المسرحية.
6- اللغة الشعرية :
يرى محمد البغدادي أن اللغة الشعرية يتم فيها تحييد الحدث والشخصية والزمان والمكان وقد يصل الأمر لتهميشها جميعاً ليتسع المجال للشعرية وحدها، في نص نثري طويل مؤلف من جمل قصيرة مكثفة، توحي للوهلة الأولى بأنها لا تريد أن تقول شيئاً ولا أن تروي حكاية، بل إنها تسعى للعبث بمخيلة القارئ وبصبره، لكن هذا العبث هو نفسه ما يضمن استمرار القارئ حتى النهاية، ليكتشف أخيراً مجاهل لم يكن يعرفها، وليتذوق جماليات لم يكن يألفها . وقد أجاد السيد حافظ في استخدام اللغة الشعرية من جهة والشعر من جهة أخرى، فلطالما كانت لغته تحتوي على التصوير المبدع والخيال المتقد، كما احتوت كثيرا على إيقاعات السجع وجماليات الجناس، فيقول مثلا في فقرة بديعة صفحة 190 تكتنز بالتصوير الرائع :
"وتسألني من أنت !
أنا.. من أنا ؟ أنا لم أعقر ناقة صالح  ولم أخن الوطن مرة مثل حور محب  أو علي بك أبو الذهب أو ابن خلدون أو السادات. أنا لم أحمل قميص يوسف الملوث بدم كاذب للذئب ورفضت أن أغتصب مصر ليلة 5 يونيو 1967 مثلما فعل عامر وناصر  ورفضت أن أغتصب مصر حين طلبني أمن الدولة لأكتب التقارير عن الأدباء.. وقميصي قُدّ من دبر.. وقلت كيف أخون الوطن مع أن الكل يخون؟ والذئب يلقى على نقطتين من دم..وأنا الذي ألقيت قميصي على وجه الوطن في مظاهرات 1972 فارتدّ الوطن بصيرا في 6 اكتوبر 1973."
ويقول صفحة 88 واصفا حبه لسهر في وصف ساحر وسجع وجناس رائعين
"حين ألقاك لا تتوضئي، وألقي بثوب الحياء على كتفي وصلي معي فأنت مسبحتي.. وخمر الجنة والعشق سجادتنا.. وأعلن للبحر والنجم والملائكة في السماء سأضمك إلى صدري وبعطرك أنجلي وأحتلي وأختلي إلى روحي، وأترك جسدي على حصاني فى الخلاء.  يا سيدة البهاء لقائي بك ليس اختلاء وليس خطيئة بل هو لقاء الأرواح النبية."
ويقول معتمدا على الجناس صفحة 229 " يا فاتنتي.. أسير ولا أسير، وأنا الأسير"
ولم يكتف كاتبنا بذلك بل أورد ضمن فواصله مقاطع شعرية للعديد من الشعراء المصريين والعرب مثل الشاعر الصديق أحمد حنفي والأستاذ عذاب الركابي والشاعرة لمياء عوض وغيرهم، مما أثرى النص الروائي وأضاف لجماله جمال الشعر ورونقه ولغته.
7- لغة القصة القصيرة جدا :
لم يكتف الكاتب الكبير السيد حافظ بهذا الكم من المعارف والفنون في روايته فاستخدم القصة القصيرة جدا ذلك الفن الحديث نسبيا والذي يعتمد على التكثيف الشديد والانزياح في المعنى والرمزية والمفارقة في نص روائي طويل فقال في صفحة 227 تحت عنوان قصة قصيرة جدا : " كان الوطن يدخّن سيجارة رخيصة على المقهى حافي القدمين .. توجّهتُ إليه ..اختفى في لحظة وتبقّى مكانه حذاء ممزق مهلهل وجريدة يومية أمسكتُ بها. وجدتها بيضاء." وهذه من وجهة نظري قصة قصيرة جدا مكتملة الأركان ويمكن أن نتحدث في تأويلاتها كثيرا، وهنا لم يضعها الكاتب من باب الاستعراض ولكنها كانت ضرورية في جنسها الأدبي ومكانها؛ لخدمة البناء الروائي والمعنى المراد توصيله، ولم يكتف بذلك فكانت هناك سبع مسرحيات قصيرة جدا ضمن فواصل الرواية تعتمد أيضا على الرمزية والانزياح الدلالي الواعي.
