مسرحية الشاطر حسن
بقلم سامي الباجوري
السياسة 2 سبتمبر 1984م
الطفل بتركيبته شغوف بكل ما يحيط به ، واهتماماته محصورة في اكتشاف العالم المحيط به بصورة تصنع في ذهنه العديد من علامات الاستفهام ، وتجعل أطفالنا في حالة بحث دائم للوصول إلى إجابات واضحة على هذه التساؤلات خاصة حول الأمانة والصدق وحب الناس وحب الوطن والموت في سبيله والعدل بين الناس وهو واحد منهم .
من هنا كان دور المسرح بكل ما فيه هو مواقف حياتية يشاهده الطفل ويجسده أمامه ، وعليه تظهر أهمية التدقيق في الموضوعات المطروحة مسرحيا على الطفل ، كما يظهر لنا ضرورة تحديد الأسلوب الأمثل في العرض الذي يتوافق مع أطروحات العمل . ومستوى الإدراك عند الطفل مع الوضع في الاعتبار أن الطفل في كثير من المواقف أكثر ذكاء .
الحكاية المسرحية :
اعتمد العرض على شخصية الشاطر حسن من خلال فكرة تبادل الأماكن بين الشاطر حسن والسلطان حسان دون أن يدري الآخرون ، نظرا لشدة التشابه بين كيلهما ، ليجد الشاطر حسن مسئوليته خلال الثلاثة أيام مدة الاتفاق مسؤولية كبيرة ، فهو مطالب بإعلان الحرب على الأعداء بعد احتلالهم جزيرة الأمل المجاورة ، كما هو مطالب بمواجهة الوزير المستغل المغتصب لحقوق الشعب . ونظرا لأنه يملك مقومات المواطن الصالح - والقصد هنا الشاطر حسن - الذي استطاع تحقيق ما لم يحققه السلطان ، فأعاد الأرض لأصحابها كما واجه الأعداء وقام بتوزيع الممتلكات على الجنود .
فريق العمل :
فريق العمل المسرحي عبارة عن مجموعة من الفنانين الذين لديهم القدرة على تقديم العمل المسرحي الجاد الذي يصلح للطفل ، ومن بينهم الكاتب المتمرس ، وموجه التربية المسرحية ، وهو تربوي في الأصل ، والفنان القادر مع مجموعة من أبناء المعهد العالي للفنون المسرحية ، كل هؤلاء بقيادة أستاذ التمثيل ورئيس قسم الإخراج . من هنا نجد أن نجاح العمل أمر طبيعي لمثل هؤلاء .
نجوم العمل المسرحي :
شارك في العرض المسرحي عبد الرحمن العقل ومحمد جابر واستقلال أحمد وكاظم القلاف وفتحي القطان وباسم عبد الأمير وخليل فرج وخالد عباس وعبد الله الطرموم وباسم عبد اللطيف ومحمود اللامي وهاني القصار وعبد الوهاب عباس ومعهم 32 طفل وطفلة .
النص المسرحي :
جاء النص من تأليف سيد حافظ الذي قدم العمل من خلال فصلين وعدة مشاهد ، ومن خلال متابعة العمل المسرحي نجد أن الكاتب سلك نمطا جديدا بعيدا عن أسلوب تقديمه لعرض سندريلا السابق الذي قدمه للأطفال ، حيث اعتمد في النص السابق له على شخصيات الحيوانات الأليفة في تقديم قصة سندريلا واشتراكهم في الحوار ، أما هنا فيقدم عملا بعيدا عن توظيف هذه المخلوقات ليسير في ركب نظريات علم النفس الحديثة التي ترفض أسلوب الحيوانات الناطقة عند التعامل مع طفل عصر الإلكترونات . ورغم أسلوبه الجديد هذا إلا أنه استطاع أن يصل إلى مفهوم عرض الطفل ، كما نجد أن النص من ناحية أخرى استطاع من خلال التوظيف الدرامي أن يجعل تصرفات الشاطر حسن مقبولة عند أبناء عصرنا هذا ، نظرا لأن الأسطورة القديمة تحمل بطل القصة أعمالا غير مقبولة عند أطفال التليفزيون .
ومن ناحية أخرى نجد المؤلف قد عمق فكرة حب الوطن بصورة جعلت بعض القضايا الأخرى تأتي وكأنها موجودة لمجرد المساعدة رغم أهميتها في العمل ، مثل قضية رد كيس النقود إلى الأميرة ست الحسن رغم أنه حاول التأكيد عليها بين فترة وأخرى طوال فترة العرض ، وحدث ذلك أيضا مع قضية العدل وتوزيع الأرض على الجنود . وحتى لا نقدم الرأي الواحد نقول : قد يكون المؤلف أراد أن يجعل من قضية الدفاع عن الوطن هي الشاغل الأهم من تواجد القضايا الأخرى .
