Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الأربعاء، 6 أبريل 2022

297 تجليات التجديد والتجريب في البنية السردية للرواية العربية في كل من عليها خان بقلم أ. عليمة روباش

  

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(  297)

 

تجليات التجديد والتجريب


في البنية السردية للرواية العربية


في "كل من عليها خان"


بقلم أ. عليمة روباش

دراسة من كتاب

نموذجًا

التجريب ومكونات البنـي السردية في الرواية

نموذجًا

رواية " كل من عليها خان "

للكاتب السيد حافظ

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى






 

تجليات التجديد والتجريب


في البنية السردية للرواية العربية


في "كل من عليها خان"


بقلم أ. عليمة روباش


 

 

بنية الزمان في رواية كل من عليها خان

" يشكل النص الروائي في جوهره بؤرة زمنية متعددة المحاور والإتجاهات وفي محاولتنا هذه لدراسة الزمن في رواية "كل من عليها خان" سنعمل على رصد مختلف التمضهرات والاتجاهات التي ينحوها الزمن، وبما أن هناك فرق بين الحدث كما جرى في الواقع ، والحدث في القصة ، والمقصود من هذا الفرق هو تلك المفارقات الزمنية التي تظهر من خلال عدة تقنيات كالاسترجاعات والاستباقات والايجاز ..."([1]).

" إن الحبكة واحترام التسلسل المنطقي للزمن فلم يعودا شيئا ضروريا في بنية الرواية الجديدة التي تحرص أشد الحرص على تدمير البنية التقليدية للرواية وذلك بتدمير البنية الزمنية إما بالتمطيط والتطويل وإما بالتمزيق والتبديد وإما بالتأخير والتقدم "([2]).

ولهذا كمد السيد حافظ في كتابه الرواية "كل من عليها خان" على التلاعب بالمواضع الزمنية للأحداث بأدوات تعرف بمنطق السرد" وهي مجرد وسائل يرجع إليها المبدع لخلق الشكر الفني الذي يريد ..." ([3]).

كان جموح السيد حافظ عبقريا ساحرا تجاوز فيه كل التصورات وهدم كل المعايير المألوفة السائدة، وهذا ما أعطى لروايته قيمة إبداعية شديدة النضج مثقلة بالتكثيف البلاغي، فقد اتجه المؤلف إلى أدوات وتقنيات ساعدته على كسر الإيهام وذلك لإثارة عقل القارئ ونذكر منها :

1 - الإسترجاعات :

وتتمثل في مجموعة الأحداث التي دارت في الرواية وأعادتنا إلى الماضي بالنسبة للحظة الراهنة أو هي الوقائع التي حدثت قبلا اللحظة الراهنة، وقد استخدمها السيد حافظ بكثرة في روايته عن طريق استخدامه للأسلوب التلفزيوني فاصل ونواصل حيث كانت هذه الفواصل ثورة جدل وإبداع حيث جمعت بين "الفلاش باك" ، وهذا الأخير يأخذنا إلى أحداث وتفاصيل تاريخ الإسكندرية فمثلا في حديثه عن ليلة وفاة الظاهر بالله في قصر الخليفة إبن المنتصر وتولي المستنصر بالحكم وهو في عمر 8 سنوات، وقد جاءت هذه التقنية في شكل حوار مسرحي قصير يذكره " عيني عليك يأمر مصر عيني على الخلايق... مات الظاهر بالله يا ولدان..." ([4]).

"يأتي اختيار المؤلف لزمن المستنصر بالله كإطار تاريخي تدور فيه أحداث حكاية و"جد" وروح "سهر" الرابعة لتكشف عن وعي ثائر، وإدراك كاشف لجدل السلطة والسياسة والاقتصاد ومعنى الوطن، وعذابات البشر، وعشية البحث عن العدل والحرية والجمال"([5]).

وفي موضع آخر يرجع الكاتب إلى تاريخ الاسكندرية في السبعينات "قرر المحافظ أن يستخدم نادي المحافظة بالشاطبي، قصر للفنان كونه ناديا اجتماعيا إلا أن الأستاذ محمد عبد اللطيف سكرتير النادي، قرر أن يطفش موظفي الثقافة ...." ([6]).

ثم في موضع آخر نجده في حكايات "نحن والقمر جيران" والتي هي عبارة عن مجموعة من الحكايات وتبلغ سبعة، سردها الكاتب عن ذكريات "فتحي رضوان" عندما كان صغيرا حيث رجع فيها أحداثا ويصف لنا فيها ماضي ويصور لنا واقعا حقيقيا فيذكر في حكاية "عبد المنعم عبد الفتاح" " كان موظفا بسيطا في إحدى الشركات وله زوجة اسمها سمية وبنتان : خديجة والسيدة ويدللون السيدة بأم هاشم والشباب هما : السيد وفتحي .." ([7]).

تميزت الرواية بمشاغبات روائية تمثلت في تقاطع السرد والحكي مع الحوار المسرحي والأصوات والأحداث بحيث تجازوت المفهوم التقليدي للزمن وذلك بتقنية "فلاش باك" والمذكرات وقد كان لهذه التقنية دور كبير في سد الثغرات بين أحداث الرواية، إضافة إلى معالجة التزامن سواء على مستوى الأحداث أو الشخصيات.

2 - الاستباقات:

يستعمل مفهوم الاستباق للدلالة على مقاطع روائية تروى وتشير لأحداث مسبقة عن أوانها يمكننا توقع حدوثها، وهذه التقنية تقضي بقلب نظام الأحداث في الرواية وذلك بالقفز على فترة ما من زمن القصة من أجل الاستشراف بالمستقبل ويتجاوز النقطة التي وصل إليها الخطاب"([8]).

جاءنا السيد حافظ بمجموعة من الاستباقات ذات النظرة الاستشرافية وقد برزت هذه التقنية في رواية "كل من عليها خان" عند السيد حافظ بضمير المتكلم في بداية الرواية يقول على لسان "فتحي رضوان" "أنا السؤال" والزلزال والثمار والبحار والبرانس والزمان والمكان ، أنا الوحدة والتوحد والباحث عن نور يفتح شهوة ألف فكرة وحلم ...."([9]).

هنا نجد أن الكاتب جسد الاستباق وقد جاء هذا الأخير في نزعة تأملية تفائلية باحثة عن نور يفتح للحياة ألف حلم واصفا نفسه بالثمار والبحر من جهة وثائرا على الخيانة والظلم والقهر من جهة أخرى في وصف نفسه "بالزلزال" .

وفي موضع أخر يذكر قول شهر زاد لسهر "عطرك سيصيب الرجال بالدوار .. وهواء بحر عشقك نار في روح الجبال ... أنت بحر يهدد القلوب قبل العيون وهواء بحر عشقك نار في روح الجبال ... أنت بحر يهدد القلوب قبل العيون وصوتك به نبرة خفية تحرك فتتحرك ضالمة الروح للنور.." ([10]).

