Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 18 ديسمبر 2017

رمزية السرد الحكائي في قصة" لك النيل والبحر والهرم يا أميرتي "

رمزية السرد الحكائي في قصة" لك النيل والبحر والهرم يا أميرتي ",و "حكايات من الشاطئ" ,و "رسائل من العمر الضائع"_ للسيد حافظ_
بقلم مباركى هاجر الجزائر
أجمل ما تكون أن تخلخل المدى والاخرون ,بعضهم يظنك النداء ..وبعضهم يظنك الصدى ,,و أجمل ما تكون ..أن تكون مفترقا للصمت والكلام ..يكون فيك  أول الكلام آخر الكلام ...أدونيس.
        أول الكلام قصة تلامس مواطن التجلي ,والمعرفة ,والعشق ,والجسد الكوني ,وأجمل ما يكون أن تعبر إلى تجربة تتجاوز الحالة الإبداعية الجاهزة للوصول إلى لذة النضج الفكري , وسلامة الذوق مع السيد حافظ , والأجمل  الأجمل ,أن تلج المساحات المخبوءة , والمعلنة, بتناول فني متناسق ,عبر المجموعة القصصية لك النيل والقمر ,عنوان يشكل الغلاف القصصي لمساحة إبداعية ,تتشابك فيها القصص في عالمها الفني, بالموروث الثقافي الإنساني والعربي ,ليرتقي بها إلى التمثيل الرمزي لفكرة الوطن ,أو الأمة. هي تجربة تعبر عن  القلق الإنساني ,باعتباره يشكل بعدا من الأبعاد المعرفية للإنسان .
لك النيل والبحر والهرم يا أميرتي ,هي الحكاية المفتاح ومستوى السرد الأول :يطالعنا الفعل الصوفي في هذه المساحة ,عندما يفصح  السارد عن سبب اختيار إسمه قائلا :قال أبي :"سموه السيد تيمنا بالشيخ السيد البدوي ,حتى يكون صوفيا ,شيخا مهابا ,وقورا ,نبيلا ,شامخا يأتي بالمعجزات ,يسير فوق الماء ,يأمر السحاب وينقذ العذارى في عيد وفاء النيل ..يأمر النيل أن يجري فيجري ,وأن ينهض فينهض ,فيصبح نافورة لعنان السماء,,كان أبي قوي الشخصية لذا كان اختياره هو الأمثل :السيد.. ,"بهذا المدخل تندفع المعاني ,عبر قناة الكاتب الفلسفية والصوفية ,وتتأرجح المخيلة بين الواقعي والميثولوجي ,بحثا عن الحقيقة عبر تقاطيع التاريخ ,,,,"جدّي الأول كان أحد ملوك الفراعنة العظام . وفي غفلة من الزمن  ...خرج على جدي بعض الزعران ,والمرتزقة والأعداء ,فاغتصبوا البلاد والنساء ..واستباحوا كل شيئ,," يعرض القاص حدث قصته ,معتمدا في السرد على الماضي وتجاربه التي تعج بما هو واقعي ,فيصارع الذاكرة ويصدم الحاضر ,,"أنا فرعون ملك البلاد التي جار عليها الزمان وحكمها العبيد والخصيان ,بعد موت فرعون الأول ,,"ليسجل الكاتب عبر هذه المحطات واقع البشر في لحظات استرجاع عميقة ,حتى أنّك في لحظات انفعال وتفاعل, تتعجل الحدث بحثا عن محطة اللاواقع ليستريح فكرك من كدمات الحوادث الملموسة ..
لك النيل والبحر والهرم أميرتي شكل سردي تجريبي ,يكسر فيه السيد حافظ القواعد الفنية التقليدية ,لينتقل عبر مساحات مشهدية مفعمة بالحوار ,والمنولوج الداخلي ,لشخصيات من الواقع تحمل هواجسها الفكرية وتعيش اغترابا داخل الوطن ,,"أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الوطن,,"قلت :دردشة ,فرفشة ,نعنشة ,هلوسة ,هي الوطن ..الوطن أنا ,,"هو الهذيان المحموم في حب الوطن ,يحل فيه التشاؤم والحزن بديلا للخير ,يبلغ به الكاتب- من خلال رمزية كثيفة – حالة الاضطراب واللاتوازن الضاربة  بجذورها في عمق مجتمعاتنا العربية ,واقع تحولت فيه النفس البشرية عن حالة الضمير الرقيب, إلى ضياع الضمير في حالة الانفلات والتدهور الفكري .
