Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 28 يونيو 2021

مقدمة كتاب التنوع الدلالى فى مسرح الطفل ما بين التناص والتراث والإخراج

 

مقدمة كتاب

التنوع الدلالى فى مسرح الطفل

ما بين التناص والتراث والإخراج

بقلم : نجاة صادق الجشعمى

 


إن هذا الكتاب يضم كوكبة من النقاد والأدباء والصحفيين والمخرجين من المحيط إلى الخليج حول مسرح الطفل والتجربة الثرية التي خاضها الكاتب السيد حافظ الذي له مشروع متكامل في مسرح الطفل يضم ( 18 ) مسرحية قدمت في تونس والبحرين والإمارات والكويت وقطر والعراق والمغرب. والكتاب الرائعون في هذا الكتاب من مصر والعراق والمغرب وتونس والجزائر والكويت وفلسطين. وهذه التجربة للكاتب العربي المصري لم تتكرر في تاريخ المسرحي العربي خاصة مسرح الطفل حتى الآن .

وقبل أن نبدأ في تقديم هذا الكتاب بشكل تنظيري لابد وأن نبدأ أولاً بمفهوم الطفولة والأسرة ودور المدرسة والمؤسسات المهتمة برعاية الطفولة وتأثيرها على اكتشاف وتنمية المهارات الفنية والعلمية والأدبية والرياضية ....

استهلال لابد منه....

بداية من الأسرة التي هي مهد نشأة الطفل وغرس القيم والأفكار والاخلاق نعترف أنها مهمة صعبة ومعقدة وعمل شاق يحتاج الى جهد عظيم لأنها أي (الأسرة) هي المحور الأساسي والنواة في حياة الطفل وتعتبر الجهة المسئولة عن تربيتهم وتوجيه وتعديل السلوك وذلك عبر مراحل النمو التي يمرون بها. ومن هذه السلوكيات التي يتعايش معها الطفل في أسرته (الأم والأب وأفراد أسرته المقربين) يتزود بكنز من الأفكار والقيم والمبادئ كالحب والكره, الخير والشر, احترام الآخرين, التسامح والعفو, والغضب فيفرق بين التناقضات لهذه السلوكيات لكن هذه السلوكيات تنعكس على شخصيته فينشأ الطفل وهو حامل المقاومات الدفاعية للسلوكيات المغايرة ويصبح يشعر بالحب والمحبة والأمان وينكسر لديه حاجز الخوف وينمي فيه التعبير عن الذات والرغبة في التعلم والعمل بكل ما يوجهه له الوالدان من نصائح. ثم المحور الثاني لتنمية شخصية الطفل تربوياً هي (المدرسة) فالطفل عند التحاقه بالمدرسة منذ الساعات الأولى هنا يكمن دور المدرسة والمعلم إذ يقضي (التلميذ) ذلك الطفل معظم وقته في المدرسة ويختلط مع أطفال من أسر أخرى وسلوكيات وأفكار أخرى وكذلك المبادئ أيضاً متنوعة لهذا يكون عمل المدرسة عموماً والمعلمة خصوصاً عمل شاق ومتعب لكنه مثمر يخلق شخصية هذا الطفل الصغير ويكمل ما غرسته الأسرة ليكون شخصية قيادية سوية محبة للإنسانية والوطن والحياة والتطور فالمدرسة تقوم بمساعدة الأسرة في تقويم وغرس وتحسين سلوك الطفل من خلال الاندماج مع الأطفال الذين يماثلونه بالسن فيتكيف الطفل وتترسخ تلك السلوكيات معه (الطفل) مدى العمر وهذا ينجح من خلال الأنشطة المختلفة وارتباطها بثقافة المجتمع السائدة, أي خلق جو اجتماعي مبني على التعاون والالتزام والاحترام. وهنا تقع على عاتق المدرسة بصوره عامة والمعلم بصورة خاصة الاهتمام وتنشئة وإلقاء النظر على المهارات والتعامل مع الطفل وفق الشخصية, الطفولة, النشأة الاجتماعية, والميول والهوايات, والسلوك. ومن الجدير بالذكر هناك أفعال ووسائل متنوعة ومختلفة لتنمية شخصية الطفل واكتشاف مهاراته وميوله وأهمها الأسرة والمدرسة وتعاونهما ببناء شخصية الطفل السوي وذلك بمتابعة الطفل كأن تقوم الأسرة بعمل جدول زمني أسبوعي للأعمال التي يقوم بها الطفل أثناء وجوده بالبيت. هذا يعمل على تقويم الطفل, مثلا هل هو اتكالي, انطوائي, عدواني؟ هل يرتب أشياءه أم يدعها مبعثرة؟ ملابسه كتبه, ترتيب السرير, هل يلتقي بأصدقائه؟ كيف يتعامل معهم؟ عندما يخرج بنزهه كيف تكون تصرفاته؟ عند اصطحابه إلى دور السينما والمسرح هل يتفاعل ويقوم بتقمص الأدوار للشخصيات؟ عند التخطيط لتركه بالبيت وحده, كيف يتصرف؟ عندما يصحبه والده لدور العبادة أو اصطحابه للعمل سواء مع الأم أو الأب هل يشعر بالملل؟ أم يعبث بالأوراق والسجلات؟ كل هذه تكتب وتسجل لتقويم سلوك الطفل حتى يتسنى معرفة ميوله ورغباته المستقبلية.

 

السؤال هنا:

بما أن الأسرة (الأب والأم) النواة الأولى لتعليم الطفل, كيف تكون هذه الأسرة ؟

بما أنه المهمة الملقاة على الأسرة صعبة جداً إذاً يجب على الأب والأم التعاون أولاً ثم التحلي بالصبر وانتقاء الألفاظ وتشجيع الطفل معنوياً وأحياناً مادياً إن استوجب الأمر ذلك. التحدث مع الطفل حول أهمية كل فرد للمجتمع وأهمية المهنة التي يقوم بها, وذلك بأمثلة حية ويلتزم بالوعود التي يوعد بها الطفل كي يتعلم الصدق والوفاء وتقيم الأعمال والأشخاص. التحدث مع الطفل بهدوء دون استخدام الصراخ والعقاب لأنه سوف يعرض الطفل للإحباط , اعطاء فرص للطفل في المشاركة ليتعلم معنى العمل التعاوني والوحدة والحرية, مشاركة الطفل في التمرينات الرياضية سيقوي البنية البدنية وتقويم جسده وعقله وحبه للرياضة.

كل هذا من أجل كشف قدرات أطفالنا الفنية الخاصة بالتفكير والاختيار والتعليم الجمعي والتدريب والتعبير عن قدراتهم وميولهم وقدراتهم الحسية وسرعة الاستجابة والحركة والتخلص من الخمول والانطواء فخلاصة ما تقدم يتبين لنا الآتي: الأسرة بالدرجة الأولى هي التي يقع عليها العبء الكبير واللبنة الأساس لاكتشاف شخصية وميول واتجاهات الطفل المستقبلية بالإضافة إلى مساعدة التربية والتعليم ومؤسسات الدولة المتمثلة بالقنوات الفضائية والمسابح والمسارح ودور السينما والمتنزهات ومدن الألعاب والملاهي للأطفال وبرامج الأطفال التي تبثها القنوات التلفازية والإذاعية والنشاطات المدرسية كلها متعاونة في خلق شخصية الطفل ..وأهم الخطوات لاكتشاف ميول الطفل الإبداعية في سن مبكر. كما أوضح ذلك الدكتور (كمال مغيث) الخبير التربوي والباحث في المركز القومي للبحوث التربوية, بقلم (بسمة مشالي) في (مصراوي الالكترونية) في 27/ 10 /2017 , قال : بما أننا ظالمين أطفالنا معنا ونعمل على إجبارهم لتنفيذ الكلام وتقنين إبداعهم فعند شقاوة الأطفال ولعبهم بأثاث المنزل يثير الطفل غضب وانزعاج الأم أو الأب وبالتالي يعرض نفسه لأساليب كثيرة من العقاب دون وعي من الأسرة بخطورة ذلك, فيوضح الدكتور (كمال مغيث)

ثلاث خطوات لاكتشاف مواهب الطفل في سن مبكر وكيفية تنميتها :

1-     حرص الأسرة على توفير مشاعر الحب والثقة والأمان للطفل بشكل كبير ليطلق العنان للطاقة الكامنة بداخله المليئة بالفكر والإبداع..

2-     واجب الأهل تعزيز المواهب لدى الطفل وعدم إنكار أهميتها واظهار إعجابهم للطفل حتى لو باتت تافهة وغير مهمة على سبيل المثال.. الفتيات تفضل وتحب اللعب بالدمى وتلعب بالفطرة دور الأم وكذلك الرسم والتلوين على الحائط من الممكن أن يكشف عن موهبة الرسم عند الطفل...

3-     إجراء حوار بشكل مستمر بين الطفل والأسرة ومراقبة سلوكيات الطفل واهتماماته والأمور التي تجذب انتباهه وتركيزه وتشجيعه على التعبير والمحادثة...

فمن خلال هذا الكتاب ومن خلال الدراسات التي كتبت بأقلام عباقرة النقد الأدبي في الوطن العربي نجد أننا وببساطة شديدة أمام نظام تعليمي للأسف أصابه الخلل وانعكس ذلك على منظومة التعليم وأثر سلبياً بشكل أو باخر على الطفل, فأين مهنة التعليم وأين دور المعلم الذي أصبح يلهث وراء لقمة العيش بالدروس الخصوصية, والتقصير في واجبه أصبح الغائب الحاضر, بالإضافة إلى أساليب العنف والقهر والسيطرة والاستعباد التي يتعرض لها الوطن العربي والحروب والعنف والتهجير القسري والتشرد بالنزوح والاندماج مع مجتمعات أخرى بعيد كل البعد عن واقعنا الاجتماعي وأفكارنا جعل الطفل أمام منعطفات متشابكة وأسلاك شائكة من الأفكار والقيم وبالتالي أدى الى اهمال الطفل وميوله وقدراته وتناسي بذور النماء والتطور ومحط الأمل وقبلة الأحلام والرجاء علماً أن هذا الطفل هو كائن لا يفهم ولا يعي ولا يدرك جعله القدر أن يكون أسفل هرم البناء فيما إذا ولد بأسرة مفككة, بهذا تكون عاملاً رئيساً للانحراف والإجرام كذلك التعليم أيضاً قد يساهم فيما إذا كان المعلم والمنهج لا يخضع لتنقيح من قبل المختصين وأيضا الأهم الأنشطة المدرسية والعروض المسرحية فيما يتعلق بمسرح الطفل والنصوص المسرحية المخصصة للأطفال) إذا ما كانت تحمل الأفكار والقيم الأخلاقية التي تناسب مجتمعنا) الطفل يحمل خيالا خصبا خاضع لعملية الغرس وزراعة الأفكار وبرمجة العقل والميول بحيث تشبع رغبته في التخيل بنفس الوقت نربطه بالواقع الذي نعيشه وذلك عن طريق كتابة الحكايات والقصص الخاصة بالأطفال وفق المراحل العمرية.. أيضاً النصوص المسرحية يجب أن تنمي الأحاسيس وباستخدام أسلوب بسيط سهل غير معقد لأنه تعود على المحاكاة وتصحيح المفاهيم والقيم بشكل مبسط يماشي الطفل عقلياً وتلقياً واستخدام الطبيعة من حوله كالأشجار, الحيوانات, قصص الأنبياء, قصص الواقع التي يعيشها الطفل, تقديم الترغيب, ممارسة التكرار لترسيخ العادات الصحية كتناول الطعام أو غسل الأسنان والنظافة وشرب الحليب للصحة جيدة بعيدة عن الأمراض, أو نص يحقق الحب والأمان وذكر الجنة والنار أمثلة للعقاب والثواب, أو الابتعاد عن المخاطر

والأدوات الحادة واللعب بها والعبث بالنار وغيرها لنغرس عند الطفل المساعدة والإسعافات

