Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 25 سبتمبر 2021

198/ مسرح الطفل عند السيد حافظ بقلم د. ليلى بن عائشة - الجزائر

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(  198)

 

مسرح الطفل عند السيد حافظ
بقلم د. ليلى بن عائشة - الجزائر

دراسة من كتاب

رؤية النقد لعلامات النص المسرحي

 لمســـرح الطــفل فى الوطن العربى

"الجزء الثانى"

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى


 

مسرحية ( الأميرة حب الرمان وخيزران)

تأليف : السيد حافظ

إخراج الدكتور/ حسام عطا

انتاج البيت الفنى للفنون الشعبية

(عبد الغفار عودة) 1996

بطولة : مى عبد النبى – أحمد الحجار

ألحان : أحمد الحجار

قدمت على مسرح الحديقة الدولية بالسيدة زينب

فى مكان مفتوح على ثلاث جهات من الحديقة


مسرح الطفل عند السيد حافظ
بقلم د. ليلى بن عائشة - الجزائر

 

لقد كان مسرح الطفل ولا يزال فضاءً فنياً يصعب اقتحامه رغم خصوبته، فأن تخرج عملاً مسرحياً مشوقاً للأطفال، بحيث يبحر بهم في عوالم شتى يخلقها خيالهم الواسع، شيء صعب بالتأكيد ولنقل على الأصح أنه سهل ممتنع. فعلى قدر البساطة التي يتسم بها مسرح الطفل على قدر تعقيده من نواحي عديدة؛ إذ يتطلب إمكانيات كثيرة كما يحتاج إلى قدر كبير من الوعي بأهمية ما ينقله العمل المسرحي لأطفالنا الذين هم صفحات بيضاء، لنا أن نخطها نحن الكبار كما نشاء، فالكاتب المسرحي الذي وجه اهتمامه إلى عالم البراءة، مقدم لا محالة على مغامرة فريدة من نوعها، تتطلب منه حذقاً ووعياً كبيرين، بصعوبة المهمة التي يضطلع بها، لأن أطفال اليوم هم رجال ونساء المستقبل .

وبما أن الأمر كذلك، فلابد أن يتحرى الكاتب المسرحي الدقة فيما يكتبه وما يلقنه عبر مسرحه للأطفال. إن الأطفال ببساطة شديدة يحتاجون إلى فضاءات رحبة للتعبير، يسمح لهم من خلالها بالانطلاق والتحرر والتعبير عن مكنوناتهم وتجسيد تصوراتهم الطفولية، أي أن نترك الأطفال يخلقون فنهم لأنفسهم بأنفسهم دون وصاية من أحد، ودون أن نحاصرهم بالقوالب الجاهزة ) دعه يرسم دعه يعبر عن كل شيء ببراءته وعفويته (ومسرح الطفل في العالم العربي حديث النشأة بقرينه في العالم الغربي ولم يحظ بعد بالإهتمام اللازم، - وإن كانت هنالك إرهاصات وتجارب تستحق التقدير-، إلا أننا لم نصل بعد إلى المستوى المطلوب في هذا المجال، نظرا لما يتسم به من حساسية تقتضي منا التخطيط السليم لبناء مسرح خاص بالطفل العربي، بحيث تراعى فيه بعض الأسس النقدية والجمالية التي تعكس أبعاده المعرفية والإيديولوجية.

غير أن تدخل الكتابة السينوغرافية أعطى أبعادا أكثر انفعالا وحيوية وحركية لمسرح الطفل خاصة ما يتعلق منها بالآليات الفنية للإخراج، وطريقة التمثيل وما يصاحبها من موسيقى ورقص ، وما يتطلبه هذا المسرح من عمل جبار لكي يسيطر بكامله على حواس الطفل، لأن كل ما هو مشع كالألوان والأضواء وكل ما يلفت الإنتباه من كتل وأحجام، وكذا ما يبعث على البهجة من تنوّع في الحركات التي يصاحبها في أغلب الأحيان الغناء والرقص والتصفيق وما إلى ذلك، كل هذه الأمور تستحوذ دون شك على ذهن الطفل، ومن خلالها يستطيع الكاتب أن يمرر رسائله المتعلقة في الكثير من الأحيان بالمبادئ والأخلاق الفاضلة، وتتخذ في جانب لها المعرفة على تنوعها أساسا للمادة المسرحية التي يتوق الطفل إلى معرفتها، ويجد حلمه هذا التحقق على يد بعض المسرحيات التي تنقله رأسا إلى عالم العلم والمعرفة. ولاشك في أن الإخراج له دور مهم في السيطرة على فكر المتلقي الصغير، الذي يحتاج إلى جهود جبارة لتحقيق هذا الشرط، ذلك أن الطفل يعد من أذكى المتفرجين، وهذا ما أشار إليه "السيد حافظ" حينما قال « إن العمل المسرحي الموجه للطفل يتطلب جهدا من المخرج يفوق مسرح الكبار لأن عليه أن يشد انتباه الطفل بالديكور والموسيقى والأغاني وعليه أن يغنيه دائما ويثريه»([1])

ويعد مسرح الطفل من أهم الوسائل التربوية وأنجحها في تكوين شخصية الطفل الذي سيشكل جيل المستقبل، ويسهم إلى حد كبير في تربية الذوق الفني والجمالي لديه، إلى جانب إمداده بكم هائل من المعلومات في شكل مثير يسمح له باستيعابها. وتتجذر الكثير من المبادئ وتتأصل في ذاته عن طريقه، إذ أننا نجد أن الكثير من المسرحيات تضع على عاتقها مسئولية تقديم صور حية من الواقع لهذا المتلقي الصغير، كما تسعى إلى تأصيل الثقافة والفن في نفسه، وتضعه وجها لوجه مع بعض المفاهيم، والبنى الأساسية التي تلم بكل جوانب الحياة، كما أنها تنمي لديه الحس النقدي منذ الصغر، وتجعل منه طرفا يسعى جاهدا إلى المشاركة في معالجة القضايا والمشاكل التي يواجهها، والتي تطرح أثناء العرض المسرحي. ومن ثمة يصبح مشاركا فاعلا في العرض المسرحي، لأنه يتخذ موقفا مما يعرض أمامه. فإلى جانب المتعة التي يوفرها المسرح للطفل، يجعل منه مشاهدا أو متفرجا فاعلا باتخاذه لموقف من المواقف، إضافة إلى ذلك يطرح العديد من التساؤلات التي لا يهدأ له بال حتى يتحصل على إجابة لها. فانتهاء العرض على الخشبة لا يعني أبدا انتهاء تأثيره على ذات الطفل،إذ نجده يفكر باستمرار في إيجاد حل لما يجول بذاته. وتساؤلاته لها من الإيجابية مالها بحيث أنها تحلل العرض تحليلا جزئيا. فالطفل لا يركز في استفساراته على مضمون القصة فحسب، بل إنه يشمل بها كل عناصر العرض بما فيها الجانب الإخراجي. وكأننا به أمام لعبة من لعب التركيب التي تنمي الذكاء فإذا لم يتحصل الطفل على إجابات لتساؤلاته العديدة من قبل أقرانه أو من قبل الكبار، فإنه يعمد إلى التحليل والتفكيك وتركيب بناء المسرحية من جديد حسب نظرته الخاصة وهذا شيء رائع.

وإذا كان لمسرح الطفل مهمة تربوية لها من الفعالية ما يجعلها في قمة اهتماماته فإن له تأثيرا نفسيا كبيرا على نفسية الطفل؛ فلقد تفطن علماء النفس في دراساتهم إلى أن للمسرح أثرا في تطهير النفس، لأن التمثيل المسرحي يقوم بمعالجة كثير من الأمراض السيكولوجية التي يعاني منها الطفل، وتفريغ كافة انفعالاته وشحناته النفسية. إلى جانب ذلك يكتسب الطفل الخجول الثقة بالنفس ويتخلى عن انطوائيته وأنانيته في بوتقة التعاون الجماعي. كما أنه يبتعد عن ميوله الإجرامية، لأن السماح للأطفال الذين يعانون من اضطرابات بتمثيل مواقف مجسدة لها يمهد الفرصة لتحسين حالاتهم . فحينما يشخص التلميذ دورا فإنه في الحقيقة ينفس عن الحالة التي يعاني منها عندئذ ستزول سيطرتها عليه وعلى نفسيته. إلى جانب هذا نجد أن المسرح عند الطفل يسمح لنا باكتشاف قدراته، ومواهبه وميولاته، ويعطيه مجالا واسعا للتعبير عن ذاته وعن مكنوناته، كما أن تقمصه لأدوار عديدة ومختلفة يمكّنه من اكتساب خبرات متنوعة اجتماعيا ، بما يضمن له -إلى حد كبير- الحصول على شخصية قادرة على التماشي ومسايرة الواقع المعيش بكل تناقضاته.وإذا كان للمسرح كل هذا الدور في حياة الطفل فكيف توجه "السيد حافظ" إلى الكتابة فيه؟.

يجيبنا "السيد حافظ" بقوله: « أنا لا أدري كيف توجهت لمسرح الطفل؟ في البدء كانت السيدة عواطـف البدر مديرة مسرح الطفل بالكويت مع المخرج منصور المنصور يشجعاني على الكتابة للأطفال كنت أهرب من محاولة الكتابة للطفل. في أعماقي (كان هنالك ما) يشدني إلى هذا العالم الساحر»([2]).

ولا شك أن تخوف "السيد حافظ" من ولوج هذا العالم نابع من وعيه الكامل بما يقتضيه مسرح الطفل من مجهودات فكرية ومعنوية، وتخطيط محكم لبناء أي عمل درامي يندرج ضمن هذا الإطار. ولكن هذا الخوف سرعان ما تلاشى وذاب مع وجد الكاتب باقتحام هذا العالم الساحر وهو متسلح بكل ما يلزم ويعبر عن هذه التجربة الراقية و الرائعة بقوله: « إنني طفل كبير.. وجدت نفسي مع الأطفال فكتبت لهم.. فحققت معهم شيئا خطيرا.. لم أصدقه يحفظون مسرحياتي من أول سطر حتى آخر سطر.. يحفظونها و يشترونها بأعلى سعر.. الأطفال يسحرونني بتقبلهم مسرحياتي وسرعة استجابتهم لأعمالي »([3]). ولكن كيف قوبلت هذه التجربة من قبل الوسط النقدي ؟.

إن الأرباح التي حققتها مسرحيات "السيد حافظ" الموجهة إلى الطفل، جعلت البعض يحقد عليه – حسب ما تورده المتابعات النقدية في تلك الفترة - ومن ثمة تم شن حملة هجومية ضده، خاضها على وجه الخصوص المختصون في مجال التربية، ربما كان ذلك بدعوى أن هذه الأعمال المسرحية طالما أنها نجحت تجاريا فهذا يعني أنها لا تخدم مسرح الطفل ويتناسى هؤلاء أن الكاتب خريج معهد التربية وعلم النفس. كما أن النقاد انقسموا إلى قسمين مشجعين له على خطوته تلك، التي كانوا يرون فيها بداية موفقة ستفتح آفاقا واسعة أمام مسرح الطفل في الكويت وفي العالم العربي عموما، أما البعض الآخر فقد حكم ودون مناقشة على هذا الكاتب بأنه لا ينتمي إلى مسرح الطفل، أضف إلى ذلك حملات أخرى اتخذت من هذه التجربة مادة دسمة لشـن هجومات لا حصر لها على "السيد حافظ"، وكانت هذه الحملات بأقلام عدد من العدائيين للكاتب، الذين أعلنوا من مصر بأن هذا الكاتب يؤسس مسرح الطفل بالكويت ويطوره، وكأنه ارتكب جرما يجب أن يحاسب عليه. لكن انطلاقته في هذه التجربة الجديدة والفريدة من نوعها كما حدث مع تجاربه في مسرح الكبار ،كانت من قبيل أن الكويت احتضنت هذا الكاتب ووفرت له الظروف الكاملة للإبداع، بيد أننا لا أرى مانعا من أن ينطلق مسرح الطفل ويتطور في الكويت، أو في الأردن، أو في مصر أو في الجزائر أو غيرها من البلدان العربية، لأن انطلاقته في مكان ما من هذه الأمكنة وتطوره فيها، إضافة وإسهام كبير في إنجاحه وتطويره، ذلك أن إشعاعه في نهاية المطاف سيمتد إلى الطفل العربي أينما كان، بعيدا عن رسم الحدود.

