حوار مجلة " الفيديو العربى"
للاستاذ / خالد عثمان
*****
• كيف بدأت علاقة السيد حافظ بالمسرح ؟
• طفل صغير فى المرحلة الابتدائية يدعى إلى حفلة مدرسية فيبهره هذا العالم الساحر ألا وهو "المسرح" يتمنى ولو للحظة أن ينزع المكياج من على وجه الممثل أو يغنى مثلما يفعل الممثل المطرب فى المسرحية... حلم اللقاء... حلم الروح العابر... بعد عام يجد نفسه ممثلاً ومؤلفاً ارتجالياً فى المرحلة الاعدادية... وكأنى أحب حلماً جديدااً... رأيته أمامى متجسداً ومنذ عام ومنذ عام 1958 وجدتنى أولف اسكتشات وأخرج وأمثل. حتى وجدت أن الموهبة وحده لا تكفى... وأننى أمام استاذ لى هو " محمد فهمى " الذى أشار على أن أقرأ عن المسرح العالمى والعربى ولقد أضاءت الثقافة بنورها نفسى وأصبح لها صدى صيحة فى أعماقى... تهزنى كى أكون كاتباً مميزاً و مخرجاً واعياً ولكن الرجل أصرعلى أن أبدأ من الصفر... فى العمل ككومبارس صامت ثم ممثل ناطق.. ثم ممثل أول.. ثم بطولة لمسرحية فمدير مسرح.. إلى مساعد مخرج ثان.. ثم مساعد مخرج أول إلى مخرج.. كنت أشعر وأنا فى المسرح أننى أمام صفاء الروح.. كنت أشعر بالقدسية.. كأننى فى جامع أو فى كنيسة لأرى وجه ربى.. هكذا كان قدرى.. ثم وعيت أن المسرح التزام برؤى عظيمة ومفاتيحه تعنى جوعك وتشردك أحياناً وغيابك عن تحقيقه أمانك الذاتى لأنك تواجه الجماهير وهذا يقلق جهات مسئولة كثيرة فى أرجاء المعمورة.
• فى تقييم سريع ماذا قدم المسرح الطليعى فى مصر ؟
• فى مصر مسرح طليعى تابع للحكومة قدم مسرحيات عالمية هللت لها الصاحافة إعجاباً وطرباً لأنها مسرحيات أوروبية وكانت بلا جمهور.. أما المسرح الطليعى الذى انتمى إليه هو مسرح تابع للثقافة الجماهيرية. قدم مسرحيات جماهيرية منها :
1- محاكمة مصطفى كامل.
2- عبد الله النديم.
3- سهرة مع المقاومة (محمود درويش – سميح القاسم – معين بسيسو – مجدى نجيب – عبد الله الأبنودى – صلاح جاهين)
4- حديقة الحيوان (بتعديل) تأليف أورد أولبى.
5- (6) رجال فى معتقل.
6- قمر النيل عاشق.
وكانت جماهيره نصف مليون مشاهد.......
• بين مسرح الكبار ومسرح الصغار أين تجد نفسك ؟
• أنا عاشق المسرح .. روح مشرد فى هذا العالم.. دعنى أقول لك الحقيقة أنى حرمت من طفولتى فلم ألعب مثل باقى الأطفال. إننى أجد طفولتى فى الكتابة لمسرح الأطفال... وأعمر القلب بالبراءة فإنى لم أعرف عن الطفولة إلا بكرية الصورة وعذرية الشعر والشاعر وكان كل حرف وردة أعلقها على صدر طفل وكأنى عصفور ينتقل بين الأحرف.. وفى مسرح الكبار أصرخ أحياناً من أعماق الشارع العربى.. من قلب كل الناس البسطاء.. من سجونهم من قهرهم أحاول أن أدفع الناس.. إلى التغيير.. إنى أنشد فى الكبار إعادة الحلم الذى قتله حراس المعرفة.. حراس سجون الحرية أحاول أن أعبر اليأس ونغمة النفاق والتفاؤل الساذجة.. التى تبثها الأبواق الرسمية.... لا تسألنى من أكون فى مسرح الطفل هل أنا الطفل أم الرجل ومن أكون فى مسرح الكبار السجين أم السجان إننى فى هذا... وذاك.. الإنسان.. الكاتب الإنسان.
