Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 28 يونيو 2021

تواضع الكاتب وكبرياء ثراء النص مقدمة كتاب: الحـــــــب ما بين الاصطلاح والرمزية .

تواضع الكاتب وكبرياء ثراء النص

مقدمة كتاب:

 الحـــــــب ما بين الاصطلاح والرمزية

دراسات نسوية

بقلم د. نجاة صادق الجشعمي - العراق


1 – هل الإبداع تواضع أم غرور أم رسالة ؟

2 – هل يحق للكاتب أن يصاب بالغرور عندما يبدع ؟

إن أزمة الأخلاق ومن ثم أزمة البلاغة في التعبيرالثقافي النموذجي للواقع الثقافي الأدبي والنقدي في الوطن العربي سواء كان ذلك بسبب القلق الثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي الجمعي والفتقار إلى الحلول الجذرية المعالجة لقد توالت النكسات وويلات الحروب الطاحنة على المجتمع العربي بكافة أطيافه وطبقاته وفئاته العمرية فلايحق لنا نفي هذه الازمات وتداعياتها ولكن نؤكد بأنها أحد الاسباب بعد أن أصبحنا عاجزين في أيجاد الحلول والتحدي الجدي لهذا الخطر القاتل الفتاك بالحضارات والشعوب وخاصة الشعب العربي ....بعد هذه الكلمات القليلة الموجزة أستأثرني عنوان الرواية للكاتب المستنير ثقافياً ..

( لولم أعشقها )

ماهذا الجمال وأقتناء العتبات كلنا يعرف الابجدية وحروفها الذهبية لكن كيفية الاختيار والتوظيف ومدى أنسجام وتأثير وتحليل وتأكيد الذات والاخر فالعنوان يثير الشك أحياناً وأحياناً يؤكد الجنون والوله وأحياناً يتقن ويرجح التمثيل على القارئ فيعبر لنا رمزياً ب ( لو )

( لو ) هي حرف شرط غير جازم يفيد التعليق في الماضي أو المستقبل ، ويستعمل في الأمتناع أو في غير الإمكان أي أمتناع الجواب لأمتناع الشرط . مثل قول الكاتب ( لو لم أعشقها ) ... هنا تناص مع الاية القرآنية ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم ) (1)..

وقد يكون( لو )حرف للعرض ويقترن جوابه بالفاء وقد يكون حرف للتقليل وأيضًا حرف دعاء ومرة يكون حرف للنفي وكثيرا مايستخدم كحرف يفيد الحض والأمر وأستخدمت لو أيضًا للتعميم والدلالة على المستقبل ...(2 )لكن الكاتب هنا يؤكد لنا عشقه أستخدم لو وألحق بها بأداة الجزم ( لم ) ثم الفعل وهو عشق ، أعشقها .أنا وهي ( الهاء ) في أعشقها داله على المعشوقة هنا تكمن جمالية وتطبيع اللغة وتواضع الكاتب وحنكته الموهوبة بأستخدام كنوزه اللغوية ..كيف تستطيع كاتبة وناقدة مبتدئة مثلي أن تحفر وتنقب وتتأهب للغوص في غياهب نصوص الكاتب لتستخرج الدرر وتفوز في أنتقاء الكنوز الراقية الثمنية باهضة المعنى سواء من حيث الجمال اللفظي مادياً ومعنوياً بالاضافة إلى المتعة بأيقاض الحواس والاحساس فمثل هذه الكنوز متكبرة بكبرياء الاثراء الادبي ..وصيرورة الاحداث والتأملات والعلامات والارواح وأحيانا بعض المقاطع التناصية لروايات عالمية فنحن أمام طاقة أدبية عبقرية وثقافة أبداعية ولغة ثرية رامزة . فهل يعني هذا أن المبدع أستثار عناصر الإثارة والمفاجات في روايته ( لو لم أعشقها ) أبتداً بأختيار العتبة واللوحة التي تمردت على الغلاف وأضافة بعد أختيرت اللون الازرق المتمثل بزرقة السماء ومياه البحر المتوسط التي تتلون بين الحين والحين تارة ابيض وأخرى أبيض مزرق ومرة أخرى فيروزي ومن ثم أزرق قاتم .فهنا كاتبنا يوضح لنا الربط بين السماء والماء في الطبيعة بين الاحساس والحياة بين الشفافية والخوف بين الجدية والمحافظة بين الاخلاص والصراحة والصدق بالاضافة إلى توضيح فلسفة الكاتب من خلال اختيار اللوحة بان الحبيبة أو العشيقة تكاد تجزم وتتخذ القرارات الخاطئه بحق العشيق فهذا يدل أن الكاتب يبحث عن النهج الفكري وليس المادي مع علمنا أن اللون الازرق وفق الدراسات العلمية والنفسية أثبتت أنه لون الاسترخاء وله تأثير أيجابي على القلب والرئتين ويقلل من الشد العصبي ويسيطر على العواطف والمشاعر بالاضافة إلى أنه يعطي الاحساس بالقوة من حيث الاستقرار النفسي والمعنوي لهذا الإختيار سبب هو الإبداع .....( 7 ) ..ثم يستهل كاتبنا روايته بعد الاستطراد فتتمرد صفحات الرواية على العتبة واللوحة بالاهداءات الأول إلى هؤلاء الزناة ..ويعرفهم لنا ويعريهم أمام القارئ المتلقي والدارس والناقد والباحث عن ثقافة الكاتب فيقول : الزنا بالعين والكلام والفكر واللمس والهمس والكتابة والرؤيا بأحلام اليقظة وبالفعل إلى هؤلاء السخفاء الذين يظنون أنهم يلعبون على الرب باتلصلاة والمسبحة وسماع القرآن يوم الجمعة ...والذهاب إلى الكنيسة يوم الأحد ...وإلى المعبد اليهودي يوم السبت ..إلى الكذابين الوجهاء الظرفاء ..هؤلاء الذين يزنون بالوطن صبحاً ومساءً دون حياء ..ويأكلون أموال الفقراء ...) هنا الكاتب عرى المجتمع وطرح الزنا بصفة أنكفاء الاستعلاء بصيغة أهداء فأصاب الهدف بثقافته المعهودة عندما أشار إلى هؤلاء أنهم يفكرون بنزواتهم وشهواتهم لا بعقولهم فلم يتردد الكاتب ولن يتراجع عن رأيه ولقد أكد الكاتب الانكليزي (أنطوني ناتنغ ) في كتابه ( العرب ) قال : ( أن العرب قوم عاطفيون غير منطقيين إلى حد أنهم يفكرون بقلوبهم لا بعقولهم وهذا ما أكده الكاتب في كتاباته هنا ...ثم يليه الاهداء الاكثر أستغراباً وهو يقول : إلى الكاتب الكبير أخي محمد حافظ رجب الذي كانت موهبته أكبر من حجم الوطن فعذبوه خصيان الأدب وتعذب بعبء حمله مصلوباً على الورق ..) بلاغة التعبير والكلام أضافة إلى نكران الذات وثقافة التفضيل للافضل المهمش ظلماً وقهراً فظل مصلوباً ..ثم يستهل سيرورة الرواية متتالية الاوراق والصفحات الواحدة تلو الاخرى منتقلا بين الام المتنبي وشبل بدران متوضئاً بكلمات السيد حافظ فاضح عشقه لمصر الأم والوطن والاب الحقيقي للمصرين فيقول : ( حين لايتوضأ الحرف يدخل نار البوح فيفضح الكون فيغضب الرب ) ما هذه البلاغة بالكلام والتعبير واللغة الراقية بالمعنى ويسرد الكاتب مشعاً بنور بلاغته اللغوية وهو يصف عشقه فيغرد لمصر : وعشقت مصر بصدق ..هنا أعلن صدق مشاعره لهؤلاء الذين زنوا بالوطن بعواطفهم النتنه ..ولكنه يلوم نفسه بأنه : ولم أكن أعلم أن عشقها خطيئة ..وأكتشفت أن ليس لي وطن غير الكتابة وكل ماحولي جنون ..حين غرد الطير فوق نافذتي تنبهت تعطرت تهيأت توضأت بنور موسم الكتابة الذي أتي لي ...بعد مايأس من عشقه أخذ الورق وطن له فيقول الكاتب المبدع : بين الورق والقلم والهمزة والياء أنفقت العمر هباء .....)) ويؤكد الكاتب أستسلامه لليأس أن النخبة ضالة مصابة بشلل ثقافي منعها من التفكر والتعقل والتدبير فيسأل نفسه ويقول : ( كيف يقودني الوطن إلى الثقة فيه وهو مخلوع الرأس ) ...أختيار بارع في الكلمات والجمل راسماً بارعاً أبدع فيما سرد وأستطرد فيستهل روايته بالعلامات المستوحاة من القران الكريم مستخدمها نمط تمردي أستنباطي لحداثة مابعد الحداثة مستبدل تسمية الفصول بالعلامات وعددها بعدد أجزاء القرآن الكريم (33) علامة أولها (وأكثرهم الفاسقون) ثم أستخدم الفواصل ب (33) روح أولهما ( وقال بعضهم الحب مأخوذ من القلق لان العرب تسمي القرط كما قال الراعي واقر : فسمى القرط حباً إما للزومه الأذن وإما لقلقه وأضطرابه ) .. وأما الصفحة التي تلتها تحمل جزء من رواية غبار الخاطر وأيضًا أستعملها الكاتب كفواصل أبداعية تكونت من (33) رواية عالمية وعربية ليبين لنا أن الإبداع لاحدود له ولا تصده رياح بل هو علاقة بين المثير والاستجابة . بين الروح والعقل بين الواقع والخيال بين الافكار الجديدة المواكبة لزمن الحداثة ومابعد الحداثة وبين الافكار القديمة التقليدية للسرد وبين دمج الافكار الجديدة والاصيلة والمفيدة مع تفاعل الادراك الحسي واللفضي السمعي لينتج من هذا الاندماج أبداع ومبدع لرسالة أنسانية منقوشة بحروف وكلمات ولغة روح وذوق وأنسانية الكاتب المبدع . هذا ما أكده الدكتور ( أحمد عامر ) عندما وجهت له الاسئلة التالية حول الإبداع ...

