Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 22 أكتوبر 2016

السيد حافظ مسرحى يلمع فى مصر بقلم : شفيق العمروسى - الاسكندرية

السيد حافظ مسرحى يلمع فى مصر
بقلم : شفيق العمروسى - الاسكندرية
مجلة : العصر والثقافة – صفحة مسرح

كل مدينة هى " مدينة الزعفران "
هنا الفكر كفر... وكل مواطن خائن !
السيد حافظ نجمه طالع فى مصر المسرحية، ماذا يقول السيد حافظ فى مسرحياته ؟
"أرغب أن أرى إنساناً جديداً فى كل شبر، سعيداً فى هذا الكون لن يبتلعه فرد، أحلم بالأمهات تنجبن طفلاً يبتسم ولا يبكى حين يهبط للعالم"
السيد حافظ (من مسرحية "الطبول الزرقاء")
الاسكندرية
من شفيق العمروسى
ما زال السيد حافظ يصر – رغم انتاجه الكثيف – على أن يجعل من كتاباته سلسلة من التجارب المستمرة بغية الوصول إلى "الكلمة الرغيف، الكلمة ، الكلمة التطهير ، الكلمة الشمول" كما صرح يوماً فى حديث صحافى.
ومسرحياته هى من تلك التى تثير فى ذلك قارئها التساؤلات أكثر مما تعطيه من اجابات.
ينتمى السيد حافظ إلى ذلك الجيل الذى عاش فترة من أكثر فترات تاريخنا الحديث تغيراً وتذبذباً، تلك الفترة التى بدأت بسقوط الملكية وقيام الجمهورية فى مصر عام 1952 ، والتى ما زالت ممتدة إلى يومناً.
ولم تكن تلك الفترة منفصلة عن عالم يمتد حولنا شرقاً وغرباً شهد – وما زال يعانى – من تغيرات ومتغيرات سريعة على المستويات كافة، مادية كانت أم معنوية.
تلك السمة الأساسية لعصرنا، ونعنى بها التحول والتغير السريع والمستمر والذى بدت تتحكم فيه تكنولوجيا متقدمة – سواء على المستوى المحلى أو المستوى العالمى – أدت إلى بروز عديد من المشكلات والأزمات، ابتداء من مشكلات الإدارة وأسلوب الحكم شرقاً أو غرباً ، إلى مشكلات العلاقات الأسرية.
وإذا كان هذا يشكل جانباً من معاناة كاتبنا، فلا شك أن مما يزيد من معاناته أنه ينتمى إلى تلك المنطقة من العالم التى سرعان ما اشتعلت فيها حروب وصراعات دموية لمجرد أن بدت بوادر استغلالها بعد عصور من الاستعمار والاستغلال.
وإنسان السيد حافظ خير بطبيعته، هو إنسان جان جاك روسو الفطرى، أو هو إنسان لوك الذى ولد وذهنه صفحة بيضاء، أو قل – بمعنى أوضح – هو ذلك الذى ولد على دين الفطرة. (فى "مدينة الزعفران" يقول مقبول : يا حبيبى يا رسول الله ما معنى الإنسان إذا صار عبداً وصارت الأمة نعاجاً ، اتلهف للقائك ... يا نبى الله.. يا حبيب الله، يا حبيبى .. ضمنى من هذا العالم ، خذنى إلى صدرك... خذنى بعيداً عن عالم غريب عنى غريب").
إذن فالخير يشكل الجوهر الأساسى للموجود الإنسان، أما الشر فهو شر جزئى، تماماً مثلما قال ابن سينا والمعتزلة، الخير موجود فى داخلنا بالفطرة، أما الشر فهو اختراع بشرى، ولذا فمهما كان انحراف الإنسان فى اتجاه الشر فإنه يبقى دائماً فى داله ذلك الحنين إلى "الخير الفطرى".
يتضح موقف كاتبنا هذا من خلال قراءة آخر ما صدر له "حبيبتى أميرة السينما" وهى مسرحية ضمن ثلاث مسرحيات ضمها مجند واحد، فالى جانب تلك المسرحية هناك مسرحيتان الأولى بعنوان "حكاية مدينة الزعفران" والثانية " 6 رجال فى معتقل ".