8- لغة السرد ولغة الحوار :
وقد تم تضمينهما فيما سبق من مستويات للسرد والتناسق اللغوي واللساني؛ وبالتالي لا أحب أن أطيل في وصفهما مرة أخرى، لكن الكاتب أجاد في اختيار ما يجب كتابته سردا وصفيا وما يجب أن يكون حواريا.
سلبيات الرواية :
كأي عمل بشري ومهما بلغت درجة إجادته فالنقص يلازمه ولو بنسبة بسيطة، ولي في النهاية بعض المآخذ على الرواية، أولها أنه على الرغم من مراجعة الرواية من العديد من المدققين كما أوضح الكاتب في بداية الرواية إلا أنه كان هناك خطآن فادحان من وجهة نظري أولهما في صفحة 289 حينما بدأ المشهد الذي يروي العام السابع من الشدة المستنصرية بعبارة متكررة طوال السنوات الست السابقة " اجتمع ياقوتي التاجر اليهودي مع فتح الله شهبندر تجار العطار" بينما كان فتح الله شهبندر التجار مقتولا بالفعل قبل ذلك بحوالي اثنتي عشرة صفحة وبالتحديد صفحة 277 حينما خطفه رجال عنتر زعيم عصابة الصيادين انتقاما للثلاثة الذين قتلوا من العصابة وفي ذلك فصل معنون "يوم اغتيال فتح الله" صفحة 271، وذلك في العام السادس من الشدة المستنصرية.
ثانيهما الخلط الغريب بين شخصيات خضر وفرحان وخلفان الخبازين، وهو خلط أعتقد أنه نتج عن تغيير في أسماء الشخصيات دون مراجعة فعالة لتغييرها جميعا، فنجد أن خضر هو عريف الخبازين، وأن فرحان هو الخباز الثائر في صفحة 247، ثم نجد في صفحة 294 أن خلفان هو عريف الخبازين وخضر هو الخباز الثائر، ثم يزداد الأمر صعوبة حينما يكون الحوار بين أميمة وخضر صفحة 295 وتقول له "أمي قالت لي ما تجيش يا أميمة إلا ومعاكي فرحان". ويستمر الوضع على هذه الشاكلة المرتبكة حتى صفحة 303 ؛ وهو ما أربكني كثيرا كقارئ للرواية.
أما عن ثاني المآخذ وهو على الرغم من وجاهته إلا أنه أفقد الحكي منطقيته، فكيف لشهرزاد وهي تحكي لسهر قصة وجد في عهد المستنصر بالله أن تضع القارئ والمخرج والسيد حافظ نفسه في متن الحوار، فكسر الإيهام هنا لم يكن مناسبا لشخصية شهرزاد السارد الرئيس لهذه المنطقة في الرواية.
ثالث المآخذ من وجهة نظري هي اهتمام الكاتب دراميا ببعض الخيوط وإهماله للبعض الآخر، فلم نر بقية رواية فتحي عن ابني آدم، ولم نر الأستاذ كاظم إلا في مشهد وحيد ثم لم يتطور أمره، لم تتطور دراميا قصة سهر مع فتحي فكانا طوال الوقت في لقاءات وعذابات ضمير، دونما انكشاف لأمرهما أو رحيل وفراق، بينما على الجانب الموازي تطورت قصة وجد ونيروزي، فرأيناهما ابتعدا واقتربا وتزوجا وثارا.
الخاتمة :
كل من عليها خان عمل فوق روائي، عمل حكائي بامتياز انصهرت فيه الرواية بالسيناريو بالمسرح بالقصة بالشعر بالسيرة الذاتية، تماهى فيه الماضي مع الحاضر في بلورة لرؤية أوضح للمستقبل، نص رغم كبر حجمه إلا أنه سريع الإيقاع ومشوق، يمثل من وجهة نظري الحلقة الأقوى في متتالية السيد حافظ الروائية، استمتعت به كثيرا، وفي انتظار الحلقة القادمة والحكاية الجديدة إن شاء الله.