شهرزاد إن كانت تعرف أن سهر هي الروح الرابعة "لوجد" وأن سهر ستكون إمرأة جميلة فاتنة رقيقة ستقتل بفتنتها عشرات الرجال وأنها ستحرك قلوبهم بعطرها وأنفاسها وقُبُلاتها، "شهر زاد" أعطت "لسهر" بعدا ورمزا واصفة إياها بالبحر الذي يهدد قلوب عشاقها فالبحر عالم من الغموض والمتناقضات والبحر هدوء وعاصفة وكرم وبخل وسهر كانت كذلك لا تختلف عن هذه المعاني فهي زوجة، وعشيقة وخائنة فهي الخير والشر.

ثم يذكر في موضع آخر من الرواية في زمن الشدة المستنصرية في عصر المستنصر بالله عندما ذكر قول ياقوتي التاجر اليهودي "إن مصر تمر بظروف صعبة وحرجة ، النيل شح يبدو أننا سنوات سبع عجاف مثل النبي يوسف بن يعقوب عليه السلام"([11]).

ياقوتي التاجر اليهودي تنبأ بما سيحصل للمصريين في تلك الفترة من حكم المستنصر بالله وبأن مصر ستمر بفترة سبع سنوات عجاف وهذا ما نجده في قصة سيدنا يوسف عيله السلام، حيث كانت له نظرة استشرافية لما سيحدث للمصريين في بداية الشدة المستنصرية ، ونجد أن الكاتب هنا أعطاها بعدا دينيا مقتبس من قصص القرآن الكريم متمثل في قصة سيدنا يوسف عليه السلام.

كما نجد نوعا آخر من الاستشراف يحمل دلالات تمني وتأمل " أه لو ..لولي جناحان لطرت معهم وتركت الأرض .." ([12]).

"وجد" في هذا المثال تبرز شخصيتها الحالمة التي تتمنى أن تسافر في المستقبل فالاستباق عند السيد حافظ لم يكن استشرافا للمستقبل فقد فقط وظفه كذلك لكي يعطي لنا انطباعا عن الشخصيات لكي نستطيع أن نفهمها.

وقد حمله كذلك عدة مدلولات من تأمل وتمني ، وهذا التنوع هو الذي أشعل أفق الانتصار وكسر عنصر الإيهام لدى القارئ وزاد من التشويق.

3 - الإيجاز:

إن تقنية الإيجاز أو التخليص تبرز عدم التوافق بين زمن القصة وزمن الخطاب فالرائي يقوم بتخليص عدة سنوات من حياة الشخصية في بضعة أسطر أو صفحات إذ انه يقوم بمسح سريع للأحداث فيعرضها لنا مركزة ومكثفة وموجزة"([13]).

وقد جاءنا السيد بالعديد من الايجازات في روايته وقد استعمل هذه التقنية خاصة عند تقديمه للشخصيات يقول في تقديمه لشخصية وجد " كان يا مكان في سالف العصر والأوان ... بنت إسمها وجد درة عصرها، وقمر مكانها، والحي الذي تسكن به أمها التركية وأبوها المصري عمار الحلاق أمهر الحلاقين.. وجد كانت مطلوبة للزواج منه كان عمرها 8 سنوات"([14]).

وفي موضع آخر استعمله عندما كان "النيروزي" لحكي "لوجد" عن شيخه "حسن الصباح" واختياره أن يكون إنسانا مسلما " يقول شيخي حسن الصباح منذ طفولتي وأنا في السابعة من عمري كان لي ولع بالمعرفة من كل نوع كنت أريد أن أكون عالم دين، ظللت أتعلم عن طريق أجدادي الأثني عشر إلى أن بلغت السابعة عشر من العمر، في أحد الأيام تعرفت برفيق أسمه أمير زرياب كان يتحدث عن الخلفاء الفاطمين، لم أتردد يوما في إيماني بدين الإسلام .." ([15]).

لقد قدم لنا النيروزي في قوله هذا معلومات عن حياة شيخه حسن الصباح ولخص لنا مسار حياته وتحدث عن طريقة اعتناقه دين الإسلام.

وفي موضع آخر يقول الكاتب "تولى الخليفة المستنصر الحكم سنة 1035م/427ه بعد وفاة أبيه الظاهر بالله وكان يبلغ من العمر سبع أعوام واستمر حكم مصر 1092 أي ظل يحكم مصر حوالي 60 عاما ..." ([16]).

لقد اختصر لنا الكاتب كل هاته الأحداث التي جرت في ستون عاما في مساحة نصية قصيرة جدا ومن الملاحظ أيضا على هذا المثال أن الكاتب ذكر أو استعمل عنصرا مساعدا في الإيجاز ليسهل على القارئ تقدير المدة وذلك عن طريق إيراد عبارة زمنية والتي تمثلت في (ستون عاما) (60 عاما) وكذلك عبارة (يبلغ من العمر سبع سنوات).

 البنية الثلاثية للامتداد المكاني في كل من عليها خان :

إن المكان في الرواية ليس هو المكان الطبيعي او الموضوعي وإنما هو مكان يخلقه المؤلف في النص الروائي عن طريق الكلمات ويجعل منه شيئا خياليا"([17]).

"فالمكان في النص الروائي مكان متخيل وبناء لغوي "([18])فهو نتاج مجموعة من الأساليب اللغوية المختلفة في النص.

وللرواية سبل شتى في تشييد الفضاءات والمكان الروائي منها الوصف واستخدام الصور الفنية في توظيف الرموز، ولكل منها دوره الفعال في النص الروائي فالروائي حين يلجأ للوصف، فإنه يبذل قصارى جهده ليجعلنا نرى الأشياء أكثر وضوحا فإنه برهن بذلك إلى بث المصداقية فيما يروي لنا يعد المكلف عنصرا أساسيا مركزيا في تشكيل العمل الروائي.

وفي رواية كل من عليها خان التي تنطلق بجرأة نحو التجريب اعتمد الكاتب السيد حافظ على أساليب جديدة فنلاحظ تعدد المكان.

"فتوجد ثلاثية مكانية لكل زمن من أزمنة الرواية، حيث انتقل المؤلف بين ثلاث أماكن في الجزء الخاص بالعصر الزمني الحديث إلى الزمن التاريخي في دولة "المستعصم" تنقل أيضا بين أمكنة ثلاث تدور فيها الأحداث وهي القاهرة وبلاد فارس وأسوان"([19]).

وفي بداية الرواية نجد الكاتب في حديثه عن الوطن وكأنه ينكر كل علاقة تربطه بوطنه بسبب ظلم الناس وخيانة الحكام لهذا الوطن " الوطن ليس منزلا وسكنا وجيران ... الوطن من يعطيك سندا وعونا وأمانا ... الوطن من يشرب الشاي ليلا ونهارا بجنون الظمآن ... الوطن خدعة أو ورقة وقطعة قماش تسمى علما .." ([20]).

وهكذا سار البطل في طريقه تاركا وراءه كل ما يربطه خلف ظهره باحثا عن وطن جديد يحويه ويشعره بالأمان يقول " نسيت الوطن مع علبة سجائري على طاولة الكافيتيريا في المطار في طريق إلى دبي "([21]).

