Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 21 يناير 2023

الصراع النفسي في مسرحية امرأتان. بقلم: عبد السلام إبراهيم

الصراع النفسي

في مسرحية "امرأتان" للسيد حافظ



بقلم: عبدالسلام إبراهيم


نشر هذا المقال بمجلة الجديد- العدد 96/ 97- يناير وفبراير 2023م

لقراءة هذا المقال من الموقع الأصلي

اضغط هنا 

الصراع النفسي

في مسرحية "امرأتان" للسيد حافظ

يفتتح الكاتب السيد حافظ مسرحيته “امرأتان” بحوار بين الشخصيتين الرئيسيتين “هدى” و”سنية” الشقيقتين اللتين تعيشان بمفردهما بعد وفاة والديهما، تعاني المرأتان من الوحدة في ظل غياب الرجل الذي يجب أن تحتميا به، وتبحثان عنه في حواراتهما، كما لا تستطيع أيّ منهما إخفاء الخوف الناجم عن تلك الوحدة والصراع النفسي الذي تعانيان منه، تكشف هاتان الشخصيتان تاريخ تلك الأسرة وكيف أن كل واحدة ترى العالم من خلال عينيها وخصوصا شخصية الخال الذي فر من مصر ليعيش في أميركا منذ عشرين عاما عقب تعرض الفتاتين لعملية نصب من شريك أبيهما على ميراثهما في الشركة التي كان يمتلكها من أبيهما، وحينما تعرفان من خلال الصحيفة أنه راجع وهو رجل الأعمال الثري تتغير الأحوال وينظر إليهما المجتمع بصفتهما تنتميان له ومن المؤكد أن حياتهما سوف تتغير إذ سوف يرجع إلى هدى خطيبها مصطفى طمعا في الثراء المتوقع من زواجه بها. كما يتصل بهما محامي الشركة ويطلب منهما الحضور لاستلام مستحقاتهما.

 

تتضح من خلال الأحداث أن شريك أبيهما يحتاج إلى زراعة كلية وينشر خبرا في الصحيفة للعثور على متبرع، فكشفت عن الأبعاد النفسية والاجتماعية التي تعيش فيها الشقيقتان والتي ساهمت في تصاعد الحدث الدرامي والوصول إلى أقصى درجات التحجر العاطفي إذ جاء على لسان سنية:

 

سنية: الواحد لما يبقى جنب الموت بيشوف العالم بشكل تاني.



يلعب السيد حافظ على تيمة الحلم وهو وصول الخال من أميركا ليغير الأوضاع الاجتماعية والنفسية التي يمكن أن تساعد على تغير شكل الحياة مع الشقيقتين اللتين بنتا ذلك الحلم طول النص، وهو ما جعلهما تهتمان بتغيير منظر المنزل انتظارا لوصوله، كما تتفجر من خلالهما قضية المجتمع الانتهازي الذي يستطيع أن يحطم كل من يقف أمام القوي، ويتبدى لنا أن القوي قد يكون رجلا غير ثري مثل عم سليمان الذي يأتي لهما بمتطلبات البيت من خبز وخضروات وفاكهة لتصل الأحداث إلى رغبته في تزويج ابنه البالغ من العمر تسعة عشر عاما وهو ما مقتته الشقيقتان إذ أنهما تبلغان من العمر أكبر من ذلك الصبي الذي يريد أبوه تزويجه.

يقول رومان إنجاردن: إن الكلام الذي تنطق به الشخصيات يشكل النص الرئيسي لمسرحية ما، وتشكل الإرشادات المسرحية التي يعطيها المؤلف النص الثانوي، بينما ترى آن أوبرسفيرالد أن النص المسرحي يتكون من قسمين متمايزين، لكن لا يمكن الفصل بينهما وهما، الحوار والإرشادات المسرحية. استطاع السيد حافظ في مسرحيته “امرأتان” أن يحمّل الحوار المسرحي وخصوصا حوار الشقيقتين مسألة نمو الحدث المسرحي بشكل معتدل وبهدوء دون صياح، وكشف عن معاناة نفسية كبيرة تحملها هاتان الشقيقتان في دواخلهما، وساعد ذلك الحوار إلى تفجر الصراع النفسي بينهما والذي تؤيده الشخصيات الغائبة التي لعبت دورا في وجود تلك المعاناة النفسية مثل الخال وشريك الأب والخطيب المحتمل، وجاءت الإرشادات المسرحية لتغلف الحوار وتؤطره وتساهم في تغير الحالة النفسية ومرور الأيام مثل وجود لافتة أعلى خشبة المسرح لتدل على اليوم وتغيره. جعل السيد حافظ هذين العنصرين مندمجين معا للوصول إلى النهاية دون تغيير ملحوظ في المنظر.

 

إن قوة المسرح تكمن في أن العالم المتخيل فيه يقوم على ركائز واقعية وترى ماري كلود هوبرت أنه من غير المجدي أن نبحث عن وجهة نظر الكاتب المسرحي من خلال نصه، لأن الكتّاب المسرحيين لا يعطوننا عادة أجوبة عن الأسئلة التي يطرحها معاصروهم، رغم أن مسرحياتهم هي صدى وانعكاس لقضايا عصرهم. يناقش السيد حافظ في مسرحيته “امرأتان” قضايا اجتماعية من خلال الشخصيتين الرئيسيتين والعلاقات المتشابكة ومسألة العزلة المفروضة عليهما ونتائجها، إذ فرضت عليهما الحياة العيش بمفردهما وبحثهما عمّا يطور من حياتهما، عن ذلك الرجل الذي يغير من برودة العلاقة بينهما، تبحثان عن الكلب في نهاية المسرحية وهو الذي كان مزعجا في بدايتها.

 

يقول بيتر بروك “يجب ألاّ يكون المسرح غبيا بليدا، ويجب ألا يكون  تقليديا، ويجب أن يكون غير متوقع، إن المسرح يقودنا نحو الحقيقة من خلال الدهشة، من خلال الإثارة، إنه يجعل الماضي والمستقبل جزءا من الحاضر. بحثت الشقيقتان في مسرحية “امرأتان” عن الماضي الذي لم يكن الحاضر نتيجة حتمية له إذ كانتا تعيشان في وضع اجتماعي فاخر؛ في منزل كبير يحتوي على حديقة ويحسدهما الجميع عليه، لكن طمع الشريك واحتياله على نصيبهما وضعهما في موقف غريب، كما أن توقع وصول الخال الذي كانت إحداهما تكرهه جعلهما تبحثان عنه وتنتظران وصوله بشكل مثير إذ أن وصوله سوف يغير من وجه حياتهما بشكل جذري، وأن الماضي المتمثل في الخال والخطيب المنتظر لهدى سوف يكونان الحاضر الذي تعيشه هاتان الشقيقتان.