        يتحرك السرد عبر المساحات القصصية ,لتتجلى من خلاله, قدرة القاص على تلوين الأداء الفني ,وفقا لطبيعة الموضوع ,فيفتح فضاء النص أمام المتلقي , ليفصح الكاتب عن الكثير من أوجاع الفكر ,في تعامل رمزي ,بغرض الوصول بالمعنى إلى مقاصده المنشودة ,فيداعبنا سحر السرد القصصي الحافظي  في حكايا من الشاطئ ليشركنا معه في استنطاق النص وفق شعورنا الخاص , فتتكشف الحكايا عبر مستوياتها الرمزية , عن قيم جمالية وفنية وفكرية , تتولد  في رحمها الدلالات مع كل قراءة ,,"طفح القلب نشيدا بريا فوق أرصفة الجوع الحبلى بالأغاني ..الخاسرة  ..لم يعد في النوايا الخبيثة خير ..علي رقص في احتفالات الأب باخوس والإسكندر وغنى بين يدي الأميرة شهرزاد أغنية محلية علقها في صدر الأذن المفتوحة بالفضيحة ,,"هو منعطف قصصي بلمسات رمزية صوفية يتفجر فيها التخييل ,ويبدأ معها الحفر في أغوار الذات والتاريخ ,,"لم يعلقوا صورته في جريدة ,لم يلتفتوا إليه إنه عزف كل الألحان السرية في أمسية حمراء,,"من فضاء مكاني إلى آخر, يرسم الكاتب حالة الصراع التي تعيشها شخصياته فيتعدى المكان مدلوله الواقعي, إلى مدلول رمزي عميق , ليرسم  النص حالة من التحول ,  "وهما ,,يسيران  على الشاطئ فجأة ظهرت أمامها سمكة كبرى ضحكت هي وقالت ..انظر إلى السمكة ..نعم سمكة ..قفز مسرعا اتجاه الشاطئ ليصطاد السمكة التي كانت على الشط ..أخذ يدخل اتجاه البحر صرخت هي :ارجع ,لم يتراجع ,لكنه الآن  لن يتراجع مهما كان الثمن ,,"هي صورة رمزية تجسد التمرد على كل أشكال الاضطهاد ,والتجاهل .يشكل خطاب المكان من الشاطئ إلى القرية إلى البلاد البعيدة ,التبدل والتحوّل على مستوى العلاقات الاجتماعية ,ولم يكن وصف المكان وصفا عابرا ,بل هو متعمد عبر ثنايا السرد القصصي, يكشف  عن تحول قيمته, ودوره العميق ,في تشكل الذات وهويتها , هي أمكنة تلاشت أدرواها ,لتخلف شرخا في الذات ,وحالة من العقم على مستوى الفكر والمشاعر. من الجراد إلى النمل إلى الضفادع ,تبلغ الذات المثقفة حالة من اليأس ,..."فلقد كان يريد أن يسمع صوتا من ذاته ..فتح المذياع سمع صوت ضفدعة , وعندما حاصروه حاول ان يخرج ذات مساء و أن يصرخ ويبكي في الطريق وهم خلفه يجرون ,,"
في نسيج قصصي يرتبط فيه الواقعي بالخيالي ,تتلبس الكتابة الحافظية بالحركية ,نحو ممكنات إبداعية,يمنح في إطارها الكاتب لشخصياته فرصة الحديث بلغتها , ومستواها ,وصراعاتها من علي محمود ,إلى فاروق حسني ,ذوات تعيش التهميش في ظل القمع الرسمي والشعبي للثقافة , ,الفن لم يعد له مكان في الوطن ,الذي فقد دوره وتحول من حالة المقدس إلى الاعتيادي, و أقل من ذلك ,الوطن تبدّد تحت وطأة الانتماء الزائف ,,,"عندما يموت الغريب في بلاد غريبة , وعندما يحدث فإن الأحداث كلها في ذهن الغريب أحداث غير معقولة ,,",
