بـهيـة
((قصص من الواقع)) من كتاب:
"حكايات نساء بغداد والبصرة بين الندم والحسرة"
بقلم:: د.نجاة صادق الجشعمي
4
حلي ضفائرك
وخبريني عن
سر انحناء
القمر
أمام شفتيك الناعسة
يا فاتنتي
بـهيـة
بهية امرأة زحفت نحوها الشيخوخة مبكرةً . وأمام تلك التماثيل التي صنعتها من البورك الابيض وبريشة الزمن لونتها ونقشت عليها مأساتها لكي تبيعها وتجلب لقمة العيش لأولادها الصغار الذين لم يحسوا بالفرح يوماً .. وكلما مسكت ريشة التلوين ارتسمت ملامح ذلك الرجل الذي قتل زوجها أمام عينيها .. قيل إنه سني وقيل إنه كردي وقيل إنه شيعي وقيل إنه داعشي وضاع دم زوجها ولم تعرف شيئاً عن القاتل إلا ملامح تسكن برأسها . كان يسكن بجوارهم في ذلك المنزل الصغير طبيب جعل من منزله عيادة لمعالجة الفقراء و في هذا الصباح ذهبت بهية ومعها تماثيلها كالعادة تتجول في الشوارع والحارات والمحلات وأخيراً وصل بها المطاف إلى تلك المقبرة المسيجة قررت أن تجلس لتستريح من مشوارها المرهق والعرق يتصبب على وجهها وتبدو منهكة القوى فلم تحس ولا تفكر بشئ سوى ابنها المريض وكيف تبيع التماثيل وبينما هي على هذه الحال دون وعي تصدمها سيارة وتسقط تماثيلها متهشمة تتكسر آمالها في شفاء ولدها ويعلو صراخها وهي تغوص بالتفكير العميق وبينما هي هكذا داست السيارة تماثيلها وتحولت آمالها إلى تراب .. وبهية تصرخ وتضرب على رأسها وتصيح تماثيلي تماثيلي بدينار واحد لا أريد غير قيمة تماثيلي لعلاج ابني المريض. نزل سائق السيارة معتذراً وألقى ببعض المال أمامها على الأرض وهي منكفئة على تماثيلها المتهشمة فلمحت ظله ورقم السيارة تلك الملامح تعرفها جيداً و عاشت معها في ألوان تماثيلها وعرقها وشهقاتها وحسراتها قرأت رقم اللائحة المعلقة على السيارة ( الموصل 16/ 9/ 2016) إنه هو القاتل .. وهو نفسه جارهم الطبيب هبت واقفةً و أخذت النقود وعادت مسرعة إلى المنزل خوفاً من القاتل سمعت صراخ والناس متجمعين عند منزلها دخلت وجدت ابنها قد رمى نفسه من النافذة يائساً من العلاج قالت لها امرأة كبيرة في السن البقاء لله..أخذت تبكي وتلملم ملابسها وأغراضها بحثاً عن بيت جديد.
تمت...
الإهداء
إلى أبطال هذه القصص والحكايات أفدي لكم قلبي وعيوني. فاعذروني إن حكيت وإن شكيت. فهمنا في الشرق واحد متشابه ومتماثل ..
إلى المرأة العراقية في المنفى والداخل
إلى المرأة العراقية الصامتة على الألم
إلى المرأه العراقية الصامدة أمام التخلف والقهر
والاستعباد والاستبداد
إلى كل بطلة من بطلات
هذه القصص
أحكي عنك للأجيال القادمة حتى لا تتكرر نفس المعانات والوجع ..
د. نجاة صادق الجشعمي
0 التعليقات:
إرسال تعليق