الأولية وتجنب المخاطر. لكي نعلم أطفالنا القيم والاعتماد على النفس والإبداع في التفكير والوفاء للذين علمونا ولننمي القراءة عند الصغار ونوجه أعمالنا لتكون مناسبة لميول أطفالنا وخبراتهم وصقلها والتوازن بين احتياجاتهم للعب والتعليم. وأن تكون النصوص تدور حول واقعنا الاجتماعي ملائمة لأعمارهم بعيدة عن المغامرات البوليسية والقتالية العنيفة أي كما يقول الكاتب الكبير السيد حافظ في نصوصه الخاصة في (مسرح الطفل) تجلب المتعة والسرور.. تحرك وتنمي الخيال.. يستخدم الحوار في تذكير الأطفال (البطولات العربية. الشجاعة. المغامرات) التشويق بأسلوب بسيط وسلس مع قدر من الغموض لكي يثير التفكير وتنشيط العقل وبالإضافة إلى استخدام الرسوم والديكورات البسيطة ذات الألوان المبهجة لنفسية الطفل.. وأيضا من يقرأ نصوص الأستاذ الكاتب الكبير (السيد حافظ) يجد النضوج والذوق والجمال والثروة اللغوية وبث القيم في نفوس الأطفال إلى جانب البهجة والفرح والسرور محافظاً على هويته الإبداعية في مشواره الثاني وهو مشروع الكتابة للأطفال وإشراقته الفنية ودوافعه العميقة والتركيز على الانتماء للوطن ونوعية الحكاية.. فأغلب النصوص المسرحية تبدو للأطفال لكنها تحمل مبادئ وأخلاقيات وأفكار للكبار. ويقول من هنا تولدت الرغبة لدي وأخذت تدفعني منذ ثلاثة سنوات وبالأخص ازداد دافعي عند دخول حفيدتي الغالية (لارا علي) إلى المدرسة (مرحلة الابتدائية) وتلك المعلمة التي لم تمتلك الخبرة في تعليم الأطفال (الحروف) وكيفية رسمها ونطقها وكتابتها وعدم استخدام القصة لتشويق التلميذ الصغير ذلك الكائن الذي دخل عالم جديد وهو عالم الدراسة والعلم والكتابة. قد أكون أنانية لكن هذا حال كل الآباء والأمهات يسعون إلى تعليم أبنائهم بدافع الرغبة لأن يكونوا الأفضل والأحسن والأجمل دائماً لذلك.... يزداد اشتعال الرغبة في تناول هذا الكم الهائل من الدراسات التي تناولت المشروع الأدبي للأستاذ المبدع الكبير (السيد حافظ) لقد قمت بتجميع هذه الإضاءات البراقة التي دونتها تلك الأقلام الجادة التي تخلق الحرف وتصقله كالماسات التي تصاغ بعد صقلها لتزين عنق النساء الجميلات فظلت تلك الرغبة تدفعني أكثر لأدون هذه الدراسات هنا بين دفتي هذا الكتاب وما بين الدراسات والتطبيق أشعر بالاقتناع أنني حققت تلك الرغبة لكنني ظللت أتذمر من الحروف لعلها لن تمنحني تلك اللغة التي أستطيع أن أبدع وأتألق في تأطير لغة ونصوص هذا المبدع والدراسات والتحليلات النقدية للنصوص المسرحية للأطفال وبين رغبة القارئ إلى ما يحب ويهوى من قراءات رومانسية وأدبية... لكن الأدب متنوع بل هو صرخة عالية تدعونا أن ننتبه لهذه الصرخة ونستمع ونفهم ونتعاطف لنصنع الإبداع وننمي القدرات إيجابياً..

بدايةً وليس أخيراً.. لا يسعني إلا أن أعبر عن فرحتي وبهجتي وأملي الصادق من هذا الكتاب هو المحافظة على مسرح الطفل وفنونه وقضاياه وحرصنا على الإبداع والتألق والحفاظ على أعمال كبار الكتاب المبدعين ونموذجاً هنا الكاتب الروائي والكاتب المسرحي والقاص المبدع (السيد حافظ) ومشواره مع مسرح الطفل وتجميع كل ما مجد الأدب العربي بهذه الدراسات القيمة حتى يتسنى للباحثين والأكاديميين وطلاب الدراسات العليا الاستفادة منها لاستغلال الوقت والجهد وسرعة الإنجاز بالعمل الأدبي والنقد للأدب العربي المتطور والتجديد لكم ولنا التوفيق إن شاء الله...

مسرح الطفل عند السيد حافظ :

"مسرح الطفل ما يزال في بداية الطريق.. هذا ليس عيباً، ولكن العيب هو ألا يدرك واقعه وألا يتجاوز ذاته باستمرار".

بالفعل مسرح الطفل بهذا المعنى جديد وصعب لأن الالتفاتة إلى هذه الفاعلية لم يتم إلا مؤخراً، الشيء الذي يعني غياب تراكمات سواء على مستوى المقاربة أو على مستوى الإنجاز العملي والفني.

إن الإرهاصات المؤشرة لبداية الاهتمام بمسرح الطفل بالكويت احتضنته مؤسسة البدر " التي أطرتها الأستاذة "عواطف البدر" فاهتمت بمسرح الطفل وآمنت بكينونته وخطورته. وإذا عاينا مسيرة السيد حافظ في رحلة الكتابة للصغار نجد أن مسرحية سندريلا تعد أول محطة في مدن كتابته للأطفال. وقد ارتبط أساسا بمؤسسة البدر، ترى هل حقق مبدعنا نجاحا في مسرح الطفل ؟

ولقد كانت سندريلا نقلة نوعية في الكيف والفكر ليس بالنسبة للمؤلف فقط ولكن للمسرح الكويتي خاصة والخليجي عامة..

1-   مسرحية سندريلا تروي حكاية فتاة رقيقة المشاعر، طيبة متجلدة وصامدة بالرغم من أنها تعاني ضروب الذل والعسف من قبل زوجة أبيها " هنود " وشقيقتها " فهيمة ولئيمة ". وفي أحد الأيام يحدث أن تلتقي بامرأة خارقة تساعدها على تحقيق طموحاتها المستقبلية. هذه المسرحية مستمدة من تراثنا الإنساني، وتجدر الإشارة إلى أن كلمة فرنسية أصلها Cendrillon وهي تعني الرماد، وفي المغرب يطلق عليها اسم عيشة رمادة بمعني الفتاة التي تنام في الرماد. ولعل السيد حافظ كما يقول عبد الكريم برشيد " أعطانا تركيبا جدليا لتفاعل الذات والموضوع ؛ أعطانا قراءة متميزة وكتابة مغايرة. فهو قد قرأ الحكاية الغربية بعين شرقية انطلاقا من مخزونه الثقافي ومن وضعه التاريخي الاجتماعي ومن إرثيه الحضاري – العربي الإسلامي... تقول الباحثة نعيمة عبد لاوى إن المسرح سواء كان موجهاً للكبار أم الصغار يجب أن تراعى فيه الأسس الفنية التي تجسد أبعاده المعرفية والأيديولوجية.

2-   والمتتبع للعمل الدرامي الموجه للطفل عند "السيد حافظ"، يلاحظ اهتمامه بالمضمون حيث يقدم أفكاراً مناسبة لأبناء مجتمعه في قالب فنى، يعيد فيه ذكريات طفولته ويجددها فى الناشئة. فالسيد حافظ يقول في إحدى اللقاءات الصحفية متحدثاً عن تجربته الفكرية : "فى مجرى نهر الكلمات الأولى عرفت الحرية والإنسان والرغيف فى درب الخناجر والأعلام والدم، عرفت الثورة والفن والتغيير تشرق تجربتي مع أنهم يسلبونها كل يوم قيمة، لكنها تشرق في الأطفال وجذور البحث وبقايا الصدق المترب.

"فالسيد حافظ" لم يكتف بالثورة على الوضع العربي المتأزم، وإنما تمرد على الأصول التقليدية، فابتعد عن الصيغة الأرسطية التي قيدت الكاتب المسرحي عن التعبير بحرية، وحالت دون خلق تواصل بين المبدع والمتلقي. وانطلق من الوجدان الشعبي والتراث العربي من أجل صياغة أدوات معرفية وجمالية مغايرة وقادرة على التعبير عن الهم العربي في الوقت الراهن. مع مراعاة المستوى الفكري للطفل.

" فالسيد حافظ" : إذاً يقدم للمسرح فكراً أكثر منه فناً وقد نجد في مسرحه الطفلي، مسرحيات تحمل شكلاً للصغار ومضموناً للكبار كمسرحية "الشاطر حسن"، ولكن رغم ذلك فالشكل عنده ينبغي أن يرتبط بالمضمون ويناسبه. لهذا نجده فى مسرحياته يحاول توفير العناصر الأولية في بناء المسرحيات من قصة وشخصيات وحوار…

كما يعتمد على البساطة في استخدام الرموز والدلالات حتى يناسب مستوى فهم الطفل ومداركه. بالإضافة إلى كل هذا وذلك نجده يفكر في إيجاد هوية لمشاريعه الأدبية والفنية والسيد حافظ كان يدرك بل متأكد أنه يقدم العمل أو النص المسرحي إلى طفل واع مدرك لأن بطبيعة الحال الأطفال يتميزون بالوعي والذكاء والحس الفني الجميل خاصة إذا جاءت الأفكار حقيقية وواقعية فإنه (أي الطفل) قادر على الاستيعاب....وهذا ما يؤكده الأستاذ (السيد حافظ) في حديث له في كتاب بعنوان (دراسات في أدب الطفل) (الشخصية التراثية الشعبية في مسرح الطفل بالكويت) الطبعة الاولى القاهرة 1996 (نزيهة بن طالب و شنايف الحبيب) ص 101 ((هذا هو مشاهدي العظيم، مشاهدي الذي يصفق من القلب، ويحفظ في القلب كل الكلمات، مشاهدي الذي تحديت به الأساتذة الأكاديميين في كلية التربية في الكويت وأنا تربوي خريج كلية التربية.، يقولون أنت تكتب للطفل أعلى من مستواه، قلت أنا أكتب من مستواه وأتحداكم قالوا إن الطفل لا يفهم في السياسة، قلت يفهم في السياسة. وعندما قدمنا إحدى المسرحيات السياسية للطفل، وكانت (أولاد جحا) كانت الصالة يرتفع فيها التصفيق أكثر مما يفعل الكبار الذين مات في داخلهم كل إحساس بالوطنية نتيجة الظروف السياسية والقهر الاجتماعي على مدى قرون طويلة).. وعندما سئل الأستاذ السيد حافظ أين تجد نفسك.


 

هل في مسرح الكبار أم في مسرح الأطفال؟ أجاب...

