Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الأحد، 20 مارس 2022

281/ عن الحب وأشياء أخرى بقلم: أ. بسنت حسين

  

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 281 )

 

عن الحب وأشياء أخرى
بقلم: أ. بسنت حسين

دراسة من كتاب

إشكالية وتمازج ملامح العشق
المقدس والمدنس
نموذجا
رواية "لو لم أعشقها"

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى


عن الحب وأشياء أخرى
بقلم: أ. بسنت حسين

يتطرق الأديب الكبير/ السيد حافظ في رواية "لو لم أعشقها" لفضح عالمين متوازين طوال صفحات الرواية، وهما: الشكل التقليدي للكتابة والحب في حالاته المختلفة بين المقدس والمدنس.

فمع الإهداء والإهداء الخاص للرواية وجدنا "مفتاح الخريطة" لحل لغز الرواية التي لا تشبه في الشكل الروايات الأخرى، فقد قدم لروايته وشكلها المبتكر إفتتاحيه تليق بأحداثها ومضمونها الصريح مع النفس ومع تابوهات مجتمعاتنا العربية وهى الجنس والسياسة والدين. فمن خلال أحداث الرواية تجد أن ثالثوث التابوهات الثلاثة المذكورة يلاحقك فتجد نفسك في فسحة من الترويح ومن إعادة إعمال العقل حول ملفات قد ظننتها خاطئة أو أنها همّ شخصي لا تجروء الإفصاح عنه.

 فالتجديد في شكل الكتابة قد فعله رائد التجديد في القصة القصيرة /محمد حافظ رجب قد لاقى الكثير من النقد طيلة حياته لخروجه عن الكتابة المعتادة وتحليقه بالكلمات نحو مدرسة أدبية أسسها رغم أنف الحاقدين وهكذا يفعل أديبنا في تلك الرواية.

تتكون الرواية من ثلاثين علامة لتشبه كتاب مقدس في حد ذاتها، لا تخلو من الآيات القرآنية والتي غالبًا ما تتطابق أجزاءها مع رقم" فصل" الرواية، ويبدأ أغلب فصولها بلفظ "أكثرهم" كإنعكاس لأحداث هذه الرواية على واقعنا وعلى أكثر من خصهم الأديب في الإهداء. لا تقف الرواية عند هذا الحد بل يشمل كل جزء على ثلاثة محاور تتفرع من خلالها المفاهيم التي يود الكاتب أن نعمل العقل حولها:

الروح: وهى متن الحكي وما يدور حوله سياق كل فصل من فصول الرواية وقد استشهد فيه بآراء الكثير من الفلاسفة والشعراء وبالبحث عن أصل الكلمات في المعاجم ومن الأثر.

الاقتباس: كان للرواية النصيب الأكبر من الاقتباس لمقاطع يتماشى مضمونها مع الأحداث في كل فصل، فقد استشهد برواية عالمية كثيرة تبرهن أحداث قد فصل.

لو لم أعشقها: الرواية التي نحن بصددها وتطرح الكثير من التساؤلات سنستعرضها سويًا.

نجد أن كل فصل/علامة يتمضن الثلاثة أجزاء عدا الفصل الثامن بعنوان (أكثرهم يجهلون) فلا نجد فيه المفتتح "روح" وتتضمن أحداثه الإصرار على الخيانة، وكأن الروح لا تجتمع مع الخيانة فالروح هى أصل كل شيء طيب وإن وقع في الخطأ عن جهل غير متعمد. كما تشترك أغلب نهايات الفصول بالآية الشريفة:"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" والتي غابت مع بداية الفصل الحادي عشر (وأكثرهم مشركون) والتي ظهرت فيها شخصية شهرزاد وزوجها حامد الصقر وهما الشخصيتان السويتان في الرواية، مما يؤكد أننا أمام رواية محكمة، لكل كلمة بها لها تأويل وإشارة لابد من فهمها.

تتمحور الشخصيات بين الحب المقدس والمدنس ونتطرق لفهم كل نوع من خلال مسار الشخصيات.

فالشخصية المحورية من وجهة نظري هو فتحي رضوان المصري المغترب التائه من ذاته كما قال عن نفسه "... أنا خمسة أشخاص ولست شخصًا واحدًا..." و ص77 "....نظرت إلى نفسي وجدتني خمس شخصيات الأول أوروبى الملبس والقبعة الأوربية والثانى شرقي الفكر يرتدي عمامة والثالث ناسك في الصحراء حافي القدمين ويمسك عكازاً والرابع يقف على أبواب الجنة ينتظر العفو ليدخل والخامس بدائي يعيش في غابات فوق شجرة مع الحيوانات..." ..

 تتلخص أزمة فتحي في كلمة واحدة وهى الهوية وليست الغربة أو الهوة بين الثقافات، فقد فر من وطنه مصر لدبي كي يحظى بمستقبل مادي أفضل وحرية في التعبير ولإثبات براعته في الكتابة وما أن وصل حتى فُتن بالأضواء والحياة المترفة والنساء من مختلف الجنسيات فحاد عن مساره (الذي لم يحدده من البداية ولكنه نوع من الهروب من واقعه) وحاول أن يجد نفسه من خلال نزوات نسائية متعددة سواء مع "سهر" أو "حياة" ويعود في المساء حاملًا خطاياه فيغتسل ويندم على معصيته بين يدي تهاني زوجته المصرية الأصيلة التى تتغافل كل ما يدور حولها حتى تحظى بأسرة مستقرة ولكنها فشلت في النهاية.

نجد أن فتحى وعلى الرغم من خطاياه إلا أنه أحب وطنه مصر أكثر من ذاته، فالتيه الذي يعيشه فتحي بسبب إختلاف مصر التي قرأ عنها وعن حضارتها وعن مصر الوطن الذي فر منه، فنجد حديثه عن الوطن قد تجلى من خلال كتاب شخصية مصر لجمال حمدان ص 248

بمعني ثورة علي نفسها أولاً ، وعلي نفسيتها ثانيł "إن ما تحتاجه مصر أساسł

 إنما هي ثورة نفسية، ،أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها وكيانها ومصيرها.. ثورة في الشخصية المصرية وعلي الشخصية المصرية!!

وسبب تذبذب شخصيته التي تارة تميل للصوفية وتارة أخرى نجدها شهوانية لا تتحمس إلا بممارسة الزنا، وقد برر مواقفه في أكثر من موضع منها ص133 ".. إن دخولي في اللحظات العاطفية والإستغراق مع علاقة نسائية هو مجرد محاولة للهروب من الضغط اليومي ومواجهة نفسي أني فشلت فى النهوض بالمجتمع نعم فشلت فى إيقاظ الوعى الجمعى أو الفردى .. هل الكُتاب أنبياء وعي .. وهل الوعي مكتسب أمفطري هل العقول العربية جيناتها ضعيفة .."؟!

ونجد إصراره على التخلص من الخطيئة ملح عند قوله ص58 "...لماذا نتهيأ للخطيئة والحرام أكثر من تهيئنا للحلال والفضيلة ؟"

وص75 "........هل المعصية صعب علاجها هل تظن أن االله لاينظر اليك وأنت تعلم من فنى عمره في المعصية غاب عن كل شىء فالله منحك نور العقل ونور القلب ونور الروح فأنت من الأثرياء جداً ..لم يحجب االله عنك شيئ .." وأنت لا تستحي من االله

فتحي الشخص الذي خسر نفسه قبل أن يخسر الوظيفة والأسرة والوطن أو أنه أحب مصر أكثر من ذاته فأنشغل بهمومها وحمّل نفسه عبء إصلاح الكون ونسى أن أولى خطوات الإصلاح هى الذات وأنه ثقته لن تأتي من خلال تأوهات حياة أو إلحاح سهر فالنزوات هى لحظات الإنتشاء بذاته من خلال إثبات رجولته والتي كان من الممكن أن يكتفي بزوجته تهاني لكن رغبته الملحة أن يكون مرغوبًا ليبقى على قيد الحياة هى ذاتها الدنس الذي يلاحقه ولا يستطيع أن يتخلص منه.

كاظم وهو شخص يرى في الهروب فرصة لحياة جديدة ليبدأ في مكان لا يعرف أحدًا فيه ولا يلحظ أحد فشله فحب وردة له لا يستطيع أن يمحي رؤيته المتدنية لذاته وتحقيره من شأنه وفشله في حب سهر تلميذته. فالهروب مع ليزا التي لا يحبها إلى باريس ما هى إلا فرصته للخلاص من الأذى المستمر لذاته ومحاولة لطي صفحة الماضي وإن خسر وظيفته وإن عاش حياة كد، فالرفاهية بالنسبة له التخلص من كل الأعباء والتحرر من مقارنته بأمثاله. فنجد أن رؤيته للحب المدنس من خلال علاقته ب ليزا مختلفة تمامًا عن نظرة فتحى وهذا بسبب الدوافع النفسية لكل منهما.