 



 

السؤال..هل الإبداع تواضع أم غرور أم رسالة ؟ وهل يحق للكاتب أن يصاب بالغرور عندما يبدع ؟؟ أجاب مشكوراً بما يلي :

الاجابة تتطلب تعريفات إجرائية لكل ما سبق أولاً ..

فالمبدع متواضع بالقطع أمام تجربته الإبداعية ومخاض كل عمل وغموض كل مسار ألخ والمبدع متعالي بالضرورة ومفارق لكل ماهو عادي وتقليدي ومبتذل وتافه وسطحي وهو ماقد يعتبره البعض غروراً وهو ليس كذلك ..فالمغرور تافه وهو مما يتعإلى عليه المبدع ..ولان المبدع كالنبي قله بالقطع رسالة تختلف من مبدع لآخر ومن عمل لآخر ومن مرحلة لأخرى في مسيرة الاديب والفنان والشاعر وكل البشر لكن هذه الرسالة هي ما تجعل المبدع وثيق الصلة بعالمه الانساني العام وعالمه الخاص والمحلي الاجتماعي لان رسالته موجهه للناس ولا مفر أمامه من معرفة الناس وفهمهم والاحساس بهمومهم وأفراحهم وهذا ماينفي عنه الغرور ويستبعد العزلة لكنه يستخدم لغتهم فنياً ولا كلياً إنما بمنهجه وأسلوبه لتحقيق هدفه وتأثيره لهذا يكون فنان وكاتب مبدع ....

أما الدكتور المهندس رافد نعيم الوداي :

قال : معظم الكتاب غير موهوبين وليس عندهم أي أبداع وهو أشبه بآلة الاستنساخ ..أما الكاتب الموهوب الذي أبدع في كتاباته فقد وصل إلى الحقيقة واوصلها للجمهور أما بالنسبة للتواضع والغرور يرتبط بذات الشخص وتربيته والوسط الذي يعيش فيه أما الإبداع فهو موهبة ربانية طورها صاحبها فظهرت بعلمه وفنه وكتاباته وعمله فمن خلال الإبداع يحقق الرسالة ..

أما الدكتور حيدر مجيد كاظم فيقول :

غرور المبدع لايسمى غرور ولكن نرجسية ، وهي حالة احساس طبيعي لدى الفنان ، ولكنها متفاوته من حيث الدرجة ، فالنرجسية المبالغ بها غير مقبوله وتضر بمستقبل الفنان والكاتب والرسام والشاعر والاديب أما اذا كانت معتدلة فهي ضرورية لإتمام المسيرة الادبية وتطورها ونموها لدى الفنان...

أما الدكتور ماهر عبد الحسين أوجز أجابته بما يلي :

الإبداع رسالة، والغرور مسألة نفسية قد تصيب بعض الكتاب، لكنه ليس حق للكاتب... وبعد توضيح هذه الاراء واستعراضها هنا يكمن الجنس الإبداعي للسرد وخبرة الكاتب الإبداعية في صناعة الحبكة الدرامية وتوظيف الزمان والمكان والحدث ولغته التعبيرية السلسة القريبة للقارئ بالرغم من أستخدامه في بعض الهمسات والحوارات لاظهار البوح وراء سرد منفصل متصل بحوارات ثنائية واحياناً ذاتية فالكاتب هنا يمتلك حضورا لامعاً في شخصية فتحي كأنه ساحرتموج ومضات عشقه نوراً وفكراً وأندفاعاً للخطيئة وذاتاً أبداعية تفتح مسارات للوعي والحرية والمكاشفة للواقع وتعرية المسكوت عنه بجماليات وتجليات الفضيلة ويمنح الكاتب سحر العذاب والجمال والخيانة والعشق والخير والشر والقهر والاستبداد لشخصيات الرواية (لو لم أعشقها ) التي تنتمي إلى ملحمته السباعية ملحمة بصلابة صخور النيل وعذوبته وزقزقة العصافير للارواح السبع وشواطئ عشقه لسهر وحياة والزوجة تهاني التي شبهها بالقط الماو المصري الذي تميز بالذكاء والسرعة في التعلم والرشاقة والهدوء وأجاد التشبيه فالانسان كائن حي كسائر الكائنات تتشابه وتختلف بتجاذب كيميائي وتنافر فيزيائي هكذا كان أبن رضوان يكذب ويكذب مضطرا من أجل عشق طائر البطريق للغزالتين سهر وحياة ضحكت المرأتان جلجلت جدران الكافتيريا ..

النساء الجميلات حين تتلاقى لايتحدثن عن قدرتهن لركوع الرجال أمامهن أو البكاء بين كفوفهن أو مواهبهن في معاقبة الرجال وجعلهم يرفعون اياديهم على الحائط تذنيباً وتعذيبًا...

(وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس) وبعد كل لقاء مؤرق بجمرات عشق سهر وهمسات الجنون وأندفاعات الرغبة وخلاعة الفضيلة الصادمة والخطيئة الاثمة يذكرنا الكاتب بالاية ( وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) فهل ذاكرة الجسد وخيانة الوطن سواء يظل أثارهما باقياً على صفحات خجل التاريخ وأوتار عشق الوطن يتقلب فتحي في السرير ..أكتشفت ان الظهر مر من فوق سقف بيتي ومرت الشمس من على نافذتي ولم تخبرني بشئ ما عن ملاك سيئاتي وذنوبي واخطائي أن مجرد أنذاري يكون ثواباً.

ترى كم من الناس اتصل بي ؟

هل الكتاب أنبياء وعي ؟

هل الوعي مكتسب أم فطري ؟

هل العقول العربية جيناتها ضعيفة ؟

وأكثرهم عاجزون

تستمر أيقاعات وهج السرد حيث تجاوز الكاتب واشتبك بحرارة مع الحقائق والواقع الثقافي المسرطن بالفساد والشواذ والجمود والجموح ليصبح امام وجود من يمتلك شرعية انتمائه للفن والادب للمسرح والرواية ففي هذا السياق السيد حافظ يخبرنا الحقيقة فيقول :

أنا من يستقبلني غالبية المثقفين بالاحضان وكلمات المديح ملك الحروف وسيد المسرح ومجدد الرواية وفي اللجان المخصصة للجوائز تتكالب الخصيان ويطعنون تأريخي وينشرون لحمي ويمنعون الماعون .. ثم يلاقونني فينحنون بالسلام ... (وأكثرهم عاجزون)

فالإبداع حرية دون السقوط في هوة المصنوع سلفاً متميز من حيث نضجه الثقافي الفلسفي مجتاحاً متمرداً مجدداً للكتابة واضعاً بصمته التي ليس لها ثاني ولا شبيه باحثاً عن انتهاج بنية وهيكلية سرد مميز محترف شامخ بهوية حافظية وصيرورة تقنيات روائية تبدو كلوحة أسطورية اختلط فيها الذات مع الموضوع والخاص مع العام وأنشطرت فيها الشخصيات وتحولت إلى ايقاعات ونغمات ورؤى وملاحم تشابكت بشدة التكثيف والدلالة مع واقعنا المتشيطن بلحظات الاثارة لاحلال السقوط والانكسار فاسقط اقنعة الزيف فنحن أمام نص روائي متميز بالتنوع والثراء فلم يعد بؤرة محددة بل هو شكل نمو عبر اختلاف الرؤى وتعدد الانماط وتحول جذري من سلطة المطلق والمجرد والواقع والمحاكاة إلى خصوصيات الذات والتفاصيل وايقاعات الحس والمشاعر والعلاقات الحميمية يا إلهي هكذا فعلت سهر حينما اخذتني في السيارة كان تحت الثوب الفراغ كل الجسج ممشوقاًعارياً ..هكذا تفعل شهوة الجسد بالنساء عندما تقابل رجلاً تحبه للقاء جنسي تنزع ملابسها وترتدي عليه فستان او بالطو او جيبه او جنس ..هكذا تفعل كل نساء العالم ..

وما ابرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء

قيل ادخل الجنة قلت ياليت قومي يعلمون

بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين )...

 ويستمر الكاتب في لمساته الإبداعيه الصاخبة ... وسيرورة الرواية وفق منهج مبرمج لكاتب لم يسبق له الاستسلام أمام التيارات الادبية المألوفة وغير المألوفة التي تصدى لها بلغة جمالية جديدة رغم سهام التجريح ألا أنه أستمر كاتبنا مشاكساً شرساً بنصوصه وأبداعه متواضعاً بأنسانيته هذا ماأكده الكاتب في كتاباته. إذاً مما تقدم يبرز دور الإديب المثقف المؤمن المتحلي الداعم للقيم والتقاليدوالعادات الجميلة والحيوية والمغيروالرافض والمنتفر من التقاليد والعادات السيئة والمتعثرة والمعرقلة لمسيرة الإبداع ولتطور وخلق وبناء جيل خالي من الاضطرابات متحلي بالصدق والتواضع والتسامح متحمل المسؤولية قابل للتضحية من أجل ثقافته ومجتمعه وتراثه . فكل مثقف وأديب وشاعر وكاتب وقاص ورسام وناقد وكافة أبناء المجتمع المثقفين وخاصة الأدباء لو حاولوا جميعاً صفاً واحداً في بناء الواقع الثقافي للمجتمع العربي ثقافياً لما أصابتنا خيبة الأمل والفشل لكن للاسف الكثير وليس القلة من الأدباء يصيبهم الغرور بعد أن أتيحت لهم فرص الحكم والأثراء والإستمتاع بتهميش الإفضل منهم لإسباب ورواسب قد تكون نفسية أو اجتماعية فيستبيح لنفسه بعد ما أخذ من ثقافته الهشة وخبرته المتسكعة منتقداً وحاكماً مستتراً بقالب المبادئ الديمقراطية مع علمه يقينياً أنه أديب غير ناضج ثقافياً بل تقمص الثقافة بمعرفته لبعض المصطلحات وحفظها من هنا وهناك دون السعي للقراءة وثقافة الذات فإذا كان هذا هو مستوى بعض الأدباء وهي الحقيقة المخجلة فإذاً نحن مجتمع بقمة التخلف والإنحدار الثقافي فعلينا تقع مسؤولية التغير لا أعني هنا تغير هيكل المجتمع بل بناء الجيل وخاصة البناء النفسي ...