 

العتبة البصرية عبارة عن لوحة تعبيرية يتربع فيها اللون الأسود على أركانها ويحمل في ذاته دلالات ومعانٍ عديدة، إذ يفرض نفسه وكأنه يؤكد على المقاصد الفنية التي جاءت به، أو أنه اللون الذي لا يمكن أن يقبل في نسيجه أيّ لون آخر حتى لا يخفض من قيمته ويُنكر غايته الكبرى، صورة امرأتين تنظر كل واحدة في اتجاه مغاير، إحداهما بشعرها الأسود والأخرى بشعرها الفضي، نظراتهما منكسرة، إذ تعبّر تلك النظرات عن حالة نفسية مرتقبة تعيشها هاتان المرأتان وسوف يكشف عن ذلك النص، هذه الصورة تحفز المتلقي وتعده بنص مختلف سوف يطوف به في النفس البشرية ليحاول الكشف عن أحلامها وارتباكاتها في ظل عالم جاحد، وبرغم أن المرأتين ملتصقتان في الغلاف إلا أن كل واحدة تمتلك فكرا وتوجها مختلفا حول العالم وحول الشخصيات المرتبطة بهما. جاءت العتبة اللغوية، العنوان “امرأتان” فمن الناحية التركيبية، يمكن أن تعرب “امرأتان” خبرا لمبتدأ محذوف أو مبتدأ لخبر محذوف، مكتوبا بخط يهمين بتشكيلاته على تركيز المتلقي حينما يقع بصره عليه وباللون البرتقالي الذي يتوسط الغلاف حتى يقتل اللون الأسود في ساحته ويتصدى لسطوته البصرية التي فرضها من قبل، فضلًا عن أن العنوان يمثل بعدًا رمزيا بينما تتعانق في الغلاف الفكرة والزمن والشخصيات لأننا نكتشف العلاقة القوية التي تربط العتبة البصرية بالعتبة اللغوية فتتماهى الفكرة وتتجلى الدلالة حينما نكتشف أن عبارة “امرأتان” مكتوبة باللون البرتقالي بينما الخلفية تتشكل باللون الأسود والأبيض معا وهذا ما تعبر عنه العتبة البصرية.

 

جاء عنصر المكان متغيرًا ومتقلبًا ومواكبًا للأحداث، معبرًا عن كل شخصية تتواجد فيه رغم أنه جاء مختصرًا إذ لم يسهب المؤلف في وصفه نظرًا إلى أهمية الحدث المسرحي وضرورة تناميه، وأن عنصر المكان بأحداثه يمكن أن يتكرر في أيّ عصر آخر بشخصيات أخرى


. أما الانتقال الزمني من وقت إلى آخر، رغم امتزاجه مع عنصر المكان، لا يسبب قلقًا لدى المتلقي لأنه انتقال سلس ومبرر ويُعيد تشكيل الأحداث بشكل منطقي وتكون له دلالة واضحة للتأكيد على تنامي الحدث، إن تضافر عنصري المكان والزمن المسرحي قد حقق التكامل في حالة الإيهام التي جاءت لتضع المتلقي في رهان اللاوعي ليندمج مع الشخصيات تماما ومع ما تقوله.

 

لا يحدد كاتبنا المسرحي الشخصيات في مستهل المسرحية التي سوف تكون لها أبعاد درامية، لكنه بدأها مباشرة بوصف المنظر ثم الحوار الذي دار بين الشخصيتين الرئيسيتين وهما “الشقيقتان” أو “المرأتان”، وربما كان المقصد من وراء ذلك كشف تناقضات هاتين الشخصيتين وهي تتطور والأصوات المنبثقة منهما والتي تتميز بالثراء الدرامي لتتفاعل مع الحدث؛ لككنا نستطيع إيجازها في “هدى” و”سنية” و”عم سليمان” والشخصيات الافتراضية التي تتحدث عنها تلكما الشخصيتان” “الخال” و”مصطفى” و”الشريك” و”المحامي” والصحفيات.

 

يقول بيتر بروك في كتابه “نحو مسرح ضروري”: منذ أربعمئة سنة كان بوسع الكاتب الدرامي أن يحاول استحضار نمط الأحداث في العالم الخارجي، والأحداث الاجتماعية لأفراد معزولين ذوي نفسيات مركبة، والتجاذب العنيف لمخاوفهم وطموحاتهم في صراع مكشوف، كانت الدراما كشفا، كانت مواجهة، كانت تناقضًا (Contradictions) يستدعي التحليل والتعرف، لتؤدي في النهاية إلى إيقاظ الفهم. تتجلى كل تلك الصور في شخصيتي مسرحية “امرأتان” إذ نكتشف أن هناك طرفين للصراع بين الشخصيات التي رسمها السيد حافظ؛ الجانب النفسي بمخاوفه وطموحاته وتناقضاته والجانب الاجتماعي بجبروته وطموحاته وتناقضاته وارتباكاته، فضلا عن تلاحم الطرفين لصناعة الحبكة الدرامية والتي يتناوب من خلالها الحدث المسرحي في حدته من حالة إلى حالة رغم أنه متنامِ وكل مشهد يعتبر نتيجة طبيعية للمشهد الذي سبقه، وأن الصراع المكشوف الذي دار بين الطرفين بشدته يدل على أن حركة الشخصيات حسمت هذا الصراع وجاء الكشف الذي حدده بروك بأن انتهى الصراع إلى خروج الطرفين واستقرار الأوضاع لدى أصحاب المكان، كما أن جميع الشخصيات كانت فاعلة ومؤثرة وساهمت في نمو الحدث الدرامي.

 

جاءت اللغة في مسرحية “امرأتان” بالعربية العامية البسيطة والعميقة التي تصل إلى كل متلقٍّ، وتحمل دلالات كثيرة كما أنها تؤسس للفعل الدرامي بشكل منطقي وتتغير حسب الحدث والزمن والشخصيات التي تنطق بها من خلال حوارات مكثفة وعميقة تتسق مع الدلالة التي جاءت بها ويمكننا أن نصفها بأنها لغة مرنة ودرامية، وتبرز قدرة السيد حافظ في تصوير أفكاره ونقلها إلى لغة مكتوبة، كما أن كل شخصية تتكلم بنسق لغوي لا يختلف عن الشخصيات الأخرى مما يؤكد على الوحدة اللغوية للمسرحية إذ استخدم كاتبنا البنية اللغوية المناسبة للمسرح والتي يفهمها كل متلقٍّ، وتبين قدرته على صياغة الحوار المكثف الذي ينسجم مع الموقف في العبارة الدرامية، ذلك النسق اللغوي يرسم كل شخصية بشكل كبير للدرجة التي تجعل المتلقي مندمجًا في حالة التخييل التي تشارك كل شخصية في تشكيلها.

 

البناء الدرامي في مسرحية “امرأتان” جاء متوازنا مع النسق العام للحوار الذي كان له الفضل في تصاعد الحدث الدرامي كما كان متسقا مع اللهجة العامية التي يتحدث بها المصريون وإن كانت في بعض الأحيان تجنح إلى المحلية المصرية الغارقة ببعض التفاصيل الخاصة جدا. استطاع الكاتب المسرحي أن ينقل إلينا الحالة النفسية لكل شخصية بلسانها دون تردّد. إن الحدث المسرحي الذي بدأ في منزل الشقيقتين كان له الدور الأكبر في البناء الدرامي بشكل مكّنه من الوصول إلى قمة الحالة النفسية للشخصيتين الرئيسيتين وواكب ذلك التنقل بين الأمكنة المحدودة والأزمنة القصيرة بشكل سلس.

 

يعتبر المنولوج تكنيكا مسرحيا رفيع المستوى إذ يعلي من شأن الحوار وقد استخدمه شكسبير في مسرحية “هاملت”، انتشر المونولوج المسرحي بصورة كبيرة بعد ظهور مدرسة التحليل النفسي التي تعتبر هي البداية له من خلال تقديمها الكثير من المعلومات حول الشعور الإنساني والتفجّرات العاطفية الهائلة لديه التي كانت بمثابة بطاقة الدخول للعاطفة الإنسانية. في مسرحية السيد حافظ “امرأتان” لم يستخدم المنولوج بشكل منفصل عن الحوار بل مزجه لدرجة التماهي فجاء على لسان سنية:

 

سنية: الناس تحب تشوف الدم وتشوف الإنسان وهو مصلوب وبينزف وهما بيبتسموا.

 

اختصر هذا المنولوج القصير جدا الأزمة التي يعيشها المجتمع الذي يجلد مواطنيه لدرجة الفرجة على الدم وعلى رؤيتهم وهم مصلوبون حتى يهدأ باله. استطاع السيد حافظ أن يختزل أيضا حالة المرأتين في منولوجات قصيرة جدا ليضمن رؤاه حول الشخصيتين الرئيسيتين فجاء على لسان سنية:

 

سنية: أيوه أنا عندي أربعين سنة دلوقت.. ولا نسيتي يعني خالك راجع وهو عنده خمسة وستين أو سبعين سنة يعني علشان يحمل همنا.

 

سار النسق الدرامي في محاور ضيقة ولكنها تحمل معان كثيرة إذ كشف لنا أبعاد الشخصيتين النفسية التي تتمثل في همومهما إذ أن قطار العمر مضى بهما وهما في نفس المكان ولم تحقق أيّ منهما حلمها بالزواج في سن أصغر، وجاء ذكر العمر ليؤكد على فكرة أن مرور الزمن لن يغير شيئا من الواقع المرّ. خلق الصراع النفسي لدى الشقيقتين صراعا دراميا ساهم في تصاعد الحدث الدرامي ووصوله إلى الذروة إذ أن الكبت النفسي والعلاقات الخارجية التي تفصح عنها الأختان سببت لهما ضيقا نفسيا تفجر خلال الأحداث التي نتجت عن واقع مرير ومجتمع نفعي وسلطوي مما زاد من سلطة الصراع الدرامي.

 


قدم لنا السيد حافظ في مسرحيته “امرأتان” قضايا وأزمات المرأتين النفسية بشكل بسيط ولغة دارجة بسيطة تصل إلى متلق يعيش نفس الظروف أو على الأقل على دراية بها إذ أنك تجد بيتا واحدا يعاني منها وربما يشترك في أحداثها بشكل أو بآخر. نقل لنا الكاتب المسرحي حالة نفسية مكثفة في ظل حدث درامي شديدة الثراء وتنتهي بالضحك مع صوت الكلاب في فرح ابن عم سليمان لتكون النهاية مفتوحة لأنها تسير وفق قانون الحياة الذي لا يمكن أن تجد له نهاية تُرضي الشخصيات والمتلقي في آن واحد.


عبدالسلام إبراهيم

كاتب من مصر

*********** 

*****


الجمعة، 20 يناير 2023

338 مسرحية الشاطر حسن هل كان الشاطر حسن... شاطراً حقاً !! بقلم: صالح البدري

  دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 338 )

 مسرحية الشاطر حسن

دراسة من كتاب
السيد حافظ

في عيون كتاب وفنانين ونقاد العراق 

                                               دراسات نقدية وشهادات 

الطبعة الأولي 2021

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى



 



انتبهوا أيها السادة..

فى مسرحية " الشاطر حسن " أصبح الكسالى والصعاليك أبطالاً للحرية وأصبحوا هم فخر الوطن وفادوا النصر ضد الأعداء الموهومين وأطلقوا حرية السجناء المظلومين وأعادوا الحق إلى نصابه بقدرة قادر من خلال أغنيات ورقصات وحركات (عنترية) لم تقتل ذبابة.. وإنصلح حال السلطان الظالم بمشهد تمثيلى وخلال (لعبة) إستغرقت ثلاثة أيام فقط. واكتشف هذا السلطان (المخدوع) أن مآسى شعبه.. وإستغلال التجار والطفيليين له.. وإنتشار المدعيين ومروجى الخزعبلات والخرافات لم تأت إلا من (تحت) رأس وزيره (المتقاعس) الذى يأتى هذا السلطان فى نهاية العرض ليصادر أمواله وزجه فى الصفوف الأمامية لجبهة الحرب ذد المحتلين والغرباء !!..

حتى الوصيفة (المسكينة) التى كانت فى قصر السلطان تتعرض للسجن ؟ اصطحبت الأميرة (ست الحسن) ابنة عم هذا السلطان لنا مظلومة ومضطهدة هى الأخرى وسط جدران القصر الذى حكم عليها إلا تغادره لأنها (حبت أن تختلط بالعامة من الناس وأعجبها أن تزورهم فى أسواقهم الشعبية لكى تذوب الفوارق الطبقية فى نظر الكاتب على ما يبدو) وإنطلاقاً من حبها (للشعب الغلبان) وعلى طريقة ملكة مشهورة وصلها خبر إضراب شعبها لأنه لا يملك الخبر ويطالب به.. فأمر ان يأكل هذا الشعب الكيك بدلاً من الخبز.. !!

ترى.. هل حققت الجهود التى بلذلت بسخاء على إنتاج عرض (الشاطر حسن) ما هو مرجو منها ؟؟

يقول الكاتب والمفكر المسرحى الألمانى (برتولد بريخت).

" أن الفن الكبير أهدافاً كبرى ".. وإذا كنتم راغبين فى التأكيد من مدى جسامة عمل من الأعمال الفنية.. فلكم أن تسألو ما هى طبيعة الأهداف الكبرى التى يخدمها مثل هذا العمل ؟ والعصور التى تفتقر إلى أهداف كبرى تفتقر فى الوقت نفسه إلى فن كبير !!..

ومن هنا نتساءل الآن ما الذى أرادت أن تقوله مسرحية (الشاطر حسن) للأطفال فى الكويت ؟ وما هى هذه الأهداف الكبرى التى أراد أن يطرحها بوضوح وواقعية وصدق ؟ وهل تحرك العمل المسرحى المذكور على عجلات من القناعة والفهم وتقديم الدرس الأخلاقى أو السياسى أو الفنى للأطفال؟ ثم هل كان (الشاطر حسن) شاطراً كبطل درامى معاصر ؟ !..

قبل الإجابة حول هذه الأسئلة والإستعانة بالموروث الشعبى والفولكلور شىء صحيح ومشروع فى الأدب والدراما عموماً بل ومطلوب أحياناً.. إبتداءاً من ألف ليلة وليلة وكذلك كليلة ودمنة وإنتماءاً بالقصص الشعبى والحكايات الشعبية المدونة أو المنقولة ممن تتوفر فيها ملامح درامية أو شبه درامية.. وخصوصاُ إذا ما إستطاع الكاتب الدرامى ، أى كاتب ، أن يوظفها بالشكال الدرامى المقنع والصحيح.. مخترقاً قلب العصور السالفة لينتزع منها الشعور والهم والتجربة الإنسانية ويسلط الضوء على زماننا هذا.. لما فيهم من تشابه.. مسقطاً الاحداث على ما يدور.. مستعيناً بالرمز والترادف والتماثل التاريخيين من جميع منطلقات هذا التاريخ وروافده السياسية والحضارية الاجتماعية ولكى يجعل من المورث هذا سقفاً أو خيمة لتفسير احداث العصر وفصوله المضطربة المعقدة والمتشابكة.

وهذا ما دفع مجموعة كبيرة من الكتاب العرب لأن يخوضوا فى هذا المجال وينهلوا من هذا الرافد الثرى والغنى بالحكمة والعبرة الحسنة متمتعين بقدرة فائقة على الإنتقاء الدرامى الصحيح.. والأمثلة كثيرة وعديدة للمتتبعين والقراء والنقاد..

وتأتى محاولة كاتب " الشاطر حسن " (السيد حافاظ) مجاراة ومواكبة لهؤلاء المنتهلين من هذا الرافد (الموروث) والمحاولين توظيف حكايات ألف ليلة وليلة للطفل فى الكويت (كحكاية حسن المغفل) إلا أنه وهو يرفد من هذه الحكاية لم يتخلص من الوقوع بمطلبات التأثير الواضحة والتأثير المباشر بمسرحيات مثل (كان ياما كان) التى قدمتها الفرقة القومية العراقية على مسرح الكويت ونقلها تليفزيون الكويت أيضاً.. حيث البطل هو نفسه (حسن الكسرن) أيضاً. ولم يتخلص من الوقوع الواضح تحت تأثير مسرحيات أخرى معروفى وأكدت على ذكرها الصحافة الفنية كمسرحية (الملك هو الملك) التى عرضت فى الكويت أيضاً ومن تأليف الكاتب الملتزم سعدان ذنون هذا عدا عن مسرحية برتولد بريخت المعروفة (رجل برجل) وهى من إصدارات وزارة الإعلام فى الكويت أيضاً !.. وغيرها من الأعمال كثير..