منقذ الزوج الخائف من فضح زوجته الخائنة سهر بعد أن تأكد من خيانتها فهو يحتاج لمنقذ حقيقي ليقوى على مواجهة العالم ونفسه وزوجته الخائنة فالحائل بينه وبين رغبته في الانتقام هو قول الناس عنه كزوج خانته زوجته الجميلة الفاتنة، فنجد أنه استعاض عن المواجهة بعلاقته مع مارينا الخادمة أثناء سفر زوجته للشام، فثقته بذاته وبرجولته قد عادت عندما شعر بالرغبة من خادمة لا يحبها فالثأر من سهر قد تبدل لخيانة مضادة تداوي أوجاعه وتعوض نفسه عن جرح زوجته له مرة بالتجاهل ومرة بالخيانة.

أما راغب فهو مثال الأخ الحنون والذي حاول أن يعوض "وردة" ما فعله ب "زهرة" فالأسماء هنا لها دلالة وبالفعل موقفه تجاه أخته التي حاول أن يؤمن حياتها من جديد ويوفر لها استثمار وعمل وينتقل للعيش معها ليربي ابنها بعد هروب كاظم زوجها هو موقف رجولي وبه نوع من الخلاص لما عاشه مع زهرة. فنستطيع القول أن راغب قد تعلم الدرس جيدًا وأن "كله سلف ودين" فما فعله بزهرة قد تكرر مع وردة.

شداد الثري العربي الذي يستطيع أن يشتري كل شيء القيم والبشر، يعد الشر المطلق فرغبته في الانتقام من طفولته القاسية حاول أن يذيقها لكل من عرفه سواء لشريكه حامد أو لراغب الذي يحاول استغلاله أو سهر التي سيسلبها شرفها في مقابل المال، هكذا يريد أن يتحكم بالجميع أن يجعل كل شخص عبدًا له، لا يعرف الحب ولا يفرق بين حب مقدس أو مدنس ففي اللحظة التي اشترى فيها هدية لزوجته كانت بداية إغواء لسهر بالخاتم باهظ الثمن فهو لا يحبها بل يريد المرأة التي اشتهاها جميع الرجال ليعلن انتصاره وتعويضه للطفل حافي القدمين الذي عانى كثيرًا ليصبح ما هو عليه الآن، فشعوره بالذنب ليس بسبب علاقته بسهر أو بغيرها بل هو شعور قديم بالعجز يحاول أن يخفيه من خلال امتلاكه لكل شيء.

حامد الصقر الشخصية السوية الوحيدة في الشخصيات رغم افتقاره لوريث شرعي، فقد تزوج من حبيبته وابنة عمه شهرزاد بعد عشرين عامًا من سفره لفانزويلا وبعد أن عاد تزوجها وسافرا لدبي وأسس مدرسته / مشروعه الخاص.

نجد أنه شخص مكافح ومتزن في اختياراته وقراراته لم تغيره الغربة أو يغريه المال، فنجده على عكس منقذ لم يلتفت لأي امرأة أخرى في غياب شهرزاد.

شهرزاد هى المرأة الوحيدة التي استطاعت الفرار من سياف شهريار والوحيدة الصادقة والرزينة في كل الشخصيات النسائية في الرواية، فهى كما وصفها الكاتب ص94 ".....حین تتزوج امرأة من رجل أقل ثقافة منھا علیھا أن تتوآءم وتتنازل وتعیش یوماً بیوم ولا تجادله كثیراً حتى لا تفقده لأن الحب یجعل المحب یتنازل عن أشیاء كثیرة من أجل حبه للأخر..."

طبيعة شهرزاد لم تتغير بالثراء ولم يلوثها الحقد لعدم إنجابها وتتقبل النقد أمامها (من ميثاء) أو من وراءها بنفس راضية فهى من "النساء البناء وليس الهلاك" كما ذكر الكاتب، كما أنها تحاول أن تكون بذرة الإصلاح لكل من حولها: سهر، وردة، فقراء الشام". أما عن علاقتها بحامد فأساسها التفاهم إلى جانب المودة والرحمة لتتحول علاقتهما للحب المقدس وإن انتقص لكثير من أساسيات العلاقة الزوجية في مفهوم بلادنا العربية، فهى لم تنجب ورغم ذلك حافظت على زوجها، طبيعتها المبادرة والتي لا تتوائم من شخصية حامد إلا أنه يستمع دومًا لرأيها مما يؤكد أن أساس الحب المقدس هو: الفهم، الإحتواء والتقدير إلى جانب المودة والرحمة.

أما عن سهر فهى أنانية لا تعشق إلا ذاتها والمال الذي يجعلها تعيش عيشة مترفة وإن خسرت إحترامها لذاتها، لا تعترف بالقيم ولا تنشغل بالإيمانيات فقد كان رضى شهرزاد عنها أهم من خوفها وندمها على ما فعلت مع فتحي أو شداد، فمبررات الخطيئة لديها أكبر بكثير من إحساسها بالذنب فهى ترى أنها زوجة تعيسة تعيش مع منقذ الفقير البخيل الذي لم يقدر جمالها بالمال كما فعل شداد. فحالة سهر أشبه بالحب المرضي لكنه حب لذاتها، وحتى فتحى عندما علمت بخيانته لها مع حياة لم تتحدث عنه طوال حديثهما بل أكتفت بكلمات الإطراء التي امتدحتها بها حياة.

حياة هى مثال لاضطراب الشخصية والهوة بين الثقافات، فهى تريد أن تكون مثال للمرأة العصرية التي لا تلتفت للقيم وفي ذات الوقت تعاود الإتصال بفتحي كلما غلبها الشوق، فهى كالحياة متغيرة وغير مستقرة.

تهاني ووردة مثال للزوجة المتفانية المكبلة بهم الأطفال وإن غادر الأزواج، لكن التفاني في العطاء دون المقابل والتغافل عن الخيانة لا يقيم العلاقة فالاحتواء والمصارحة اللاتي هربن منها كانت واجبة لتبقي العلاقة.

يقولون أن العرب عاطفيون لكنها ليست الحقيقة فنحن لم نفهم ذواتنا أو نقدرها حتى نتهيأ للحب، ولسنا عمليين للدرجة التي تجعلنا ننسى العواطف ونركز أكثر على إنتاجيتنا. رؤيتنا للجنس كونه خطيئة لم يمنع الوقوع فيها فكل ممنوع مرغوب، لكن جعل وهم الإحساس به أنه حب وهو لم يرتقِ لهذه المكانة. فالحب المقدس أكبر من الشهوة والتي غالبًا ما ينطفأ ليهبها سريعًا كما حدث في علاقة فتحي بتهاني وعلاقة كاظم بوردة. لا نستطيع أن ندرك الحب ونحن في تيه من أنفسنا، فمع عودة فتحي لمصر وإنتهاء علاقاته ب سهر وحياة تاه بالفعل بسبب غياب "مسكنات" / نزواته.

فدوافع الحب المدنس وهو "أكثر" حالات الرواية ليظل الحب المقدس كطريق الحق لا يسلكه إلا القليل ويظل السؤال مطروحًا: لو لم أعشقها، فهل سيتغير مصير فتحي وكذلك باقي أبطال الرواية ؟ فالحب هو المحرك الأساسي للأحداث وإن تغيرت دوافعه.


 

السيرة الذاتية

أ. بسنت حسين كاتبة مصرية

صدر لها عدد من الكتب :


-         أغنية لم تغنها داليدا دار فابريكا 2014

-         صناع الإسكندرية منحة المملكة المتحدة بالتعاون مع إيس ألكس2016

-         سوف أشبه جدتي متوالية قصصية ط1 دار روافد 2018 ط2 دار النخبة 2018

-         كتاب الأغاني (دراسة عن الأغنية المصرية من 1901 إلى 2017) ط1 دار روافد 2018 ط2 دار النخبة 2018

-         كتاب ولاد طنط فكيهة (تحت الطبع)

-         الجوائز :

المركز الخامس في مسابقة القصة القصيرة عام 2012 تحت إشراف وزارة الثقافة المصرية.











 







0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More