من الصعب والمثير أن أخوض هذه المغامرة (نقد النقد) وأنا مازلت لا أمتلك تلك الثقافة الواعية بالأدب والنقد الأدبي بالرغم من ولعي وتشبثي ووهني القاتم الذي ظل يلازمني كظلي وسيظل إلى آخر أنفاسي.
وسأكون بشجاعة وصلابة من عاهدتهم على ذلك. مثقفة واعية ملتزمة بالمسؤولية تجاه التطوير الذاتي بفخر دون شوفينية وغرور بل مواصلة الإبداع والإشادة بالمبدعين الكبار وخاصة ممن اعتبرتهم منافذ الفكر والوعي الثقافي ومن ذوي الأقلام الساحرة في عالمنا الحضاري. وبما إننا عانينا ونعاني من سني عجاف من العزل والحصر والحصار بكافة ميادين الحياة.. وعدم استقرار الأمن في بلادي الحبيبة. (العراق) ومتداخلات السياسة بالثقافة والوعي الفكري كمنهاج قائم على منح الفرص للكتابة والانطلاق من أرض خصبة للحضارات تفرض علينا التحرر من كل ما يقيدنا لإثبات الذات العربية عامة والعراقية خاصة وبجدارة وقيمة عالية من الكفاءة التي تستحقها المرأة العربية والعراقية خاصة.. مما وقع عليها من ضير وتعسف وسلب حقوقها بسبب سياسات الروتين الإداري والأجندات السياسية بجانب انتهازية البعض ممن منحتهم الحياة فرصة التسلق وعدم التعاون مع الموهوبين الذين يمتلكون الحس الأدبي والثقافي والطموح ورغم كل هذا والأكثر صعوبة عدم الاستقرار وبخس الوطن والدار وقتل فلذات الأكباد وتشردي من وطني وداري ومقري واستقراري وعيشي وصعوبة ظروفي وإمكانياتي..
عزمت بيني وبين نفسي أن أشد الرحال بعد أن خسرت وضاع كل شئ إلا ذاتي وفكري وهوايتي وأمنيتي ورجائي الآن أمامي استراتيجية ونسق جدلي لن يتناقض مع نفسي وفكري.
أحداث وتقنيات جمالية ودلالات إنسانية التقطتها من الواقع العبثي الذي فرض علينا ومن صور بخيالي كنت أطمح في يوم أن أحققها.. لأنني كسائر النساء العراقيات طالما خضعت للتقاليد وتأثرت بها. بل تقليدها حرفياً.. أدرك صعوبة فهمي لكن عندما تتابعون ما كتب سوف تعلمون الحقيقة.. الكثير منا يهوى لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن.
قبل أن أقدم هذه الدراسة أو المشروع الذي أمامكم وبين يديكم لبعض الأعمال الإبداعية والنقدية وأقلام قامات في النقد العربي ومبدعات ودراسات ذات ثقافة وعقول وأفئدة عرفت المعاناة في الفكر والإبداع وتوغلت بنظرة ثاقبة وعمق بالتحليل في أغوار الأعمال الأدبية والثقافية كاشفة أدق التفاصيل وأرق المشاعر الحسية بأسلوب سلس رقراق أحياناً.. وتميزهن بالتعمق الواقعي برؤى اجتماعية ونزعة إنسانية صادقة يتفاعلن بحرارة لإظهار التفاصيل الحية بدقة.. شدني إلى هذا العمل رغم أنه ليس من ضمن اختصاصي.
فقط إن الأدب والشعر والكتابة تجذرت في أعماق نفسي.. وقراءة هذا الكم الهائل من صدور الأعمال الروائية بالوطن العربي ما بين الجيد والممتاز والرديء، بحيث نجد أن أكثر من (250) كاتباً روائياً في الإمارات وكذلك في المملكة العربية السعودية وأيضاً الكويت وسائر الأقطار العربية الآخرى وظهور كتاب ليسوا بالمستوى الأدبي من حيث المواضيع واستخدام المفردات التعبيرية.. وبينما نجد مؤلفين وكتاباً قمة في الإبداع والرقي.. ليس في يدي الميزان ولكن الحس والذوق وجمالية العمل ومعالجته لقضايا الواقع وربطه بالتقنية الحديثة ومواكبة التطور.. وإذا ما مسكت رواية أو قصة قراتها أو عمل للكاتب الروائي الكبير قامة وليس سناً وجدت الأقلام تغزو أعماله وكم هائل من الناقدات من جميع أقطار الوطن العربي.. فأحببت أن أجمع هذه الأقمار التي تحيط بالشمس لتضيئ لنا سماء الأدب والفكر والنقد والوعي الحسي.. إننى أقتحم أبواب هذا الكجل من باب الهواية وليس الاحتراف والتخصص.
فقط لى شرف المحاولة.. فالعراق غنى والبصرة التى ولدت فيها هى فيحاء العراق مدينة المربد وثغر العراق الباسم ومدينة القائد بن غزوان وما بين كل مواطن بصراوى وآخر تجد شاعراً أو قاصاً أو روائياً أو ناقداً أو فناناً.
هذه الأقلام المضيئة بالفكر والمعرفة جعلتني أعيد النظر في مشروعي للكتابة عن العالم الروائي عند السيد حافظ؛ ففكرت أن أقوم بجمع هذه الدراسات والرؤى بين دفتي هذا الكتاب لتفتح أمام الدارسين والباحثين أفقاَ جديداَ أو موقفاَ مغايراَ حتى تحدث الجدلية الفكرية التي نحتاجها في ظرفنا التاريخي الحاضر بشدة وبقوة حيث تتسلل إلينا أفكار الظلام والتخلف في صور شتى مما يجعلني أنتمي إلى خندق المدافعات عن الجمال الفني والأدبي وسمو العبارة والفكرة وانطلاق اللغة من جبة القديم إلى المعاصر؛ فالعالم يتغير في كل لحظة ويتطور بشكل مذهل فلا يمكن للأدب أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا التطور، فالرواية العربية قد خرجت من بحيرة الحكي المألوف والسرد المعروف إلى محيط هادر وأمواج عالية من الإبداع والتنوع والاختلاف، وقد تناست وتغاضت عن سردها القديم والتحمت بالفنون الآخرى كي تعبر عن واقعها المغاير بهوية جديدة، طامحةَ أن تكون شهادة على العصر.. هذا الكتاب النقدي في ظاهره عن الكاتب السيد حافظ لكن في مضمونه ثورة على الشكل النمطي للرواية العربية التي حاول البعض من المبدعين الكبار أن يحرروها من قيودها التقليدية وتوظيف الفنون الأدبية الآخرى ودمجها لتكسب الرواية صورة جمالية وقيمة أدبية وفنية لتخرج الرواية بهذا الزي الجميل المطرز بأنواع الفنون الآخرى.
إن كل عصر من العصور يأمل أن يحقق ما لم يحققه أى عصر قبله فى الإبداع والتألق الأدبي والفني بكل أنواعه، فلكل نوع أصداؤه عبر العصور، وهذه حقيقة تؤكدها الرواية العربية المعاصرة لنؤكد وجودنا ونكتشف قدراتنا الأدبية والإبداعية المذهلة ونتفحص العبارات الحيوية وطبيعة الذات المعاصرة وردود الأفعال لهذه الانطلاقة وقبول الأفكار وحرية التعبير النقدي الإيجابي وإضافة تقنية تعبيرية وفكرية ومعلومات تاريخية قد نكون سهونا عنها أو قد لم تذكر أصلا ولم تدرس ضمن المقررات الدراسية لأنها ظنٌّ ممن كتب أنها غير مهمة فتهمش وتحول هويتها التاريخية إلى دينية، وأصبحت تابوهاً وخطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه بعد أن بات الإحساس في هذا الزمن متشتت، والأعمال ليس لها هوية، وتعاني من قلق معرفي.
فعلى الرواية أن تتخطى الزمن والمسميات والتنبؤ والحلم بتلك الأزمان بينما الأحاسيس والأمة تنهض وتثور لتتقدم وتواصل الركب لتلتحق بالعالم المعاصر حتى لا تتعرض بفايروس الهجرة ونفقد هويتنا العربية تحت مسميات الحرية والديمقراطية وإعادة النظر في المصطلحات والأفكار والهيكل البنائي للرواية والأهداف والتركيز على العامل الإبداعي والحسي الهادف لتجسيد المشاكل الاجتماعية ومشاكل العصر والصراعات والنزاعات الدينية والطائفية وإبادة الكائن الإنساني. ليس الهدف من التجديد جذب وسائل الإعلام، لكن هي الحداثة والابتكار والإبداع والتجديد ولم نقتصر على الكلام والترويج بالتطور والحداثة والتغيير ونحن نضع نهايات مسدودة بوجه المبدعين وأعمالهم القيمة الزاخرة الشاملة للأفكار شعراً وصوتاً ومسرحاً وتمثيلاً وكلماتٍ وإحساساً ولغةً مميزة، وتميزاً ذاتياً مستمراً لتحقيق الهوية الذاتية بتفاعلات عديدة كأنه صراع على الكرة من الذي يصوب ويحسن تسديد الهدف، والآخرون يتحركون غضباً أو غيرة أحياناً.. كلا ليس هكذا الحداثة والتطور بل يجب أن تؤدي إلى انفجار لغوي في معمل اللغة، فلنسلخ شبح الأنا الذي يلازمنا ونقاوم المفاهيم المربكة للأدب والنقد الأدبي حتى نحقق ما نطمح ونصبو إليه، لأننا لانستطيع أن ننجح بمعزل عن بعضنا البعض في وضع الخطة ورسم الخطوط للفنون الأدبية والثقافية مثل هذا النموذج الرائع.. المشروع الروائي.. سباعية السيد حافظ.
هل سيظهر لنا ما نطمح إليه، وأن يكون في بناء الرواية العربية صور وهندسة أدبية، وأحاسيس شعرية، وتصوير ومعزوفات ومفردات فلسفية وقصص وحكايات شعبية وتحديات سياسية ومقالات ثقافية ومسرحيات فكاهية ومواقف إنسانية.. إنها حقاً نموذج يستحق عرضه ودراسته، وأراهن على أننا إن قرأنا أعمال الأديب والكاتب الروائي والكاتب المسرحي السيد حافظ، سوف نعود ونكرر القراءة مراراً حتى يتجلى أمامنا في كل مرة جانب من الجوانب الخفية في البناء اللغوي والسردي والفكري في العمل. وكان كل جزء من أجزاء السباعية هو عتبة من عتبات الصعود إلى الروح الخلاقة في الفن الصادق الحقيقي الذي كلما مر زمن أو أعيد قراءته من جديد كشف عن نور إبداعه الخاص؛ فالرواية التي تنتهي من قراءتها دون أن تحتفظ في داخلك بعلامة من علامات الفكر أو بلمحة إنسانية تتأثر بها أو بشخصية تتفاعل معها، فهي لا محالة رواية ولدت، لكنها ميتة، وتسقط من ذاكرة التاريخ الأدبي دون حزن أو أسف.. إذا للقارئ دور أساسي دون أن ننسى دور الإعلام والصحافة والتلفاز، والآن التقنية التكنلوجية التي لها الأكثر والأكبر من النسب للنشر والتوصيل الخارق للتبادل الفكري والمعرفي والأدبي والفني. ولا ننسى وجود الكثير من الكتاب لكن البعض منهم أشباه أدباء وكتاب يتدحرجون هنا وهناك ما بين مدار التقليد والبذاءة والسخرية أحياناً.. ومع كل هذا حفل التاريخ الأدبي بعباقرة في الفضاء الروائي، وأنماط متنوعة بدأت تزاحم بعضها في سياقات السرد والتلاعب في الشخصيات وحركتها المتوازية مع النص والأحداث والتنقل ما بين الواقع والخيال، مما يضيف جمالية أخرى للنص العنوان.. مشروب قد يدل على بداية علاقة ومن الممكن أن يكون خبراً، وربما سؤالاً دون جواب أو غياباً وفراقاً، وربما يشغلنا لنفكر بعنوان بديل فيترك لنا الكاتب أحياناً الاختيار، كم هو جبار ومتمكن لغوياَ لو طرحنا على الكاتب السؤال، بماذا يجيبنا؟!
ما هي دلالات عناوين الروايات السبع التي أغدقت بها على القارئ العربي؟ لطالما توقفنا أمامها وهي تتحدانا في كبرياء.. هكذا أفاض مبدعنا العربي بالأصالة للأدب والكتابة في وصفه للشخصيات حيث لم نستطع التفريق بينها إن كانت خيالاٍ أم واقعاً! لكننا اندمجنا معها، وتابعنا تفاصيلها، إن كان نصاً موازياً لأنه نص مرئي محسوس وواقعي. ولن يخلو النص من الصدف والمفاجأة وخيبات الأحلام والالتزام والوفاء للزوجة، وحب الحبيبة، فظهرت وتراءت طريقة الكاتب هنا وبوسائله المذهلة على غرار استخدامه تعابير يحضنها مرة، وأخرى ينثرها في صفحات الرواية، وأحياناً يرتفع صوته يحاكيها كأنها ذاته، مما أعطى للنص صفة الذاتية، إنه عليم بما يكتب ومخلص لعبقريته الروائية وشخصيته القاهرة والبسيطة التي لها قياسات ما بين السرد والبوح، والشخصية البارزة الحاكية "شهرزاد"، والمكان والزمان كأنه يتنقل على خشبة المسرح.. لن أخفي عليكم عندما قرأتها وسمعت بعضها تصورت قرب المسافة بيني وبين الكاتب، وكثيراَ ما جالت وانسابت دموع عيني واختلطت الأحاسيس في ذهني، وأنا اقرأ تلك الهمسات لسهر، والأكثر روعة البلاغة بالوصف والحركة، كأنما كاميرا نقلت لنا تلك الصور. هذا نجاح آخر حققه الكاتب إذ أصبحت عيناه ترسم وتنقل لنا تلك المشاهد، والتراكيب الواقعية للشخصيات.. مما يجعلنا نقف مندهشين ونتابع عن كثب أعمال الكاتب والأديب الروائي والكاتب المسرحي السيد حافظ.. من خلاله عشقت الأدب.. من خلال لغته المتميزة أحببت المطالعة والقراءة؛ إذ يخلق ويصنع ويعيد وينسق الأشياء، والكتابة عنده فن وذوق وإحساس وابتكار وتصوير ورسم وجدال وسرد وتمثيل وألحان وغناء، ومخيلة رصينة، وثقافة وآلية لكي يستطيع الاقتراب من المتلقي.. القارئ اذا هنا جسد السيد حافظ، الأحداث والمشاهد لغوياَ بحيث بدت حقيقة موجودة مجسمة واقعياَ..
عالم غريب متناقض نحن أمام قامة كبرى للأدب العربي.. صحافة ومسرحاَ وإذاعة وتلفازاً وتجريباً وأطفالاً، وبتألق وإبداع.. السؤال الذي في ذهني هو:
هل السيد حافظ مجرد اسم من بين الأسماء؟
هل السيد حافظ سيظل مجهولاً من قبل أشباه المثقفين؟
هل السيد حافظ لن يقدم ما ينهض بالأدب العربي؟
هل السيد حافظ ليس ممن تطلقون عليهم الشوامخ أمثال طاجور، ونجيب محفوظ. وكامى.. ؟
لماذا لم تمنح له جائزة الدولة أو جائزة نوبل؟ هكذا نحن العرب للأسف الحقد والبغضاء والتنصل والتملق؛ أصبحت من سمات عصرنا الحالي، والمهم والمتألق والعبقري والقدير صاحب القدرة والكفاءة مهمش مجهول الهوية في وطنه. فهناك فارق كبير وواضح أمامكم ممن يعرفون الاسم وأقصد القراء المثقفين. أراهن إن كان هناك كاتباَ في كل أنحاء مصر خاصة والوطن العربي عامة، لا يعرف أو لم يقرأ عملاً للكاتب الأديب السيد حافظ. ملاحظة قد تكون غائبة عنا سأكتبها هنا؛ نحن نقول إذا أردت أن تعرف أو تقيس أهمية الكاتب فتصفح أعماله واقرأها فنحن أمام كاتب حقاً أسطورة.. فلماذا نتنصل من الحقيقة وله العمر الطويل كاتبنا.. نتذكر أدباءنا فقط عندما يتوفاهم الأجل.. نكرمهم ونمنحهم الجوائز وهم أموات كما حدث مع الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، ومحمد الجواهري، وغيرهما.
فكاتبنا الكبير المبدع الراقي لغوياً وأدبياً أجريت معه لقاءت وأحاديث صحفية، واستضافات على قنوات فضائية، ومقابلات، وحوارات في التلفاز، وندوات منها في جامعة الإسكندية بكلية التربية وجامعة القاهرة، وفي المنتدى الثقافي للسرد. يكفي أن نشير إلى أن 50 رسالة ما بين رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراة كتبت عن إبداعاته، والأكثر شهرة عربياَ خاصة في المغرب والجزائر وتونس والعراق، ونادراَ في مصر الثقافة والوطن الأم، فهل نعاتب المثقفين أم نصمت ونتجاهل الكفاءات والإبداع وندفن تاريخ الأدب كما ندفن الناطحة والمتردية.. للأسف رغم ماتمتعت به من الأفكار المجنونة والحوارات والدراسات وما تضمنته من مضامين وحقائق وإيجابيات وتفاصيل وأنغام ونحت ومتغيرات ومؤثرات سردية قصصية مدهشة، ولغة رمزية أحياناً وتلقائية واقعية غالباَ، وألغاز وهمسات وعشق حقيقي وتعابير مثالية وتوجيه خطابات ولغة مزاجية للكاتب المتحمس لواقع حر وشوق ساخن مندفع لايقاوم، والاستسلام للزواج والأبوة وإلى الجوع أحياناً والإرهاق والمشاكل الجسدية، وعلبة السجائر والسيارة والذهاب إلى الكافيتريا وتناول القهوة، والوصف لملابس السهرة والنوم، وحالات جنسية ملتهبة أحياناً مع القليل من التمتع بالحياة، والعمل الصحفي، والكتابة، والحالات الإنسانية والعلاقات الاجتماعية رغم كل هذا وأكثر كلي اعتذار إن خذلتني ذاكرتي، لكنني شعرت أن كل هذا الكم من الجماليات والإبداع إلى من يكتبه الكاتب السيد حافظ؟ هل يكتبه للمجهول؟ زمن الغريب، إنني كلما ينتابني النسيان تنهمر في رأسي كلمات قرأتها هنا من أعمال الكاتب وبطريقة تلقائية تنساب كقطرات ماء على الورق.
