دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 151 )
سندريلا تخترق الماضي الأسطوري
وتظهر في ثوبها الواقعي العصري
بقلم د. نادر القنة
دراسة من كتاب
التنوع الدلالى فى مسرح الطفل
ما بين التناص والتراث والإخراج
" الجزء الأول"
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
وتظهر في ثوبها الواقعي العصري
بقلم د. نادر القنة
هل يستطيع الطفل التعايش في تداخل عالمي الإنسان والحيوان ؟
المؤلف يتسائل.. كيف يتاح لمسرحية أن تظهر الي الوجود في أسبوعين تأليفا وإخراجا وعرضا
مسرح الطفل... فكرة... ونوايا طيبة...وتجارة.
بدأت مؤسسة البدر الإنتاج الفني – وهي مؤسسة خاصة تعني بشؤون الطفل - تدريباتها علي المسرحية الجديدة (سندريلا)، حيث ستفتتح بها موسمها الحالي. والمسرحية من تأليف السيد حافظ وإخراج منصور المنصور، ومن تمثيل، اسمهان توفيق، حسين البدر، هدي حسين، حسين المنصور، سحر حسين، وحشد كبير من الأطفال. ومن المتوقع عرض هذه المسرحية مع نهاية الشهر الحالي.
ما زال مسرح الطفل في الكويت يعيش مرحلة الطفولة ذاتها، فإذا ما حاولت مؤسسة ما تنمية هذا اللون من المسرح، جاءت مؤسسة أخري باسم الإسفاف تحط من شأن كيان مسرح الطفل، لذا فان مسرح الطفل ما زال يصطدم بواقع من الجمود، وهيمنة الفرق التجارية – في غياب رقاب الدولة، والمؤسسات الحكومية الثقافية. من هناك يكون التطور صعبا والنظرة المستقبلية تتلاشي، ويتحول الطفل الي سلعة رائجة بين صالات العرض وفي هذا الموسم تستعد اربع مؤسسات خاصة لتقدم عروضا لمسرح الطفل، وكانت لنا وقفة قصيرة في ثانوية الرميثية للبنين مع (سندريلا) ومؤسسة البدر.
بين الكتابة الطليعية والكتابة الأطفال
السيد حافظ كاتب مسرحي، عرفناه مؤلفاً طليعياً، إذ يعد من أبناء جيل نكسة يونيو، كتب العديد من المسرحيات التي تحمل هموم وشجون الإنسان العربي، استغل حالة البؤس والشقاء وآلام النكسة، وعبر من خلال الفراغ المسرحي عن مآسي أبناء جيله فجاءت المفارقات الدرامية لديه داغمية تعشش مكان عقولنا المسلوبة والمأسورة، واليوم يتجاوز (السيد حافظ) حدود المساهمة الفراغية الطليعية، ليخاطب جيل الطفولة، فيا تري هل يستطيع تحقيق النجاح في مسرح الطفل، كما حققه في بنية الدراما الطليعية؟ من السذاجة أن نلقي أحكاما عشوائية منذ الآن لان صياغة العرض لم تكتمل بصورتها النهائية، بمجرد أن رفع يده عن النص، وما زال من حقه أن يحذف ويغير حتي آخر قبيل العرض.
سندريلا الجديدة
(وسندريلا) هي ككل الحكاية التي ألفناها بالكتب والقصص، نحاول أن تعلم ما يجب أن يكون من خلال افرازات معاناتها في محيط متناقص من السلوكيات الزائفة والمرفوضة علي المستوي الاجتماعي والذاتي ويطرح السيد حافظ ومنصور المنصور من خلال (سندريلا) جملة استقاطات عصرية ومفاهيم تربوية وان كانت تنعت بالتقليدية، الا أن عواطف البدر ومنصور المنصور يقولان أنهما منذ اللحظة الأولي التي تسلما فيها النص، بدءا يخططان الي استحداث كل ما هو جديد، ونحن لا نستطيع أن نقدم أحكاما نقدية، الا بعرض هذ1 الجديد، والاهم من كل ذلك، هو درجة تناسب الإسقاط مع مفاهيم الطفولة.
تداخل المستويات
والمسرحية تتداخل في مستوياتها الدرامية، بين عالم الإنسان وعالم الحيوان، وللعالم الأخير خصائص ومميزات تدور حول حالة الانهيار القصوي التي تعتري الطفل، إذ يلجأ الإنسان وعبثية وجودة في المسرح الطليعي عند حافظ
(الأرنب فرفور، القط مسرور، الكلب سنور) لها مستوي خاص، والعالم الآدمي بكافة ثقله الكئيب له مستوي خاص، والمستويان يعيشان في حالة تمرد،ومن خلال مشاهدتنا (للبروفات) رأينا أن هناك ثمة تداخل أدي الي فقدان التوازن بين العالمين، والمطلوب من منصور المنصور، أن يحاول إيجاد معادلة متوازية حتي لا تختل شبكة العلاقات الدرامية وبالتالي تصاب المسرحية بعرض مسرح الطفل المستديم وهو مرض (اشيزوفرينيا – بين الشعار المرفوع، والفعل الدرامي المعالج) خاصة وان منصور، سجل علامة بارزة في تطور مسرح الطفل بإخراج (قفص الدجاج).