السبت، 17 ديسمبر 2016

تحليل درماتورجى لمسرحية الغجرية والسنكوح

نقد مسرحى
تحليل درماتورجى لمسرحية الغجرية والسنكوح
للمبدع الكبير / السيد حافظ

بقلم / نادية فضمى – المغرب
ترك المبدع الكبير السد حافظ بصمات واضحة على المسرح العربى والعالمى، فأحدث بأفكاره المشرقة ثورة مسرحية، لافتا إليه العديد من العاملين بفنون المسرح تأليفاً وإخراجاً.. " ويعتبر أحد الدراميين العرب الذين جعلوا التجريب وسيلة لتحقيق الخطاب المسرحى العربى الأصيل"([1])
ولا أحد يجادل فى أن السيد حافظ أغنى الظاهر المسرحية، محاولاً الدفع بها إلى الأمام، بدءً بمسرحيته " والله زمان يا مصر" وانتهاء بمسرحيته "الغجرية والسنكوح" ، مروراً بمسرحياته القيمة : " وسام من الرئيس" و"ملك الزبالة" و"حرب الملوخية" وغيرها التى اكتست قيمة أدبية وفكرية وتاريخية مرموقة. فقد جاءت كلها على شكل تساؤلات فى قالب ساخر حول مصير الانسان والحقيقة أن "كل مسرحيات السيد حافظ تحمل رؤية عميقة وجادة وهى الوقوف مع الإنسان البسيط ضد القهر والظلم الاجتماعى والسياسى"([2])
والملاحظ أن السيد حافظ سعى من خلال مسرحياته ربط الماضى بالحاضر والمستقبل، وإنجاب كوميديا تمزج بين الضحك والجد، وتفتح أعيننا على مظاهر القهر والطغيان والفساد فى مجتمعاتنا العربية عبر الفكاهة والسخرية.
وستكون دراستنا لمسرحية "الغجرية والسنكوح " على شكل تحليل دراماتورجى انطلاقاً من الإرشادات المسرحية التى تتضمن : الشخصيات والفضاء الدرامى والديكور والتوابع المسرحية والإضاءة والأزياء والموسيقى وأخيراً الأصوات الاصطناعية.
وسيلاحظ قارئ المسرحية أنها تتكون من :
-      مقدمة.
-      اللوحة الأولى.
-      اللوحة الثانية.
-      المشهد الثالث.
-      المشهد الرابع.
-      المشهد الخامس.
-      اللوحة السادسة.
-      المشهد السابع.
-      المشهد الثامن ونهاية مفتوحة.
وتتسلسل أحداث المسرحية فى شكل منطقى وإيقاع سريع، يعمق الصراع بين الشخصيات سواء الإيجابية أم السلبية. وهو صراع ذو طباع نفسى واجتماعى وفكرى ليصل هذا الصراع إلى الذروة ثم الحل ضمن دراماتورجية متقنة درامياً وبلغة عامية/ شعرية تتخللها الكثير من الأمثال الشعبية.
هكذا يطرح النص مضموناً فكرياً ، لخصه الكاتب بقوله : "مسرحية الغجرية والسنكوح أدين فيها إدانة تامة المعونة الأمريكية التى تأتى إلى الدول العربية والمعونة لا تصل إلى الشعب "([3]) وبالإضافة إلى هذا تتدخل فى النص العديد من القضايا والمواقف : اجتماعية وسياسية وخلقية لتعبر عن آلام الفرد المصرى/العربى ومعاناته وعن واقع عربى متدهور محكوم بالتبعية العمياء للغير وخصوصاً أمريكا.
وقد صاغ الكاتب جل هذه الأفكار فى قالب فكاهى ساخر، يجمع بين السخرية اللاذعة والضحك الأسود.
الشخصيات
اللافت للنظر أن السيد حافظ لم يقدم لنا لائحة بأسماء شخصياته، بل علينا قراءة النص من البداية إلى النهاية لنتعرف إلى كل الشخصيات الموجودة فيه. والجدير بالإشارة أن بعض شخصياته لم يعطها أسماء بل يقدمها بنعوت مثل (العجوز – المخبر – المذيع المصرى – المذيع الأمريكى ......) أو أرقام مثل (شخص 1 – شخص 2) بالإضافة إلى أن بعض الأسماء جاءت ضمن حوارات شخصياته مثل (تاجر الفل).
وبذلك نقف أمام شخصيات قوية الحضور داخل النص المسرحى شخصيات تلعب أدواراً عبثية نسجها الكاتب فى قلب هزلى ، ليضع أمامنا واقعاً يسوده الغموض والفقر والضياع والتشتت والانحلال الخلقى فى زمن التيه والظلم والطغيان.
فهناك شخصيات تظهر وتغيب مع كل لوحة أو مشهد، لتحل محلها شخصيات أخرى. وبغض النظر عن الشخصيات الحاضرة / الغائبة، فإن زفة وحندوقة يظلان الشخصيتين الأساسيتين فى النص منذ البداية إلى النهاية ، بصفتهما مساعدين لبعضهما البعض نظراً لعلاقتهما الطويلة، تجمعهما الأخوة والحب والعشرة والألفة كما جاء على لسانهما فى النص :
زفـة: من ساعة ما شيلتك بين ايدى وانتى عيلة صغيرة كنتى لحمة طرية.
حندوقة : وكبرت وأمك قالت زفه دا أخوكى الكبير... حسيت إنك أبويا..
قدم لنا المؤلف من خلال أفعال وكلام زفة وحندوقة – رغم واقعهما المرير وحالتهما الاجتماعية والسياسة المأساوية – مادة هزلية غاية فى السخرية والتهكم. ونستشف أن عنوان المسرحية يدل عليهما فحندوقة هى الغجرية وزفة هو السنكوح.
وسنحاول تقديم الشخصيات التى لعبت دوراً بارزاً فى النص ، وصاحبتنا من أول النص إلى آخره من خلال التصميم التالى :