• لماذا اتجهت إلى مسرح الطفل وماذا قدمت له ؟
• صدفة وحوار مع عواطف البدر مديرة مسرح الطفل فى الكويت عام 1980 ومعها المخرج منصور المنصور والممثل عبد الرحمن العقل وإلحاح دائم منهم أن أكتب لمسرح الطفل.. فبدأت أعيد كتابة بعض القصص المخزونة فى رؤسنا الطفلة فكتبت من خلال المخزون اليافع منذ فجر التاريخ فكتبت "سنديلا" ... " الشاطر حسن" .. " على بابا" .. " سندس " .. " حكاية الولد زيدان" .. انا لا أعرف لماذا كتبت للأطفال.. ترى هل السبب هو إنى فقدت طفولتى.. وولد رجلاً اتحمل المسئولية مع أبى منذ كان عمرى 5 سنوات هل لأن الفجر الذهبى للعمر ضاع منى؟ فأحاول أن أعوضه.. هل أبحث عن الأيام التى لم أرها.. أم أبحث عن حلم قد تاه... صدقنى أنا لا أعرف.. إننى فوجئت بالنجاح الباهر اذى أهداه ربى إلىّ.. فوجئت بأن الأطفال يقبلون على مسرحياتى.. وأنها تباع بأغلى سعر .. أشرطة للفيديو فى السوق وأن الأطفال فى الخليج قد حفظوا المسرحيات وأن الأهالى يشكون من كثرة مشاهدة الأطفال لمسرحياتى.. اننى اتجهت لمسرح الطفل حتى أساهم فى إسعاد الطفولة التى لم أراها..
• بعد الأقلام تشن هجوماً على هذا المسرح.. فماذا قدم المسرح للطفل فى الكويت ؟
• دعنا أولاً نسأل هل هناك حركة نقدية خالية من المزاجية والانطباعية والهوائية .. لقد احترفت بعض الأقلام النحيب والبكاء والهجوم على أى تجربة فى محاولة منها لإثبات ذاتها وتدمير أى معنى حقيقى وتلفيق أى اتهام لأى تجربة لأن نحن العرب وهذه مأساتنا.
تعودنا منذ أيام الجاهلية على القدرح ولم نتخلص من الروح الجاهلية وهذا لا يعنى أننا لا نملك النقاد الشرفاء.. بل لدينا بعض الكتاب والنقاد الشرفاء الذين يضيع صوتهم فى زحمة أصوات زفة النفاق.. مسرح الطفل فى الكويت قدم خطوة رائعة لم يحققها أحد من قبل فى الكم والكيف.. نعم لقد تقدم المسرح فى العراق خطوة كبيرة فى مسرح الطفل وأذكر تجارب الصديق قاسم محمد وفى مصر قدمت تجارب مسرحية رائعة فى الستينات وأوائل السبعينات ولكن الكويت تقدم كل عام خمس تجارب أو أربع تجارب فى العام وكل فرقة تتهم الأخرى بأنها فاشلة وكل فنان يفرح بتوجيه اتهامه للجميع بأن كل شئ باطل... احترفنا الهدم والبعد عن الموضوعية.. فى الكويت نهضة لمسرح الطفل لها سلبياتها وايجابياتها ولكن الهجوم على التجربة بسبب الروح الجاهلية التى تكمن فى أعماق كل منا رغماً عن أنفنا فنحن لا نملك لغة الحوار ولكن نملك لغة الهجاء...
• ما هى مشاكل مسرح الطفل فى الكويت ؟
• أولاً : عدم وجود صالة عرض (مسرح مجهز) لعروض الأطفال.
ثانياً : عدم وجود خطة من قبل ادولة للإشراف وتوجيه الفرق المسرحية.
ثالثاً : عدم وجود اخصائيين للمسرح لتكوين فرقة باسم الدولة تمثل الكويت.
رابعاً : عدم وجود مسابقات وتقديم مكافآت لأفضل عرض مسرحى وأفضل كاتب وأفضل مخرج مسرحى.
خامساً : عدم وجود ندوات والاستعانة بالكفاءات العربية.
• كيف ترى حالة السينما العربية الآن.. وهل جربت الكتابة إليها؟ وهل ما يحدث فى السينما الآن يحدث فى المسرح ؟
• دعنا نتكلم بصراحة فى السينما المصرية خاصة .. حدث منذ عام 1971 حتى 1981 حالة من " العبط " أفلام " عبيطة " سخيفة .. هزيلة.. تنتشر هنا وهناك والفيلم الجيد كأنه سقط سهواً.. والسينما العربية تأثرت بشكل أو بآخر بما يحدث فى مصر لأن مصر هى القلب.. وما دام فى القلب خلل لابد وأن يحدث فى الشرايين شيئاً ما.. لقد رحبت كثير من الدول العربية بهذه النوعية من الأفلام وانتشرت بشكل كبير.. انتشرت كالطاعون الفكرى.. وعاشت الجماهير غيبوبة الفكرة وبينما المسرح العربى فى السبعينات يتألف فى نخبة من الكتاب العرب المبدعين فى أرجاء الوطن من المحيط إلى الخليج كانت السينما تنهار بالناس حتى أن الفيلم المعقول أصبح نجماً على الأفلام الكسيحة.
