دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 258 )
دراسة من كتاب
ورشـــــــــــــــــة النــــــــقــــد للســــــــــــرد الــــــروائـــــي
نموذجًا
سباعية الكاتب السيد حافظ الجزء الخامس { حتى يطمئن قلبي }
التجريب وانحرافات السرد
في الرواية
نموذجًا
رواية " حتى يطمئن قلبي "
للكاتب السيد حافظ
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
إشكالية الحب فى رواية
" حتى يطمئن قلبى " للكاتب السيد حافظ
بقلم أ. سحر الجابري
کيف يولد الإنسان ؟ وماهي العوامل التي تعمل على صقل ذاته ؟
يولد الإنسان بوجهين وجه مالك ووجه شيطان ، ليطفو احد الوجوه على شخصيته حسب الظروف والمكان والبيئة ..نولد بنور من هللا طهور وتتلى في اذاننا ايات هللا تزيد ارواحنا طهرا .. ليحلنا المجتمع الى شخصيات التشبه ذواتنا ربما ، فنحن بشر ولسنا مالئكة نؤثر ونتأثر بما حولنا محكومون بالظرف الذي يحيط بنا والمجتمع والبيئة وكل هذه المؤثرات هي التي تؤطر ذواتنا بالفضيلة او الرذيلة.. فالبد من حل اشكالية سؤال الحافظ )هل للحب دين ( البد لنا من دراسة اشكالية الشخصيات وتحليلها كال حسب دوافعه لتطمئن قلوبنا .. انا شخصيا ارى ان الحب ُتخلع عنه عباءة الطُهر وتنتفي عنه صفة القدسية اذا وظف من اجل الوصول الى غاية ما او ارتبط بالغواية والشهوه الجسدية محوال الحب الى رذيله ولكي نسمو بما للحب من قدسية البد من توضيح االسباب والعوامل التي تدفع الى الغواية
يدخلنا االستاذ حافظ في (مسراويته) والتي تحدث عنها في البداية بأنها بين الرواية والمسرح . يدخلنا الى عوالم التأريخ مازجاً بين الماضي والحاضر وهذا المختلف السائد الذي يتصف به الحافظ .. مع انه ليس بكاتب للتأريخ وكاتب التاريخ يختلف عن كاتب الرواية غير ان الحافظ استطاع ان يرسم من هذا التمازج بين الماضي والحاضر لوحة فنية جديدة كما عودنا ، وكما الوحة تحتمل عدة صور ، كذالك الحافظ بفنه الروائي يأخذنا في رحلة فنية متعددة الصور ينظر اليها القارئ ويقرأها على شاكلته ، ماشد انتباهي في المسراوية هي العالقات ووضع عالمة سؤال امام كل عالقة ووجه الحب فيها ..وكلما توصلت الى جواب انطلق منه الى سؤال يستدعي له جوابا وبحث لحل اشكاليته .. ماهو الوجه اآلخر للحب؟ وماهي الغواية فيه ؟ ومن وراءأستباحة عفته ؟ ربما هو االنفتاح والعولمة ، أو الحداثة هي التي لوثت فطرتنا وهدمت القيم فينا ونقضت روح الفطره بدواخلنا وربما يكون الجشع وحب المال او ربما يكون الوطن عندما يقصي ابناءه قسرا ليجدوا في احضان من يحبون مالذا وملجأ كما يحدث ) لفتحي رضوان ( ولو ان من الصعب ان تستعيض عن الوطن بشخص واحد ..هذا غير وذاك غير .. كل هذه قضايا فكرية واجتماعية تحتاج الى تفكير وتامل وايجاد حلول يربطنا الحافظ بالعالقات بين ارواح سهر الخمسة ..المار ) بريق الذهب ( روح سهر الخامسة قصة تشبهها كثيرا تسردها شهرزاد .. على سهر المار أبنة السبعة عشر ربيعا التي كلما سارت في االزقة او الشارع يبعث نهداها في قلوب الرجال اشارات كهرومغناطيسيه بفرح .. هي تعرف ان هللا جميل واحيانا يمنح انثى من روحه ومن وجهه القاً ص34 يلتقيها ضوء المكان الذي يدنس روحها بشهوته وغوايته سامحيني عندما أرى أمرأة جميلة يركبني الشيطان أهجم عليها وأخطفها والزم انام معاها .. سامحيني انا نذل وجبان ومجرم انا حيوان وغير ادمي ص290 الغواية من فعل الشيطان وكل مايتبعها من شهوة حيوانية ، ليتصف كل من تبعها بالنذالة العالية وابن عمها ابن مياح تكاد تكون عالقتهما رمزا للعفة والطهارة تولد العالقة في الصحراء وتحت ضوء الشمس واالتصال بروح هللا بدون أبنية شاهقة أوعمارات تحجب ضوء نوره . ونور هللا يعني الهداية ، الطبيعة المحض الخالية من اوبئة الحضاره المزينة بالوان مزيفة ، والبيئة الصحراوية بطبيعتها تجعل الإنسان يفكر في الذات قبل الرغبة ليثبت لنا الحافظ هنا ان الحب ينبوع طهور عذب وهبنا هللا اياه ليعطي للحياة معنى لكنه يدنس