شهرزاد تؤجل الموت بالحكي وتحيي وجودها ,,السيد حافظ يؤجل موت الإبداع بمجموعته القصصية التي تحمل القارئ إلى برزخ الوعي واللاوعي ,بقدرة فائقة على فتح الحدود بين الأجناس الأدبية ,وتشكيل فضاء إبداعي مشترك يتجانس فيه السردي و الغنائي والوجداني . أربع رسائل من العمر الضائع هي محطة قصصية يلامس فيها القارئ العلاقة الروحانية التي يعيشها الكاتب مع أنثاه ,التي تكاد لا تبرحه عبر النسيج القصصي لك النيل والقمر, هذه الأنثى الحاضرة بقوة في كل أعمال السيد حافظ ,والتي يتكشف أمامها ,ويبوح لها بأوجاعه ,هي ليلى ,زهرة ووردة ,ونرجس, أسماء لا تخلو من الرمزية العميقة ,هي الحلم وهي الوطن ,وهي الحضور والغياب ,حالة من حالات الجنون الحافظي الهادئ ,,,"حبيبتي زهرة سقط العمر صريعا على موائد الخديعة ورحلت معك جوف النقاء ,طعنتنا خناجر التقاليد والعادات وعدنا لنبحث عن كتلة هذا العالم عن ركن عن زاوية نرسم عليها صور الإنسان ",,,هي الرسالة الأولى في بناء الحدث القصصي من رسائل العمر الضائع ,مساحة يتحد فيها الماضي والحاضر بروابط وشيجة ,فلا يستطيع أن يتحرك الزمنان إلا معا ,فلا الماضي يبتعد عن الحاضر ولا الحاضر يستطيع الحركة بمعزل عن الماضي , هي لحظات البوح عندما يصير الفرد نهبا لمشاعر الحصار , ويفتقد الأمن ممن يفترض أن يكون مصدرا له. يتحرك الكاتب من خلال الأنا تارة ,وتارة أخرى يلجأ إلى الهو  و النحن دفاعا عن ذاته وعن المجتمع .يشكل الخطاب السردي في ثنايا الرسائل الأربع  سياقا قصصيا حافلا بالتأمل ,مشهد للهزيمة والانكسار .."والحقيقة أن كل الأشياء قناع الموت البدء الانتهاء , صوت داخلي للشجن القاتل والأحلام المغتالة ,هي آليات الحضارة المادية التي تضع حواجزا وعقبات لا تتحقق معها الحياة الروحية ,,,حبيبتي زهرة يمر عمري على حوائط الزمن الأعمى يتسلق أشجار المواجهة ..يا غاضبة مني بإخلاص شديد وبرود شديد وبحب شديد ضعي يدك في عصارة العودة والبدء..المشكلة هي المجتمع يعني الجميع للجميع.
        هكذا أرادها السيد حافظ مناخات, وتساؤلات ,و إحالات, إلى الواقع والتاريخ ,في بناء قصصي داخل هيكل فني ,اعتمد فيه على تداخل مستويات السرد ,ليتولد أحدهما عن الآخر ,وكأنك تقرأ ألف ليلة وليلة بطابع فكري وسياسي و اجتماعي .قصص رمزية تلامس مواطن التجلي وتجمع بين الإيحاء والإدهاش الفني ,هي رحلة قصصية ,آثرنا من خلالها الكشف عن مكامن التميز في الفضاء الإبداعي الحافظي ,مستأنسين فيها بحقائق تاريخية تحرك الذاكرة ,في إطار بنية قصصية قوامها الانتقال السلس بين أكثر من فضاء .
مباركي هاجر _  كلية الآداب والفنون قسم الأدب العربي جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم الجزائر_mebarki.hadjer.mosta.dz@gmail.com