لقد جربت الكتابة للتلفزيون وكتبت خمسة مسلسلات وتعاملت مع مخرجين لهم وزنهم فى الساحة العربية... أما السينما فقد كتبت فيلماً اجتماعياً سياسياً والاثنان قيد التصور مع المخرج يحيى العلمى.. وأزمة السينما العربية فى رأيى هى أزمة تكنيك أما أزمة المسرح العربى هى أزمة فكر...
• فى الكتابة للمسرح ماذا يكون هاجسك ؟
• فى البدء تكون الفكرة قد خرجت من شاعرية الواقع إلى الواقعية الشعرية أى تحول من حدث ما اجتماعى عادى إلى حادث فنى غير عادى يتألف قليلاً قليلاً ثم يتفرد ليمتزج مع اللغة مع الشخصة مع ميكانيزم المسرح الخشبية الديكور الاكسسوار.. الإضاءة .. الموسيقى.. الملابس .. الممثل.. المخرج.. ثم الجمهورى الذى يشب أمامك على الورق.. كحكم قاس.. ماذا تقدم له وهل يعجبه ما سيقدم.. وهل ترض نزواته الطارئة أم تخاطب أعماقه ومخزون الوعى الراكد فى أعماقه.. من أين يبدأ الفرد؟ ومتى تنتهى كتابة مسرحية تبدأ من أول حرف تكتبه على الورق ولا تنتهى لأنها تتحول إلى كائن حى متحرك يتحول من إقليم إلى إقليم ومن محافظة إلى محافظة ومن دولة إلى دولة ومن زمن إلى زمن ومن رؤيا إلى رؤيا.. ومن مخرج يسارى إلى مخرج يمينى إلى مخرج قومى.. الهاجس الذى يكون فى رأسى أثناء الكتابة للمسرح هو " الناس " الجمهور الذى انتمى إليه .
• كيف تلاقح عملية تحريك الشخصيات فى المخيلة بعملية حوارها فى الواقع بمعنى كيف تجسد هواجسك أثناء العميلة الابداعية ؟
• الشخصية جزء من التجربة الابداعية.. أثناء الكتابة.. وأحياناً بالنسبة لى تكون أحياناً التجربة فى ميكانيزم المسرح. فتكون اللغة والشخصية أداة ثانوية فى التجربة المسرحية.... وأحيانا ككون التجربة فى اللغة المسرحية فقد تتحدث الشخصيات بمستويات واحدة من اللغة يتساوى (الخادم من السيد) و(البائع مع الوزير) وهنا تختفى المفاهيم القديمة للتعريف بالمسرح وهو إن كل شخصية تتحدث بمستواها وأحياناً تكون التجربة المسرحية هى قضية اجتماعية أو سياسية.. فليكون مستوى الحوار هو رؤى مختلفة لشريحة من المجتمع أو فئة أو طبقة بمعنى أن تحدد مستويات الغة والإيقاع حتى تجتاز غباء القواعد الفنية وتمك ذكاء التجربة الفنية فتؤثر فى الناس وتتأثر بحرية التحرك فى مساحة الابداع، وتستطيع أن تكون الفن الشخصية أو الفنان الشخصية.
• ما هو تقييمك للمسرح الكوميدى والكوميديا الاجتماعية فى الكويت ؟
• الحركة المسرحية فى الكويت تسير فى ركب الحركة المسرحية فى مصر مثلها مثل سائر الدول العربية... فى الستينات ظهر فى مصر وسوريا مسرح الكبارية السياسى فظهر فى الكويت أيضاً، وفى السبعينات شجعت الدولة فى مصر المسرح التجارى الذى يقدم أعمالاً تنتمى إلى الكوميديا الخفيفة جداً وأعمالاً متواضعة جداً.. وفى الكويت قدم المسرح الكوميدى نفس الشئ. أما الكوميديا الاجتماعية فى الكويت.. فأنا أحسد الفنان الكويتى الذى يتمتع بحرية تعتبر عظيمة لو قارنتها بالدول العربية الأخرى. إذ أنه يقدم أحياناً نقداً لاذعاً وساخراً وقاسياً والدولة تفتح صدرها لترحب به .. هناك تجارب فى المسرح الكوميدى فى الكويت مثل (1 – 2 – 3- 4 بم) تأليف عبد العزيز السريع وصقر الرشود و(ضحية بيت العز) تأليف عبد الحسين عبد الرضا وسعد الفرج، ومسرحية (باى باى لندن) تأليف نبيل بدران....