رغم هذا إلا أن البطل لا ينكر ارتباطه بها تاريخيا وبعراقة وأصالة مدينة الإسكندرية ..." مدن قليلة لها هذه الروعة .. تلك التي دخلت التاريخ مثل الإسكندرية التي أنشأها الاسكندر الأكبر ، وعمره كان وقتها في الخامسة والعشرين "([22]).

يشير إلى أنها لم تعد تعني له شيئا سوى أنها مجرد تاريخ عظيم، فلم يعد له مكان في وطن مخدوع فهو بالنسبة إليه يركن في دائرة الأحزان.

ويبقى البطل يسرد معاناته وهمومه في وطنه الذي يتغير عليه كلما تغير أحد الحكام ..."لهذا الوطن يغير جلده مع كل حاكم جديد "([23]).

لذا هو يرفض أي شيء يعلقه بالمكان فهو دائم باحث عن وطن ينسيه كل تلك الأحزان ، ويودعه بكل ما عشقه فيه " أحيانا أنسى المكان والزمان والأديرة والمساجد والبحر والأسماك والطاحونة في قرية جدي"([24]).

لذا دفع الوطن بالسارد فتحي رضوان للسفر إلى دبي هربا منه، فضلا عن كونه وطنا سكيرا فقد وصفه بالاحتيال والتبدل ليؤكد أن الوطن ما هو إلا وعاء يكتسب صفاته من الحكام.

ثم ينتقل البطل في حديثه عن الاسكندرية مدينة الحب يصور لنا حكايات البطل فتحي أيام طفولته وشبابه من خلال فواصل بين فصول الرواية، مستكملا الحديث عن تاريخها في عهد الاسكندر.

ثم ينقلنا الكاتب إلى مكان آخر وهو دبي يعبر عن إعجابه بهذه المدينة وسحرها يقو ل : " حملته سيارته في استحياء إلى مدينة الحلم والمستقبل دبي الساحرة .. دبي لا تشبه أحدا في التاريخ .." ([25]).

"دبي هي أنثى نثر عليها سحر، ولها أسحار .. دبي مدينة بناها الجن وليس البشر "([26]).، وشبه المؤلف المدن بالنساء وسحرها بسحر النساء، يقول ..." المدن مثل النساء .. كل يوم حال وأحوال ، فمرة ترى دبي أوربية، ومرة أنثى من الخيال "([27]).

ويمر الكاتب بنا إلى المكان الثالث من الحقيقة الزمنية المعاصرة وهوالشام وهو المكان الذي انتقلت منه سهر إلى دبي تاركة أستاذها كاظم غارقا في حبها .." الشام سر ونساؤها الجميلات سحر وفي عيونهن أسرار وكحل العيون يسلب عقول الرجال "([28]).

يصف من خلال هذا المكان الحالة الشعورية لكاظم وما حل به بعد رحيل سهر هربا من الحرب الأهلية يقول .." آه يا سهر سأفرش لك السرير ياسمينا .. وأشعل في كل الأركان شموعي وأرتل أناشيد العشق "([29]).

ثم يبدأ الكاتب بثلاثية مكانية في فترة حكم المستنصر بالله بداية بالقاهرة المستسلمة لسيول الهزائم المتتالية، تتحول من قاهرة إلى مقهورة .

يعيش بنا الكاتب في أجواء الحارة القاهرية بكل تفاصيلها بين التجار والدكاكين والعطارين ..." عادت الخمور في الدكاكين تباع وتشترى ومن الممكن أن تشتريها في دكان بيع الخمور ..." ([30]).

ثم ينتقل المكان الثاني من فترة حكم المستنصر بالله "بلاد فارس" وقصة النيروزي وضروف مجيئه الى مصر مع شيخه حسن الصباح ، فنعيش في جو مغاير ببلاد فارس بين الجبال والقلاع والقصور .

... نصب الصباح فيها خياما وقصورا أنيقة فارهة، جميعها مفضضة ومذهبة وبنى لهم في القلعة حدائق معلقة سبع طوابق، وسواقي تجري فيها الخمور والألبان والعسل والماء "([31]).

أما المكان الثالث الذي انتقل به الكاتب في فترة حكم المستنصر بالله هو مدينة أسوان التي هرب إليها النرويزي ووجد وأهلها .

" في أسوان عاشت هي وأسرتها في هدوء وليس في سلام ففي زمن الجوع لا شيء في أمان .." ([32]).

وفي الأخير يختم الكاتب رحلته المكانية بالقاهرة بسقوط حكم المستنصر بالله وإعدام الخونة ..." حين تم شنق العشرة الأوائل صاحت الجماهير قام بعض التجار في ساعتها بإخراج القمح المخبأ وتمت إعادة الحياة إلى طبيعتها رويدا رويدا "([33]).

" وعاشت وجد جزءا من حياتها في القاهرة وآخر في خرسان، حيث أنجبت صبيانا وبنات، الحدود كانت مفتوحة بين البلاد والأمان .. ولا يعرف هل قبرها في مصر أم هناك توتة توتة خلصت الحدوتة"([34]).

وبهذا استطاع المبدع الفنان السيد حافظ أن ينقلنا من مكان إلى مكان من خلال ثلاثيته المكانية للحقبتين الزمنيتين بشكل جديد غير مألوف في أي عمل روائي.

وما يحرك هذا المبدع هو الإيمان بضرورة التغيير في عالم لا يمكن أن يقبل بأي شيء غير التغيير والإيمان بـأن الإنسان كائن محرك ومتحرك ومغير ومتغير .. وهذا ما جعله مناضلا حيويا ضد الجمود والثبات وضد النمطية ([35]).

النسق السردي والتنوع اللغوي:

يعرف ابن جني اللغة بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ، إن اللغة لا تتفصل عن الواقع وهي جزء لا يتجزأ من بنية وثقافة وتاريخ كل امة وهي في العمل الأدبي ذخيرة تحتوي كل ذلك وفق حيل إبداعية وفنية"([36]).

يربط السيد حافظ بين السرد والعمل الروائي فيقول في مقدمة الرواية "الراوي هي سرد والسرد يعني التاريخ والحكاية والزمن الإنساني واللغة الحية التي تمتلك الدهشة الشاعرية وإذا أردت أن تكتب سردا ّأكتب شعرا([37]).

وهنا نجد أن الكاتب يدفعنا دفعا بإتجاه أحد أهم خصائص صنعته كأديب وروائي، يريد أن يلفت إلى لغته والتي هي بطبيعة الحال وبطبيعتها كمرسلة أيضا تمثل وعاءا للريا وناقلا للتجربة([38])حيث يقول عبد الملك مرتاض "السحر اللغوي إذا غاب عن العمل الروائي غاب عنه كل شيء، غاب الفن وغاب الأدب معا([39]).