هنا سؤال يطرح نفسه . (هل الأديب مسئول)؟

الإجابة نعم مسوؤلاً مادام الاديب كاتباً وشاعاً وقاصاً وناقداً ووووو.الخ ..لان الأدباء من المجتمع وينتمون إلى بيئة وهناك أحتمالين الأول أنتمائه إلى بيئة صالحة والثاني ينتمي إلى بيئة فاسدة فلذلك يظهر الفاسد والمصلح المتواضع والمتكبر لذلك علينا أن نعود إلى أنفسنا أولاً كما أشار الله في كتابه الحكيم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..

فالثقافة تنبع من الذات الانسانية ولا يغرس فيها من الخارج. ويعني ذلك أن الثقافة تتفق مع الفطرة وإن مايخالف الفطرة يجب تهذيبه . فالأمر ليس مرده أن يحمل الإنسان قيماً تنعت بالثقافة ، بل مرده أن يتفق مضمون هذه القيم مع الفطرة . (6) وهنا وجي علينا التنويه إلى عام 1948 عام النكسات والخيبات ودور الاستعمار الغربي في افشاء الفساد الثقافي والبيئي لكن قتئذ ظهر العلماء والمفكرين والمصلحين والمناضلين والمثقفين العرب رغم الإنهيار والفساد وتعشش القيم الفاسدة المدسوسة من الاسعمار الغربي ففشلت محاولاتهم ولم تكتمل بذرة الفساد بالنمو وأصطدام التيارات بالبيئة الصالحة من المجتمع العربي فأصبحوا عناصر تصدي ونجاح فنمى منهم وظهر جيل السبعينات ومنهم المتمرد الثوري المثقف الكاتب الروائي السيد حافظ بماضيه السياسي الوطني القومي العروبي المسيطر على ذاته وامانيه في تطهير الواقع الثقافي وأصلاحه أدبياً وفنياً وعدم تمزيق وأنحلال الموؤسسات الثقافية والاهتمام بالأدباء الشباب الذين سلعبون دوراً مهماً في بناء المجتمع العربي الجديد

 يقول السيد حافظ : ( قلت لها أخلعي نعليك عند القراءة لي وتعطري ...) وقول أخر

يقول السيد حافظ : (أنا مدن ولست مدينه ..أنا أنسف كل القواعد القديمة ، وأبشر بجيل جديد يأتي ، جيل يكتب مالم نكتبه نحن ، أنا أفجر الجنون والعظمة،...) (3) من يقرأ هذه الجمل يحكم على الكاتب حكم تعسفي لكن من يتمعن بالكلمات وتواصلها وصيرورتها والزمان والمكان يلاحظ أنها حاضرية ومستقبلية ثم يسترسل الحديث ليؤكد لنا سيرورة عظمة الاداء أي النص والإبداع مع التواضع ...

فيقول السيد حافظ : أنا أفجر فيهم الجنون والعظمة ، العظمة المتواضعة أمام الحرف .. ويأمر الجيل المجنون والقراء أن يتوضأ الكاتب بنور الكلمة أن يصلي ليس بالسجود فقط ولكن بروحه أمام العبارة ... وهذا ما يفعله الكاتب السيد حافظ عند شروعه بالكتابة يباشر بطقوسه الكتابية فيطلق البخور ويستمع لقراءة القرآن عبر التلفاز .. هنا وجب علينا أن نستهل بحثنا أو دراستنا المتواضعة بمعرفة معنى التواضع (لغةً وأصطلاحًا)

1 - معنى التواضع لغةً : التواضع يعني التذلل ، يقال : وضع فلان نفسه وضعاً ، ووضوعاًبالضم ، وضعةً ، بالفتح : أي أذلها. وتواضع الرجل : إذا تذلل ، وقيل : ذل وتخاشع ...

2 - معنى التواضع أصطلاحاً : التواضع هو ( ترك الرؤس، أظهار الخمول ، كراهية التعظيم ، الزيادة في الإكرام وأن يتجنب الإنسان المباهاة بما فيه من الفضائل ، والمفاخرة بالجاه والمال ، وأن يتحرز من الإعجاب والكبر ) . وقيل هو : ( رضا الإنسان بمنزلة دون مايستحقه فضله ومنزلته . وهو وسط بين الكبر والضعة ، فالضعة : وضع الإنسان نفسه مكاناً يزري به بتضييع حقه . والكبر : رفع نفسه فوق قدره ) . وقيل هو : إضهار التنزل عن المرتبة لمن يراد تعظيمه ، وقيل : هو تعظيم من فوقه فضله ) ...(4 ) ..

أما تعريف التواضع في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي .

1 – تواضع / ( فعل )

تواضع / تواضع على يتواضع ، تواضعاً ، فهو متواضع ، والمفعول متواضع عليه تواضع العبد : تخاشع، تذلل ،عكسه تكبر من تواضع لله رفعه ( حديث )

تواضع القوم على الأمر : اتفقوا عليه تواضع أهل اللغة على استعمال رموز لأداء أصوات معينة .

تواضعت الأرض : انخفضت

تواضع ما بين القوم : بعد

2 – تواضع ( اسم )

مصدر تواضع ، عرف بتواضه الجم : إظهار الحشمة وعدم التكبر والتعظيم

مصدر تواضع / تواضع على ، أخجلتم تواضعنا: أفضتم في الثناء حتى استحى قدرنا من مديحكم

تواضع : ( أسم ) ، تواضع : مصدر تواضع

4 – متواضع ( أسم ) فاعل من تواضع / رجل متواضع : غير متكبر ، غير متعجرف ...وهذا مارغبت أن أصل له لأبين معنى المتواضع أما المعاني والاستخدامات الاخرى( للفعل وضع وللاسم تواضع ) فالمعاجم كثر والمعاني أكثر وأكثر ....

أما التواضع كخلق في الأسلام فهو صفة محمودة وسبيل لنيل رضا الله ولقد جعله الله سنة جارية في خلقه أذ آمر الله سبحانه وتعإلى أن يرفع المتواضعين وأن يذل المتجبرين والمتكبرين فقال الله عز وجل ( فبئس مثوى المتكبرين ) من سورة الزمر الآية (72)

كما قلنا وذكرنا سلفاً أن التواضع في اللغة هو التذلل أما التواضع عند علماء الأخلاق هو ( لين الجانب والبعد عن الاغترار بالنفس ..

أما التواضع في القرآن الكريم : فلم ترد كلمة التواضع بلفظها إنما وردت كلمات تشير إليها وتدل عليها ..

قال الله تعإلى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون هوناً ) ( سورة الفرقان الآية 63 ) أذ قال القرطبي ( هوناً ) الهون مصدر الهين وهو من السكينة والوقار .. أما في التفسير يمشون على الأرض حلماء متواضعين يمشون في اقتصاد ..أما ابن كثير قال : سكينة ووقار من غير تجبر ولا أستكبار ..( مصدر طريق الأسلام )

والتواضع من خلق الرسل والانبياء /هذا ماقرأنا وعرفناه عن رسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم تواضعه في بيته ومع زوجاته ففي صحيح الأدب المفرد (420 )

قالت السيدة عائشة رض الله عنها : (( ماكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته ؟ قالت : ( كان بشراً من البشر يفلي ثوبه ويخلب شاته ) وكان يدخل السرور إلى قلوب زوجاته أمهات المؤمنين ما وجد إلى ذلك سبيلا وكان عليه الصلاة والسلام يكرمهن وينزلهن مكانتهن .. وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التواضع وحث عليه بقوله:

" إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد " ( السلسلة الصحيحة (570) ...

 

د. نجاة صادق الجشعمى


 

 

مقدمة كتاب: إشكالية وتمازج ملامح العشق المقدس والمدنس نموذجًا رواية "لو لم أعشقها"

.مقدمة كتاب:إشكالية وتمازج ملامح العشق المقدس والمدنس

نموذجًا رواية "لو لم أعشقها"

للكاتب " السيد حافظ.. بقلم: د. نجاة صادق الجشعمى

          "

 ..
 