ومن المؤكد أن "السيد حافظ" وجد الكثير من الرحابة والإتساع في تحقيق الأمل الذي ينشده أثناء تجربته في مجال مسرح الطفل وإلا لما تكثفت جهوده لتلد لنا عددا من التجارب والإبداعات الثرية الموجهة إلى عالم البراءة، يقول الكاتب في هذا الإطار « إنني في مسرح الطفل وجدت الأشياء الكثيرة التي لم أكن أتوقعها... وجدت النقاء الثوري والإحساس بالعروبة والبعد عن الإقليمية والحلم بالثورة والبحث عن الخلاص.. إنهم الأطفال هم العرب الحقيقيون أما نحن، فنحن هجين ثقافات مختلفة ونزاعات مختلفة وأفكار مختلفة بعضنا سلبي وبعضنا غائب في زحـمة الحياة باحثا عن قوته اليومي. تنخر في عظامنا عقلية قبلية رديئة لم يطورها الإسلام كما أردنا ولا الثقافة العربية بكل تراثها لم تجعلنا نتطور.. إنني في مسرح الطفل أخاطب رجل المستقبل وزعيم المستقبل وجندي المستقبل»([4]).ولا شك أن هذا الحديث يقودنا صوب مشكلة كان لها الأثر البالغ في نفسية "السيد حافظ" والتي امتدت إلى كتاباته المسرحية، وهي نكسة 1967 التي ظلت تلاحقه في إبداعاته ملاحقة الظل لصاحبه حتى في مسرح الطفل، إذ أراد من خلال هذا الأخير « أن يخاطب ذلك الجيل القادم المسلوب حقه، الجيل الذي يملك من الأمل كله، بل هو الأمل في الخلاص والبقاء والتحرير. من هذا المنطق ومن هذه الفلسفة كانت لدى السيد حافظ قناعة تامة فعلا لأن يترك عالم الكبار ويتجه بكل ما يملك من أدواته الفنية، وأدواته الأدبية وبما يملك من فكر لمخاطبة عالم الصغار، لأنه ظن واعتقد أن أبناء النكسة من العبث أن يستمعوا ومن العبث أن يصلحوا ومن العبث أن يتمـردوا على هذا الواقع لأنهم أصبحوا عاجزين عن تغيير هذا الـواقع »([5]).

إن دخول "السيد حافظ" عالم مسرح الطفل كان دخولا مقصودا ومشروعا في الوقت نفسه، خاصة وأنه لم يستطع إلى حد ما أن يحقق جل أهدافه المتوخاة من مسرح الكبار، لذا فقد وجد في مسرح الطفل المتنفس،بل كان المجال الرحب والواسع لنقل أفكاره بما يضمن لها الحياة والامتداد. ويخطئ كل من يعتقد أن دخوله إلى هذا العالم كان بصفة عفوية، ولا أدل على ذلك من أنه قام بدراسة على المستويين النظري والتطبيقي لمسرح الطفل في الكويت وفي العالم العربي، قبل أن يلج عالم الكتابة والخوض فيه واستعان في مهمته الصعبة تلك ببعض المقولات النافذة التي وضعها نصب عينيه من بينها ما قاله "مارك توين" من أن مسرح الأطفال من أعظم الابتكارات في القرن العشرين ولسوف تتضح قيمته التربوية. وكذا المقولة التي تضع مسرح الطفل في مرتبة الأستاذ الملقن للأخلاقيات والمثل العليا، بل إنه معلم اهتدت إليه عبقرية الإنسان لأن دروسه لا تنتقل عبر الكتب المدرسية بل بالحركة التي تبعث الحماس وتصقل المواهب وتنفذ إلى قلوب الأطفال دون سابق إنذار.

إن "السيد حافظ" على دراية تامة بالمسئولية الملقاة على عاتقه ككاتب ولج عالم مسرح الطفل من بابه الواسع، فكل عمل من أعماله يسعى إلى أن يحمله بعدان أولهما جمالي وثانيهما معرفي. هذا الخطاب الثنائي الأبعاد كفيل -حتما- بأن يوسع من مدارك الطفل ويزيد ذوقه رهافة، وحسه شفافية وأن يكون عامل دفع للأمام بما يحمله من معاني وألفاظ وبنى فكرية وفنية وثقافية واجتماعية.. كما لجأ الكاتب إلى مخاطبة الأطفال بلغة بسيطة ومشرقة، يعيد من خلالها سرد الحكايات القديمة التي تحتفظ بها الذاكرة الشعبية، بمرآته العصرية دون أن يلجأ إلى أي تعقيد –كما سنلاحظ-.

وإذا حاولنا حصر مسرحيات "السيد حافظ" في مجال مسرح الطفل، نجد أن أول مسرحية صدرت له هي مسرحية (ساندريلا) التي أعاد الكاتب صياغتها برؤيته الخاصة؛ وهي رؤية شرقية لأن هذه القصة عموما متداولة في الأدب الغربي. وقد قدمها الكاتب إلى القارئ بأسلوب مغاير وبرؤية خاصة وموقف جديد. ويتلخص موضوع هذه المسرحية في أن "سندريلا" الجديدة، هذه الفتاة الرقيقة المرهفة الحس، استطاعت أن تؤثر في كل شيء حولها كتعاطفها مع الحيوانات.. فتاة خيرة -غير سلبية- إيجابية في جل أفعالها. تدخل العالم القاسي وهي واعية، بل تحاول أن تتمسك بحقوقها حينما يعطيها القدر فرصة العمر التي انتظرتها، فهي تبوح للنجوم والقمر بأحزانها وتبثهم شكواها وتحكي لهم مآسيها، تعيش في عذاب لكنها تحمل قلبا يحب كل الناس. إن قصة "سندريلا" معروفة -تقريبا- لدى الجميع وهي قصة قديمة تستهوي الأطفال كثيرا وقد تركت في أنفسنا جميعا آثارا طيبة، ولكن "السيد حافظ" أراد أن يجعل منها أيضا قصة متجددة رغم قدمها؛ وذلك بأن أضفى عليها الكثير بأفكاره الجادة والهادفة بما فيها بعض الأساليب التربوية الناجحة في تربية الطفل وتعويده على بعض السلوكات التربوية الحضارية المهذبة. وقد استعان في ذلك ببعض الشخصيات التي كان لها التأثير الإيجابي على نفسية الطفل، وتأتي على رأسها البطلة "سندريلا" التي تثير الشفقة، رغم ما تعانيه من صعوبات وما تقاسيه من قبل زوجة أبيها الشريرة وأختيها الشريرتين، إلا أنها متمسكة بفضائل أخلاقها دون أن تقابل الإساءة بالإساءة. وقد ظهرت شخصيتها في هذه المسرحية بمظهر الإنسان الذي يشع قلبه عطفا وحبا وحنانا وينضح طيبة، وحنوها ذاك ظهر أكثر تجاه الحيوانات التي كانت تدافع عنها باستمرار وتطلب من زوجة أبيها عدم إيذائها، كما أنها كانت في قمة عطائها العاطفي بتسامحها، وذلك حينما عفت عن أختيها وزوجة أبيها بأن طلبت من الأمير السماح لهن بحضور الحفل.

وقد كان لتوظيف "السيد حافظ" للحيوانات أثر جميل على قيم النص إذ أضفى عليه الكثير، لأن الحيوانات الأليفة (القطة -الأرنب – الكلب) محبوبة عند الطفل كثيرا، وقد رسم الكاتب ملامحها في التعامل بدقة متناهية، إذ كانت تتعاطف إلى درجة كبيرة مع "سندريلا". وهنالك شخصية أخرى كان لها الأثر البالغ في نفسية الأطفال وهي الساحرة "أم الخير" التي يدل اسمها على طبيعة أعمالها، وقد أسدت خدمات كبيرة للبطلة "سندريلا" كمقابل لما قامت به اتجاهها حين زودتها بالطعام.

لقد أراد الكاتب من خلال هذه المسرحية (التي تم عرضها كثيرا بالكويت وكان لها صدى كبير) أن يعطي "لسندريلا" صورة مقبولة لأبناء هذا العصر، كما حاول تحقيق بعض التوازن مع ما ورد في القصة وما هو موجود في الواقع .

إذا كان البعض يرى أن هذه المسرحية لم تضف جديدا، فإننا نخالف هذا الرأي؛ فالقصة أسطورة قديمة ومتداولة عبر الأجيال وتسرح بمخيلة الطفل عبر عالم الخيال والأحلام، ولكن هذا لم يمنع "السيد حافظ" من أن يضّمن هذه القصة التي حوّلها إلى مسرحية، مجموعة من المضامين التربوية كترسيخ الخير، وتكريس التسامح، وتجسيد قيمة الأمانة، وتفادي الكذب والسرقة. وقد كانت هنالك بعض التغييرات التي عمد الكاتب إلى إحداثها في النص المتداول وقد طالت الكثير من تفاصيله، ومن بين ما طالته موقف "سندريلا" التي يأتي عليها الدور لتقيس الحذاء، فتفاجأ بالوزير يمنعها من ذلك، ولكنها لا تخضع لأمره بل تتمسك بالحذاء وتقيسه في نهاية المطاف. وربما أراد الكاتب هنا أن ينبه جمهور الصغار إلى ضرورة التمسك بالحق وعدم التفريط به أيا ما كانت الظروف. كما بدت شخصية "سندريلا" في قمة القوة والصلابة، حينما طلبها الأمير للزواج ففرضت عليه شروطها، من بينها أن يعلن بأن الفقر ليس عيبا، وأن يفتح أبواب قصره للناس ويستمع إليهم بعيدا عن ضغط الحراس.

ولنا أن نقول إن "السيد حافظ" جسد الكثير في هذه المسرحية رغم محاولة البعض تقزيم هذا المجهود الكبير الذي عبر عنه الكاتب بقوله: « مسرحية سندريلا كتبتها أكثر من ثلاث مرات وقرأتها على الأطفال حتى أستوعب منهم أي كلمة صعبة وحذفت الكلمات الصعبة .. لكن أقول إنني أمام اختيار صعب أمام طفل 83 [آنذاك ] »([6]). ومهما يكن من أمر فالكلمة الأخيرة تبقى للأطفال الذين يستطيعون تفسير وفك رموز هذه المسرحية لأنهم على قدر كبير من الوعي، بل إنهم متلقون ومتفرجون من الطراز الأول فلا يذرون المتعة والمرح وفي الوقت نفسه ينتزعون تلك الرسائل الموجهة من قبل المؤلف انتزاعا ليستحوذوا عليها ويتبنوها، إذ لا يكاد -حسب تصورنا- أحدهم يبرح قاعة العرض إلا ونجده مطبقا لكل ما رآه بحذافيره وتفاصيله فأي تأثير أكثر من هذا. وأشير بأننا بنينا رأينا هذا على بعض الإستطلاعات التي رصدت في المجلات والصحف في الفترة التي عرضت فيها هذه المسرحية، وقد بدا من خلالها مدى تأثر الأطفال بما ورد في هذا العمل المسرحي.

ومن بين المسرحيات الموجهة للطفل والتي استلهم "السيد حافظ" موضوعها من حكايات ألف ليلة ليلة (مسرحية الشاطر حسن) التي ضمنها هي الأخرى الكثير من السلوكات التربوية التي توزعت عبر تصرفات وحديث ( وأنغام ) الشخصيات، وتأتي في مقدمتها شخصية "الشاطر حسن". وقد طرح النص جملة من القضايا التي تتعلق بالمحبة والتواصل الإجتماعي، والصدق والصفاء في العلاقات الإنسانية، كما مجد الكاتب من خلال هذه المسرحية حرية الفرد التي تتحقق بحرية القول والفعل للجميع، كما تعّرض إلى قضية سياسية وجوهرية، قدمها كثيرا في مسرح الكبار، وهي علاقة الحاكم بالمحكوم (أو علاقة السلطة بالشعب) وعلى الرغم من أن المضمون كان كبير نوعا ما على فكر الطفل، إلا أن هذا لم يحل أبدا أمام تقديم بعض الجرعات الزائدة في الوطنية ومحاولة جعل الطفل يفرق بين السلام والاستسلام.

