Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 5 ديسمبر 2016

حوار مع الكاتب المسرحى السيد حافظ حول الغموض أو اللامعقولية فى معظم مسرحياته

حوار مع الكاتب المسرحى السيد حافظ
حول الغموض أو اللامعقولية فى معظم مسرحياته
***** حوار فى الثمانينات
  • بعض مسرحياتك .. الحوار فيها يتسم بالغموض أو إن شئت باللامعقولية . فلماذا ؟
  • كيف غدت الأمة العربية غابة حزينة.. سوريا على خلاف مع العراق وليبيا على خلاف مع مصر والسودان واليمن صار يمنين.. والأرض العربية تسقط باكية.. ونحن نجلس على المقاعد ندغدغ الأحزان وربما نرقص أو نتظاهر باليأس.. أحياناً يفقد المعقول نفسه فى واقعنا.. تكاد أن تصعق وانت تسمع الأخبار وأحياناً تقول نفسك إن زمن المعقول قد مات.. وإنك لم تعد كما كنت فى زمن كل شئ فيه غير معقول.. نحن فى زمن الخيانة.. خيانة النفس.. القضية الموقف – التاريخ .. أنت يا صديقى أمام الشخصية العميقة الطاهرة فوق تاريخنا المعاصر الخائن.. صوتنا مبحوح.. ومشنقة تنتظرك فى كل سطر تكتبه وكل جملة تكتبها فى حشاها نجمة من نار.. وكل ورقة تكتبها فى عمل بنبض شريف هى كفن للعفونة الفكرية المنتشرة.
وبعض الشخصيات التى أكتبها عاشت هزائم الأمة العربية موصومة بالإهانة . مليئة بالغضب محاصرة بأرواح الجاهلية .. لذلك فهى احياناً تفر خائفة أو تواجه العاصفة واللغة جرح الإبداع لذك فالغموض ظاهرى.. واللامعقولية هالة ظاهرة.. والفن يعطى الإيدلوجية المساحة الرحبة والايدولوجية هى شريان الفن والأديب الملتزم قد يصل أحياناً إلى تجنيد نفسه لخدمة اللحظة الأنية. هنا يفقد الأديب فنه وحينئذ يصاب بالإحباط ذاتياً وإن نجح خارج ذاته اجتماعياً وحزبياً.. وإن انتحار مايكوفسكى لهو دليل واضح على هذا. أما إذا أعطى الأديب نسه حرية الحلم فإنه يمنح الواقعية بعداً جديداً. أكثر من البعد الفكرى فيكون فنه انسانياً وعميقاً والفن ليس خطبة سياسية وليس مقالاً. إنما له أبعاد جمالية وفنية وإنسانية وفكرية ولذلك فإننا مطالبون بتغير الخارطة الثقافية والفنية وتجاوز مرحلة المراهقة الفكرية وقد قيل من قبل أن مسرحية جيدة أفضل من خمسين نظرية سياسية.
  • كتبت القصة القصيرة .. فهل فعلت ذلك لأن المسرح لم يسعفك فى أن تقول ما تريده أو أن النوع الادبى فرض نفسه عليك ؟
القصة القصيرة " مشكلة" هى الشهادة .. الرؤيا.. هى الإدانة على عصر المهرجين والخصيان.. هى الثورة .. هى طعنة غادرة للواقع وغوص فى عمق اللحظة الطاهرة.. واللفتة المحرمة.. لا أدرى من أى الأبواب تعارفنا أنا وهى .. القصة القصيرة هى هجرة للوعى المخزون إلى الورق لإحتواء الواقع ببعد جمالى وفلسفى.. وفنى خاص.. كتبت القصة على استحياء وكتبت المسرح على استعلاء.. وما بين الاستحياء والاستعلاء عشت مع الكلمة النزيف.
  • تركت مصر مبكراً.. هل يمكن أن تحدثنا عن الأسباب التى دعتك إلى هذا ؟
الهجرة " انقاذ " ولست هروباً.. نعم كان جيلنا أمام ثلاث اختيارات :
أولاً : دخول السجن كما حدث وأن سجن السادات مئات الكتاب والمثقفين.
ثانياً : الجنون وهذا حدث نتيجة الضغوط النفسية والاقتصادية وسقط فى هذا " الفخ " وهذا الدرب الكثيرون.. منهم على سبيل المثال لا الحصر .. نجيب سرور رحمه الله .. محمود دياب.
ثالثاً : الهجرة  وهى أضعف الإيمان وأضعف طرق المواجهة والحفاظ على نفسك. حتى إذا جاء دورك كنت " النورس" وكنت " القبضة" وكنت " الطلقة" وكنت " الفكر " للناس.. لا حل.. لا مخرج .. من خرجوا من السجن كان بعضهم أكثر صلابة وبعضهم أكثر عفونة من السلطة.. وبعضهم ضاع نفسياً واجتماعياً حين اكتشف أن زميله يقوم بدور المخبر السرى عليه.. ومن أصيب بالجنون تحول إلى أكثر شراسة من ال جنون (الفرد العادى) حيث أن جنون المثقف يعنى انتحاره تاريخياً.. والبعض قد فضل الهجرة إما إلى داخل الذات .. فاتجه البعض إلى الحل عن طريق الصوفية والطريقة الشاذلية أو اتباع السنة المحمدية والبعض هجرة إلى الخارج بحثاًعن الأمان والخبز والبعض نسى أن هجرته من أجل الفكرة وتحول إلى تاجر بالشعارات والكلمات وأصبح دولارياً أو دينارياً ويكتب فى كل الصحفة العربية وحسب كافة الاتجاهات..
حتى فى الصحف التى تصدر فى أوربا تلك الصحف إلى لى رأي فيها أنها قمة النضال والحرية وقمة الانحطاط والسفالة الفكرية وهى تحمل الإزدواجية التى عهدناها فى العقلية العربية والبعض يماسر المزايدة الفكرية الوطنية باتهام من هاجروا للخارج أقل وطنية وفى سوق التاريخ والنضال قد يكتشف أن من يتهمك ما هو الا عمي للمخابرات أجنبية ويرتدى قناع الوطنية.
  • مكتب عدة سنوات فى الكيوت بعيداً عن أهلك وجمهورك فى مصر.. ما أثر ذلك على العملية الإبداعية عندك ؟
  • من مصر المحروسة خرجت عام 1976 .. انتظر الأبواب السبع أن تفتح لى.. لم انظر للخلف وودعت صيف 1976 فى مصر وأنا أعبر بجوازى سحب البحر المتوسط متعباً صوت المجهول للخليج.. حيث عشت تجربة كاملة حياتية.. سجلتها فى رواية كتب منها جزءاً لا بأس به تحت عنوان "مسافر بلا هوية" .. عشت أياماً لا أدرى ما لونها وما طعمها وما شكلها وعشت أياماً خلف الصحف الكويتية الرائعة.. كانت أيامى عطشى لنبض مصر وجوعى لمشاهدة العالم.. ومن لكويت خرجت لمشاهدة دول خليجية أخرى كمراسل صحفى وتعرفت على جزء من الوطن العربى لم أعرفه من قبل.. تعرفت فى الخليج على كتابه وأدباءه ولا تعرف الأشياء الا بعد أن تلمسها بحواسك الخمسة .. مرت الكويت على وجهى ومرت منازلها فى رئتى .. فى مصر كان الميلاد وفى الخليج كانت الإقامة ومحل العمل.. كنت أشعر وأنا خارج مصر أننى خارج البحر.. وإننى اخترت الصحراء.. لا شئ هنا أو هناك ينقضى الا توهج الابداع.. ولكننى فى الخليج قابلت الصعاليك بعد عامين.. صعاليك الأدب والفن وبدأت أتسلل إلى خندق الابداع من جديد.. لقد تركت فى مصر أرض معركة الإبداع ولكنى كنت أمام جمهور آخر.. حقاً لقد تأخر وصول أعمالى لجمهور المسرح فى الكويت عدة سنوات والسبب يرجع إلى عدم معرفتى بالخارطة المسرحية الحقيقية فى الخليج فلقد تقابلت للأسف مع عناصر مدعية فأثرت على مرأى.. مما جعلنى عندما أقابل فناناً موهوباً مثل صقر الرشود لم نستطع أن نصل إلى نبع العطاء الفنى.
ولكننى أخيراً تقابلت فى عام 1983 مع المخرج منصور المنصور والسيدة عواطف البدر وحققنا بفضل الله نجاحاً لم يحدث من قبل فى مسرح الطفل عن طريق مسرحية " سندريلا" ..
إن البعاد عن الأهل والوطن هو معاناة كبيرة والمعاناة الأكبر أن تكون وسط أهلك ووطنك وتعانى من رؤيا الفقراء الذين تنتمى اليهم والمثقفين المنبوذين الجياع وأن تملك أعظم سر فى الإنسان ألا وهو سر التمرد الاجتماعى. فى زمن شهود الزور.. وكتاب الزور.. وانصاف الكتاب ولا نضطر لأن تحنى الرأس أمام مدعى الثقافة والكتابة ومافيا النشر..
  • لك مسرحيات عرضت فى الكويت وبغداد .. كيف تلقى الجمهور العربى أعمالك وما هى انطباعاتك.. بعد تقديم تلك العروض..؟
  • فى العراق كان اللقاء الحميم بجمهور مثقف واع لا يخدع . جمهور مثقف يملك روح الحضارة.. والطبيعة الحية أعطته دوراً كى يبرز فى ساحة التاريح كشعب وحضارة أولاً على المستوى الأكاديمى.. قدم المخرج "وليم يلدا" مسرحيتى الطبول الخرساء فى الأودية الزرقاء فى أكاديمية الفنون – المعهد العالى للفنون المسرحية ودرسها الطلاب كمشروع للتخرج ونفذوها واستقبلتها الصاحافة استقبالاً طيباً عام 1977 – 1978.
وعلى المستوى الجماهيرى فى عام 1981 قدم الدكتور سعدى يونس مع فرقة العراق المسرحية مسرحيتى " حكاية الفلاح عبد المطيع" والتى سبق وأن نشرت فى عام 1980 فى جريدة الوطن واتذكر أن الزميل محمود الريماوى أعجب بها ونشرها فى ملحق جريدة الوطن.. وكتبت الصحافة العراقية النابضة الحية عن هذا العمل المسرحى عدة مقالات فى جريدة الثورة – البعث – مجلة فنون – مجلة ألف باء تاء.. ومجلة فنون العراقية وقدمت إذاعة بغداد وصوت الجماهير عدة برامج عند المسرحية كما قدم تلفزيون بغداد ندوة عن المسرحية كما كتب عنها فى صحف باريس وفى الكويت.
وفى الكويت قدمت مسرحية " سندريلا " للأطفال وحققت أعلى نسبة جمهور لمسرح الأطفال – أعلى دخل لمسرحية أطفال – أكبر توزيع فى أشرطة الفيديو لمسرحية أطفال كتبت عنها ثلاثون مقالاً فى كافة الصحف بين مادح وقادح ومتحمس وحاقد وهادم وقررت المسرحية على طلبة جامعة الكويت (قسم علم نفس وأدب شعبى) أو المعهد العالى للفنون المسرحية قسم نقد ولقد كانت الجماهير دائماً هى الحكم أما الذين يحاربوننى من هؤلاء المدعين يقولون أن أعمالى لا يفهمها الجمهور ويحملون خناجرهم فى الكتابة أو التهويمات حتى يبعدونى عن زنابق الجماهير ونجوم الحب التى تمنحها للعمل الذى تحبه.. إن الجماهير منحتنى الكثير فى العراق وفى الكويت وفى مصر .. إننى مع الناس لأن الناس هى معجزة الأرض التى خلقها الله.. وهم يملكون زمام الطريق الصحيح لنا ككتاب وكفنانين.. ثم لا أنسى ما حققته مسرحية " الشاطر حسن" فى الكويت مع المخرج أحمد عبد الحليم.
  • ما رأيك فى تصنيف المبدعين إلى أجيال... وهل تعتقد أن جيل الستينات قد حقق شيئاً وما هو وبالمناسبة من أى جيل تعتبر نفسك ؟
·         قلت سابقاً لا يوجد أدب شبان وأدب عجائز.. وهذا مصطلح خبيث أو تعويذة سرية أطلقها بعض الخبثاء وتبنتها بعض الاتجاهات بحسن نية دون أن تدرى أن هناك من يرغب فى خنق الإبداع العربى لأن فى الوطن العربى (مافيا) الثقافة التى تغتال الإبداع وتخنقه دون ترك أى أثر للبصمات وفى نفس الوقت تسير فى جنازة القتيل بمقالات لك لو سألت ثلاثة كتاب عن رأيهم فى نتاج بعضهم لا تجدهم يتفقون على واحد منه. نفس الشئ يحدث فى كل مهنة.. ولكن فى الأدب وللأسف الكل يطعن فى الكل وأدب الشبان والعجائز " تعويذة سحرية" لخنق الإبداع.. أما الأدباء الذين ظهروا فى مرحلة الستينات كانوا أصحاب رؤية اجتماعية جادة واكبت طموحات العرب فى تلك الفترة فكانت متوهجة وطموحة وغازلت أحلام الجماهير.
ولم تدفع الجماهر إلى مرحلة الوعى .. أو الموقف.. مما أدى إلى :
1-افتقار معيار الموضوعية العلمية أمام مسئولى الحركة الثقافية فى الوطن العربى .. فمعظم المسئولين عن الثقافة أى 90% منهم لليس لهم شأن بالثقافة.
2-تقاعس معظم النقاد الكبار أمثال د. على الراعى.. ود. عبد القادر القط .. د. جابر عصفور.. د. عبد المحسن طه بدر.. الخ.. وإلا بما يسميها بالظاهرة النفطية وتحول النقاد إلى مداحين ومنافقين لأى ظاهرة أدبية من الخليج العربى أو الكتاب فى مجالات جيدة عن الأدب والفن.
3-الهزيمة الفكرية خيزران 1967 أدت إلى تفسح ثقافى وسياسى واجتماعى وحتى الأن لم تجد أى شئ يدعونا للتفاؤل التاريخى. أما عن انتمائى فأنا انتمى إلى كتاب المسرح الهواة.. واعتبر نفسى من المبتدئين بدأت الكتابة فى عام 1967.