سؤال صعب.. حتى الأن لم أجد نفسي. حتى الآن قدمت أعمالي لمسرح الكبار ومسرح الأطفال وأعمالاً تليفزيونية وإذاعية لم أجد نفسي ولكن ما أذهلني في الحقيقة هو مسرح الطفل بحيث كانت تباع أعمالي بسعر 24 دولاراً لشريط الفيديو في الوقت الذي كانت تباع مسرحيات كبار الفنانين في مصر بـ3 دولارات لشريط الفيديو... رغم هذا لكن أين يجد الكاتب أو الفنان أو المخرج نفسه ؟ هل يجد نفسه في أي عمل مسرحي يحقق وجوده، يجد نفسه لحظة خروج العمل إلى الناس ثم تتوه منه نفسه في تلاميذه، في الشوارع بعد أن يخرج الناس من المسرح، وينفض المسرح وتنطفئ أنواره ويغلق بابه، ويخرج من الصالة أقل الناس متعة لأنه عندما يخرج الناس ومعها مسرحياته، ويعود هو ومعه قلقه الدائم وحلمه الدائم ويبحث ويقول (من أنا)... إن كاتبنا صاحب قلب عاشق للأدب والكتابة سواء في المسرح بكل أصنافه أو القصة والرواية والمقالات والأعمال التلفازية والإذاعية وله ضمير حي يتعذب بعذابات الظلم والاستبداد والقهر.. ويمتلك روح متمردة ونظرات تأمليه وحروفه تتصف أحياناً بالصدامية ترفض كل ما يمس القلب والوطن من سوء لذلك كتاباته مستفزة للبعض والتموقف للبعض الاخر في وجه الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. ويثبت لنا على مدى مسيرته الابداعية أنه يتعايش مع أبطال كتاباته فهم أيضا أبطال متمردون يحلمون ويبحثون ويساهمون في التجديد والتطوير بالكلمات الحقيقية الصادقة النابعة من جوف المعاناة لمعالجة الواقع العربي المعاصر (المتمارض) بالاحتكار والإرهاب والتشبث بالغرب دون التفكير بالتأثير والتأثر على هذا الطفل الصغير هو رجل المستقبل والغد الأفضل.. فالبعض ينسى هذا الصغير ويبث الأعمال المسرحية لا تمت بصلة للأطفال نهائياً بل ترتبط بقواعد بالية إذا ما قلنا تقليدية بحته لواقع غربي يقدسونها كأنها شريعة أو رسالة من السماء... أين أنا؟ كاتبنا في قلوب وعقول وضمائر القراء العرب أولاً ثم المثقفين الوطنيين ثانياً ثم الأدباء المنصفين ثالثاً ثم في قلب كل شريف يحب وطنه وشعبه ويسعى للتقدم والتجديد، الأستاذ المبدع السيد حافظ يندهش كل من يشاهد أو يقرأ كتاباته، إنه يبحث ويبحث يطرق كل أبواب الأدب فيكتب هنا ويشيد مشروعاً ويبني أساساً لهذا البنيان ويهدم اللبنات المستهلكة أو العوجاء بعد أن يكتشف مواقع الخطأ في هذا البنيان فهو باحث مجرب متماسك مطمئن لسعيه وراء التجديد والتطوير فإنه مثابر لن يركن في الجمود ويقلق ويكتئب ويسعى إلى الروعة والجمال في البناء الأدبي والدرامي والرومانسي والواقعي حباً بالوصول إلى البناء الجميل والرائع أدبياً فالأستاذ (السيد حافظ) لم يعرف الهزيمة والخوف ولا التنازلات بل يؤمن بالعمل الجاد والقيمة الجمالية والأمانة الأدبية ويعطي كل ذي حق حقه لأنه يتمتع بالأمانة والصراحة وأحيانا يعري الواقع ويكشف التفاهات التي بسببها أصبح الإنسان العربي عبداً للمادة يتحكم فيه الوضع الاقتصادي فلم يفرق بين الجميل والقبيح والجيد والرديء والعمل الموجه لغرس القيم والعادات وتصحيح ما تصدع في بناء الطفل العربي.. وما يعانيه الآن الوطن العربي من حروب واعتداءات إرهابية أثرت على نفسية وسلوكيات الأطفال إذا نحن الآن مطالبون بإعداد نصوص مسرحية تتماشى مع التطور التكنولوجي والفكري إضافة إلى الوضع النفسي للأطفال والحالة الاقتصادية للأسرة والمجتمع بصورة عامة مما يعاني من ضغوط اقتصادية إضافة إلى الأوضاع السياسية وصعوبة توفير الأمن والأمان في بعض أقطار الوطن العربي مع كل هذا نحلم ونتمنى من بناء مسرح متطور متجدد وفق المعاير السلوكية والثقافية والفكرية بحيث يتماشى مع الواقع الحقيقي للطفل العربي, إذا تقع على جميع العاملين في مجال أدب الطفل وفن المسرح التعاون لتنشئة هذا الكائن الحي البريء نشأة صحيحة متعافية دون علل ليكون عضوا نافعا سويا خاليا من العاهات المستديمة والمستفحلة واعيا فكراً وفناً وإنسانياً...بطبيعة الطفل الفطرة والتقليد والاقتداء يحفظ ويكرر ما يقال من قبل الكبار لأنه يعتقد أن الكبار لا يكذبون... ففي إحدى الدراسات التي قدمها الكاتب والناقد من المغرب (الدكتور عبد الكريم برشيد) يقول (علينا أن نبدأ دون نقاش بمسرح الطفل والفتيان شريطة أن يكون مسرح أطفال وفتيان مناقض لهذا الذي أعتبر لحد الآن النوع المثالي (أنطونيو غاراسينا)...) في مجلة الحياة المسرحية....

فمسرح الطفل بلا شك كتابة ولكنه قبل ذلك فهو مؤسسة لها هيكلها وفلسفتها وسياستها وبرامجها. فلا يقوم إلا على أساس وجود تخطيط واسع وشامل. تخطيط يراعي بناء الإنسان العربي جسداً وذوقاً وأخلاقاً وفكراً ونبنيه في (المدرسة، البيت، المسرح، الملعب، النادي، الشارع، الحارة) فيصف الكاتب والناقد الدكتور عبد الكريم برشيد ويأخذ نموذجاً مسرحية (سندريلا) للكاتب الروائي والكاتب المسرحي المبدع الأستاذ السيد حافظ. إذ كانت للمؤلف رؤية لخصها في..

1-   إن رؤية الكاتب والمؤلف المسرحي الأستاذ السيد حافظ أن فلسفته غالباً ما تظهر في ختام المسرحية فالأستاذ السيد حافظ يجمع الخيوط المتناثرة ليعطينا خطاباً معيناً.

2-   طوال عرض المسرحية نتلقى شذرات أخلاقية عن (الصدق والأمانة، الخير والإحسان ورد الجميل) وكالعادة يظهر ذكاء وعبقرية المؤلف هنا بعد أن تقترب النهاية فالمؤلف ملزم أن يعطينا موقفاً فكرياً واضحاً بعد أن أثار قضية خطيرة جداً.. هل ستكون النهاية بالتبات والنبات فتكذب على الواقع والحقيقة وعلى الأطفال.. هل نحرض على الحلم والارتخاء والمثالية السلبية لكن كما ذكرت سابقاً عبقرية المؤلف ورؤيته الفنية والتقنية في كتابة المسرح قدم كل النهايات داخل النص وعلى المخرج أن يختار الأصدق والأنجح علماً أن مسرحية سندريلا من إخراج منصور المنصور وقد حصلت على جائزة أحسن عمل مسرحي للأطفال عام 1983م....هنا توقفت وداهمني الفضول الذي يتملك الكاتب بأن يحصل على حقيقة من المؤلف ذاته فماذا لو فكرت بطرح السؤال على الأستاذ السيد حافظ لنعرف منه الجواب.....

هل نعتبر أن مسرحية سندريلا ( 1983 ) هي بداية مسرح الطفل عند السيد حافظ ؟

أعتقد أنني بدأت مخرجاً لمسرح الطفل في عام 1968 حيث قمت بتجربة مع أطفال ملجأ العروة الوثقى في الإسكندرية والذي يقع بجوار مدرسة الصنايع الثانوية (محمد علي) في الشاطبي وقمت بإعداد قصائد ناظم حكمت وبريخت والتي تدعو إلى التعلم ومواجهة الأمية الأبجدية وكان المسرح عبارة عن فصل أو عنبر خالي من السرائر على حصير ثم طلبت أن تأتي البنات مع الأولاد لكي لا يكون المسرح ذكوري فحدث اشتباك حواري بالإدارة بين مسئول البنين والبنات لتخوفهم من فساد الاختلاط بين البنين والبنات مما أدى إلى تخوفي من تكملة العرض فكنت أدعو جمهور الأطفال اليتامى لحضور البروفات وكنت أفرح جداً لحفظهم الأدوار والأشعار قبل الممثلين وكانت تجربة مهمه للتعرف على عالم اليتامى في الملاجئ وكانت موحية لي لكتابة مسرحية (حبيبتي أنا مسافر، والقطار أنت والرحلة الإنسان) والتجربة الثانية وهي هامة جداً سنة 1972 هي صدور مسرحية الشاعر العظيم صلاح عبد الصبور (مسافر ليل) وكنت مفتوناً بها وبلغتها الشاعرية ومستوى التجريب فيها وكنت أعمل مدرباً للتمثيل في مركز شباب الحرية بالشارع الإسكندراني في الإسكندرية وعرضت النص على الفرقة المسرحية الكبيرة من الشباب فرفضوا جميعا القيام بتمثيلها باللغة العربية الفصحى لعدم فهمهم النص فشعرت بالإحباط الشديد وخرجت من البروفة ووقفت على باب المسرح فوجدت حشداً من الأطفال يلعبون كرة القدم أعمارهم كانت تتراوح مابين (6-12) سنة أعطاهم المدرب استراحة 10 دقائق بين الشوطين فتجمعوا بالظل وجلسوا على باب المسرح وأنا واقف فجاءتني فكرة أن أستعين بهم في مسرحية (مسافر ليل) فقلت لهم هل تحبون أن تمثلوا على المسرح فهاجوا وماجوا وفرحوا كنا في شهر حزيران فجاءوا بعد انتهاء المباراة إلى المسرح حوالي(40) طفلا وأغلقت عليهم باب المسرح وفتحت لهم باب الدهشة حكيت لهم كيف نشأ المسرح وحكاية شارلي شابلن مع أمه وحكاية نجيب الريحاني وعلي الكسار وفاطمة رشدي وسيد درويش وعزيز عيد كل يوم حكاية مسلية ظريفة ودرس في اللغة العربية الفعل والفاعل والمفعول به ثم نقرأ ثلاث صفحات من الرواية ونوزع الأدوار والحركة ونحفظها من الساعة (12-3) بعد الظهر أو يزيد قليلاً ثم فكرت أن أعمق التجربة أكثر وأستعين بالملحن حمدي رؤوف ليلحن أجزاء من المسرحية بكورال من الأطفال يغني هذه المقاطع وكان ضمن هذا الكورال (أمال) الطفلة التي أصبحت فيما بعد زوجة الفنان (أحمد أدم) وكان من ضمن فريق التمثيل من الأطفال أخي (عادل حافظ الذي أصبح كاتباً سياسياً مرموقاً رحمه الله) وابن خالي أمبابي علي أبو اليزيد الذي أصبح ضابطاً مرموقاً في الجيش) وجاء يوم عرض المسرحية فصدمت لجنة التحكيم فالمسرحية من بطولة ثلاث شخصيات الراكب وقاطع التذاكر وعشري السترة فوجدوا أن قاطع التذاكر عشر شخصيات والراكب عشر شخصيات وقاطع السترة عشر شخصيات والكورال مكون من 30 ولد وبنت بقيادة حمدي رؤوف فهاجت اللجنة وقالت هذه المسرحية لا تحصل على شئ وكنت أثناء إخراج المسرحية أقوم بتدريب الأطفال على قصائد محمود درويش وسميح القاسم وبدر شاكر السياب في رؤية إخراجية حركية تحتوي على كثير من جماليات الحركة المسرحية الموازية للشعر فقلت للأطفال بعد العرض سنقدم بروفة لأشعار المقاومة فقام الأطفال وهم في غاية الإجهاد لتقديم الأشعار الحركية فأنبهت اللجنة وقامت تصفق لهم ومنحتهم الجائزة الأولى على الإسكندرية لعدم وجود أخطاء في الإلقاء وسرعة الحركة والتغير على المسرح بين الشطرة والشطرة ففرحت أنهم فازوا وحزنت على الصفر الذي حصلت عليه في (مسافر ليل) وكانت تجربة رائعة مع الأطفال ومن 1973 -1983 انقطعت عن العمل في مسرح الأطفال حتى جاءت سندريلا بتشجيع من السيدة عواطف البدر التي كانت تطلبني مبلغ 1500 دينار فكتبت هذا النص سدادا للدين) أما مسرحية سندريلا حققت ربحاً (مليون دولار) وكانت تقطع التذكرة وقوفاً 10 دولار أي 3 دينار كويتي....

هل كنت تتقاضى أجراً في مركز شباب الحرية مقابل عملك كمخرج لمسرح الأطفال في عام (1971-1973)؟؟؟

-        نعم

كم كان الأجر الذي تتقاضاه ؟؟؟

-        كنت أتقاضى 3 جنيهات شهرياً بينما كنت أشرب شاي من عمي جمال (5 جنيهات) فأضطر أن أقترض 2 جنيا لأسدد المبلغ لعم جمال الفراش..