بـيـبـى والعجــوز.. مسرحية

مسرحية

بـيـبـى والعجــوز

قصة وسيناريو وحوار
الســـــــيد حــــافـظ







رقم المشهدالسيناريو / الصــــورةالحــــــــــــوار
1ليلى/ داخلى / الساعة 8م – فيلا سالم التاجر الثرى.
سالم والد (بيبى) وقد جهز نفسه للخروج. رجل فى الخمسين وزوجته أم (بيبى) إمرأة فى الثلاثينات.. وقد وقفت المربية نورا...الأب : جهزى العشاء الى بيبى
الأم : وبعد تناول العشاء أجعليها تنام
2ليل / خارجى / الساعة 8:15م – ا لشارع
سيارة يركبها سالم وزوجته والأمطار تتساقط بشدة فى الشوارع.. لقطة كبيرة فى الخلف.. مصابيح الكهرباء.. كلب يرتجف.سالم : هذه دعوة عشاء هامة سيحضرها رجال الأعمال وزوجاتهم.
الزوجة: لا تخف يا زوجى فزوجة عبد الله التاجر الكبير الثرى تحبنى جداً.
3ليل / داخلى / الساعة 8:20 م – فيلا العم كمال.. فيلا ضخمة.. نافذة من بعيد والرعد والبرق يظهر والمطر.
العم كمال يجلس بمفرده .. عجوز فى السبعين.. يستند على عصاه.. يخاف من البرد.. والمدفأة بها حطب مشتعل.كمال : أين أحبابى.. أين أقاربى.. أين أصدقائى.. أين الجميع الآن..
لقد تركونى بمفردى فى هذا المنزل الضخم.