الشخصيات
الهيأة
الحالة الاجتماعية
اللباس
الوظيفة
عبود



مكوجى
رزق



صحفى
حسن



صبى القهوة
ام دوقرم
ممشوقة القامة
متزوجة لها ابناء/30سنة


الناظر عبد النعيم



ناظر المدرسة
سرحان



سكرتير المدرسة
فتحى



سمسار
محمد أنور زفة



فراش المدرسة
حندوقة
جميلة
يتيمة


قراقوشلى
رجل طويل وعريض/أصلع
له ابن
يرتدى نظارة سوداء
وزير الداخلية السابق
مراد

عازب/ابن قراقوشلى
جزمة وبنطلون ابيض قميص مشجر
مهندس الكترونيات وكمبيوتر
فادية



عضو مجلس الشعب
طارق شاكوش

30 سنة
يرتدى قميص به مربعات
يشتغل بالميناء
احمد

ابن حندوقة ومراد/4 سنوات



الفضاء الدرامى
جاء فى معجم باتريس بافيس أن الفضاء الدرامى هو فضاء يتحدث عن النص، فضاء مجرد على القارئ أو المشاهد أن يصنعه بواسطة الخيال وهو ينتمى إلى النص الدرامى " ولا يتحقق إلا بواسطة خيال هذا القارئ أو المشاهد، ويتشكل الفضاء الدرامى عندما نكون صورة عن البنية الدرامية لعالم المسرحية، هذه الصورة التى تشكلها الشخصيات وأفعالها وعلاقاتها ببعضها فى إطار الحدث"([4])
وتجرى أحداث مسرحية "الغجرية والسنكوح" فى أفضية مختلفة والتى يتبين أنها تنقسم إلى :
أفضية مغلقة : مقهى وفناء مدرسة الأمل وفيلا فادية وغرفة زفة وشركة حندوقة وشركة زفة.
أفضية مفتوحة : حارة شعبية وشارع شجرة الدر بالزمالك والميناء.
وهكذا نجد أنفسنا أمام أفضية متناقضة تظهر لنا أفعالاً درامية وصراعات عنيفة بين الشخصيات، نذكر على سبيل المثال :
الفضاء الأول                                   الفضاء الثانى
الحارة الشعبية + غرفة زفة                    شارع شجرة الدر + فيلا فادية



    فضاء فقر وتشرد                               فضاء ترف ورفاهية
والحقيقة رغم أن الفضاء الأول هو فضاء فقر مذ قع إلا أنه يحافظ فيه على كل المبادئ والقيم الخلقية عكس الفضاء الثانى الذى هو فضاء سعادة إلا أنه فضاء استبداد وظلم وفساد الذى سيتحول فى نهاية المسرحية إلى فضاء البحث عن الحقيقة، فضاء يرفع فيه الستار عن حقائق ووقائع مروعة.
الديـــكور
يحتل الديكور مكانة بارزة وقيمة جمالية عالية بالنسبة للعرض المسرحى. ووجوده فى النص يكتسى قيمة دلالية ورمزية يستحيلي أن تعبر عنها الكلمات فقط، وبذلك تعتمد مسرحية الغجرية والسنكوح على ديكورات متعددة تناسب كل فضاء ونسرد بعض الأمثلة :
-      اللوحة الثالثة : يفتح الستار على قاعة أعدت للفرح......
-      وكذل فى المشهد الرابع : يتحول الديكور بسرعة إلى منزل زفة....
-      والمشهد الخامس : الديكور تجريدى بسيط باب الميناء – سفينة.
ومن الحديث عن الديكور ننتقل إلى التوابع المسرحية أو الاكسسوارات التى تأتى لتؤكد أحداث ما وأفعال درامسة أساسية.
التوابـع المسرحية
يعرف باتريس بافيس التوابع المسرحية بأنها أشياء ركحية يستعملها الممثلون فى المسرحية، و" قد تقتصر أحياناً وظيفة التوابع على مساعدتنا فى التعرف أو بالأحرى فى اكتشاف المكان الذى توجد فيه. كما أنه فى بعض الأحيان يمكن اختزال تغيير الديكور فى تغيير التوابع فقط" ([5])
وإذا حاولنا البحث فى مسرحيتنا عن التوابع والدور الذى تلعبه ، سنجد أهمها ما يلى :
-      سلسلة الأختام : " زفة يفتح قميصه ويظهر سلسلة من الأختام" وهى رمز الغش والتزوير والفساد الإدارى.
-      كاميرات التلفزيون التى تصور حفل استقبال الوفد الأمريكى.
-      الصندوق : الذى يتحول من مجرد صندوق عادى إلى صندوق يحمل معانى متعددة فهو صندوق يتنكر معه زفة ليظهره كساحر هندى ومن جهة أخرى يكشف لنا هذا الصندوق عن حقائق مروعة وفظيعة وهى قضية تزوير النقود من طرف فادية عضوة مجلس الشعب :
فــلة : (فلة قوية العضلات تفتح الصندوق بقوة)
كرملة :  (تنظر فى الصندوق تخرج قطعة حديد كبيرة)
-      المسدس : الذى استعمل كأداة لتهديد زفة وحندوقة ولكن السؤال المطروح من أصحاب المسدس؟ فالمسدس هو ملك :
-      لقراقوشلى الذى يرمز فى المسرحية للظلم والسيطرة والقهر ويذكرنا بقراقوش الحاكم الظالم والمستبد.
فاديــة : (لقراقوشلى) ادينى مسدسك يا باشا.
قراقوشلى : (يخرج مسدسه)
-      للعصابة التى تقوم بتزوير الأموال.
بالإضافة إلى بعض التوابع المسرحية الأخرى كدفتر شيكات فادية – نقود – شكوش ومسامير– هواتف– حقيبة سامسونيت – جهاز صغير لاسلكى (ألة تسجيل).
الإضــــاءة
تعد الإضاءة فى المجال المسرحى من العوامل الرئيسية فى التكوين المسرحى " فمن خلال تركيز ضوء معين على مجموعة ممثلين أو تشكيلات الديكور والإكسسوار والأثاث تتم عملية إبصار الجمهور لهذه التركيزات المحددة وبلتلى يم التأثير والتأثر الذى هو هدف مهم من الأهداف لتى يسعى مخرج العرض المسرحى إلى تحقيقه " ([6])
وللإضءة أهمية عظمة فى خلق الجو المناسب للمواقف المسرحية والمشاهد، فهى تثير عواطف المتفرجين وأحاسيسهم ، بالإضافة إلى أن لون الإصاءة له فضل كبير فى خلق قيمة جمالية لدى المتفرج.
-      وقد وظف السيد حافظ الإضاءة بشكل لافت للنظر فى مسرحيته " الغجرية والسنكوح" مع توظيفه الظلام التدريجى عند نهاية بعض المشهد أو اللوحات.
-      اللوحة الثلثة صوت : النور يقطع (يطفأ النور) واضطراب مع الستار.
-      المشهد الرابع حندوقة : لازم تطفى النور أحسن اللى رايح واللى جاى ينادى (ينطفى النور)
-      مراد : وبعدين (أغنية عبد الحليم الهوا هوايا مع ضوء أحمر لمدة دقيقة) نلاحظ أن كاتب المسرحية وظف اللون الأحمر المصاحب لأغنية عبد الحليم حافظ ليطلعنا على جو شاعرى رومانسى ملئ بالحب يعيشه كل من مراد وحندوقة لفترة زمنية محدودة.
-      اللوحة السادسة : زفة : ايوه شغلينا معاكى.
(ضوء على زفة وحندوقة كل منهما فى بقعة ضوء)
نلاحظ أن السيد حافظ استعمل تقنيية التبئير – وهى تركيز الإضاءة على منطقة معينة دون غيرها – لعكس الحالة النفسية للشخصيتين.
-      المشهد السابع : ......... (تحتضن ابنها يخرج صامتاً) (ظلام)
(بقعة ضوء على مكتب زفة وقد دخل ومعه .....)
استعمل السيد حافظ الإضاءة للتركيز على المنطقة التى ستكون بؤرة اللعب بما أننا أمام فضاءين لا يفصل بينهما شئ (مكتب حندوقة ومكتب زفة)
-      المشهد الثامن : زفة : قفايا يا أمه ..... (إظلام) ......
-      (يخرجون جميعاً) (إظلام)
وبالإضافة إلى الإضاءة تحتل الملابس مكانة بارزة ومهمة بالنسبة للعمل المسرحى وتساعدنا على معرفة أعمق للشخصية وتحديد انتمائها الاجتماعى، كما أن لها دوراً جمالياً بالنسبة للعرض المسرحى.
الأزيـــــاء