يعنى مما تقدم أن المسرحية ليست تأليفاً أو من بنات أفكار الكاتب التى إطلق عليها (التأليف) ظلماً مادام أنه قد إعترف فى الندوة التى أقيمت يوم السبت 16/9/1984 وأمام جميع المدعوين للمشاركة فى مناقشة العرض المسرحى الذى نحن بصدده وبدعوى طيبة من مسرح الزرزور ، بأنه قد تأثر وإستفاد من المصادر المشار إليها وكان على الأقل أن يكتب كلمة (إقتباس) مثلاً إذا لم يتواضع ويكتب (إعداد) أو (دراماتورج) مثلاً..

ونعود أيها السادة .. إلى الأسئلة المطروحة والتى أشرنا إليها فى بداية هذه السطور التى نرجو أن تكون مفيدة ونافعة وفيها شىء من الوضوح والإضافة إنطلاقاً من الواجب الذى نشعر به تجاه المسرح ولكى نعبر عن وجهة نظر شخصية مخلصة فى زمن أصبح فيه الصمت.. وفاء لا خيانة.. والمسرحية التى قدمت على مسرح عبد العزيز المسعود فى (كيفان) فى عرض خاص للنقاد والفنانين والصحفيين.. ومن المهتمين بشرون مسرح الطفل يوم السبت 16/9/1984 وبحضور المخرج الأستاذ أحمد عبد الحليم والكاتب السيد حافظ..

وهى تتلخص بما يلى :

حسن صياد سمك.. من بيئة شعبية فقيرة.. عثر على كيس نقود وقع من الأميرة ست الحسن التى جاءت للتسويق متخفية (ولم نراها كذلك) لأنها تحب ان تتجول وتتفرج على (العامة) فى الأسواق من منطلق (وطنى إنسانى) للتعرف على هذا الشعب وكأنه فى (سيرك) !!..

ويجرى حسن الصياد وزميله فى المهنة (مختار) خلف الأميرة لكى يعطيها الكيس الذى وقع منها على أرضية السوق.. إظهاراً لأمانته.. مما يعرضه ذلك إلى أن يقع بين أيادى حراس القصر الذين حالماً يمعنون انلظر بوجهه حتى ينحنون راكعين له.. متوهمين انه السلطان صاحب القصر للتشابه الكامل والتطابق (المدهش) الذى أوجدته (صدفة) عجيبة ما بين حسن والسلطان.. ويصل خبر هذا التشابه والتطابق إلى السلطان المبتلى بمرض الكآبة الموهوم وبوزير راض عنه وهو سبب كل مشاكله.. وبمزاج متعكر وببراءة ما بعدها براءة لأنه مثلاً برىء من كل ما أصاب المظلومين داخل سجونه ولا بجزيرة الحوت المحتلة ولا.. ولا.. لأن الوزير هو الذى يدرى عن كل شىء ولا يفعل.. وهو (أى الوزير) المستبد الظالم القاهر والمستغل.. صاحب رؤوس الأموا لالطائلة والسلطان برىء ومسكين لا حول له ولا قوة.. متناسياً الكاتب مفهوم السلطة الطبقية المتشابكة المصالح والمتماثلة الأهداف والمنافع ويطيب للسلطان الذى واجه شبيهه أن يلعب لعبة الإستبدال المعروفة لكى يتلخص فيها من الحكم ويبتعد عن القصر ويعيش (وسط) الشعب كى يتعرف على العامة ولكى يعرف من بينهم هم وبشخصية هو ما هم عليه.. وليرى ما يفعله وزيره الذى إعتمد عليه كلية الناس.. حيث ظهر له أن وزيره لا يخدم إلا مصلحته.. وبقدرة قادر يقتنع كل من فى القصر إبتداءاً من الأميرة ابنة عمه (ست الحسن) ووصيفتها وكذلك الوزير وإنتهاء بالحرص وحتى الشعب.. بأن حسن الصياد ما هو إلا السلطان الذى أصبح طبيباً محباً لكل من فى القصر وللشعب.. النشيط الذى يستيقظ صباحاً (علماً بأن حسن كان يغط فى نوم عميق صباحاً فى المشهد الإستهلالى للعرض ولا يقوم من مكانه رغم الحاح صديقه مختار له الذى يطلب منه النهوض مسمياً إياه (شخرى) هذا قبل أن يرتدى رداء السلطنة).. والذى أصبح خفيف الظل متواضعاً يطلب من الآخرين ألا يركعوا له وأن يرفعوا رؤوسهم إلى أعلى عند مخاطبتهم له.. وبـأن يأخذوا حريتهم فى الكلام ويعبروا عن مشاعرهم بدون خجل أو ولج أو خوف.. ويردد الكلمات الكبيرة (الرنانة والطنانة) عن الحرية وحب الحياة وتمجيد الإنسان كأى تأثر وطنى هذا الصياد غير المؤهل لقول مثل هذه المفاهيم فيلسوفاً وتأثراً وداعياً وبطلاً من أبطال الحرية والشموخ وعلى طريقة (براتدراسل) الفيلسوف والمفكر البريطانى المعروف فى دفاعه عن حقوق الإنسان ؟؟؟

وحالماً يصل حسن الصياد إلى القصر (حيث جسده لنا عبد الرحمن العقل شخصياً تجسسداً لا موضوعياً بتميز سلوكه بالطفولية والبلاهة وبحركات أقرب إلى شخصية المهرج (الكلاون) بقصد الأضحاك.. منه إلى الإنسان السوى العاقل الفاهم الذى يطلق صرخته بوجه الوزير والحاشية : " كيف تريدون من شعب مظلوم ومسجون وكمم الأفواه أن يحارب الأعداء ويحرر جزيرة الحوت؟").

أقول.. حالماً يصل حسن الصياد إلى القصر يطلق سراح السجناء المظلومين (ويعين) !! صديقه مختار مساعداً له وسط صيحات دهشة الوزير ولكن هذا المساعد الجديد الذى هو مختار يختفى كلية من القصر ولا يظهر بعد ذلك !! وظهر لنا وكأنه لا يعرف أن الشاطر حسن هو السلطان المختقى الذى (نزل) ليعيش بين (العامة) حيث يودعه بعد ذلك وداع الأصدقاء والأحبة باكياً مولولاً رغم أن هذا السلطان الذى أصبح الشاطر حسن أيضاً لم يقم بأى عمل يذكر.. يجعل من (مختار) وفياً محباً باكياً لهذه الدرجة..

وتنتهى الأيام الثلاثة، ويعود السلطان إلى قصره نادماً.. مستفيداً من الدرس معترفاً بجميل حسن الصياد وبنصائحه حول سلبيات عزلته عن الشعب.. وبما قام به.. ويعود السلطان سلطاناً أكثر تهذيباً وكأن شيئاً لم يكن وكأن السلاطين فى عصرنا هم دائماً بحاجة إلى دروس فى الأخلاق فقط..

أقول.. يعود طيباً محباً لشعبه وللحرية.. مؤمناً بالحب.. مبادراً إلى الزواج من الأميرة ست الحسن التى طال إنتظارها لهذا الزواج وعلى طريقة أغلب الأفلام المصرية والهندية والتجارية !!