هل ستكون هذه الكلمات منسية، رغم كل ما بذله الكاتب من عناء فكري وجهد ومال وسني العمر والصراع لإحياء الوجود الذاتي بعد أن قرر بعض أشباه الأصدقاء والأدباء دفن السيد حافظ؟
لكنه نهض وانقض على قلمه وقرطاسه، فهبطت عليه ملائكة الرحمن لتورد له لغة وأفكاراً وصوراً تأمر بعزف نغمات الرحمة والفرح لتقول: لا تحزن إن الله معك، فلم ولن يستسلم؛ فأبدع بنهم، وتألق كالعادة، وبكل فخر وشموخ نتناول أعمالك أيها الكاتب الضرورة والأسطورة، ولا نستطيع تجاوز عمل من أعمالك القيمة، وحروفك وخيالك الواقعي مع تلك العاطفة الجياشة التي طالما حركت أحاسيسنا بوهج الحياة لتتدفق في عروقنا كالدماء السخية.. تخاطبنا تشاركنا بالشعور والعقل لتمدنا بعاطفة الدفء.. تارة يتذكر الليل والسهر والدمعة واللوعة والزفرة واللهفة، وأحياناً تطفو البهجة والسرور.. يدافع عن المرأة وكيانها. يؤكد قيمة الحب كضرورة للحياة من أجل التقدم وإسعاد الغالين، لطالما نذرنا أنفسنا لهم، ووقفنا نتعبد بمعبد الحب ونقتات من كلماته زاداَ لروحنا.. يحارب الظلم والخرافات.. يوضح لنا حقائق تأريخية غفلنا عنها، فيغلفها بشاعرية، ليسعى إلى تصحيحها ودغدغة غرائز القارئ.. لأنه يهدف لتعميق المعلومة في أغوار نفسه.. براعته بسرد القصص وتدفق الشخصيات والأحداث.. يمتلك القدرة على شد القارئ والتعايش مع الأحداث بشوق.. كثيراَ ما ينتقل من الواقع إلى الخيال ومحاكاة الذات، وبين الحقيقة والسرد، فنكتشف في مشروعه صراعاً بين الفرد والعادات والمجتمع، وتصوره الرائع للحقائق، وتصرفات النساء وتجاربهن، ومعاناتهن في القسوة والإهمال، والحب والمؤثرات الروحية التي تخترق الروح.. وتسيطر على النفس.. غالباَ ما نستكشف الجانب الدرامي الذي يربط الماضي بالحاضر.. يمتاز بإثارة التعابير والحس المرهف ويركز على الشخصية بكامل الخصائص التي تميزها.. حقيقة لابد من ذكرها بأمانة للقارئ.. أُصبت بالدهشة والخوف والتساؤل.. عندما وجدت هذا الكم الهائل من الدراسات النقدية فقرأتها رأيتهن من قامات ومبدعات الوطن العربي ولهن تاريخ مشرف في النقد الأدبي فصعقت برأسي.. إذاً أنا أمام سد منيع ورمز من رموز الأدب والفكر العربي.. أمام كاتب وروائي كبير.. روّض نفسه على اقتحام المسالك الوعرة والمضي بعزيمة وطموح وهمة عالية رغم أنه كثيراَ ما يردد مقولته: "إنني أكتب للمستقبل، لقارئ واحد فقط قد يقرأ في يومٍ ما".
تمنيت أن أتعرف عليه وأتتلمذ تحت روعة قلمه وسطوته ومداد سطوره.. أمبراطور الحرف العربي وهو مدرسة حقاَ.. ونبي للحب أحياناً.. أب حنون.. وزوج وفيّ.. وأخ غال.. وإنسان بالمعايير الإنسانية.. يتغلبني الفضول.. ماذا لو زرته وتكلمت معه.. ؟ لوجهت له كل الاسئلة التي تتصارع في تفكيري.. ليس أنا فقط.. وإنما جميع القراء والمعجبين..
س1: ممن تستمد مصادر إلهامك وإبداعك؟
س2: كيف عشت طفولتك؟ شبابك؟ مراهقتك ؟ رجولتك؟
3س: أين أكملت دراستك؟ ومتى بدأت بالكتابة؟
س4: قدوتك بالحياة؟
س5: ماذا يعني لك؟ القمر، البحر، الشمس، السماء، القلم، البيت، المال، اللون الرمادي، الساعة، المشفى، الصديق، البنت، الطفل، الضجيج، الضحك؟
س6: ممن تنمي أفكارك؟
س7:عندما تكتب هذه الشخصيات هل تتقمص شخصية البطل؟ وهل تتعايش مع الأحداث والشخصيات؟ وهناك الكثير والكثير من الأسئلة.. أتشوق أن أدخل وأغسل كل حرف من الحروف وأتوضأ وأشرب ماء غسلها كي أتبارك بها عسى الله أن يلهمني لغة تلك الحروف الماسية الراقية المذهلة.. يا ترى ماسر جمالها؟! وما السر في جمال الشخصيات التي يختارها؟ أظنها الواقعية والفن مع ثقافة فكر الكاتب.
أتمنى أن أكون قد توصلت إلى اكتشاف المجهول والظاهر والغموض والعقيد والخيال والإدراك والوعي والشفافية والبلورة في المفردات وبناء الجمل بمنظار مختلف، لذلك حاولت أن أذكر وأجمع هذه الدراسات النقدية للأديبات الناقدات العربيات في مصر والوطن العربي لأنهن قامات الحركة النقدية الحديثة في الوطن العربي، يساهمن في تطوير النقد الأدبي وجعله عملاً مكملاً وإبداعاً موازياً للأدب بكل ألوانه؛ بحيث يقوم بتحليل وشرح وتفسير وفق ضوابط ومعايير حسية وجمالية.. أي الوقوف على محاسن وجمال النص، وأيضاً لتوضيح مواقع الضعف في النص وكشف الإحساس الخفى، والحلة الروحية الصادقة للكاتب أو الأديب.. والناقد أيضاً يجب أن يتصف بقدرة عالية من هذه الشفافية.
ليس كتاباً كاملاً خالياً من العيوب ربما هناك هفوات أو سهوات أو الاكتفاء بإلقاء الضوء على هذه الدراسات
واستبيان مدى جديتها وضعفها في النقد أو اللغة المدونة بها فحب المؤلف والكاتب المسرحي السيد حافظ للمسرح وإتقانه لهذا الفن الراقي وربطه وتوظيفه بالتراث الشعبي والعربي سواء كان شعراً أو نثراً أو نصاً مسرحياً فبهذا يكون قد أمن المعرفة وانهياله على ينابيع تلك المعارف جعله يعبئ النصوص المسرحية مناهل للمعرفة بلغة ثقافية قريبة لواقع بيئة الطفل وقد حقق ذلك في النص المسرحي (عنتر بن شداد) دهشتني فلسفته ولا غرور حين أذكر الفلسفة واللغة والفكر والبراعة والاكتمال الخلقي والقدرات الذهنية والعروبية باختيار هذا البطل (عنتر بن شداد) فالمؤلف بدون غرور استخدم لغته وذكائه في غرس قيمه أخلاقية جديده للطفل المتلقي ألا وهي الفروسية أو الفنون القتالية واستخدامها للخير وليس للشر واستشهد المؤلف بالحكمة فنفذها بالنص المسرحي ليقرب معناها للطفل المتلقي ألا وهي أن بالعجلة الندامة وبالتأني السلامة ولو تابعنا النص المسرحي لوجدنا فلسفة المؤلف في تغير المجتمعات وتغير مكانتها من حال لآخر وذلك لتعرضهم للكوارث الطبيعية والحروب وتأثيرهما على أفراد المجتمعات وأحياناً اندثارها بحيث يصبح السيد تابعاً والحر عبدا ً وخادماً أو لاجئاً ونازحاً فإما أن يتفاعل مع الحياة الجديدة أو يحتفظ بقيم وعادات الأجداد والآباء. فالمؤلف في هذا النص (عنتر بن شداد) يبرز أن رغم أن لونه الأسود وتنكر والده له لكنه استطاع عنتر بن شداد من حماية القبيلة وتحقيق النصر .. هنا غرس الكاتب السيد حافظ مفهوم المساواة ورفض التعنصر والعنصرية وإنما الانسان بعمله وإخلاصه وحبه للأرض والولاء للوطن ...فالمؤلف الكاتب السيد حافظ يطرح فكر وقضية شائكه إلى أقصى حد وجديرة الى أقصى حد فعلينا التأمل ومتابعة نصوصه المسرحية فأحيانا يذكرنا في الأسلوب الذي يتناول به مسرحياته وكيفية تطويع التراث الشعبي في خدمة النص المسرحي ويؤكد الكاتب على الطفل في نصوصه المسرحية وكيفية التغير في الحال والأحوال في معيشة العرب قديماً وربطها بالحاضر والتقنية التكنلوجية والترفيه ويؤكد هذا بالنص المسرحي (أبي زيد الهلالي) فالكاتب السيد حافظ يذكر استطراداته في معيشة الطفل آن ذاك وما كان يعاني من جوع وفقر وحاجة ممن كانوا يتكلمون بحال سكان شبه جزيرة العرب بشكل استعراض غنائي للملك (حسن بن حسان) حاكم قبيلة بني هلال والمؤلف اعتمد البيئة والواقع وهنا شارك معهم الحصان الذي طالما كان رمز العرب والفروسية والصولات ..المؤلف يستنبط القيم الأخلاقية وأن الشر يبحث دائما عن الفرصة لكي يسطو على الخير وإذا لم نصمد ونحارب الشر ونتحداه فإنه يتسلط وينتصر علينا فنستخلص هنا قيمة العلم والمعرفة والمساواة والمشاركة والابتعاد عن الاطماع والدفاع عن الوطن والتضحية من أجل الوطن والطاعة للوالدين واحترام القانون والاقتداء بأبطال الأمة والتعرف على أبطال التاريخ العربي والتخلي ونسيان الخلافات الأسرية وغرس الأهداف الإنسانية وتقويه النزعة الإيمانية وتعريف الطفل أن الدين الاسلامي دين ديمقراطي إنساني سمح ينظر للكل نظرة واحدة فقط يختلف ويفرق بالعمل الصالح والإيمان بوحدانية الله والكتب والملائكة والأنبياء واليوم الآخر. فالكاتب والمؤلف المسرحي يبقى رائداً لمسرح الطفل بما قدم من تجربة حافلة بالنصوص المسرحية المحتشدة بالقيم والإضاءات المشرقة لتضيئ فكر وروح الطفل العربي وأخص بالذكر ماقدم للطفل العربي في الكويت وتجربة السيد حافظ أو مشروع مسرح الطفل يبقى وسيبقى الأكثر ثراء بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والصفات الإنسانية ولهذا لم تكن دهشتي كبيرة عندما قررت أن أجمع هذه الدراسات لأقرأ فكر وفلسفة الكاتب والمؤلف والناقد سوياً وأقدمها لكم بكتاب مخصص للباحثين و الدارسين الأكاديميين لفن المسرح ليرسوا على فكر ران عليه الحقد والتجاهل والتجرد من الفكر الأدبي والتقييمي لهذا الكاتب الشرس والمذهل بالفكر الحرفي والفلسفي فقد جرفه الجرف للمسرح تارة وللقصة القصيرة تارة وللشعر أحياناً وللرواية والتجريب والسيد حافظ في كل فن وفكر له مشروع وليس عمل واحد أو نص واحد فلابد للناقد والدارس الأكاديمي لمسرح الطفل أن يعرف القاموس اللغوي المخصص لكل فئة عمرية أما الكاتب والمؤلف المسرحي يجب أن يكون خبيراً بالمسرح تأليفاً وإخراجاً وتكون له علاقة بالتربية وعلم نفس الطفل ومثقفاً مطلعاً على التغير والتطور وهذا ما وجدناه في النصوص المسرحية للكاتب المسرحي السيد حافظ بعيدا عن المسوغات العلمية والتشريفية له قيمة مكانية وزمانية وأدبية لن يستطيع المسرح الاستغناء عن خبرته وإبداعاته الأدبية سواء في التأليف أو الإخراج.
