بقلم: إيمان الزيات
الاختلاف
الذي يسمح بتعدد التفسيرات بعد مد القارىء بسيل من الاحتمالات مما يدفعه بالعيش داخل النص وبالمحاولة المستمرة لتصيد موضوعية المعنى الغائبة.
ومعط أساسياً آخر شديد الأهمية في هذا النص ألا وهو (نظرية اللعب الحر)
اللامتناهي لكتابة ليست منقطعة عن الحقيقة ومستلهمة من أفق واسع للمرجعيات الفكرية والفلسفية والنظم وطرق التحليل وكأن الكاتب يقول لقارئيه :
(( أيها القارىء العزيز ..
لنلعب سويا لعبة التفكيك من الآن فصاعداً نحن شريكان في كل شىء .. منذ عتبة ولوجك لنصنا هذا فاختر ما تشاء من عناوين له فلن أسميه لك؛ فدوري في اللعبة أن أفكك نفسى أمامك فأخرج لك ذاتي
" الشاعرة / والمؤرخة / والساردة / والمسرحية / والفيلسوفة / والمتأملة / والمتبتلة / والمتبرمة / والمتجهمة / والممنهجة / والعابثة ".
سأرتدى الأقنعة وفي كل مرة حزر أنت من أكون ؟!!
سأمنحك علامات على طول الطريق بالحوار الماتع والمنولوجات الفلسفية .. والمسرحيات الموجعة .. والشعر المحلق الداهش .. سأنفخ في بوق الهداية بكشف العَور حتى لا تفكر بأنى أصعب المسألة عليك.
سأستخدم الكون والظل والضوء .. وأعري آلامي وأفتح لأحلامي طريق الشهرة بالظهور أمامك .. وكل ما أطلبه منك أن تفتح عينيك على الحقيقة .. فاذهب إلى ماوراء السرد أو قف على السطور وتعمق .. المهم أن تصل ))
لو أن لحرف أن يغير مسار السرد من النقيض للنقيض ويجمع الأضداد ويضم المترادفات في تدفق وحنو لكان هذا الحرف هو (واو العطف الحافظية) ذلك الحرف العطفي المذهل الذي يدمج المحسوس بالملموس .. ويكثفهما في جملة سردية ذاهلة تعكس مدى رحابة أفكار ذلك المبدع وتتابعها وتدفقها كشلال هادر يسري بعطاء سردي كريم.
فلقدعطفت العام على الخاص.
وعطفت الشىء على مرادفه.
وعطفت الصفات المفرقة.
وعطفت مالا يستغنى عنه من الكلم.
(وأنا أعرف أن الحب نبي وصبي وبهي وغبي ودني وعتي وشقي وصوفي وفجائي وصدفاوي وقدري وجنوني ومزاجي ونزوي وليس في كل وقت بتقي) .
(القمر لا يعرف أسماء الناس والبلاد والعباد)
(وأنا القاص والراوي والبعيد والداني)
سنجد تعددية في ..
( الضمائر/ الشخوص/ اللهجات / الحوارية / وحتى في الأجناس الأدبية)
وسأكتفي هنا بالاشارة إلى (البوليفونية في الموضوعات) فلقد اشترك وتناص النص في الفكرة والموضوع مع العديد من النصوص العالمية الأخرى سلباً وايجاباً . وعادة ما نجد النص يشترك أو يختلف مع نص واحد على الأكثر ولكن تلك ليس قاعدة من قواعد الفكر الحافظي الرحب والمتفرد .
إنها كتابة المنطق في مقابل اللا منطق .
اشترك النص الروائي الحافظي مع (مائة عام من العزلة ) (لماركيز) في امتدادها الزمني .. إلا أنه عرض الأحداث بطريقة واقعية بعكس الرواية الماركيزية التى صيغت بداخل اطار خيالي.
(أما أنا فإنني أحمل مجتمعاً في رأسي ).
تلك التقنية البريختية التى طوعها الكاتب تطويعاً مائزاً .. فلقد هدم الجدار العازل بينه وبين القارىء منذ اللحظة الأولى بمنحه حرية اختيار عنوان النص .. ثم وضع عينيه الكتابيتين عليه فبرع بالسكوت عن طريق ايقاف المد السردي قبل أن يتسلل الملل إلى نفس المتلقى ومنحه بدهاء شديد (استراحات فكرية مجانية ) من خلال المسرحيات القصيرة بعد أن يقول له بصوت خارجي :
(فاصل ونواصل ..
لا تذهب بعيداً )
ثم ينبهه للعودة من جديد ويقول : ( عدنا .. اقرأ الآن )
وكأنه كان يتسكع في ردهات الرواية متسلياً بالصور والنظر لأفيشات أفلام وعروض مسرحية أخرى !!
تلك تقنية تجسيدية تشعر القارىء أنه يشاهد فيلماً لا يقرأ نصا .
قرع طبول و دق أجراس ونداءات ونساء ومدن ومتعة لا تنقطع.
مبدع حفر اسمه على صخر كهوف لم تكتشف بعد فضمن لاسمه الخلود .
0 التعليقات:
إرسال تعليق