قراءة لرواية نسكافية للكاتب الكبير السيد حافظ
بقلم هند ياسين
تعد لمي شخصية محورية في هذا العمل الأدبى المميز نسكافية.. فهي شخصية كما يصفها الكاتب تحب الفخامة والثراء والرقي.. كأنها تنشد عالم الأثرياء وان تتحرر من طبقتها الوسطى ومن لغتها العربية ومن مفاهيم العرب عن الشرف والحب والجنس والعلاقات الانسانية.. هذا الوصف الدقيق للغاية تكمن فيه عقدة الشخصية ،التى تمثل صوت صارخ داخل أنثى عربية، غير مستقرة في مجتمع ذكورى حتى النخاع وعدم إستقرارها ادى بها في نهاية المطاف إلى الوقوع في بئر الخيانة وكأنها تعلن للعالم ان الشرف عرض على الرجال فأبوا أن يحملونه فحملنه النساء ناقصات عقل ودين، وان هن تخلين عنه فلا تلومونها على ما حملتموها إياه دون رغبتها، فما زرعته أفكاركم ومفاهيمكم عنها لا بد وأن تنتزعه هي بنفسها، لأنها بطبيعة الحال المتضررة الوحيدة. عندما ننظر لشخصية لمى فإننا نرى الحقيقة المحجبة ، على الرغم بمعرفة بعض الرجال بما يفعلنه النساء فتجدهم دائما وأبدا فى حالة لا مبالاة أو حالة غضب وسخط تجاهها، فإن التضييق على المرأة يخلق الفوضى التى تنتج عن الطرفين، فوضى الأخلاق، ولو أفترضنا أن لمى مصابة بمرض نفسي، فسوف نكتشف أنها تفجر مرض أخطر من مرضها النفسي، مرض تفش فى مجتمعاتنا العربية، أحدث تلك الفجوة الكبيرة بين الرجل والمرأة فجوة تزداد أتساعا مع مرور الزمن، وهى لا تقتصر على الشرف والحب والجنس فقط ولكنها تكمن أيضا فى العلاقات الإنسانية فيما بينهم. يقول الكاتب على لسان وحيد بطل الرواية ( الآن عرفت ان سر النساء هو ان كل واحدة داخلها صندوق أسرار به علب كل علبه بها سر وسحر وعلى الرجال فك اللغز وكشف الاستار ومن يتعب من فك الالغاز والاسرار لا يستمتع مع حبيبته لذلك يخسر الرجال الأغبياء النساء الجميلات لان أنفاسهم قصيرة ) لابد اذا ان يصحح الرجل مفاهيمه الخاطئة عن المرأة، فالمرأة هى اللغز والرجل هو الحل. الخيال والواقع، همسة وتنهيدة حرص الكاتب على الدمج بين الحلم والحقيقة، من خلال همسة وتنهيدة. همسة تصف لنا تخلف التاريخ عن الحقائق وفساد المجتمع أخلاقيا، وتخلى الأوطان عن رموزها الحقيقين وأبطالها على مر السنين، أستطاع الكاتب من خلال همساته أن يصف لنا كيف تفشى الفساد فى مجتمعاتنا إلى حد الأنفجار في وجوهنا ونحن نقرأ كل همسة، وأنه لم يعد هناك أمل في حدوث التغيير، وستظل الحقائق دائما وأبدا فى غياهب الجب، سيظل التاريخ أعمى عن من هم أهل له على مر العصور. تنهيدة تصف لنا خيال الكاتب، الذى يتنفس من خلاله بالحب والعشق والحرية، يناجى ونناجى معه الحلم الضائع في العشق والحب والأخلاق، تنهيدة شاردة تبحث هى أيضا عن الخلاص مثل باقى أبطال الرواية ولكن السؤال الذى سيطرح نفسه دائما من خلال قراءتك للتنهيدات، ترى لمن تعود تلك التنهيدات؟ هل هى عائدة على وحيد سالم بطل الرواية؟ أم أنها تنهيدات الكاتب نفسه؟ فهناك رباط خفي بين شخصية الكاتب وبين شخصية وحيد سالم. وحيد سالم يعتبر وحيد سالم الشخصية الرئيسية فى هذا العمل الأدبى المتميز، وحيد عاشق الله، عاشق النساء، ينبعث منه نور عجيب، وحيد سالم رجل تبحث عنه كل نساء العالم، هو رجل مثقف وجذاب ممتلئ بالحيوية، هائم فى تأمل التاريخ ومطلع على الجوانب السياسية، يعرف عن الحب مالا يعرفة الكثير من الرجال، فهو بارع فى معاملة النساء بكلماته الناعمة، وهدوئه ورصانته، هوالعاشق بلا حدود، والصادق لابعد الحدود فى مشاعرة النبيلة تجاه نفسه ووطنه وحبيبته، وحيد سالم هو الحل الذى يطرحه الكاتب لفك العقده، فالنتخيل ان كل الرجال أصبحوا وحيد سالم، عندها فقط سوف نتكمن من حل نصف مشاكل المجتمع، وستحصل المرأة على حريتها، لانها وجدت الحب، وأنصح جميع الرجال بقرأة نسكافية ليتعلموا الكثير من وحيد لأنه الحل الوحيد، فلابد أن يولد الرجل الشرقى من رحم جديد ويوضع فى ثوب جديد أبيض ناصع، بقلب طاهر وأنفاس خالية من كل غش ورياء. ملاحظة: قرأتى للروية لا يستوفيها حقها فهى حقا رواية رائعة
0 التعليقات:
إرسال تعليق