القديم الجديد
"حكاية مدينة الزعفران" تطرح قضية قديمة – جديدة، ونعنى بها قضية العلاقة بين الحاكم والمحكومين، إذ أنها الشغل الشاغل لمفكرى هذا العصر ولكل ما سبقه من عصور، فمنذ جمهورية أفلاطون وحتى ما يطلق عليه أزمة الديمقراطية فى عالمنا المعاصر، تظل تلك المشكلة قائمة رغم كل المحاولات التفسيرية ، سواء لدى أصحاب "العقد الاجتماعى" أو ديمقراطية الطبقة أو ديمقراطية التحال...الخ.
ومدينة الزعفران ليست مدينة يونانية قديمة حيث ديمقراطية الأحرار المثالية، بل هى مدينة هذا العصر ، ويكفى أن تغمض عينيك وتضع يدك على أى مدينة فوق خريطة العالم لتكتشف أنها مدينة الزعفران، حيث حاكم يمسك من يديه بكل خيوط اللعبة، وبكل السلطات، تعاونه الأجهزة التى عليها أن توجه الناس إلى حيث يكون الصمت – والصمت هنا مقابل للنطق  وإن كان أرسطو قد عرف الإنسان بانه حيوان ناطق ، أى يفكر ويعقل، فالصمت هنا يعنى اللاتفكير، حيث أن التفكير فى مدينة الزعفران "الحاد وكفر وعصيان". وبالطبع حين تصبح مدينة الزعفران صورة لحضار العصر فالهروب منها لن يجدى وتصبح هناك مشكلة "ان تكون منفياً خارج الوطن أو يكون الوطن منفياً داخلك.
فى مواجهة هذا لا يجد المدينة حين يصبح الفكر جريمة وحين يصبح كل مواطن خائناً حتى تثبت براءته" سوى الهروب، ولكن أى هروب ؟ إنه هروب الذات وليس هروب الجسد، حيث "يلقون العقل والوعى فى سيجارة حشيش أو ثدى امرأة أو كأس أو نوم أو صمت".
هكذا يقدم لنا السيد حافظ مدينة الزعفران "مدينة يبحث فيها الأثرياء عن الكلاب المفقودة ويسجنون فيه االإنسان"، حيث الاستغلال فى أبشع صورة ، وهل أبشع بشاعة من أن يضطر الناس إلى جمع النقود لشراء كفن لبائعة طماطم متوفاة، وحيث "لا يترك الحراس أحداً يفكر إلا وقتلوه" .
ولا شك أن لتجربة نظام الحكم فى مصر قبل وبعد 1967 أثراً ورائحة داخل مدينة الزعفران، ولكن الأزمة حضارياً ما زالت مائلة.
ولابد للرفض وللتمرد أن يوجدا داخل المدينة، وهما يظهران فى شخص (مقبول عبد الشافى) فارس المدينة، أو فارس العصر المهزومة فيه القيمة ، أو هو المهدى المنتظر، فأهل المدينة جميعاً فى انتظار خروجه من السجن، بعضهم ليشكوا له آلامهم، والبعض لكى يقودهم إلى التغيير – مقبول هنا يمثل الخير الفطرى المسجون داخل كل فرد من أفراد المدينة فى مواجهة الفساد الذى استشرى نتيجة لخوفهم وصمتهم – أما مقبول فقد خرج وهو يعرف أنه لا يهم أن يقول الحقيقة أو لايقول ، يفكر أم يعمل، يعيش أم يموت، فلما لا يلتقى الضدان حينما تتلاشى المسافة الفاصلة بين الإنسان والحيوان والمعروفة بالوعى، وحين يرتبط الخير بالوعى – كما أوضح سقراط فى القرن الخامس قبل الميلاد – ولآن مدينة الزعفران فقدت الوعى فما على الخير المتمثل فى مقبول إلا أن يهجر المدينة وليذهب للعمل فى الجبل حطاباً أو مزارعاً.
ولكن المدينة لا تتركه، فحين ينادى الناس بسقوط خادم العالم – لقتله الفلاح عبد المطيع - لا يجد الوالى بمعاونة الوزير إلا أن يلعبا لعبة جديدة بأن يرغما ومعهم الناس مقبول لقبول منصب خادم العام... ولكن هل ينجح مقبول – بعدما أصبح خادماً للعامة – أن يترجم أفكاره إلى واقع . أو بمعنى آخر هل نجح الخير فى إزاحة الشر عن المدينة ؟
بالطبع احاطت به خيوط العنكبوت وتحول إلى رقم فى جهاز الدولة، واستطاعوا أن يجعلوا منه واحداً منهم، على الأقل أمام سكان المدينة .
وتدور الدائرة، وينادى العامة بسقوط خادمهمن وهو هذه المرة مقبول، مخلصهم السابق، بل ويرفضون حتى عودته إلى صفوفهم.
وحيث يختفى مقبول يصبح اختفاؤه علامة استفهام: هل يعنى هذا انتصار قوى الشر ؟ بالطبع يظل هناك دائماً فى أحلك الأوقات من يستمع إلى صوت فطرته باحثاً عن الخير، فحتى لاو "ظل الناس يحكون... مقبول مات " فإن هناك من يصر على "إنه حى فى مكان ما".
"حبيبتى أميرة السينما"
أزمة أخرى يعانى منها عصرنا، كل شئ مجرد موضة قابلة للاستهلاك فى مدينة لا تعرف سوى الصخب والضوضاء، فإنه لابد وأن يفكر، وإذا كان التفكير يعتبر جريمة يعاقب عليها فى مدينة الزعفران، فهو يصبح موضة مقرفة ومفزعة فى مدينة أميريكة – أخر تطورات حضارتنا.
هنا فى "حبيبتى أميرة السينما" نلتقى بخطين متوازيين – وبالرغم من ذلك فهما يلتقيان كدليل على لا معقولية هذا العصر – الخط الأول نعيش فيه مع أميرة السينما التى استطاعت أن تقفز من صفوف الفقراء لتحتل مكاناً مرموقاً وسط المجتمع، فهى "بحكم المولد والزمان والمكان" تنتمى إلى العمال أو إلى الفقراء المطحونين، ولكن حين نكتشف رأسمالها الممثل فى جمالها من خلال "العيون النهمة" التى تحيط بها تبدأ فى تغيير موقفها فتحب "تجار الجملة، أصحاب المصانع والسيارات والطائرات، أحب الثراء، أحب مصانع العطور، أحب أن أغرق فى بحر من العطور، أحب نيويورك". وحين يصبح بهذا المعنى فإنه يفقد كل معانيه ومضامينه الإنسانية، ولهذا فهى تعرف من خلال الإنسان الفطرى الكائن فى داخلها أن هذا التحول جعل ابتسامتها أكثر حزناً، وجعلها مجرد بضاعة تباع وتشترى فى سوق صحافة العصر الملونة الأنيقة.
وعلى الخط الموازى نجد الذى يحاول ممثلاً لكل هؤلاء الذين يحاولون الخروج من مأزق هذا العصر بالبحث عن معنى وماهية الإنسان، فهو ينقب داخل الأشياء ، ويفتش فى كل الموجودات بحثاً عن ذاته ، وبالتالى ذات الإنسان، ويكتشف أن الحياة مجرد "صخب وضوضاء" وإن محاولاته لم تجعل منه سوى تاجراً " فى سوق الكلمات "باحثاً" عن كلمة جديدة".
وعلى هذا فليس غريباً أن يتحول من الكتابة للمسرح إلى الكتابة للسينما حيث أنها موضة العصر وبما تقدمه من ربح أكثر وشهرة أوسع وعمل أسهل.
هذا التحول – الذى فرضه نمط العصر – على الذى يحاول هو الذى سهل عليه أن يلتقى بأميرة السينما، بالرغم من أن الأميرة لم تكن ترى فيه إلا "رجلاً تاه عن حقيقته" ومجرد "رجل مفزع".