هل كان الأطفال يأخذون أجراً أو مكافأة مقابل عملهم معك ؟

لا... لا.. ياخذون أي أجر ولا مكافأة بل حبهم للتمثيل وهوايتهم جعلتهم يتعاون معي.

وفى الكويت كم كان أجرك؟.

كان أجرى فى البداية1500 دينارا وكان هذا الأجر يعتبر أعلى أجر في التأليف لأى كاتب عربي يعيش في الكويت حيث كان من المعروف أن الأجور للكتاب غير الكويتيين فى عام 1980 تتراوح بين 300-700 دينار (منهم محفوظ عبد الرحمن) والتي حصل عليها نعمان عاشور والفريد فرج وأعتبر أن الأجر 1500 دينار نقلة نوعية أو مجنونة في أجور غير الكويتيين مما أثار حقد بعض المؤلفين الكويتيين والفلسطينيين والمصريين والصحفيين المرتزقة في ذلك الوقت وما أكثرهم فتحملت هجوماً غير مبرر أخلاقياً أو فنياً أو نقدياً أو علمياً من يكون هذا المؤلف الذي يعتز بمهنة التأليف المسرحي.. وكيف وافقت (عواطف البدر) على منحه الموافقة على هذا الأجر مما دفعني إلى رفع الأجر بعد ذلك في كل مسرحية بنسبة 30 بالمائة مما أثار جنون بعض المخرجين الكبار.

وفي مقدمتهم المخرج الكبير(سعد أردش) الذي وجه لي اللوم وعرض علي فرقة المسرح الكويتي ورئيس مجلس إدارتها فايق عبد الجليل الشاعر الكبير نصاً للكاتب الكبير (الفريد فرج) بنصف أجري فوافقوا وقدموا التجربة في المسرح الكويتي وفشلت جماهيرياً وفنياً وكذلك قام المخرج (هناء عبد الفتاح) بتقديم تجربة على المسرح لمؤسسة البدر بربع أجري وفشلت التجربة جماهيريا وقدم مهدى الصايغ تجربة بنصف الأجر لمؤسسة البدر وفشلت فشلاً ذريعاً بعد العرض ليومٍ واحد وكانت المسرحية بعنوان (الرجل الآلي). أما الدكتور (عثمان عبد المعطي) قدم نصا تأليفا وإخراجا بربع الأجر وكذلك قام (المنصف السويسي) بتقديم تجربة مع مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك التي كنت قد قدمت لها مشروعاً بإنتاج عشر مسرحيات للأطفال بثلثي أجرى وفشلت فشلا ذريعا وكذلك قامت الفنانة (أسمهان توفيق) بتقديم تجربة تأليفا وإخراجا مع المنتجة الشهيرة (فاطمة حسين) وفشلت بعد ثلاثة أيام من العرض. لقد واجهت حربا شرسا من كبار الفنانين المقيمين في الكويت وكذلك واجهت مؤامرة كبرى من الفنان (غانم السليطي) نجم قطر المعروف وأوقف مشروعاً لإنتاج مجموعة مسرحيات للأطفال لتليفزيون قطر على الرغم من أن التليفزيون قد وافق على إنتاجها بخطاب لي من السيد (محمد الجاسم) مدير عام البرامج وقتها وتوقيع (مانع الهاجري) مدير التليفزيون وقتها وكانت سعادة (غانم السليطي) لا توصف لأنه أوقف المشروع. لم يكن طريقي في مسرح الطفل مفروشاً بالورود بل بالخناجر والإشاعات والمؤامرات أمثال الأستاذ سعد أردش الذى قدم الفريد فرج بديلا عنى بأجر أقل ومن المشاهير هناك في الخليج, وكنت بفضل الله أحقق نجاحات كبرى مع فرق أخرى ومنتجين أخرين مثل أمل عبد الله وعبد الرحمن عقل ومحمد جابر وماجد سلطات حتى ابتعدت عن مؤسسة البدر. كنت أحب مهنة المؤلف وأحترمها رغم أنها غير محترمة في نظر الممثلين والمخرج والإنتاج والسبب أن كثيرا من المؤلفين يخلعون مبادئهم على عتبات المنتجين قبل خلع سراويلهم...

هل هذه من مبدأ المنافسة الشريفة أم الغيرة والحسد؟

لا أعتقد أنها منافسة بل دعارة فكرية وعهر ثقافي فالمثقفون والفنانون يتحدثون عن المبادئ والمثل العليا ولكن نفوسهم وضيعة وكنت بجوار جميع الفنانين دائماً كنت و ما زلت أحترمهم جميعا رغم أفعالهم منهم من رحل ومنهم من بقى. كنت أتناول الطعام في بيت سعد أردش والمنصف السويسي وأسمهان توفيق وأتناول العشاء في فندق شيراتون الدوحة مع غانم السليطي ويطعنني في الصباح في إدارة بالتليفزيون. كل هؤلاء أظنهم أصدقائي وكتبت عنهم مقالات كثيرة كصحفي وكلهم خانوني في مشوار الإبداع المسرحي في المقابل هناك من وقف معي بحب وعشق مثل (الأستاذ احمد عبد الحليم) من مصر ودكتور (وليم يلدا – والدكتور سعدي يونس –والدكتور عباس التاجر – والدكتور بشار عليوي) من العراق وغيرهم من الشرفاء الذين لم أكتب عنهم يوماً أو قابلوني وجها لوجه فهم غرباء فطوبى للغرباء .. ...وبعد أن استعرضنا أجوبة الأستاذ السيد حافظ على أسئلتي أصابني الإحباط والذهول والتعجب في آن واحد, كيف يحدث كل هذا في وسط كنا نظنه أنقى وأزهى وأرق وسط الذوق والفن والإحساس والذائقة الادبية والكلمة الرقيقة الصادقة كيف يحصل هذا في وسط يبث الفرح والمتعة لنا صغاراً وكباراً.

إن الناقد ليس كائناً فوق النص المسرحي وليس شارحاً للنص للعرض المسرحي بقدر ما هو رائي بفاعلية وتعمق مما يساعد ويميز النصوص والعروض المسرحية بمسار الموضوعية التمعنية وبإضافة إضاءة للنصوص المسرحية وتقويمها على وفق المناهج والنظريات التي تعزز هذه القراءة بفهمها وبالتالي استنباط الأحكام, فلذلك تعددت الرؤى لدي الناقد لكي لا يصدر أحكاماً عشوائية خاصة مع الكم الهائل من العروض المسرحية من قبل الهواة المحترفين مما يجب ويحتم على الناقد الالتزام بالمسئولية التي تقع على عاتقهم من الكشف عن ما هو مسرح زائف وتجاري وضعيف ونزاهة النقد تتعلق بجدية وثقافة ووعي الناقد والابتعاد عن القراءة السطحية ومبدأ القرابة والشلل الأدبية والجهات السلطوية على حساب القيم والقيمة الفنية والجمالية والإبداعية للنصوص المتميزة فكثيرون هم ممن يتحدثون عن النقد وعجزهم لكننا كثيرا ما نصطدم بالواقع وما يثيره الواقع الثقافي في الوطن العربي من أزمة متابعة بين ما يعرض ويمثل وما يتم طباعته من نصوص مسرحية في كتب. فلابد من وجود حركة نقدية موازية للإبداع الأدبي فكيف يستمرهذا الإبداع الأدبي بمعزل عن النقد السليم والحقيقي القائم على رؤية واضحة ومنسقة فكرياً والابتعاد عن الاستعلاء والوعظ ...فمن هذا المنطلق التجأت إلى الأستاذ البروفيسور كمال الدين عيد أستاذ الأدب والمسرح والإخراج وطلبت منه أن يكتب مقدمة لكتابي هذا وهو الخبير والأستاذ والعالم والمعلم في مجال المسرح. وكذلك طلبت من الأستاذة الدكتورة فايزة سعد أن تكتب دراسة نقدية (نقد النقد) أي نقد الدراسات التي يحتويها هذا الكتاب والمقالات الصحفية حيث أن الصحافة أصبحت مرجعاً من مراجع النقد والدراسات الأدبية على المستوى الأكاديمي وعلى المستوى الانطباعي العام بعد افتقارنا إلى الدراسات النقدية أو اقتصرت على عدد محدود من الأدباء.. فالأستاذ البروفيسور كمال الدين عيد أستاذ الأدب والمسرح والإخراج وله وجهة نظر, والدكتورة فايزة سعد أستاذة أدب وليست مسرح ولها وجهة نظر وبذلك أكون قد جمعت بين الأدب والمسرح والإخراج. لأنني لست متخصصة في مجال النقد الأدبي ولكن أكتب من باب التذوق والانطباع كشاعرة وكاتبة قصة ورواية. هذا الكتاب الذي بين أيديكم ليس الأول ولا الأخير في تناول تجربة الكاتب السيد حافظ , وليس كتاباً كاملاً خالياً من العيوب ربما هناك هفوات أو سهوات أو الاكتفاء بإلقاء الضوء على هذه الدراسات واستبيان مدى جديتها وضعفها في النقد وليس عمل واحد أو نص واحد ولكنه يبقى نقطة هام مضيئة في تاريخ أدب وفن المسرح فإن أصبت لي أجر وإن أخطأت فلي أجران ويكفيني شرف المحاولة بعد الدكتور علي عاشور جعفر (الكويتي) الذي أصدر كتاباً عن مسرح الطفل في الكويت (عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر والتوزيع) عام 2007 م حيث قام بتجميع ما كتب عن مسرح الطفل في الكويت (تجربة السيد حافظ) فهذا الكتاب يعتبر مرجعاً لمسرح الطفل في الوطن العربي عامة ومرجعاً هاماً لذاكرة مسرح الطفل في الكويت خاصة . فأتمنى في العشر السنوات الأخرى أن يظهر كتابٌ آخر في هذا المجال يضيف إلى هذا الكتاب رؤى نقدية موضوعية جديدة.

نجاة صادق الجشعمي

 

 


 

 

 

 

مقدمة كتاب: تمظهر التجديد فى بنية السرد فى القصة القصيرة

 مقدمة كتاب:

تمظهر التجديد فى بنية السرد

فى القصة القصيرة

بقلم : نـجاة صادق الجشعمي

 


في زمن الذاكرة المثقوبة وغياب المؤسسات الثقافية عن دورها في رصد وتجميع الدراسات الأدبية والنقدية حول رموز الكتاب العرب المبدعين حقاً في مجال الشعر والسرد وخيانة الأقلام المأجورة والحركة النقدية ومناهجها النقدية ومذاهبها ومدارسها التقليدية التي تتعامل مع النص وفق الضوابط كأنما قانون تنظيم السير بالطرقات وليس التعامل مع جمالية وفنية النص مما يؤدي بالتالي سجن النص وفق هذه النظريات لاغية الصفة الإبداعية والفنية للنص والكاتب والرغبة بالحضور والانتشار والفوز بالجوائز واستسهال لعملية الإبداع وتمييع لشرف الكتابة وقدسيتها فكل جنس من الأجناس الأدبية يمتلك طاقات إبداعية على الكاتب والناقد إظهار جمالياتها الساحرة ليدركها المتلقي فتبهر مخيلته بالتأمل والتخيل ولا يغيب علينا أيضاً تعالي المثقفين عن تجميع الدراسات بأي حجة كانت يجعلنا عامة في مأزق ويجعلني شخصياً في ضيق فلولا ماجمعه العمالقة العرب حول أديب ما أو ظاهرة ما لكنا الآن في ظلام  فكري وثقافي مبين ..فقد أغرمت بالقصة ولم أعرف أنها جنس من الأجناس الأدبية ليس أنا فقط بل الجميع .. من منا لم يطلب يوماً من أمه أو أبيه أن يقص له قصة ويراوغهما ويشترط شروطاً كي ينام لكن لم نعرف أنها سحر وفن وأبداع وفسيفساء منحوتة ومفردات غنية ببلاغة لغوية وسهم يصيب الهدف لذلك.