والرواية عند السيد حافظ سرد مرتبط بالتاريخ والحكايات والعصر الذي يسايره الإنسان واللغة التي لها القدرة على إحداث التأثيرات الشاعرية فيمزج بين السرد والشعر ويعتبرها عناصر فنية من ضلع الرواية وبدونها تفقد الرواية بنيتها وتصير مجرد حكاية لا نفس فيها جسد بلا روح وانطلاقا مما سبق لنا أن نتقرب أكثر من اللغة التي بها الرواية فنذكر مثلا :

اللغة الشعرية : وقد تجلت في أربعة عناصر:

1 - الوصف:

 كان الوصف لدى السيد حافظ موسوم بالدهشة والمرارة حين يصف الوطن على لسان سارده فتحي رضوان الوطن خدعة أو ورقة وقصعة قماش تسمى علم([40]). الوطن عجوز غامض([41]). يقول يدخن الحشيش السيء السمعة والأفيون الرديء([42]).

فأي مرارة تلك عاناها الكاتب لكي يصبح الوطن عنده خدعة، قطعة قماش وعجوز غامض ارتمى السيد حافظ في أحضان التشبيه إمعانا في الوصف ويذهب إلى أبعد من ذلك حين صور لنا الوطن في هيئة شخص وهي تقنية إنتهجها لكي يعزز روئيته ويوضحها قائلا " كان الوطن يسكر مع الخونة والعملاء دون حياء وكنا على بابه نصرخ ليلا نهارا .. افتح لنا باب الروح فلا يسمع ... ويضل سكران..([43]).

إذن عندما وصف لنا السيد حافظ الوطن على هذا الحال إنما هو يؤكد على شيئين:

أولهما: أنه تجاوز الوصف الخارجي للأشياء والهيئات ليتعداها نحو تجسيده وشخصيته في هيئة المغيب المخذر والسكير وهو يعني تجاوز الوصف.

ثانيا: تحول الوطن من ظرف مكان حاوي للأحداث إلى أحد شخوص الرواية الصانعة لها .

وفي موضع أخر يذكر على لسان السارد "فتحي رضوان" سهر ...سهر.. سهر إسم يعرفه الليل والبحر والشجر وأحلام المراهقين والرجال والعجائز ..." ([44]).

ترى من من التاء بذلك الصيت الذائع ليعرفها الليل والبحر والشجر؟ وكانها تضارع المنتجي شهرة حين اخبر عن نفسه في بيته الأشهر فالخيل والليل والبيداء تعرفني " من تكون هي حمن النساء ليشتهيها المراهق والعجوز، حيث قدم لنا الكاتب وصفا رقيقا شفافا يؤكد حضورا جماليا لا يغيب عن الموصوف، تلك الصورة التي بينها السارد عن سهر إنما هي تمثل النموذج الذي يريد الوصول إليه ويحلم به منذ البداية.

2 - التصوير:

إن الصور الموجودة في نصنا الروائي "كل من عليها فان" جاءت لخدمة المعنى وإلداء دورها المنوط القيام به عكس الصور التي لا تتعدى الزخرفة الظاهرية فهي تصبح عبئا على النص لا فائدة منها نذكر منها التي جاءت على لسان السارد "فتحي رضوان" " أه يا سمر .. حين ألقاك لبا تتوضئ وألقي بثوب الحياء على كتفي وحبلي معي فأنتي مسبحتي ... وخمر الجنة والعشق سجادتها .. وأعلم للبحر والنجم والملائكة في السماء سأضمك إلى صدري وبعطرك أنجلي واحتلي وأختلي إلى روحي وأترك جسدي على حصاني في الخلاء.. يا سيدة البهاء لقائي بك ليس اختلاء وليس خطيئة بل هو لقاء الأرواح النبية "([45]).

إنها صور صوفية شفيفة، صارت سهر متحررة من كل ما يكبلها إتجاهه، متحررة من الخجل والحياء، تصير مسبحة له وتصير خمر الجنة والعشق سجادة لصلاتها الروحية واللقاء بها ليس بخطيئة بل هو لقاء الأرواح الظاهرة الطيبة النسبية حيث أعطت المفردات (خلي)، (مسبحي)، (سجدتنا) أضافت دلالات تتلائم مع خفة ونقاء الصورة الصوفية التي تتسامى عن الحسي نحو الروحي وإلى التجربة دون التغير وما نلاحظه هنا أن الصورة الفنية التي يحتشد بها النص الروائي عند السيد حافظ ليست مجلوبة للزخرفة والاستعراض الزائف إنما هي تقوم بدورها الفاعل في البناء السردي من حيث كونها تعميقا للمعنى وفضاءات لا تلجها اللغة التقريرية العادية ([46]).

 

3 - الإيقاع:

ينقسم الإيقاع في رواية "كل من عليها فان"إلى نوعين:

أولا: إيقاع خارجي: وهوالذي يتعامل مع حاس السمع فنذكر مثلا :

3-1-1- السجع: لو أننا تأملنا الأثر الموسيقي والفني والسجعي نجده يحمل نفس أثر القافية في الشعر، إلا أن القافية أقوى منه تأثيرا لورودها بشكل منتظم كميا وصوتيا لذا سنكتفي بالتمثيل الموجز قدر المستطاع لهذه الظاهرة الايقاعية المعروفة بالسجع مع العلم أنها محققة وبكثافة في الرواية.

" نسيت أسماء نساء كثيرا مردنا من ثقب الروح ... والقلب المجروح.. والعشق المفضوح"([47]).

"سجر إني مزقت الهوية، واللهجة الغبية"([48]).

أعرف أن جن نبي وحبي وبهي وغبي ودني وعي وشقي وصوفي فجائي وصدفاوي وقدري وحنوني ومزاجي ونزوي وليس في كل وقت بنقي وليس دائما بمالي ودائما عفوي "([49]).

3-1-2- التكرار:

"أيها الفرح المجتبي تحت ظلال الروح .. المختبئ في العيون .. المختبئ في القلوب.." ([50]).

3-1-3- المزاوجة بين التكرار والسجع: " لي في عشقك وطن سهر ... إلتف الخراب والحقد حول رقاب العرب .. ولي في عشقك هاجر الحمام وانتشرت العقارب والثعابين واختفى القمر .. لي في عشقك فرح"([51]).

3-1-4- التكرار مع القلب : المدن سناء .. السناء مدن.

3-1-5- الجناس الناقص: وعرفت أن البطل في العشق لا يتجلى ولا يتخلى .

3-1-6- حسن التقييم: وأنا عرفت سر البحر وسر القهر وسر العهر وسر الطهر([52]).

ثانيا: الإيقاع الداخلي:

نجده يلح في رواية كل من عليها فان في جمل قصيرة متدفقة كانت مناسبة تماما للحالة التي كان عليها "فتحي رضوان" فبالرغم من قصر هذه هذه العبارات إلا أنها استطاعت أن تصور لنا جانبا من شخصية فتحي .

أولا في علاقته الاعتيادية مع زوجته وحبه لسهر وعلاقته بها سرا وغريته كل هذه التقلبات في حياة فتحي رضوان كان لها أثرا على شخصية فتحي رضوان وتوتره الناتج عن هذه الأحداث .. فمثلا في قوله " دق قلبي بسرعة.. ربما إحمر وجهي خجلا"([53]).هذا كان رد فعل فتحي رضوان عند اتصال سهر بتهاني.

