Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الخميس، 4 مايو 2017

كابتشينو والتمرد على نمطية السرد. د. أحمد المصري

                  كابتشينو والتمرد على نمطية السرد
                                                       د أحمد محمود المصري



(عمَّ أبحث في السيد حافظ وهو الفرد الكثرة والكل في واحد....)
يقول الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة:
البحر موعدنا                     
وشاطئه العواصف                 
جازف
لن يرحم الموج الجبان
ولن ينال الأمن خائف
فإن سدت جميع طرائق الدنيا
أمامك
فاقتحمها لا تقف
كى لا تموت وأنت واقف .
والمبدع أولى من غيره بالمجازفة ،إن الخيال طليق ، وإن الإبداع سمته الأولى الحرية ووظيفته الجمال وغايته الابتكار ، فكيف يجوز تقييد حرية يجب أن تظل طليقة ووظيفة يجب أن تظل دون حدود ، وابتكار يجب أن يظل متمتعاً بكل ما له الحق فيه من انكسار القيود وانفتاح الآفاق وانزياح الحواجز إن الشكل الروائي متحول دائماً فكيف نستطيع أن نزعم أننا قادرون على وضع قانون ثابت يقيده تقييداً ويكبله تكبيلا فيغتدى ثابتاً وقد كتب عليه أن يظل متحولاً؟
إن كل نظرية للنقد توضع انطلاقا من  معطيات نصوص يقرؤها المنظر فينظر في الحقيقة لها أصلاً أما ما وراء ذلك ، أو ما بعده فيمكن أن تنطبق نظريته على بعضها دون بعضها الآخر، فإذا انطبقت عليها كل التقنيات فتباً لها من نصوص وسحقاً إذا خضعت للقواعد وأذعنت للقيود.
إن عبثية الإبداع هي قاعدته وإن تمرده على التقنين هو ثورته التي يجب أن تظل معلنة على التقاليد التي تقيد فلا ترسل وتؤذي أكثر مما تجدى .
ويعد السيد حافظ أحد المبدعين المتميزين الذين أثبتوا جدارتهم الفنية بما وهبه الله من موهبة متميزة بين أقرانه من الكتاب وصل إليها بعد رحلة شاقة من الإبداع كان فيها صاحب تجربة متميزة وهوية فريدة غير مكرورة لا تتشابه مع غيرها ، لم يخضع فيها لتشكيل فني واحد ، وإنما كان نموذجاً لكاتب يحترم التجريب ولا يخشى المغامرة فيه خصوصاً على صعيد بناء الرواية ولغتها ،  يكتب كما يتنفس والكتابة بالنسبة له واقع فني مجاور لواقع الحياة ، واقع زاه مغامر يستطيع التجاوز والقفز فوق قوانين الحياة القاسية ،وقد كان في كل ما كتب منطلقاً من قناعة واضحة بوظيفة الفن الاجتماعية وصلته بوعى القارئ وقدرته على أن يشكل
ذاكرة أي مجتمع ،سعى إلى محاكاة اللحظة الواقعية الاجتماعية فنياً على أمل تجاوزها إلى حياة فنية متخيلة تكون أكثر حرية وحبا وسلاماً وعدلاً وانفتاحاً على الآخر ، كما كان في كثير من الأحيان صوتاً لمن لا صوت له ، مؤمناً بأن نمة مشتركاً إنسانياً باقياً بين البشر ، أيا كانت الفروقات المادية والجغرافية والدينية بينهم .
وروايتنا كابتشينو هي إحدى حلقات المنجز الروائي الإبداعي عند السيد حافظ المتمثل في مجموعة من الأعمال الرائعة مثل : نسكافيه ، قهوة سادة ثم كابتشينو – ثم شاي أخضر... وكلها يمثل جنوحاً نحو التجريب والتجديد في الكتابة الروائية ،رواية شديدة الفرار من عبودية التقاليد تقرأ بعين العقل وهي رواية الحب والألم ، الوجود والعدم ، رواية ليست كالرواية محفورة على جدران القلب ، مكتوبة بدمائه ، إنها رواية النزيف والوجع ، تقبض على الجمر مشتعلاً تنكأ الجرح وتغوص فيه حتى العظم وكما قال نيتشة "إنني استعرض جميع ما كتب فلا تميل نفسي إلا لما كتبه الإنسان بقطرات من دمه "وهذه كتابة مكتوبة بالدم .
عتبة الغلاف :
صارت العتبات الخارجية للنص جزءاً من بنيتة الدالة ولم تعد ترفاً أو شيئاً إضافياً يمكن الاستغناء عنه .
وتعد لوحة الغلاف من أهم هذه العتبات نظراً لكونها دالاً بصرياً موازياً يكتنز بين تضاريسه الإشارية عديداً من الإيحاءات السيمائية والتأويلات المحتملة لقراءات متعددة ومفتوحة فالغلاف يفترض قراءة تستند إلى الحس البصري الذكى وتفرض على المتلقى إحداث نوع من الارتباط بين ما هو كتابي وما هو تشكيلي .
وغلاف روايتنا الأمامي يسيطر عليه السواد تتصدره صورة كبيرة للمؤلف توحى بأشياء كثيرة ، نظرة تحمل تفكيراً ورؤية وفلسفة كما تحمل الترقب والقلق بها العمق والحزن أعلاها اسم المؤلف كتب باللون الأحمر ، وأسفله اسم الرواية كتب باللون الأبيض وهي نفس ألوان علم مصر تحمل دلالات مختلفة فالأحمر لون الدم والمعاناة والألم ، وهو لون التمرد والثورة ، والقوة وهو لون الحب والعشق ولون القهر والكبت والمنع أما الأبيض فهو لون النقاء والصدق ، لون الأمل لون النور والإشراق الذي يحاول أن يشق طريقه وسط الظلام .
ثم يأتي بعد ذلك التجنيس للعمل الأدبي وهو رواية وكتب بلون أخضر يدل على التجدد الدائم والحياة المستمرة وعدم القولبة والجمود ، الأخضر لون الحياة الدائمة لون التجديد وهذا ما سعى إليه المؤلف .
ثم تأتي دار النشر رؤيا لتكتب بلون الشمس البرتقالي المشرق الذي هو نفسه لون إطار صورة الكاتب ليكون نموذجاً مشرقاً للكتابة وسط ظلام وسواد يحيط به وكأن الصورة تشرق من بين هذا السواد ، في إشارة على تحدى هذا الظلام الفكري والتخلف الثقافي ، والاعتماد على الاجترار ومحاربة الابتكار ، هي صرخة إذن في وجه القبح والتخلف ولعل في تصدر اسم المؤلف ثم صورته للصفحة قبل العنوان والجنس الأدبي دليل واضح وقوي على حضور المؤلف في روايته حضورًا قويًا وواضحًا وملموسًا من صفحة الغلاف وحتى آخر كلمة في الرواية .
دلالة العنوان:-
       كابتشينو عنوان لافت يتميز بالإيجاز والقدرة على جذب الانتباه وكلاهما من سمات العنوان الجيد ، وإذ كان العنوان يعد عتبة النص ومدخلاً إلى فهمه ، ومفتاح الولوج إلى أغواره العميقة فما دلالة هذا العنوان وما علاقته بالمضمون .
قد تتسرع وتقول لا علاقة بين العنوان والمضمون إلا في تكرار كلمة كابتشينو أكثر من مرة داخل الرواية كمشروب تناوب على شربه عدد من أبطالها ، وإذا لم تتعجل فقد تربط هذا العنوان بعناوين السيد حافظ السابقة واللاحقة لهذا العنوان مثل نسكافيه ، قهوة سادة ، أو شاي أخضر –فتربط بينها وبين جلسات النميمة أو الود على المقاهي أو في المنازل حيث البوح والمكاشفة والتسلية والنقد والغضب ....، وقد ترى في النسكافية والقهوة والكابتشينو وهي مشروبات من أصل واحد ترابطًا من نوع آخر يتعلق بأنها تشرب من أجل التنبيه وكأن هذه المسميات تأتي لتنبه القارئ وتهيأه للتلقي الواعي ، ولعل في مراجعة مفهوم القهوة عند الصوفيين ودلالته ما يؤكد هذا المعني ويؤيده.
     فهم يرون أن مكتشفها الشيخ العيدروسي في القرن العاشر ، وقد حرمها بعض المعارضين للصوفية وتصدى الشعراني للدفاع عن شرب القهوة ، التي صارت من طقوس الصوفية التي تساعد على الذكر ثم تم الترويج لها بعد ذلك بأنها تساعد في علم الغيب وقراءة المستقبل ، وادعوا أن سمة صلة بين شرب القهوة والعلم اللدنى من هنا وفي ضوء هذا الفهم يفسر عنوان كابتشينو ومن قبله نسكافية وقهوة سادة على أنه تهيئة لتلق واع يكون القارئ فيه منتبهًا لما يواجهه ويقرأه .
     ومن هنا تأتي صلة القهوة والنسكافية والكابتشينو بالروح لذا أطلق عليها المؤلف اسم كابتشينو حكاية الروح ، وهي الفكرة التي تجمع بين عدة روايات للمؤلف تركز على فكرة الحلول وتناسخ الأرواح عبر ارتحالها في أزمنة عدة وتصويرها عوالم متابينة بالموازاة مع أمكنة كثيرة تشهد تحرك شخصياتها وشبكة العلاقات التي تنسجها وانتقال الروح من جسد إنسان إلى جسد آخر ، والتناسخ نظرية دينية قديمة تقوم على عودة الروح بعد الموت إلى الحياة في جسد جديد ويرى القائلون بها أن الروح جوهر أزلي خالد وخلودها يستمر في حيوات شتى تكون في امتدادها حياة واحدة أبدية مستمرة وهذا ما حدث مع سهر في هذه الرواية حيث حلت فيها روح نور الفرعونية ثم غابت نور لتشرْق روح شمس في جسد نور وربما ستغرب شمس ليسطع قمر في روح سهر بعد ذلك .
دلالة الإهداء:
إهداء ثوري للشيخ عماد عفت وصلاح جيكا ومينا دانيال شهداء ثورة 25 يناير وهو إهداء له دلالته لمن قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن .
    ثم إهداء للأحفاد رمز الأمل في الغد المأمول .
    ثم تصدير مهم من القرآن عن الروح ، ثم عبارة لفرويد تؤكد على نفس الفكرة فكرة تعدد الأرواح للشخص الواحد يقول فيها:
"كل فرد ينتمى إلى عدة أرواح جماعية روح عرقه ..روح طبقته.. وروح طائفتة."
      ثم تصدير مهم يوحي بالهم الذي يحمله فوق عاتقه ويفسر توجه كتابته .
      ثم مقولة موحية لحكيم فرعوني ، وأخيرًا مقولة لفتحي رضوان .
من العتبات إلى النص
     هذه الرواية كما قلنا حلقة من سلسلة حلقات روائية تعنى بفكرة حلول الروح وانتقالها من جسد إلى جسد آخر فإذا كانت رواية قهوة سادة قد تكلمت عن عصر إخناتون والتوحيد فإن هذه الرواية تتحدث عن عصر فرعون وموسى .
والرواية تسير في ثلاثة خطوط متوازية .
الأول يحكى عن نور الفتاة العبرانية وقصة حبها لمحب القائد الفرعونى المؤمن بفرعون والصراع الدينى بين الإيمان والكفر من جانب والحب المستحيل من جانب آخر ، وانهزام دين الحب أمام دين السماء .
     بينما الخط الثاني في الرواية يتحدث عن قصة حب مستحيلة أخرى بين سهر وأستاذها كاظم تنتهى بالفشل ورحيل سهر إلى الإمارات للزواج هناك .
والخط الثالث يحكى عن فتحي رضوان وحياته في الإسكندرية ومعاناته من الوسط السقافي وفشله في الزواج ممن يحب مما يؤدى إلى رحيله هو الأخر إلى الخليج للعمل هناك بعد أن يتزوج من إمرأة أخرى .
وأول ما يلاحظ على هذه القصص الثلاثة أن الخروج من الأرض والرحيل صار حلاً أو خلاصًا أو مصيرًا حتميًا مفروضًا على أبطالها .
أخرج من مدينتى من موطنى القديم
مطرحًا أثقال عيشى الأليم
فيها ، وتحت الثوب قد حملت سري
دفته بيابها ، ثم اشتملت بالسماء والنجوم
أنسل تحت بابها بليل
لا آمن الدليل ، حتى لو تشابهت على طلعة الصحراء
وظهر الكتوم .
صلاح عبد الصبور
سأترك الإسكندرية المدينة البليدة الخاملة التي لا يتخطى أحلام مبدعيها محطة قطار سيدى جابر ........فتحي رضوان
إذن كل شئ ينتهي بالرحيل الذي يعد خلاصًا ونجاة ، وإذا كان سفر العبرانيين كان خلاصًا جماعيًا فإن خروج سهر ، وفتحي رضوان من بعدها كان خلاصًا فرديًا وخاصة بالنسبة لفتحي الذي لم يتمكن من التعايش مع مجتمع يقتل المبدعين ويحارب المثقفين ويكره المفكرين فكيف يحلق المبدع بأجنحة متكسرة في مدينة مهجورة مهجرة .
الطيور مشردة في السموات
ليس لها أن تحط على الأرض
ليس لها غير أن تتقاذفها فلوات الرياح    .........أمل دنقل
والسيد حافظ هو أحد هذه الطيور التي لم تقعدها مخالطة الناس ولكنه من الطيور المعلقة في السموات وليس بوسعه إلا أن يلبي نداء الشاعر :-
رفرف
فليس أمامك
والبشر المستبيحون والمستباحون صاحون
ليس أمام غير الفرار
الفرار الذي يتجدد كل صباح
لكن السيد حافظ بعد خروجه وفراره قرر العودة قرر المواجهة قرر أن يعيد كتابة التاريخ أن يناقش قضية الهوية أن يفضح الأدعياء أدعياء الفكر أدعياء الحضارة أدعياء الثقافة لذا دفع الثمن غاليا ومازال يدفعه ومازال يواجه .
حضور ذات المؤلف في الرواية
إذاكان أرسطو يقول اعرف نفسك فإن السيد حافظ قد عرف نفسه وقرر ألا يكون إلا نفسه وألا يكتب إلا نفسه لذا يقول في تصدير روايته "لست مؤهلا إلا لكتابة شيء عن نفسي"
      وهذا مناط تميزه وتفرده عن غيره من الكتاب ، السيد حافظ هنا في هذا العمل حاضر وبقوة لا يختفي خلف شخصياته بل يطل بوجهه لا في صفحة الغلاف فحسب ولكن في كل قطرة حبر سالت على أوراق روايته .
السيد حافظ يكتب ذاته لكنه لا يكتب سيرة لها ، هذه ليست رواية سيرة ذاتية تستوجب حالة تطابق بين الكاتب والسارد والشخصية لكنها أقرب لرواية التخبيل الذاتي يقف فيها وجها لوجه أمام ذاته في محاولة منه لخلق مسافة مع هذه الذات عبر عنصر التخيل ليخلق منها موضوعًا للتأمل وإعادة الاكتشاف .
الكاتب حاضر بفكره بثقافته باختياراته بتعليقاته حاضر بروحه في كل كلمة في الرواية .
مذهب الكاتب
إنني شاعر خارج التصنيف وخارج الوصف والمواصفات فلا أنا تقليدى ولا أن حداثوى ولا أنا كلاسيكي ولا أنا رومانسي ولا أنا رمزى ولا أنا ماضوى ولا أنا مستقبلي ولا أنا انطباعي أو تكعيبي أو سريالي إنني خلطة لا يستطيع أي مختبر أن يحللها إنني خلطة حرية.
                                                                         نزار قباني
أنا كاتب فوق الأحزاب أنا حزب لوحدى....... السيد حافظ
كيف نصنف السيد حافظ من خلال هذه الرواية هل هو كاتب رومانسي يهيم شوقًا ويذوب عشقًا ؟ هل هو كاتب واقعي ؟ هل هو كاتب رمزي ؟ هل يوظف القناع ؟ هل يستخدم الإسقاط الرمزي ؟ هل .....هل.........
نعم هو خليط من كل هذا هو نسيج متفرد بذاته لا يشبه إلا نفسه.
استلهام التاريخ
فشر الناس قوم ذو خمولٍ              إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
                                                            معروف الرصافى
ثمة ارتباط بين التاريخ والفن الروائي إذ إن كليهما يتضمن سرد الأحداث بشكل قصصي و لوجود هذه العلاقة بين الفن والتاريخ اتجه الكتاب إلى قراءة هذا المصدر الثري وهضم صوره وصياغة موضوعاته صياغة حية نابضة لتنفذ وسيلة للتعبير من خلالها عن ذواتهم ، وإذا كانت الرواية بشكل عام هي تاريخ متخيل داخل التاريخ الموضوعي فإن لنا أن نلتمس الخيط الذي يشد الرواية إلى التاريخ عبر اشتراكهما في عناصر رئيسة هي الإنسان والزمان والمكان وأكثر من ذلك اشتراكهما في الطابع القصصي .
وإن كان اعتماد الرواية على الحدث التاريخي لا يعني إعادة كتابة التاريخ بطريقة روائية فحسب ،بل قد ترتبط الرواية بالتاريخ للتعبير عما لا يقوله التاريخ في بعض الأحيان.
وهذا ما فعله السيد حافظ حيث أعاد تقديم التاريخ من وجهة نظره موضحًا كثيرًا من أخطائه وذاكرًا لكثير من الأخبار المسكوت عنها ، دون الوقوع في فخ الانبهار بالماضي أو الفناء فيه وإنما كانت قراءته للتاريخ قراءة ناقدة مصححة قاسية لكنها عاشقة إنها قسوة الحب التي كثيرًا ما يستخدمها السيد حافظ في نقد أحوال المجتمع المصري وكشف عوراته قديمًا وحديثًا سعيًا لإصلاحه وإبرازا لملامح الهوية المفقودة.
الروح الصوفية
أنا من أهوى ومن أهوى أنا           نحن روحان حللنا بدنا
نحن مذكنا على عهد الهوى           تضرب الأمثال للناس بنا
فإذا أبصرتنى أبصرته                  وإذا أبصرته أبصرتنا
أيها السائل عن قصتنا               لو ترانا لم تفرق بيننا
روحه روحى وروحي روحه         من رأى روحين حلت بدنا       
     الحلاج
ثمة علاقة وثيقة بين التجربتين الصوفية والأدبية تكمن في سعي كل منهما نحو الأسمى والأفضل وتقديم صورة للعالم البديل الذي يرتقي الصوفي من أجله معراج الروح ويبغيه الأديب مرتكزًا على الثنائيات الضدية إظهارًا لعوار المجتمعه وفساده أو محلقًا في عوالم خياليه مثالية يقدم من خلالها صورة ضمنية تجسد حلمه الأسمى بالمجتمع المثالي الذي يصبو للعيش فيه ، والروح الصوفية واضحة الملامح في هذه الرواية نراها في فكرة تناسخ الأرواح وانتقالها من جسد لآخر ، ونراها في حالة الوجد والعشق والتماهي بين الأحبة وفناء العاشق في المعشوق، رحلة مغامرة عشقية يسير فيها العاشق وحيدًا أعزل إلا من حبه وشوقه ولا يقين لديه إلا إدراك غايته لأن الحاجة إلى المحبوب نداء باطني يأتي من المجهول لا تحدده مواقع سطحية قريبة ولا يقبل المحبوب إلا بالنفوس القوية الصامدة إنها رحلة صعود صوفية يتألف سلمها من درجات متناهية في الدقة والخطورة تبدأ بسيطة وتنتهي صعبة يفن فيها المحبوب في حبيبه وقد كتب السيد حافظ عبارة غاية في الرقة الشاعرية تعبر عن هذه الحالة منها علي سبيل المثال وصف فتحي لحبيبته ناهد وعشقه لها :-
"سأتذكر أني عندما قبلتك فقدت الذاكرة وأني حين احتضنتك وجدت وطني ، وحين ارتميت على جسدك تلاشيت في جسدك وصرت نورًا وسأذكر أنك موطنى وهوائي وخيمتي ومهرتي وأنك في الليلة الظلماء قمري ."
وهذه القطعة العذبة من محب عن نور :
من أنت يا نور؟ هل أنت لي قدر مكتوب؟ هل أنت جنوني المسافر و عاد ؟ هل أنت أوراقي وزهرة خبأتها من السنين في حنايا القلب؟ هل أنت لحظة مضيئة تعد بألف سنة مما يعدون؟ هل أنت شجرة ميلاد لا تنبت أوراقها ولا تفوح إلا لحظة وجودى والحضور ؟ أعرف الآن أنك تهيمين في قلبي دون آلاف النساء إني أجمع صفاتك من كل النساء ليستريح قلبي حين تغيبين.
وهذه الرسالة التي يبدو فيها العشق الصوفي بوضوح من فتحي لزوجته تهاني :-
أنا من الذين يتفكرون في خلق السموات والأرض وفوائد العشق لحواء أنا مدن ليس لها ميناء ولا أشغل نفسي بالدنيا دينا أو مدنية فالله في كل الأشياء دنيوية ودينية وأنا الشيخ المستنير وأعرف طعم الكلام والأصطدام والانتقال والاتصال ودهشة الطفل في داخلي حين أرى مطر الشتاء اكتشفت أني أحبك كثيرًا ياتهاني في هذا المساء.
نقد الواقع الاجتماعي
تحمل الرواية نقدًا شديدًا للمجتمع المصري قديمًا وحديثًا مركزة على كثير من سلبياته مثل تبعيتهم لفرعون رغم توالي الآيات والابتلاءات ، ومن ثم صارت التبعية للفراعنة وراثة وهذا سر احتفائه بـــــــ25يناير التي تمردت على فرعون .
كما تلقي الضوء على سوء فهم الحضارة فالحضارة ليست تماثيل ولكنها سلوكيات للناس .
وتبرز فساد الحياة الثقافية وسيطرة العلاقات الشخصية والشللية في النشر والجوائز وفتح أبواب الإعلام والصحف ...
وتنتقد المناخ الطارد في مصر لأهلها واضطرارهم للسفر إلى الخليج الذي يسهبنهم ويستنزف طاقاتهم
سُلطة الهامش
     هدف الحاشية في معظم الأحيان هداية المتلقي إلى مغاليق العالم الروائي عن طريق دورها في توثيق النص وتثبيت الإحالات ومصادر الكاتب ومراجعه أو توضيح ما ورد غامضًا في المتن وإن كانت الحواشي تتذيل النص وتقع في هامشه فإنها تؤدى دوراً وظيفيًا يؤازر المتن الحكائي .
وقد استخدم السيد حافظ حواشيه بشكل توثيقي في كثير من المواضع مثل إشارته لمرجعه التاريخي عن أخبار موسى ، وأحيانًا يستخدمها استخدامًا توضيحيًا تفسيريًا عند إشارته لأصل تسمية أبي حنيفة وللغة التي كلم الله بها موسي .
وأحيانًا كان يستخدمها للتعقيب والتعليق مثل تعليقه بأن أول من كشف زيف اليهود شامبليون....
ولكن الحاشية تتسع في كثير من صفحات الرواية حتى تبدو في كثير من الأحيان كتابًا مستقلاً عن المتن ، يتحدث فيها المؤلف عن مواقف حياتيه وأشخاص قابلهم أو يعرفهم يشكو ينقد يتألم يحب يفرح يحزن ، يذكر أسماء بعينها من الشعراء والكتاب ، يشكو ديونه أحيانًا....
ولكن هل فعلاً الحاشية لا علاقة لها بالمتن ؟في كثير من الأحيان تكون الإجابة بــــــــــــ لا هناك مواضع كثيرة تربط بينها ،منها علي سبيل المثال في صــــــــــ41 هناك عبارة أرسل مع العصافير دقات قلبك لمن تحب إن العصافير والحمام رسل قلوبنا
وفي الهامش
بيان انقسام المصريين في كل العصور منذ عهد إخناتون ومرورًا بموسى وفرعون ، وفي عهد المسيحية من آمن بعيسى بشرًا ومن آمن به إلهًا ، وفي عهد الفاطميين شيعة وسنة وحاليًا إلى إخوان وعلمانين وفي كل عصر يسقط الضحايا لغياب القدرة على التعايش لغياب الحب .
في نفس الصفحة الحديث في المتن عن جحود الأبناء رغم ما قدمه لهم الأباء وفي الهامش جحود المثقفين والإعلاميين وحصار الكاتب بالتفاهة في بلاد اللا معنى .
في صــــــــــ34 ربط بين المتن والهامش  حديث عن الشر وقول سهر يا خالتي شهرزاد الشر موجود طوال الوقت وفي كل الأحوال في الهامش مرض أخيه رمضان بالسرطان في الكبد وبداية علاجه الكيماوي .
في صــــــــــــ343 إشارة إلى الحكم بالعدل كما جاء في التوراة وفي الهامش إشارة إلى دخوله الإنتخابات باتحاد الكتاب وعلمه المسبق برسوبه لأنه لا شلة له فالثورة لم تغير فينا شيئًا حتى الآن .
صـــــــــــــــــ354 إشارة إلى سوء معاملة العرب الخليجيين للوافدين وفي الهامش إشارة إلى تسامح عمر بن عبد العزيز مع اليهود وتسامح هارون الرشيد مع المسحيين ثم تحذير من الفتنة........... وهكذا يأتي الهامش متممًا للمتن وموضحًا له أو معلقًا عليه ، في ربط بين الهامش والمتن والقديم والحديث والتاريخ والواقع.
كابتشينو صرخة لتنبيه مجتمع غافل ليعيد اكتشاف نفسه وتشكيل وعيه ، تطرح أسئلة تعمق جرحًا لتصل إلى التطهر ، لاتقدم حلولاً لكنها تضع أيدينا على المشكلة علنا نجد حلولاً لها.
تحمل الغرابة والتشويق ،نحن أمام رواية اختراق واحتراق تربط بين الما قبل بــــــــ الما بعد في الحكى ترجع إلى التاريخ وتسقطه على الواقع وتقدم لنا شكلاً جديدًا للسرد يعلو فوق التصنيف ويتمرد على النمطية .
دكتور احمد المصرى / جامعة الاسكندرية ..هاتف 01115336800

أبو زيد الهلالي مسرحية للأطفال

مسرحية الأطفال الاستعراضية الغنائية
               أبو زيد الهلالى
                   تأليف
                 السيد حافظ


 لقراءة المسرحية أو تحميلها بصيغة PDF  اضغط على الرابط التالي



رابط التحميل الأول

اضغط هنا

رابط التحميل الثاني

https://drive.google.com/open?id=0B2rLU6MapsKuMVR1OEYwRVY0Z0k


حمدان ومشمشة .. مسرحية للأطفال

مسرحية
حمدان ومشمشة 
.. مسرحية للأطفال
تأليف
السيد حافظ


بطولة :
الساحر
حمدان
مسرور: صديق وجار حمدان
مشمشة: زوجة حمدان
يعقوب: الرجل الأعرج
الوصيفة : رمانة
سيدة القصر : زوجة الوالى
الوالى
مع بطولة ثانوية :
- رجل 1 + رجل 2 + رجل 3 + رجل 4
- صبى القهوة – خادم 1 – خادم 2 – خادم 3
- حارس

                                         لقراءة المسرحية أو تحميلها بصيغة PDF  اضغط على الرابط التالي 

رابط التحميل الاول


رابط التحميل الثاني

أحلام بابا نويل مسرحية للأطفال

مســـــــرحــــيـــة
الأطفال الغنائية الاستعراضية
أحـــــلام بــابــا نـــويـــل
تأليف
الســـــيد حـــافــظ




                               لقراءة المسرحية أو تحميلها بصيغة PDF  اضغط على الرابط التالي 

رابط التحميل الأول


رابط التحميل الثاني

سندس مسرحية استعراضية للأطفال

السيد حافظ
مسرحية الأطفال الاستعراضية
سندس




                                      لقراءة المسرحية أو تحميلها بصيغة PDF  اضغط على الرابط التالي 

رابط التحميل الأول


رابط التحميل الثاني

الثلاثاء، 28 مارس 2017

صدور رواية حتى يطمئن قلبي للسيد حافظ

صدر مؤخرا بمصر رواية "حتى يطمئن قلبي"  للكاتب الكبير/ السيد حافظ عن دار رؤيا للنشر في 550 صفحة من القطع الكبير ، متضمنة سبع دراسات ومقالات نقدية عنها لمجموعة من النقاد والدارسين في مصر والوطن العربي على رأسهم د.وفاء كمالو ود.مباركي هاجر . وتنتمي هذه الرواية "حتى يطمئن قلبي" إلى جنس (المسرواية) .. من ضمن المشروع الروائي الكبير للسيد حافظ والذي بدأه بروايات "نسكافيه"، "قهوة سادة"، "كابيتشينو"، "ليالي دبي شاي بالياسمين"، "كل من عليها خان"، والتي أشاد بها كبار النقاد والكتاب كتجربة روائية ضخمة تدفع بالرواية العربية نحو عوالم جديدة من التجريب والتجديد واستخدام تقنيات مستحدثة في الكتابة في ذلك الجنس الأدبي العريق.

الأحد، 19 مارس 2017

مسافرون بلاهوية .. رواية قصيرة

رواية مسافرون بلاهوية ..
 رواية قصيرة
لقراءة أو تحميل الرواية بصيغة pdf اضغط على الرابط التالي

 رابط أول

رابط ثاني


الجمعة، 17 مارس 2017

مقالات نقدية عن السرد القصصي للكاتب السيد حافظ

 مجموعة مقالات نقدية عن السردالقصصي للكاتب السيد حافظ .. تم تجميعها في ملف واحد بصيغة pdf .. والذي تجدونه في الرابط الموجود أسفل الصفحة .. حيث قام بكتابة تلك المقالات عديد من كبار الكتاب والنقاد بمصر والوطن العربي ، وهم:
د.وفاء كمالو   (حيث نبدأ بعرض مقالها هنا في الصفحة .. مستكملين باقي المقالات مجمعة في الملف الموجود في مسار الرابط أدناه) 
د.ليلى بن عائشة
مباركي هاجر      (الجزائر)
عبد الله الشيتى(فلسطينى)
سعيد فرحات (لبنان)
فيصل صوفى(اليمن)
عبد الله هاشم(مصر)
محمود قاسم(مصر)
د. سعيد الورقى(مصر)
يوسف عبد المسيح(العراق)
شوقى بدر يوسف(مصر)
السيد الهيبان(مصر)
شفيق العمروسى(مصر)
سمير عبد الفتاح(مصر)
     لقراءة أو تحميل المقالات مجمعة بصيغة pdf  بالرابط التالي  ..