• ماذا قدمت لمسرح الكبار فى الكويت ؟
• قدمت مسرحية " مطلوب حياً أو ميتاً " عن مسرحيتى " ظهور واختفاء أبى ذر الغفارى " للمسرح الشعبى فى الكويت ويقوم ببطولتها الفنان إبراهيم الصلا والفنان أحمد الصالح وجاسم النبهان وزينب الضاحى والفنانة مريم الغضبان ومكى القلاف....
• بحكم تجربتك أى أشكال المسرح أقرب إلى الجمهور الكويتى ؟
• دعنا نتحدث بصراحة.. الجمهور الكويتى جمهور عربى مثله مثل أى جمهور فى أى دولة عربية.. لكنه يتميز بحكم كونه جمهور قادر على الفرجة يذهب إلى أوروبا والدول العربية المختلفة ويشاهد عروضاً مسرحية مختلفة، إذاً بحكم تكوينه الطبقى فهو يستطيع أن يدخل المسرح مهما كانت أسعاره ولذلك فهو يقبل على نوعين من المسرحيات إما مسرحية سيياسية أو مسرحية كوميديا خفيفة ولأنه عربى فهو مثل كل العرب يبحث عن الضحكة الخفيفة أو النقد الساسى اللاذع.....
• وبمناسبة الجمهور كيف تعبر عن الديالكتيكية التالية .. الجمهور يخلق مسرحه أم المسرح يخلق جمهوره ؟
• المسرح زنبقة والجمهور عاشق.. المسرح احتياج اجتماعى مثل الماء والهواء والصابون والحرية والطعام... والشعر.. نحن غرباء عن المسرح لأننا احترفنا الشعر والقاء القصائد ولكننا رويداً رويداً أصبحنا نتحرك معه ونتفاعل ويصبح احتياجاً لنا... لأننا شعوب احتضنها الحزن وقهرتها الصحراء ولذلك وجدنا متنفساً فى المسرح كى نضحك أو نشتم السلطات.. دعنى أقول لك الحقيقة أن المسرح ليس احتياجاً بالنسبة لنا... إننا شعوب مريضة منذ عهد الجاهلية حتى الآن.. والمسرح اتخذناه لفترات طويلة فرصة لنا وكرد فعل للحالة المرضية التى نهانى منها .. وليس كقناة للإبداع ومبدع المسرح الحقيقى فى وطننا يعيش حالة الغربة.. المغامرة كل يوم.. ويموت مليون مرة كل يوم...
• ما هى الأزمة التى يواجهها المسرح فى الكويت وهل استطاع أن يتجاوز أزماته؟
• المسرح الكويتى يعانى من عدة مشاكل:
أولاً : الفنان الكويتى دائماً يشعر بأن الحكومة لا تعطيه حقه بالرغم من أن ما يتوفر لديه من امكانيات يتمنى أى فنان فى الوطن العربى أن يحصل على نقفة منها.. ولذلك الأزمة أزمة وعى لدى معظم الفنانيين الكويتين وليس لكهم.
ثانياً : أزمة وجود رجل مسرح .. يضحى ويعمل من أجل المسرح....
ثالثاً : أزمة استراتيجية مسرح.. فالكل ينظر لليوم وفقط ولا يميز بين الخطة الاستراتيجية والتكتيكية.
رابعاً : وجود نخبة من المنافقين المثقفين العرب الذين يكيلون المدح للمسرح الكويتى والكيل لأى موهبة جديدة فيقتلونها ويحولونها إلى عائق مريض للحركة المسرحية.
خامساً: عدم وجود مجلة للمسرح مع وجود إمكانيات مذهلة فى الكويت.
سادساً: أزمة وجود الفنان المتفرغ للمسرح.
سابعاً : ازمة وجود مقار للمسرح مجهزة بصالات عرض.
ثامناً : أزمة وجود لائحة تشتمل الثواب والعقاب للنفان.. فالنان الكويتى كل شئ معه ولا شئ فى القانون يميز بين الجيد والسيئ مما جعل الجيد يشعر بالغبن.
تاسعاً : عدم وجود فرقة للمسرح القومى.
واتمنى أن تحل هذه المشاكل والأزمات فى الفترة القريبة القادمة........
0 التعليقات:
إرسال تعليق