ربما يكون العنوان يطرح لنا قضية عشق أو مجموعة من القضايا تحت مسمى " العشق " بتناقضاته ومسمياته ويتطلب من الباحثين والنقاد والدارسين في هذا المجال بذل مجهود بفاعلية الصبر والدقة على وجه الخاص وليس العام في العنوان " لو لم أعشقها " لو تثير كثيرًا من الاحتمالات هنا العنوان دلالة من دلالات الغوص في أغوار النص الروائي لأنه يستنطق العنوان بل مفتاح أساسي للفن شفرات النص ليتسنى للقارئ الأكاديمي أولًا والمتلقي استعماله في التعرف علي أسرار وخفايا وطلاسم الرواية وتبسيط عناصرها فالكاتب في رواية " لو لم أعشقها " حين كتب العنوان وهو العتبة الأولى للنص الروائي يراوغ ويخادع القارئ المتلقي ويتمشى بالسرد لكن هنا يقفز السؤال من هي المرأة التي لم يعشقها ؟ وإن عشقها ما الذي سيحدث له؟ وهل لو احتمال آخر لأنها أداة شرط .. هل الاحتمال الآخر الرمزية الصورية للمرأة ؟ تأخذنا الرواية إلى أبعاد وأغوار أعمق من العشق كما سيتضح لنا من خلال السرد للرواية والتحليل بملامح العشق وإيزاحات المبدع وإبداع المخاتلة والمراوغة لمعالجة قضايا المجتمع المشحون بالقلق والخوف والظلمة والنور والحلال والحرام وعلاقات تضادية تتطارد مع بعضها عكسياً عبر الزمان والمكان في عالم محدود ومشدود ومأزوم في ضبابية الأديان والجنسيات ما بين العقاب والثواب والجنة والجحيم فالرواية "لو لم أعشقها " في مخاض عسير ولد من رحم أخمص الليل الكالح نص دغدغ بنسيج خيوطه الشمس فتخضبت الرواية بالعشق وصنعت أنساق وبدائل وبلاغة مفعمة بالرمزية والاستعارة والمفارقة متداخلة في الوقت ذاته مع التنوع في صياغة الخطاب السردي ثم يتماشى معنا الكاتب متعاقب الخطى وينتقل بنا إلى الإهداء ويباغتنا ما بين العام والخاص الإهداء الأول للزناة والأهداء الآخر إلى من صُلب على الورق وتعذب من قبل خصان الأدب الموهوب المهمش إلى الكاتب محمد حافظ رجب شقيق الكاتب ثم يتوضأ الكاتب ليشرع في سرده للخطيئة ما بين الورق والقلم والهمزة والياء أنفق عمره هباء... تظهر العلامة الأولى كصور فنية واستنارات لغوية استخدمها الكاتب توظيف تناسقي وتناص مع آيات القرآن والتكرار لجمالية السرد فمنذ العلامة الأولى (وأكثرهم الفاسقون) ثم تتوإلى العلامات (وأكثرهم لا يعقلون) (وأكثرهم الكافرون) إلى أن تصل إلى النهاية العلامة الثلاثون (أكثرهم محرضون) وينتهي الكاتب بالجزء السابع من السباعية بسورة الناس (قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس، من شر الوسواس الخناس ، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس) صدق الله العظيم.

ما هي كنوز الجنة التي مُنحت إلى فتحي رضوان ؟

أربع كنوز من الجنة منحها له الشيخ في المنام هي (كتمان المصيبة ، كتمان المرض ، كتمان الفاقة ، كتمان الصدقة) نتساءل ماذا فعل فتحي وما الذي كتمه غير البكاء والرجوع للخطيئة. وبكى فتحي جاءت تهاني بالمنديل وقالت له : سلامة عقلك لا يوجد أحد أنت تحلم . أعطاه المنديل أمسكته بيدها. وقالت: الله رائحته جميلة . اشتريته من أين ؟ والعطر الذي به ما أسمه؟ ما هذه التناقضات يا فتحي رضوان تعاني من الخطيئة ووجع الروح فيخيل لك النور وأنت الظلام يغشيك .. يعترف ويؤكد حبه إلى تهاني وهو الحب الوحيد الصادق والحياة المستمرة والوطن حب الأسرة والوجود (حب تهاني) و (لكن) الاستدراك يفشي حقيقة فتحي أنه مصاب بالهوس الجنسي حيث يقول:

أنا أحبك يا تهاني ولكن قلبي يفيض حبًا يكفي نساء كثر .. ويستدرك ثانية بـ (لكن) ويقول :

لكني للحين لم أفهم سر الخيانة في العشق... تهاني حب والنساء الكثر عشق ويؤكد فتحي رضوان أن عشقك فوق الطبيعه بلا منازع يا ترى عشق من يكون هذا بلا منازع ؟ هل عشق امرأه ما أم عشق مصر الذي تجانس وتخالط مع جينات فتحي رضوان فعشقها حد النخاع...؟؟؟

ترى ماذا تقصد تهاني بكلمة الله يقويك هل هو إيحاء على أنها تعرف أني أقمت علاقة مع حياة وتدعي البلاهة .. أم أنها تسخر مني واللبيب بالإشارة يفهم..

الكاتب يقرأ ما كتب على الورق في مخيلته الأدبية فنًا رائعًا كأنه وصف حياته وصفها على الورق وقدمها للقارئ كحضور وشخصيات تفاعل وتعايش معهم فالكاتب هنا يلعب على المشاعر والأحاسيس ويشبك طاقته الكتابية مع الشخصية فيكون شخص واحد وفرد من العائلة في الرواية فهو الذي يجذب القارئ والناقد باستخدامه الأدوات والوسائل والأحداث وتصاعدها باستمتاع .. ثم يردد الآية (وما إبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء).. كيف يكون التقرب إلى الله في لحظة المعصية والإنغماس في الخطيئة كيف استطاع فتحي أن يقيم الصلاة وهو عازم على الإنخراط للشهوات والجنس .. فيقول:

كنت أصلي و رأسي يدور في موعدي مع حياة .. ويسأل نفسه الأمارة بالسوء ويقول :

ترى لماذا أصلي ؟ لأني أخاف الله .. لأني أؤمن بيوم القيامة لا يمكن أن يُخلق الكون عبثًا.. ترى هل ستحتسب هذه الصلاة لي..

هذه مجموعة من الرؤى  و القراءات النقدية للجزء السابع (لو لم أعشقها) من سباعية الكاتب السيد حافظ .

الروائي المبدع بامتياز استطاع بهذه الرواية أن يتفرد وأن يبدع بأفكاره وينسج لنا فنًا جميلاَ حمل بين طياته أحزان الوطن والأمة العربية محاولًا معالجتها بطريقة فنية لذلك ارتأيت أن أجمعها بين دفتي كتاب للتوثيق أولًا ثم للتنهض دليلًا على إبداع وحداثة السرد في الرواية أدبيًا وفنيًا من حيث الحبكة والبناء والأحداث والشخصيات والزمان والمكان وتبادل الأدوار وكشف المسكوت عنه ومقاومة الشر بكل أنماطه وتجلياته والإدعاء بالفضيلة والخوض في غمار الرذيلة والعلاقات الحميمية والتواطؤ لترسيخ الفساد واستفحاله بأنماط مختلفة من أجل الرغبة الجنسية وإثبات الفحولة الذكورية وتعميق وترسيخ الفضيلة في عرض أنماط سلوكية صوفية وأخرى نمطية منخرطين في الرياء والإدعاء بأن الله غفور رحيم وتحت هذا الشعار يفعلون ما يشاؤن فرواية (لو لم أعشقها) هنا كانت تتحدث عن سلوكيات وأنماط اجتماعية من جنسيات متنوعة جمعتهم ظروف العمل والغربة والنزوح والاضطهاد والخيانات والتهميشات الرواية (لو لم أعشقها) تمثل صرخة متمردة واحتجاج جمعي من نفوس متمردة على اللاوعي لدى الشخصيات التي داست الأقدار والأوطان والحكام والعادات والتقاليد على رقابهم فأصبح منهم أبطال ومنهم المهمشين المنبوذين ففي البلدان يعانون من غباء التمييز الطبقي ويقاتلون من أجل أحلامهم بالأوهام في ظل الهيمنة الكارثية للطبقات الدنيوية المنحطة فنرى الكاتب السيد حافظ يغوص بزاوية أكثر عمقًا ويركز على الصراع القائم في المجتمع الشرقي وهو إن المرأة رمزًا أكثر من أن تكون كائناً تابعًا للرجل وأن تكون إمتداد له فتفني نفسها وإنسانيتها وتفقد أمامه شخصيتها وتكيف نفسها فقط لرغبة زوجها كأن لا شئ لها سواء إرضاء الزوج عنها فتقضي نهارها في إعداد الطعام والقهوة والشاي وجميع ما يحتاجه هو مع تهيئة نفسها لرغباته الجنسية دون مراعاة ذاتها وأحلامها الشهيدة .. وتتعدد صور المرأة عند السيد حافظ في رواية (لو لم أعشقها) ما بين دمج المدنس الدنيوي الماثل في ممارسة الجنس مع المقدس المتعالي الماثل في الحب الحقيقي والحب الإلهي.. فالله محبة وهو أصلاً عبارة عن فكرة ميتافيزيقية عن الحب.

هنا يصبح الموضوع جوهري أي ما هو المقصود بالصورة المجردة المقدسة والمادة المدنسة؟ هنا نستوقف ونتردد كثيرًا بالإجابة لكن من خلال رؤية الكاتب في هذه الرواية وتقديم النماذج للشخصيات فإن المقصود هنا من هذا التوظيف الربط بين الخالق والمخلوق بين الله والإنسان بين الحق والباطل بين الفضيلة والعهارة.. فكل هذه تناقضات تدل على أن الله كخالق متعال والإنسان كمخلوق دني أرضي إنطلاقًا من مبدأ المشاركة في صورة الحب اللامشروط لله وحده دون جدال ومع نمط الحب الانشطاري الذي يجمع بين شقيها النقيضين في النص الروائي أما من حيث الخطاب الشرعي والعرفي يتكاملا ويتشاكلا في الخطاب التحليلي الروائي فمن حيث حدود المقدس والمدنس والمعلن والمضمر والمفهوم والممارس كل من النقيضين يتجاذبان في حياة الإنسان ويصنعان السعادة والشقاء، الجنة والجحيم، الدنيا والآخرة، التيه والضياع الحقيقة والنور التأزم والانفراج. 

 


 

إذًا من حيث التتابع والإندفاع نحو الحرام المتمثل في العشق المدنس هناك مفترقان من حيث الجوهر والطبيعة فالذات المدنسة تعي ذاتها في الاختلاف وتتابع وتندفع في الدنس وفي كل الحالات لاشباع الرغبات سواء بواو العطف أو واو المعية لترتقي الشهوات بتاء التأنيث وواو الجماعة.

أما حب الجسد في الرواية ( لو لم أعشقها) فتتمثل بما تملك المرأة من مزايا جنسية مغرية للذكورة فيصبح عند الرجل نموذج للحب المتعالي الدنيوي ولعل في نظر الرجل هذه الصورة المجردة من القدسية بل رغبة متشبعة بالأنا الذكورية والتسلطية الرغبوية في لحظة استسلام المرأة لشهوته الدونية بينما يأخذنا الكاتب السيد حافظ في الرواية (لو لم أعشقها) صورة أخرى للمرأة المقدسة.