نلاى ألا يكفى (سلاطين) هذا العصر من الجانرين (المخدوعين حسب مفهوم الكاتب).. ألا يكفيهم ما يحطونهم من خبراء ومستشارين ومختصسن بشهادات عليا بأمور السياسة وأحوال الحكم ؟؟ واكثرهم من خريجى الأكاديميات العسكرية الألمانية والأمريكية ممن تلقوا دروساً مكلفة النفقات من مدارس الإستخبارات المعروفة ، حتى ينتظروا من ابن الشعب المغلوب على أمره وبالمصادفة أن يكون الخبير والناضج والمستشار.. الخ ؟؟

لقد أظهر الكاتب لنا شخصية (حسن الصياد) فى قصر السلطان شخصية ترفض الخزعبلات والترهات كقميص (أسعد سعيد) مثلاً الذى خصصت جانزة (ثلاثة الآف دينار) لمن يجلبه للسلطان الحقيقى لأنه مريض بالوهم حيث زرع الوزير ذلك فى ذهنه ؟؟.. وهذه التفاتة جيدة وترتدى قميصاً (واقعياً وعلمياً ومادياً) من الكاتب على أساس إن حسن الصياد قد ظهر لنا فى مشهد رفضه هذا لما يسمى بقميص السعادة الموهوم.. فهو من خلال ذلك رجل عقلانى يفكر بواقعية ويمؤمن بأن السعادة لا يحققها مجرد قميص للإنسان.. لكنه لم يترك لنا ذرة نقاء بعد ذلك لهذه الشخصية (الثورية) المصنوعة على طريقه (اليانكى) والجنود ذوى البدلات الزرقاء المدافعين عن القانون والحرية ذد همجية وبربرية وتخلف الهنود الحمر كما تصورهم لنا أفلام التلفزيون الأميركية وعروض السينما.. حيث أظهر لنا الكاتب أن هذا البطل (الواقعى) الذى يرتدى قميص (العلم) ويفلسف الأشياء من منظور (مادى) بحت ومزعوم هو كهذا الجندى ذو البدلة الزرقاء الذى يعاقب ويطارد أبناء الوطن الأميركى الأصليين.. والشاطر حسن بدأ طرد ويعاقب ويكشف زيف والاعيب أبناء جلدته ومواطنيه وطبقته من خلال شخصية الحلاق البصير وبائع السمك – رفيقة فى المهنة – حيث ادعى الأول أنه تاجر من (بغداد) والثانى تاجر لؤلؤ.. وكان من المفروض أن يمارس مثل هذا الخداع آخرون لهم مو اقف معروفة فى الإبتزاز والخداع والإستغلال ليأتى فعلهم إمتداد لطبيعتهم الطبقية الشرهة ولسلوكهم الإيديولجى والإجتماعى فى الحياة.. ومن هذا المنطلق.. منطلق نماذج أبناء جلدته وسلوكهم الجديد فى خداع السلطان بقميص أسعد سعيد.. يكون الكاتب – عن قصد أو دونه – قد إتهم هؤلاء بالخداع والتكالب والإبتزاز وهم اناس لا يستحقون الرحمة وشعب لا يستحق الثقة لأنه يعيش إلا بالنصب والإحتيال والخديعة ضد من ؟ ضد السلطان المسكين البرىء المخدوع ؟

فالشعب.. كما أظهره العرض هو السبب فى إرتفاع الأسعار مثلاً.. حيث باشع (الفاكهة) الجشع المتصيد لأموال الناس المسحوقين.. أو كما يردد حسن الصياد أكثر من مرة حملة (شعب اتكالى).. علماً بأنه قد ظهر فى مشهد آخر يفلسف لنا فيه اسباب السعادة والشقاء وبأن أمرهما خارج عن إرادة الإنسان.. ناهيك عن الكلمات المبتذلة التى يطلقها (الشاطر حسن) على إحدى الشخصيات مثل كلمة (خايس) وأمام حشد من المهتمين بالفن المسرحى والمدعوين الذين دعوا لمناقشة عمل ؟؟ ترى ماذا يفعل إذن هذا (الشاطر) يوماً حيت يختلى بالأطفال فى عروض المسرح العادية ؟.. ثم كيف تجيز الرقابة كلمات مثل هذه .. أين دور المسرح التربوى إذن وهو موجه للطفل.

إن الجميع يعلم ما هو عليه الموقف العربى الحالى (الرسمى خصوصاً) تجاه مفهوم الحرب مع (إسرائيل).. وتجاه هذا الكم الهائل من المشاريع الكثيرة والمؤتمرات العربية وقراراتها الأخيرة والداعية كلها للإعتراف ضمناً بالعدو الإسرائيلى الصهيونى مقابل إقامة الدولة الفلسطينية وحل القضية الفلسطينية والشرق الأوسط حلاً سلمياً.. فهل عادت الحرب يعد هذا التخاذل التاريخى الطويل الامد والمدعوم رسمياً ، هل عادت هى الحل الأمثل للمشكلة حيث يقوم (الشاطر حسن) بتثقيف الأطفال (عسكرياً) وإعطائهم دروساً فى المقاومة والإستبسال ؟

ثم عن أى حرب هذه التى يدعو إليها الكاتب ، جمهور الأطفال لشنها بعد جميع هذه المتغيرات على الساحة العربية الداعية إلى الحل السلمى أو عن طريق السير على طريق كامب ديفيد..؟

أن العرض المسرحى لم يلتزم أبداً بوعده بتقديم مسرح للطفل كما يشير هو إليه.. حيث أن الأفكار المطروحة فى هذا النص رغم تشوشها وإبتعادها عن الواقع والقناعة الدرامية وحتى الإيديولوجية ، لا تستطيع أن تصل إلى ذهنية الطفل الذى ييحتاج فى هذا السن (الطفولة) إلى أفكار تربوية محددة وواضحة ضمن عملية توصيل جمالية مبسطة وغير مبهرة.

تزرع فى نفسه قيماً من الخير والجمال والعمل وحب الوطن والوفاء والصداقة.. الخ لا أن يقدم له نماذج وشرائح على مستوى معين من الغربة والإبتعاد.. وبهذه المفاهيم الأيديولوجية والطبقية.. أو اطروحات كبيرة القصد كالحرية والإضطهاد والظلم وتحرير الأرض المحتلة وبهذه المباشرة والفلسفة.. لأنه من الممكن التعبير عن ذلك – كى لا يهتم الطفل بالغباء – وتقديم هذه المفاهيم ولكن بالشكل المبسط القريب من فهم ومدارك هذا الطفل الذى تخاطبه المسرحية.. وبوضوح مبسط قريب من تجربة هذا الطفل مستعيناً برموز البينة ومسميات الأشياء المباشرة والمألوفة التى تكون دائرة علاقات الطفل ومداركه العقلية والنفسية من خبرات بصرية وسمعية.. كما يلخصها العالم المعروف (ماكدوكل) وليس هذه المفاهيم التى تتطلب مشقة فكرية وخلفية وثقافية وشخصية سياسية تناقش وترفض وتتعلم بفهم وتقتنع..

فمسرح الطفل ليس أغنية ورقصة.. وليس من الواقع والمناسب أن تنسب كل موضوع وكل معالجة. مهما كانت حسن النية متوفرة تحت إسم مسرح الطفل.