الصفحة
أم دوقرم تلبس فستان يظهر جمالها وتسير بدلع....
08
تدخل حندوقة متنكرة فى زى امرأة ضريرة
32
تهجم عليه تقع النظارة والطرحة السوداء...
38
تتنكر حدوقة فى زى تمثال الحرية.
41
يتنكر زفة فى زى أبى الهول
41
يدخل سرحان وناظر المدرسة فى زى هنود
64
يدخل مراد وسهى فى زى عروسين
66
تظهر حندوقة فى زى ضابط الميناء
95
يرتدى زفة زى بحار الميناء
95
يظهر طارق شاكوش.... يرتدى قميصاً به مربعات
96
يدخل الناظر عبد النعيم وخلفه سرحان يرتديان ملابس عمال
102
تدخل ترتدى قبعة آخر موديل فرنسى.. وملابس راقية
117
تنزل فادية من أعلى – ترتدى الروب
148
وملابس الشخصيات تتغير كل لحظة ووفق ما تمليه الأوضاع والظروف المعيشة فى النص المسرحى.
الموســـــيقى
تخلق الموسيقى جواً رائعاً داخل العرض المسرحى " وعلاقة الموسيقى بالكلام وطية، حيث أنها تنبثق منه، وقد تطوره وقد تضخمه، كما أنه يمكن للموسيقى أن تلعب دوراً فى بناء الفضاء الدرامى، فتربط بين الفضاء المتخيل المعروض والفضاء المتخيل المتحدث عنه"([7])
وتجدر الإشارة إلى أن الإرشادات الخاصة بالموسيقى هى كالأتى:
-      تستمر الموسيقى لفترة حتى تنتهى تحية الجمهور لحندوقة.
-      يدخل مراد مع موسيقى جميلة.
-      تزول موسيقى مع تبديل وتغيير الديكور.
-      دق الباب دقة موسيقية.
وقد تأتى الموسيقى مصحوبة بغناء ورقص شخصية من شخصيات النص المسرحى:
-      حندوقة : (تغنى وتعود معها الموسيقى)
-      فتحى : العريس والعروسة وصلم . (يدق الناظر وسرحان.. دقة موسيقى طالعة السلالم...)
-      وننتقل من الموسيقى إلى الإرشادات المسرحية الخاصة بالرقص.
الرقـــص
يقوم الرقص بدور تواصلى فى العمل المسرحى، وبما أن المسرح فن يخاطب المشاعر من خلال الحركة والعين هى أقوى الحواس وأكثرها قابلية للتأثير، و"فن المسرح ولد من الإشارة والحركة وارقص" كما قال جوردن كريج، قد وظف السد حافظ الرقص فى نصه المسرحى ليعكس لنا الحاة النفسية التى تعيشها شخصياته :
-      رزق : آه.. آه.. (وهو يرقص)
-      (يبدأون فى الرقص معاً....)
-      حندوقة : ....... (ترقص)
-      مصمم الرقصات يقدم استعراضاً لرقصة أمريكية يشترك الوفد الأمريكى فيها ويشترك زفة وحندوقة.
-      مراد : ....... (ترقص معه وكأنها فى ذهول لا تتكلم)
وقد جاءت الرقصات مصحوبة بالموسيقى والغناء لتضفى على النص مسحة جمالية متناسقة ورائعة.
الأصوات الاصطناعية
يعرف بتاريس بافيس فى معجمه المسرحى الأصوات الاصطناعية بأنها إعادة صناعة أصوات طبيعية أو غير طبيعية، وبالروجع إلى مسرحيتنا نجد أن الإرشادات الخاصة بالأصوات الاصطناعية تم تحديدها كما يلى :
-      صوت المذيع : اذى تم توظيفه لينقل لنا أخبار ما يحدث.
-      صوت ضوضاء : من خلاله نستشف أن الفرقة الموسيقية وصلت.
-      صوت سيارة النجدة.
-      جرس الهاتف / - جرس الباب...
وهكذا ، وانطلاقاً مما سبق، استطاع المبدع الكبير السيد حافظ أن يقدم لنا مسرحية مفيدة وتساعد فى إغناء التجربة المسرحية العربية والدفع بها إلى الأمام موازاة مع التجربة الغربية. وتجدر الإشارة إلى أن السيد حافظ – من خلال جل مسرحياته – أنجب للجمهور العربى كوميديا هادفة، تعالج مشاكل وهموم الشعب العربى عكس ما نلاحظه هذه الأيام فى مسرحنا من تهريج وضحك لا فائدة منه فمزيداً من العطاء والتألق لكاتبنا الفذ الذى خرج " من خميرة أرض النيل كالصاعقة أو كالنار على الشارع المصرى وكان يلتقط أنفاس البحر ويحمل نهر الكلام والرؤيا ويحمل موجات الإبداع للشارع الثقافى العربى " ([8])

نادية فضمى – المغرب
ولاية فاس – الحى الإدارى
بلدية ظهر السوق
عمالة تارنات


([1]) الدكتور/ مصطفى رمضانى – " جدلية الخفاء والتجلى فى مسرحية ظهور وختفاء أبى ذر الغفارى " – ورد المقال بكتاب السيد حافظ بين المسرح التجريبى والمسرح الطليعى للدكتور محمد عزيز نظمى – مركز الوطن العربى للنشر والإعلام رؤيا- ص 173.

([2]) عبد الله هاشم – حكاية الفلاح عبد المطيع – مجلة الشراع – 20/1/1984 – ص 69.

([3]) حوار مع مؤلف المسرحية السيد حافظ أجريناه بمكتبة بالقاهرة يوم الجمعة 29/8/2003.

([4]) يونس لوليدى الميثولوجيا الإغريقية فى المسرح العربى – مطبعة أنفو برانت – فاس – ط.1 – 1988 – ص 206.