فعندما نتحدث عن القصة القصيرة في الوطن العربي لا أحد ينسى أو يتناسى الدكتور يوسف أدريس في مجموعته (بيت من لحم) أو نجيب محفوظ في (أحلام فترة النقاهة) أو زكريا تامر في مجموعته (النمور في اليوم العاشر) أو محمد حافظ رجب (في الكرة ورأس الرجل) أو القصص التجريبية للكاتب عز الدين المدني ومجموعته (خرافات) أو قصص الكاتب الليبي محمد علي الشوهدي و مجموعته القصصية (السوق القبلي) وقصص قاسم حول وزهير الدجيلي وقصص سليمان الشطي (رجال من الرف العالي) من الكويت و قصص سليمان الخليفي ولا ننسى الكاتب المصري الدكتور حسن البنداري و قصص ليلى العثمان ووليد الرجيب وطالب الرفاعي وفوزية رشيد ورجاء عالم وإبراهيم عبد المجيد ويحيى الطاهر عبد الله والياس فركوح ومحمد منصور الشقحاء من السعودية و محمد العروسي المطوي ومصطفى الفارس ومحمد صالح الجابري وعثمان علي نور ووليد أخلاصي ومحمود ريماوي وتيسير نظمي من فلسطين ومحسن سليمان وسيف المري ومحمد المر من الأمارات وعبد الستار ناصر وخضير خضير من العراق وفاطمة تركي ولولوة المسند وأحمد عبد الملك وهدى النعيمي وكلثم جبر من قطر وإدريس الصغير من المغرب والقائمة تطول وتطول حتى أنها قد تصل إلى كتب بذكر أسماء المبدعين فقط دون أن نحلل أعمالهم ولكننا سنقف في هذا الكتاب على تحليل ونقد ودراسة كاتب من كتاب القصص القصيرة له تاريخ في السرد القصصي والروائي والمسرحي تميز بإبداعه المتواصل على الرغم من التعمد على تهميشه من المؤسسات الثقافية العربية الرسمية وغير الرسمية وعلى الرغم من أنه اقتحم بقلمه جميع الأجناس الأدبية وأن الكتابة له ذاكرة وغطاء يتدثر به وتميمة ضد الأعين والحاسدين فيلتقط صوراً وأنا أقرأ هذه المجموعة أشعر كذلك الغريب في بلد لايعلم عنه شيئاً ولا أوقن بشئ إلا أنني وجدت زهوراً في مجموعته القصصية لك النيل والقمر فأتسائَل كثيراً هل أبدو كشخص يكترث للناس والنظرات البعيدة تخفي التفاصيل تماماً كالنظر فقط على مر الكرام أتساءل إذاً ماذا أريد ؟ من الكتابة والقراءة ؟ التمعن والتعمق والإبحار في عمق الحروف والغوص في القصص لأدخل بداخلها بلا خطة تماماً كما هي في الواقع وأطوي جثث القراءات بداخل الكتب القديمة وأدحرجها إلى محارق النفي والاشمئزاز مع الخوف من بعد ماذا أريد ؟ هل قراءة القصص القصيرة أم الروايات ؟ سؤال يلح علي دائماً فكلما قرأت قصة وجدت الأخرى أجمل وأعمق بالمعنى والإبداع والحبكة والسرد والحدث وأبحث عن نفسي وعن المرأة بداخل القصص. أنا أسعى للبحث عن طريقة ما لاتشبه الطرق التي يكتب بها الكتاب والنقاد ولكن في نهاية محاولاتي لم أجد طريقة ما فقررت أن أكتب بما يمليه علي ضميري وأضغط على أزرار اللابتوب وأكتب الكلمة الأولى التي ترد على بالي وأقول لنفسي أنا أكتب شهادة بحق كاتب ونصوص ودراسات نقدية من كتاب وأدباء وأكاديميين وأساتذة عظام ونقاد مبدعين فأنا محظوظة بقدر ماكنت تعيسة فقد بدأت من البداية بعوالم الشغف بالأدب وأسرار النصوص والأفكار والأحلام جميلة لكن المهم الإنجاز وتعلمت من أبي وأستاذي الكفاح والمثابرة وأن لاتكون الأفكار حبيسة مدونة على الأوراق في أدراج مغلقة بالأقفال أظن أن هذا الجيل يسعد ويغوى بالحكاية القصيرة فلتتشظى القصص إلى حكايات تواكب التطور الالكتروني والطباعة الالكترونية وتروج بعد أن غاب النقد وغابت مؤسسات النقد وعتمت الرؤية لكثرة المكتوب والمعروض وضعف المضمون وسطحية الموضوع ونحن أمام إبداع قصصي في مجموعة قصصية تحتوي عبق التراث والتناص والتاريخ والموروث الشعبي وحكايات ألف ليلة وليلة وشهرزاد الحكاية ومزجها بالواقع والفلكلور والأساطير واللعب باللغة وتشكيلها من وعي وثقافة الكاتب والقاص والروائي لإيصال المدلول والحكمة والفكرة إلى المتلقي ومشاركة ومساهمة المتلقي في إنتاج النص فيكون هنا الكاتب أدرك عنفوان اللحظة وخاض اقتناصها من شريط الحياة لكن لا تميل إلى السرد الطويل وتفصيل التفاصيل أي (الكلام المناسب في المكان المناسب) فالقصة القصيرة بهذه الكيفية والإبداعية الفنية المختزلة تكون الجنس الأدبي الأصعب لأن كاتب القصة مطالب أن يمتع القارئ ويسحره بحيز صغير ومكثف وبلاغة ومفردات لغوية كالجواهر النفيسة الفاخرة التي تتجمل فيها الفاتنات فتكون بهذه الجواهر اللغوية رائعة الجمال وخاصة إذا صاغها الكاتب بمهارة فنية وإبداعية وفصاحة وعلى الكاتب أن يبني بلاغته المتجدده مع مهارة الكاتب في تسلسل الحدث بحذاقة وبراعة فليس كل من كتب ونشر مبدع وإنما من أبدع وحبك وهندس بذوق فني فالكاتب مهما تألق يبقى يخوض التجربة ويطلع على وجهات نظر الآخرين وقراءة أفكارهم فمثل هذا الكاتب المؤمن بالتجديد والتطوير يجد في التجريب مجال صحي لتطوير أدواته الذاتية وعمله الأدبي والفني فيفتح مكامن طاقاته الإبداعية والمجاهل المعتمة فتضئ دنيا الإبداع أمام مسيرته الأدبية وتزدهر ذائقته الفنية على خلاف أولئك الكتاب التقليدين ذوات الأقلام والأذهان التقليدية الذين يكونوا حجرة عثرة أمام مسيرة التطوير والإبداع والتجديد للأجناس الأدبية عامة والقصة القصيرة خاصة. سيظل الطموح الجمالي هاجس كل المبدعين ومن انزلق ضارباً عرض الحائط تجارب المبدعين والسابقين الأوائل في القصة القصيرة بامتياز فعليه التوغل بغمارها شاء أم أبى فهم الأصالة والتاريخ والثقافة والوعي وهذا ماتؤكده المقولة الخالدة (إذا أردت أن تعرف قيمة أمة فانظر إلى فنونها وآدابها).. لذلك لابد للإنسان أن يعمل ما دامت الطبيعة تفرض علينا التعايش.. فالبعض يعمل بيديه والآخر يعمل بعقله وآخر يعمل بقلمه وحرفه هكذا هي دورة الحياة في الطبيعة أي من الإنسان للطبيعة ومن الطبيعة للإنسان ولابد لنا أن نحافظ على إبداعنا وتراثنا من العابثين والمتحلقين والمتحيزين وأذنابهم ..فلا نردد مايقال ويتداول (إننا أمة تزرع كثيراً ولا تحصد إلا نادرا ورديئاً) بينما نجد كل الظروف ملائمة لنثر بذور الإبداع والتألق والأفكار لكي تنمو وتزهر زهوراً و لتصبح ثمار الأفكار والإبداع يانعة لجني التقدم والتألق الفكري والأدبي... وكما يقول الأصفهاني : (إني رأيت أنه ماكتب أحدهم في يومه كتاباً إلا قال في غده، لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد ذاك لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك ذاك لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر...).

ففي البداية أود أن أنوه بشيء هنا أن أي عمل هو كرامة للإنسان وسمو للنفس فلا يمكن أن نتردد إذا ما تأملنا قول الشاعر (فاكسب لنفسك منها جهد ما وصلت إليه واتعب فإن النجح في التعب.) (الشاعر محمد أحمد المشاري) في مجلة البيان..العدد (523) فبراير2014)..

ولذلك علينا بذل قصارى جهدنا فيما يحقق التجديد والتطور والإبداع المنشود والذي نتأمله ونتمناه ونظمناه للأجيال القادمة من حياة النماء والثراء الفكري والعلمي والأدبي وفي كافة مجالات الحياة ليعود عليهم بالخير والهناء والاستقرار ليكملوا مسيرة الإبداع والتحدي لصياغة الأفكار الجديدة ويسخو بالوفاء للأجيال السابقة والراحلة ولنكسر معا تلك الأسيجة الكونكريتية المسلحة بالأفكار البالية والحتمية الفردية المعلولة بالأمراض والعلل وعلينا أن ندعم كل فكر جديد وأي محاولة للتجديد من هنا لابد أن أقول : إن أبواب الأدب والإبداع والنقد مفتوحة للجميع لذلك تقدمت نحوهم دون خوف أو قلق من مبدأ أن الكتابة هي الحرية المطلقة وبما أني أستاذة تاريخ ترددت كثيراً وأنا اعلم جيداً بتفوق أقلام إبداعية مضيئة في فضاء النقد الأدبي والإبداع الفكري للأدب العربي وأساتذة وعلماء في النقد الإبداعي وقامات من الكتاب المتميزين لكن الأدب يستوعب التجديد والأفكار وأساتذة كل العلوم فأبوابه مفتوحة للجميع... نعم وبالتأكيد أنا لست متخصصة في النقد الأدبي لكن كما يقول الدكتور جابر عصفور في لقاء وحوار مع الأستاذ الناقد جميل حمداوي (في ديوان العرب _ في يوم 31/ايار/ 2008)

 


 

إن الناقد المتميز هو الذي يكون متمكناً من جميع الفنون الإبداعية ولابد أن يكون قد مارس الكتابة في (القصة ..المسرح ..الرواية ..الشعر ..وباقي الأجناس الأدبية الاخرى) وأن يكون مثقفاً موسوعياً وباحثاً شمولياً ليستطيع أن يفهم العمل الأدبي ويفسره ويفككه ويركبه... .وأيضاً يمكن للناقد أن يفشل في جنس أدبي معين ولكنه ينجح في مجال النقد والقراءة الوصفية ويصبح فيهما علماً بارزاً يشار إليه بالبنان، ويذكر الأستاذ الناقد الكبير (جميل حمداوي) واصفاً الناقد : الناقد الحقيقي هو الذي يحترق بوهج النقد وحرقة الإبداع الأدبي... ..(ديوان العرب) بقلم (هشام بن الشاوي)

وبينما أنا أتأمل هذه المقالات والحوارات الدراسات النقدية والاعمال القصصية الرصينة من حيث النوع والإبداع والحبكة والتعبير النثري المعبر لجوانب الحياة متحداً ومنسجماً مع الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والشخصيات المراد التحدث عنها بحس كبير وشاعرية تختلف عن الرواية في السرد والشخصيات ..فتوكلت على الله وأجزمت وقسمت بين نفسي وأمام الله أن أجمع هذا الكم من الإبداع وأغوص في فكر وإبداع راهب الأبجدية الحافظية مره أخرى وأقتحم محراب أبجديته وفكره الإبداعي الذي لم يأخذه كل هذا الإبداع والتألق الأدبي من أمهات المثابره والكتب والبحث والقراءة من أجل الاعتلاء والامتلاء الفكري والثقافي الذي ساهم في تدفق الإبداع المتعدد فكرا وإنتاجا وتشعباً ما بين (الشعر.. الرواية.. القصة القصيرة.. المسرح التجريبي.. مسرح الطفل.. المقالات.. والكتابة للأطفال والتلفاز والسهرات التلفزيونية.. والإذاعية..)