المرأة النمطية والمرأة السلبية والبرجوازية، وتعدى السيد حافظ إلى الأعمق بالغوص ما بين الثابت والمتغير والمقدس والمدنس حيث نثر وكشف وعرى المسكوت عنه سياسيًا في واقعنا العربي، وهذا كان واضحًا في مظاهر خدام وخدمة وطاعة الحاكم وظلم المحكوم فكما أن الكاتب يتفرد بالمفردات والترميز والجمالية في الحبكة في السرد والتخيل كذلك من حق القارئ أن يستمتع بالقراءة لكي يتخيل ويمتزج ويتفاعل مع الحكاية والشخصية ويتعايش معها أي في كثير من الأحيان يتنفس الكلمات ويحب ويعشق الشخصية ويبغض الاخرى وكذلك الناقد هو قارئ متميز متمرس يحتاج إلى أدوات وأجراءات لتضيئ له القراءة النقدية وتضفي جمالية للنص الروائي فالناقد النبه يمتلك الحس الجمالي والفكر والدقة ليحاكي النص الروائي برؤية نقدية جمالية حسية وإظهار جماليات الفن واللغة وتبلور الأفكار وعوالم الجمال وإظهار النوايا من غير الاتجاه للسلب واو القصدية بل الانزياح عن الكلاسيكية والتماشي مع الحداثة والتعددية من حيث الدلالات للمستويات اللغوية والأدبية والفنية في مجال النقد البناء المنفتح على التجديد والتشظي في النص الروائي وهذا ما يؤدي إلى تمظهر القاعدة المألوفة في تفنن الكاتب في التأخير والتقديم والحذف يلجأ الناقد غالبًا إلى الربط بين مفهوم مضامين وأفكار الكاتب وأسلوبه بأنه انحرف عن مسار القاعدة العامة وبين القديم الكلاسيكي وبين الرومانسي والعشق والحب بتناقضاته المدنس والمقدس واتجاهات الأدباء صوب قضية المرأة وبين لغة الكاتب التي تميزت بالخروج عن المألوف أي انزياح إلى قضايا اجتماعية تخص المجتمع من حيث التأثير والتأثر والانغماس في الملذات المشروعة والمحرمة من وجهة نظر الدين والعرف والشريعة والقرب والبعد من الله إله الجميع روحيًا أم ريائًا.

فالحياة معزوفة موسيقية تُعزف على أوتارها فتتفاعل مع عزفها ما بين متعة الفرح أو الحزن ولد تكون معزوفة هادئة تبعث لقلبك السعادة وقد تكون صاخبة عاتية لا تتماشى مع ما ترغب لذلك تضطر إلى تغير المعزوفة الموسيقية هكذا هي الرغبات والعلاقات أذواق فكل عزف له ذوق وجمال وحلاوة فالحياة ليس صورة في سجل ليد العائلة.

الحياة بجمالها وقبحها بأحداثها الجزئية والكلية الحياة فن والفن ذوق والذوق إحساس والإحساس شعور والشعور وجود الآخر وإنجاز كذلك الكاتب هنا يصور لنا بمخيلته الأحداث ويدونها بكتاباته فالعين هي التي ترى والاستبصار هو الذي يقرأ فالنص السردي هنا في رواية (لو لم أعشقها) يستأذن القارئ ليستقبل الترددات الموسيقية للمعزوفة العشق الذي لا وجود له أطلاقاً فقط رغبات وعلالات متشعبة متشابكة ما بين هذه وتلك العشيقة سهر والعشيقة حياة والزوجة تهاني التي تعلم ولا تعلم رغم ما أنها ترتسم السعادة لكن قلبها يعزف أهات التعاسة والخيانات المتلاحقة من فتحي رضوان نغمات رغباته الجنسية تتراقص على ألحان معزوفة الخوف والملك في نبضات قلب تهاني.

أغلقت سماعة الهاتف .. نظرت إلى تهاني مدعيًا بلاهة الظاهر - لازم أروح الجريدة الساعة الواحدة بعد الظهر.

- اليوم جمعة

- عارف .. لكن الجريدة لا تعرف العطلة أبدًا

-  طيب الله يقويك

ماذا تقصد تهانى هل هى معى أم ضدي .. وأنا وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء يؤكد الكاتب هنا على الجنس إذ  يستشهد بما قال فرويد ويقول :

هل الجنس هو نقطة ضعف البشر وهل أنه المحرك الأساسي للكون .. هل غريزة الجنس هي الأمانة التي حملها الله للإنسان كي يطور الأرض ويعمرها ويجعل الإنسان خليفته على الأرض .... هكذا في كل مرة يمارس الخطيئة والعشق المدنس يقترب من الله ويتذكر الآية والجحيم والقيامة مع هذا يذهب ويدق الباب دقة.. دقتين .. يفتح الباب للجحيم لغضب الرب للحرام بكل أنماطه بقميص النوم أو عراة على السرير أو يحتسي القهوة ويشعل السيجار أو في المقعد الخلفي في سيارة سهر أو في الأسانسير أو مع الخادمة.. وكما قلنا تعددت الشخصيات والجنسيات والعلاقات لأجل إشباع رغبة اعتقد بل وبكل التأكيد أن شخصية فتحي رضوان لم يعشق أي امرأة في حياته قط بل تعرض لخيانة بشعة مما أثار لديه الانتقام من المرأة في الإستيلاء والسيطرة عليها وأيقاعها في غرامه وعلاقات حميمية معه لأنه فعلًا يجب أن يعالج نفسيًا فاسم الرواية (لو لم أعشقها) من التي عشقها ؟ فتحي رضوان لن يعشق إلا الجنس والإثارة والتفنن في العلاقات الجنسية.. فالإنسان يتمرد على كل شئ حتى على الأديان والأحكام والتعليمات السماوية يتمرد على الفضيلة فيسير في درب الخطيئة متوهمًا أنها تمنحه حرية المتعة فكان فتحي رضوان مريضًا بعطر سهر وسحر جسدها ، ضعيف الإرادة أمام شهواته لا يستطيع منع رغبته في الانسياق وراء سهر ، يستسلم دون نقاش للجنس فيذهب في أحضان الرذيلة والخطيئة ويبكي الله ما هذا التناقض يا ابن آدم حقًا منقذ اكتشف الخيانة ومارس هو المعصية مع الخادمة وأطلق لفظة الكلب الذي خانتني سهر معه وطلب مقابلة فتحي هو متأكد إن فتحي هو العشيق لسهر .. جلس الاثنان على المائدة فتحي يدخن السيجار ومنقذ أمامه يتلعثم منقذ. وإرتبك فتحي.

- أسمع فتحي

 - خير ؟ كلي آذان صاغية ..غرد يا صديقي الغالي

- أريد أن أطلق سهر

- نعم ؟

ما أعجب هذه الشخصية خيانة مع سبق الإصرار والتغابي منقذ يهدد بالطلاق وفتحي يهدئ ويتصبب عرقًا.. هكذا الذكورة الشهوانية كالكلاب البوليسية رغم أن الكلب يرمز للتحقير والسخرية وحتى في الإسلام يرمز بالنجاسة والقذارة ولا يربى إلا للحراسة ولا يجوز أن يدخل البيت كما ذكر الله في سورة الأعراف (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا ) فما تجني من الكلب إلا السموم والأوبئة، وشبه منقذ بفأر المجاري كبير الحجم قوي البنية لكنه لا يقوى على فعل شيء، هكذا هي الخيانات والعلاقات الملوثة تجمع المنحطين خلقيًا بأعذار ومسميات العشق والحب اللاوجود له أبدًا في مثل هذه البيئة وهؤلاء الأجناس من البشر يا ترى ماذا لو لم يعشقها ماذا فعل فتحي أكثر من هذا وما جنت على نفسها براقش.... وأخيرًا نحن أمام ملحمة حافظية مكونة من سبعة أجزاء وهذه الرواية (لو لم أعشقها) الجزء السابع والأخير..

أخذت على نفسى وعلى عاتقى مهمة صعبة أن أجمع كل ما كتب حول أعمال الكاتب الكبير السيد حافظ سواء كان فى المسرح أو التلفزيون أو الرواية أو فى الصحافة فهو مشوار طويل امتد إلى 55 عاماً من الكتابة فى كل المجالات ولم ترتبط كل هذه الإبداعات والمقالات بأرض واحدة أو بدولة واحدة من مصر إلى الكويت إلى العراق إلى البحرين والى اليمن وقد كتب فى معظم الدول العربية مقالات أو صدرت له ابداعات مكتوبة أو قدمت له أعمال مسرحية للصغار أو الكبار والتف حوله الكثير من المبدعين الكبار والصغار يكتبون والتف حوله الكثير من الباحثين والباحثات فى أرجاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وكل واحد حاول أن يفتى أو يقدم ما لديه من أفكار أو أشياء لخدمة هذا الإبداع الكبير والإبداع ارتبط بمبدع أو يرتبط بمبدع والمبدع هو الكاتب السيد حافظ .

هذه الدراسات ليست هى الأخيرة حول أعمال الكاتب فقد آليت على نفسى أن أجمع له الكتب ومقالاته والأحاديث الصحفية المكتوبة عنه فى عدة كتب ومنها :

-        التشظى وتداخل الأجناس الأدبية في الرواية العربية (جزء أول ، جزء ثان)

-        التنوع الدلإلى في مسرح الطفل ما بين التناص والتراث والإخراج

-        رؤية النقد لعلامات النص المسرحى لمسرح الطفل في الوطن العربي

-        تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة

-        المشاكس "رحلة في رحاب الكاتب السيد حافظ

-        السيد حافظ في عيون الباحثين والنقاد الجزائريين

-        السيد حافظ في عيون نقاد المغرب (جزء 1 ، 2)

-        المسرح التجريبى واختلاف الرؤى في التأليف (ج أول ، ج ثان)

-        الحب الملكى – سحر التنهيد والعشق – مقتطفات من سباعية السيد حافظ الروائية.