أو كما يقول (ليون شارسيريل) فى كتابه (المسرح فى العالم): "إن المشاهد ذات النوعية الإنسانية والفنية والتقنية العالية وبخاصة إذا صورت وأخرجت للشباب وللأطفال بالإشتراك مع المربين والفنانين والحرفيين الواعين لمثل هذه المهمة ، ولمسؤولية الذين يأخذونها على عاتفهم تستطيع أن تساهم بشكل كبير فى التقدم الروحى للشعب وفى إنتشار الثقافى والذوق. يمكن إعداد مشاهدين ونقاد ومبدعين مطلعين ، وإن يقدم فى الوقت نفسه للشعراء ولمهندسى الديكور وللممثلين والمخرجين فى هذا الوقت فرصة رائعة وحقيقة للبحث عن التجديد وللإبتعاد عن التقليد والإعراف وعن الكثير من العراقيل التى تحد من الهامهم الحر وتقدم لهم جمهوراً كبيراُ ممن لم تشكلوا بعد ولم يزيفوا المتحمسين والمتشوقين ، بشكل رائع ، جمهور الأطفال والشباب".

أو كما يقول انطونيو غاراسينا من أسبانيا وهو يتحدث عن فهم مسرح الأطفال قائلا: "يجب ألا نقدم العنصر السياسى والإجتماعى كشىء محدد وقطعى وغير قابل للنقاش ، وهنا ننتقل إلى المقدمة المنطقية والأساسية وهى أنه علينا ألا نشوه الطفل بحمله على تبنى حلول معينة وآلا نؤثر عليه بحيث نبعده عن فطرته الأولية وشعوره الأخلاقى عن طريق إقحامه بالموضوعات السياسية والدينية المقدمة إليه بحذق ومهارة.. اعتقد أن من الضرورى أن نعرف كيف نبين للأطفال سلسلة القيم الشعرية والإجتماعية والأخلاقية بل والإقتصادية أيضاً دون إفراط ولا حلول موضوعة.. إذ لا بد أن الطفل فى أعماقه بعرف كيف يدرك هذه القيم بنفسه.. فيتجنب منها ما هو أقل أهمية ويستقى ويختار ما هو أكثر أهمية وإيجابية..".

ويتساءل " برتولد بريخت " قائلاً فى إحدى كتاباته " " هل يتعين على الدراما أن تكون هادفة ؟ " ويجيب (بريخت) على تساؤله هذا قائلاً : " لعلها غير ملزمة " ولكنه يبدو بوضوح تام انها هادفة فكل دراما لا تقتصر على هدف الحصول على المال يكون لها هدف آخر أيضاً..

ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول : أن هدف الحصول على المال من وراء عروض الطفل لا يعنى إلا الإبتعاد الكامل تماماً عن هدفيه هذه العروض الأخرى تربوية كانت ام فنية أم سياسية.. ومسألة الهدفية هذه لا تتأتى إلا ضمن الفهم الكامل لما يجب أن نقوله لخطورة هذا النوع من المسارح على الأجيال القادمة.. مع تقدير للنوايا الطيبة هذه لا تصنع لوحدها مسرحاً للأطفال..

لذا بات من الضرورى أن تقوم الدولة بالإشراف على هذه العروض. إنتاجاً وفحصاً مدروساً للنصوص القادمة ومن قبل لجان مختصة تضم المربين والفنانين والمخرجين.. كى لا يتحول الطفل فى الكويت إلى بضاعة رائجة فى أسواق عروض مسرح الطفل الرديئة.. ودعم العروض المسرحية الجيدة وتشجيعها الفرق الكويتية الأربعة أيضاً للإسهام فى تقديم أعمال جيدة للطفل.. ذات أشكال ومضامين فنية مقبولة ناجحة.. ترى لم يحن الوقت بعد للإهتمام بهذا الجانب المهم رسمياً إنقاذاً للأطفال من بعض العروض السيئة والتجارية.

الإخراج فى الشاطر حسن :

يقول " الكس بوبوق " فى مؤلفه المترجم عن الروسية : " التكامل الفنى فى العرض المسرحى (مطبعه وزارة الثقافة السعورية – 1976 ص 51) " : " لقد اهتمت " المدرسة " الشكلية القديمة بصعق المتفرج وإذهاله عن طريق التكنيك. فالمخرجون الشكليون قد سعوا كل جهودهم لأعداد " الشهب النارية للعرض المسرحى" ولقد قدمت كل هذه الضجة على انها إبداع وجرأة فى مجال الإخراج"..

كم هذا المنطلق نستطيع أن نفسر جهود الأستاذ أحمد عبد الحليم فى إخراجه لمسرحية الشاطر حسن.. علماً بان عبد الحليم من المخرجين القلائل من الذين أخرجوا للمسرح فى الكويت والذين اجادوا جادة واضحة ومتمكنة تجاخ النصوص الجادة ذات الأهداف والقيم والأفكار العليا.. وخصوصاً تلك المسرحيات التى تحوى المتضامنين المعاصرة والملتزمة ويذكر الجميع مسرحياته التى أخرجها إبتداءاً من مغامرة رأس المملوك لسعد الله ونوس لفرقة المسرح الشعبى وإنتهاءاً بآخر أعماله التى اخرجها للمعهد العالى للفنون المسرحية كمسرحية " سمك عسير الهضم وسور الصين " حيث تعامل بحس إنتقائى ضمن مناخ مسرحى مبنى على أساس من الجودة والصحة.. لأنه كان قد إختار نصوصها درامية معروفة بقيمتها الدرامية وبمضامينها المتطورة.. نصوصاً تمتاز بهذا الوضوح الفكرى والقصدية الجمالية في البناء والتكنيك ، ورسم الشخوص والأحداث لهذا فلا نكر أبداً أن الفنان عبد الحليم واحد من المخرجين القلائل الذين يمتازون بعقلية إخراجية جيدة وطموح فنى واضح وتجسيد عملى طليعى وذلك تجاه النص الجيد والمنتقى على هذا الأساس.

وتأتى تجربته الأولى لمسرح الطفل (ولاعذر له إن كانت الأولى أ والعاشرة) تأتى مغرقة بالجانب الشكلى المهتم بنوع من أبهار المتفرج بالتكنيك المقحم على نص لا يتحمل كل هذا التكنيك والإبهار...

وبإستخدامات تشكيلية حينة النواا من خلال اللون والصورة.. متجسداً ذلك فى الديكور والإنارة والملابس التى وظفها انطلاقاً من طموحه ولكن بإنفصامية اينمية حيث ان العملية الإخراجية لا تتعلق فقط بإنجاز هذا الجانب أو ذلك من التكنيك أو الميانين أو الإبهار فى الديكور أو الإنارة أو الملابس وإنما تتعدى ذلك إلى إبراز القيم الفاضلة والمفاهيم الإنسانية العليا من خلال نقعد عسير لمادة النص الأدبى وعدم الإلتام به حرفياً والوقوع تحت طائلة المخرج المنفذ للنص فقط.. فالمخرج بإختياره للنص ، إنما اختار قمة هو.. اختار الوقوف إلى جانب قيم الخير والجمال وجسدهما على خشبة المسرح.. اختار الوقوف إلى جانب الإنسان مستعيناً بفهمه وثقافته وفكره وإيمانه بعلم الإجتماع وسوسيولوجيته.. كى يبر لنا قيماً مادية حضارية وإنسانية.. يتدخل فى تفسره للشخصيات وفق منظور إنسانى.. ويعمق مفاهيم الشر عند الشريرين.. ومفاهيم الخير عن الخيرين..