ولكنه يبقى نقطة هامة مضيئة في الأدب والفكر وذاكرة المسرح العربي لأن المسرح الفن الوحيد الذي شغله وسرق منه سني عمره دون أن يشعر بالاطمئنان فيه ودون أن يحقق رغباته الدفينة فكان ضجيج الإبداع دوماً يلاحقه فيكيدون به أقرانه وإن لم يعرفهم أحياناً فتستفيق ذائقته الأدبية والفنية على ضجيجها ليقف مواجهاً هذا الضجيج بالإبداع والتميز والمشاريع مؤكداً ذاته وهويته المسرحية أولاً والأدبية ثانياً واللامبالاة بما تنطق حناجر المبغضين فينشغل في مشروع أدبي ويلتصق بشخصياته ويحرص على رسم الابتسامة على وجهه ويحتفظ بسر الليلة التي أوحي إلى نفسه أن لا يغضب وأن يستمر رغم جعجعة المتملقين وطالما يطيل النظر والقراءة والتكرار بتمعن وبحيل تراوده فيضيف هنا وهناك كلمة جملة حوار موقف ما لعل هذا الذي ميزه عن غيره من الكتاب والأدباء والمؤلفين. هل سأنجح في تفسير النصوص فمنذ أن بدأت أتابع كتابات الكاتب السيد حافظ لم يغفل لي جفن وكثيراً ما تداهمني الكوابيس أنني أخاف الفشل حتى أنني أحياناً أنكر فزعي وخوفي من التصادم مع لغة الأستاذ السيد حافظ وألتجئ للحيلة أحياناً وبينما هو يسعى إلى توضيح كل شيء وقوله بكل جرأه وصراحة لايخفي شيئاً إذاً بات من اليقين الجازم أن نقرأ كل نص من نصوصه بعمق وبصيرة والتهام الفكرة والرؤية والمنطلق من هذه النصوص ولو أنني دخلت إلى الميدان الحافظي مؤخراً وانشغلت طوال هذه السنين في توافه الأمور فهنا يكمن السؤال الآتي ولو أعتبره سؤالاً صعباً لا أستطيع الإجابة عنه إجابة يقينية أكيدة ربما الإجابة من حق الكاتب والناقد فقط لكن يبقى السؤال أي نص من النصوص الكاتب الكبير السيد حافظ كان نموذجاً على الشباب الاقتداء به والعمل عليه كتابةً وإخراجاً وتمثيلاً على مستوى الأفراد وعلى مستوى الجيل؟
فكثيراً هم الذين يكتبون وسيكتبون لكن البعض يبقون غاشمين بل أصبحت عقولهم غشيمة لايتابعون مايحدث من متغيرات العصر والتطور الفكري ويستمرون على نفس نمط الكتابة التقليدي فالطفل يحتاج نموذجاً يحتذى به لنغرس في دواخله الاعتزاز والافتخار بالذات لا الانتفاخ والتعالي التي أحطناه بها وتشرنق فكثيرا ما تعرض مسرحيات وأفلام للأطفال لكننا لن نفهمها نحن . فكيف الأطفال؟ ستزهق أرواحهم ويبتعدون عن المسرح ويجري إلى مسك الجهاز ليحمل الألعاب التي تبث لغرض أن تغرس قيم مغايرة لواقعنا فهنا يتعايش أطفالنا معها ومع عروضنا بصراع نفسي يؤثر على نفسيته يصبح متذبذب فيصبح ملتصقاً بالجهاز وتسمع الأم ضحكاته غير المبررة وممارسة ما شاهد مع إخوانه وأصدقائه, إذاً ساد الهرج والمرج عند الأطفال. فما هو الحل ؟ الجواب يكون عند كتاب أدب الأطفال ومؤلفين مسرح الأطفال والأساتذة النقاد لتلك النصوص والمخرجين لنتعاون معاً من أجل النهوض بمسرح الطفل وبناء قاعدة أدبية رصينة لأطفالنا. والمسئولية تقع أولاً على المؤلف هو سيد الأدب وريشة الفنان وروح مصمم الديكور وقلم الناقد وجوهر الروح وتناغم الحروف وكل هذه العناصر متمازجة متآلفة منصهرة تشكل لوحة تشكيلية فنية متكاملة تبدو طبيعية الشكل وقوية التعبير والتركيز تجريدية أحياناً ورمزية أحياناً وواقعية شرسة المعانى جميلة لحد الرومانسية فمن يقرأ ويسمع ويشاهد نصوص الكاتب السيد حافظ يغوص في معاني وثقافة ووعي وقيم فهو خزنة من الأدب والثقافة والتعمق والتأريخ لتاريخ الأمة والوطن لذلك يعد قاموساً ومرجعاً يمشي على الأرض وصفحاته بين يديك مفتوحة تتوسل لك اقرأني لا تدر وجهك عني افتح قاموس نصوصي وتعمق بتمعن تجد تفاصيل الغد كما هي اليوم نادراً ما نجد مثل هذا الأدب والفن والنصوص إنها تعيش تتناسب مع كل الأوقات والعصور والأزمان فهذا المؤلف والكاتب مهموم بما يحدث ويجرى وإن صح التعبير أقول.. حافظ التاريخ مسافر بغربة الوطن للوطن باحث عن هوية الوطن والمسرح في الوطن بكافة تفاصيله تجده يغوص بمشاريع مسرحية مكتملة أحياناً للاطفال وغالباً للوطن وكثيرا ماتتناص نصوصه المسرحية بالتراث الشعبي بالاسم فقط أما المحتوى معاصر يعالج الواقعية للوطن والإنسان ومغايرات الحياة الاجتماعية فنصوصه جوهر اللغة الأدبية يخط ويكتب بجوهر الحرف العربي المتناغم مع واقعنا الجغرافي والتاريخي والتطور التقني للإخراج وبما أن الكاتب والمؤلف السيد حافظ خريج كلية التربية وعلم النفس ومسرح وخبرة إخراجية وصحفية وصياغة النص المسرحي يحتاج كل هذه الخبرات بالإضافة الى الحبكة وسعة التخيل والمحاكاة واختيار الشخصيات والسعي لإدماج البنية الدلالية مع البنية الطبقية للمجتمع أي نظرة شاملة لتفسير الدلالات هذا مانسعى له فهم النص أو العمل المسرحي ومحاولة إيجاد علاقة وثيقة بين النص المسرحي والواقع الاجتماعي فما يقع على الناقد من مسئولية عظيمة وكبيرة في أثناء قراءاته للنصوص المسرحية هي فهم وتفسير النص بتعمق