-        فرسان المسرح العربي "من أجل النهوض بفن المسرح"

-        إشكالية وتمازج ملامح العشق (رواية لم لو أعشقها للكاتب السيد حافظ)

 

ولقد جمعت الزهور وجمعت الأفكار المستنيرة التى كتبها باحثون وباحثات من كل أرجاء الوطن العربي وقدمتها فى هذه الكتب ، وهذا الكتاب أقدمه بين أيديكم تكملة لمشوارى الذى بدأته فى هذا المجال منذ أربع سنوات لعله يضيف للباحثين والمكتبة العربية والعالمية المهتم بالأدب العربى بعضًا من الاستنارة وبعضًا من التوضيح حول هذا المبدع .

نحن أمام إنحطاط عالمي وليس فقط في الوطن العربي تمزق أخلاقي في بناء المجتمع والخيانات كثيرة على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والاغتصاب والانحلال وزنا المحارم وغيرها من المسكوت عنه والمستور يجب بل الواجب يحتم علينا وعلى الجميع في الوسط الثقافي تطهير وإصلاح الكينونات البنيوية للباء السردي في الأدب بكافة أجناسه والفن واختيار اللغة والمواضيع التي تعالج الواقع الفاسد وطرح مثل هذه القضايا كما هي في رواية (لو لم أعشقها)

 يقول الكاتب :

أنا مدن ولست مدينة ..أنا أنسف كل القواعد القديمة . وأبشر بجيل جديد يأتى . جيل يكتب ما لم نكتبه نحن . أنا أفجر الجنون والعظمة المتواضعة أمام الحرف .. فيأمركم الكاتب بالتوضأ بنور الكلمة وأن يصلي القارئ ليس بالسجود فقط ولكن بالروح أمام الكلمة .. فهو ليس غرور بل تمرد استنباطي حداثي ما بعد الحداثة حداثة ... كما قال وشهد الدكتور علاء عبد الهادي في اتحاد أدباء مصر أن السيد حافظ غابة إبداع وليس شجرة .....

د. نجاة صادق الجشعمى

 

مقدمة كتاب: فرسان المسرح العربي من أجل النهوض بفن المسرح

مقدمة كتاب:


فرسان المسرح العربي

من أجل النهوض بفن المسرح

بقلم د. نجاة صادق الجشعمى

 


هذه مجموعة آراء أساتذة ودكاترة ونقاد المسرح ومؤلفين ومخرجين وفنانين ومدرسين وقد ارتأينا أن نجمعها بين دفتي كتاب لندرسها ونحللها ونتعرف على مشاكل وأزمات الصمت القاتل والاضمحلال الذي يعاني منه المسرح العربي.

وبذلك نسعى من خلال هذه الدراسات أن نؤكد على أن المسرح هو من الأماكن التي لا يستطيع الجمهور أن يستغنى عنها لأنه يتنفس ويتخيل ويكتشف ويبتكر، فبطبيعة الإنسان بما أنه خلق في كبد يسعى للتحرير والتنفس كضرورة غريزية وظيفية إنسانية.

هذا الإنسان أو المتفرج يأتي للمسرح ليعيش العالم وينطلق مع أفكار العرض المسرحي المعروض الذي قد ينقله إلى زمان غير زمانه أو مكان كان له فيه ذكريات وأحداث فيتولد لدى المتفرج القبول أو الرفض لأن ما يهم المتفرج المضمون لا الأحلام وقد يستبدل عَالمًا لا يعرفه بعالم جمالي آخر مرتبط بمعايير الجمال سواء بالنص أو العرض أو الإخراج ممزوجًا بالقيمة الموضوعية وجمالية الذوق في الاختيار التي ستوقد لديه خبرة يستطيع من خلالها تقدير وتقييم العمل شكلاً وَمَضْمُونًا.

فالمسرح إبداع من حيث المقومات والعناصر فكل عمل مسرحي يقوم على ستة عناصر هي ( الحبكة ، الفكرة ، اللغة، الشخصيات ، روح العمل أو إيقاع المسرحية ومدى تجانسها مع اللغة والشخصيات والحبكة، وكل ما يضمه المسرح من ديكور وأصوات وإضاءة وممثلين وغيرها) فمن خلال هذه المقومات مع التخطيط والتنفيذ بدقة للعمل المسرحي يحصل التفاعل من قبل الجمهور على سبيل المثال لا الحصر اختيار الأصوات الجميلة مع الأشعار والألحان إذا كان العرض استعراضي موسيقى وبه رقصات ومغني أو يعتمد على الممثل الذي يقرأ الشعر بفن الإلقاء وهذا كله يخلق تفاعلًا ما بين خشبة المسرح والعرض والجمهور فينجح العمل المسرحي لأنه لمس منابع أعماق الروح ...

فالمسرح هو الضمير النابض والعمل المفكر للذات العربية وهو المفكر الداعم للأزمات ... فالمسرح رسالة بل مرآة المجتمعات والشعوب فغياب هذا الإبداع الحر الواعي مرض يستفحل بصمت وتباطأ في ظل الفساد والتمايز الطبقي والأحداث التي تجري بالعالم عامة والوطن العربي خاصة فارتبط المسرح منذ بداياته بالحياة والمشاهد المتفرج الذي يرتاد قاعات المسارح لمشاهدة عرض مسرحي يعالج الواقع ناتج عن صراع الإنسان لواقعه الاجتماعي فالمسرح روح تظهر في شكل تجليات متعددة مستوحاة من العقائد والتراث واللغة والأساطير وفي بعض البلدان الطقوس والشعائر الدينية العقائدية لذلك أطلق على المسرح أبو الفنون ...

ومما لا شك فيه أن العرض المسرحي قادر على أن يعطي القيمة الإبداعية مع لذة ومتعة المتفرج بالوعي الأيديولوجي والثقافي ، فالإبداع المسرحي ليس عرضاً ونصاً وأنما فكرًا وروحًا وجسدًا... المسرح فن قبل أن يكون أداة أو بعد ميتافيزيقي أو بيداغوجي أو سياسي فهو فعل من ابتكار الإنسان ليخلق له جنة مؤقتة على الأرض وهو جهد دائم لجميع المبدعين الذين ينتمون إلى المجتمع ويدخلون في بناء وتجارب المسرح.

من هنا ارتبط المسرح بالجمهور اجتماعيًا وذلك بطبيعة العلاقات المركبة الموجودة والعروض المسرحية المستلهمة من التاريخ والأحداث والشخصيات ....إلخ

أما بعض الفرق التي تنتمي إلى عالم المسرح بعضها قادر على التعبير بمكوناتها الثقافية أن تتبنى نبض وهموم وأحاسيس المجتمع والشارع والتواصل معهم وبعضها غير قادر وبعيد كل البعد عن المسرح والواقع وهذا ما ينكشف من خلال الجمهور فعندما يطرح السؤال :

·      هل النص المسرحي في ورطة ؟

نعم في ورطة .... كيف في ورطة والعروض كثيرة والمهرجانات تقام هنا وهناك في سائر أرجاء الوطن العربي..

يقول الدكتور يونس لوليدي في كتابه (المسرح والمدينة) في يوليو 2006 (دراسات ثقافية)

(من المعروف أن المسرح قد نشأ يعالج قضايا الصراع مع القوى الخفية المجهولة المسيطرة على وجوده وقدره وكان المسرح يحاول تفسير الحقائق الكونية المحيطة بعالم الإنسان لذلك لاقت التراجيديا على اللغة الرفيعة السامية الفخمة ذات العظمة والجلال ومع ظهور الكوميديا وتحول الصراع في المسرح من صراع بين الإنسان والقدر إلى الإنسان والإنسان. أصبحت اللغة بسيطة سوقية في أكثر الأحيان بعيدة كل البعد عن فخامة وجلال لغة التراجيديا علمًا بأن المجتمع اليوناني أو المجتمعات الغربية لم تملك لغة تخاطب وأخرى للكتابة بخلاف المجتمعات العربية التي تعرف بحدة ازدواجية اللغة)..

يقول: (أوجين يونسكو) كل شيء في المسرح لغة، الكلمات، الحركات والأشياء. وحتى الحدث نفسه لأن كل شيء يصلح للتعبير والدلالة ، الكل ليس إلا لغة... (علي أحمد باكثير، فن المسرحية من خلال تجاربي)، (ص80).


 

إذن فعلى المبدعين والنقاد والدارسين والباحثين أن لا يتوقفوا عند قضية اللغة والصراع ما بين الفصحى والعامية بل يجب أن يهتموا بالاستدلال والازدواج في لغة إضافية مستحدثة نَظَرًا للتقدم والامتزاج الحضاري والاجتماعي من أجل النهوض بالمسرح العربي الخامل لذلك على جميع المختصين بالمسرح سواء كتاب أو نقاد وباحثين وذوي الدراسات العليا تشخيص المشاكل التي أودت بالنص المسرحي إلى ورطة.

فالنص المسرحي في الوطن العربي يعاني مرض مزمن وهي اللغة (الفصحى ، العامية ، واللهجات المتعددة في البلد وفي سائر البلاد العربية) إذن السؤال هنا..