([5]) المرجع نفسه.

([6]) عثمان عبد المعطى – عناصر الرؤة عند المخرج المسرحى – الهيئة المصرية العامة للكتب – 1996 – ص  165.

([7]) يونس لوليدى – المرجع السابق – ص 237.

([8]) شادى بن خليل – النقصد الإنسانى والسياسى فى مسرح السيد حافظ – مجلس الأدب والفن – عن الهيئة المصرية العامة للكتاب – العدد التاسع – السنة الثانية – سبتمبر 1984 – ص 21 والنصوص المسرحية من مسرحية الغجرية والسنكوح لمؤلفها السيد حافظ.

الميراث - مسرحية تجريبية - تأليف السيد حافظ

الميراث - مسرحية تجريبية 

-  تأليف السيد حافظ



المسرح ينقسم إلى قسمين الصالة + غرفة النوم ..منزل متوسط الحال ... رجل عجوز فى الستين من العمر يظهر فى غرفة الصالون قادما من الداخل .
عبدالكريم        :( ينادى ) ياروز .. روز
حياة    : ( تدخل تحمل صينية الشاى ) عايز حاجة
عبدالكريم        : أنا باسأل عن روز
حياة    : انت ناسى ؟
عبدالكريم        : ناسى إيه ؟   
حياة    : إنها سافرت تشوف ولادها
عبدالكريم        : صحيح أنا نسيت
حياة    : أنا عملت لك الفطار والشاى..عايز حاجة       
عبدالكريم        : اتصلى بإسماعيل ابنك يبعت لنا خدامة من بيته
حياة    : ( ترتبك) ياخويا ..بلا خدم بلا وجع قلب
عبدالكريم        : قوليله أبوك بيقولك ابعت لنا خدامة من عندك
حياة    : اصل إسماعيل مش موجود فى البيت
عبدالكريم        : خلاص كلمى مراته
حياة    : مراته ..!!
عبدالكريم        : آه
حياة    : ياخويا دى الله يكون فى عونها
عبدالكريم        : أنا قولت له إن البنت دى ماتنفعهوش دى بنت هاشم الاسفنجى وحاطه مناخيرها فى السما مصدقنيش
حياة    : حبها
عبدالكريم        : ياريت
حياة    : تقصد إيه
عبدالكريم        : قصدى حب فلوسها
حياة    : سيان أهم عاشوا واتجوزوا
عبدالكريم        : خلفوا صبيان وبنات
حياة    : احنا عايزين إيه غير انبساطهم !!
عبدالكريم        : هو بقى عندهم كام بنت وكام ولد
حياة    : اتنين واتنين
عبدالكريم        : تصدقى ماأعرفش غير ابنهم الكبير   
حياة    : ياخويا بكرة أكلمه و أخليهم يفوتوا عليك      
عبدالكريم        : والنهارده لأ ليه ؟!
حياة    : ( ترتبك) النهارده ولا تزعل
عبدالكريم        : أنا مش زعلان
حياة    : أمال مالك ؟
عبدالكريم        : هم الولاد اتغيروا واللا احنا .....
حياة    : الزمن ياعبدالكريم
عبدالكريم        : كل يوم أشوف صورة مرات ابنك فى الجرنال عائشة هاشم الاسفنجى تسافر أثينا ..تسافر قبرص ..تسافر لندن ..أمريكا .. بتروح ليه ؟

حياة    : مش سيدة أعمال 

لاستكمال القراءة أو لتحميل المسرحية كاملة اضغط على الرابط التالي


لقراءة أو تحميل الكتاب كاملا بصيغة PDF اتبع الرابط التالي:

رابط التحميل الأول



رابط التحميل الثاني

https://drive.google.com/open?id=0B2rLU6MapsKuT1NTcXJXU0I5akE


                                                    أو اضغط هنا
تحميل
مركز التحميل
إضغط هنا

مسرحية " إشاعة " تجربة البحث عن الحقيقة في مسرح السيد حافظ

مسرحية " إشاعة " تجربة البحث عن الحقيقة

في مسرح السيد حافظ

نصرية يعقوبى- وجدة - المغرب

توطئــــة :