ويدور موضوع المسرحية حول الصياد "الشاطر حسن" الذي تبادل مع السلطان "حسان" المهام، وهذا أثناء قيامه بمحاولة لتسليم الأمانة إلى أصحابها والتي تتمثل في كيس من النقود سقط من الأميرة "سـت الحسن" أثناء تجولها في المدينة، وخلال محاولته تلك تم القبض عليه من قبل الحراس، ولكن ما فتئ هؤلاء أن أطلقوا سراحه ظنا منهم أنه السلطان "حسان" فانحنوا احتراما له، فقد اختلط عليهم الأمر نظرا لذلك التشابه الكبير بين الشخصين. وأثناء اضطلاع "الشاطر حسن" بمهمة السلطة تمكن من تحقيق العدل والإنصاف إذ أطلق سراح السجناء المظلومين، كما أعاد الأرض إلى أهلها ثم أعلن الحرب ضد الأعداء بعد احتلالهم لجزيرة الأمل المجاورة لهم، بينما تنكر السلطان الحقيقي ليتعرف عن كثب ودون تزييف على أحوال رعيته، وقد اقترب في هذه الفترة من شعبه ولمس همومه ومشاكله وعاين بنفسه الظلم الواقع على الرعية في ظل سيطرة القوي على الضعيف. وتلتقي هذه القصة في عراقة مضمونها مع حكاية (أبو حسن المغفل) الذي حدث وأن سمعه الخليفة "هارون الرشيد" وهو في إحدى جولاته مع الوزير "جعفر"، يتمنى أن يصبح خليفة ليحكم البلاد بالحق ولكي يدحر الظلم ولكن "السيد حافظ" غيّر كثيرا في شكل الحكاية الشعبية، بأن جسد شخصية "الشاطر حسن" تجسيد جيدا بحيث أنه كان مثالا للفرد الصالح في المجتمع الذي لم يعمه بريق السلطة، بل عمد إلى استغلال الفرصة التي منحه إياها القدر عن طريق الصدفة لصالح الشعب المهضوم حقوقه.

لقد أراد المؤلف أن يبرهن هنا على أن الإنسان عنصر غير قابل للتحويل والتغيير، طالما تدعمه نظرية أو يستند إلى مبدأ. فالفرد الإيجابي في المجتمع هو ذلك الذي يصنع المواقف، ويدافع عن حقوقه وحقوق غيره كمواطن في إطار مشروع بالحفاظ على مبادئه، وبالمقابل لا نجد هذه الشخصية موسومة بملامح إيجابية في أعمال مسرحية أخرى والتي اعتمدت في مادتها الأساسية على ذات الحكاية الشعبية، إذ ظهرت فيها هذه الشخصية بشكل سيئ، ذلك أنها ما إن حصلت على المراد وحكمت بنفسها البلاد حتى أصبحت أول من يحارب أولئك الذين يدعون إلى نفس الحقوق التي كانت تدعو إليها هي، قبل أن تصل إلى سدة الحكم.

لقد حاول "السيد حافظ" في هذه المسرحية المشوّقة أن يضع جمهور الصغار في مواجهة مع بعض القضايا المصيرية، التي يجب أن يدركوها في سن مبكرة لتتجسد مواقفهم منها، ويترسخ في أذهانهم كيفية معالجتها، وما السبيل الأمثل في مواجهتها خاصة ما تعلق منها بالقضية الفلسطينية باعتبار، أن الطفل محاصر كغيره بواقعه السياسي. إذ حاول الكاتب جاهدا أن يغرس بذور التمرد والثورة في نفسيته ضد أعداء الأمة العربية، وضرورة استرجاع الحق بالقوة. ولقد استغربت موقف أحد النقاد من هذه النقطة بالذات، إذ بدا وكأنه منزعج من الكاتب لا لشيء إلا لأنه قام ببعث فكرة الحل العسكري فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لأنه وحسب ما يبدو من خلال حديثه منصاع طوعا لتلك الإتفاقات الإستسلامية التي تتخفى تحت قناع السلام، إذ قال في مقال له بعنوان (هل كان الشاطر حسن … شاطرا حقا!!…) ورد في مجلة عالم الفن العدد الصادر في شهر سبتمبر عـام 1984: « إن الجميع يعلم ما هو عليه الموقف العربي الحالي ) الرسمي خصوصا ( اتجاه مفهوم الحرب مع إسرائيل.. وتجاه هذا الكم الهائل من المشاريع الكثيرة والمؤتـمرات العربية وقراراتها الأخيرة والداعية كلها للإعتراف ضمنا بالعدو الإسرائيلي الصهيوني مقابل إقامة الـدولة الفلسطينية وحل القضية الفلسطينية والشرق الأوسط حلا سلميا.. فهل عادت الحرب بعد هذا التخاذل التاريخي الطويل الأمد والمدعوم رسميا، هل عادت هي الحل الأمثل للمشكلة حيث يقوم "الشاطر حسن" بتثقيف الأطفال (عسكريا) وإعطاءهم دروسا في المقاومة والإستبسال؟ ثم .. أي حرب هذه التي يدعو إليها الكاتب جمهور الأطفال لشنها بعد جميع هذه المتغيرات على الساحة العربية الداعية إلى الحل السلمي أو عن طريق السير على طريق كامب ديفد ..؟ »([7]). غير أننا-في الحقيقة- نلمس نوعا من الإستخفاف في حديث هذا الناقد، ، فمهما كانت مواقف السلطة (أو الحكومات العربية في هذه الحالة) فإن الكاتب غير مطالب -بطبيعة الحال- أن يكون بوقا لها، وإلا لما حق لنا أن نقول عنه كاتب مسرحي تجريبي؛ لأن التجريب يعتمد في صميمه على الحرية كأساس له، لذا فالكاتب هنا مطالب بأن يبرز مواقفه ويجسد مبادئه من خلال كتاباته ، وكم هو رائع أن نجد كاتبا "كالسيد حافظ" لم يغير من مواقفه وآرائه شيئا رغم التطورات والتغيرات التي طرأت، بل إنه كان من الكتاب القلائل الذين تميز مسرحهم أو أدبهم -عموما- بالتنبؤات، وقد كان أول من تنبأ بالإتفاقيات الإستسلامية في مسرحه قبل أن تحدث، لذلك نرى أن من حقه أن يتمسك بالحل الذي يراه مناسبا، ثم إننا لا نرى جرما في ما قدمه لأطفالنا لأنهم يجب أن يتعرفوا على واقعهم، وأن يضطلعوا بمهمة التغيير التي ينشدها الكاتب في المستقبل. ومن الخطأ أن يرسم عالما ورديا منثورا بالأزهار والورود لأطفالنا ليفاجأ هؤلاء بعد أن يكبروا بأن ذلك الطريق كان مجرد حلم، وتلك أكبر صدمة يمكن أن يتلقوها. إذ لا يجب أن تتوقف الإبداعات المسرحية الخاصة بهم عند حدود تجسيد بعض الأخلاقيات الفاضلة، لأن هذه المهمة تضطلع بها أكثر من مؤسسة وأكثر من إنتاج من بينها الإنتاجات السمعية البصرية (في الإذاعة والتلفزيون)، لذلك فالمسرح يجب أن يتميز طالما أنه حي بحركيته وإيقاعاته، ويصل إلى المتلقي الصغير بصورة مباشرة، بل ويستطيع المشاركة الفعلية فيه، ومن الأفضل أن تستغل هذه المساحة الفنية الإبداعية لطرح قضايا مصيرية يعوّد الطفل منذ صغره على معرفتها، فتربى في وجدانه وذاته وبإمكانها أن تترعرع تدريجيا لتثمر غضبا وثورة فتغييرا، وتلك هي الثمار اليانعة التي يسعى "السيد حافظ" إلى تحقيقها. ولعل من حقه ككاتب أن يدافع عنه، ونحن هنا لسنا في موقف المدافعين عن الكاتب ولكننا نود القول أنه يجب الفصل بين النقد الذي يمثل مهمة نبيلة وهادفة ويضيف الكثير إلى فكر القارئ، وبين التجريح. ويبقى أن نقول كما قال "عبد العليم رسلان" « إذا كانت المسرحية ومؤلفها قد فتحا فتحا جديدا في أدب الطفل وقدما جهدا مشكورا، فعلى هؤلاء الذين يكثرون من الكلام ويثيرون الضجيج نقدا وتجريحا أن يلجوا الباب ، فها هو مفتوح أمامهم على مصراعيه، ويكفي مؤلف المسرحية [فخرا] أن يكون قد فتحه لهم بعد أن كان موصدا»([8]).

لا نبرح حكايا ألف ليلة وليلة المعين الذي لا ينضب، والذي نجد الكاتب قد اغترف منه ليبدع لنا مسرحية أخرى بعنوان (علي بابا) والتي قدم فيها الكثير وجدد ليعمق الرؤية أكثر وليكون تأثيره في المتلقي الصغير أبلغ ، وتعكس هذه المسرحية الصراع الطبقي بين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء وصراع السلطة مع الشعب وهما وجهان لعملة واحدة، وتتمثل الفئة الأولى في "شهبندر التجار" و"قاسم" و"سالم"، أما الفئة الثانية فيمثلها كل من "علي بابا"، "محجوب" و"حمدان"، وبسبب غياب مقاييس التجارة الشريفة لدى الطبقة الثرية التي تعتمد على الغش، يصطدم "علي بابا" صاحب المبادئ بالتاجر "سالم" الغشاش وينتهي الأمر بطرد "علي بابا" من السوق ليعود إلى مهنته حطابا كما كان. ولكن الحظ يبتسم له بأن يكتشف مغارة مليئة بالكنوز جمعها أربعون سارقا، واستغل فرصة غيابهم وسرق ما استطاع ليقفز من الصفر إلى طبقة الأثرياء، ولم يتوقف "علي بابا" عند اقترافه لإثم السرقة، بأن اقترف ما هو أفضع إذ تخلى عن مبادئه التي كان يتشدق بها سابقا.

إن "علي بابا" في مسرحية "السيد حافظ" نموذج للإنسان الإنسحابي الذي حقق العدل لنفسه بتساويه مع الأثرياء عن طريق السرقة ( أي بطريقة غير شريفة )، كما تحوّل بين عشية وضحاها من صوت الثورة والمتمردين، إلى شخص متخاذل تخلى عن الأصدقاء والفقراء وعن نصرة المظلومين، فمع أول فرصة تحول من النقيض إلى النقيض. ونجد بأن بعض القصص سمت بشخصية "علي بابا" وجعلتها تبدو في صورة مشرقة، لأنه ساعد الفقراء والمحتاجين بتلك الأموال التي سرقها من المغارة، في حين نجد أن "السيد حافظ" غيرّ ملامح هذه الشخصية، ليستفز ذهن المتلقي الصغير وذلك عن طريق تكثيف الصور، والتضاد الذي حدث في تصرفات "علي بابا" وهذه السلوكات المتناقضة كانت فرصة خصبة لتعميق بعض المفاهيم المتعلقة بالأنماط السلوكية الجيدة التي يجب أن يتبناها الطفل، والأنماط السلوكية السيئة التي يجب أن يواجهها بالرفض والنفور. وقد ركز الكاتب على بعض المفاهيم التي فقدت ويجب البحث عنها واسترجاعها وبناءها من جديد كالعدل والحقيقة ..، كما تطفو من جديد على السطح ( في هذه المسرحية) قضية الأرض المحتلة «محجوب: أغلقوا الأبواب جيدا، واحموا بيوتهم من اللصوص. فإذا سرق البيت… سرقت الأرض »([9]).