إن ما وقع فيه الأستاذ أحمد عبد الحليم أنه نفذ النص كما هو بكل إختلاطاته ومفاهيمه اللا واقعية المبنة على صيغ من المصادفة والقدرية.. وتعامل مع شخصيات المسرحية كما رسمها الكاتب فى النص علماً بأن النص جسد لنا مفهوم الشعب كمجموعة من الكذابين الوصوليين الاتكاليين.. لذا كان يجب النظر إلى شخصية هذه المجاميع (الكورس) على ضوء المفاهيم الطبقية التاريخية والنفسية والإجتماعية.. ولا يجسد لنا شخصيات الشعب المسمومة بهذه الدناءة وهذه الحقارة التى جعلتنا نستغرب لماذا هم اذن كذابون وصوليون واتكالبيون ؟؟ أليس من الأجدر أن تبر شخصيات أخرى معروفة بشراهتها الطبقية وتكالبها على المال وتحقيق الربح والثروة بأية طريقة لكى يكون للشاطر حسن موقفاً طبقياً أخلاقياً وإنسانياً فى كشف هذه العناصر المعروفة وليس هذه النماذج م نالشعب الذين عاش وترعرع بينهم حسن الصياد واعنى بهم مثلاً سعيد الحلاق وصياد السمك الآخر الذى جاء ليقبض جائة السلطان الموعودة لكل من يجلب قميص (السعادة).

إن المخرج المعاصر صاحب فكر وموقف وحس نقدى تجاه النص خاصة إذا كان هذا النص لا ينتمى إلا إلى الفكر القديم بمفاهيمه وتفسره للأحداث والشخصيات.. والفنان أحمد علم جداً ما هى نظرة المخرجين الطليعيين فى العالم أجمع للنصوص الكلاسيكية الشكسبيرية مثلاً ولأن القيم التى فيها لم تعد (خالدة) لأنها قيم أفراد المآسى والبطولات التراجيدية التى مجدها شكسبير فى فترة محددة.. حيث بدأ الميل الآن لتجيد البطولة الجماعية لا بطولات الأفراد.. ولأن المتغيرات التاريخية وإنعطافاتها المتلاحقة تخلق هى الأخرى قيماً جديدة أو كما يقول (برتولد بريخت): "فى الحقيقة أن لدى الزنوج وسيلة جديدة لإستعمال أدوات الحلاقة – هى تعليقها فى الرقبة – غير أن مثل هذه الوسيلة – لا تؤدى إلى تحسين جوهرى لأدوات الحلاقة ".

ويقول الكسى بوبوف ص 79 منا لمصدر السابق : " إن فكرة المخرج لا يمكنها أن تعطى معالجات غير متوقعة إلا عندما تطور فكرة الكاتب.. وعندما ترتبط بالعصر كما أن المخرج لا يستطيع أن يملك حريته وإستقلاله فى الحلق الغنى إلا على اساس من الشعور العميق " بجوهر " المسرحية.. وبقدر ما تكون رؤية المخرج للحياة التى تصورها المسرحية مستقلة وواضحة. يكون هو نفسه قادراً على كشف الفعل الدرامى بشكل أقرب إلى الكمال".

ترى وبعد هذا كله أن إستقلالية المخرج فى مسرحية الشاطر حسن.. علماً بأنه لم يستطيع أن يوجد أية علاقة ما بين الأغانى والرقصات الإستعراضية وما بين تفسيرات الحدث الدرامى خصوصاً إذا علمنا أن هذه الأغانى والرقصات كتبت من قبل كاتب الأغنية (عبد الأمير عيسى) وتم تنفيذها ليس من قبل المخرج كى يخلق ثمة علاقة درامية تعبيرية وليس تطريبية كما حدث.. خاصة وإن اقتطاع هذه الأغانى بمجموعه لا يؤثر على مفهوم سير تطور الخط الدرامى فى العمل. بل أن الأغانى كانت أشبه بالعكازات التى أراد العرض قولها لعجز النص عن تجسيده درامياً..

إن هنالك ملاحظة جديرة بالإهتمام يجب الإنتباه لها عند إختيار الشكل الدرامى للعرض المسرحى ألا وهى الخيال عند الطفل.. فهو ليس كالكباريستقبل الشكل المبنى على الطبيعة الصارمة والواقعية القاسية.. فبمشاهد خشنة الطائر الوحش الضخم الجثة الذى يوجه السؤال لحسن الصياد أثناء حلمه عن الشىء الذى يمشى فى الصباح على أربع وفى الظهيرة على اثنين وفى المساء على ثلاثة ؟ هذا السؤال الأوديبى المعروف..

كما أن الكم الهائل من المطاردات والصراخ والبنادق والديكور والحديد والشعار وموسيقى الحرب والمارشات العسكرية.. الخ. كل هذا مما يشكل عملاً ثقيلاً على كاهل الطفل الكتفرج.. حيث إستخدام هذه الصيغ جميعها وكأنها لمسرح الكبار وليس للصغار.. حتى الأداء كان متسماً بالجدية المفرطة وكان المثل يخاطب جمهوراً من الكبار وليس الصغار ناهيك عن اللغة المستخدمة والتى لا تمثل إلا هذه الفخامة الرسمية بالتخاطب.

وكان من الممكن أن ينحو الشكل المسرحى عموماً وكذلك الأدوات الأخرى والتمثيل منحى يتسم بالبساطة وخفة الدم ودغدغة مشاعر الطفل الذى كان يضحك مثلاً لحركات (عبد الرحمن العقل) لولا المبالغة فى تصوير الشخصية.. فالوزير مثلاً (كاظم القلاف) يذكرنى بأدواره فى جميع مسرحيات الكبار.. وكان من المفروض أيضاً أن يتم إختيار طريقة النطق والتلفظ مبتكرة حيث نجح (محمد جابر) مثلاً فى طريقة نطقه بحكم طبيعته الصوتية المعروف بها فى كل أدواره ولا أدرى متى سيخرج من جلد هذه الشخصية النمطية المكررة فى كل عمل ومأنه نفسه فى كل الأدوار..؟

كما تعاملت الفنانة (إستقلال أحمد) بواقعية وطبيعة صدفة مع دورها كأميرة بحكم الشخصة المرسومة لها فى النص. وأيضاً أصابها ما أصاب غرها من الممثلينمن إهمال المخرج فى رسم الشخصيات التى لم تبدل جلدها ولم تكلف نفسها هى الأخرى فىالبحث عن شخصيات فى عرض للأطفال.. وبقيت تعطى بحدود إجتهادها وفهمها لشخصية الدور على ضوء ما هو مرسوم.. وكأنها تعرض للكبار..

لقد كثرت فى العرض وبشكل مكرر وممل حالات إستبدال المشاهد التى كانت ملمة بحالات تغير المناظر المتعددة. وما صاحب ذلك من اظلام متكرر.. وهذا قد يحدث فى تقديم عرض للكبار من القادرين على التواصل مع الحدث الدرامى ومتابعته رغم ذلك.. لكن هذا التبديل المتكرر والإظلام أيضاً من شأنه أن يشيع الملل ويقطع تسلسل الحدث للطفل الذى لا يملك هذا التركيز وهذه القدرة على الإلتصاق بتسلسل الاحداث وكان بالإمكان إستغلال أقل عدد من المناظر فى منظر أو منظرين أو التركيز على المناظر الثابتة والمتكررة الإستعمال (كقصر السلطان مثلاً) وإستخدام جوانب المسرح أو مقدمته للمشاهد القصيرة القليلة.. وكان بالإمكان إستخدام يمين امس رح (بالنسبة للجمهور) حيث كان ينام حسن الصياد فى منظر ثابت متكرر بدلاً من إستخدامه لمرة واحدة حيث ظهر فيه حسن نائماً فقط وحيث لم يستغل بعد ذلك أبداً..

وقد ظهر التناقض واضحاً ما بين الملابس الشديدة التفاصيل والواقعية وما بين الديكور الإيحائى التجريدى.. علماً بأن المسرحية واقعياً وطبيعية جداً حيث الشخصيات التى مثلت أمامنا شخصيات واقعية بأياء تاريخية معروفة.. وكان بالإمكان أن يستخدم ديكورا واقعياً أيضاً.. حيث إنعدمت الوحدة المطلوبة ما بين الشخصية والملابس مع الديكور..