ثالثا: المونولوج:

"تعتبر المونولوجات الواردة على لسان "فتحي رضوان" قصائد عشق ووله وهيام "لسهر" كما أنها رسائل غصب وحب للوطن، إنها متون شعرية بكل ما تحمله الكلمة من معان تشمل على عناصر الشعر من وصف وتصوير وإيقاعات تنتمي لجماليات الكتابة الحافظية وسماتها يقول "فتحي رضوان في مقال له متحدث عن نفسه "وتسألني من أنت ، قلت أن السؤال والزلزال والثمار والحوار والنبراس والزمان والمكان أن الوحدة والتوحد والباحث عن نور يفتح للشهوة ألف فكرة وحلم ... وأنا على جبين الغمام الحسين بن علي.. رعشة إيمن تطير بين أحرف الكلمات حنيا لرضى الرحمن"([54]).

ليس مطلوبا من المونولوج أن يفسر سياقا، بل أن يصور لنا لقطة (كادرا) نفسيا مصاغا لغويا ، بياغتنا دلاليا ويكشف لنا عن أمور تدور داخل نفس قائلة([55]).

وفي موضع أخر نجد السارد "فتحي رضوان" يفسر لنا توجهاته ناحية الشعر والمرأة يقول "أنا فتحي رضوان خليل أعرف اسم شيطاني في كتابه.. كان إسم شيطان الاعشى مسحل.. وإسم شيطان الفرزدق عمرو .. أما إسم شيطاني في الكتابة فهو حواء.. وهي أنثى وأصابعي حين تكتب تكون هي أصابع جنيتي حواء .. إذا أردت أن تكتب سردا إقرأ واكتب شعرا "([56]).

هنا نجد أن السارد فتحي رضوان يعترف لنا بشيئين هما:

-        الإبداع السردي منطلقه الشعر.

-        المرأة هي ملهمته للانطلاق في الإبداع الشعري.

وما نستخلص قوله هي أن هذه المونولوجات التي أدرجها السيد حافظ في روايته تحمل في ثناياها قصيدة شعرية تخلصت من الايقاع العروضي الخليل وتبنت إيقاعا خاصا وصف لنا حالة فتحي رضوان بدقة وجمال.

1 - لغة الحوار:

يلعب الحوار دورا مهما في الرواية فالحوار يكشف عن الشخصيات ومواقف هذه الشخصيات ضف إلى ذلك أنه يكشف لنا الواقع بسلبياته وإيجابياته وفي رواية كل من عليها فان نجد أن السيد حافظ قد وضع الحوار بشكل مكثف في الرواية بحيث أدرجه في أنواع أدبية أخرى مثل المسرحيات مما أضفى حيوية وتنوع على أشكال الحوار، الذي ألقى بضلاله على كثير من المشكلات الاجتماعية وفساد الأمم والأنفس إضافة للكشف عن طبائع كل شخصية ومواقفها كما ظهر في موقف فجر التي تثور على الأوضاع فلم يعد لعقد كسرى أي قيمة تقول([57]).

بعث عقد الألماس الذي يساوي ألف ألف دينار، عقد كسرى بقبطة دقيق والتجار يسرونا والخليفة ساكت وخايف من التجار .. يا ويلك يا مصر من تجارك أنا مش لا أسكت.." ([58]).

وفي حوار أخر دار بين "وجد" و "فجر" تقول :

-      ما بك يا بنت

-      لاشيء

-      لا هناك شيء كلميني يمكن أن أساعدك، لكميني يا بنت نيروزي؟

-      نعم([59]).

يصور لنا الحوار الذي دار بين "وجد" و" فجر" حالة "وجد" العشاقة للفتى الفارسي "نيروزي" والتي تشكي "لفجر" زوجة فتح الله عن غياب "نيروزي" بسبب إبلاغ أنور عنه للوزير "بدر الحمالي" واعتراف وجد بحبها للنيروزي وذوبانها في عشقه وإنفجارها باكية، فمن خلال هذا الحوار نستطيع أن نرى شخصية وجد الرقيقة الضعيفة حب النيروزي ، وكذا تبدوشخصية "فجر"من خلال هذا الحوار شخصية متفهمة، وإمرأة رزينة حيث قررت أن تساعد "وجد" وأن تحظر لها "نيروزي".

وفي حوار أخر دار بين "وجد" و"أنور"

-      إسمعي يا بنت الناس

-      نعم يا بن الوسواس الخناس

-      الله يسامحك

-      قول خلص"([60]).

هذا الحوار يحمل في طياته مشاعر معاكسة للمثال السابق فهو ينقل صورة الكره والاشمئزاز التي تشعر بها وجد أتجاه أنور

وفي موضع أخر من الرواية في حوار دار بين سهر وشهرزاد تقول

شو قريتي في الفنجان يا خالتي شهرزاد

شو ابنتي خبريني شو قصتك

شو قريتي ... يا خالتي لا تعذبيني "([61]).

تبدو سهر من خلال هذا الحوار في حالة ذعر وخوف من الفضيحة التي كانت تحملها حيث كانت في قرار نفسها تعلم أن عشقها لفتحي خطيئة، وأن اللعنة ستصيبها لأنها خائنة، ليست لزوجها فقط بل لأخوها وأمها وقريتها .

إذن كانت الحوارات التي أدرجها السيد حافظ في روايته حوارات بناءة توصل رسالة، تصف أحوال شخصيات وتصور لنا الواقع المعيش في كل حقبة من زمن الرواية فمثلا نجد في البنية المركزية الحديثة للرواية حوارات "سهر" وشهرزاد، وحوارات العشق بين "فتحي" و"سهر" أما في البنية المركزية نجدها في حوارات "نجد" و"النيروزي".

2 - السرد الحكائي:

لم تكن اللغة الشعرية هي الوحيدة المستخدمة في رواية "كل من عليها خان" حيث تعتبر هذه الأخيرة عملا ملحي يحتوي على العديد من الأساليب، فتنوعت لغة الكتابة ما بين السرد والحكي أيضا وهذا ما يمكن أن نطلق عليه إذا أمكن "السرد الحكائي" فنجده مثلا في عدة مواضع في الرواية عند حديثه عن تاريخ الإسكندرية "بعد بناء الإسكندرية كان الإسكندر الأكبر يعيش حالة قلق، ويزعم أن زيوس كبير الألهة، أحد أحفاده السابقين، ويزعم أن امه لمحت للجميع أن إبنها لن يكون شخصا عاديا "([62]).

وفي موضع أخر في الرواية كان يسرد لنا تاريخ الإسكندرية ويصور لنا مشهدا يعيشه المصريين يوميا وهم على طوابير الإنتظار لأوقية أو أوقيتين من عند الخبازين كما استخدم السيد حافظ هذا النوع في سرد قصة "هابيل وقابيل".