وعلى ضوء ذلك نجد الكاتب يحرص حرصا شديدا على جعل الأطفال يستوعبون طبيعة هذه القضية، ومن ثم يتخذون مواقف جادة وصارمة في المستقبل بعيدا عن كل تضليل، طالبا منهم أن يسلكوا الطريق السوية لتحقيق أهدافهم وعدم الإعتماد على السرقة والسلوكات الشاذة والسيئة لتحقيقها، كما أنه ينمي الوعي لديهم بقيمة الأرض وقيمة الوطن وضرورة حمايته والذود عنه متى لزم الأمر. ولتعميق الرؤى والأفكار التي يود "السيد حافظ " نقلها وإيصالها إلى الأطفال لم يترك جرائم "علي بابا" تمر هكذا دون عقاب، ولهذا الغرض قدم"علي بابا" للمحاكمة من قبل العامة واعترف بما اقترفته يداه وعاد إلى مهمة الإحتطاب، فما بني على باطل فهو باطل. وبهذه النهاية تستمر المفاهيم لدى الأطفال كما أرادها الكاتب أن تكون طالما أنها سارت في الطريق السليم، بمنطقة الأمور ووضع كل شيء في مكانه المحدد.

القضية الفلسطينية مشكلة تقض مضجع "السيد حافظ"، ويحاول عبر مسرحياته الموجهة إلى البراعم أن يرسخها في أذهان الأطفال، وينمي إدراكهم لحقيقة وأبعاد هذه القضية، إذ نجده من جديد يطرحها في مسرحية بعنوان (سندس) ولكنه أفسح المجال رحبا وواسعا فيها للتعبير عنها أكثر، بل إنها القضية المحور في هذا العمل الإبداعي. ويسعى من خلالها الكاتب إلى استفزاز جمهور الأطفال لتفجير روح الفعل والممارسة ، بل إنه يرى الخلاص على أيديهم لأنهم جذوة التغيير لا محالة، فالأمل كله قائم عليهم لتغيير الوضع الذي أصبح مهزلة، كما أنه يدين فيها العرب نظرا لتخاذلهم وتقاعسهم عن توحيد الصفوف واستثارة الهمم لتحرير بيت المقدس، وكأنه يبحث عن الصحوة التي راحت في سبات عميق عند الكبار، ليجسدها عبر الأطفال.

وتمثل شخصية "سندس" فلسطين الجريحة، بينما يمثل كل من "أبو صالح "و" أبو عدنان" ، الدول العربية التي انشغلت عن القضية الجوهرية وهي تحرير فلسطين، بقضايا تافهة كالنزاع على الحدود. كما تمثل كل من شخصية "سارة" و" أم سارة" و"الشاويش" العدو الصهيوني، الذي لا يدخر جهدا في التخطيط للاستيلاء على بيت المقدس ويعزز جهوده أكثر فأكثر. وفي المقابل لا نلمس من الطرف المضاد أو المعاكس إلا التخاذل بما يجسد عدم التكافؤ في مستوى الدفاع عن القضية الأساسية لكل طرف منهما، ومن ثمة تقلص فرص النجاح في تحقيق النصر على العدو الصهيوني، طالما أن هذا الأخير يتمتع بروح الوطنية أكثر من الدول العربية، ويبقى حلم الكاتب متعلقا بالأطفال ،إذ نجده يعبر عن ذلك بقوله: « إن كاتبا ينهض كل صباح ليرى الشمس طفلا… وأرى هؤلاء الأطفال الصغار الرضع الحلم في أن يكون أحدهم أنشودة هذا الوطن الذي يخلصه من الجوع ويحرره من الحزن … الأطفال هم صوت الإخضرار الذي ينادي أعماق الكاتب العـربي كي يستيقظ ويقاوم ويكتب كالعصفور … إنك بالكتابة للأطفال تدق باب المستقبل باب الصحوة التي ماتت فينا »([10]).

إننا نجد الكاتب عبر شخصية "سندس" يشكو مأساته ويتوجه عبرها بحديثه إلى جمهور الأطفال ليخاطبهم بما يريد أن يقوله (ككاتب)،كما حثّهم على أن يكونوا في مستوى طموحه ، وأن يقودوا حركة فعلية للتغيير ولتحقيق ما عجز الكبار عن تحقيقه.

إن سياسة "السيد حافظ" في مسرح الطفل، اعتمد فيها إلى حد كبير على تطويع التراث، لخلق أعمال مسرحية تشد انتباه الطفل وتستحوذ على أحاسيسه واهتمامه. ولما تحقق هذا العنصر بات سهلا على الكاتب أن يصب مضامينه التربوية ، الفكرية ، القومية , وكل ما يود إيصاله إلى الطفل عبر تلك القوالب. ومن بين المصادر التراثية التي اعتمد عليها الكاتب السير والملاحم الشعبية، كسيرة فارس بني هلال التي كتب عنها مسرحية (أبو زيد الهلالي)، وقد طرح من خلالها جملة من القضايـا التي تؤرقه وتأتي على رأسها « همومه القومية [ إذ] طرح تلك المشاكل [التي تتعلق بـ] البحث عن المكان، الإنتماء لهذا المكان، متى يستطيع الإنسان العربي أو الطفل العربي أن يعلن انتماءه لهذا المكان ،ما معنى الإنتمـاء؟ - هل هو شهـادة ميلاد-هل هو شهادة جواز- هل الإنتماء عبارة عن دفتر هل [يتم ] بالقول، هل [هو] ممارسة ! »([11]). كما حقق الكاتب في هذه المسرحية حيزا معرفيا يمكّن الأطفال من الإطلاع على الظروف المعيشية للعرب في زمن مضى، ومن ثمة المقارنة بين الحاضر والماضي. كما يضمن لهم ذات الحيز التعرف على طرق اكتساب العيش وطرق التواصل وكيف تتم الحروب، وما نوع الأسلحة المستعملة آنذاك... بيد أنه ركز أيضا على جملة من الفضائل والقيم التي لها شأن كبير، كسمة الكرم الذي تجسده شخصية "مفرج" الذي بلغ قمة السخاء والكرم، بأن عرض ابنته "الثريا" للبيع، لأجل إكرام ضيوفه عندما لم يجد ما يقدمه لهم.

كما جدد الكاتب عبر هذه المسرحية نداءه للأطفال بضرورة الدفاع عن الوطن وحمايته من أعدائه في الداخل أو الخارج، وقد قدم الخيانة في أبشع صورها من خلال شخصية "سعيد" رمز الفساد والخيانة، وأبرز ملامحها وصفاتها. وبالمقابل أبرز ملامح الفارس المغوار سيد الملحمة الهلالية " أبو زيد الهلالي" وصفاته، ليعمّق الفارق بين الشخصيتين ، وهذا لكي تتضح الرؤية أكثر لدى الأطفال فيما يتعلق بالنقيضين، الخيانة والوفاء والإخلاص للوطن. وتأتي شخصية " أبو زيد" في هذه المسرحية لتعطينا صورة مماثلة للإنسان المكافح في العصر الحالي، الذي لا يهدأ له بال حتى يخذل الخونة والأعداء على حد سواء، وذلك بالذود عن وطنه والكفاح المتواصل لتحقيق ذاته وذات الجماعة والحفاظ على الوطن رمز الأمان.

وللكاتب مسرحية أخرى مستلهمة من إحدى السير الشعبية وهي مسرحية "عنترة بن شداد" الشاعر العربي والبطل الشجاع، الذي تخلد كتب الأدب ، والشعر ،والتاريخ سيرته وشعره وبطـولاته. ويحمّل هذه المسرحية زخما من الحكم والأمثال. وقد ركز فيها على قضية الدفاع عن الـوطن إلى جانب إبرازه للكثير من الفضائل كالشجاعة والإستبسال،كما يظهر قيمة العلم عالية بينما يظهر الجهل منحطا. ويدعو الكاتب في هذه المسرحية إلى التلاحم والتكاتف الجماعي لتحقيق الأحلام والآمال. ثم إن "للسيد حافظ" مسرحيات عديدة* تعالج قضايا متنوعة لا تخرج في إطارها -دائما- عن السلوكات التربوية، والأخلاق الحميدة ، والقضايا المصيرية... وغيرها مما يسهم في بناء طفل واع متفطن لكل ما حوله ، مستوعب لواقعه وله أمل في غد أفضل، وإحساس بالمسئولية اتجاه ما ينتظره. ويبقى أن نقول كما قال الكاتب "السيد حافظ" بأن مسرح الطفل هو « مسرح المستقبل وأرجو أن يبزغ فجر فني جديد لمسرح الطفل قادر على التعبير عن مشاكله([12])، فالطفل العربي لا يستطيع أن يهرب من واقعه في هذا العالم، إنه مطارد بأجهزة الإعلام صباح مساء، يسمع، يقرأ، يرى، إنه محاط بكل قضاياه الواقعية بدءا من الشارع والحي والبيت والمدرسة إلى عـالم القنوات الفضـائية»([13]) فعصر الديجيتال والتكنولوجيا الرقمية التي قلبت المفاهيم فالأجدى أن يلتمس كتّاب مسرح الطفل الطريق السليم نحو مسرح هادف يبني الإنسان في ظل كل هذه المتغيرات؛ يبني فيه القيم والفضائل، ويمده بالقوة والثقة في النفس، ويفطنه إلى ضرورة الإلتزام بفعل التغيير مستقبلا، وكل هذا في قوالب تتناسب وخفة الأطفال وحركيتهم وإيقاع طفولتهم وبراءتهم الحالمة.

وصفوة القول إن « مسرح الطفل مؤسسة فنية تسعى إلى تكوين و بناء شخصية المشاهد الصغير تكوينا فنيا، وتعّوده منذ صغره على استيعاب المسرح وفنونه معتبرا إياه حاجة روحية ثقافية، وتذوقا جماليا لابد من وجوده في حياته عبر جميع مراحل نموه الجسمي والعقلي»([14]).

ونتناول فيما يلي مسرحية (حب الرمان وخيزران) بدراسة تطبيقية مفصلة:

1- الحدث الدرامي في مسرحية الأميرة حب الرمان وخيزران:

تروي أحداث مسرحية )الأميرة حب الرمان وخيزران( قصة أميرة اسمها "حب الرمان" جمعت بين الجمال الأخاذ والحسن الفتان، والرقة والحنان واللباقة وحلاوة اللسان والأخلاق الفاضلة، مما جعل سيرتها العطرة في كل مكان؛ فهي أميرة بحسبها ونسبها،أميرة بأخلاقها ،وحسن سلوكها.تزف "حب الرمان" ابنة السلطان "عرفان" عروسا للأمير"عمران" أحلى وأغنى وأحسن أمراء عصره ، ويرافقها في رحلتها هذه إلى قصر الأمير "عمران" وصيفتها الشريرة "خيزران"، ويقود تلك الرحلة القائد الشجاع "مهران"، ومعه عدد من الجنود والخدم والعبيد ليسهروا على راحة الأميرة. وأثناء هذه الرحلة التي تستغرق مسيرة ثلاثة أيام، تدبر "خيزران" مكائد للتخلص من الأميرة "حب الرمان" لتحل محلها؛ إذ قامت في البداية بوضع ثعبان في خيمتها لكي يلدغها فتتخلص منها ، ولكن الأميرة نجت بفعل القلادة التي أهداها إياها والدها وبها خرزة سحرية باسمها، كانت إذا أحست بالخطر فما عليها إلا أن تنادي والدها فيحضر ليحميها بروحه من كل الشرور، فبعد أن نادته قتل الثعبان ونجت هي من الموت الأكيد. ثم لجأت "خيزران" بعد ذلك إلى مكيدة ثانية، إذ وضعت السم في الطعام لكل من القائد "مهران" - الذي تكرهه لأنه كان يعرف جيدا سوء نواياها – والأميرة "حب الرمان" للتخلص من الاثنين دفعة واحدة، ولكن ما إن ذاق "مهران" الطعام وأحس بطعمه الغريب حتى بادر على الفور إلى منع الأميرة من تناوله، ومرض القائد وهانت قواه ، وعرفت الأميرة بأن الطعام مسموم بعد أن استدعت والدها عن طريق القلادة .