 بقلم د.وفاء كمالو 
لك النيل
المؤلف المثقف الكبير السيد حافظ –هو ثورة المسرح , عبقرية الرواية , دهشة القصة القصيرة ,والحضور اللامع فى قلب المشهد الثقافى --, يكتب إبداعا ووعيا وجموحا ومساءلة ---, هو الوشم النارى على ذاكرة الوطن والروح والجسد , كتاباته وثائق عشق مصرية , يرفض ثقافة التخلف وصناعة الجهل , يحاسب الماضى ويعاقبه , يقرأ تاريخ الوطن الحقيقى -- , لم يتخل أبدا عن قراره بامتلاك اقصى درجات الحرية , ليبوح ويروى ويمزق كل الأقنعة ---, إنه الحالة الاستثناء التى تفتح مسارات الدهشة والميلاد والجمال --, لتأتى أعماله ممتلكة لوعيها الثائر وقانونها الخاص .
يطرح السيد حافظ مفهوما جماليا مغايرا للوجود والإنسان --, الماضى يقفز إلى قلب الحاضر -- , تتجاوز الأزمنة حدودها , ونصبح أمام أحد أهم تقنيات الكتابة الحديثة التى , تستعصى على القوالب الثابتة , والأنماط السائدة  , أسلوبه السردى يتميز بشاعرية اللغة ,سحر التفاصيل , دفء الصياغات , --, عالمه القصصى شديد الوهج والإيقاع , يتصاعد عبر جماليات المونتاج --, مسكون بالمفارقات والنبوءات --, بالتراث والميراث والأساطير , بالليل والهمس والرغبة والجموح .
فى هذا العالم الثرى عرفت أن المؤلف السيد حافظ هو كيان ضخم ,هو فتحى رضوان فى رواياته --, عصام فى قصصه القصيرة, الفلاح عبد المطيع , مهدى أفندى وغيرهم , كل هؤلاء هم بعض  من روح السيد حافظ , وهم روح شعب مصر الذين لايعترفون بتاريخها المزدوج , ولايهزمون , ولا يهرمون .
فى مجموعته القصصية لك النيل والقمر , نلمس اشتباكه الساخن مع تفاصيل المشهد السياسى والاجتماعى والاقتصادى , منذ السبعينيات وحتى الان --, ليدين الواقع المقيد بالجهل والزيف والتسلط والقهر , وكما سألته ناهد فى روايته قهوة سادة –لماذا تكتب ؟ فيجيب –أكتب لأحرر ذاتى – الكتابة عندى جنون وهذيان وصدق الأنبياء , كأننى فى رحلة خارج الزمان والمكان , لأكتشف أننى إنسان.
بشكل عام وبشكل خاص , كتابات السيد حافظ , هى ومضات ضوء ساحر , تمنح المتلقى وعيا وفكرا واندفاعات , وإذا كان حضوره الثقافى الان هو روح الثورة وعشق الإنسان , فإن المستقبل سيسجل أنه من العباقرة العظماء الذين غيروا مسارات الإبداع ..
تتبلور قيمة المجموعة القصصية لك النيل والقمر , فى إنها لاتثبت عند نموذج احادى , وهذا سر حضورها الدائم --, إنها قراءة فى الوجود , بحث عن التكثيف , عن التجريد , عن اللحظات الشاهقة للتعبير الإنسانى  , وهى احتفال بالأشكال 
القصيرة الوامضة , واختطاف اللحظة المدهشة وإبتكارها.
تضم هذه الدراسة بعض قصص المجموعة , مثل الثمن , الموقف العادى , سيمفونية الحب فى ثلاث حركات , حروف من يوميات مهدى أفندى , والسلطانية الغورية فى بلاد مصر .
تأتى قصة الثمن كاستعارة درامية  شديدة التكثيف والدلالة , تموج بالعبث والعدم ,حيث تأخذنا الأنثى الجميلة سعاد ,صاحبة الحضور الطاغى المتوهج , برغم غيابها الكامل عن المشهد القصصى-,تأخذنا إلى امتداد تصاعدى مخيف , لتصبح هى المركز والحكاية والأصل والمنتهى --- , لم تتكلم عن قضايا المرأة وحقوقها  , فهى لاترى , لاتسمع ولاتتكلم , ترسم نموذجا شديد الإبهار لعذابات المرأة الشرقية , وتضع مفاهيم الخيانة فى قلب الزمان والمكان .
كان على السمنودى هو زوج سعاد, يعيشان معا فى 25 شارع الإسكندرانى بمحرم بك,لديهما الكثير من الأطفال , وفى ذلك الصباح , لم يستيقظ السمنودى على صوت صوت سعاد , اندفع منزعجا يبحث عنها , لكنه لم يجدها—اختفت او هربت --- ,لذلك ذهب الزوج بسرعة الى قسم الشرطة ليبلغ عن الواقعة , وهناك  كانت المفاجأة المثيرة التى تؤكد أن المؤلف السيد حافظ يمتلك وعيا إبداعيا مدهشا ومغايرا .
أمام ضابط الشرطة وجد السمنودى خمسة رجال , عامل , شاعر , صحفى , طالب , ومحامى---كلهم يحملون اسم على السمنودى , وكلهم أيضا مقيمون فى 25 شارع الإسكندرانى بحرم بك , وجميعهم يبلغون عن هروب سعاد الأمية الصماء الخرساء العمياء --- ,ومن المدهش أن التحريات قالت إنها إمرأة شريفة---وأمام هذه الوقائع الضبابية العبثية الغائمة ,يجتمع الرجال الخمسة فى السجن, ليصبح القارىء أمام اشتباك مثير مع دلالات اختزال النساء إلى البعد الجنسى , ومع عذابات رجال يحترقون فى جحيم الخيانة , تلك الحالة التى يتحول معها الوجود الواسع الى سجن تتردد فيه الحكايات مع البحر والشمس والضوء .
تميزت الكتابة بالإيقاع الحار والتصاعد السريع , وكشفت عن وعى متدفق بالفن والجمال ومعنى الدهشة, ونظل أمام إحساس عارم إننا أمام أوديب , الذى بحث عن الحقيقة , وعرفها –ليفقأ عينيه من بشاعتها ,ويبقى أن الخيانة فى وجود النساء هى المهانة فى عيون الرجال . 
قصة الموقف العادى
فى البدء كانت القبلة الاولى سحرا وجحيما واسرارا---,دفعت الفارس أن ينزل إلى الساحة يتحدى العالم ,فقد كانت حبيبته هى الحياء والخجل والعشق والعطاء, والان عرفته زوجا , وعرفها هو أيضا , فى كل لحظة يشعر أنه يجب ان يخرج من حدود عالمها الساذج , كى تخرج هى إلى عالمه الرحب--, وتظل تلك المفارقة هى الصراع الأبدى
فى المنتصف كانت هى تحب فى عمها الثرى الفخامة والنادى والسيارة والأناقة , بينما زوجها يحب الفلسفة والتاريخ واللوحات والناس , فكان يرجوها أن تدخل عالمه---, لكنها مستغرقة فى الزواج والجنس والأولاد . ورغم أنه ظل يرفض أن تقول زوجته لا للحق—إلا أنهما كانا يلتقيان  , يجمعهما الليل والدفء والرغبات.
فى هذا الإطار يلمس القارىء جماليات النسج المدهش بين الحب والجنس والسياسة والعدالة , حيث المدينة الكافرة التى لاتعرف الا لغة المال والثراء , والزوجة التى لاتزال تحاول أن تدخل حياة زوجها من نافذة ضيقة , رغم أنه فتح لها كل الأبواب .فى الختام يكتشف الزوج أن العلم نور—والنور صعب , يعلم أن العدل أساس الحكم --- وهو أساس الحاكم والمحكوم , وأن الحاكم يحكم بالميزان والسوط والسجان , لكن السائل هو الخسران , والكاسب هو من يركب الموجات ويحكى للسلطان حكاية الشاطر حسن فى مدينة العميان . وهكذا تمضى الحياة بعبثها الشرس , أخذته زوجته إلى أحضانها , وأطفأت الشموع , ليظل زمن البدء والمنتصف والختام فى حالة تقاطع مدهش مع تيارات الوعى والمشاعر , ليقفز الماضى إلى قلب الحاضر , ويرسم الحاضر ألوان المستقبل .
قصة سيفونية الحب فى ثلاث حركات
الحركة الأولى--- ليلى والبحر والنور والقمر
الليل والبحر والقمر والقلعة---يدها الجريئة , تضغط على يد عصام الباردة --, يقبلها رغم محطة الأوتوبيس واشباح الناس المنتظرة , كانت براءتها فوق إحتماله , أخذها إلى أحضانه , فنظر أحد الركاب وصرخ--- ياولاد الكلب  ناموا الدنيا برد .
يكشف أسلوب السرد عن جماليات رفيعة المستوى, حيث الوصف المدهش لتفاصيل المكان , واسرار حزن عصام اليوم ,السياسة فى قلب المشهد , الجامعة تشهد موجات من التمرد والعصيان , مجلات الحائط تتمزق, مقالة عصام تثير ردود فعل عارمة , الشرطة تضرب بعنف والطلبة يتدافعون ويسقطون , عصام يعانق ليلى ويغيبان فى قبلة طويلة ,فالحب أقوى من الموت ’ والسياسة تشكل إيقاع الوجود , ورغبات الأجساد الثائرة لاتعترف بالناس والزحام والبرد والأمطار والطريق .
كان عصام يعشق سذاجة ليلى , ويحب كتابات لوركا , ولايهتم بصراخ الشرطة --, خلع جزء من ملابسه --- وهى أيضا , غابا عن الواقع , ومر الأوتوبيس , فصرخ أحدهم , تلك الصرخة التى تصاعدت مع صوت شاب من المنزل المواجه , وهو يردد--- يامجانين ياولاد الكلب
هكذا تأخذنا جماليات لغة الؤلف السيد حافظ, المسكونة بالتصاعد والحركة والايقاع وسحر المونتاج , إلى زمان بعد الزمان لنلامس ضوء القمر , ونعرف معنى الثورة والعشق والحرية .
الحركة الثانية—
-- مها والمطر والتوحيد –
فى الحركة الثانية من سيفونية الحب ,نتعرف على حرفية المؤلف فى صياغة اللحظات الشاهقة, التى تمثل علامات فارقة فى حياة عصام , نشعر معه ببرودة الليل , بالمطر وهو يغسل البيوت والحارات , بدفء الشمس وضجيج الحياة , وعبر جماليات الإنتقال الناعم إلى الجامعة يتردد صوت المحقق وهو يسأل عصام—انت يسارى ؟ وتأتى الرؤى والإجابات لنعلم أنه يقرأ الثورة الثقافية لوحيد النقاش , يعشق البرتو مورافيا--, يبحث عن ناشر لكتاباته , ولايزال يبحث عن أسرار قصيدة عفيفى مطر –صرخة أم -- ,وتظل الاشتباكات الدالة الساخنة تربط بين جموح الواقع الضاغط , وتيارات الوعى , وعذابات الأعماق -- ,حيث صديقته الجميلة سوسن تنتظره فى المرسم , لكن الظروف تدفعه إلى الأنثى الدافئة – مها -,التى تسأله عن حبيبها حسن --, عيناها تتحدثان بثورة العشق , لكن حسن فى السجن --, وعصام الان فى سجن عينيها , واللحظات الضاغطة تثير الرغبات والجنون , فاقتربت الأجساد وتشابكت -- , وغابا فى قبلة مثيرة تحت المطر ,وحين رفع عينيه تذكر مسرحية السيد بونتيلا – لبريخت , وانتهت الليلة
 على صرخات طفل صغيريقول لأمه مذعورا—الدنيا ضلمة قوى-- , وهكذا افترق عصام ومها , ولم يلتقيا بعد ذلك .
الحركة الثالثة من السيفونية
شادية واللحظة
تتكشف أبعاد وعى المؤلف , لنصبح فى مواجهة ساخنة مع ثراء عالمه الإبداعى المسكون بالوهج, وتتبلور ملامح شخصية عصام , وتناقضاته المتوترة , بداياته الأولى مع التأليف تلون الكون بسحر موهبة متدفقة , يلتقى برفيق الصبان , الذى يراه ممثلا جيدا   , جماليات تقاطع الوعى مع الحب والجنس والسياسة , تأخذنا إلى الموظفة الرقيقة فى إدارة الجامعة , وهى تدعوه إلى منزلها -- ,لأن زوجها مسافر--- , الواقع العشوائى المهترىء يفسرمعنى التسلط والقهر والاستبداد والغياب فى زمن السبعينيات, والجدل الحيوى الثائر يشتبك بقوة مع وقائع وجودنا الحالى, لتصبح الكتابة عزفا على أوتار الأجساد المعذبة , والأرواح المبتورة--, قوات البوليس تقتحم الجامعة وتقبض على الطلبة—بينما شادية الفتاة السمراء الجميلة , تنتظر عصام المخرج--, فقد أخبرها المساعد أنها ستقوم بدور البطولة فى مسرحية رأس العش لسعد الدين وهبة , 
اتجه عصام إلى الأنثى الباحثة عن التمثيل, وهو يتخيل ليلته المثيرة , قرر ألا يخبر أنثاه الموعودة بأن النشاط ممنوع فى الجامعة بسبب المظاهرات ,والتقيا-- , قرأ فى عينيها شغفا وشوقا, وكان موعدهما فى السابعة مساء اليوم
قبل الموعد كان خيال عصام يرسم ملامح الساعات , يسترجع حديثه مع الشابة التى ترى أن مسرحية سكة السلامة أحسن من مسرحية رأس العش---, ثم يخل فى حوارات ساخنة عن تفاصيل السياسة العالمية-- , عن الدول الصناعية والدول
 النامية , وضرورات دعم اقتصاد الفقراء—وهكذا يظل المؤلف السيد حافظ حاضرا بقوة فى قلب هذا الإبداع الثرى المدهش , ونتابع عصام حين يقرر الذهاب إلى صديقه خليل – الرجل الذى مات الوطن فى داخله--, بعد أن سقطت أحلامه فى رحلة رغيف العيش-- , طلب منه مفتاح الشاليه , وذهب إ لى هناك مع شادية الشابة السمراء--, كان السلم طويلا والكهرباء مقطوعة-- , أشعل الشموع , وخلع قميصه , وضمها إلى صدره , فكانت الساعات مدهشة  مثيرة , منحت عصام تحققا زائفا , وهروبا عنيدا من ضغوط واقع لايزال يستلب الروح والجسد .
قصة حروف من يوميات مهدى أفندى 
يواجهنا المؤلف الكبير السيد حافظ بلحظة درامية شديدة التكثيف والبلاغة , تختصر معنى القهر والتسلط والاستبداد—وعذابات الفقر والجوع والغياب , لنعرف ببساطة كيف تموت الحياة , فالنهر يغيب فى بلاد الجوع والشقاء , والماء يصبح دما يطارد مهدى أفندى , فى البيت والعمل والمقهى --, يفتح الصنابير كلها ليجد دماءا حمراء ,تأتيه ابنته بالقلة ليشرب , فيجد الدماء , يقرر أن يترك البيت , فيغسل وجهه , لكنه يتراجع مذعورا--, يذهب إلى الشغل فتصافح عيناه الأنثى العارية فى إعلان فيلم سينما أمير , يتكلم كثيرا ويلاحظ الزملاء توتره وانتفاضاته , يعود لبيته --, وفى الطريق يطلب ماء من القهوة فيجده دما---,أغنية الموت الرخيص العادى تتردد حوله  , الحياة مريرة والوجود خانق قاتل-- , والصراع العنيد وصل إلى منتهاه , وكل من حوله رضخوا , واستكانوا للعذاب .
إنها رؤية مبهرة يبعثها المؤلف المتميز الذى قرر القبض على جمرات الفن النارية, ليدين الخوف والهلع والهروب , بحثا عن إنسانية   الإنسان .
السلطانيةالغورية فى بلاد مصر
من الماضى إلى الحاضر , من التاريخ الحقيقى –وليس المزور - , الى الواقع الشرس العنيد , يأخذنا السيد حافظ إلى حكاية القهر  والفقر المخيف , حيث الحب والجنس والنساء-- , والتسلط الجامح وميلاد الثورة , والسلطة التى أدركت المعنى , حين خلع الفلاح المصرى عبد المطيع , ملابسه ووقف عاريا أمام الشرطة--, فأخذوه إلى السلطان --, ليعينه قنصوه الغورى – فى زمن المماليك -, قاضيا للقضاة
عبر ثلاثة أسابيع متتالية تدور هذة الحكايةالتى كتبها السيد حافظ بأسلوب شديد الدلالة , تجاوز حدود الجمال المألوف , ففى السبت الأول كانت نظرات عبد المطيع  تمتد إلى الأرض , عيناه تفحصان تراب الأجداد , فيهما أحزان أخناتون -- , ناداه الشرطى المملوكى وقبض عليه , اخذه إلى السجن --, لأنه يرتى جلبابا أبيض اللون ,
لم يعلم الرجل أن السلطان قنصوه الغورى عيناه مصابة بألم , وأنه أصدر فرمانا أن يرتدى الجميع ملابس الحداد السوداء , ويمنع الناس من الغناء ,  من الابتسام --, من الضحك , ومن الزواج والافراح لتكون الملابس السوداء فى كل مكان 
السبت الثانى
خرج الفلاح من السجن , بعد أن عذبوه بقسوة--, أدرك ان القانون هو قانون السلطان  , عاد إلىبيته حزينا , ثم خرج يتنزه فى ضاحية امبابة --, يتذكر إهانات السجن , وكان يرتدى الملابس السوداء--, فناداه الشرطى -, نفس الشرطى --,وقبض عليه --, ذهب به غلى السجن مره أخرى ,  لانه يرتدى ملابس سوداء , ولم يعلم ان السلطان قد تم شفاؤه , وامر أن يرتدى الناس ملابس بيضاء  , ويعلقوا على بيوتهم الزينات والأعلام , لكنه هو وزوجته وكل اسرته , لايزالون يرتدون السواد . 
يوم السبت الثالث—
خرج الفلاح من السجن , نظر إلى الشمس والشارع والناس , ولم يجد ألوانا --, قابله نفس الشرطى وقبض عليه --, فخلع ملابسه على الفور--, ووقف عاريا--, أخذوه إلى السلطان --, فضحك الوزراء وصفقوا-- , وضحك السلطان طويلا --, وأمر بتعيينه قاضيا للقضاة  , 
هكذا نصبح أمام حالة سياسية  إقتصادية واجتماعية , مدهشة تؤكد ان الثورة تولد من قلب القهر والعذاب , تدين الماضى والحاضر , وتشتبك بقوة مع وقائع زمننا المشاكس العنيد .
------------------------------------------ د . وفاء كمالو
                                 

الخميس، 16 مارس 2017

كل من عليها خان . رواية

               رواية
 كل من عليها خان

تأليف
السيد حافظ


تشاكسني الألفاظ والمعاني فأعاني يا غربتي في المشاعر وتنهيدة القلوب وجراح وطني وغياب الأمان. تشاكسني الحروف وأنا المصلوب والمقهور والمغلوب والمظلوم وقلبي نور. تشاكسني عيناك فأحنّ إلى طفولتي ورمال البحر المتسخة في يدي وأنا أبني عليها قصورا.. تصير حروفنا رمالًا ويصير الجهل موجًا فتضيع كل الحكايات في عتمة روح أوطاني؛ فتشاكسني الجهالة والجمال.
كل نساء الشام فاتنات، والفتنة غواية وعشق الجمال غواية والزنا بعض من العشق.
وهل للزانية النار؟
والجنة اختيار وأسرار.
وللعشق أشعار.
ومازالت الشوارع ثكلى من الفرح تتعرّى بحب الدنيا. الدنيا راقصة جميلة رخيصة.
هل أنت زانية يا سهر؟
 لا..! بل عاشقة لرجل آخر.
***

                        لقراءة أو تحميل الرواية بصيغة pdf اضغط على أحد الروابط التالي:

رابط التحميل الأول

رابط التحميل الثاني



الأربعاء، 15 مارس 2017

السيد حافظ.. عن الثورة والبحر

السيد حافظ.. عن الثورة والبحر
30 سبتمبر 2016.. روز اليوسف

يكتب: د.حسام عطا
هو من مواليد 1948 بمحافظة الإسكندرية حيث تفتح وعيه على الثورة والبحر، طفولته بدأت ووعيه يستيقظ ومصر تمر بمراحل التغيير الشامل بعد 1952، هو من جيل التغيير و الحراك الاجتماعى عبر الكفاءة والتعليم، تعلم بمدارس الحكومة المصرية التى كانت ممتازة للغاية، عندما كانت فنون المسرح والخطابة والأدب جوهر أنشطتها اليومية، ولذلك كانت مدرسة شديدة الجاذبية، وكانت قادرة على فصل الطالب عن محيطة الاجتماعى وصناعة أهداف أخرى له، ولذلك كان هذا الجيل من الكتاب والعلماء والمفكرين المصريين الذين ينتمى إليهم السيد حافظ.
وهو جيل ثورة يوليو 1952 الذى انتقل إلى مهن جديدة وطبقة اجتماعية جديدة ولكنه ظل على انحيازه الدائم للعدالة الاجتماعية، وقد انعكس هذا الانحياز فى عمله الابداعى واضحا بدفاعه عن الفقراء وتبنى أسئلة الحرية، أمسك السيد حافظ بالقلم سيفا وفأسا ورمزا وبابا للرزق، ولذلك بقيت مسرحيته حكاية الفلاح عبدالمطيع 1982 دلالة محورية فى عمله الابداعى، وهو عندما يعود للتراث فى حرب الملوخية (2000) أو ملك الزبالة (2001) فهو يعود ليرصد أزمات الحكم فى وطننا العربى المأزوم دائما بالتفتيت وخيال القبيلة والخيمة والممالك الصغيرة، ولذلك فهو يعيد قراءة التاريخ، كما فعل فى قراقوش والأراجوز 1998، حيث يتأمل حكم قراقوش الغرائبى والذى كان بأسم صلاح الدين الايوبى.
هذا كما أن البحر والإسكندرية بمراكزها الثقافية النشطة وبحريتها الذاتية التاريخية تدفعة للتجريب فيبدأ بكبرياء التفاهة فى بلاد اللامعني1970، وغيرها من الأعمال، إلا أن سعيه للجمهور العام جعله يهتم بالمسرحية التقليدية ذات الطابع الساخر ، المتفق مع طبيعته الشخصية، يرحل للكويت الشقيق منذ 1977 حتى 1993 وهى فترة توهجه الابداعى، فقد منحته الكويت عزلة اجتماعية أعطته فرصة للإنتاج الغزير وهناك تأكد انحيازة الواضح للطفل الذى كان، فمنح الطفل المصرى والعربى كتابات مهمة فى المسرح منها سندريلا (1993)، كتب للتليفزيون وللإذاعة حيث الكتابة عمله الحر، بعد أن تخلص من أعباء الوظيفة الحكومية منذ السبعينيات، وهو يمارس الآن الكتابة عبر الرواية والقصص، بعد أن أصبحت اختياراته الفنية والفكرية خارج اهتمامات الإنتاج الفنى العام والخاص فى مصر، حيث حاصرتنا الاختيارات الغليظة، وحيث لا مفر لنا إلا أن نستعيد المدرسة التى تعلم فيها جيل السيد حافظ، الصديق العزيز صاحب الإنجاز الدرامى الوفير، هكذا تحدثت عنه فى حفل تكريمه الذى أقامه المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الثلاثاء الماضى بمقر المجلس الأعلى للثقافة.

لقراءة المقال  من مصدره الأصلي بروز اليوسف تتبع الرابط التالي:
http://www.rosaeveryday.com/news/179990/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF-%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More