وحدث بعد أيام أن قابيل قدم من ثمار الأرض قربانا للرب، وقد هابيل أيضا من كبار غنمه ومن سمانها فنظر الرب إلى هابيل وقربانه ولكن إلى قابيل وقربانه لم ينظر([63]).

كما كان لحكايات "سهر" و "فتحي" نصيب من لغة الحكي قامت سهر وأدارت الريكوردر لتستمع أغاني عبد الحليم حافظ، وضعت الشريط ولاحت تتفرس في سقف المعرفة([64]).

حاول السيد حافظ أن رؤيته ويعبر عن رأيه من خلال إسقاط بعض أحداث الواقع واستحضار أحداث تاريخية وسردها وكل هذا كان في شكل حكائي.

وقد ربط السيد حافظ بين فعل السرد وفعل الحكي وهذا يعتبر شيئا جديدا سلم به منذ بداية روايته، وهذا ليس بالشيء الغريب عن السيد حافظ فهو يسعى دائما إلى كسر قيود الكلاسيكية والخروج عن النمط وهذا ما عودنا عليه دائما

4 - السرد الروائي:

نجده في حكايات الجيران فتحي بالاسكندرية وقصص أصدقاءه وحواديث شبابه كان أبي الحاج رضوان يبني بيتا في محرم بك وأتى بخفير ليحرس الإسمنت والرمل والحديد من اللصوص، فكان الخبير إسمه نرج عبد الله لديه أربعة أولاد .." ([65]).

ثم يروي على لسان سارده فتحي رضوان في عصر المستنصر "الشدة المستنصرية" وما صاحبته من ظلم ومجاعة حيث شبه هذه الشدة بسبع سنوات العجاف في قصة يوسف عليه السلام بن يعوب عليه السلام يقول " هذا العام الرابع من الازمة ... النيل يشح.. من يريد القمح عليه بدفع مقابله شيئا مثلما فعل يوسف عليه السلام في سبع سنوات العجاف "([66]).

ونلاحظ أن هذا النوع قد ظل ساري المفعول إلى غاية نهاية الرواية فالحكايات –نحن والقمر جيران- كانت مجموعة من سبع حكايات سردها الكاتب عن ذكريات فتحي عندما كان صغيرا وكلها تحكي عن معاناة الطبقة الفقيرة.

5 - اللغة الإيحائية:

يسعى السيد حافظ دائما إلى خلق التجديد وإثارة دهشة القارئ وذلك باعتماده على اللغة الحية الجديدة التي تملك الدهشة الشاعرية فيستخدم لغة تخلق نوع من الفوضى في ذهن القارئ ألا وهي اللغة الايحائية عكس اللغة التقريرية العادية وذلك لكسر رتابة السرد وتجديد النشاط الذهني للقارئ بواسطة عنصر الإيحاء يقو ل"جمال عبد الناصر" سنحارب إسرائيل ومن وراء إسرائيل"" ومعظم الشباب حفاة وبدون سراويل "([67]).

يسخر هنا السارد "فتحي رضوان" من الدعوة التي أطلقها جمال عبد الناصر فهو يقول كيف لشعب لا يملك حذاء وسروال أن يحارب إسرائيل ويقف في وجهها، وليس هذا فقط بل تعداها إلى أمريكا وأوربا، حيث نلاحظ أن قصر العبارة لم يمنعه من أن يوصل مدى استهزاء الحكام وخداعهم للشعب البسيط دون النظر إلى أبسط حقوقه.

لعبت اللغة الايحائية دورا فعالا في نقل وجهة نظر السارد "فتحي رضوان"على الحكام المصريين وظلمهم وقهرهم للشعب المصري.

6 - اللغة العامية :

حيث لا يمكننا أن لا نذكر أن السيد حافظ برع في المزج بين اللغة العامية والفصحى وذلك من خلال الحوارات المختلفة داخل كل جزء من أجزاء الرواية ونذكر منها وبالخصوص في الجزء التاريخي .

سكينة         : لا دا إبني وأنا الوصية عليه أربيه زي ما أنا عايزة سيبي الولد يا سكينة (يمسكون الولد من يديه) ([68]).

"يالهوي دول كبااااار أوي .. إحنا فقراء

عايزة إيه دي؟ أوعي تكون جاية تخطبني"([69])

"نلاحظ من خلال هذه الحوارات أن السيد حافظ قد أدرج اللغة العامية وبسلاسة في الحوارات ذات الطابع التاريخي ، دون أن يشعر القارئ به أو ينفر منه حيث استطاع السيد حافظ أن يدخل اللهجة العامة في روايته ويوظفها جيدا بما يناسب كل موقف وكل شخصية." ([70])

وفي الأخير ما نستخلصه هو أن النص الروائي الموجود أمامنا هو سمفونية روائية أطلق عليها إسم "كل من عليها خان" هي نص روائي مشبع من عدة أشكال من فنون الكتابة من شعر وقصة ومسرحية ، جاءت كلها لكي تخدم النص الروائي، فأعطته زخما لغويا نشأ نتيجة لتداخل النصوص وتنوعها من أجل إثراء النص الروائي الحداثي فالتنوع اللغوي هو نتيجة مباشرة لهذا التعدد الإيجابي من أجل فتح منافذ عدة للتعيير وخلق حالة من المغايرة، وإحداث التنوع الفاعل وكسر الرتابة في الخطاب الروائي"([71]).

تحليل الشخصيات في كل من عليها خان :

الشخصية عنصر مهم من عناصر بناء الرواية الحديثة، لأنا تصور من خلال حركتها مع غيرها، ومن خلال نموها تدريجيا، إذ تقدم حياة الناس بحيوية وفاعلية ، لذلك فإن هذه الشخصية لابد أن تكون قادرة على الصمود أمام حركة الزمن المستمر فتبدو " وكأنها تعيش في كل الأزمان على قدم المساواة ودون أن ينال منها الزمن"([72]).

فجوهر العمل الروائي يقوم على خلق الشخصيات المتخيلة ([73]).

هي التي تنجز الحدث وتتفاعل مع الزمن فتمنعه معنى جديدا وهي التي تتكيف مع التعامل مع هذا الزمن في أهم أطرافه الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل ([74]).

وتبدو الشخصيات في رواية "كل من عليها خان" ذات كثرة واضحة وتنوع كبير، وفيها شخصيات قامعة هي شخصيات التجار الذين كان لهم دور في حدوث المجاعة الرهيبة وشخصيات العسكر والجنود([75]).

وكان تركيز الرواية على شخصيات المهمشين كبيرا سواء في القديم أم في الحديث وكانت الكتل السردية التي نهض بها فتحي رضوان بعنوان " نحن والقمر جيران" مرصودة للشخصيات المهمشة.. وهي شخصيات تتلقى أشد أنواع الألم بسبب فقرها المدقع وكأنهم يعيشون بيننا.. ([76]).