 ثم لجأت "خيزران" في حيلتها الأخيرة إلى سقي الجنود والخدم جميعا بماء سحري، فأصبح الكل بفعله يسير حسب أهوائها ورهن إشارتها، وأول ما أقنعتهم به هو أنها هي الأميرة ، والأميرة الحقيقية هي "خيزران" الوصيفة.وانطلت الحيلة على الجميع وأصبحت الأميرة صاحبة السمو والرفعة خادمة ذليلة، وأضحت الوصيفة أميرة.ولما وصلت القافلة إلى قصر الأمير "عمران"، أمرت "خيزران" بوضع الأميرة "حب الرمان" مع الحيوانات بدعوى أنها ذات أخلاق سيئة، ولا تستحق أن تبقى إلى جانبها كوصيفة. ومع مرور الأيام استقبح الجميع سلوك "خيزران" الشاذ-على اعتبار- أنها أميرة، لأنها كانت تعامل كل من في القصر معاملة سيئة وجد قاسية. أما الأمير "عمران" فقد كان لا يطيق الجلوس معها ولا الحديث إليها نظرا لطباعها السيئة، واستغرب الجميع من الأميرة (المزعومة) صفاتها تلك، لأن ما تناهى إلى أسماعهم عن الأميرة "حب الرمان" بعيد كل البعد عما يرونه، ولم يجدوا لذلك تفسيرا،و قد كان الأمير "عمران" بسبب ما يعانيه من مضايقات "خيزران" يخلوا إلى نفسه في الحديقة، ويفاجأ في كل مرة بفتاة جميلة الملامح وحلوة التقاطيع وظريفة ولبقة الحديث، تتصرف تصرف الأميرات، تغني دائما رفقة البجع والبط وكل الحيوانات الموجودة هنالك ولكنها تختفي فجأة. وفي كل مرة كان يحاول الحديث إليها لكن ذلك لا يتسنى له، لأنها ما تلبث أن تغير ثيابها الجميلة والأنيقة بأخرى رثة وقديمة, فتظهر بمظهر تلك الوصيفة "خيزران" التي جلبتها الأميرة )المزعومة( معها.

وفي يوم من الأيام يمر بالحديقة عابر سبيل كانت قد التقته الأميرة "حب الرمان" أثناء رحلتها وأحسنت إليه وكان متذكرا لصنيعها، وحينما أخبرها بأنه راحل باتجاه بلاد السلطان "عرفان" حملته أمانة تتمثل في أغنية طلبت منه أن يرددها كثيرا أمام قصر السلطان "عرفان" وتقول الأغنية: « يادي الزمان اللّي خلى حب الرمان خادمة خيزران»([15]). ووعدها بأنه سيفعل، وفعل، فتم لها ما أرادت، وبلغت الرسالة إلى والدها وفهم مغزاها، فتحرك رفقة وزيره وجنوده وأعوانه إلى قصر الأمير "عمران" وانكشفت ألاعيب "خيزران" بمجرد وصول ذلك الوفد، وأدرك الجميع الحقيقة وعادت الأمور إلى نصابها الحقيقي، وحكم على"خيزران" بالعيش وحدها في كهف بعيدا عن الناس ليسلم الجميع من شرها وأذاها، طالما أنها لا تحب الغير وتسعى فقط لإيذائهم.

      أما فيما يخص الحدث الدرامي فقد جاء متسلسلا، بناء على تفاصيل أحداث جزئية؛ فالتصاعد كان بشكل منطقي تبعا للتطورات وتأزم الأمور في بعض المواقف، ثم يأتي الإنفراج أو الحل لينقص من حدة التوتر، خاصة وأن هنالك شخصية شريرة هي "خيزران" التي كانت ملامحها تعكس صفاتها، ويتوقع المتفرج الصغير منها الإقدام على أي فعل تؤذي من خلاله الأميرة. كما أن الكاتب في هذا العمل المسرحي لم يلتزم وحدة الحدث، بل كانت هناك أحداث في جهات أخرى )كمتابعة الأمير"عمران" لظهور الأميرة في الحديقة للغناء مع الحيوانات، ومحاولته في كل مرة الحديث إليها، الأحداث داخل القصر وما تفعله "خيزران"..( ويصادف كثيرا أن تكون هذه الأحداث في أزمنة واحدة وأمكنة مختلفة.              

لقد لجأ "السيد حافظ" في هذه المسرحية، كما في غيرها من مسرحياته التي توجه بها إلى عالم البراءة، بجملة من التوجيهات إلى السلوكات التربوية القيمة التي ينشد من الأطفال أن يسلكوها في حياتهم اليومية، وفي تصرفاتهم مع الآخرين، ومن بينها التسامح وهو قمة العطاء العاطفي الإنساني الذي يجعل الفرد يسمو إلى أعلى مرتبة وكأنه ملاك، ويأتي هذا على لسان السلطان "عرفان" وهو يوصي ابنته الأميرة "حب الرمان" قبل أن تغادر قصره.

« السلطان: أوصيك و أنت لا تحتاجين الوصاية.

الأميرة: قل لي يا والدي.

السلطان: لو أساء إليك أحد سامحيه.

الأميرة: التسامح خير »([16])

ويتجلى من خلال هذا المقطع، التناغم النفسي - إن صح التعبير- بين ما يوصي به الوالد ابنته، وما تظهره الابنة من طاعة وتفهم كبيرين لما تحدث عنه والدها، وبذلك تبدو قيمة طاعة الوالدين جلية للأطفال باعتبار أنها من الأخلاق الحميدة. ومن خلال استعـراض الكاتب عبر حوار من الحوارات لصفـات الأميرة، نستشعر رسالة موجهة إلى الأطفال تتضمن جملة من الفضائل، كالأدب وحسن الخلق وتهذيب اللسـان، إلى جانب إبراز قيمة المطالعة والقراءة وما لهما من أهمية في التكوين الفكري والثقافي.

كما تتضح من خلال هذه المسرحية قيمة الوفاء من خلال شخصية القائد "مهران" بحرصه على سلامة الأميرة، وكذا بتنبيهه السلطان إلى الوصيفة "خيزران" عندما لاحظ أنها شريرة ومشعوذة. كما تتضح أيضا من شخصية الأميرة "حب الرمان" التي لم تتخل عن قائد رحلتها "مهران" عندما مرض رغم إلحاح "خيزران" على التخلي عنه ، لأنه أصبح يشكل عبئا ولابأس أن نسوق مادار بينها وبين "حب الرمان" في هذا الإطـار:

« خيزران : مهران هلكان لا محالة.

الأميرة : بتقولي إيه يا خيزران .

خيزران : يا إما نشيله معانا وحيتعبنا في الطريق يا إما نسيبه يموت في الطريق.

الأميرة : مهران دا صديق .

خيزران : دا كلام .

الأميرة : الصديق وقت الضيق ومهران في ضيق »([17]) .

كما يتضح الوفاء من قبل الوصيفات في قصر السلطان "عرفان"، والخدم والجنود والوزراء والرعية كلها، نظرا لسيادة العدل والأمان، ونفس الشيء بالنسبة للأمير "عمران"،فلأن المساواة والعدل سائدان في بلاده، يترجم ذلك عبر تصرفات الرعية الذين فرحوا جدا بزواجه يقول "السيد حافظ" في هذا الإطار:

« الوزير : لو طلعت يا مولاي لحد الشط حتشوف بعينيك إزاي الصيادين زوقوا المراكب بالزينات ولو رحت السوق حتشوف ازاي التجار زينوا قدام كل دكان .

الأمير : يا سلام يا زعفران ازاي لما تكون عادل والشعب يحبك »([18]).

وقد بيّن الكاتب للأطفال من خلال شخصية الأميرة "حب الرمان"، كيف أن الإنسان إذا كان ذا خصال حميدة وتعامل بكل حب وطيبة وحنو مع الآخرين جنى الحب والمودة، وكان كلما وقع في أزمة إلا وكان الجميع واقفون إلى جانبه، لأنه إنسان طيب وخير بطبعه وسمته الحب. ونسوق هنا ما جاء في هذا الحوار الذي جمع بين الأميرة "حب الرمان" وخيزران" حينما بادرت هذه الأخيرة بضرب العبيد، ويتبين من خلال حديث الأميرة نظرتها الخاصة إلى الحب وأنه يمثل أساس الحياة «خيزران: عبيد كسلانة.

الأميرة : الناس فرحانة .

خيزران : دول ما ينفعش معاهم إلا الكرباج .

الأميرة : كرباج دا كلام أوانه فات ..والحب هو الأساس اللي بين الناس»([19]).

وبين الكاتب أن الحب من جانب آخر خاصة ذلك الذي يجمع بين الحاكم والرعية والذي نشأ بسبب العدل لاغير.ويتضح ذلك من خلال هذا الحوار المختصر بين الأمير "عمران" ووزيره « الوزير : الناس فرحانة.

الأمير : لما السلطان يحب الناس

الوزير : الناس تحبه »([20]) .كما يبرز الكاتب قيمة التسامح والطيبة والحنان بشكل واضح في هذا الحوار:

« خيزران : أنا ما بحبش الوصيفات اللي زيك .

نور : ليه يا مولاتي ؟

خيزران : أصلك طيبة قوي .

نور : الطيبة مش عيب .

خيزران : وحنينة قوي .

نور : الحنية مش عيب .

خيزران : ومتسامحة قوي .

نور : التسامح من صفات البشر»([21]).

ويلجأ الكاتب بغية تعميق هذا المفهوم إلى توظيف الحيوانات التي كانت الأنيس والرفيق الحنون للأميرة في أزمتها، والتي لم تكن لتحس بتلك الظروف العصيبة لأنها كانت محظوظة، إذ أرسل إليها القدر أصدقاء جدد وقفوا إلى جانبها في محنتها، ومن ثمة فإن من يعمل خيرا يجني - حتما- خيرا، ومن يعمل العكس يجني شوكا نظير ما زرع.ولا شك أن نهاية "خيزران" كافية لتوضيح ذلك.وعبر الحيوانات تمرر الأميرة بعض النصائح أو على الأصح تنقل إليهم بعض السلوكات الراقية كما في هذا الحوار :

الأميرة : يا بطتي.. يا وزتي يا فرختي.. يا ديكي يا عنزتي يا بجعتي..

« الأميرة : أكلتم.

الحيوانات : آه .

الأميرة : شربتم .

الحيوانات : آه .

الأميرة : حمدتم الله .

الحيوانات : آه .

الأميرة :دلوقتي أغسل وشي واغيّر ملابسي ونرقص ونغني..»([22]). وبالمقابل أبرز الكاتب بشاعة الغدر والخيانة من خلال شخصية "خيزران" التي خانت الأمانة، وغدرت بالأميرة وبالسلطان الذي استأمنها على ابنته.وقد استبشع الكاتب عبر شخصيتها قساوة القلب، وسوء المعاملة، وفساد النية والأخلاق، وبيّن من خلال

نهايتها أن الشر عمره قصير ومن ثمة فإنه إلى زوال.وقد لجأ "السيد حافظ" بغية تصعيد الـحدث الدرامي في المسرحية إلى بعض الحيل التي تعتمد في مضمونها على السحر. ونفس الشيء بالنسبة إلى الإنفـراج أو الحل في بعض الحالات.وهذا الأمر جيد، لأنه يجعل مخيلة الطفل تتسع أكثر لتسبح في عالم كل شيء فيه ممكن الحدوث، وإذا كان البعض لا يحبذ اللجوء إلى مثل هذه الأمور بحجة أنه لا يحب أن نبتعد بالطفل عن الواقع لندخله في عالم الخرافات والأساطير، فإنني أرى عكس ذلك، إذ مثل هذه الأمور التي تسمو وترتفع بالخيـال )لدى الطفل( هي من أهم ما يستهوي الطفل، إذ تسمح له بالاستمتاع عن طريق الخيال، وهذا لا يحول دون إدراكه في الوقت نفسه لواقعه، بل إن ذلك يساعده أكثر في استيعاب تلك السلوكات التربوية والفكرية.. ومن هنا تحقق للطفل المتعة والإستفادة معا.

 ونشير بأن الكاتب لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يهمل أو بالأحرى أن يتناسى الوطن وقيمته، إذ لا تخلو مسرحية من مسرحياته من هذه الرسالة الهامة التي تحتل مكانة عظيمة في ذاته. وإذا لم يفرد لها جانبا لا بأس به فإنه لا ينسى ذكرها والوقوف عندها ولو بكلمات مقتضبة. ففي هذه المسرحية )الأميرة حب الرمان وخيزران( وردت هذه القضية في معرض تذكر السلطان "عرفان" وابنته "حب الرمان" لأغنية حميمية دافئة، لها وقع وذكرى في نفسيهما، واستغل الكاتب هذه الفرصة ليمرر رسالته تلك، وإن كانت مقتضبة إلا أنها موحية وتوفي بالغرض المطلوب، وكأننا به في هذا الموقف يود أن يقول بأن الوطن )بتاريخه وأناسه أو أفراده( أغنية جميلة نتغنى بها دائما وأبدا و ترتبط بأسمى العواطف والأحاسيس.

« السلطان: فاكرة الأغنية يا أميرة

الأميرة : فاكرة يا والدي حد ينسى تاريخه.. حد ينسى ناسه.. الوطن والناس»([23]).

2 – المكان في مسرحية الأميرة حب الرمان وخيزران:

تتوزع الأحداث في المسرحية على أمكنة غير محددة بشكل واضح من ناحية انتمائها إلى حيز جغرافي معين، ولكنها أمكنة نترك للطفل حرية وضعها في أي بلد شاء، وربما اختار أن يموقعها في خياله.وتتمثل هذه الأمكنة في قصر السلطان "عرفان" (وبلاده) وقصر الأمير "عمران" )وبلاده عموما( والطريق التي سلكتها القافلة وهي في سيرها إلى بلاد "الأمير عمران"،وكذا بستان ومزرعة قصر هذا الأخير. وأرجح أن يكون الكاتب قصد من خلال هذا الإختيار المكاني الوهمي، ترك الحرية للطفل للتخيل، أو لتطبيق إحداها على أمكنة جميلة أو العكس، يكون قد شاهدها من قبل أو حلم بها، أو أمل أن يراها ، ومن هنا فإن الكاتب يسمح عبر هذا الإختيار للأطفال بالإنطلاق والتحرر من أسر المكان المحدد أو المقيد بحدود واقعية، إلى مكان ترسمه أخيلتهم كل حسب رغبته، وهذا له جانب إيجابي من الناحية السيكولوجية وله أثر جميل في نفسية الطفل. وإذا حاولنا تحديد المكان في مسرحية )الأميرة حب الرمان وخيزران( بدقة ، فلنا أن نقول بأن الكـاتب قد وزع أماكن المسرحية بين أماكن إقامة وأماكن إنتقال نحددها حسب الجدول الآتي ونبدأ بالفصل الأول:

 

أمـاكن الإقـامة

أمـاكن الإنتقـال

أماكن الإقامة الإختيارية

أماكن الإقامة الجبرية

أماكن انتقال عامة

أماكن انتقال خاصة

قصر السلطان عرفان.

قصر الأمير عمران.

الخيمة.

/

طريق في الصحراء.

ساحة قصر السلطان عرفان

ساحة قصر الأمير عمران

أما بالنسبة للفصل الثاني فتظهر الأماكن التالية والتي تستغل كفضاء للكثير من الأحداث ونحددها في الجدول الآتي :

 

أمـاكن الإقـامة

أمـاكن الإنتقـال

أماكن الإقامة الإختيارية

أماكن الإقامة الجبرية

أماكن انتقال عامة

أماكن انتقال خاصة

قصر السلطان عرفان.

قصر الأمير عمران

مزرعة الأمير عمران.

طريق في الصحراء.

ساحة قصر السلطان عرفان.

ساحة قصر الأمير عمران.

بستان الأمير عمران.

 

ومن خلال الجدول الآتي نحدد توزيع أماكن الإقامة الإختيارية وظهورها في كلا الفصلين

أماكن الإقامة الإختيارية

ظهورها في الفصل الأول

ظهورها في الفصل الثاني

قصر السلطان عرفان

+     +     +

+

قصر الأمير عمران

+     +

+   +

الخيمة

+ + + ) دون التصريح بذلك(

-

الـهودج الذي يحمل الأميرة "حب الرمان"،والـهودج الذي يحمل "خيزران".

+ + +

-

ننتقل الآن لنحدد أماكن الإقامة الجبرية وتتمثل في مزرعة وبستان "الأمير عمران" اللذان يعتبران مكاني انتقال خاص بالنسبة "للأمير عمران"، ومكاني إقامة جبرية بالنسبة "للأميرة حب الرمان"؛ نظرا لأن"خيزران" أجبرتها على الإقامة فيهما وبصفة خاصة في المزرعة، لإبعادها عن الأنظار وعزلها عن الناس لكي لا يكتشفوا الحقيقة، وقد كانت تحرص في كثير من الأحيان على أن لا تخرج "حب الرمان" من المزرعة إلى البستان، لأن "الأمير عمران" كثيرا مايتردد عليه وذلك خوفا من اكتشافه للسر.

أماكن الإقامة الجبرية

ظهورها في الفصل الأول

ظهورها في الفصل الثاني

مزرعة الأمير عمران

بستان الأمير عمران

-

-

+

+ +

وسنحدد فيما يلي أماكن الإنتقال الخاصة والعامة وظهورها في كلا الفصلين ضمن الجدولين التاليين، وسنبدأ بأماكن الإنتقال العامة ،ثم الخاصة مع العلم أننا اعتبرنا الهودج مكان إقامة اختياري نظرا لأنه يلعب دورا بدائليّا – إن صح التعبير – للمكان الذي تقيم فيه الأميرة والوصيفة معا وهو القصر، وهو من جهة أخرى يمثل مكان إنتقال خاص لأنه يتحرك بوضعه على الجمل وينتقل عبره صاحبه إلى أماكن يحددها هو سلفا :

أماكن الإنتقال العامة

ظهورها في الفصل الأول

ظهورها في الفصل الثاني

طريق في الصحراء

+ + +

-

 

أماكن الإنتقال الخاصة

ظهورها في الفصل الأول

ظهورها في الفصل الثاني

ساحة قصر السلطان عرفان

+ + + )دون الإشارة إليه فعليا في المرة الثالثة أي أنه مستشف(

+

الهودج الذي يحمل الأميرة حب الرمان

+  +  +

-

ساحة قصر الأمير عمران

+

+

البستان

المزرعة

-

-

+ +

+

3 - الزمان في مسرحية الأميرة حب الرمان وخيزران:  

أما بالنسبة للزمان، فيسير بوتيرة عادية، الحاضر فالمستقبل، وذكر الماضي محدود إن لم نقل معدوم، وهذا ما تقتضيه الأحداث، إذ تحتاج إلى سير عادي للزمن اليوم ثم الغد، ثم اليوم ثم الغد، أي تتابع منطقي للفعل أو لحركة الزمن.وإذا حاولنا تحديد الزمن بصفة دقيقة في هذه المسرحية حسب سير أحداثها، فإن رحلة الأميرة "حب الرمان" إلى بلاد الأمير "عمران" تستغرق ثلاثة أيام، حدثت ضمنها أحداث كثيرة ومتعددة وهذا ما نستشفه من خلال حديث السلطان "عرفان" إذ يقول: «السلطان : يا مهران اعتذر لي للأمير عمران وقوله السلطان عرفان كبر وصار تعبان والسفر تلت ايام كتير »([24])،ونفس الشيء يصرح به الأمير "عمران"إذ يقول :

« الأمير : هيّه في الطريق قدامها ثلاثة أيام »([25])، فالأزمنة واضحة مما لا يترك مجالا لاختلاط الأمور على الطفل أثناء متابعته لسير أحداث المسرحية؛ فالحاضر يبدو جليا وواضحا من خلال الجمل التي تأتي على لسان الشخصيات من مثل هذا الحوار الذي دار بين الأميرة "حب الرمان" ووالدها السلطان "عرفان" أثناء حلول موعد الرحلة :

« الأميرة : على كل حال .. آن الأوان

السلطان : شدّوا الرحال

الأميرة : الوداع يا والدي الوداع »([26]).

ويمر الزمن في هذه المسرحية بشكل عادي كما عهده الأطفال ودون تأويلات بعيدة عن فهمهم وإدراكهم للأمور؛ فالرحلة كما أسلفنا تستغرق مدة محددة لذلك نجد الكاتب يجسدها فعليا في العمل المقدم إلى جمهور الصغار ،إذ الأيام الثلاثة تمر بانتظام ويتحدد ذلك حسب حديث القائد "مهران"، فبعد انقضاء اليوم الأول يفصح عن ذلك قائلا:« مهران: نستريّح هنا الليلة دي وبكره الصباح رباح»([27])، أما فيما يخص بداية اليوم الثاني فقد استعان المؤلف بصياح الديك إيذانا بحلوله ويضيف "مهران" مؤكدا ذلك بقوله : « مهران: الفجر طلع يوم جديد »([28])،ويزداد الكاتب في تأكيده على بدء اليوم الثاني من الرحلة حينما تقول نفس الشخصية : « مهـران : يلاّ بينا اليوم الثاني على بركة الله نسير »([29])، وعند حلول الليلة الثانية يوضح الكاتب ذلك للأطفال عن طريق هذا الحوار الذي دار بين الأميرة "حب الرمان" والقائد "مهران" ونسوق منه هذا المقطع « مهران: وقت الليل حان .. والليلة الثانية هانت .

الأميرة : نستريّح .

مهران : والصباح رباح »([30])

أما بداية اليوم الثالث فيتعرف عليها الأطفال من حديث "خيزران" ، ذلك أن القائد "مهران"مرض لأنه تناول الأكل المسموم الذي أعدته "خيزران" للتخلص منه، ومن الأميرة "حب الرمان"،ولكنها لم تفلح في تنفيذ خطتها بالكامل ، إلاّ أنها تخلصت ولو جزئيا من القائد "مهران" الذي كان يشكل عائقا كبيرا أمامها لتنفيذ ما تسعى إليه. وتعلن هذه الشخصية عن بدء اليوم الثالث من الرحلة بقولها :

« خيزران : الفجر لاح والصباح رباح ..اتحركوا في الحركة بركة »([31]) .

 أما إذا عدنا إلى ذكر الماضي في هذه المسرحية – فكما أسلفنا – فإنه يكاد ينعدم اللّهم إلا بعض الإشارات الموجزة التي وردت في شكل استذكار ، ونحددها في استذكارين إثنين الأول غير محدد بمدة معينة وغرض الكاتب منه يتمثل في رغبته في إبراز بعض القيم الجمالية والروحية للأطفال كحب الوطن ..، ويقول فيه : « السلطان : فاكرة الأغنية يا أميرة

الأميرة : فاكرة يا والدي حد ينسى تاريخه .. حد ينسى ناسه .. الوطن والناس...»([32])،

أما الإستذكار الثاني فهو محدد المدة ، وهو ليس بالإستذكار الذي يحمل معلومات كثيرة من ماضي الشخصيات ،ولكنه يزودنا بمعلومة واحدة فقط وتتعلق بالمدة التي مرت على الأميرة "حب الرمان" وهي تعيش في ظل مأساة حقيقية ، وهي المدة ذاتها التي قضتها "خيزران" كأميرة وزوجة للأمير "عمران" ، ويقول الكاتب على لسانها :

« خيزران : أنا لسه عروسة وبقالي معاك شهرين لما يبقوا سنتين نسافر نزوره... »([33]).

ومن هنا فإن الطفل لا يصطدم في هذه المسرحية بأزمنة كثيرة بإمكانها أن تخلط عليه الأمور ،ونرجح أن الكاتب قد ركز على الزمنين الحاضر والمستقبل لهذا الغرض ،بحيث أنه إذا عاد الطفل بفكره إلى الماضي، فإنما ليعكس فقط أحداث المسرحية في مخيلته، باعتبار أن ظروفها، وتفاصيل قصتها بعيدة عن الحقيقة إذا ما قام بعملية مقارنة، إذ يمكنه ببساطة أن يحكم بأن أحداث المسرحية هي قطعة مقتطفة من الماضي البعيد، تسمح له بمتابعة أحداث ليس لها في الحاضر سوى زمنها، وما ورد فيها من مضامين متنوعة تخدمه في تكوينه الفكري، ونضجه الاجتماعي والثقافي...