لقراءة المسرحية كاملة أو تحميلها اضغط على الرابط التالي:

رابط التحميل الاول

اضغط هنا


رابط التحميل الثاني

https://drive.google.com/file/d/1OYiYm4CZk-UTwzlSvDdlgR-l6hdBPXi5/view?usp=drivesdk

زمن الماضي البسيط واختزال العالم العبور نحو الحقيقة

زمن الماضي البسيط واختزال العالم
العبور نحو الحقيقة
قراءة في رواية (ليالي دبي) للكاتب الكبير/ السيد حافظ
(شاي بالياسمين)

بقلم/ أحمد حنفي

بدايةً .. فنحنُ أمام نص روائي يؤسس وعياً جمالياً مغايراً من حيث الشكل وطرق الأداء، وهو نص يؤطِّر بذلك الوعي المغاير فكرة الغريب ومفهوم الاغتراب المكاني والنفسي والاجتماعي.
بنية الرواية لا تتَّصف بالمرونة والانسيابية، بل نجده نصاً مرهقاً يتكون من مجموعة بنى مركبة يتعدَّد فيها الرواة وتتنوَّع فيها الأماكن وتختلفُ فيها الحقب الزمنية وتتمايزُ فيها أشكال السرد.
بالرواية حكايتان مختلفتان من حيث الانتماء الزمني؛ إذ لكلٍّ منها زمنه الخاص:
الحكاية الأولى، حكاية (فتحي رضوان خليل) الكاتب المثقف الذي واجه بمصرَ إحباطاتٍ دفعته للسفر إلى (دبي) مصطحباً زوجته معه، فتحي رضوان العاشق لــ (سهر) تلك الفتاة الحلم والتي تورَّط معها في علاقة غير شرعية.
الحكاية في مجملها تسلط الضوء على حياة مثقف وكاتب معاصر ناقد لوطنه ومجتمعه من أجل غدٍ مختلف ومغاير، وربما كان هناك تماهياً بين شخصيتي فتحي رضوان والمؤلف وهو الأمر الذي نجد له قرائن في أصداء السيرة الذاتية التي بثها كاتبنا الكبير/ السيد حافظ على مدار الرواية.
الحكاية الثانية، حكاية (كاظم) وقصة عشقه لــ (سهر) والتي تدور أحداثها بالشام وتشتبك معها قصة (الحاكم بأمر الله والجارية شمس) حيث تقوم شمس بدور المعادل الموضوعي لسهر.
الحكايتان لا تتقاطعان في الجزء الأول – شاي بالياسمين – ولكنها متوازيتان، كما أنَّ بنية النصِّ بها مقاطع تحت مُسمَّى (تنهيدة)، تلك التنهيدات كانت تسبق قصة سهر، تتناول أحداث الفتنة الكبرى زمن خلافة الإمام"علي بن أبي طالب".
ومقاطع أخرى تحت عنوان (همسة)، تلك الهمسات كانت تسبق قصة فتحي رضوان وتحكي عن الصراع بين الحكم والعقيدة متمثلاً في قصة إخناتون.
كما كان لأدب السيرة الذاتية دوره الحاشد كفواصل بين الحين والآخر فيما جاء تحت عنوان (شخصيات في سيرة مسيرة ابن حافظ فيما حدث وما جرى في بلاد المسخرة)، وهي (نصوص / متون) تعتمد على مبدإ الكشف والفضح لمواقف جمعت الكاتب مع بعض رموز وأعلام الفن والثقافة والسياسة بمصر والوطن العربي سواء كانت تلك المواقف بالسلب أم الإيجاب.
وكل ما سبق يضعنا أمام نصٍّ يُكرِّس لمفهوم جمالي جديد لا يمنح مبررات فنية لذلك الشكل بقدر ما يثير داخل المتلقي عدة أسئلة، أهمها:
كيف يحتفظ الكاتب بحريته والتي هي أساس العملية الإبداعية وفي الوقت نفسه ينصاع لقوالب وقيود يفرضها الشكل الروائي التقليدي؟ أي كيف يكون حراً وأسيراً بآن؟
هذان السؤالان هما ما أجاب عنهما السيد حافظ بذلك التمرد في بنية وشكل روايته (ليالي دبي)، ذلك التمرد الذي كان حلقة في سلسلة تمرد الرواية الجديدة والتي صاحبها تغيُّر التقاليد الفنية المعتادة للرواية الواقعية وتطور التقنيات السردية بما يتلائم والأنماط الجديدة والرؤى التي تطرحها.
والحقيقة أنَّ رواية (ليالي دبي) لا تنتمي لتيار روائي بعينه؛ فإذا ما نظرنا إلى قصة (الحاكم بأمر الله وشمس) ورؤية الكاتب لشخصية (الحاكم) باعتباره رمزاً للعدل والحضارة والرُّقي كما أننا لو نظرنا لتنهيداته وهمساته والتي جسدت الصراع الديني السياسي فهي رواية أفادت من الرواية التاريخية من جهة كإفادتها من ظاهرة الإسقاط السياسي والاجتماعي من جهة أخرى، كما أنَّنا لو نظرنا لقصة (فتحي رضوان خليل) باعتباره المثقف الذي يقف من الأشياء على مسافة تفرضها رؤيته ووعيه بالواقع فإنَّنا نستطيع القول أن تلك الرواية تنتمي إلى روايات تيار الوعي، وهي تلك التي ترى أنَّ الحقيقة لا تكمن في الواقع المعاش بل هي التي تكمن في الوعي الإنساني بهذا الواقع؛ فشخصية (فتحي رضوان) ما كانت تكتسب تلك الأهمية وذلك المعادل الموضوعي للكاتب نفسه إلا بامتلاكها وعياً بواقعها ومشكلات وطنها كذا مشكلاتها النفسية والعاطفية.