الأغاني والألحان :
قام بكتابة الأغاني الشاعر عبد الأمير عيسى وألحان غنام الديكان وعبد الله الراشد وتوزيع حسين أمين . وبالاستماع إلى موسيقى وألحان العمل نجد أن هذه الموسيقى تتناسب مع مسرح الطفل حيث جاءت الجمل الموسيقية قريبة إلى إدراكه ، معبرة عن الإيقاعات الخليجية ، خاصة من خلال لحن المقدمة والحرب وأغنية الصيادين . كما حققت أغنية السوق التقارب مع موقف الحدث الدرامي ، ومن ناحية أخرى جاءت كلمات الأغنية مكملة للنص الدرامي .
الديكور :
استطاعت خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية ماجدة سلطان مهندسة الديكور أن تقدم صورة متكاملة لأعمال الديكور المعبر عن مكان الحدث مع بساطة بعيدة عن الإبهار الذي يشتت الطفل ، كما جاءت قطع الديكور سهلة الحركة لتسهيل مهمة التبديل والتعديل مع الحركة الاستعراضية .
الأداء الدرامي :
الملاحظ بصفة عامة أن فريق العمل الدرامي عرف طبيعة المسرح كما عاش كل منهم الحدث الدرامي ، فظهرت لنا خصوصية القصة المسرحية وأحداثها وأفكارها تُظهر كل الممثلين أمام الجمهور دون أن تختفي شخصية لقدرة الأخرى على الإبداع وهذا ينطبق على الشخوص الرئيسية للعمل .
مسرحية الشاطر حسن
بقلم : الدكتور / زيان أحمد الحاج إبراهيم
( أستاذ النحو والصرف المساعد ( كلية البحرين الجامعية ) .
البحرين :
الأنباء 10 سبتمبر 1984
إن الحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان ، أن المسرح الكويتي قد خطا خطوات موفقة وناجحة وثابتة ، إذ أن العمل الفني الناجح يعرب عن نفسه دون الاستعانة بأبواق الدعاية . ومرد هذا النجاح كما هو واضح إخلاص القائمين على هذا الفن من جهة ، والدعم الذي يلقونه على المستويين : العام والخاص ، من جهة أخرى .
تعرض هذه الأيام على مسرح عبد العزيز المسعود بكيفان مسرحية " الشاطر حسن " كتابة السيد حافظ ، وإعداد محمد جابر " وإخراج أحمد عبد الحليم ، وتمثيل نخبة من نجوم المسرح في الكويت .
إنني ، وإن لم أكن مختصا في فن المسرح ودراسته ونقده ، إلا أنه استرعاني ولفت نظري بعض الأمور في هذه المسرحية لم يسعني إلا أن أسجل بعضها : تمنيت أن تكون الفصحى هي لغة الشخصيات . الفكرة ليست جديدة في الأدب العربي غير أنها كانت موفقة ومصيبة في إعطاء الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة .
الإخراج ، وإن كان يغلب عليه الطابع التشكيلي فإنه كان لابد منه بهذا الشكل ليناسب الفئة الناعمة المعروض لها بألوانه وتشكيلاته الأخاذة التي تتفق وطبيعة المشاهد ونفسية المشاهد .
إن أهم ما ركزت عليه المسرحية على مدار فصولها الحث على مكارم الأخلاق وتهذيب الناشئة ، وغرس بذور الفضيلة فيها منذ نعومة الأظفار كالصدق والأمانة ، وعمل الخير ، ومد يد العون للمحتاجين والضعفاء ، والشجاعة والتضحية من أجل الذود عن كرامة الديار ، وتعشق الحرية ، وعدم الاستخذاء أمام العدو . وعلى رأس ذلك كله كشف أن السلطان إذا ابتلاه الله بحاشية فاسدة وبطانة سوء ، قادته وقادت الأمة إلى الهاوية ، وإذا كان مخلصا لرعيته صادقا في نيته سدد الله خطاه ، وأدخل السعادة على قلوب الرعية ، وكان له النصيب الأوفى من هذه السعادة .
ومجمل القول : أن هذه المسرحية كانت موفقة في استكمال عناصرها الفنية من حيث: الحدث والشخصية والعرض والموضوع ، والهدف .
0 التعليقات:
إرسال تعليق