بفعل الغواية بكر يناجي العالية اخته بعد ان اختطفها اآلمر بأحكام هللا وسجنها في قصرها العائم على صفحة ماء كالهودج ، تعيش معه جسدا خاليا من كل روح يخاطبها بكر فيقول : (انظري ياعالية هذا صقر يطير ، هذا ارنب بري ، هذا حمل ضال ، فرس يجري في البرية ) عالقة سهر في حاضر الرواية ، بفتحي عالقة متخطية كل االعراف والتقاليد ) عادي ان نهزم عادي ان نقهر عادي ان نخون او نهون او نكون او النكون ياسهر العشق اليعرف الأصول والحدود والقانون واليعرف المسافات وال الخطر وال الحذر (فتحي هنا على الرغم من عمق عشقه الروحي فانه يتسم بالغواية وحب الشهوه والرغبة في جسد وجمال سهر) ذهبنا الى الفندق .. حجزنا غرفة.. كانت قطعة آيس كريم ساخنه .. دخلنا الحمام وتحت الدش كنا سويا .. للقبالت تحت الماء طعم اخر .. اتصلت بغرفة الخدمات اثنين قهوة سادة أشعلنا سيجارتين .. الصمت سيد اللحظة ص171 هنا يسمى حب شهوه وغواية وقضاء الوطر ) الشهوه الجسدية ( كما صنفه ابن حزم اذ قال الحب انواع ) حب في هللا ، وحب القرابة ، وحب اآللفة ، وحب التصاحب والمعرفة والمتحابين لسر يجمعهما ....الخ كلها تنتهي وتزول بزوال المسبب حتى يصل الى العشق وهذا ينتهي بموت صاحبه ( رغم هذا العمق واالنغراس في حب الشهوة نجد فتحي يجلد ذاته بذاته بعد كل غواية )دعيني اشربك كزهرة الجنزبيل والكركديه واستغفر هللا واتوب عن العشق الحرام واسكن في عينيك اسبح لجمال خالق الكون الذي خلقك شجرة من نور ) همسه لسهر ص171
فتحي الرجل المتشضي الذي يهرب من الوطن، اليه ، يعذبه شئ اسمه حب الوطن مع ان الوطن يقصيه يهيم في بالد العرب باحثا عن ذاته وهويته التي سحقها الوطن ليجد كل هذا في حضن سهر الجميلة وغوايتها )واسمع ضحكتك وانت طفلة وكبرتِ وأصبحت مهره وتحولتِ نمرة جميلة وجمالك يصرخ في وجه الرجال وانت تناغين بضحكتك يقول الناس ان بيتك مسكون بقلوب العاشقين وهم اليدرون ان الشيطان العشق ايضا مفتون بك ...أنك أمراة تشبهين تواطؤ العشق وكارثة الشهوه التي تطيح بظالم القلوب ( همسة شهرزاد لسهر ص 545
في مكالمة من فتحي لسهر
أنت مثل الوطن يتهمني دائما بالتقصير -
كل ما بحكي معك تحكي لي عن الوطن شو بك ؟ ص 296
لماذا انا في دبي ؟ لماذا تركت مصر ؟ ص328
كل هذه الانقسامات والتساؤلات تثبت لنا أن فتحي باحثًا عن وطن في حضن سهر.
يقول الصوفي وسلطان العارفين وزعيم المولوية جالل الدين الرومي كل االشياء ُتصبح أوضح حين تفسر ... غير ان هذا العشق يكون اوضح حين التكون له أي تفسيرات قاصدا بهذا الحب في هللا في رواية الحافظ هناك الكثير من الرمزيات والمقارنات بين انواع الحب والتي نستدل من خاللها ان الحب والتعلق كذالك يكون; في المكان وليس للشخوص فقط ، عندما تذهب سنية الى قصر األمر باحكام هللا وتاخذ زوجها احمد ،; يتغير عليه المكان ويستوحش طريقة العيش فيه ويصف القصور كالقبور بل اشد وحشة ، وخطاب بكر ألخته العالية كذالك بعد ان امتلكو المال واالبل يتوسلها العوده وان كوب شاي وقطعة خبز وخيمة وعودتها تغنيه اكثر من كل مال الدنيا .. كل هذه صور الحب التي ياخذنا الحافظ الى عوالمها واكثر يسرده علينا الحافظ في اسلوب جديد وبعيد عن نمطية الرواية العادية .. الفواصل ، الهمسات ، الدخول الى عمق التاريخ ، ومن ثم العوده الى ليالي دبي، شهرزاد ورمزية اسمها المرتبط بقصص الف ليلة وليلة ، ومنديلها حين تفرده يمأل سماء دبي عطره كتابة تاريخ الزمان والمكان ودرجة الحرارة والرطوبة في فواصل دبي يضع القارئ في جو الرواية وكأنه معهم كل هذه المستجدات في طريقة كتابة الرواية يجعلنا الحافظ نخرج من الملل ونمطية الكتابة ورتابتها وهذا هو اسلوبه دائما في الكتابة رواية بهذا الكم الهائل من الأحداث والرمزيات يصعب علينا دراسة أشكاليتها وتفسيرها واختصارها في أسطر قليلة ، فالبد لنا من وقفة طويلة متأملين وهذا ربما في الروايات القادمة من سباعيته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق