دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 335 )
شهادة بقلمفي عيون كتاب وفنانين ونقاد العراق
دراسات نقدية وشهادات
الطبعة الأولي 2021
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
السيد حافظ
الرجل التاريخي.. الاتجاهات المعاكسة بين (الفرد) و(السلطة) الكوميديا السوداء.. التأكيد
على «الأثر» الجمالي لدى المتلقي، كلها باتت علامات نشطة في التجارب الدرامية للسيد
حافظ.
فهو واحد من
بين المسرحيين العرب الذين انتبهوا مبكرًا لتلك الآلية التي تحدّ من آفاق «الذاكرة»
الثمينة للشعب، فتحصر «الفرد» في توهمات وأزمنة قريبة مأزومة، أو بعيدة خرافية، لكي
يخسر هذا الفرد مسارب مرجعياته، بسبب الإحباط الذي يكابده المواطن حينما لا يجد وسيلة
أو ملاذًا للخروج من المأزق الماثل في حاضرة العشوم.
لا يطمح (السيد
حافظ) أن يكون متاجرًا بالقصص والحكايا، بل يريد أن يعيد تشكيل التفاعل ما بين طرفي
اللعبة المسرحية، الفنان من جهة والمتفرج من جهة ثانية، ولا يطمح لخلق بطل سوبرمان
بل إنسان عادي، تشكلت خلاياه بحر مسيرة سرية، ابتدت منذ زمن أبعد من الفراعنة ومن السومريين،
لتمرّ عبرهم.
يبدع «السيد
حافظ» استراتيجية نصية، درامية، ليس غرضه سرد كلمات وجمل ومقاطع، بل معالجة «الحكاية»
بحضور جمالي للصوت المطرز بالموال والأغنية والشعر والجناسات والمفارقات، حتى لا يُقفل
المعنى على اتجاه خطي، وأحادي، للموروثات من الحكايا والقصص والأخبار، التي تتوفر عليها
ذاكرة الشعب، أو المخزونة بكتب المؤرخين التي غالبًا ما، يجرى أسطرتها، وتجريدها، وتثبيتها
في أفق أعلى من أحاسيس الناس وأفكارهم، وقدراتهم على التغيير، أو في إعادة النظر إلى
الفكر والعالم والإنسان من موقع متقدم متنامٍ جديد، لكي يرفض الحلقة المغلقة للجهل.
إن (ثيم) نصوص
«السيد حافظ» تعيد ترتيب العناصر بطريقة خاطئة تجعل إحساسا عامًا ما يهيمن على تجربة
التلقي، قد تكون الآراء والانطباعات التي تظهرها الشخوص الواقعية بسيطة وسطحية، لكنها
تتضافر معًا لتعزيز «الأمثولة» التي يريد الكاتب البرهنة على صدقية فرضتها فنيًا هو
يجنح لهذا الصراع بين السيد والمسود، ليحسم مواقف محددة في نصوصه، مزروعة في تربة الحاضر
وآنيته الراهنة مهما أوعى من رحلات في جوف التاريخ والأسطورة والحكاية أو الأمثولة،
لأن توظيف الاستعارات والتشبيهات لا يتم إلا بدمج العناصر الدرامية بعضها مع بعض، فيدور
الراوي والديكور والشخوص والأحداث في فضاء تجريبي، رسمت آفاقه إبداعات عربية، بعد نكسات
مُرة على مستوى الشارع والوطن والأمة.
وبالتالي، لا
يصبح الحديث مجديًا عن «الشكل» التجريبي الجديد الذي جاء به السيد حافظ على أهمية ذلك،
لكن الأهم هو جعل النص من خلالها رسالته التنويرية الساخطة على الواقع.
0 التعليقات:
إرسال تعليق