دراسات في مسرح و روايات مهم السيد حافظ (5)
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
إعداد
وحيدة بلقفصي
إيمان عبد لاوي
لجنة المناقشة
د. بوشلاق حكيمة رئيسا
د. مفتاح خلوف. مشرفا
د. محمد زعيتري. ممتحنا
جامعة محمد بوضياف بالمسيلة - الجزائر
قسم اللغة والأدب العربي
2017 - 2018
مقدمة:
يعد التراث السمة البارزة والواضحة التي ميزت الأعمال المسرحية الفنية، الساعية إلى تأصيل المسرح العربي من كل نواحيه ، سواء أكان من حيث الشكل أم المضمون، كون أن التراث جزء لا يتجزء من وجود الأمة العربية فهو كيانها وممثلها، بماضيها وحاضرها ، فهو روح الأمة ونبض وجودها وهويتها، إنه المخزون الحضاري والثقافي الذي يرثه الخلف عن السلف فيشكل لديه القيمة الثابتة التي يبني منها الخلف ضمن أهمية تاريخية، حاضره، ووجوده الآني والمستقبلي انطلاقا من إقامة الصلة بين الماضي والحاضر، حيث إن التواصل مع التراث هو الذي يحقق للأمة وجودها الفعلي، إذ أنه مقوم هام لمقومات الشخصية العربية والمعبر الأول عن أصالة الأمة؛ فقد صار التراث طاقة إبداعية تجسدت وتمثلت من خلال محاولات كثيرة ومتعددة، والتي أصبح للتراث مكانة ذات قيمة كونه يعد الوسيلة الأهم للتعبير عن قضايا الجماهير بهمومهم وآلامهم وآمالهم، فالتراث قارئ للماضي والحاضر؛ ؛ فهو يمثل روح الأمة ومرآتها العاكسة للكثير من الأدباء كونهم يشتغلون على هذا التراث يوظفونه في أعمالهم الأدبية، آخذين منه ما يخدم واقعهم وزمنهم وأفكارهم المتشعبة وعقائدهم ورؤاهم، إذ من جوهره انبثق جنس أدبي شاسع بأنواعه وأشكاله، جنس لا يخلو من التراث، بل يوظفه ويتجلى به، ألا وهو المسرح الذي أخذنا بعمقه إلى الدراسة والبحث، كونه قائم بذاته مرتكز على التراث الذي جال به، وجال بكل أشكاله من شعبي متنوع ، وديني من قرآن إضافة إلى التاريخي.
فالمسرح له ميلاد عريق، ازدهاره كان في مصر، ولعل السبب الذي يعود إلى ذلك هو الأجواء المهيئة في هذا البلد بفعل ثقافته المسرحية، التي كان تجذرها من خلال العروض المقدمة عن الغرب إلى جانب الأوضاع والظروف المتاحة والمساعدة على ازدهاره، كونه يمتاز بعوالم عظيمة مشكلة ومعبرة عن الماضي والحاضر بين طيات التراث، أي أنها معتمدة عليه والذي منه تفوح رائحة الإبداع والتصوير الحقيقي، ولعل علاقة السيد حافظ وتوظيفه في المسرح تحيلنا لطرح عدة تساؤلات منها: كيف استطاع التراث أن يتبوأ هاته المكانة؟ وما مدى توظيفه في المسرح؟ وهل كان لهذا التوظيف لمسات وتجليات أجد؟
للإجابة على هذه التساؤلات آثرنا ضبطها في موضوع موسوم بـ " توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ"، والذي دفعتنا إليه دوافع ذاتية بحيث لم يكن مطروقا أكاديميا، ودوافع موضوعية بغية إزالة الغموض الذي يكمن في تطبيق التراث في مسرحيات السيد حافظ، وكذلك لإفادة المتطلعين.
ولمعالجة هذا الموضوع قمنا بتقسيمه إلى مقدمة ومدخل وفصلين، وأنهيناه بخاتمة وفهرس للمصادر والمراجع.
فقد خصصنا المدخل لمفهوم المسرح في اللغة وأجملناه بإرهاصاته الأولى ونشأته، ثم ملخص هاته المسرحيات المدروسة. دراسة وصفية لبعض النصوص المسرحية للسيد حافظ.
وجعلنا الفصل الأول خاصا بمفاهيم نظرية حول التراث من خلال تحديد مفاهيم التراث، وأسباب توظيفه، وعلاقته بالأدب والمسرح؛ كما ذكرنا أهميته.
أما الفصل الثاني ناقشنا فيه أشكال توظيف التراث، وتمظهرها في مسرحية السيد حافظ بادئينا بلغته وأسلوبه في نصوصه المسرحية شاملة بعده على أنواع التراث الشعبي الديني، والتاريخي، تحت كل نوع مجموعة مضامين .
أما بخصوص الخاتمة فقد ضمناها جملة من النتائج التي توصلنا إليها إذ أن ضرورة الدراسة اقتضت أن نوظف أكثر من منهج، فاضطررنا أن نوظف آليات إجرائية للمناهج التالية: الوصفي واستعنا ببعض إجراءات المنهج التاريخي في تتبع الظاهرة بينما في التحليل اعتمدنا على المنهجين البنيوي السيميائي.
أما بالنسبة لدراسات السابقة المعتمدة في بحثنا هذا بالرغم من أنها قليلة إلا أنها أفادتنا بدءً من الدكتورة "ليلى بن عائشة" عن التجريب في مسرح السيد حافظ إضافة إلى الحوارات الشخصية مع السيد حافظ.
وقد صادفتنا معيقات وصعوبات، أثناء در استنا وبحثنا هذا الموضوع، والتي منها غزارة المادة العلمية التي عسرت علينا ضبط العناوين، واختيار ما يفيدنا وما يساعدنا، إضافة إلى ضيق الوقت المسموح للمذكرة.
وفي الأخير نرفع أيدينا الله عزّ وجلّ الذي وفقنا وسدد خطانا في إنجاز هذا العمل المتواضع، وإن جاز لنا إسداء عبارات الشكر والامتنان، فإننا نتقدم بأصدق مشاعر التقدير والمحبة والاحترام لأستاذنا المشرف الدكتور " مفتاح خلوف" الذي شملنا بالمتابعة والنصح والتوجيه، وكان لنا السند طيلة هذا العمل، وأشرف عليه بجهده، وأسدى لنا الملاحظات التي كانت نبراسا اهتدينا به، فكان لنا أستاذا وأبا مربيا جزاه الله عنا كل خير وإحسان.
ولا ننسى في هذا المقام الروائي المسرحي المصري" السيد حافظ" الذي لم يبخل علينا بالمعلومات وساندنا بكل ما لديه، فنقدر فيه الجهد الذي بذله معنا، كما لا يسعنا إلا أن نشكر كل من شجعنا على هذا البحث وحفزنا على إنجازه وأمدنا ولو ببعض المصادر والمراجع ، فشكرا لكل الأيادي التي أمدت لنا يد العون مهما كان صغر المساعدة، فلهم جميعا منا التقدير.
وفي ختام هذا فإنا لا ندعي الكمال في بحثنا هذا ، إلا أننا نتمنى أن يكون خطوة جادة في رصيد البحث العلمي وأن يتسع بدراسات تغطي وتناقش موضوعات أهملت في بحثنا أو تجاوزناها هفوة، فإن وُفقنا فمن الله تعالى، وله الحمد على ذلك، وإن أخطأنا فعزاؤنا أننا اجتهدنا ،مخلصين، فإن لم نفز بأجر الصواب؛ فرجاؤنا أن يكون لنا أجر الاجتهاد، حسبنا ذلك والله الموفق.
لقراءة او تحميل الكتاب بصيغة PDF من احد الروابط التالية:
0 التعليقات:
إرسال تعليق