ومن سمات روايات تيار الوعي انفراط عِقد الحبكة الدرامية المحكمة واختلال توازن الزمان وتسلسله ليصبح زمناً نسبياً وتصبح الأحداث تروى من خلال تقطيرها في وعي الراوي أو إحدى الشخصيات. [1]
وجدير بنا أن نقف أمام الزمن الخاص الذي أنشأه الكاتب لروايته، فهناك تداخلات زمنية بين قصة الحاكم وشمس من جهة، وكاظم وسهر من جهة، وفتحي رضوان وعشقه من جهة ثالثة؛ ليصبح فعل الكتابة تقاطع مع الواقع وانتقال من حدث ماضوي لحدث ماضوي آخر كذلك الانتقال بين الصراع الديني السياسي أيام الفراعنة وما شابهه في أحداث الفتنة الكبرى، أيضاً قصة الحاكم وشمس وما ناظرها من قصة سهر مع كاظم وفتحي رضوان، ذلك التقاطع بين الواقع ووعي الكاتب في فعل الكتابة صاحبه تقاطعاً بين فعل القراءة - الذي يقوم فيه المتلقي بإعادة إنتاج المعنى - وفعل الكتابة ذاته.
وبالتالي يطرح السؤال نفسه، لماذا عمد الكاتب إلى إعادة طرح رؤيته في الحكايتين، وإعادة طرح موقفه في العلاقة بين الدين والسياسة في التنهيدات والهمسات، وإعادة طرح محنة اغتراب الأديب في قصة فتحي رضوان ولقطات السيرة الذاتية التي نثرها على مدار النص؟ وبما أن كل كاتب يهدف إلى وصول رؤيته عموماً للمتلقي فلمَ كل هذا التشظي الذي حفل به نص (ليالي دبي)؟
أعتقد أن الإجابة على تلك التساؤلات مرتبطة بمعرفة الزمن الخاص للرواية، ومن الجيد أن ننطلق من عند (رولان بارت) حين تحدَّث عن زمن الماضي البسيط باعتباره "حجر الزاوية في السرد، هو الإشارة الدائمة إلى الفن .... ولم تعد مهمته التعبير عن الزمن؛ بل إنَّ دوره إيصال الحقيقة إلى نقطةٍ ما وأن ينتزع من الأزمان المعيشة والمتعددة والمتراكبة حدثاً لفظياً صرفاً يجتثُّ التجربة الوجودية من جذورها" [2]
إنَّ مقولة التاريخ يعيد نفسه تؤكد على فكرة زمن الماضي البسيط، تلك الأحداث المتكررة وذاك الهم المصري والعربي الذي نفشل في تغييره رغم أنه يتكرر في مشهد عبثي من آلاف السنين.
إنَّ الكاتب الكبير/ السيد حافظ استطاع أن يجعل من الزمن الماضي زمناً مصطنعاً يفترض وجود عالم مختزل إلى خطوط دلالية مصاغة بماضوية يختبئ هو خلفها حيث يستدرج القارئ لتلك الحقيقة المتشظية عبر الزمن.
ذلك التشظي الزمني صاحبه تشظياً مكانياً وآخر شكلياً حيث يختلط السرد بالمسرح بالسيرة الذاتية بالسيناريو بالمقال الصحفي بالهوامش بالفواصل.
وبالتالي يمكننا أيضاً أن نعتبر رواية (ليالي دبي) من الروايات المنتمية لتلك التي تتكئ على جماليات التشظي والتفكك، وهي جماليات تعتمد على التجاور والتوازي والتزامن.
فدلالة حكاية (فتحي رضوان) تنبع أهميتها من مجاورتها لحكاية (كاظم وسهر)، كما أن دلالة حكاية (كاظم وسهر) تبرز هي الأخرى من خلال توازيها مع قصة (الحاكم بأمر الله وشمس).
وكل قصة ليست سبباً في وجود الأخرى كما أنها ليست نتيجة لها، فهي أحداث مفككة في ظاهرها لا يربطها مبدأ العلاقة السببية. ذلك التشظي وذلك التفكك إنما قام في رأيي مقام تقنية كسر حاجز الإيهام لدى المتلقي/ كسر الحائط الرابع، وهي تقنية مسرحية بالأساس.
إنه لا يريد للمتلقي أن يقع تحت سُلطة السرد وإنما يريد له أن يشتبك بوعيه مع النص والرؤيا، إنه لا يمارس التطهير، بل يضع المتلقي أمام الأزمة ويتركه ليبحث لها عن حل.
لنخلص إلى أن تلك الرواية تنتمي للروايات الجديدة التي أعقبت الرواية الواقعية من حيث أنها:
• تمردت على التقاليد الراسخة للرواية الواقعية.
• تخلت عن الحبكة الفنية المحكمة واستبدلتها بالتصميم الفني الذي يشبه التصميم في الفنون التشكيلية.
• الحرية في القفز بين الأنواع الفنية وغير الفنية والإفادة من تقنياتها وبخاصة المسرح والسينما والسيرة الذاتية والكتابة الصحفية.
ومن الجائز لنا القول أن تلك المعايير والمفاهيم الأدبية الجديدة التي يكرسها نص (ليالي دبي) تفرض علينا الخضوع لمنطق ذلك الشكل الروائي للتعامل مع معطياته التي يمنحها لا مع القوالب الجاهزة التي تُفرض عليه، فلا يتعيَّن أبداً هنا البحث عن التسلسل والسببية في بناء الحدث كما لا يجب الحديث عن الشخصيات من حيث أبعادها البيئية وبنائها وتماسكها من عدمه بقدر النظر إلى اعتبارها أيقونات أو علامات ذات دلالات أعمق، وذلك لأننا بإزاء شكل جديد، متمرد، يفرض جمالياته والتي لن أكون مجاوزاً إن اعتبرت التمرد الفني قيمة بحد ذاته يحاول النص تجسيدها.