فمن يطلع على إنتاجه وإبداعه الأدبي يدرك حقيقة ما أقول ليس تحيزاً بل له بصمات واضحة في الإبداع الأدبي صقلتها ثقافته المعرفية والفكرية فهو (الأستاذ والكاتب والقاص الروائي المبدع السيد حافظ) فهو متمكن من لغته وأسلوبه الأدبي وذكائه ورؤيته للموضوعات الحقيقية مثل حب الوطن وخيانات المبادئ وما أفرزه المنافقون في تدمير كل شى جميل مما قدمه للوطن ولنا ولكم أيها المبدعون والمهتمون بالأدب والنقد الأدبي الراقي والمتجدد وفق أساليب أكاديمية ومدارس نقدية تحث على النوع وليس الكم... .فمن خلال هذا الكتاب الذي يمثل نوعاً من انواع الفنون الأدبية . وهو تجميع الدراسات والمقالات التي كتبت عن الكاتب الروائي والقاص المبدع الأستاذ السيد حافظ) فقد سبقني في هذا المجال والنوع من الكتاب كثيرون على سبيل المثال لا الحصر ..( الثعالبي ..والشيخ السيوطي ..والجاحظ) ..وفي العصر الحديث قطبان كبيران هما الدكتور محمد حسن عبد الله .. من مصر وله (16) كتاباً تجميعياً حول أدباء وشعراء الكويت...

الأستاذ والشاعر الكبير والباحث الكبير من الكويت (خالد سعود الزيد) وله (12) كتاباً تجميعياً وكذلك الشاعر والناقد الكبير خليفة الواقيان من الكويت... أناشد المثقفين والمهتمين بالأدب والنقد من اكاديميين وأساتذة النقد والأدب العربي مناشدة بعيدة من التوتر والجزع ربما لحرصي على الذائقة الأدبية والتطور الإبداعي وربما تظنون التعاطف لا بل المساندة لكل إبداع متميز والبحث عن الجودة والمعاني السامية واللغة الرصينة والحث على مواجهة ومساندة الأدباء والكتاب الراقين والمبدعين الذين ظلموا في بلادنا العربية أناشدكم بحب النيل لا تهجروا النصوص دون قراءتها.. ولا تهجوها إلا بعد أن تدرسوها.. التصقوا بإبداع الأبجديات الراقية التي تتمتع بقيمة وصيغ وشاعرية تعانق النيل وأرض الوطن والإنسان والتاريخ وبالتأكيد هذه النصوص ليست خاوية وناشفة فتجاهلكم للنصوص يسلبها الحياة . ويجعلكم أمام التاريخ قتله تنتقصون من قدر بعض المبدعين وتدفعونهم بإحداث توتر نفسي في العزلة والاكتئاب والشعور بالقهر والضيم والإحساس بقمة الحرمان .وتحولكم إلى ألدّ الخصام للمبدعين من أبناء الأمة والوطن... . وإذا نظرنا إلى ماحدث في التاريخ الأدبي العربي عامة والمصري خاصةً لوجدنا الكثير من الأسماء التي عانت من التهميش والتحجيم بلا سبب مثل (محمود دياب ..سعد مكاوي... نجيب سرور .. وحافظ إبراهيم ..وعبد القادر المازني ..ومحمد حافظ رجب .. وصنع الله إبراهيم . والقائمة تطول وتكثر الأسماء من كل الأزمنة ومختلف الأجيال في جميع الأقطار العربية ..) لاكتشفنا المهازل الكثيرة والحروب الكبيرة بلا سبب وبلا هدف سوى الغيرة والحقد الغير مبرر فمثلاً نصوص الأستاذ الكاتب الكبير السيد حافظ غنية ومثمرة ومحتشدة وواسعة المدى والمساحة وفاعلة تأطر الشخصيات وتحاكيها بنسيج النص وتنقلاتها والعلاقات الاجتماعية والإنسانية وأحيانا واقعية... .وقد قمت مسبقا بإصدار كتاب عنه في جزئين الأول خاص بـ(20) دراسة نقدية للناقدات والثاني ب (25) دراسة نقدية للنقاد وكان بعنوان (التشظي وتداخل الأجناس الأدبية في الرواية العربية... نموذجاً السيد حافظ ..)

في مشوار إبداعه الروائي (الذي يضم الرواية السباعية) وروايتان أخريتان ..

وركزنا على مشروعه في كتابة السباعية (المسرواية) أو الملحمة الروائية فهنا سنتناول مشوار آخر من الإبداع للأستاذ الكاتب الكبير والروائي المبدع (السيد حافظ)

أما البدء هنا سيكون المشروع القصصي عنده . الذي بدأ في عام 1970 م...

المشروع عبارة عن ثلاث مجاميع قصصية جمعت في كتاب واحد بعنوان (لك النيل والقمر) مطبوعات المجلس الأعلى للثقافة.. الطبعة الأولى..سنة 2016م

وهو يضم 44 قصة قصيرة كتبت في (46) عام أو يزيد.. ومن المعروف أن القصة القصيرة هي في المفهوم اللغوي أي تعريف ومعنى القصة في معجم المعاني الجامع

قصة (اسم) : والجمع : أقاصيص وقصص

القصة : التي تكتب

القصة : الجملة من الكلام

القصة :الحديث

القصة : الأمر

القصة : الخبر

القصة : الشأن

القصة : حكاية مكتوبة طويلة تستمد من الخيال أو الواقع أو منهما معاً : وتبنى على قواعد معينة من الفن الأدبي والجمع (قصص)

قصة قصيرة :( آداب) هي قطعة نثرية فيها عدد قليل من الشخصيات وتهدف إلى التأثير... . فالقصة إذاً هي فن أدبي عالمي قديم جداً وقد وجد عند معظم الشعوب والأمم مثل الإسلام وخصوصاً عند حضارات الروم والفرس وكما احتوى القران الكريم على العديد من قصص الأمم السابقة وقصص الأنبياء بل وخاطب العرب بطريقة قصصية ملائمة لميولهم وطبائعهم المعتمدة على حب اسماعهم للقصص والأخبار التاريخية والحكايات المختلفة في مجالس السمر والسهر وتتميز القصص العربية قبل الإسلام بالواقعية وخلوها من الخيال والمبالغة في السرد باستثناء قصص الأساطير . ومن مظاهر اهتمام العرب بالقصة هو حرصهم على جمع ورواية أخبارهم التاريخية وحكاياتهم المتعلقة بالحروب والحوادث ومن المعروف أن القصص في القرن التاسع عشر نوعان الأول خيالي والثاني : حقيقي.

في النوع الأول الخيالي : الشخصيات تكون من نسج خيال الكاتب وليس لها وجود حقيقي وقد تكون القصة ذات طابع رومانسي يصور بطولات الفرسان ويصف العلاقات السامية والأخلاق القبلية ومنها ما يكون اجتماعياً...

أما النوع الثاني (الحقيقي) 

 


 

يتحدث الكاتب عن قضايا المجتمع... ونوع آخر من قصص الخيال العلمي التي ليس لها علاقة بالواقع فهي عالم خيالي بحت... لكن بعد ذلك تطورت القصة العربية بشكل كبير لاتصال الثقافة العربية مع الثقافة الاجنبية بالإضافة إلى التطور السريع في وسائل الإعلام ووسائل الاتصال وأصبحت القصة أداة إعلامية معاصرة وبالإضافة إلى زيادة الترجمة للعديد من القصص العربية من قبل الغرب وتزايد عدد الكتاب العرب في مختلف الأقطار العربية فالقصة إذاً هي حكاية مكتوبة مستمدة من الواقع أو الخيال أو من الاثنين معاً بشرط أن تكون مبنية على أسس معينة في الفن الأدبي وجمعها قصص . والقصة بمفهومها المعاصر هي : تسجيل لمايحدث في فترة معينة من الفترات سواء كانت أحداثها كثيرة أم قليلة واحيانا حدث واحد . وتكون هذه الأحداث قد تركت أثر في نفس الكاتب الأمر الذي دفعه إلى كتابتها وقد تكون هذه الأحداث واقعة خلال فترة طويلة فتشكل ما يسمى بالرواية أو فترة زمنية متوسطة فتسمى (قصة) أو تكون الفترة قصيرة فتسمى (القصة القصيرة) تحتوي على حوادث نقلها الكاتب من الحياة الواقعية ونسقها بشكل فني وأدبي وبطريقة تميزه عن غيره من الكتاب . وأحياناً ينسج ويرسم صورة مستقبلية لتلك الأمور الواقعية لا يمتلكها الأفراد أما براعة الكاتب تكمن في عرض الأحداث وتنسيقها لتقديم قصة تتسلسل أحداثها بطريقة تجذب القارئ منها ولتتماشى الأحداث والشخصيات مع الغاية التي يرجوها المؤلف من تأليفه لتلك (الرواية) أو القصة وتصف القصة بأنها مرحلة معينة من مراحل الحياة تبدأ بنقطة معينة وتنتهي عند نقطة أخرى وبشكل تفصيلي سواء كانت هذه المرحلة متعلقة بشخص واحد أو عدة أشخاص (بقلم الأستاذة: سارة حسان) في 17/10/2017.

أما الأستاذ (فؤاد قنديل) في منوعات أدبية (المجلة الالكترونية بواسطة دانة الوهادين في 15 /مارس/ 2016) عرف القصة القصيرة : إنها نص أدبي نثري يعمل على تصوير موقف أو شعور إنساني بشكل مكثف لتحقيق مغزى معين . وتكون ممتعة وشيقة لتجذب انتباه القارئ .وتكتب بشكل عميق لتعبر عن طبيعة الإنسان...

اما الأستاذ (علي عبد الجليل) في كتابه (ص 3) في (القصة القصيرة) الصادر من (دار أسامة للنشر - الاردن )...

يقول: القصة عمل أدبي وفني ماهي إلا حقل تنمو فيه المفردات والتركيب وتتلاقح الصور والدلالات لتنتج في النهاية إحساساً جمالياً وتذوقاً فنياً ويتهيأ المتلقي لاقتناص الحدث ويتفاعل معه من خلال النسيج الفني للقصة فلابد له من أن يحصد اللغة بمفرداتها وصورها.....

بالإضافة إلى كل هذه المعاني للقصة بصوره عامة والقصة القصيرة بصورة خاصة يمكن أن نقول أن القصة فن أدبي وجنس من الأجناس الأدبية وهي تعرض مجموعة من الأحداث الواقعية في مرحلة معينة من مراحل الحياة وعادة ما تكون هذه الأحداث قصيرة وصغيرة يدور حولها محور القصة وليس من الضرورة أن يكون محور القصة شخصية معينة وإنما من الممكن أن يكون محورها (حوار داخلي) أو (أمور نفسية) يدونها الكاتب عن حادثة معينة ويمكن للقصة أيضاً أن لا تحتوي في أحداثها على حوار بل بوصف حادثة ما شرط أن يبذل الكاتب جهداً لتكون مؤثرة ومعبرة بطريقة وأسلوب فني واستخدام اللغة المؤثرة التي تترك أثرا في نفس القارئ ومختصرة كثيراً وتسرد أحداثاً مكثفة دون أن تؤدي إلى فشل العمل القصصي... .

إن الإنسان يميل إلى ما يسمى (بالكدم والحزن وبعدم الفرح) من مبدأ لا الشعور. ولأن الله خلق الإنسان محباً للفرح فلابد لنا أن نسعى دائماً لنتذكر المناسبات المفرحة والأيام الجميلة التي لا يمكن أن تنسى... ونسعى في أوقات كثيرة للنسيان لأنه نعمة من الله كي نتجاهل الحزن والألم والصدمات المأساوية التي تصل بنا إلى الحقد وأحياناً للانتقام وما بين الفرح والحزن دمعة وابتسامة. وأحياناً شعور بغيض يتمظهر بنظراتنا ويتصور بصور مؤامرة تحاك ضدنا وتخاصم مع الذات والمجتمع واعتكاف في محراب المؤامرة الثقافية. فانطلاقاً من هذه العبارات والتساؤلات والمقالات التي نقرأها والأحاديث التي نسمعها أن هناك من يعبث بالثقافة ويحجر ويتآمر على الأقلام وأبجديات المبدعين فأنا لا أدعي الكمال وإنما داعية للكمال من أجل محاولة للوصول للحق وأن أضع هذا المشروع بين دفتي كتاب لنتستنير بما يحتوي لعلنا نساهم معاً لنوقف أولئك الذين يسعون لوضع العصا في عجلة التقدم والتطور الفكري والنقد الأدبي ويحاولون أن يقدموا لنا نصوصاً وأعمالاً ليثبتوا للأجيال المستقبلية أن الوطن العربي يخلو من الأقلام النظيفة الشريفة المتألقة ويروجوا للأعمال التي دون المستوى من مبدأ أن المال ممكن أن يشتري النفوس وأن بالمال نصنع كل شي... لا بل ألف ألف ألف لا إنه كلام مرفوض وعمل مشين فالمال لايصنع المثقفين ولا يصنع الثقافة بل ينشر الثقافة متأكدة بل أجزم أن الذي يكتب بتألق وإبداع غير الذي ينشر كلام مأجور فالكتابة إلهام وإبداع وتألق وحس وذوق من هنا نتسائل...

·         هل الكاتب الروائي والقاص المبدع الكبير الأستاذ السيد حافظ تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة لديه ؟؟

·         هل توافرت التقنيات في كتابته للقصة القصيرة ؟؟

·         ما هي عناصر وخصائص القصة القصيرة لديه ؟؟؟

إن القصص القصيرة لدى الأستاذ المبدع الكبير السيد حافظ معزوفات وجدانية وتجربة لمشروع ثري مثري ذات لغة شعرية ورمزية وجدانية مستمدة من الواقع بحس عفوي وخيال تجلببت بالواقع وابتعدت عن الارتجال بحيث يشد القارئ لقراءة ماكتب الكاتب ويتشبث بالقصة أو مجموعة قصصه القصيرة فيطرح الكاتب العبقري الأستاذ (السيد حافظ) العموميات بدلا ً من الخصوصيات بطرح شامل لهموم الإنسانية... فمن هذه المعزوفات لكم أيها الأدباء النقاد والأكاديميون والباحثون المتشوقون للأدب عموماً والقصة القصيرة خصوصاً...

إضاءات فنية بارعة ومشرقة للقصة القصيرة... نموذجاً السيد حافظ.. وبحروف لأقلام نقية تسعى لتحقيق الفكر والرغبة والطموح من أجل التجدد وتوضيح التميز بين الأبجديات للأدباء وتوثق الأعمال القصصية ذات الصيغ الفنية والتقنية المتميزة بالإبداع الحسي والشاعرية التي تميز بها وانفرد وتمرد بحروفه كالقنابل التي انفجرت وتشظت إلى إضاءات نارية وحروف تتلألأ في سماء الإبداع الأدبي والنقدي في سرد القصة القصيرة...

يؤكد هذا الإبداع للكاتب ما أكده الأستاذ الدكتور إبراهيم خلوفة إذ يقول : (المجموعة القصصية للكاتب السيد حافظ عبارة عن تأملات في المجموعة القصصية للكاتب المصري المتميز (السيد حافظ) فقد ارتأينا جمعها في دفتي كتاب لتنهض دليلاً على المكانة التي يستحقها الكاتب باعتباره الضمير النابض والعقل المفكر للذات العربية التي تعيش أزمتها الحضارية في صمت قاتل..)..

إن طريقة الأسلوب ذات بيانية رائعة كثيرة الاندهاش والإغراب والروعة الفنية وتترك القارئ مدهوشاً حائراً أمام شاعرية اللغة والنص المختزل إيجازاً وإختصاراً فيسبح في عوالم التخيل والتأويل ليفك طلاسم النص وهذا ما أشارت له الدكتورة الناقدة المبدعة وفاء كمالو حيث أدهشتها عبقرية الرواية، ودهشة القصة القصيرة، والحضور اللامع في قلب المشهد الثقافي تقول الدكتورة وفاء كمالو إن الأستاذ السيد حافظ يكتب إبداعاً ووعياً .. السيد حافظ يطرح مفهوماً جمالياً مغايراً للوجود والإنسان. الماضي يقفز من قلب الحاضر، تتجاوز الأزمنة حدودها وتصبح أمام أحد أهم تقنيات الكتابة الحديثة التي تستعصي على القوالب الثابتة والأنماط السائدة، أسلوبه السردي يتميز بشاعرية اللغة. سحر التفاصيل، دفء الصياغات، عالمه القصصي شديد الوهج، والإيقاع يتصاعد عبر جماليات المونتاج مسكون بالمقارنات والنبوءات بالتراث والميراث والأساطير بالليل والهمس والرغبة والجموح فهو كيان ضخم يجب علينا وعلى القارئ البدء بقراءة النصوص بيقظة وتذوق والاستمتاع بفناء السرد واللغة الساحرة ورصد أسلوب التلون اللغوي والشاعري والصراع ووجهات النظر من خلال الأبعاد الوطنية والقومية ومنظورات الوطنية والوطن في نظر الكاتب والمواطن الوطني المغترب والمهزوم بغربته وهو يرى الواقع الذي لبس لباس الضياع والفساد والخيانة والسخرية بالمواطن والتغني بحقوق الإنسان المسلوبة فالمؤلف أو الكاتب أمام مسئولية الدفاع والمدافع من خلال الكلمة وقول الفصل فترشدنا هنا الدكتورة ليلى بن عائشة بعد أن غاصت في أعماق نصوص الكاتب فتكتشف مؤكدة الآتي ((من المؤكد أنه كاتب سبق زمانه بأزمنة وأستشرف واقع زمانه بدهور وهذا ماتؤكده إبداعاته على الدوام وإذا شككتم في ذلك اقرأوا كتاباته من الآن الأول لبدئها إلى الآن الآتي لتكتشفوا ذلك بأنفسكم))... وأنا أوافق الدكتورة بما ذكرته لأنه يتميز بأسلوب مختلف وله بصمته فأسلوب الكاتب يكشف عن شخصيته وقوته التي لها الأثر على النفوس فهو مبدع الكلمة والحيوية والقوة وبالتالي يؤكد هويته الإبداعية والانتمائية فهو صانع الإبداع والأفكار والمشاريع الإبداعية في القصة القصيرة والرواية والمسرح وهو القلم الذي لا يسهو ولا يغفل لحظةً يتألق من جيل إلى جيل مستخدماً اللغة ومتغيراتها بقاموسه الحافظي وهنا أشرقت الشمس وأضاءت حروف النقد الجرائري بالدكتورة هاجر مباركي لتقول لنا إن الأجمل وأجمل ما يكون أن تعبر إلى التجربة تتجاوز الحالة الإبداعية الجاهزة للوصول إلى لذة النضج الفكري وسلامة الذوق مع السيد حافظ والأجمل الأجمل أن تلج المساحات المخبوءة والمعلنة بتناول فني متناسق عبر المجموعة القصصية (لك النيل والقمر) عنوان يشكل الغلاف القصصي لمساحة إبداعية تتشابك فيها القصص في عالمها الغني بالموروث الثقافي الإنساني والعربي يرتقي بها إلى التمثيل الرمزي لفكرة الوطن أو الأمة . هي تجربة تعبر عن القلق الإنساني باعتباره يشكل بعداً من الأبعاد المعرفية للإنسان ..)) وتنتهي الدكتورة هاجر مباركي بغوصها ورحلتها في فناء الفن والإبداع الحافظي للكاتب حيث استنتجت وأجمعت حقائق إبداعية فتقول :- ((آثرنا من خلالها الكشف عن مكامن التميز في فضاء الإبداع الحافظي مستأنسين فيها بحقائق تأريخية تحرك الذاكرة في إطار بنية قصصية قوامها الانتقال السلس بين أكثر من فضاء)).. أما الصحفي الكبير الأستاذ (عبد الله الشيتي) في الرأي العام بتاريخ 27/1/1980.

الكاتب المبدع السيد حافظ... (( قد مازج المؤلف بين المشكلات العاطفية والاجتماعية والذاتية ممازجة معايشة والتحام، وألقى الضوء على كثير من الهموم الصغيرة الكبيرة، وعالجها بأسلوب مشرق وحس رهيف، فهو متمرس متمكن ولغته مطواعة وأنفاسه في العبارة مكثفة وهذا ما يكسب القصة بين أنامله حيوية ورشاقة وابتعاداً عن الاملال ذلك أن القصة الحقيقية في ما تنهجه من أساليب اليوم، تحاول أن تصل إلى ذهن وعقل وقلب وإدراك القارئ بيسر وابتعاد عن النحت والتزويق في غير معنى أو قيمة أدبية وفنية وموضوعية... إنه بذلك أشبه بالمصور من خلال عدسة لا تهدأ ..يرصد هنا هذه اللقطة أو هذا المشهد... .ويستدل الأستاذ (عبد الله الشيتي) في قصة (أشياء تحلم بالهجرة) الجبل (ص..300) السطر (13)

( وقفت مريم فوق الجبل ترقص.. وأسفل الجبل كان محمد فاروق يعزف على الناي. رقصت مريم وظلت ترقص والشمس تدور . تحرك الجبل فجأة. تحرك ببطء. محمد يعزف ويعزف ولا يدري أن الجبل يتحرك تجاه النهر. وظل محمد يدور ويغني ولا يدري. وهو لا يدري أن الجبل يتحرك في أتجاه النهر....).

 إذاً للكاتب كيفية وأسلوب ليتقن الحبكة والسرد وشد الوثاق وحبكه وأحكامه يعطي تصوراً عاماً للكاتب من خلال الكيفية يقدم الحدث في القصة أو الرواية للقراء وكيفية تسلسل الأحداث فالكاتب يختار الحدث الذي يريد تقديمه للقارئ وأحياناً يؤخر الحدث لأجل التشويق علماً أن الحدث والحبكة كأنما خطين متوازيين ونقطة التقاء الخطين هي نهاية القصة وأحيانا يكون بالطريق مطبات وتعرجات وأحيانا صعود وهبوط وأحياناً تحويلة مفاجئة هنا تكون القصة في ذروتها عند تصاعد الحدث ونهاية القصة أو الحدث إما الاستقرار أو التأمل والفراق أو الغدر والخيانة والاستغلال وبعض الأحيان الانتقام هنا النهاية متروكة للكاتب والشخصيات التي يحاكيها فيكشف لنا الأستاذ الكاتب ومنذ وقت مبكر تقنيته الإبداعية المتقدمة على زمنه وأقرانه لذلك فمن الضروري مطابقة نصوص الكاتب السيد حافظ في مجموعته القصصية (لك النيل والقمر والهرم) التي تم اختزال عنوانها إلى (لك النيل والقمر) بسبب رأي المسئولة عن الطبع أن العنوان طويل جداً بينما كان الكاتب يهدف من خلال هذا العنوان استخدام الرمزية للوطن والخيانة وهذه القصص في المجموعة القصصية التي تكونت من ثلاث مجموعات بين دفتي هذا الكتاب وبنفس العنوان (لك النيل والقمر) وكانت المجاميع هي (سمفونية الحب عام 1980، وجوه في الليالي الضائعة 1995، قصص قصيرة منشورة في المجلات العربية حتى 2009، والطبعة الثانية من لك النيل والقمر التي أضيف إليها مجموعة قصص قصيرة جداً) لذا لزم التنويه عن هذه الدراسات .. فالمطابقة والمقارنة مستنهض للقارئ من حيث مستوى التخيل أو الذاكرة ويظهر معادلها الجمالي بواسطة قارئ أو ناقد أو طالب دراسة أكاديمي فيقيم علاقة بينه وبين النص وما يحيل عليه الواقع والحياة في وسعها وتعقيدها . فهذا ليس غضاضة وإنما المخزون الإنساني أزلي ينهل منه الجميع الفرق فقط بالتعبير الفني فالكاتب يوظف الأفكار والحوادث والحكي من واقع لآخر عبر التأريخ لكن حقيقة لابد من نقشها هنا لتتوثق في ذاكرة التاريخ . أن السيد حافظ دون شك أحد رواد القصة الواقعية والرومانسية وأباً دون منازع للتجربة والزمن مهموماً بالنشر لنفسه بنفسه بقدر ماهو مهموماً بجنس القصة القصيرة ومستقبلها وتطويرها خاصة في مصر و الوطن العربي عامة وبصورة جادة نقش بقلمه فناً وأدباً غلب عليهما الواقعية والوطنية والقومية أما أبطال شخصياته كانوا غالباً من الطبقات الشعبية لذلك السيد حافظ أسهم في تشكيل الاتجاه الرومانسي والوطني ليس كما كان يكتب حينذاك عن العزلة ومناجاة الطبيعة هرباً على ما أظن من الواقع الذي كثيراً ما نقرأ عند البعض العجز أو بالأحرى عجزوا عن تغيير ذلك الواقع فنرى المجموعة القصصية للأستاذ السيد حافظ (لك النيل والقمر) حملت ما حملت من التعبيروالتطلعات والأمال والأماني للشعب العربي فالكاتب استلهم تجلياته اللغوية ولغة التخاطب الرومانسية عندما أهدى لحبيبته أو أميرته النيل والقمر والهرم وهما تاريخ وطن وحضارة ليحكم الحبكة القصصية كما جاءت في القصة (لك النيل والقمر يا أميرتي)....