·      هل نكتب باللغة الفصحى ونتشبث بها؟ أم نكتب بالعامية لأنها لغة الواقع الجميلة السلسة ، أم نكتب بلغة ممزوجة ما بين هذه وتلك ؟

نعلم جيداً لكل مما ما ذكرنا صفات تميزها عن الأخرى على سبيل المثال لو تناولنا (اللغة العامية) فهي ( لغة معبرة قادرة على نقل الفرح والحزن وإسعاد الجمهور المتفرج .... وهي أيضا قادرة على مواكبة الحضارة والتطور باستطاعتها استخدام تعابير وكلمات من لغات أجنبية (عمر عباس العيدروسي ، مجلة الكتاب ، 8 ع 1974 ص63 ) مما سبق نستدل أن اللغة هي المرآة التي تعكس العقلية والوجدانية للذين يتكلمون بها .... هنا سؤال فضولي يطرح نفسه يا ترى الكاتب أو المؤلف هل يتكلم اللغة الفصحى في منزله مع عائلته بحياته اليومية ؟ هنا الإجابة تحمل احتمالين إما لا أو نعم .. إذن كيف له أن يكتب النص أو الحوار المسرحي بالفصحى ويطلب ويصر على شخصياته أن تتكلم الفصحى هنا بلا شك سيقدم للمسرح نصًا هزيلًا يحمل صور مزورة للحياة الواقعية.. من هنا أكد القسم الأكبر من الكتاب أن الكتابة باللغة العامية تجعل القارئ أو المتفرج يتمكن من تكوين فكرة عن المظاهر النفسية والاجتماعية والمادية لشخصيات العمل المسرحي .

أما الأستاذ يحيى حقي يؤكد ويقول : (إن كتابة النص المسرحي بالعامية يجب أن تكون بدقة وذوق بل يرى أن التمكن من اللغة العامية أصعب أحيانًا من التمكن من اللغة العربية الفصحى وامتلاكها ( يحيى حقي نقلا عن يوسف الشاروني - دراسات أدبية ، ص 192)

فتباينت الآراء ووجهات النظر حول النصوص المسرحية وكيفية الكتابة وبأي لغة تكتب فالرأي الثاني أو أنصار هذا الرأي قالوا الكتابة باللغة العربية الفصحى وبرروا ذلك بما يلي :

(أنها لغة القرآن ولغة الأجداد وهي إحدى مقومات وحدة العرب وقالوا إنها كتبت لنا تراثاً وطنياً وظلت سليمة وخالدة على مر العصور وتمتلك كذلك طاقة كبيرة تسمح للمؤلف بالتعبير عن المذاهب الفلسفية والأفكار العميقة ورصدت الأحداث التاريخية الحميمية... وهناك رأي ثالث يناصرون الازدواجية ما بين الفصحى والعامية ولابد من تحطيم الحاجز الوهمي بين الفصحى والعامية بما أن كليهما وسيلة جيدة للتعبير ...... والمسرح يعتمد على الكلمة المنطوقة التي تختلف عن الكلمة المكتوبة وهذا يحتاج إلى كاتب وممثل مقتدر ليستطيع إيصالها للجمهور.

سوف نعرض هنا بعض النماذج من التجارب لإيجاد لغة مناسبة أي أن لكل نص لغة تناسبه فمثلا.. قدم ( فرح أنطوان) سنة 1913 من خلال مسرحية (مصر القديمة ومصر الجديدة) واستطاع فيها من خلط الفصحى والعامية واستخدم الفصحي مع أشخاص الطبقة العليا التى يتكلمون بها وجعل أشخاص الطبقة الدنيا يتكلمون العامية وتفرحت وتفرجت وتقرحت وتفرحن لغة ثالثة لتلك السيدات وهن يتحدثن في خدورهن فهي لغة الفصحى المخففة أو العامية المشرقة (محمد مندور ، المسرح النثري ، دار نهضة مصر ، القاهرة ، ص 75)

وتأتي محاولة توفيق الحكيم حيث قدم مسرحيته ( صفقة ) قدمها بلغة بحيث يستطيع القارئ أن يقرأها بقراءتين بحسب المنطق الريفي ثم قراءة بالنطق العربي الصحيح فهو استخدم لغة ثالثة ليست غريبة عن اللغة الفصحى وإنما هي في حقيقتها لغة عربية فهو اقترب من العامية..

وكما قال (الأستاذ جلال العشري، فى كتابه "مسرح أو لا مسرح " . ص 14 ).

(وتبقى محاولة الحكيم هي أسعد المحاولات التي قدمت حتى الآن لحل المعادلة الصعبة التي يعاني منها مسرحنا العربي المعاصر ووصفها محمد مندور (أنها محاولة حية لا بفضل المفردات أو وسائل التعبير فحسب بل بفضل الاتجاه النفسي الذي نحسه فيها فهو اتجاه الشعب في تفكيره ومعتقداته وبذلك استطاع أن ينفذ ما يجب أن تمتلكه لغة الفن الشعبي كالمسرح من ظلال وإيحاءات وشحنات عاطفية وأحاسيس عملية) (محمد مندور عن مسرح توفيق الحكيم - معهد الدراسات العربية العالية ، القاهرة، 1960 ص137).

أما التجربة الثالثة للكاتب والمؤلف ( ألفريد فرج) الذي استنبط أسلوب جديد في مسرحيته (حلاق بغداد) ألا وهو بعض المفردات من اللغة الفصحى مع تسكين أواخر الكلمات فيخيل لنا أنه يتحدث اللغة العامية الطبيعية، أو أن يشكل أواخر الكلمات فيحتفظ بمقومات الفصحى حسب ما تقتضيه المواقف المسرحية أو طبيعة الشخصية ، وتبقى لغة القرآن ، الفصحى ، لغة العمل والنحت والروية والإمعان والدقة ولغة التفسير والتحليل .........إلخ والعامية لغة الحس فجائية تلقائية انفعالية وجدانية لا تبالي بالنحو فقط تكتفي بإبراز الترسبات النفسية كما ذكره الأستاذ (كمال يوسف الحاج ، في فلسفة اللغة ، دار النهار للنشر ، بيروت ، ط2 1978 ص227)

أما الكاتب المسرحي والروائي (السيد حافظ) وجهت له هذا السؤال :

·      هل لك أستاذ أن تحدثنا عن تجربتين وبمن تأثرت من هذه التجارب الثلاث في استخدام اللغة في كتابة النص المسرحي ؟ .

أجاب قائلاً: تأثرت بتوفيق الحكيم في تجربتين هامتين.. (الأولى) هي في المسرواية قمت بمزج وخلط الرواية بالمسرح وقدمت سبع تجارب (سباعية) مسرواية حتى أوكد هذا المشروع الهام الذي التفت إليه يوسف إدريس فكتب رائعته (نيويورك 80) وتأثر لويس عوض فكتب مسرحية بنفس الأسلوب (مسررواية) وتأثرت أنا السيد حافظ بتوفيق الحكيم أيضًا بتجربة اللغة وكان توفيق الحكيم يهدف إلى اللغة الثالثة التي تعتمد على رقي اللغة العامية لتصل إلى الفصحى. فكتبت مسرحية (حبيبتي أنا مسافر والقطار أنت والرحلة الإنسان) وقد كتبت الفصل الأول بالعامية الشاعرية، والفصل الثاني باللغة الفصحى ... وفي مسرحية (علمونا أن نموت وتعلمنا أن نحيا) قدمت الفصل الأول بالفصحى والفصل الثاني باللغة العامية الشاعرية ... لكن لا أعرف أيهما قدمت على المسرح بل عرفت بالصدفة وأنا أزور بغداد أن مسرحيتي (حبيبتي أنا مسافر والقطار أنت والرحلة الإنسان) قد قدمت في معهد الفنون الجميلة في بغداد / العراق ولم ينتبه النقاد إلى هذا المشروع الذي أظن أنه هام...

إذاً النص المسرحي منذ البداية يعاني من الاضطراب اللغوي ما بين اللهجات من جهة واللغة الفصحى من جهة أخرى حيث الإنسان العربي يتكلم بلغة ويكتب بلغة أما في الوقت الحاضر يعاني من صعوبة الكتابة لأن معظم الكتاب أو الذين مارسوا الكتابة للمسرح اعتمدوا أو انطلقوا من وهم أن المسرحية ليست أكثر من حوار (ديالوج) بين اثنين من الممثلين، وأن المسرح لا يعدو أكثر من وسيلة للتسلية وأن التجربة العربية افتقرت إلى جهود المؤلف المتخصص الذي يمتلك فهم العناصر أنفة الذكر ومكونات المسرح وطريقة معالجة أفكاره وتجسيدها على المسرح فالنص الذي يكتب لكي يجسد على خشبة المسرح لا يكتب لكي يقرأ فقط.

(الدكتور فاضل خليل، الحوار المتمدن، في 30/4/2007)

فغياب هذا النوع من النصوص جعل المخرجين يبحثون عن البدائل لغياب النص الذي يطمحون إليه فلجئوا إلى الاقتباس والترجمة والميديا ومقاطع كوميدية في وسائل التواصل عبر الفيسبوك وتطبيقاته الحديثة لذلك نحن الآن أمام ورطة غياب النص المسرحي والكاتب المسرحي.

فالكاتب المسرحي ليس هو خالق الكلمة وحسب. وإنما هو من يمتلك الرؤية والتصور التشكيلي والمعايشة للأفكار التي يقترح لها المعالجة لأنها في الأساس عملية إبداعية ذات معيار تركيبي متصاعد عكس الأجناس الأدبية الأخرى في تأليفها مثل الرواية والقصة والشعر والصحافة بالإضافة إلى اللغة والتأليف ومع قلة وجود الجيد وتشويه النصوص المؤلفة بتدخل المخرجين والمنتج بتغيير والحذف بتبرير التعامل مع النص إضافة إلى كل هذا فإن الترجمة للنصوص المقتبسة من الغرب قسم كبير منها لا تصلح للعرض على خشبة المسرح وذلك لضعف ترجمتها والتعامل مع الرؤية والفكرة ... ثم أن رحيل وغياب فرسان المسرح العربي وتهميش الكتاب والمؤلفين المسرحيين المبدعين ورحيل بعض المخرجين الكبار أمثال أحمد عبد الحليم وقاسم محمد وصقر رشود وكرم مطاوع وسعد أردش تسبب في ورطة للمسرح العربي.

وكلما كان هناك وعي ساعدنا في التغلب على إشكاليات الحياة وإيجاد الحلول والبدائل في المسرح.

فالمسرح يعكس مضمونًا فكريًا فهل نحن نعيش في عصر انحطاط في المسرح من حيث غياب النص والإخراج وغياب المختصين وسائر الاختصاصات الأكاديمية (النقد المسرحي ، غياب المنهج العلمي الأكاديمي ، إعداد الممثل أكاديمياً) لذلك يجب أن نركز فيما نقول على أهمية الكاتب والنص لأن الكاتب صاحب الفكر ولا مسرح بدون كاتب ومخرج يمتلك هدفًا أو إيدلوجية لأن المخرج لا يمكن أن يرى فكرة الكاتب بصورة حميمية إذا لم يمتلك هدفاً أو ثقافة.... لا يخفى علينا إن مسرحنا العربي للأسف مريض منذ الولادة وما زال حتى الآن في العناية المركزة يعاني من سوء التشخيص واعتماده على الوصفات السطحية وبرامج درامية للأسف منقولة أي مستنسخة طبق الأصل ودون مراعاة للوعي الفكري والثقافي والاجتماعي والسياسي لهذا البلد وذاك البلد العربي .

ثمة قضية أخرى في بعض البلدان العربية مثل العراق ولبنان وتدخل الأجندات السياسية والمرجعيات الدينية وما بين التحريم والحلال والمغالطات لمفهوم المسرح واعتباره فن بل أبو الفنون وما بين الاحتيال وللأسف بعضهم يسمونها أو ينعتونها "شطارة" لكنها طريقة ملتوية ماكرة فيذهبون إلى الاقتباس وأخذ العمل المسرحي نصًا وفكرة غالبًا دون تحوير أو يلجأ البعض إلى أخذ النص والفكرة معًا فقط يقوم بتغيير اسم المسرحية وأسماء الشخصيات. ناهيك عن تدخل رجال الدين المتزمتين شكلاً غير المعتدلين ويثيرون الغوغاء حول المسرح والمسرحيين وحتى غلق وتخريب المسارح كما حدث في بغداد الحضارة وما آل له المسرح الوطني الذي كان في يوم صرحًا ثقافيًا وملتقى للإبداع العربي والعالمي لعروض مذهلة نصًا وأداءً وإخراجًا لكن مع هذا كله فالمسرح سيظل أبو الفنون وأبو الهموم وأبو السعادة والفرح .. وما يؤكد كلامنا هذا تجربة لبنان الشقيق في ما بعد هزيمة 1967 ، وأيضًا في مصر بعد النكسة والهزيمة كانت هناك نصوص وأعمال مسرحية أثارت التساؤلات وراهنت على الوعى البشري ومن هذه الأعمال المسرحية على سبيل المثال لا الحصر العمل المسرحي للكاتب المسرحي والروائي المصري الأستاذ السيد حافظ كتب مشروعًا مسرحيًا للقضية الفلسطينية وحرب أكتوبر والاستنزاف تضمن على الأغلب خمس مسرحيات منها (6 رجال في معتقل، يا زمان الكلمة الكذب الكلمة الخوف ، الحانة الشاحبة العين ، والله زمان يا مصر ، الأقصى في القدس يحترق ، أحبك يا مصر) ففي إحدى ليالي العرض الذي استمر لعدة أيام كان عرضًا صادمًا على الرغم من الظروف والإمكانيات البسيطة سواء في الديكور أو الإضاءة ، وقد تم عرضها على ضوء الشموع بينما كانت هتافات الجماهير قوية بحناجر صادقة محبة وعاشقة لخشبة المسرح هزت الوعي البشري بعمق الوجدان بعد فاجعة الهزيمة ، فالمسرح لن يموت ولم ينقرض بل سيحيا من جديد وسينهض من السبات الذى خطفته أضواء الميديا ووسائل التواصل الاجتماعى "الفيسبوك" والمؤتمرات والمهرجانات هنا وهناك وتلك العروض سيئة العرض تعرض دون جمهور ، فقط للمدعوين في المؤتمرات ممن يأتون من أجل غاية ما. على سبيل المثال لا الحصر (الاحتفاليات التى تقام والدعوات للاحتفال بمناسبة تاريخية ما لتأكيد دور المسرح كقوة ناعمة ومرور 150 عامًا على المسرح المصري الحديث .. ماذا جرى وما الذي طالبوا به أساتذة المسرح مشكورين فكان للمؤرخ المسرحي الدكتور (عمرو دواره) في البوابة نيوز في يوم الإثنين الموافق 18 نوفمبر 2019:

·      هل تم تنفيذ ما لفت إليه الانتباه والعمل حسب التوصيات للارتقاء بالمسرح ؟؟

قائلاً (الانتباه نحو هذه المبادرة وسط هذه الغفلة التي يعيشها المسرحيون بتنظيم احتفالية كبيرة لهذه المناسبة التاريخية علي أن تنظمها وزارة الثقافة بكل مؤسساتها وهيئاتها تتضمن مجموعة من الاقتراحات لكل مؤسسة أو هيئة بهدف الوصول إلى الشكل المناسب لهذه الاحتفالية وكذلك كثير من المشروعات التي يرى أهمية تحويلها من مجرد آمال وأحلام إلى إنجازات حقيقية على أرض الواقع وبالطبع يستلزم ذلك أولاً تحديد المهام المطلوبة مع تحديد الجهات المنوط بها تنفيذها ، مع ضرورة تأكيد أهمية التعاون والتنسيق بين جميع الهيئات والمؤسسات المختلفة) أما الناقدة الدكتورة " وفاء كمالو " قالت: (أتصور أن يضم هذا الاحتفال تقديم ريبورتوار لأهم العروض المسرحية، التي أثرت في الجمهور لأنها تضيف وعيًا جديدًا بالمسرح كفن وفكر وإبداع وحرية .. أما الكاتب الصحفي عبد الرزاق حسين رئيس تحرير مجلة المسرح بالمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ، يجب تحويل هذه المبادرة لمشروع ثقافي كبير وأشاد الدكتور (سيد علي إسماعيل) أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان وسيحتفل بإصدار كتابه الجديد بعنوان (الجديد في نشأة المسرح العربي في مصر) ومترجم إلى عدة لغات منها الإيطالية ، والعبرية ، البولندية، والفارسية) الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات .. السؤال هنا هل إحياء المسرح بكتاب أو احتفالية أو الجلوس إلى الكُتاب والمختصين الأكاديميين ودراسة واقع المسرح العربي وإنقاذه من الموت البطيء للأسف هنا كل يبكي على ليلاه أما الكاتب المسرحي (محمد أبو العلا السلاموني) أقترح عرض مسرحيته ( أبو نضارة) وما بين كتاب ومسرحية واحتفالية يطالب المخرج (محمد نور) مدير مسرح القاهرة للعرائس. أمنية هي ليست أمنيتك وحدك بل الكل يتمنى أن تفتح المسارح وتتعافى وتعود لفتح أبوابها للجمهور في القاهرة وجميع المحافظات مجانًا لجذب جمهور جديد للمسرح ويبقى الأمل في تحقيق الحلم بالمسرح الحر وفن أدبي مكتوب كباقي الأجناس الأدبية وهنا أيضًا مبادرات فردية إبداعية للكاتب المسرحي السيد حافظ الذى قام بكتابة مجموعة من المسرحيات القصيرة جداً تحت عنوان (صراع الألوان) يضم بين دفتيه (35 مسرحية) وكتاب أخر يضم مسرحيتين هما (سندباد سواح في البلاد ، أحلام بابا نويل ) بواقع 142 صفحة والمسرحيتان للأطفال ويضم الكتاب دراسات نقدية لكل من (الدكتورة حنان حطاب ، الدكتورة نجاة صادق الجشعمي) وشهادة وضعت على ظهر غلاف الكتاب للدكتور / سيد علي إسماعيل أستاذ المسرح في جامعة حلوان مع كل ما يكتب ويقال على المسرح نبقى محكومين بالأمل فما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون غداً فالصيرورة ممكنة ما دام هناك وجود وأمل وعمل بشر وفكر مبدع متجدد مؤمن بالتجديد وتغير الأساليب والصيغ .. هنا ممكن النهوض بالمسرح وإنقاذه بتكثيف الورش لتعليم كيفية الكتابة للمسرح والوقوف على أصول كتابة النصوص المسرحية فليس كل من كتب أصبح كاتب مسرحي وتفعيل الاستفادة من قيام المهرجانات والاستعانة بذوي الخبرات الفنية لكتابة المسرح بكافة أنواعه ومكوناته من الستار إلى المسمار فالمسرح أينما حضر، حضر الفرح معه وتحضر معه رموزنا وخلق لحظة مقدسة فالمسرح مساحة أجد نفسي فيها فكيف لا أتغير وأغير فلا يأس مع الحياة المتجددة المحبة للمسرح.. وما دام بيننا النقاد الكبار المهمومين بقضايا المسرح أمثال دكتورة ليلى بن عائشة ، دكتورة جميلة مصطفى زكاى ، دكتور إبراهيم بوخالفة ، دكتور مفتاح خلوفة ، دكتور عمرو دواره ، دكتور مصطفى رمضانى ، دكتور عبد الكريم برشيد ، غنام غنام ، الدكتور عبد الرحمن بن زيدان والقائمة تطول وتطول.

ووسط هذا القبح والموت والزخم المتراكم في جميع بلاد الوطن العربي بل والعالم يجب أن يتحد الجميع تحت أي مسميات ويعملوا من أجل سحب أجهزة التنفس الاصطناعي من المسرح المرتمي في غرفة العناية المركزة لبث سحر المسرح عبر أنبوبة المغذي الفموي من على خشبات المسارح في جميع بقاع الأرض.. نعم يستطيع المسرح أن ينهض ويغير العالم العربي والتاريخ يشهد له بذلك والمسرح سينتصر.. فالعالم بدون مسرح عالم كئيب وسجن كبير....

 


 

 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More