الهوامش:
[1] راجع: قراءة النص، د. عبد الرحيم الكردي ص 115 وما بعدها
[2] راجع: الكتابة في درجة الصفر، رولان بارت، ترجمة: د. محمد نديم خشفة، ص40 وما بعدها
--------------------------------------
أحمد محمد حنفي
e-mail: ahmadhanafi2011@gmail.com
العنوان: القباري - الإسكان الصناعي - بلوك 15 مدخل 70 شقة 10 الدور الثالث - الإسكندرية


حوار مع مفكر عراقى مع كاتب مصرى (1) " محمد الجزائـــرى "

حوار مع مفكر عراقى مع كاتب مصرى (1)
" محمد الجزائـــرى "
أجرى الحوار : السيد حافظ

- فى أدب الحرب يكون السؤال : هل يبقى هذا الوجود ؟
- ما معنى رحيل شعرائنا الشهداء ؟
*****
- هل أثمرت الحرب – العراقية – الإيرانية أدباً جديداً مميزاً فى الحركة الأدبية فى العراق ؟
- الحرب، أية حرب تدفع الشعب المعتدى عليه، لأن يتحصن بذاتيته .. أنه يتجه بحدة نحو الداخل فى المعطى النفسى والقتالى كإرادة ..
بالنسبة للأدب والثقافة عموماً، فالذاتية الثقافية هى الطريق الثابتة فى المحافظة على الاستقلال وعلى الذات .. معاً، وهى تتجلى من خلال تراثنا العربى – كتعميم – والذى يعبر عن التجارب التاريخية لشعبنا، وهى الضمير الجماعى للشعب والنظام الذى يكفل تماسك المجتمع وترتكز عليه إرادته الجماعية ، إذاً فإن كل عدوان يقع على أى جزء من الوطن العربى يستهدف الطرز الثقافى باعتباره الأساس الذى ترتكز عليه (الذاتية الثقافية) لشعبنا العربى واستمرارية طاقته الإبداعية والتربة التى تمتد فيها جذور هذه الذاتية واستمرارها ضرورة ملحة.
ولهذا فنحن فى العراق ، إذ نواجه العدوان الإيرانى ، فإنما ندافع عن ذاتيتنا الثقافية وعن التنمية والاستقلال والسيادة .
ولأننا نؤمن – بإصرار – بالوقوف دوماً ضد الاستسلام ، ضد الخنوع ، ومن أجل التقدم الدائم .. فإن وجها مهما من وجوه التعبير فى أدبنا المعاصر. يجسد هذه الحالة كمهمة استراتيجية فى الأدب والإعلام معاً، وعبر قنوات الثقافة والفنون أيضاً.
لذا فإن الرواية العراقية – على سبيل المثال – كما القصة القصيرة والشعر ، (صبت اهتمامها على الإنسان مقاتلاً حقيقيا ، وجسدت الظرف الذى يحيط به ، الطبيعة وقسوتها .. وحالها ..) والنتاج الثقافى عموماً يبرز بدرجة عالية من كثافة الوعى ويضعه فى مواقف الكثير منها جديد فى المواجهة العربية .. كما أن الشجاعة لا تؤدى إلى حب الموت بل إلى حب الحياة ...
والخلاصة : فى هذه الحرب لم يفكر الأديب العراقى : كيف يكون الوجود.. بل : هل يبقى هذا الوجود ..
فأبطال قصص الحرب عندنا ليسوا أبطالاً مضنوعين (قصصياً) بالمعنى الإصلاحى، بل هم أبطال حياة ساخنة وحقيقية . لذا يلجأ الكاتب القصصى أحياناً إلى الضغط على الشخصيات من أجل الحالة الأفضل تعبوياً.. بالبعد العسكرى والبعد النفسى. الأغتيالات ، الذكريات من الغنى بحيث تحتاج إلى تصفية (فلترة) كى لا تكسب نفسها ككم على مساحة القصة أو الرواية أو القصيدة – أحياناً – بل أن يتسرب الجانب الذى يخدم فنية الإبداع والعمق الإنسانى.
إنه يكتب عن تاريخه الشخصى ضمن البطولة الجماعية .
وذلك ما يميز أدب المرحلة عما سبقه فى الحركة الأدبية فى العراق.