ومع هذا يظل الإنسان الفطرى ويظل الخير كامناً فينا، فأميرة السينما رغم كل شئ تعرف أنه "رغم وجود الذئاب" فإن فى داخل كل منا "طفلاً ملائكياً" ، بل حتى وهى تخون زوجها فإن الذى يدفعها إلى ذلك هو الرجل الغريب، وهذا الغريب عن الطفل الملائكى الموجود فى داخلنا، هو نفسه الذى يقدم قانون العصر، "أعرف ممثلات كن نشيطات مع رجال السينما كلهم... حتى وصلن من أسفل إلى أعلى... وعندما تصلين إلى أعلى تأخذين لقب العذراء من جديد وماضيك يغطى بالفضيلة".
وبالرغم من موت الأميرة تحت تلال من خطابات المعجبين ، جمهور عصر الاستهلاك لا شك أن هذا الطفل الملائكى مازال حياً، على الأقل داخل كل من لم يمت من ضحايا هذا العصر.
وفى الاتجاه نفسه نجد المسرحية الثالثة (6 رجال فى معتقل) حيث يعرض السيد حافظ لمجموعة من العسكريين المصريين سقطوا فى أسر العدو الإسرائيلى أثر حرب 1967.
ومن خلال هذا العرض يقدم لنا نماذج من المؤسسة العسكرية المصرية تتعرض لمحاولات متعددة من العدو تبدأ من الكلام الهادئ لتصل إلى الإغراءات الجنسية والتهديد باستخدام العنف أو استخدامه فعلاً فى محاولة لتجنيدهم لحساب المخابرات الاسرائيلية أو للحصول على معلومات.
الهم الأساسى هنا هو هزيمة يونيو، يعالجها الكاتب محاولاً أن يفضح دور المؤسسة العسكرية، إلا أنه يجعل من تلك الهزيمة قضية هزيمة الإسنان، فى معركة أكثر شمولاً هى حرب الاستغلال فى كل مكان، ويبدو هذا واضحاً من خلال حوار ضياء (ضابط الطيران المصرى) وضابط المخابرات الإسرائيلية ، فهزيمة يونيو ترتبط بكل رصاصة أطلقها الإنسان بحثاً عن حريته عابراً كل الحدود المكانية والزمانية، مع باتريس لومومبا وثورته المجروحة، ونكروما، وثورات الزنوج ومواكب الفقر ، ومع هزيمة فريزر ومعركة رشيد، مطاردة أحمس للهكسوس ، وصلاح الدين ، وهيروشيما وهانوى وكوريا.
هنا وامام هذا الشر المتمثل فى استغلال الشعوب وبالقوة المسلحة لا يترك كاتبنا ذلك "الطفل الملائكى" قابعاً وهادئاً فى داخلنا ، هنا يتحول إلى قوة تواجه القوة، ولهذا لم يكن غريباً أن يخرج هذا الطفل ليصرخ فى المتفرجين سائلاً كلا منهم عن سلاحه.
امام غربة إنسان هذا العصر ، وأزماته المتعددة ، هل قدم السيد حافظ أى حلول للخروج من المأزق ؟ بالطبع كان من الممكن أن يجعل أحدى القوتين تنتصر فى ختام كل عمل، ولكنه لم يشأ وفضل أن يترك لك البحث عن حل مستثيراً فيه منطقة عالم لا إنسانى، ناحية أخرى لم يشا أن يسقط فى إطار مثالية تفاؤلية لا تفعل شيئاً سوى امتصاص غربتنا التى سرعان ما تحاصرنا مرة أخرى، أو يسقط فى عالم من التشاؤم لا يقدم شيئاً سوى أن يزيد من ظلمة مستقبل الجنس البشرى. ولم يكن موقف كاتبنا وسطياً ، بل هو موقف تحريض وإثارة ، يحضرك ويشيرك ويضحكك ويغضبك ويستفزك ، ثم يتركك لتواجه حايتك والعالم!.
شفيق العمروسى - الاسكندرية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More