وعشق الكاتب من عشقه حتى الثمالة لشخوص علمه الذين قد يفضلهم على نفسه، يطلق لهم العنان والحرية في التصرف والتفكير .. فمنهم النساء اللواتي حملن فعل السرد بجدارة من بداية العمل إلى نهايته .. فمن العفيفة التقية "وجد" إلى الخائنة العاشقة اللئيمة "سهر" إلى الرواية الذكية شهر زاد"([77]).

وسنتناول من خلال دراستنا هذه الشخصيات الرئيسية المنقسمة بدورها إلى بنيتين:

1 - الشخصيات في البنية المركزية الحديثة:

فتحي: هو شخصية البطل الذي اختاره المؤلف ليجسد ميوله وتوجهاته السياسية والاقتصادية "اخترت يا فتحي أن تكون كاتبا وصحفيا مع أن نصيب المواطن العربي في القراءة خلال السنة 7 دقائق فقط"([78]).

فتحي رضوان هو الكاتب المثقف الذي واجه بمصر احباطات دفعته للسفر إلى دبي مصطحبا زوجته معه، هاجسه الحياة والمعرفة مسكون بأسئلة شائكة عن الإنسان والحياة، عن الوطن والتاريخ قال عن نفسه في الجريدة "وتسألني من أنت .. قلت أنا السؤال والزلزال ، والثمار والحوار والبنراس والزمان والمكان ..." ([79]).

فتحي رضوان من أسرة متوسطة تعيش في محرم بك، عاش شبابه بين جوانب قصور الثقافة وممارسة الأدب، اشتراكي الميول يؤمن بالوحدة العربية والقومية "كانت أجمل حصة عندي هي حصة القومية العربية، وطن واحد تاريخ واحد، لغة واحدة ..." ([80]).

كان مولعا بعبد الناصر حتى هزمته الهزيمة والنكسة يقول " كنت أصدق عبد الناصر في كل شيء كان مغشيا على وعي حتى النكسة"([81]).

هو منتقد لكل ما هو خاطئ حتى وإن كان هذا من معشوقته مصر، فإنه يرفق الخيانة ويحلم برفعة الوطن والعدل، فهو ذو شخصية مثالية يرى العالم من منظور القيم والمبادئ .

لكن رغم صفاته الايجابية كونه شخص مثالي إلا أن أفعاله خالفت أقواله عند خوضه في الرذيلة والخيانة مع معشوقته سهر تحت ما يسمى الحب فعلاقته لا يمكن أن يتقبلها بشر فهي خيانة لزوجته وزوجها وخيانة لنفسه في الوقت ذاته.

سهر:

سهر من الشخصيات الرئيسية في الرواية في العصر الحديث تتمتع بالجمال الفاتن هي "أنثى أسطورية تتقصد مسامها عطرا بدلا من العرق، فتجذب روح كل من يقترب منها، وقد عشقها القمر منذ بداية الحكاية في" قهوة سادة "وعشقها العصفور المسحور بعطرها وأنوثتها"([82]).

سهر هي عشيقة فتحي وزوجة منقد، تدور حولها حكاية الروح الرابعة تقول شهرزاد" كان يا مكان روحك الرابعة في جسد بنت تسمى "وجد" أمها تركية تدعى جميلة"([83]).

انتقلت سهر إلى دبي هربا من الحرب الأهلية، دبي المدينة التي جمعتها بفتحي عشيقها، سهر تمثل في الرواية، دور المرأة الخائنة، يعشقها البطل بجنون فيستبدل حب الوطن بحبها فيقول " كم أنت يا فاتنتي، يا صغيرتي تبدين أمام العالم أبرأ من براءة الملائكة، والندى والأطفال ... وأنت كل يوم تقتلين عشرات الرجال والشباب، أنا مسكون بالعشق أفتح صفحتك أعرفكم عاشقة لك بين الرجاء واليأس تنتظرك"([84]).

"يقدمها لنا الكاتب كأنموذج الفتاة الحبيبة الحالمة ذات المشاعر المرهقة ذات الشجن والحزن الدفين ... لكنها على مستوى الفعل الدرامي مجرد نموذج للمرأة سلبية التلقي ... لا تفيدشيئا وليست فاعلة أو محركة لحدث ما إنما فقط تتلقى الكلمات والحب والعشق والإعجاب من شخص غريب عنها وتترجم تلك الكلمات إلى لغة الجسد معه في الظلام ليس لها فعل إيجابي نحو وطنها ....ولم نرى في شخصيتها سوى إمرأة وهبت جسدها لمن لا حق له فيه "([85]).

2 - الشخصيات في البنية المركزية القديمة :

وجد :

هي الروح الرابعة لسهر هي بطلة الحكاية التي روتها شهرزاد لسهر * وجد وما أدراك ما جد !!! كانت أعجوبة زمنها فعطر جسدها دخان خفي يلهب جسد الرجال ويشعل غيرة النساء"([86]).

وجد هي فتاة جميلة فاقت أمها في الحبال، أطلق عليها أهالي الحي اسم "مسك" بسبب رائحتها ... " البنت دي غريبة فيها سر، وريحة جسدها مسك ما شاء الله"([87]).

أبوها عمار الحلاق أمهر الحلاقين وأمها التركية وجد كانت مطلوبة للزواج رغم صغر سنها بسبب جمالها الأخاذ.

هي رمز الحب الحقيقي والعشق البريء المنزه من الشهوات .... دليل للطهر والبراءة في زمن كثرت فيه الشرور والنزوات.

يصفها الكاتب عندما أصابها سهم الحب قائلا (غصن من شجرة من شجرة ياسمين تلوحه الريح ... لقد دق الحب باب حبها .. الحب الأول مثل سقوط قمر صغير على قلبك)

وهي رمز للوطن البريء الذي لجيه الشرفاء فيه الأوغاء أصحاب المصالح والشهوات يحيها القارئ بكل مشاعرها ونقاءها وطهرها هي وكن للجميع([88]).

نجد شخصية وجد مخالفة تماما لشخصية سهر فهما نموذجين لفتاتين يجمعها الجمال الخارجي أي جمال الشكل، أما عند الغوص في أعماق الشخصيتين نجد أن" سهر" لا تمد بصلة "لوجد" بخصوص الجمال الباطني جمال الروح "فوجد" هي نموذج للمرأة الصالحة التقية العفيفة التي يحلم بها أي رجل في العالم.

النيروزي: هو شخصية معاكس تماما لشخصية فتحي فهو نموذج للرجل الشجاع المتمسك بأخلاقه ومبادئه وصفه عمار والد وجد بالشاب المهذب، كان مصدر إعجاب وولع الكثير من النساء الجميلات " على باب دكانه يقف كعادته تتودد إليه النسوة الجميلات الفرحات الجامحات المازحات، غير النائحات ولا النالحات تقفن على باب قلب "النيروزي" في كل صباح فيردهن خائبات"([89]).

النيروزي يشترك مع شخصية فتحي فقط في كونه عاشق مرهف الحس عذب الكلام إلا أن حبه لوجد كان شريفا حلالا، فتزوجها بشرع الله ولم يقع في الرذيلة مثلما فعل فتحي مع سهر.