يقول عبد الكريم برشيد:" إن المسرح فضاء الإمكان وليس فضاء المحال، كل شيء فيه ممكن، وبذلك يكون محيطا بلا ضفاف. وان لاكتشاف قضاياه يتطلب ركوب الغامرة، يتطلب الترحال السندبادي بحثا عن الجزر البعيدة والغربية والعجيبة. وإن الإنجازات التي حققها المسرح العربي – لحد الآن – لا تمثل شيئا خطيرا، لأن الأخطر والأهم هو ما يمكن الكشف عنه الآن أو بعد الآن"[1]
لقد استجاب السيد حافظ إلى دعوة هذا الباحث فزود المكتبة العربية بصفة خاصة والعالمية بصفة عامة بإبداعات مسرحية متميزة طابعها التجديد  والمختلف فإذا كان " الاتباع خير من الابتداع"  و" الابتداع أخطر من الاتباع" كما قال أبو حيان التوحيدي، فإن مبدعنا اختار الطريق الأصعب وركب الأخطر فلم يكن متبعا بل مبتدعا.
والحديث عن الابتداع في أعمال السيد حافظ المسرحية يحتاج إلى جهود جبارة ويتطلب مجلدات ضخمة. لكن " مالا يدرك كله لا يترك جله"، لهذا سنحاول الوقوف عند بعض مظاهر التجديد في إنتاجاته المسرحية من خلال نموذج بعينه، فالبحث في موضوع ما كلما كان محصورا  كلما كان  دقيقا وعميقا.
وبناء على ذلك فقد اخترت مسرحية " إشاعة" لتكون جوازا لإثارة بعض القضايا الفكرية التي طالما شغلت السيد حافظ فكانت هاجسه في جل أعماله المسرحية، إنها قضية أو " تجربة البحث عن الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ" ترى ما هي الحقيقة التي بحث عنها  السيد حافظ؟
وكيف بحث عنها؟ ما هي أسس إعادة كتابة التاريخ؟ وهل بالإمكان القيام  بذلك؟
تلك هي بعض الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها من خلال محورين كبيرين يتعلق المحور الأول  بالقضايا الفكرية والمعرفية التي تحفل بها مسرحية " إشاعة" أما المحور الثاني فيتمثل في  الجوانب الجمالية والأبعاد الفنية أو بالأحرى " القالب الفني" كما يسميه توفيق الحكيم – الذي صب فيه السيد حافظ تلك القضايا  الفكرية و " القراءة من فوق أو من خارج الإبداع لا يمكن أن تثمر غير الضباب... يمكن أن تكتب عن الشعر وأنت لست بشاعر، ويمكن أن تكتب عن القصة وأنت لست بقصاص، ولكنه لا يمكن أن تكتب في المسرح  وعن المسرح إلا من داخل المسرح"[2].
فالمسرح ليس نصا وحسب بل هو نص وعرض ولا يتحقق النص إلا بالعرض، وبذلك فإنني  سألم عالم السيد حافظ من خلال مسرحيته " إشاعة" وأنا مؤمنة بأن التعامل مع نص مسرحي يختلف عن التعامل مع نص شعري أو نص قصصي أو روائي.

 لاستكمال القراءة أو للتحميل اضغط على الرابط التالي




                                                                   أو اضغط هنا
تحميل
مركز التحميل
إضغط هنا


الدراسة التطبيقية - تحليل مسرحية إشاعة- د.ليلى بن عائشة


الدراسة التطبيقية - تحليل مسرحية إشاعة- د.ليلى بن عائشة
/1الحـدث الدرامي في مسرحية إشــاعة

       مسرحية )إشاعة( (1) هي إحدى الأعمال المسرحية التي ألفها "السيد حافظ" وهي من فصل واحد، تطرح لنا هذه المسرحية العديد من الإشكالات على رأسها تغير المسار الذي كان من المفروض أن تسير عليه الجامعة، في تكوين طلبة يحملون مشعل العلم والنور، وهم في ذات الوقت علماء ومفكري المستقبل وحماة الوطن. هذه القضية تعرض لها "مصباح الزمان" في كلمته عقب تسلمه جائزة نوبل، فرغم فرحته التي لا توصف إلا أن فرحته الحقيقية لن تتم إلا بتفجير الجامعة المصرية للعلم في شرايين كل الطلبة، فإذا كان البعض يرى أن هذه الجامعة قائمة بدورها في تعليم الطلبة وتنويرهم وتحضيرهم لمعركة البحث والبناء والتشييد معا، فإنه يرى عكس ذلك تماما، فما تقوم به ـ في الحقيقة ـ هذه الأخيرة لا يعدو أن يكون تخريج جيوش من الموظفين المتقاعسين الذين لا يلبث أحدهم أن يحصل على شهادة إلا وكان همه الأساسي هو الحصول على وظيفة للإسترزاق أيا ما كانت هذه الوظيفة، ويرمي الطالب وراء ظهره مسؤوليته كجامعي في مواصلة درب العلم والبحث وأداء رسالته الحقيقية المنوطة به، وهذا ما نفهمه من خلال حديث الدكتور مصباح الزمان.


لاستكمال القراءة أو لتحميل الدراسة اضغط على الرابط التالي


https://drive.google.com/file/d/0B2rLU6MapsKuTVR5YXpJRWtFU0E/view?usp=sharing


           أو اضغط هنا
تحميل
مركز التحميل
إضغط هنا

                                                   


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More