  • أنت أيضاً مهموم بالكتابة إلى الصحافة كيف تجد الوقت لكل ذلك وأنت رب أسرة ؟
  • ثمانية أعوان وأنا أكتب فى الصحافة الكويتية وكمراسل صحفى للمجلات الكبرى التى تصدر فى أوروبا .. الصحافة هى حركة رئتى المبدع.. وهى بالنسبة لى رئتى التنفسى.. نعم الصحافة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتى ولا اعتبر نفسى صحفياً ولكنى اعتبر نفسى " كاتب فى صحيفة" وهذا لا يمنع أننى دخلت " مطبخ" الصحافة واستطيع أن أقوم بأى عمل فى الصحيفة وفى أى قسم من أقسامها ولقد استفدت من قسم الوفيات والقسم السياسى والاجتماعيات والثقافى والفنى. والاقتصادى والمحليات.. نعم استفدت كثيراً ولذلك عرض على أن أكون مدير لتحرير مجلة كبرى تصدر فى أوربا ولكننا اختلفنا فى اختيار فريق العمل معى .. الصحافة هى لغة هذا العصر ولكن كيف أجد الوقت لكل ذلك فهذا موضوع آخر لقد جذبتنى الصحافة من الكتابة الإبداعية حتى أننى سعرت برغبة فى تحديد نوعية عملى فى الصحافة والعودة للابداع. وهذا جعلنى فى الشهور الأخيرة 1ذ953 حددت نوعية ما أكتبه فى الصحيفة واهتم بالكتابة الابداعية.
  • لماذا اتجهت إلى مسرح الطفل والكتابة للأطفال ؟
  • لأننا فى الوطن العربى نغتال الطفولة.. وندوس على براءتها ونغلق على الطفولة خيبتنا وهزائمنا ونسحق أدمغة الأولاد بمسلسلات هزيلة وبرامج سخيقة .. إننى أنقذ الطفولة مع الكتاب الجيدين الذين ساهموا من قبلى فى هذا المجال والذين يساهمون الأن.. فى محاولة أخيرة لانقاذ الأجيال القادمة قبل حدوث الطوفان.

سندريلا السيد حافظ بعيون عبد الكريم برشيد

العظيم برشيد مجلة إبداع العدد (7) السنه (3) يوليه 85 – شوال 1405
دراسة
إطلالــة علــىُ
مســرح الطفــل في الكــويت
" سنـــدريلا .."
من الحكايــة إلى المسرحيــة
د. عبد الكيم برشيد
مدخل لابد منه
مسرح الطفل : عربيا ؟، ما زال في بداية الطريق . هذا ليس عيبا . ولكل العيب هو ألا يدرك واقعه . وألا يتجاوز ذاته بأستمرار .
مسرح الطفل كتابة بلا شك ولكنه قبل ذلك مؤسسة لها هيكلها وفليفتها وسياستها وبرامجها . وهو لا يقوم الا على أساس وجود تخطيط واسع وشامل . تخطيط يراعي بناء الإنسان العربى جسدا وذوقا وأخلاقا وفكرا – يبنيه في المدرسة والبيت والمسرح والملعب والنادي والشارع والحارة ..
في الكويت يعرف مسرح الطفل عصره الذهبي . لقد قدر لي أن أشاهد تجربة ، وأن أعايشها عن قرب . وسأقول فيها رأيى .
في شهر نوفمبر الماضى احتضنت الكويت ندوة علمية مهمة ، موضوعها الأساسى ( ثقافة الطفل في المجتمع العربي الحديث ) وقد تمت الندوة برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وضمت مجموعة من الباحثين والمفكرين الذين لهم اتصال مباشر بالطفل . وقد قدمت الندوة مجموعة من الدراسات والأبحاث والتعقيبات والداخلات والتوصيات .
على هامش الندوة . حضرنا عرضا مسرحيا للطفل . وهو نموذج حي وعلمى للمسرح الذي تباحثنا فيه وناقشناه على امتداد أربعة أيام – هذا العرض قدمته مؤسسة البدر للإنتاج الفني على مسرح " كيفان " وذلك على امتداد شهر من الزمن . وقد لا في العرض نجاحا كبيرا من جمهور الأطفال . وهذا ما يفسر استمرار عرضه شهرا كاملا .
كلمات عن الكتابة المسرحية  
" سندريلا هل هى تأليف أم اقتباس أو ترجمة أم إعداد إن الحكاية معروفة ومتداولة في الأدب الغربي . والحكاية ليست في الأصل مسرحية ، وإنما هى مجرد مادة أولية بلإبداع الأدبى والفنى . وهذه الحكاية نسجت عليها قصص ومسرحيات وأفلام وأشعار كثيرة . وبالرغم من أن المنطق واحد فإن الإبداع مختلف لأنه صادر عن ذات أخرى . وكل ذات هي بالأساس أسلوب مغاير ورؤية وموقف . فالسيد حافظ – في مسرحية سندريلا – أعطانا تركيبا جدليا لتفاعل الذات والموضوع . أعطانا قراءة متميزة وكتابية مغايرة . فهو قد قرأ الحكاية الغربية بعين شرقية . قرأها انطلاقا من مخزونه الثقافى ، ومن وضعه التاريخى والاجتماعى ، ومن إرثه الحضارى العربى الإسلامى . من هنا . نشأ الاختلاف وسط الائتلاف . انطلق مما هو عام وشائع إلى ما هو خاص وشخصى . وإبتداء من المعروف القديم ليعطينا المجهول الجديد .
إن المسرحية كتابة جديدة . لأنها – أولا – تمت بأدوات معرفية وجمالية مغايرة . ولأنها –  ثانيا –  رؤية وموقف . موقف من الحكاية الأصل . فالأحداث في الحكاية تنبنى على نوع من التطلع الطبقى .. وهو تطلع تعكسه سندريلا التي تخرج من وضع طبقي لتلتحق بآخر . فهى تهرب من فقرها من خلال الزواج بالأمير . وهى بهذا نجد حلا خاصا لمشكل عام . هذا الفعل أو الحدث الخام كيف كانت رؤية المؤلف اليه ؟ هل ترجمه ، كما هو بأمانة ؟ . هل حوًره بما يتناسب والحقيقة ؟ ذلك ما سوف نجيب عنه عند تحليلنا للمسرحية ..
" سندريلا " كاحتفال مسرحى . هى فى المقام الأول كتابة لفظية . ولكنها – إلى جوار ذلك – تتعدى الكلمات لتعٌبر بكل الأدوات التعبيرية المختلفة . فهى بنية كلية مركبة . لأنها بالأساس عناصر فنية مختلفة . إنها الرسم باللحن والرقص والغناء واللباس والإضاءة و .. الملحقات هذه " اللغة الكل " هى لغة المسرحية . وهى تخاطب الأذن كما تخاطب العين ، وتخاطب الحسٌ كما تخاطب العقل . وهي في وظيفتها التعبيرية لا تبخس البعد الجمالى حقه .
شمولية اللغة فى المسرحية تنبع أساسا من شمالية الفضاء  المسرحى. وهو فضاء مركب . حيث تتداخل العوالم وتتعايش مع بعضها . فهناك هذا التداخل السحرى بين العالم الواقعى / الطبيعى ، والعالم الأسطورى السحري . كل شئ داخل الفضاء المسرحى ممكن ولا مجال للمحال . فالحيوانات شخصيات حية . تنطق وتفكر وتتفاعل مع الناس وقضاياهم . هذا الفضاء المسرحي هو الفضاء سحرى بلا شك . فضاء متحرر من العادى والمعروف . إنه العالم – في عجائبيته – منظورا إليه بعين طفل .
المسيقى لها حضور متاميز فى المسرحية . فهى جزء من اللغة الفضاء . فماذا أضافت ؟ وماذا أعطت ؟ الشئ المؤكد أنها ساهمت فى خلق واقع مسرحى نغاير . إن كل ما فى المسرحية ينطق . وللنطق مستوياته المختلفة . مستويات تبدأ من الكلمة / الللفظ ، لتنتهى إلى الكلمة / الغناء ، وإلى الجملة / اللحن .
وبهذا يكون الفرح لحنا ، ويكون الغضب لحنا آخر . يقول " طالب غالي " ، ملحن المقاطع المغناة في المسرحية .
" من خلالها – نستطيع أن نوجه أطفالنا ونربيهم التربية الصحيحة . ندخل إلى نفوسهم الفرح . ونركز لديهم القيم الأخلاقية الصادقة . ونغرس في أعماقهم حب الخير والابتعاد عن الشر ، والعمل على مساعدة وحب الآخرين ، والتعايش معهم بمودة واطمئنان .
إن المؤلف الموسيقى يركز على الدور التهذيبى والتربوى للموسيقى . إن الكتابة اللفظية تبقى ناقصة في غياب الكتابة بالجسد – الرقص التعبيرى – وفى غياب الكتابة بالأشكال والألوان والأحجام والكتل .
بحث في بناء المسرحية
بعد هذا . لابد أن تعرض على المسرحية – كبناء معمارى – أى كحدث متطور ، ومواقف ، وشخصيات . فكيف بنى المؤلف المسرحية ؟
إن الجواب سنحتفظ به إلى ما بعد . لأن الأساس أن نفكك ما قام الكاتب بتركيبه . هذه العملية – التحليل / التفكيك – هى وحدها الكفيلة بإعطائنا هندسة للمسرحية و معماريتها الخاصة . إن الحدث المسرحى يوُلد وينمو داخل فضاءين اثنين .
·   منزل سندريلا ، وهو أيضا بيت الكلب سنور ، والقط مسرور ، والأرنب فرفور
·   السوق ، الحارة ، القصر ، الشارع .
فالفضاء الأول يمثل الداخل / البيت / المألوف . أما الفضاء الثانى فهو الخارج / الحارة / العالم الآخر . وبين الفضاءين هناك حوار وتفاعل . فالاختناق داخل البيت / السجن ، هو ما يدفع سندريلا للبحث عن الخلاص في الخارج . هذا الخلاص الذى تجده أولا فى المأة العجوز – الحارة – ثم بعد ذلك فى الأمير المخلص – القصر .
ولأن سندريلا تعانى الغربة فى البيت . ولأنها غير موصولة إلى زوجة أيها وأختيها ، فقد أوجد لها المؤلف رفاقا من إلى زوجة أبيها وأختيها ، فقد أوجد لها المؤلف رفاقا من الحيوانات الأليفة والوفية . وبهذا تعوض حب الإنسان بحب الحيوان .. هذه الحيوانات هى جزء من نسيج المسرحية ، ومن عالمها الفنتازى . فهى تساهم فى صناعة الحدث . وفي بلورته وتطويره ليسير نحو ما هو خير ونبيل و         ( إنسانى ) .
المسرحية / نص / الاحتفال هى بالأساس حكاية . وهى لذلك تحتفظ بكل الأجواء السحرية والعجيبة للحكاية . ولأن الحكاية – أية حكاية – لا تكون إلا بوجود فعل الحكى ، وأن الحكى / الفعل ، مرتبط بالحاكى / الفاعل ، فقد وجب أن نتساءل .
·   هذه الحكاية / الأحداث . من يحكيها ،
·   ولمن يحكيها
إن المسرحيه خطاب . كل خطاب لابد له من مرسل ومرُسَل إليه . لذلك فإن حكاية " سندريلا " يحكيها الثلاثى القط ، الكلب ، الأرنب – للأطفال الصغار . إنها العالم ، كما تراه الحيوانات ويتقبله الأطفال . مثل هذا العالم لا يمكن أن يكون إلا مدهشا وغريبا ، وساحر ، وشفافا .
يحكى الكلب والقط والأرنب عن بنت جميلة . مسكينة وفقيرة . اسمها سندريلا .
وإذا كانت الأحداث في المسرح الكلاسيكى يقدمها عادة الخدم – لأنهم أكثر التصاقا بالبيت وبأهله . فإن نفس المهمة تقوم بها الحيوانات الأليفة فى المسرحية .
-  يا أهل الخير والأمل
-  سنحكى لكم خكاية
-  كان ياما كان
-  فى يوم من الأيام
-  والأيام كثيرة .
-  كانت هناك بنت .
-  حميلة ..
-  بنت ..
-  مسكينة ..
-  بنت ..
-  فقيره
لماذا كان وليس يكون ، ألأن ، الزمن العجائبى ، حيث ننطق الطير والحيوانات لا يمكن أن يكون إلا الماضى ، أم أن الأمر لا يتعدى أن يكون وسيلة من وسائل التغريب .. حيث العبرة فى المحتوى وليس فى الحكاية .
تشريح جسد النص المسرحى
عملية التحليل تبدأ من رد الكل إلى الأجزاء . أىٌ إلى العناصر/ المشاهد – من أن المسرحية لا تشير إلى المشاهد ولا تعطيها أرقا ولا أرقاما . ولا ترسم لها حدودا .
المشهد الأول :
وهو عبارة عن استهلال أو مدخل . وفيه تقدم لنا الحيوانات نفسها . من خلال الحركات السريعة والألعاب البهلوانية والغناء . كما تقدم لنا بطلة الحكاية .
المشهد الثانى :
زوجة الأب مع بنتها – فهيمة ولئيما – وهن يبحثن عن سندريلا .
هذا البحث يكشف عن حقيقة أساسية . وهى أن سندريلا هي خادمة البيت . إن دورها هو أن تلبى الطلبات الحمقاء والبلهاء للأختين المدللتين .
المشهد الثالث :
سندريلا فى السوق . تحمل سلتها بيدها ومعها نصف دينار . لوحة غنائية ( يتغزل ) فيها البائعون بسلعهم المختلفة . تضيع منها الورقة النقدية . فهل تملك سندريلا أن تعود الى البيت وسلتها فارغة . ولأنها ابنة المرحوم عبد الله الأمين – حارس السوق قديما – فإن كل التجار يعطونها ما تريد . بعد ذلك يأتى طفل . وهو يحمل الورقة النقدية . لقد عثر عليها . والأمانة تقتضى أن ترد الأشياء إلى املها .
المشهد الرابع :
فى البيت . حيث طلبات الأختين لا تنتهى ، وحيث لا تملك سندريلا يوى أن تجيب . حاضر . حاضر .. حاضر ، وكل هذا فى إيقاع تصاعدى عنيف وسريع ( حتى تتداخل الأصوات .. وتسقط سندريلا فى قلب وسط المسرح )
المشهد الخامس :
سندريلا – وحدها مع الأرنب فرفور ، والكلب سنور ، والقط مسرور ، يعبرون عن حبهم لها . وعن استعدادهم لمساعدتها ، ووقوفهم إلى جوارها فى غربتها مع – الإنسان .
" إن الإنسان يتعب الإنسان يا ليت الإنسان يحب ويخدم الإنسان .. "
هذا الاقتراب منها يغضب زوجة الأب . فتهدد بأكل الأرنب وقطع ذيل الكلب ، وسلخ القط .
المشهد السادس : في المستوى الأعلى يظهر أمير البلاد مع وزيره . وهو يحدثه عن سأمه . فالقصص والحكايات لم تعد تسليه كما كانت . ولم يعد يرضيه سوى أن يسمع غناء الشعب . وحتى تتحقق له هذه الرغبة . يقترح عليه الوزير ان يتزوج . فعلا يأخذ بالاقتراح . ويقرر أن تكون له زوجة من الشعب . ويعلن عن شروطه . وهى أن تكون الزوجة مؤدبة وجميلة ، ولا يهم بعد ذلك . إن كانت بنت أغنى الأغنياء أو أفقر الفقراء
المشهد السابع :
المنادى – فى الأسواق والطرقات – وهو يدعو الناس للحضور إلى قصر الأمير – وذلك حتى يختار من بنات البلاد زوجة له .
المشهد الثامن :
القط والأرنب والكلب وهم يناقشون مسألة ملاقاة الأمير من أجل أن ينصحوه بأن يتزوج سندريلا .

المشهد التاسع :
زوجة الأب مع ابنتيها – فهيمة ولئيمة – يناقش مسألة الذهاب إلى السوق من أجل شراء قماش وأحذية .وذلك استعدادا للحفل المنتظر إقامته فى بلاط الأمير . يخرجن . على أساس أن البيت فى حراسة الحيوانات .
المشهد العاشر :
فى غياب الجميع عن البيت – يتسلل فرفور وسنور ومسرور إلى القصر . يعرضون على الأمير أن يتزوج بأجمل بنت وأطيب بنت . والتى ليست بنت أمير من الأمراء ولا وزير من الوزراء . يغضب الوزير لهذا الاقتراح – الحيوانى – لأنه لا يعقل أبدا أن يتزوج الأمير. وممن ، من امرأة ترشحها الحيوانات . لهذا ينادى على الحراس وهو فى حالة غضب . فتفر الحيوانات . من غير أن تجد الفرصة لتطلع الأمير على اسم الزوجة المقترحة .
المشهد الحادى عشر :
يعود المنادى ليؤكد الدعوة لأهل المدينة . وذلك من أجل أن يحضروا إلى قصر الأمير يوم الخميس . وبهذا النداء ينتهى الفص الأول من المسرحية .
تشريح جسد النص المسرحى
الفصل الثانى :
وسنقسمه أيضا إلى مشاهد . وذلك حتى نضع اليد على بنيته . هذه البنية التى تتفق وتختلف عن بنية الفصل الأول . فالفصل الثانى فيه شئ من التركيب ، لأنه يعتمد على تكسير الخط الكرونولوجى للأحداث . فهناك تدخل متهمد للزمن ، وبالتالي للأحداث ولترتيبها .



المشهد الأول :
فى قصر الأمير ، وقد حضر كل أهل المدينة إلا سندريلا . القط والكلب والأرنب يتأسفون لحظها التعس . لأنها لم تجد فستانا جديدا ، ولا حذاء جميلا ، ولا حقيبة . يحكون لنا – من خلال مشهد تذكرى – فلاش باك – عن سندريلا . وعن لقائها العجيب بالمرأة العجوز أم الخير .
المشهد الثانى :
سندريلا وسط الطريق وهى تغنى وتهدهد آحلامها المقموعة . تصادفها امرأة عجوز تشكو لها الجوع والعطش . فتعطيها سندريلا كل ما كان معها ، وتعطيها الطعام الذى كانت ستعود به إلى البيت .
المشهد الثالث :
وهو الحكاية داخل حكاية . حكاية الراعى الذى تعود أن يكذب على الناس فيصدقوه فى كذبه . ثم حدث بعد ذلك أن كان صادقا فكذبوه فى صدقه . وهذه الحكاية / الأمثولة ، تسوقها المسرحية تمجيدا للصدق ودما للكذب – مهما كان المبرر – لهذا تقرر سندريلا أن تخبر زوجة أبيها بحقيقة الطعام الذى أعطته للعجوز ، وليقع بعد ذلك ما يقع . قبل أن تختفى العجوز أم الخير تخبر سندريلا بأنها تملك أن تحضر إليها بمجرد ذكر اسمها .
المشهد الرابع :
سندريلا مع حيواناتها الوفية . حديث عن أم الخير التى كانت هنا منذ حين . تصبح كلمة الخير لازمة تعزف عليها من الحيوانات تمجد   الخير .