يكتب النيروزي لوجد قائلا" حبيبتي الفجر لاح وحبي لك يعبر الفضاءات والمسافات، الحب فضاح لا يهدأ في قلبي والشوق بواح والبعد سفاح، حبيبتي الصح لاح وأمري افتضح و سر عشقي قد انداح.. وافتضحت أي افتضاح"([90]).

3 - الشخصية الجامعة بين البنتين المركزيتين:

شهر زاد:

شهرزاد هي الشخصية الفاعلة في الرواية فهي محركة للأحداث هي الشخصية الحكائة التي تقص على سهر حكاية وجد وهي ليست مشتركة في هذه الحكاية لا من قريب ولا من بعيد وإنما تنقل سردها العليم لنا " وإسم شهرزاد يتجاوب بوضوح مع شهرزاد ملكة الحكايات المدهشة كما ظهرت في ألف ليلة ولية وهي تبدو هنا في ثوب الراوي العليم الذي يعرف كل شيء عن روح سهر وتجلياتها عبر العصور من خلال فكرة تناسخ الأرواح"([91]).

شهرزاد إسم مجرد قراءته أو سماعه يعطينا انطباع بقوة الشخصية وبالجمال الأخاذ والذكاء الجاد والقدرة على قيادة المواقف بدهاء .. والأهم من ذلك هو القدرة على الحكي بأسلوب شيق وممتع يسلب عقل وقلب السامع مسافرا به لأجزاء بعيدة وتاريخ ساحر غريب.

شهر زاد إسم أتقن المؤلف اختياره لتلك الشخصية التي تستمع لسهر وتؤمن سرها وفي نفس الوقت تحكي لها وتسمعها حكايات من الزمن القديم علها تعرف وتستجيب لعين العقل والصواب([92]).



([1]) د. نجاة صادق الجشعمي، التشظي وتداخل الأجناس الأدبية في الرواية العربية، ج1، ص 22.

([2]) عبد الملك مرتاض، بحث في تقنيات السرد، سلسلة عالم المعرفة، العدد 240، ص 47.

([3]) عبد الله رضوان، البنى السردية (دراسة تطبيقية في القصة الأردنية) ، منشورات عبد الحميد شومان، عمان، 1990، ط1، ص 9

([4]) كل من عليها خان، الرواية، ص 46.

([5]) نجاة صادق، الجشعمي ، المرجع السابق، ص 535.

([6]) كل من عليها خان، الرواية، ص 89.

([7]) كل من عليها خان، الرواية، ص 137.

([8]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع السابق، ص 24-25.

([9]) كل من عليها خان، الرواية، ص 18.

([10]) كل من عليها خان، الرواية، ص 20.

([11]) كل من عليها خان، الرواية، ص 51

([12]) كل من عليها خان، الرواية، ص 73.

([13]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع السابق، ج1 ص 30-31.

([14]) كل من عليها خان، الرواية، ص45.

([15]) كل من عليها خان، الرواية، ص 77.

([16]) كل من عليها خان، الرواية، ص 42.

([17]) بدري عثمان، بناء الشخصية الرئيسية في روايات نجيب محفوظ، ط1، ، دار الحداثة للطباعة، القاهرة، 1986، ص 94.

([18]) مصطفى الضب، استراتيجية المكان، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، اكتوبر، 1988، ص 60.

([19]) أنظر أحمد محمد التشريف، التجديد والتجريب في البنية السردية للرواية العربية في كل من عليها خان، دراسة نقدية، ص 08.

([20]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 21.

([21]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 21.

([22]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 22.

([23]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 24.

([24]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 24.

([25]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 60.

([26]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 108.

([27]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 108.

([28]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 96.

([29]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 96.

([30]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 43.

([31]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 76.

([32]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 283.

([33]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 322.

([34]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 323.

([35]) كل من عليها خان، الرواية ، ص 329.

([36]) نجاة صادق الجشعمي ، التشخيص وتداخل الأجناس الأدبية في الرواية العربية، ج2، ص 353.

([37]) الرواية ، ص 12.

([38]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع نفسه، ص 328.

([39]) عبد الملك مرتاض، المرجع السابق، ص 131.

([40]) الرواية ، ص 21.

([41]) الرواية ، ص 22.

([42]) الرواية ، ص 23.

([43]) الرواية ، ص 24.

([44]) الرواية ، ص 143.

([45]) الرواية ، ص 28.

([46]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع السابق، ج2، ص 338.

([47]) الرواية ، ص 23.

([48]) الرواية ، ص 86.

([49]) الرواية ، ص 37.

([50]) الرواية ، ص 142.

([51]) الرواية ، ص 142.

([52]) الرواية ، ص 88.

([53]) الرواية ، ص 192.

([54]) نجاة صادق الجشعمي،المرجع السابق ،ج 2، ص 340

([55]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع نفسه ، ص 341.

([56]) الرواية ، ص 192.

([57]) أنظر نجاة صادق الجشعمي، المرجع السابق، ج2، ص 256.

([58]) الرواية ، ص 314.

([59]) الرواية ، ص 208.

([60]) الرواية ، ص 152.

([61]) الرواية ، ص 16.

([62]) انظر،احمد محمد الشريف، المرجع السابق، ص14

([63]) الرواية ، ص 27.

([64]) الرواية ، ص 58.

([65]) الرواية ، ص 93.

([66]) الرواية ، ص 199.

([67]) الرواية ، ص 34.

([68]) الرواية ، ص 49.

([69]) الرواية ، ص 49.

([70]) انظر، احمد محمد الشريف، المرجع السابق، ص14

([71]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع السابق، ج2، ص 361.

([72]) أدوين مور : بناء الرواية : ت إبراهيم الصبر، الدار المصرية للنشر، القاهرة، 1965، ص 82.

([73]) ينظر بيان فاير: فن كتابة الرواية، ت عبد الستار جواد، ط1، دار الئؤون الثقافية، بغداد، 1987، ص 45.

([74]) عبد المالك مرتاض، المرجع السابق، ص 47.

([75]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع نفسه، ص 285.

([76]) نجاة صادق الجشعمي، المرجع السابق ، ج2، ص 286.

([77]) كل من عليها خان، الرواية، ص 220.

([78]) الرواية ، ص 24.

([79]) الرواية ، ص 18.

([80]) الرواية ، ص 23.

([81]) الرواية ، ص 38.

([82]) نجاة صادق الجشعمي ، المرجع السابق، ج1، ص 352.

([83]) الرواية ، ص 42.

([84]) الرواية ، ص 24.

([85]) أنظر أحمد محمد الشريف، المرجع السابق، ص 27.

([86]) الرواية ، ص 44

([87]) الرواية ، ص 45

([88]) أنظر أحمد محمد الشريف، المرجع السابق، ص 29.

([89]) كل من عليها خان، الرواية، ص 74.

([90]) الرواية، ص 189.

([91]) نجاة صاجق الجشعمي ، المرجع السابق، ص 282.

([92]) أنظر أحمد محمد الشريف، المرجع السابق، ص 28.







 







0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More