4 - بناءالشخصيات في مسرحية حب الرمان وخيزران:

تنقسم الشخصيات في هذه المسرحية إلى قسمين ؛ شخصيات خيرة وأخرى شريرة، فأما الشخصيات الخيرة فتأتي على رأسها شخصية الأميرة "حب الرمان"وهي شخصية واضحة الملامح والصفات، بما أنها البطلة نجدها تحمل صفات مثالية وسلوكات حضارية راقية في التعامل مع الآخرين ، جعلها الكاتب تبدو في أحلى صورة وأجمل منظر لكي تكون نموذجا رائعا للإقتداء بها، ذلك لأن الأطفال مولعون بالتقليد، وتقليد الأبطال بصفة خاصة، وإذا ما تم تقليدهم فسيكون على كافة المستويات، إذ سيشمل التصرفات والحركات والمعاملة بما يضمن وصول الرسالة المنشودة بنجاح تام، وتتضح سمات الأميرة "حب الرمان"من خلال حديث الشخصيات الأخرى ومن جملة ما قيل عنها تأكيدا على صفاتها الرائعة:« خيزران : شايف البلد كلها طالعة تودع الأميرة.. حتى طيور القصر فيها إيه الأميرة ؟

مهران : الأميرة طيبة

المجموعة : الأميرة حنينة »([34]). ويقول الكاتب في موضع آخر :

« الأمير : يا زعفران .. الأميرة حب الرمان أجمل بنات هذا الزمان .

الوزير : سمعنا عنها كلام كتير ..أجمل البنات .. حافظة الأشعار .. وتقرأ كل يوم كتاب من حكايات الزمان

الأمير :أميرة بتقرأ .. وتفهم وتتناقش .

الوزير : ومهذبة اللسان .

الأمير : ياه .. أنا فرحان .. »([35]).

 وتأتي بالمقابل على رأس الشخصيات الشريرة "خيزران" التي نجد الكاتب لا يجعلها قبيحة الشكل بل يعطيها صورة تبدو من خلالها أقل جمالا وأبسط شكلا من الأميرة "حب الرمان" إذ يقول عنها :

 « خيزران : ) تظهر(، )وهي وصيفة جميلة ولكنها ليست في جمال ولا هندام الأميرة (..»([36]).

لكنه مع هذا يبرز صفاتها السيئة وأخلاقها البشعة التي قادتها صوب التدبير للقتل وهو أفضع شيء، ولكن الكاتب بالرغم من إبرازه لهذا الجانب السلبي لهاته الشخصية إلا أنه لا يصدم الطفل بأمور تؤثر عليه سلبا، بل كان يعمد إلى إيجاد قوة موازية لقوة الشر الموجودة لدى "خيزران" بحيث تبطل كل أعمالها الشيطانية.

 هاتان الشخصيتان "حب الرمان" و"خيزران" هما القطبان المتضادان في هذا العمل، وهما معمقتان بشكل مكثف، فيما عداهما لا تبرز الشخصيات الأخرى معمقة بشكل كبير ولكن ملامحها تتضح جزئيا لتكمل صفات الشخصيتين المحوريتين، فالسلطان "عرفان" بطيبته، والأمير "عمران" بحبه،والقائد "مهران" بوفائه وشجاعته، وعابر السبيل بحكمته وتعاونه، والوزير "زعفران" بتفانيه ، والوصيفة "نور" بذكائها ، والحيوانات بحنانها ، كل هذه الشخصيات تصب في صفات وملامح الشخصية المحورية )الأميرة "حب الرمان"( التي تمثل قوى الخير. أما شخصية "سحتوت" الإنتهازي، و"عنبر" المتقلبة فتصب بصفاتها القبيحة والسيئة لتعميق ملامح الشخصية المحورية الثانية )"خيزران"( التي تمثل قوى الشر. ونلاحظ مما سبق أن هناك عدم تكافؤ حتى في الشخصيات المساعدة على توضح الملامح أكثر لكل شخصية، والمساعدة في أداء كل واحدة لدورها، مما يرجح الكفة -طبعا- لصالح الشخصية المحورية الرئيسة الأميرة "حب الرمان"، وانتصار قوى الخير على قوى الشر.

5 - البناء اللغوي لمسرحية حب الرمان وخيزران:

استعمل الكاتب اللهجة المصرية ووجد فيها ضالته، وقد كان حديثه مركزا ومختصرا وبسيطا، بعيدا كل البعد عن التعقيد، يستطيع الطفل أن يتابع كل كلمة فيه دون أن يتشتت ذهنه بين الأحداث، وبين الكلمات ، ووظف أسلوبا سلسا جميلا، يعتمد أحيانا على رنة شعـرية كانتهاء بعض الكلمات بنفس القـافية « السلطان: يا مهران اعتذر لي للأمير عمران وقوله السلطان عرفان كبر وصار تعبان والسفر ثلث أيام كثير»([37])

ونلمس نفس السمة في هذا الحوار:

« الشجرة : مرحبا بالأميرة حب الرمان.

الأميرة : أهلا بشجرة التين.

 الشجرة : أهلا يا أحلى الحلوين.

العصفورة : أهلا بالأميرة اللطيفة.

الأميرة : أهلا بالعصفورة الخفيفة الظريفة »([38]).

كما استعان الكاتب في هذه المسرحية ببعض الأمثال التي تزيد من قوة المعاني،كقوله على لسان الأميرة

« الأميرة : .. واعمل المعروف وانساه »([39])، وقولها أيضا « الصـديق وقت الضيق...» ([40]).. ونسوق في هذا الإطار ماقاله "عابر السبيل"« اللّي يعمل معروف يلقاه »([41])، وقوله أيضا لما استهانت "خيزران" بخبرته الطبية، لمعالجة القائد "مهران".

« خيزران : إنت كمان حاتعمل فيها طبيب.

عابر سبيل : يوضع سره في أضعف خلقه »([42]).

ونشير إلى أن الكاتب استعان بجملة من الأمور التي تجلب انتباه الطفل وتدخل البهجة والفرحة إلى قلبه، ومن بينها الأغاني ؛ ففي الفصل الأول وظف ثماني أغاني ، بل إن هذا الفصل بدأه الكاتب بأغنية حدد معناها فقط دون أن يؤلف كلماتها إذ يقول:« كلمات الأغنية تقول ما معناه ستتزوج الأميرة حب الرمان من الأمير عمران، تغرد العصافير في السماء تبارك هذا الزواج، سينتقل الفرح والغناء إلى بلاد الأمير عمـران والأميرة حب الـرمان »([43]). وتأتي الأغاني الموظفة في هذا العمل للتعليق عل المواقف ومسايرة لها ، فالأغنية الثانية جاءت كتعبير عن فرح أهل بلاد السلطان "عرفان" بزواج الأميرة "حب الرمان"، ويحدد الكاتب هنا أيضا معناها فقط ، إذ يقول : «الناس في فرح ولهو يعزفون ... ويغنون (الكلمات تقول بما معناه(

(1) : مبروك عليك يا أميرة البلاد يا حب الرمان

(2) : ستغادرين الديار إلى قصر الأمير عمران

(3) :عاش الأمير عمران والأميرة حب الرمان »([44]).

وتأتي الأغنية الثالثة لتعبر عن الوطن وحب الوطن ومن خلالها تشارك الأميرة في الغناء لتودع كل شيء في بلادها. ويقول الكاتب فيها – دائما بتحديد الموضوع فقط :« تخرج الوصيفات والعبيد ثم تخرج الأميرة تغني معهم كلمات معناها )سلام يا أهل بلدي سلام يا كل الطير ...يا كل الشجر ، يا كل البيوت يا كل البشر(».أما الأغنية الخامسة فيحدد الكاتب معناها وكلماتها ،وضمنها تغني الأميرة "حب الرمان" مع والدها السلطان "عرفان" ويقول فيها:

 « السلطان : ) يأخذها جانبا( يغني لها ) أنا بنتي حب الرمان (

الأميرة : وانا ابويا السلطان عرفان ) يغنيان(»([45]).

ونشير إلى أن جل الأغاني في الفصل الأول تحمل في طياتها الفرح وإن لم يخل بعضها من الشجن ، باعتبار أن الموقف صعب نظرا لأنه يتعلق بالوداع وترك الأهل والخلان.ولكننا نصادف في نهاية هذا الفصل أغنيتين حزينتين للأميرة "حب الرمان" بعد أن ضاعت هيبتها ومكانتها بسبب مكائد "خيزران"، ففي الأغنية الأولى يكتفي الكاتب بقوله : «)... أغنية حزينة للأميرة حب الرمان (»([46]).

أما الأغنية الثانية فيحدد على الأقل معناها ويقول فيها:

«)تبكي وهي تغني أغنية بما معناه هذا حال الدنيا الشر أحيانا يفوز وأحيانا الخير يخبو وينهار(»([47]).  

أما فيما يخص الفصل الثاني فقد وظف الكاتب العديد من الأغاني بل إنه افتتح هذا الفصل بأغنية لم يحدد مغزاها ولا فحواها إذ يقول :« بعد موسيقى وتابلوه غنائي .. »([48]). كما عمد الكاتب إلى توظيف نفس الأغنية التي وردت في الفصل الأول أكثر من مرة وفي أكثر من موضع .وأول توظيف لها يكون في شكل حزين ومأساوي يقول الكاتب : «)تتذكر الأميرة أغنية أنا بنتي حب الرمان وأبويا السلطان عرفان.. تكون أغنية قصيرة جداً.. الطيور فرحة بالأميرة والأميرة تبكي(»([49]). ونفس الأغنية يرددها عابر السبيل وقد لقنتها إياه الأميرة "حـب الـرمان" ليرددها أمام قصر والدها كرسالة لإنقاذها مما هي فيه . وقد وردت في الصفحات التالية:(54، 55، 68، 70).

كما وظف الكاتب عددا آخر من الأغاني منها ماهو تعليق على بعض المواقف ، ومنها ماهو تنفيس من الأميرة على ذاتها كهاته الأغنية التي تشترك في غنائها أيضا الحيوانات ويقول الكاتب عن مضمونها : « (تغني الطيور والحيوانات) تظهر الأميرة.. تغني وترقص معهم في أغنية معناها يا مسافر لبعيد قول لأبويا السلطان عرفان بنتك في سجن زعفران .. والحيوانات ترد أهلا بالأميرة الجميلة اللي قلبها أطيب القلوب »([50]).كما يختم الكاتب المسرحية بأغنية يؤديها الأمير "عمران" والأميرة "حب الرمان". وتعتبر هذه الأغنية الختامية أغنية وداع يقول الكاتب عنها :

« الأميرة والأمير عمران : يغنون أغنية الوداع.. الخير مهما كان دائما ينتصر على الأشرار »([51]).

 ونشير في الأخير إلى أن مجموع الأغاني التي استعان بها الكاتب في الفصل الثاني هي اثنتا عشر أغنية .

ومن جهة أخرى نجد أن "السيد حافظ" عمد إلى كسر الجدار الرابع لإشراك الأطفال في المسرحية مما يشيع جوا من البهجة والفرح في وسطهم ، وذلك عن طريق طرح الأسئلة عليهم باعتبار أنهم على علم بالأحداث الغائبة عن ذهن بعض شخصيات المسرحية. وأول مشاركة للأطفال كانت حول قتل الحية التي كانت "خيزران" قد وضعتها للتخلص من الأميرة ، وهاته الأخيرة كانت قد لجأت إلى القلادة السحرية وهي التي خلّصتها من تلك الحية ، بينما ادعت "خيزران" أنها من قتلتها يقول الكاتب: « الأميرة : وازاي قتلتي الحية ؟

خيزران : كده .. كده ..كده ..) تمثل أنها ضربتها بقدمها ويدها ( .