المشهد الخامس :
استعداد الأم والبنتين للذهاب إلى الحفل . وقوع خصومات صبيانية بينهما عن أيهما تكونا الأولى ، وتساعدها سندريلا على ارتداء ملابسها وتخرج زوجة أبيها بصحبة بنتيها .
المشهد السادس :
سندريلا وحدها فى البيت . تكشف عن رغبتها – من خلال أغنية – للذهاب إلى الحفل . فجأة تتذكر اسم المرأة العجوز ، فتنادنى . " يا أم الخير تعالى – تعالى فتخرج لها المرأة . جاءت لترد الجميل بما هو أجمل منه . وتعطيها فستانا جميلا وحذاء وعربة ، وتحول حيواناتها إلى خيول تجر العربة وقبل أن تختفى العجوز ، تشترط على سندريلا أن تعود إلى البيت قبل منتصف الليل .
المشهد السابع :
تقف الخيول بباب القصر . وتدخل سندريلا فيشهد الجميع لرؤيتها ، ويراقصها الأمير فى إعجاب بها . وعندما ( تدق الساعة الثانية   عشر . تجرى سندريلا ، وتترك الحذاء خلفها على الأرض ويجد الأمير  الحذاء ) .
المشهد الثامن :
الأمير يطوف بالحذاء على المدعوٌات . فتدعى كل واحدة بأنها صاحبته . وينتهى المشهد بأغنية عن الحذاء ، والبحث عن صاحب الحذاء الجميل .
المشهد التاسع :
سندريلا وهى فى ملابسها الممزقة . تدخل زوجة الأب بصحبة ابنتيها ليجدن سندريلا نائمة .

المشهد العاشر :
الأمير فى قصره وهو فى حالة حزن . يأمر وزيره بأن يمر على البيوت فى المدينة من أجل ان يبحث له عن صاحبة الحذاء . ويتولى بهما البحث إلى بيت سندريلا . فتعمل زوجة الأب على إختفائها . ولا تظهر غير ابنتيها تحاول البنتان ارتداء الحذاء فلا تفلحان .
المشهد الحادى عشر :
يخرج الجنديان . ولكنهما بعد لحظات يعودان . لقد أحسا بالطمأ . لذلك جاءا يطلبان الماء . وبشكل آلى تنادى زوجة الأب على  سندريلا ، تنادى عليها لأنها خادمة البيت . ولأنها هى من ينفذ الأوام ، ويابى الرغبات ! .
- سندريلا .. أحضرى كأس ماء .
فتحضر سندريلا . ويكشف وجودها الحارسان . وتجرب الحذاء ، فيكون على مقاسها .
وقفة عند نهايات المسرحية
إن رؤية الكاتب وفلسفته غالبا ما تظهر فى ختام المسرحية . فهو يجمع الخيوط المتناثرة ليعطينا خطايا معينا فقد كنا على طول المسرحية ناتقى بشذرات أخلاقية عن الصدق والأمانة والخير والإحسان ورد الجميل . ولكن ، الآن ، وقد بلغنا النهاية فإن الأمر يختلف . فالموقف ملزم بأن يعطينا موقفا فكريا واضحا . فهو قد أثار قضية خطيرة جدا . فقد أخرج الجنى من قمقمه ، وعليه أن يرده إلى حيث كان ، وإلا انقلب السحر على الساحر .
هل تنتهى المسرحية ( بالتبات والنبات ) كما فى الحكاية – فتكذب بذلك عن الواقع والحقيقة وعن الأطفال .
هل تصور الأمر بهذه السهولة والبساطه فتكون بذلك تحريضا على الحلم والارتخاء والمثالية السلبية .
إن الموقف يقف أمام أكثر من نهاية واحدة . وقد قدم لنا كل هذه النهايات داخل النص . وعلى المخرج بعد ذلك أن يختار . ويختار الأصدق أو الأنجح .
النهاية الأولى المقترحة :
وتتلخص فى زواج سندريلا بلأمير . أى أن تكون المسرحية نسخة من الحكاية تبتدئ كما تبتدئ وتنتهى ، من غير تدخل من الكاتب ولوتم هذا كانت المسرحية مع الخروب الرومانسى . تزرع فى الطفل أحلام اليفظة . وتجعل الحل مرتبطا بالانتظار . انتظار الفارس المخلص . وهذا ما ليس فى المسرحية .
النهاية الثانية المقترحة :
وقد أوردها الكاتب فى آخر النص ، ولكن المخرج لم يأخذ بها لأنها متطرفة فى واقعيتها ، وهى بذلك كانت تمارس على الطفل عدوانية مقلقة ، وتتلخص هذه النهاية فى أن تجرب سندريلا الحذاء لتجده فى غير مقاسها مع أنها تؤكد للجميع العكس، وتصر على ذلك بكل قوتها :
( لا .. الحذاء حذائى .. حذائى وتبكى . ثم نهاية المسرحية . شئ مؤكد أن هذه النهاية لا تناسب مع تلك البداية . فهذه الواقعية المتطرفة لا يمكن أن تستقيم مع شاعرية " المسرحية / الكل " ، ولا مع نزعة المسرحية لاستخدام العجائب وطبيعتها الغربية عن طبيعة الأحلام .

النهاية الثالثة المقترحة :
وهى أن تكون مسألة اللقاء الأخير – بين سندريلا والأمير مجرد حلم يقرر الأمير أن ينزل بنفسه للشعب للبحث عن صاحبة الحذاء .
وأعتقد أن الحلم – مسرحيا ، وسينمائيا ، وروائيا – حيلة فنية مستهلكة ومتجاوزة ، لذلك ابتعدت عنه المسرحية . وقد تبنت نهاية مغايرة فيها شئ من الواقع وشئ من المثال . فيها نزول فى مقابل صعود . نزول أمير وصعود سندريلا . فيها خلاص الفرد وخلاص الجماعة . أى أن سندريلا تشترط ألا تصعد وحدها . ولكن أن يكون ذلك برفقة الآخرين . كما شترطت أن تزف للأمير فى أزيائها التى تعكس فقرها وحقيقتها . أى من غير حذاء سحرى ، ولا عربة ولا خيول .
كلمات عن الإخراج المسرحى
الإخراج كتابة ثانية للنص .إنه كتابة ما لم يكتبه الكاتب . وهو بهذا يكون استنطاقا للصامت فى المسرحية ، وتجسيدا للمعنوى ، وتحريكا لما هو ثابت . وهو بتغير آخر حفريات أركيولوجية ، فى وعى ولا وعى الكاتب والكتابة معا . الإخراج الجيد لا يكتب من خارج النص . ولكن من داخله . أى أنه يوجد لغته ، ومضمونه ، ومفرداته ، المنظورة والمسموعة – من جوف المفردات اللفظية .
ولعل أول شوط الإخراج هو أن يمتد حبل الحوار بين المخرج والنص . وهو حوار يقوم على التقابل والتضاد ، وتفاعل السلب والإيجاب . وبهذا يقرأ المخرج النص ويكتبه . يقرأ رموزا على الورق ، ثم يكتبه على الفضاء ، أو داخله ، يكتبه بالممثل والحركة ، واللوان ، والضوء ، واللباس ، والشكل ، والحجم ، والكتلة . ولقد نجح المخرج منصور المنصور فى أن تمثل النص تمثيلاً سليما . وذلك لأنه أعطانا وحدة " كتابية " يذوب فيها المؤلف والمخرج معا ولا نعود نبصر أمامنا إلا المسرحية .
لقد عمد الإخراج إلى أن يصنع واقعا جديدا . فيه شئ من الحلم ، وشئ من الواقع وبذلك فقد وظف كل الأدوات الفنية . وذلك من أجل أن يجسد هذا العالم الطفولى الشفاف . ويبقى أن نسجل أن المشاهد الواقعية كانت أقل نجاحا من المشاهد الفنتازية فما السبب فى ذلك . هل يرجع ذلك إلى طبيعة الطفل ؟ أم إلى طبيعة الكتابتين النصٌية والإخراجية ؟ لقد كانت مشاهد الأمير جادة وجافة – فى شفاف وغير جاد – كانت واقعية فى فضاء غير واقعى . ولعل هذا ما جعل تلك المشاهد أقل حرارة من المشاهد الأخرى .
الأخراج الجيد يبدأ من اختيار النص الجيد . وفى هذا كان منصور المنصور موفقا . ثم إن هناك شيئا آخر – قد لا نعيره ما يستحق من اهتمام – وهو مسألة توزيع الادوار . نوزيعا حقيقيا وعادلا . إن الأساس سواء فى الحياة أو المسرح – هو أن يكون الرجل المناسب فى الدور المناسب أو فى الوظيفة المناسبة وبهذا تسير المسرحية / الحياة نحو الاكتمال والنجاح . مرة أخرى نسأل .
هل كان المخرج موفقا فى توزيع الأدوار ؟ هذا ما سوف نجيب عنه عند حديثنا عن الممثلين .
الديكور : يمكن أن نسجل أن مصمم الديكور كان ذكيا لأنه تنبه إلى إليه الإخراج .
وهو بنية النص القائمة على جدلية الأعلى والأسفل . لذلك فقد أوجد مستويين مكانيين .
الأول مرتفع ، والثانى منخفض . فهناك إذن حوار مكانى يوازى حوار الشخصيات . وسندريلا فى الأسفل تتطلع إلى الأعلى . والأمير فى الأعلى يطل على الأسفل وبين المستويين تنتصب سلالم تربط بينهما .
كثيرا ما يكون الديكور مجرد كتلة ثابتة . كتلة صمَاء وخرساء . لا تقول شيئا ولا تشير إلى شئ . وبذلك يصبح خلفية غريبة . عن الممثل والجمهور معا . وبالنسبة للديكور فى مسرحية ( سندريلا ) هل أدى دورا معينا . وإن كان كذلك .
فملا هذا الدور ؟  
نعرف أن المسرحية عبارة عن مشاهد عديدة . وهى بذلك انتقال سريع داخل المكان والزمان . الشئ الذى جعل الديكور يعطى الإطار الحقيقى للمكان ، وللوضعية الاجتماعية التى يمثلها . فالديكور المسرحى ثوابت ومتغيرات . وأن القطع السيوغرافية المتغيرة هى التى تغير المناظر ، الحارة ، القصر ، السوق ، الشارع .
الملابس / الماكياج : يقول المثل الفرنسى . اللباس لا يصنع الراهب . ولكنه مسرحيا يصنعه . أو يساهم فى صنعه ، مصمٌم الملابس فى المسرحية مطالب بأن يوجد اللباس المناسب للدور المناسب . فهل أعطتنا رجاء البدر الشخصية فى اللباس . هلى أعطتنا النفسية والذهنية والوضع الاجتماعى والانتماء الزمنى والمكانى للشخصيات .
إن الزمن فى المسرحية غير محدد . والمكان أيضا . فالأحداث تدور فى مدينة غربية . مدينة تقع على الحدود بين الكائن والممكن والمحال وبذلك جاءت الملابس تركيبا اللواقعية والفنتازية ، إنها اجتمهاد يقود على المزج بين المعروف والمجهول . بين ما هو محسوس وملموس وما هو متخيل .
جماليا . كان اللباس مقنعا ومنسجما مع الجو العام للمسرحية . فهو أيضا يقوم على جدلية الأعلى والأسفل . كما أنه يضم كل الألوان التى لها علاقة حميمة بعين الطفل ، تلك العين الظمأى إلى الألوان الصارخة والأشكال الغربية .
الماكياج فى المسرح :
قد يكون تلوينا داخليا . وقد يكون مجرد أصباغ خارجية . ولا يكون الماكياج ناجحا إلا عندما يكون منسجما مع الألوان النفسية الداخلية . أى أن يكون استجابة للتلوين النفسى الباطنى . وذلك حتى يعكس حسيا الطهارة والبراءة أو القبح والحقد والإجرام . فمسرح الطفل لا يمكن أن يقوم بدون ماكياج .
هناك مسرحيات عديدة لا شئ فيها سوى الماكياج ، والملابس لا شئ غير أصباغ صارخة على الوجه مرسوم بعشوائية مقصودة . كل ذلك من أجل ابتزاز الضحك من الجمهور . فالمهم هو دغدغة عين الطفل ، ولو عن طريق ارتداء الملابس بالمقلوب ، ووضع الطراطير على الرأس ، وانتعال الأخذية العملاقة .
لقد كان المكياج فى المسرحية رصينا . فقد أعطى الحيوانات حقها . وأعطى الشخصيات ما تحتاجه بدون مبالغة .
وعن التمثيل . وماذا يمكن أن تقول :
الملاحظة الأولى :
هى أن بهذا العمل المسرحى طاقات فنية مهمة . فهناك اقتناع داخلى لدى الممثلين بما يفعلون . اقتناع بالمسرح – مسرح الطفل وبالمسرحية – سندريلا ، يترجم هذا الاقتناع الحرارة التى تودى بها المسرحية . تلك الحرارة التى تجلت بشكل واضح فى تلقائية التمثيل ، وعفويته ، وفى حيويته وصدقه .
لقد تألفت أسماء فى الأداء – سواء بين الممثلين الأطفال أو الممثلين الضيوف – فسندريلا " هدى حسين " كانت بحق سندريلا . فالممثلة هى الشخصية .
إنها هى فى كل شئ – فى الكليات والجزئيات – فى رقتها وطيبتها . وفى فقرها وغربتها وبراءتها وحسنها والامها وامالها . أما ثنائى الأختين – لئيمة وفهيمة – فقد تعاطف معه الأطفال الصغار ، مع أنه يمثل الجانب المضاد للبطلة سندريلا . هذا الثنائى يشكله " سحر حسين " و " انتصار الشرٌاح " . الأولى رفيعة والثانية بدينة . وهما بذلك على خلاف مادى جسدى مع بعضهما .
كما أنهما على خلاف نفسى سلوكى . فالثنائى يعتمد على المبالغة فى الأداء ، وعلى التعبير بالإيماءات والحركات الفاقعة . هذه الكاريكاتورية مطلوبة لذاتها لأنها تعطى للشر صورة مكبرة ومشوهة . أما الأم      " أسمهان توفيق " فقد جسدت حيرتها بين ابنتها وغفلتهما ، وقبحها ، ونباهة سندريلا وجمالها . أما الأمير " حسين المنصور " فقد قدم لنا نموذجا للأمير / لالموديل . الأمير المعروف وقد قدمه بشكل واقعى . فى الوقت الذى كان عليه أن يقدمه بشكل فنتازى وذلك حتى يكون منسجما مع الجو العام للمسرحية . وما قيل عن الأمير ينطبق تماما على الوزير " حسن البدر " لأنه أيضا كان جادا فى أجواء مرحة وشفافة .
ثلاثى الحيوانات الصغيرة كان مرحا ، حيٌا وراقصا . تخضع نحركاته لخطة كوريغرفية بديعة .
هذه إذن . هى مسرحية " سندريلا " مجهود جاد وطيب . يعكس اهتمام الإنسان العربى فى الكويت بأجياله القادمة .
ويبقى أن الذين ساهموا فى إنجاز هذا العمل الفنى ، من قريب أو   بعيد ، أكثر من أن تستوعبهم هذه الدراسة . إن المسرح عمل   جماعى ، جوانبه الخفية أكبر من جوانبه الظاهرة والعاملون فى الظل . لا يقلون خطورة عن العاملين فى الضوء ، فتحية لكل التقنيين المسرحيين الذين يشتغلون فى صمت .
عبد الكريم برشيد    
 

الأحد، 4 ديسمبر 2016

يسرى الجندى العظيم 1

يسرى الجندى العظيم صديق عمرى الكاتب المسرحى والسيناريست حدث منذ عشرين عاما حين كان وقتها مسؤلا عن المسرح فى الثقافة االجماهيرية اذ جاءنى الى البيت فى الهرم فنان مخرج مسرحى تعارفت عليه وهو استاذ فى معهد التمثيل وهو مهذب وراقى ولطيف الحوار اسمه ابراهيم الفو وحدثنى عن ازمته المالية ويحتاج الى عمل شريحة فى الثقافة الجماهيرية ويريد نصا مسرحيا لى هو حكاية الفلاح عبد المطيع على ان يقدمه فى اى اقلبم من اقاليم مصر واى فرقة فذهبت معه الى يسرى الجندى الى مسرح السامر ومعى نسخة منالمسرحية نظر لى يسرى قائلا احنا مقصريين معاك ياسيد ولازم نقدم لك عملا ولو ان الخطة وضعت لكن اعطينى فرصة يومين حتى ادبر لك اى مكان لتقديم نصك مع ابراهيم الفو فرح ابراهيم ..وجلسنا على قهوة خلف مسرح البالون نشرب الشاى وبعد يومين اتصل بى يسرى الجندى وفال هات المخرج بتاعك وتعال فذهبت انا والاستاذ ابراهيم الفو وتعاقد معه وحدد له موقعا ولم اسال اين المكان ..وانشغلت بالكتابة و بعد شهرين ذهبت الى الثقافة الجماهيرية فى مسرح السامر فوجدت الاستاذ ابراهيم الفو فقلت له ايه اخبار البروفات بتاعتنا قاللى وهو يبتسم ابتسامة باردة والله انا اخترت نصا آخر لمؤلف اخر هههههه معلش سامحنى نظر لى يسرى الجندى العظيم وقال لى لانتدهش ..وسكت ثم قال تشرب قهوة ..قلت سادة ..من روايتى كل من عليها خان الجزء الثانى

