دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 327 )
شهادةفي عيون كتاب وفنانين ونقاد العراق
دراسات نقدية وشهادات
الطبعة الأولي 2021
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
مُسافرٌ
زآدهُ القلق
هو
اللآيرضىٰ بسكّرِ الجواب وحرير الطمأنينة، الزاهدُ بفضيلة القناعة والركود، رداءه القلق
المُحرق، هذآ المسافرُ أبداً جهة أصقاع العذاب ودوائر الحيرة، المسكون بنعمة السؤال
...
ماذا
يريد هذا المتدثر بجلباب الفيلسوف، الجوّال في دروب الأمكنة والأقطار وأسفار التاريخ
، هذا المُبحرُ في شرايين المعرفة وعناوينها الإبداعية ؟ ماذا يَنشدُ هذا الـ (السيدُ)
في صناعته والـ (حافظُ) لقيمتها وكرامتها ، المتنوع في مشروعه الثقافي جِدةً وغزارة
، هذا العصيّ علىٰ التقعيد والتصنيف ، حدّاً يَحارُ فيه القاريء لأثاره والمتابع والدارس
لها أن يضعه تحت أيّ عنوان وجنس في الخارطة الإبداعيه ...
هذا
المتوزع والمتنقلُ في ركضهِ اليومي بين خطوط مهنة المتاعب صحفياً وفي أكثر من جهةٍ
ومطبوع ، وتارة نراهُ يلِج ميدان الكتابة لفن المسرح ، وتُثمر فلاحته في هذا الوسيط
الجمالي عدداً غير قليل من المسرحيات الخاصة بالكبار والأطفال علىٰ السواء ، وأيضاً
مُخرجاً مسرحياً ، ومُبتكراً لفضاءات جديدة من الأُطر المسرحية ، ثم يدخل الإذاعة كاتباً
للعديد من المسلسلات ، ولا يكتفي بهذه الوجبات الإبداعية ، بل تدفعه روحه الضاحة اللآتهدأ
ويقدم طاقته كاتباً للسهرات والمسلسلات التلفزيونية ، ويُفاجئنا ليدير مقود مُخاطرته
الإبداعية جهة محطة إبداعية أُخرىٰ ووسيطٍ جمالي آخر هو الرواية ، ويُنجز في تربتها
عدداً من المدونات ربحت حظها من الضوء قراءةً ومتابعةً ونقداً ودراسة في هذا المحيط
وذاك البلد : قهوه ساده وشاي أخضر ، نسكافيه ، كباتشينو وكلُ من عليها خان ...
هذا
التنوع الحاد والترحال المستمر بين الأجناس الأدبية بالتأكيد لم يفرض ذآئقته عن هوىً
طاريء ، إنما هو نتاج قلق وبحث وتوق لما هو خارج إمكانية متناول الطاقة والمعرفة التقليدية
، هذا صحيح ، لكنه بالتأكيد هو أيضاً يَشي بدوافع خفية ورغبة مُضمرةٍ في مصافحة فتنة
البحث والتنقيب عن وسائط جمالية بديلة وفي منعطفات كل مخاطرة جديدة بديلة ، بقصد تفريغ
فيوضات الأسئلة الملحة الموجعة التي تُحاصر وردة روح السيد حافظ وتضيقً بها ، وهي تراقب
العثرات الدرامية المستمرة لواقعنا العربي المُر ، حصيلة انتفاضاته وثوراته ، الشهداء
، الحروب ، أخطاء الأنظمة ، السجون ، الخلافات العربية الواحدة تلد الأخرىٰ ، وما حلّ
بالأوطان والثروات والإنسان والمستقبل ، ما يُكابدهْ كف الفقير الشريف وقناعة المثقف
الملتزم في هذا الواقع المُزري الذي لآ يليق بنا أمة وحضارة وطاقات خلآقة عملاقة
....
وأمام
وفرة الإنجاز هذه تنوّعه وغناه لا نستغرب أبداً أن تُبادر وزارة الثقافة المصرية لتزفَ
الكاتب والمثقف السيد حافظ صوب منصة التكريم واحداً من أبناء مصر ومبدعيها، في دورةٍ
جديدةٍ من دورات المهرجان القومي للمسرح، ولآ نملك نحنُ مسرحيوا العرآق إلا أن نبارك
للسيد حافظ هذا التشريف، السيد حافظ الذي أفنىٰ سنوات عمره في الكدِ البحثي الإبداعي
وفي أطيافه المتنوعة مُحققاً وهجَ النجاح والتميّز.
0 التعليقات:
إرسال تعليق