فمن خلال قراءتي لبعض النصوص للكاتب تبين لي ثمة محاور يمن أن تكون هي الأساس في التفاعل والتماس مع الذات والدلالات وكلها تصب في بوتقة الإبداع والمستهدف لدى الكاتب هو المتلقي وكيفية إيصال الفكرة بأقصر الطرق وأكثف وأعمق .. فإحدى الدراسات المتعلقة بالرمزية والعبثية التي يستعرضها الباحث الدكتور (عبد العزيز خلوفة) حول القصص القصيرة جداً التي كتبها الكاتب السيد حافظ تلك القصص التي تضمنتها الطبعة الثانية للمجموعة القصصية (لك النيل والقمر) حيث تناول الباحث الدكتور عبد العزيز خلوفة قائلاً ((يعري المبدع الكبير السيد حافظ المشهد السياسي في مصر ويكشف للقارئ صورة الوطن عبر التاريخ فعندما تنكشف عورة الوطن ترتعش ذات الكاتب إذ يترجم قلقه الداخلي وحسرته الشديدة على حاضر الأمة الباعث على التردي والهاوية)). هنا يستخدم الكاتب الرمزية فتتفجر كلماته ذات المعنى العميق وهذا يكشف لنا وعي الكاتب بمستقبل الوطن فيستشهد الباحث الدكتور عبد العزيز خلوفة من خلال المجموعة القصصية (لك النيل والقمر) بنماذج من هذه القصص القصيرة جداً التي ضمت إلى المجموعة فيستدل بقصة ((ترى ما الذي جرى ..)) ؟

أغمضت عيني لحظة ثم فتحتها فوجدتني في عصر المماليك.. يحاصرون الشوارع .. والسلطان سليم الأول يأمر بالقبض عليَ... فأصبحت سجيناً طوال 450 سنة... ترى ما الذي جرى...؟ فهنا نرى الباحث قد أشار إلى صيغة التساؤل التي استخدمها الكاتب.. ما الذي جرى.. ؟ سؤال الدهشة والحيرة. دهشة تفسرها التغيرات الحاصلة بلا إرادة شعبية وبلا تخطيط معلوم وبلا مقدمات ملموسة ومن ثم فإن السؤال يقتسمه الكاتب مع القارئ فيختزل دلالات عميقة تتناثر بالإصرار على استحلابها. ثم يستعرض الباحث الدكتور عبد العزيز خلوفة الذات الحاضرة كشخصية فاعلة رئيسة تمثل نموذج المثقف العضوي باعتباره جزء لا يتجزأ من الوطن يتوقد ضميره الحي الصارخ على الدوام ..ثم يتناول الباحث الدكتور عبد العزيز خلوفة شئ من التفصيل الدقيق والوعي للشخصيات وخاصة النسائية ويركز الضوء على قصة(شباك الوطن) (.. صرخت المرأة الغانية من شباك الوطن .. أيها المتشاجرون في الساحة .. الوطن في غيبوبة منذ 40 سنة لا يسمع صوتكم ولا يشعر بكم .. اللعنة عليكم كفوا عن الصراخ.. دعوه ينام ..) هنا أكد الباحث على الضياع والصراع والاختفاء فيقول إنه صراع درامي والنهاية مأساوية وهذا ما يؤكد قول واستنتاج الباحث في استخدام الكاتب الفعل (يتشاجرون) فهو الشجار والصراع بين العلمانية والأصولية وبين اليسار واليمين وأيضاً (غيبوبة- صراخ – جثة – اختفى) كل هذه الأفعال والأسماء تدل وتؤكد الفوضى والعبثية لن يكتفي الباحث بل أكمل دلالاته العنوانية في الرمزية والعبثية في قصة أخرى هي (سلة المهملات) التي انتهت بكتابة رسالة ووضعها في ظرف ليكتب عليه العنوان فلم يتذكر العنوان فرماها في سلة المهملات .. فكل عنوان ترجمة وعي للكاتب وكل عنوان اختيار صريح وشفاف للباحث فالآلام الخفية مسخت الذاكرة التي لم تعد تعير الاهتمام للوطن .والوطن الذي أيضاً تعرض للمسخ واحتال عليه المحتالون وهكذا يستمر الباحث الدكتور عبد العزيز خلوفة في تحليل واستعراض للقصص القصيرة جداً للكاتب والأبرز في دراسة الدكتور عبد العزيز خلوفة التأكيد على الترميز والدلالات وأن القصص القصيرة جداً ليس مجرد لقطات أو شرارات بل هي شعور ثابت وعقيدة فكرية ورؤيا فنية ومساحة شاسعة من المعرفة وأيقونات وصيغ تعبيرية (....) مما يجعل القصة القصيرة جداً لدى الكاتب منظاراً له مقوماته وخصائصه الفنية التي تنسجم مع مواقفه الفكرية بالإضافة إلى استخدام الكاتب العلامات الترقيمية وعلى أكثرها نقط (..) دلت على الإيجاز والاقتضاب فالغاية منها ذكاء الكاتب لتحفيز القارئ على التشويق والتخيل والتأمل وغالباً ما تكون نهايات قصص الكاتب علامات التعجب والاستفهام وأحياناً علامات الترقيم لأهميتها وجماليتها الدلالية وغالباً ما يكون هذا الترميز والاختزال يتماشى وتيار العبثية ويختتم الباحث دراسته النقدية بأن القصص القصيرة جداً لدى الكاتب السيد حافظ ماهي إلا شرارات ساخنة ولقطات مضيئة تكشف حقائق مثيرة للجدل فهي ذات صلة بوجود الإنسان في وطن فاقد للبوصلة، وطن بلا قلب، غارق في ظلمات الجهل والغباء والظلم فهي تعالج بشكل رمزي معاني العبثية والاغتراب والفوضى واللا معنى في ظل ثقافة سياسية يتألم في صمت ويتمزق نفسياً جراء التهميش والحصار حصار يطال سلوكه وأفكاره ووجوده ككائن صارخ لأجل الحق والإصلاح بحيث تنتهي جهوده في كل مرة بالفشل.... فمن الدراسات النقدية المدونة في دفتي هذا الكتاب تتوالد وتتبلور لدي حالة من التوتر والصخب والقلق والترقب فتتفجر التساؤلات فما هو الوصف العام والخصائص والسمات التي أحصتها الدراسات النقدية للقصة القصيرة والقصيرة جداً ؟ الحقيقة أدهشتني الدراسات بتحليلاتها اللغوية والفنية في آن واحد وجمع بين الرؤى النقدية العميقة والعلمية الإبداعية والفكرية لخفايا النصوص الأدبية وكشف النقاب والتنويه والإشادة ببلاغة الأبجدية اللغوية للكاتب السيد حافظ وعلى العموم فالقصة القصيرة جداً اتصفت بالجرأة والتكثيف والمفارقة وفعلية الجملة والسخرية والإدهاش واللجوء إلى استخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام والاعتماد على الخاتمة المتوجهة المؤاخذة المحيرة وخرافة اللقطة واختيار العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها وتميزت بالبلاغة التي تجاوزت السرد المباشر إلى ماهو بياني مجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي بالإضافة إلى عنصر التكثيف والتركيز والتدقيق في اختيار الكلمات والجمل والمقاطع المناسبة واجتناب الحشو والاستطراد والوصف والمبالغة في الإسهاب والرصد السردي والتطويل لغرض تشويق وتأثير ودغدغة المتلقي بحيث يتيه في أدغال النص ويسبح في عوالم التخيل والتأمل لفك طلاسم النص واجتياز فراديسه ورصد الأبعاد الوطنية والقومية والإنسانية من خلال منظورات ووجهات نظر مختلفة بالإضافة إلى ثيمات أخرى مثل الحرب والاغتراب والهزيمة والضياع والوجود والنساء والحب والسخرية والتغني بحقوق الإنسان.... وبسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المعقدة والمتشابكة التي أقلقت الإنسان وما تزال تقلقه وبالإضافة إلى عامل السرعة في القراءة للنصوص القصيرة جداً بعد أن اندفع الإنسان أو المثقف إلى سباق مادي وحضاري وفكري وإبداعي القصد منه إثبات الوجود والحصول على المال وليس الإبداع والجمال والرقي الفني كما أدهشتنا ما تضمنته المجموعة القصصية من نصوص تناثرت فسيفسائتها الجميلة لتضيف جمالية فنية وإبداع أدبي لجنس أدبي وأسلوب تكنيكي لكاتب بليغ المعنى كثيف التعمق والتجذر بالإضافة إلى المفاجآت والانفعالات الظاهرة في أعماله ولا سيما أسلوبه الفض والغامض والسلس والواعظ والعاطفي وأحياناً المبهم المرمز وتظهر في بعض القصص القصيرة الخيانة بكافة أنواع الخيانة سواء الوطن المرأة ويطلبون من الخونة العفة والوفاء فإذا خانت المرأة يطالبونها بالعفة غالباً الآن ماتكون القصص حول هذا النوع من العلاقة بين الجنسين أما الأستاذ السيد حافظ نال المكانة المرموقة ولم يكن كاتباً محدود المقدرة على الرغم من كثرة مايكتب في الوقت الحاضر ولا ننسى أنانية البعض ودور النشر ووسائل الاعلام والإعلانات لذلك عزمت الأمر بإذن الله إصدار هذا الكتاب ليكون بين أيديكم (الأكاديميين والنقاد والمتذوقين للأدب والفن والقصة القصيرة هذا ماجعلني أختار هذه المجموعة لأفتح بها صدر الكتاب ليكون مرجعاً لذاكرة التأريخ لنعرف ونطلع ونقرأ معاً التطور بل من طور تطوراً ملموساً في زمان ومكان وتجربة وانتقي باقة قصصية تتصف بالإبداع والأصالة وتمظهر الأصالة في المذاهب الفنية فليكن هذا الكتاب إطلالة على عالم جيل كامل يمثله كاتب القصة القصيرة والسرد والحكاء وصاحب الحبكة الفنية الثائر الغريب المشاكس وأحياناً المتسابق السباق المتقن المتقد بذروة الأحداث الذي أصاب الذهول كل من قرأ كتاباته ومجموعته القصصية من حيث الإبداع والفن الجمالي واللغة الشاعرية والحدث والسرد والشخصيات... هذا هو الكاتب السيد حافظ نموذجاً معاصراً وجوهراً ومشروعاً للتحديث والحداثة والتمظهر في الأدب العربي للقصة والرواية وجميع أجناس الأدب العربي...

 

بقلم : نـجاة صادق الجشعمي

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More