الحوار الأول حول الغموض و اللا معقولية .. أجري في الثمانينات

حوار مع الكاتب المسرحى السيد حافظ
حول الغموض أو اللامعقولية فى معظم مسرحياته
*****
  • بعض مسرحياتك .. الحوار فيها يتسم بالغموض أو إن شئت باللامعقولية . فلماذا ؟
  • كيف غدت الأمة العربية غابة حزينة.. سوريا على خلاف مع العراق وليبيا على خلاف مع مصر والسودان واليمن صار يمنين.. والأرض العربية تسقط باكية.. ونحن نجلس على المقاعد ندغدغ الأحزان وربما نرقص أو نتظاهر باليأس.. أحياناً يفقد المعقول نفسه فى واقعنا.. تكاد أن تصعق وانت تسمع الأخبار وأحياناً تقول نفسك إن زمن المعقول قد مات.. وإنك لم تعد كما كنت فى زمن كل شئ فيه غير معقول.. نحن فى زمن الخيانة.. خيانة النفس.. القضية الموقف – التاريخ .. أنت يا صديقى أمام الشخصية العميقة الطاهرة فوق تاريخنا المعاصر الخائن.. صوتنا مبحوح.. ومشنقة تنتظرك فى كل سطر تكتبه وكل جملة تكتبها فى حشاها نجمة من نار.. وكل ورقة تكتبها فى عمل بنبض شريف هى كفن للعفونة الفكرية المنتشرة.
وبعض الشخصيات التى أكتبها عاشت هزائم الأمة العربية موصومة بالإهانة . مليئة بالغضب محاصرة بأرواح الجاهلية .. لذلك فهى احياناً تفر خائفة أو تواجه العاصفة واللغة جرح الإبداع لذك فالغموض ظاهرى.. واللامعقولية هالة ظاهرة.. والفن يعطى الإيدلوجية المساحة الرحبة والايدولوجية هى شريان الفن والأديب الملتزم قد يصل أحياناً إلى تجنيد نفسه لخدمة اللحظة الأنية. هنا يفقد الأديب فنه وحينئذ يصاب بالإحباط ذاتياً وإن نجح خارج ذاته اجتماعياً وحزبياً.. وإن انتحار مايكوفسكى لهو دليل واضح على هذا. أما إذا أعطى الأديب نسه حرية الحلم فإنه يمنح الواقعية بعداً جديداً. أكثر من البعد الفكرى فيكون فنه انسانياً وعميقاً والفن ليس خطبة سياسية وليس مقالاً. إنما له أبعاد جمالية وفنية وإنسانية وفكرية ولذلك فإننا مطالبون بتغير الخارطة الثقافية والفنية وتجاوز مرحلة المراهقة الفكرية وقد قيل من قبل أن مسرحية جيدة أفضل من خمسين نظرية سياسية.
  • كتبت القصة القصيرة .. فهل فعلت ذلك لأن المسرح لم يسعفك فى أن تقول ما تريده أو أن النوع الادبى فرض نفسه عليك ؟
القصة القصيرة " مشكلة" هى الشهادة .. الرؤيا.. هى الإدانة على عصر المهرجين والخصيان.. هى الثورة .. هى طعنة غادرة للواقع وغوص فى عمق اللحظة الطاهرة.. واللفتة المحرمة.. لا أدرى من أى الأبواب تعارفنا أنا وهى .. القصة القصيرة هى هجرة للوعى المخزون إلى الورق لإحتواء الواقع ببعد جمالى وفلسفى.. وفنى خاص.. كتبت القصة على استحياء وكتبت المسرح على استعلاء.. وما بين الاستحياء والاستعلاء عشت مع الكلمة النزيف.
  • تركت مصر مبكراً.. هل يمكن أن تحدثنا عن الأسباب التى دعتك إلى هذا ؟
الهجرة " انقاذ " ولست هروباً.. نعم كان جيلنا أمام ثلاث اختيارات :
أولاً : دخول السجن كما حدث وأن سجن السادات مئات الكتاب والمثقفين.
ثانياً : الجنون وهذا حدث نتيجة الضغوط النفسية والاقتصادية وسقط فى هذا " الفخ " وهذا الدرب الكثيرون.. منهم على سبيل المثال لا الحصر .. نجيب سرور رحمه الله .. محمود دياب.
ثالثاً : الهجرة  وهى أضعف الإيمان وأضعف طرق المواجهة والحفاظ على نفسك. حتى إذا جاء دورك كنت " النورس" وكنت " القبضة" وكنت " الطلقة" وكنت " الفكر " للناس.. لا حل.. لا مخرج .. من خرجوا من السجن كان بعضهم أكثر صلابة وبعضهم أكثر عفونة من السلطة.. وبعضهم ضاع نفسياً واجتماعياً حين اكتشف أن زميله يقوم بدور المخبر السرى عليه.. ومن أصيب بالجنون تحول إلى أكثر شراسة من ال جنون (الفرد العادى) حيث أن جنون المثقف يعنى انتحاره تاريخياً.. والبعض قد فضل الهجرة إما إلى داخل الذات .. فاتجه البعض إلى الحل عن طريق الصوفية والطريقة الشاذلية أو اتباع السنة المحمدية والبعض هجرة إلى الخارج بحثاًعن الأمان والخبز والبعض نسى أن هجرته من أجل الفكرة وتحول إلى تاجر بالشعارات والكلمات وأصبح دولارياً أو دينارياً ويكتب فى كل الصحفة العربية وحسب كافة الاتجاهات..
حتى فى الصحف التى تصدر فى أوربا تلك الصحف إلى لى رأي فيها أنها قمة النضال والحرية وقمة الانحطاط والسفالة الفكرية وهى تحمل الإزدواجية التى عهدناها فى العقلية العربية والبعض يماسر المزايدة الفكرية الوطنية باتهام من هاجروا للخارج أقل وطنية وفى سوق التاريخ والنضال قد يكتشف أن من يتهمك ما هو الا عمي للمخابرات أجنبية ويرتدى قناع الوطنية.
  • مكتب عدة سنوات فى الكيوت بعيداً عن أهلك وجمهورك فى مصر.. ما أثر ذلك على العملية الإبداعية عندك ؟
  • من مصر المحروسة خرجت عام 1976 .. انتظر الأبواب السبع أن تفتح لى.. لم انظر للخلف وودعت صيف 1976 فى مصر وأنا أعبر بجوازى سحب البحر المتوسط متعباً صوت المجهول للخليج.. حيث عشت تجربة كاملة حياتية.. سجلتها فى رواية كتب منها جزءاً لا بأس به تحت عنوان "مسافر بلا هوية" .. عشت أياماً لا أدرى ما لونها وما طعمها وما شكلها وعشت أياماً خلف الصحف الكويتية الرائعة.. كانت أيامى عطشى لنبض مصر وجوعى لمشاهدة العالم.. ومن لكويت خرجت لمشاهدة دول خليجية أخرى كمراسل صحفى وتعرفت على جزء من الوطن العربى لم أعرفه من قبل.. تعرفت فى الخليج على كتابه وأدباءه ولا تعرف الأشياء الا بعد أن تلمسها بحواسك الخمسة .. مرت الكويت على وجهى ومرت منازلها فى رئتى .. فى مصر كان الميلاد وفى الخليج كانت الإقامة ومحل العمل.. كنت أشعر وأنا خارج مصر أننى خارج البحر.. وإننى اخترت الصحراء.. لا شئ هنا أو هناك ينقضى الا توهج الابداع.. ولكننى فى الخليج قابلت الصعاليك بعد عامين.. صعاليك الأدب والفن وبدأت أتسلل إلى خندق الابداع من جديد.. لقد تركت فى مصر أرض معركة الإبداع ولكنى كنت أمام جمهور آخر.. حقاً لقد تأخر وصول أعمالى لجمهور المسرح فى الكويت عدة سنوات والسبب يرجع إلى عدم معرفتى بالخارطة المسرحية الحقيقية فى الخليج فلقد تقابلت للأسف مع عناصر مدعية فأثرت على مرأى.. مما جعلنى عندما أقابل فناناً موهوباً مثل صقر الرشود لم نستطع أن نصل إلى نبع العطاء الفنى.
ولكننى أخيراً تقابلت فى عام 1983 مع المخرج منصور المنصور والسيدة عواطف البدر وحققنا بفضل الله نجاحاً لم يحدث من قبل فى مسرح الطفل عن طريق مسرحية " سندريلا" ..
إن البعاد عن الأهل والوطن هو معاناة كبيرة والمعاناة الأكبر أن تكون وسط أهلك ووطنك وتعانى من رؤيا الفقراء الذين تنتمى اليهم والمثقفين المنبوذين الجياع وأن تملك أعظم سر فى الإنسان ألا وهو سر التمرد الاجتماعى. فى زمن شهود الزور.. وكتاب الزور.. وانصاف الكتاب ولا نضطر لأن تحنى الرأس أمام مدعى الثقافة والكتابة ومافيا النشر..
  • لك مسرحيات عرضت فى الكويت وبغداد .. كيف تلقى الجمهور العربى أعمالك وما هى انطباعاتك.. بعد تقديم تلك العروض..؟
  • فى العراق كان اللقاء الحميم بجمهور مثقف واع لا يخدع . جمهور مثقف يملك روح الحضارة.. والطبيعة الحية أعطته دوراً كى يبرز فى ساحة التاريح كشعب وحضارة أولاً على المستوى الأكاديمى.. قدم المخرج "وليم يلدا" مسرحيتى الطبول الخرساء فى الأودية الزرقاء فى أكاديمية الفنون – المعهد العالى للفنون المسرحية ودرسها الطلاب كمشروع للتخرج ونفذوها واستقبلتها الصاحافة استقبالاً طيباً عام 1977 – 1978.
وعلى المستوى الجماهيرى فى عام 1981 قدم الدكتور سعدى يونس مع فرقة العراق المسرحية مسرحيتى " حكاية الفلاح عبد المطيع" والتى سبق وأن نشرت فى عام 1980 فى جريدة الوطن واتذكر أن الزميل محمود الريماوى أعجب بها ونشرها فى ملحق جريدة الوطن.. وكتبت الصحافة العراقية النابضة الحية عن هذا العمل المسرحى عدة مقالات فى جريدة الثورة – البعث – مجلة فنون – مجلة ألف باء تاء.. ومجلة فنون العراقية وقدمت إذاعة بغداد وصوت الجماهير عدة برامج عند المسرحية كما قدم تلفزيون بغداد ندوة عن المسرحية كما كتب عنها فى صحف باريس وفى الكويت.
وفى الكويت قدمت مسرحية " سندريلا " للأطفال وحققت أعلى نسبة جمهور لمسرح الأطفال – أعلى دخل لمسرحية أطفال – أكبر توزيع فى أشرطة الفيديو لمسرحية أطفال كتبت عنها ثلاثون مقالاً فى كافة الصحف بين مادح وقادح ومتحمس وحاقد وهادم وقررت المسرحية على طلبة جامعة الكويت (قسم علم نفس وأدب شعبى) أو المعهد العالى للفنون المسرحية قسم نقد ولقد كانت الجماهير دائماً هى الحكم أما الذين يحاربوننى من هؤلاء المدعين يقولون أن أعمالى لا يفهمها الجمهور ويحملون خناجرهم فى الكتابة أو التهويمات حتى يبعدونى عن زنابق الجماهير ونجوم الحب التى تمنحها للعمل الذى تحبه.. إن الجماهير منحتنى الكثير فى العراق وفى الكويت وفى مصر .. إننى مع الناس لأن الناس هى معجزة الأرض التى خلقها الله.. وهم يملكون زمام الطريق الصحيح لنا ككتاب وكفنانين.. ثم لا أنسى ما حققته مسرحية " الشاطر حسن" فى الكويت مع المخرج أحمد عبد الحليم.
  • ما رأيك فى تصنيف المبدعين إلى أجيال... وهل تعتقد أن جيل الستينات قد حقق شيئاً وما هو وبالمناسبة من أى جيل تعتبر نفسك ؟
·         قلت سابقاً لا يوجد أدب شبان وأدب عجائز.. وهذا مصطلح خبيث أو تعويذة سرية أطلقها بعض الخبثاء وتبنتها بعض الاتجاهات بحسن نية دون أن تدرى أن هناك من يرغب فى خنق الإبداع العربى لأن فى الوطن العربى (مافيا) الثقافة التى تغتال الإبداع وتخنقه دون ترك أى أثر للبصمات وفى نفس الوقت تسير فى جنازة القتيل بمقالات لك لو سألت ثلاثة كتاب عن رأيهم فى نتاج بعضهم لا تجدهم يتفقون على واحد منه. نفس الشئ يحدث فى كل مهنة.. ولكن فى الأدب وللأسف الكل يطعن فى الكل وأدب الشبان والعجائز " تعويذة سحرية" لخنق الإبداع.. أما الأدباء الذين ظهروا فى مرحلة الستينات كانوا أصحاب رؤية اجتماعية جادة واكبت طموحات العرب فى تلك الفترة فكانت متوهجة وطموحة وغازلت أحلام الجماهير.
ولم تدفع الجماهر إلى مرحلة الوعى .. أو الموقف.. مما أدى إلى :
1-افتقار معيار الموضوعية العلمية أمام مسئولى الحركة الثقافية فى الوطن العربى .. فمعظم المسئولين عن الثقافة أى 90% منهم لليس لهم شأن بالثقافة.
2-تقاعس معظم النقاد الكبار أمثال د. على الراعى.. ود. عبد القادر القط .. د. جابر عصفور.. د. عبد المحسن طه بدر.. الخ.. وإلا بما يسميها بالظاهرة النفطية وتحول النقاد إلى مداحين ومنافقين لأى ظاهرة أدبية من الخليج العربى أو الكتاب فى مجالات جيدة عن الأدب والفن.
3-الهزيمة الفكرية خيزران 1967 أدت إلى تفسح ثقافى وسياسى واجتماعى وحتى الأن لم تجد أى شئ يدعونا للتفاؤل التاريخى. أما عن انتمائى فأنا انتمى إلى كتاب المسرح الهواة.. واعتبر نفسى من المبتدئين بدأت الكتابة فى عام 1967.

  • أنت أيضاً مهموم بالكتابة إلى الصحافة كيف تجد الوقت لكل ذلك وأنت رب أسرة ؟
  • ثمانية أعوان وأنا أكتب فى الصحافة الكويتية وكمراسل صحفى للمجلات الكبرى التى تصدر فى أوروبا .. الصحافة هى حركة رئتى المبدع.. وهى بالنسبة لى رئتى التنفسى.. نعم الصحافة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتى ولا اعتبر نفسى صحفياً ولكنى اعتبر نفسى " كاتب فى صحيفة" وهذا لا يمنع أننى دخلت " مطبخ" الصحافة واستطيع أن أقوم بأى عمل فى الصحيفة وفى أى قسم من أقسامها ولقد استفدت من قسم الوفيات والقسم السياسى والاجتماعيات والثقافى والفنى. والاقتصادى والمحليات.. نعم استفدت كثيراً ولذلك عرض على أن أكون مدير لتحرير مجلة كبرى تصدر فى أوربا ولكننا اختلفنا فى اختيار فريق العمل معى .. الصحافة هى لغة هذا العصر ولكن كيف أجد الوقت لكل ذلك فهذا موضوع آخر لقد جذبتنى الصحافة من الكتابة الإبداعية حتى أننى سعرت برغبة فى تحديد نوعية عملى فى الصحافة والعودة للابداع. وهذا جعلنى فى الشهور الأخيرة 1ذ953 حددت نوعية ما أكتبه فى الصحيفة واهتم بالكتابة الابداعية.
  • لماذا اتجهت إلى مسرح الطفل والكتابة للأطفال ؟
  • لأننا فى الوطن العربى نغتال الطفولة.. وندوس على براءتها ونغلق على الطفولة خيبتنا وهزائمنا ونسحق أدمغة الأولاد بمسلسلات هزيلة وبرامج سخيقة .. إننى أنقذ الطفولة مع الكتاب الجيدين الذين ساهموا من قبلى فى هذا المجال والذين يساهمون الأن.. فى محاولة أخيرة لانقاذ الأجيال القادمة قبل حدوث الطوفان.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More