- أزمة المسرح فى الوطن العربى فى السبعينات هل هى أزمة ديمقراطية أو أزمة إبداع ؟
- لماذا نفترض أن المسرح العربى مر بأزمة فى السبعينات ؟ أنا اعتقد العكس تماماً، إنه – كالثقافة عموماً – انتعش فى السبعينات حتى أواسطها وبدأ العد التنازلى فى السنوات العشر الأخيرة . بعد أن تزامنت وضعية الثقافة مع التراجع الخطير الذى مرت به حركة التحرر الوطنى العربية والتمزق الحاصل فى كياناتها ونحن نعرف أن حرب لبنان ثم الحرب العراقية – الإيرانية باعدت (القوى العربية) عن بعضها بدل أن توحدها إزاء الخطر المشترك والعدو الواحد.. الاستعمار والصهيونية والرجعية.
وأن حرب لبنان مزقت ليس لبنان وحده بل المقاومة الفلسطينية أيضاً.. وأن الحرب العراقية – الإيرانية – حاول العرب – قبل غيرهم – أن يجعلوها حرباً منسية .
الأن استفاق بعضهم ليتعاطف مع العراق ، ومع مصر، ومع المقاومة الفلسطينية. الثقافة عموماً تلك السنوات مرت بمحنة الثقفة ، والانهيار ، والإحباط، لأن أغلب الذين يتعاملون مع مفرداتها اصيبوا بخيبة أمل، وبالتالى خسروا يمانهم.
السبعينات فى العراق اعطتنا مسرحاً متماسكاً : الحصار ، الطوفان ، كلكامس ، بغداد ، الأزل، البيك والسايق ، وأعمالاً ممتازة.. استمر مداها ليدخل حيز الإبداع واستثمار الإيجاب فى التراث : مجالس التراث، المتنبى ، وأخيراً مقامات الحريرى.
كما قدم المسرح احتفالياته الخاصة التى تتوازن وإيقاع الحرب.. كما قدم فى الوطن العربى أعمالاً مهمة ، كما فى مصر والمغرب ، وسوريا، والكويت، وتونس..
آنذاك كانت الديمقراطية أكثر غنى فى عموم الوطن العربى والإبداع بخير.. خاصة وأنه واجه عناصر الصراع – بعد نكسة 5 حزيران – وإبان الأمل الذى أشاعته حرب أكتوبر المبدع إنسان بتأثير بالظروف المحيطة ، وبوضع الأنظمة..
الأن .. ثمة مسعى من أجل ردم ثغرة القطيعة، ومحاولة جدية فى مد الجسور من خلال محاولات التجريب أو صنع المختبر المسرحى العربى الذى مهدت له ندوات توعية (كندوة التراث العربى والمسرح فى الكويت) والملتقيات (أو التخطيط للملتقيات) التى جرت فى تونس والمغرب. وأنا متفائل من هذه الصحوة.
- المبدع فى الوطن العربى محاصر من عدة جهات ، هل الإبداع قادر على التجاوز؟
- لا يمكن أن يكون النتاج إبداعاً، إن لم يتجاوز.. ولو بمساحة شعرة رأس واحدة إلى أمام.
(الإبداع) ليس عملية وهمية : أو خرافة ، أو سحراً.. إنه عملية مشتركة بين المبدع – كإنسان متقدم الوعى – وبين مادة الإبداع ، (البشرية ، التراثية ، الحضارية، الاجتماعية ، الثقافية .. الخ )
دوماً نجد توافر المادة الأولية للمبدع ، إن فى التراث، أو فى الحاضر.. لكن المبدع هو الرهان على التجاوز من خلال فعله ومدى تأثيره أثره الإبداعى على محيطه.
صحيح أن المبدع محاصر عموماً فى أغلب بلدان الوطن العربى. فإما أن يكتب ما يطابق (مسطرة) الأنظمة ، فيمر نتاجه عبر (الرقباء) و(قومسيرى) الثقافة، إذ ذاك لا يكون النتاج المؤشر، بل النتاج التقليدى الذى لا يحارب أحداص، أو أنه يهادن الجميع بنبرة تتظاهر بالعملية النمطية ولا تشاكس مشاكل الواقع العربى الراهن واشكاليات الثقافة والسياسة والحياة.
ولمجرد أن أن ينطوى النتاج الإبداعى على موقف يتقاطع مع (فكر) هذا النظام أو ذاك فإن الحصار سيشتد ضد ذاك النتاج وبالتالى ضد المبدع.
ومع ذلك فأنا لا أتشاءم، إذ أن العديد من المبدعين يستطيعون أن يكتبوا بالفحم أو الطباشير على الجدران أو أن ينحتوا بالأظافر الجبل، ولكن دعونا نتذكر أمل دنقل ونجيب سرور وخليل حاوى، هل كان موتهم تجاوزاً أم الحصار فجرهم موتى؟
** للحوار بقية **
السيد حافظ
عن جريدة الأهرام
15/11/1984م


حوار مع مفكر عراقى مع كاتب مصرى (2)
" محمد الجزائـــرى "
أجرى الحوار : السيد حافظ

- مصادر الدراما العربية : من الواقع والتراث .. إلى الأسطورة .
- والغريب نضج الدراما العربية رهن بتلقيها .. قومياً. بالفصحى .
*****
فى هذا الجزء الثانى – والأخير – من الحوار الذى أجراه الكاتب المسرحى، والروائى المصرى السيد حافظ – فى الكويت – مع الناقد والمفكر العراقى ، محمد الجزائرى ، يصل الحديث إلى تفاصيل هامة حول وضع المسرح والدراما العراقيين.. وكان الجزائرى يتحدث عن وضعها فى مصر أو تونس أو المغرب أو سوريا، الاختلاف فقط فى أسماء المؤلفين وعناوين المؤلفات ومواعيد ظهور المشاكل.. والحلول..
- ما رأيك بتجربة كل من قاسم محمد ، يوسف العانى ، د. سعد يونس، سامى عبد الحميد، فى المسرح العراقى .. وهل هناك جيل جديد بعدهم ؟ .. ولماذا نفتقر إلى وجود المسرح الشعرى ؟
-
السيد حافظ
عن جريدة الأهرام
22/11/1984م

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More