الأميرة : ) للأطفال في الصالة( خيزران هي اللي قتلت الحية وأنقذتني ؟ (بالطبع يجيب الأطفال بالنفي .. وخيزران تغتاظ)»([52]) وكذلك بادرت الأميرة بسؤال الأطفال عن الأكل المسموم، هل تأكل منه هي والقائد "مهران" أم لا؟ يقول الكاتب في هذا الموقف :« الأميرة : ) للأطفال في الصالة( ناكل.. ناكل  »([53]). كما طرحت الأميرة سؤالا للأطفال حول من تكون الأميرة هي أم "خيزران" « الأميرة : ولاد ) لجمهور الصالة( يا ولاد أنا الأميرة ولا هي ؟

خيزران : ) للجمهور في الصالة( أنا الأميرة .

الأميرة : أنا واللاهيّة ؟

خيزران : أنا واللاهيّة ؟ »([54]) .

أما في الفصل الثاني فقد تم كسر الحاجز الرابع مرارا والبداية كانت عندما أحس السلطان بالقلق على ابنته "حب الرمان"، ولكن وزيره كان يؤكد له في كل مرة أنها مجرد وساوس لا أكثر ولا أقل ، إذ بادر السلطان بإشراك الأطفال في قلقه عن طريق طرح التسؤلات عليهم. « الوزير : الحقيقة .. إن بنتك بخير وسلام .

السلطان : بخير وسلام .. هو فين الخير وسلام .

الوزير : إسمعني بس يا مولاي ) السلطان ينظر للصالة(

السلطان : ) للأطفال في الصالة( الأميرة حب الرمان تعبانة ولا موش تعبانة ؟

الوزير : لا يا مولاي مش تعبانة بس إنت اللي قلقان شوية ...

السلطان : إسمعني يا وزير ..لازم أروح لها .

الوزير : لا ما تروحش .

السلطان : إزاي ؟ ) ينظر للأطفال في الصالة( أروح لها ؟ »([55]) .

ونفس الأسلوب ينتهجه الوزير حينما يسمع السلطان عابر السبيل يردد أغنية خاصة بما آلت إليه حالة "حب الرمان" ، بينما ينفي هو وجود أحد يغني.وكذلك الأمر بالنسبة للسلطان عندما يصر الوزير على رأيه ، يقول الكاتب :

« عابر سبيل : ) يغني من بعيد( يادي الزمان اللي خللى حب الرمان خدامة خيزران ..

السلطان : سامع الأغنية دي ؟

الوزير : مش سامع حاجة مفيش حد بيغني ) يسأل الأطفال في الصالة (

السلطان : إسمع كويس .

عابر سبيل : ) الصوت يقترب( يادي الزمان اللي خللى حب الرمان خدامة خيزران .

السلطان : أهه بيقول حب الرمان .

الوزير : دا بياع رمان .

السلطان : إسمع امال .. ) للأطفال في الصالة( قولوا للوزير يسكت ويسمع أسكت .. أسكت ..إسمع .. أسكت واسمع »([56]) .

وآخر مقطع يتم فيه تكسير الجدار الرابع ، نصادفه حينما يتم استدعاء عابر السبيل للإستفسار عن مغزى الأغنية التي يؤديها. وفي تلك الأثناء يخاطب الوزير الأطفال مستهزئا بعابر السبيل. «الوزير : جميل جدا عابر سبيل حتغني أغنية يادي الزمان اللي خللى حب الرمان خدامة خيزران )للصالة( راجل مجنون خيزران دي خدامة حب الرمان. الراجل ده قلب الأغنية ) ينظر للرجل( إنت منين جـاي منين ؟»([57]).

 وخلاصة القول أن هذه المسرحية مغامرة من مغامرات الكاتب الجريئة للإبحار في عالم الطفل عبر المسرح، هي تجربة تلج العالم العذري لمسرح الطفل، وتقتحم خياله الواسع وتدعوه في رحلة للمتعة، للإستفادة ولتربية الذوق وتنمية القدرة على التخيل والتقمص، هي رحلة يلقي من خلالها الكاتب بضلال أفكاره إلى رواد البراءة والنقاء، ليصنعوا أملا، ليحققوا حلما ظل دفينا في ذات الكاتب، ينتظر منهم أن يكشفوا عنه بفعل التغيير، لأنهم السبيل إلى الخلاص ولا سبيل إلى الخلاص إلا على أيديهم.

 

 

 

 

 

 

الخــــاتمة

يبقى أن نقول إن مسرح الطفل في العالم العربي مهما خطا خطوات لا بأس بها فهو لا يزال في بداية الطريق ويحتاج منا أن ندرك هذه الحقيقة، وأن نتعامل معها بمرونة أكثر تمكننا من تجاوز هذه الحقيقة إلى واقع أفضل، نصنع من خلاله مسرحا متميزا يليق بأطفالنا في الوطن العربي، حيث يلقنون من خلاله المبادئ والأخلاق الفاضلة وكذا الحس القومي والديني، ويتعرفون على التراث أو الموروث الشعبي… وغيرها مما يمكن أن يضطلع به هذا النوع من المسارح، الذي يجب أن يضع في حسبانه ضرورة بناء إنسان عربي جسدا وذوقا وأخلاقا وفكرا ولاشك أن تجربة "السيد حافظ" في مسرح الطفل تستحق كل التقدير لأنها سارت في هذه الطريق حتى وإن كانت هنالك بعض الهفوات الملموسة في بعض الأعمال فإنها لا تعدم كل عمل جديته وانتماءه الفعلي إلى مسرح الطفل الهادف .



([1]) - القصص الشعبي في ألف ليلة وليلة في مسرح الطفل بالكويت: فاطمة حاجي. ص45.

([2]) تجربة مسرحية مكثفة فوق واقع يغلي بالهزائم (: سميرة أوبلهى. مجلة المواقف.ع.270.9 نوفمبر1987 .ص.24.

([3]) المرجع نفسه الصفحة نفسها .

([4]) المرجع السابق الصفحة نفسها.

([5]) (دراسة حول مسرح الطفل عند السيد حافظ):محاضرة ألقاها نادر القنة، الإسكندرية 10 أغسطس 1988. ورد نصها في كتاب الأشجار تنحني أحيانا: للسيد حافظ. ص.338.

 

([6]) - حديث فى بيت السياسة 1983.

([7]) دراسات في مسرح السيد حافظ .ج2. ص.70.

([8]) المرجع السابق.ص.48.

([9]) علي بابا : السيد حافظ.دار آزال ، لبنان.ط.1. 1990.ص.15.

([10]) القصص الشعبية في ألف ليلة و ليلة في مسرح الكويت : فاطمة حاجي .ص.103.

([11]) الأشجار تنحني أحيانا: السيد حافظ 0ص.ص. 345/346.

([12]) مثل مسرحية أولاد جحا ومسرحية لولو والخالة كوكو ومسرحية فرسان بني هلال، مسرحية بيبي والعجوز ، ومسرحية بنت السلطان والأشرار ، ومسرحية قميص السعادة.

([13]) مسرحية الأميرة حب الرمان وخيرزران: السيد حافظ. العربي للنشر والتوزيع. القاهرة .ط.1 .1996.ص.5.

([14]) المصدر نفسه.ص.44.

([15]) الأميرة حب الرمان وخيزران: السيد حافظ.ص54.

([16]) م.ن.ص.11 .

([17]) الأميرة حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص.28.

([18]) م.ن.ص.16.

([19]) م.ن.ص.24.

([20]) م.ن.ص.32.

([21]) م.ن.ص.40.

([22]) م.ن.ص.ص.73/72.

([23]) الأميرة حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص.13.

([24]) حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص.13..

([25]) م.ن.ص.16

([26]) حب الرمان وخيزران : السيد حافظ.ص.14.

([27]) م.ن.ص.18.

([28]) م.ن.ص.22.

([29]) م.ن.ص.24.

([30]) م.ن.ص.ن.

([31]) م.ن.ص.30.

([32]) م.ن.ص.13.

([33]) م.ن.ص.ن.

([34]) الأميرة حب الرمان وخيزران : السيد حافظ .ص.14.

([35]) م.ن.ص.15.

([36]) م.ن.ص.13.

([37]) م.ن.ص.ن.

([38]) م.ن.ص.18.

([39]) م.ن.ص.28.

([40]) م.ن.ص.ن.

([41] ) م.ن.ص.28.

([42] ) م.ن.ص.29.

([43]) م.ن.ص.7.

([44]) م.ن.ص.11.

([45]) م.ن.ص.13.

([46]) م.ن.ص.36.

([47]) م.ن.ص.39.

([48]) م.ن.ص.43.

([49]) م.ن.ص.ن.

([50]) الأميرة حب الرمان وخبزران : السيد حافظ .ص.ص.45/43.

([51]) م.ن.ص.76.

([52]) م.ن.ص.23.

([53]) م.ن.ص.25.

([54]) م.ن.ص.35.

([55]) م.ن.ص.ص.68/67.

([56]) م.ن.ص.68.

([57]) م.ن.ص.70.



 

 

 

 





  

 Leila Benaicha (m) Gouali

أستاذة محاضرة بجامعة سطيف ومذيعة سابقة بالإذاعة الجزائرية

 

حاصلة على شهادة الدكتوراه في الفنون الدرامية.

حاصلة على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية 2011.

تشغل حاليا منصب أستاذة محاضرة (أ) بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب واللغات بجامعة محمد لمين دباغين سطيف.

حاصلة على أربع شهادات خبرة في مجال الإعلام والاتصال بالتنسيق بين الإذاعة الجزائرية ومنظمة اليونسكو 2002/2001/2000/1997.

عضو مخبر أرشفة المسرح الجزائري بجامعة السانية وهران.

عضو هيئة تحرير مجلة فضاءات المسرح الصادرة عن نفس المخبر.

رئيسة فرقة بمخبر اتجاهات النقد المعاصر بكلية الآداب واللغات جامعة سطيف.

عضو لجنة القراءة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015.

رئيسة الملتقى العلمي للمسرح الأمازيغي بباتنة دورات 2015/2014 /2013/2012.

رئيسة ورشة تقنيات الكتابة الدرامية وأصولها بأكثر من مهرجان..

عضو لجان تحكيم بأكثر من مهرجان مسرحي وطني.

عضو لجنة جائزة فخامة رئيس الجمهورية علي معاشي للمبدعين الشباب دورتي 2016/2017.

صدر لها أول كتاب عن التجريب في المسرح بعنوان التجريب في مسرح السيد حافظ سنة 2005م بالقاهرة.

وكتاب مخطوط عن نقد النقد المسرحي قراءة في تجارب بعض النقاد المسرحيين العرب .

ومخطوط بعنوان: البحث عن المسرح الحلم مقاربة تأويلية.. .لها عدد من المسرحيات قيد الطبع.. محاكمة نسوية ، أنوثة مصادرة ،سوق النساء ،السوق نتسذنان، أمغار تامنوكالت باللغتين الأمازيغية والعربية..

أعدت واقتبست عددا من النصوص العربية والعالمية من بينها لعبة السلطان والوزير لعبد الله البوصيري والتي أسمتها زيدني نزيدلك المشاركة في مهرجان المسرح العربي بالكويت2016..

ومسرحية التقرير: إكرفالن عن ذكرى سنوية لتشيكوف ، ومسرحية بوسعدية عن نص بابا مرزوق ليحي موسى..

نالت مسرحيتها ورنيد أكيدرنيغ جائزة أحسن عرض متكامل في مهرجان المسرح الأمازيغي بباتنة الجزائر دورة 2014.

نالت جائزة أحسن نص عن مسرحية "ورنيد أكيدرنيغ" في نفس الدورة .

شاركت في عدد من الفعاليات الثقافية وفي عدد من الملتقيات الدولية والعربية منذ 2005 حتى الآن.

مشرفة ومعدة لبرنامج منمنمات ثقافية بالتنسيق مع المسرح الجهوي بالعلمة 2017

للباحثة عدد من المقالات في النقد المسرحي والدرامي التلفزيوني..على صفحات المجلات الفنية العربية والمجلات الأكاديمية المحكمة

شاركت الباحثة في إعداد دراسات متنوعة في عدد من المشاريع البحثية المعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالجزائر وجلها عن المسرح وقضاياه في الجزائر والوطن العربي .

 

رقم الهاتف: 0021392392448 / 00213796147746

Email:leila_benaicha@yahoo.fr

 

 




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More