وتكرار القراءة ببصيرة واستلهام وضمن تصور بنيوي وتكويني وإحداث تناظر بين القراءات لاستخلاص الرؤى النقدية الصائبة الشاملة للنص المسرحي الإبداعي دون التشريح ببنية النص من أجل إحباط المؤلف أو النيل من الكاتب والمؤلف فما يستوجب على الناقد أولاً النظر إلى النص المسرحي من حيث قيمته الأدبية والفكرية والفنية فالنقد موازي للإبداع الأدبي فالنقد لا يكون مجرد كلام تنظيري يسعى إلى لغة تملقية دون أن ينبض برؤية وفق نظريات ومدارس نقدية لكن دون تشنج وتزمت وتمسك حرفياً بتجارب الغرب والتشبث بها فالنص المسرح ليس كلمات تراكمية ولا جمل متصلة ومنفصلة ولا يقاس بالكم بل بالنسق والدلالات اللغوية والأفكار المنظمة والتآلف ما بين لغة النص المسرحي والموروث الشعبي ومشكلة وعبقرية المؤلف باستخدامه في المسرح أو تمسرحه لأنه يربك الغالبية العظمى من النقاد فيتأرجحون في الحكم على النص المسرحي, هل هو تأليف ؟ أم إعداد ؟ وهنا إرباك آخر حول مصطلحين
المصطلح الأول : الإعداد
والمصطلح الثاني : التأليف
ويتناسون أن الدراما المسرحية أو التلفزيونية أو الإذاعية تدور حول ( 18 ) تيمة أو ثيمة على سبيل المثال لا الحصر مثلث ( الزوج والزوجة والعشيقة ) أو ( الزوج والزوجة والعشيق ) أو ( بنت الفقراء التي يحبها الأمير ويسعى للزواج منها وأسرته ترفض ذلك) أو ( السيدة الغنية التي تحب خادمها ) وغيرها من الثيمات المعروفة 18 فمسرح الطفل من المعروف أن مصادره هي:
1 – الحكايات الشعبية .
2 – الحكايات الخرافية .
3 – الخيال العلمي .
4 – العادات والتقاليد الاجتماعية . وما بني حولها من حكايات مثل احترام الصغير للكبير ومفهوم التعاون بين الأشقاء وغيرها من حكايات كل هذا المشكل وقع فيه النقاد وخاصة نقاد الصحافة غير أكاديميين وهذا ليس تحيزاً للأكاديميين ولكن إعطاء كل ذي حقٍ حقه فالأكاديميين يهتمون بالتفسير والتحليل حسب المناهج النقدية . أما الصحافة تعتمد اعتماداً كلياً على المزاجيات والانطباعات والعلاقات للصحفي بالعرض المسرحي أو بمعنى أدق بالقائمين على تنفيذ العمل المسرحي سواء كان المؤلف أو المخرج أو البطل أو البطلة أو الفرقة نفسها وإدارتها وكاتبنا السيد حافظ قد تعرض لكل أنواع النقد (الأكاديمي والصحفي الموضوعي واللا موضوعي) فمثلا كتابات صلاح البابا وحمدي الجابري ووليد أبو بكر وعواطف الزين وعبد المحسن الشمري وعبد القادر كراجة التي تميزت بالانطباعية الذاتية غير واضحة جداً أمام المتلقي فهي تنبع من قواعد لاتمت للموضوعية بصلة بينما دراسة الدكتور نادر القنة كانت دراسة ملتزمة بمنهج التحليل الوصفي وبموضوعية كبيرة وأسلوب علمي دقيق كذلك الدراسة التي كتبها الفنان محمد المنصور حول النقد التطبيقي للإخراج في مسرحية (سندس) وكذلك المخرج الكبير الدكتور محمد عبد المعطي الذي كتب عن رؤيته الإخراجية لمسرحية (قميص السعادة) أو (الشاطر حسن) علماً بأن النصين لكاتب واحد لكن بأسلوبين مختلفين مع أن الثيمة واحدة. إذاً هذا الكتاب يحتوي على تحليل إخراجي. والإخراج هو ركن من أركان الرباعية الإبداعية (المؤلف ، المخرج ، الممثل ، والجمهور) وكذلك يحتوي على دراسات في النقد التطبيقي على العروض المسرحية من قبل الصحفيين والدراسات التطبيقية هذه للباحثين والدارسين لتاريخ مسرح الطفل في الوطن العربي . فمسرح الطفل لا ينتمي إلى بلد ما لأن الطفل عالمي التكوين فما يقدم من مسرحيات في دولة ما يصلح لكل الدول العربية بلا استثناء فيما عدا التغير في الفهم عن طريق اختلاف اللهجات بين أقاليم دول الوطن العربي كما يضم هذا الكتاب حوارات مع الكاتب السيد حافظ الذي صاحبته أقلام في جميع الاتجاهات وكل الأقطار العربية في رحلته الطويلة مع مسرح الطفل .. فالأوطان لا تبنى بالثقافة فقط ولكن بالفنون أيضاً فالثقافة المسرحية هامة ولها جناح آخر هو فن المسرح فلا ثقافة بلا فن ولا فن بلا ثقافة وعلى سبيل المثال لا الحصر أنا لم أكن متخصصة بفن المسرح ولست متخصصة بدراسة النقد إلا أنه استرعاني وجذبني وهوستني النصوص المسرحية والدراسات المقدمة في هذه النصوص منها الجيد والأكاديمي ومنها السطحي و النظري ومنها ماهو حبر على ورق وللأسف نكتب ونقرأ ونكرر أن دور النقد موازيٌ للإبداع لكن يعز علي أن أوثق عى هذه الصفحات حقائق لامهرب منها وأدون أسفي للأساتذة النقاد العباقرة أصحاب الأقلام النقدية الأكاديمية وهل لي أن أسال النقاد والناقدات المتهربين أين دراساتكم النقدية للنصوص المسرحية خاصة والأدبية عامة؟ كثيراً ما يسعى الكاتب والمؤلف ويجري يهاتف ويكتب ويواصل الجري وراء النقاد على أمل أنهم يقرءون النص المسرحي هذا أو ذلك النص الآخر لكن المفاجأة تحبط الأمل في تطور النقد ومواكبة الإبداع الأدبي عامة والمسرح بصورة خاصة وأن قرأت دراسة نقدية أعرف مدى الجهود التي بذلها الكاتب والمؤلف إلى أن وصل للأستاذ أو الأستاذة الناقدة والناقد كيف لنا أن نطور مسرحاً ونحن نفتقد حركة أو حلقة مهمة وهي النقد وكيفية الوصول للنقاد الأجلاء غالباً ما يتهربون ويتململون ويواعدون ولا يوفون وأخيراً إما لا يعيرون اهتماما أو يعتذرون والأسباب واهية خاوية أين الطرق والمنهجية وشرف الكلمة والحفاظ على القيم ورموز الادب العربي؟ إذا ما توثقت النصوص الأدبية والدراسات النقدية لتكون شاهد العصر على التطور والتجديد والتنظير بين ماكتب ويكتب وما سيكتب في مسرح الطفل وهل لاتزال هناك نصوص مسرحية أو مخطوطات مسرحية بحوزة الكاتب السيد حافظ لن ترى النور ولم تطبع نعم لقد كتب مسرحيات عدة منها (سندباد سواح في البلاد ، أحلام بابا نويل ، فستق وبندق ، الوحش العجيب ، قطة نونو والكلب لولو ، سفروتة في الغابة) وقدمها لهيئة الكتاب لكن للأسف لم تطبع بحجة نقص بالمادة الخام وهي الورق ويتعذر طبع مجموعة من النصوص المسرحية لكاتب كبير أفنى عمره للمسرح في نفس الوقت نعزف على أوتار التأخر والتدهور والتراجع في المسرح وندق طبول التطور والتجديد والاندثار لمسرح الطفل وغياب المسرح المدرسي ونسأل عن العلل والمسببات وترانا نحن من نساهم في ذلك التأخر والتلاشي شيئا فشيئاً فكم نحن سذج نتطلع ونتمنى للطفل مسرح متميز وكذلك مسرح مدرسي متميز بلا شك لا فرق بين الاثنين إلا الخبرة والاختصاص فالمسرح المدرسي يديره غالباً معلم أو أستاذ يجيد أو ملم بفن المسرح فيؤلف ويخرج بمساعدة الفرق المدرسية وفي بعض أقطار الوطن العربي يسجل المسرح المدرسي غياباً وكذلك مسرح الطفل ينعم بسبات طويل أكد هذا الكاتب المسرحي والناقد الدكتور (هيثم يحيى الخواجة) في حوار له في مجلة دراسات (تصدر عن اتحاد كتاب الإمارات. فصلية العدد22 -23 لسنة 2008 م) قال فيها ((أجزم بأن دور النقد ضعيف ولو استطاع النقد أن يواكب الإبداع لكان مسرح الطفل في بلادنا أكثر تقدماً وازدهاراً.. إن ما يكتب من نقد على صفحات الجرائد والدوريات المتخصصة وغير المتخصصة لايخرج إلا انطباعات .. فالنقد المسرحي لايمكن أن يكون دقيقاً وسديداً إذا كانت منطلقاته تستند على الذائقة .. إنه إبداع آخر يستند إلى العلم والنظريات التي أمضى أصحابها عمرهم حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه ...)) إذا ما يكتبه الكاتب والمؤلف المسرحي من نصوص مسرحية أي أن كل نص مسرحي يمثل مرحلة زمنية أو مرحلة من حياته على الرغم من أن اختلفنا أو اتفقنا على نص مسرحي معين بأنه الأجود والأفضل والأحسن لكن يبقى الكاتب والمؤلف لهذا النص المسرحي يطمع إلى الأفضل والأجمل فقد يغير النص المسرحي في طبعة ثانية وثالثة حسب نضوجه الفكري والأدبي واللغوي فكلما اكتسب خبرة تأليفية واندمج بالإخراج والعرض والاطلاع على نصوص مسرحية لحضارات أخرى زاد من طموحه للبحث والتجديد مادام المؤلف حياً سيكون رافداً معطاءً متجدداً لقاموس لغته الإبداعي وبيت أفكاره وما علينا إلا أن نشارك في رفع العوازل والموانع والعوائق التي تعترض طريق وصول النصوص المسرحية الجيدة وهؤلاء الكتاب الجيدون المذهلون بأفكارهم وكتاباتهم والمخرجون المتميزون والممثلون الرائعون صانعوا الفرح والبهجة للأطفال وعلينا وعلى الهيئات والجهات المسئولة اعتماد البعثات الدراسية للكوادر التدريسية والمشاركة بالمهرجانات للعروض المسرحية ومشاركة الفرق المسرحية في تقديم عروضها لدفع مسيرة الإبداع المسرحي عامة ومسرح الطفل خاصة بما في ذلك المسرح المدرسي وتبادل الخبرات مع الفرق المسرحية في الدول العربية والحث على العمل المشترك بين الفرق العربية في عرض مسرحي موحد هذا سوف يدعم مسرح الطفل إلى الأمام بدعم مادي ومعنوي ليزين فضاء المسرح وخاصة مسرح الطفل العربي من المحيط إلى الخليج بألوان رائعة لترسيخ التعاون والوحدة وخلق صورة في ذهن الطفل العربي أننا كالعمود الفقري لايمكن لفقرة أن تنحرف من مكانها أو نستغنى عنها لأنها سوف تشل حركة باقي الفقرات لأننا سوف نرى عرضاً مسرحياً متكاملا جميلاً مذهلاً يضم بين كلماته روح الحب والعروبة والوحدة الوطنية والأخلاق والعادات التي نحملها وتوارثناها من الأجداد... ففي النهاية يعد هذا الكتاب رغم أنني أختلف أو أتفق مع البعض لكن هذا الكتاب يعد مرجعاً للباحثين والدارسين لتاريخ الأدب والنقد في الوطن العربي فما أحوجنا إلى رصد وتسجيل وتوثيق وحفظ ذاكرة الأمة حتى لا تصبح الأمة بلا ذاكرة. ولكي وحتى تأتي الاجيال القادمة لتجد أرضاً علمية ثقافية تسير عليها وإن اختلفت معها فلابد من وجود أسس البناء الثقافي والحضاري, فإن أي بلد بلا ذاكرة يعني الفناء فإذا أردت أن تعرف حضارة ومستقبل بلد اقرأ نصوص مؤلفيه المسرحية وانتمائهم وهويتهم الوطنية وكل مؤلفيه من روائيين وقاصين لتعرف الحقيقة.