كم كنا نتمنى أن يظهر لنا حسن الصياد بشخصية أخرى فى بداية ظهوره يمتلك ملامح النضج والتعبير عن معاناة شعبه وما يحق به من مشاكل وهموم.. يمتلك وجهة النظر لمواطنيه حتى لو ببساطة ابن الشعل الفطرى الذى يدرك أسباب كل هذا الظلم وهذا الغلاء وهذا الإحتلال لجزيرة الحوت مثلاً.. كى نقتنع بشخصيته كبطل درامى يتطور مع تطور الأحداث ويجد فى الفرصة المتاحة له خلال ثلاثة أيام ولو بالمصادفة الحلم الذى ينتظره لكى يقضى على جميع أسباب هذا التخلف وهذا القهر وهذا الإستلاب.. ولا يتحول إلى واعظ (للسلاطين) على طريقة اعرض المسرحى الذى قدمته لنا مؤسسة الزرور.. وألا يكون (بطلاً) لفظياً ساذجاً يتحول بقدرة قادر إلى (فخر الوطن) والثائر الأوحد الذى يعيد الحق إلى نصابه والحرية إلى الجميع بقدرة قادر.. ثم يعود من بعده السلطان ليكون على شاكلته مستفيداً من هذا الدرس.. ترى ما الذى يعيد الحق إلى نصابه والحرية إلى الجمع بقدرة قادر.. ثم يعود من بعده السلطان لكون على شاكلته مستفيداً من هذا العصر الجائرين من تغيير أحوال شعوبهم نحو الحسن ؟ هل لأنهم عيشون فى أبراج عاجية فقط ؟.. أو لأنهم يخافون النزول إلى الشوارع ؟ ولماذا هم أبرياء من كل ما يحصل من مآسى للشعوب ولمواطنيهم " هل لأنهم غافلون ؟ والذين يحيطون بهم.. من الذى أتى بهم ؟ وما هى المصالح الطبقية التى تربطهم ببعض مع السلطان الذى يشكل قمة هرم هذه المصالح وحاميها. ثم كيف تعاد الحرية للناس ويخرج السجناء المظلومين للسجون والأسباب باقية كما هى ؟ أى لماذا دخلوا ولماذ ؟ هل لسوء فهم من الحاكم أو السلطان ؟

إن الشاطر حسن لم يكن (شاطراً) حن أصبح سلطاناً والأميرة ووصيفتها.. وكشف للسلطان وللأميرة بأن أبناء جلدته لا يستحقون إلا الرجم قطع الأذرع والجلد لأنهم غشاشون ؟ ؟

ان بطولة رومنتيكية على طريقة (الشاطر حسن) لا تجلب إلا الدمار للشعوب والمجتمعات وخصوصاً أن الحروب لا تقوم بنداء بل هى حاجة نفسية وبيولوجية وسياسة للدفاع العادل عن الحقوق والأرض.. وليس هى على طريقة الحروب الطبقية التى تشنها أميركا مثلاً فى مختلف بقاع العالم الساخنة كى تبيع سلاحها وتفرض همنتها على شعب العالم.. وتضمن بقاء العال مختلفاً والشعوب مقهورة..

ولا ندرى كيف اتعظ السلطان بثلاثة أيام.. وكيف استطاع أن يصادر أموال الوزير ويبعث به إلى جبهة القتال.. يرى هل ان مصائب شعوبنا العربى هى بسبب وزر واحد؟؟ أم بسبب الهيمنة الطبقية والموالية لأنظمة الاحتكار العالمى والتبعية؟! والأنظمة الدكتاتورية التى لا تشبع وبسبب غياب الديمقراطية الحقة التى يستطيع من خلالها أن يمارس الشعب المنتج حقه الطبيعى فى الحياة ورسم السياسة العامة.

نستطيع أن نقول التفكير بكتابة مسرحية أو إخراجها يعنى فضلاً عن ذلك ، إعادة تنظيم المجتمع ، إعادى تنظيم الدولة ، تعنى بالإشراف على الإيدولوجية على حد تعبير المفكر المسرحى الكبير برتولد بريخت.

ترى هل إستطاعت مسرحية " الشاطر حسن " أن تعد تنظيم المجتمع وتشرف على الأيديولوجية بإتجاه مفهوم التغر على خشبة المسرح.. لا أعتقد ذلك !!

وأخيراً انتبهوا أيها السادة

انقذوا أطفالنا من تشوهات ما يسمى بمسرح الطفل ظلماً.. وعدوانا.. فمسرح الطفل مفاهيم سلوكية تربوية لا زعيق.. ولا رقص وهز الأرداف والبطون.. وانما فكر وفن وقيم جمالية تأخذ بيد الطفل (المخدوع) نحو درجات من التهذيب والفهم والمواطنة الحقة.. لا تذاكر تباع فقط.. ولا كانت بذيئة وتصرفات خاطئة لا مسئولة.. وكان الله فى عون طفلنا الغائب ما دام هذا هو وتحية للمخلصين فى هذا المجال.

 








 






337 شهادة بقلم د. رياض موسى سكران

  دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(337  )

 شهادة بقلم

من كتاب
السيد حافظ

في عيون كتاب وفنانين ونقاد العراق 

                                               دراسات نقدية وشهادات 

الطبعة الأولي 2021

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى






الروائى السيد حافظ اعتمد الروائي أسلوباً محدثاً قائماً على تقنيات سردية متعاضدة عضوياً مع الوحدات الزمنية لبنية أحداث الرواية.. حيث تتداخل الوحدات الزمنية والسردية، وتتخطى في الوقت ذاته نظام التسلسل النمطي السائد والتقليدي، الذي درجت عليه الرواية العربية عموماً، حيث تتقاطع الأحداث وتتداخل بحسب قناعات الروائي ومقدرته على إقناع المتلقي، دون أن يكون خاضعا لأية محددات أو قوانين، سوى القوانين التي تستوجبها جماليات السرد وتحقيق فعل الإقناع عند المتلقي، فالروائي يهتم أولاً بالـ(كيفية) التي يسرد بها الأحداث، و(كيفية) وقوعها في هذه اللحظة الزمنية بالتحديد. وتجري عملية تداخل الأحداث غالباً بالإعتماد على عنصر الزمن الذي يختلف في الرواية من زمن استرجاعي الى زمن استباقي الى زمن افتراضي الى الزمن الآني الذي تعيش فيه الشخصيات... وغيرها من الأزمنة التي تسهم في تفكيك وإعادة البناء الهرمي للرواية.

   ومما هو جدير بالالتفات هنا، أن البناء المتداخل للحدث في الرواية عند السيد حافظ يتميز باستهلال خاص، يختلف في بنيته ووظيفته عن الاستهلال في البناء المتتابع، فالسيد حافظ يفجر الحدث في الرواية، بعد أن يكون هذا الحدث قد اكتمل، حيث يبدأ السرد بآخر الوقائع، ثم يسرد الوقائع الأخرى دون اهتمام بالترتيب المنطقي الذي يربطها.

وتخضع مسارات السرد في الرواية عند السيد حافظ إلى عدد كبير من الوقفات والارتدادات والقفزات، حيث تذوب كل هذه الأشياء في البنية العميقة للرواية، مانحة القارئ دوراً مشاركا ووظيفة فاعلة عبر إشراكه كطرف فاعل في إنتاج المعنى والهدف والغاية من الرواية، عبر تجليات المسكوت عنه واكتشاف ما لم يقُله الروائي في نسيج السرد، أي إعادة ترتيب الأحداث، اعتماداً على القرائن الدلالية في الرواية، فضلاً عن أبعاد الشخصيات ودائرة علاقاتها.


 






 






Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More