البناء الدرامي :
ومن الملاحظ أن المسرحية اتخذت بناءاً خاصاً، قد يكون مستهلكا إلا أن الجديد فيه طريقة عرضه وليست معالجته، وهو وجود راو مكون من (سنور، وفرفور، ومسرور)، وهذا الراوي يتدخل في أحداث العمل، بل ويتدخل لا خلال الشبكة الدرامية، بما يقدمه من نصائح واقتراحات، والشكل الأخر أن المسرحية اعتمدت علي أسلوب المسرحية داخل المسرحية، ويحبذ أن يرجى النقاش في مثل هذا البناء إلي حين عرض المسرحية.
حوار مع المؤلف :
وكان لوجود (القبس) أثناء أجراء البروفات هذا الحوار مع المؤلف السيد حافظ.
ما رأيك بمسرح الطفل في الكويت ؟
- دخل مسرح الطفل في الكويت من ثلاثة منافذ الإيمان بفكرة، ونافذة حسن النية لتطوير الفكرة ومحاولة اجتيازها ونافذة الربح المادي والتقليدي وما أستطيع قوله رغم وجود ثلاثة نوعيات أن مجمل هذه التجربة لم ينبع من حاجة. وإن امتطي هذا المسرح دراجة صغيرة منذ خمس سنوات.
ما هو مستوي الأعمال الدرامية التي تقدم للطفل ؟
- لو كنت مؤولا عن التقييم لمنعت بعض المسرحيات، وحاكمت من يقدمونها محاكمة أدبية، وفرضت علي نتاجهم الإقامة الجبرية بحيث لا يخرجون بمسرحياتهم هذه وصادرت أفكارهم وحرمت الأطفال من مشاهدتها.
مسرحية سندريلا استفادت من أخطاء "قفص الدجاج" العناصر الفنية اجتمعت لخدمة العمل ونجحت عرض وتحليل : عبد المحسن الشمري مسرحية الأطفال : سندريلا تأليف : السيد حافظ أخراج : منصور المنصور ديكور : مصطفي عبد الوهاب الاستعراضات الراقصة : الدكتور حسن خليل الأزيياء: رجاء البدر الممثلون: هدي حسن " سندريلا "، حسين منصور " الأمير "، حسين البدر " الوزير "، انتصار الشراح، سحر حسين، اسمها ن توفيق، حسن القلاف ومجموعة من الممثلين. تقديم : مؤسسة البدر للإنتاج الفني. بدأت المؤسسة التوجيه الصحيح المدروس لمخاطبة الطفل في مسرحية قفص الدجاج، وهو توجيه كاد أن يحقق أهدافه لولا أن العمل كان فوق مستوي الطفل، لكن يمكن اعتبار مسرحية " قفص الدجاج " هي الخطوة الأولي نحو مخاطبة الطفل بأسلوب تربوي مدروس، وتأتي الخطوة الثانية مع مسرحية " سندريلا " التي تعرض حاليا علي مسرح عبد العزيز مسعود، وإذا كانت الخطوة الأولي – وهذا بحد ذاته نجاح يجب أن تفتخر به المؤسسة. " سندريلا " التي أعدها السيد حافظ قصة عالمية معروفة، ومعظم الأطفال قرأ عنها الكثير، لكن ليست سندريلا العربية، لذا فان اختيارها كان موفقا جدا كونها قريبة من الطفل الذي اندفع ليشاهد العمل مجسدا علي الخشبة، وكان علي المؤلف وهو يعربها أن يعطيها الجو العربي القريب من الطفل وكان له ذلك ونجح فيه،كما انه استطاع أن يقترب من الطفل بتقديم حكاية قريبة منه، بسيطة. ومع بساطتها حاولت تجسيد الكثير من المفاهيم، عكس ما كان سائدا في بعض، أو معظم الأعمال المسرحية الموجهة للطفل والتي اعتمدت علي النصح المباشر الذي يصل حد السذاجة. السيد حافظ جسد المقولات التي أراد تقديمها للطفل، وكان أمينا علي أن يخاطبه بلغة يفهمها، ويدركها أيضا. كما أن الرمز كان واضحا للطفل دون أن يعقده وابتعدت المسرحة عن التفاهم التي امتلأت بها نصوص الطفل الاخري التي اعتمدت علي الاضحاك الأبله، والسب والتنكيت – وكان حوارها جيدا مبتعدا عن اللغو و الفوضى والتعاليم الخاطئة. وان كان يعاب علي بعض أجزائها، الفقرات الكلامية حول الإنسان والحيوان التي اقتربت من الشعارات البراقة. المؤلف نجح في استخدام رمز ذي حدين، احدهما بسيط موجه للطفل من خلال فتاة صغيرة " سندريلا " وحيوانات يحبها الأطفال الكلب، الأرنب، وحكاية بسيطة تدعو الي بعض المضامين، وفي الوقت نفسه حافظ علي الشكل المسرحي المتعارف ونجح في أن يقدم بعض الإسقاطات للكبار " سندريلا الرمز" والحيوانات كرمز لبعض المفاهيم، ومن هنا فان النص كان يسير ضمن الكبار ويطلق العنان لأفكارهم بالتخيل. أما أم الخير، وهي في الأصل " ساحرة " فان النص كان موفقا في إظهارها أم الخير، ولكنها ظهرت تحمل الضدين كونها تمثل الشخصية الاخري " المستبدة" وهذا ما يشوه مدارك الطفل، لكن الممثلة اسمها ن توفيق تتحمل أيضا جزءا من مسؤولية التشويه مع المخرج لأنها لم تبذل أي جهد للتغير في طريقة أداء الشخصيتين، وهي الممثلة التي ولدت منذ سنوات عديدة. نجاح آخر للمؤلف يبدو مع إصدار الحكمة علي لسان الحيوان، لكنها حكمة اقتربت من الشعارات كما سبق وان ذكرنا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق