(224 )
قراءة في قصة
بقلم د . ليلى بن عائشة
? لك النيل والبحر والهرم يا أميرتي ?
دراسة من كتاب
تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
قراءة في قصة
بقلم د . ليلى بن عائشة
? لك النيل والبحر والهرم يا أميرتي ?
للكاتب : السيد حافظ
سطيف – الجزائر
?
حينما يُختزل الزمن والتاريخ في لحظات أقرب إلى الهلوسة منها إلى الحقيقة أو ربما هي الحقيقة التي تدعو إلى الهلوسة.... واقع لا يصدق... هل هو الصادق الوحيد والجريء المتفرد الذي لا يخشى شيئا ؟؟؟؟!!!!...هو كذلك حتما وكل الشرفاء يجزمون بذلك غير أنهم لا يعترفون إلا قلة منهم (قال فوزي فهمي: يا سيد أنا قلت لبنت في الجامعة الأمريكية لو عايزة تعملي دكتوراه في المسرح التجريبي اعملي عن السيد .
هو الوحيد اللي حقيقي. أنا خلصت ضميري قدام الله) ص.4.
... أما الفاسدون أقصد الفاجرون... . فقد قهرهم بالحرف والكلمة... . ما أجمل الحرف النقي والكلمة الصافية حينما تعلو دون أن يحول دونها حائل... أو أن يعوق انتشارها قانون أو قوانين أيا ما كانت هذه القوانين حتى الفيزيائية منها، تلك المتحكمة في حركة الصوت والضوء... النور والحقيقة هما ما يحترفهما عاشق الحرف هذا.. هذا الرجل الذي لا يحيد عن الحقيقة ولا يشيح بوجهه عن النور المشع... الذي ينبثق من ذاته... ولا يأبى إلا أن ينشره كمن ينشر النبوءة أو الرؤيا... مهما كانت العوائق ..
لقد كان والده حتما محقا في تسميته بالسيد (قال أبي سموه "السيد" تيمنا بالشيخ "السيد البدوي"صوفيا .. شيخا مهابا .. وقورا .. نبيلا .. شامخا يأتي بالمعجزات .. يسير فوق الماء و يأمر السحاب و ينقذ العذارى في عيد وفاء النيل .. يأمر النيل أن يجري فيجري وأن ينهض فينهض فيصبح نافورة لعنان السماء.. ).(ص1) غير أن معجزاته كانت الكلمة والحرف المشرق الذي ينير دروب الذين ضلوا السبيل... لقد ظل هذا الرجل نبيلا وفيا لمبادئه ولقلمه طيلة مساره الإبداعي، شامخا لا يرضخ (قال مسئول الصفحة الثقافية في جريدة كبرى: ما هذا الذي تريدني أن أنشره.. هذه ليست قصة هذه دردشة..
قلت: دردشة. فرفشة. نعنشة. فضفضة, هلوسة. هي الوطن. هذا ما أكتبه يا سيدي هي قصة الوطن.
أكتب الوطن قصة أو قصيدة. أو مقالة أو....
أنا و الوطن.. أنا الوطن.. الوطن أنا.
تنشرها أم لا؟
قال: لا طبعا و ضحك و هو يرتشف الشاي.
صرخت في وجهه:
شكرا يا ابن الكلب) ص(6)
هذا الرجل يدرك جيدا ما يكتبه.. يفقه تاريخ مصر.. أفضل من المؤرخين... لا زيف في الحقائق التي يقدمها للمتلقي... وكأنه يعرف مصر شبراً شبراً ويعرف أهلها فرداً فرداً منذ عهود ما قبل التاريخ (كدت أقول يعرف مصر.. دار دار.. زنقة زنقة.. بيت بيت.. فرد فرد.. شبر شبر...)أو إنه عاش في كل العصور وأدرك حقيقة ما تعرّض له الوطن وأشرافه وشرفاؤه (جدي الفرعوني الأول قُتِل و جدي المسيحي صلبه الرومان و جدي المسلم نصَفَهُ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعد أن صفعه عمرو بن العاص..
و جدي الآخر كان شاعرا فحلا. لكن كافور الإخشيد. ظلمه. شتمه. قام جدي و كتب قصيدة و سجل تاريخ كافور الأغبر. الأشرس. وقال هذا عصر الخصيان. و... و.... و.... . و... حبسوا جدي في عصر الإخشيد.. إلي أن جاء المتنبي و ربت على كتفه وسمع أشعاره وأثنى عليه وأعطاه بعضا من المال من التي حصل عليها من كافور والتي حصل عليها كافور من بيت المال والتي سرقها هو ومحمد بن طغج الإخشيد من المصريين). (ص 3) ولاشك أن التاريخ يعيد نفسه وهي إشارة صريحة إلى أموال الشعب المصري التي نهبت وتنهب باستمرار...
... سلاح هذا الرجل ليس مدفعا أو كلاشينكوف لكنه بالكلمة يحيي ويميت؛ يحيي الضمائر والقلوب الميتة، ويرعب حد الموت النفوس الفاسدة، خفافيش الظلام ومصاصي دماء الشعب المصري .. يدافع عن الحق ويعلي كلمته، ويُنْزِلَ الزيف والضلال من عليائه إلى الدرك الأسفل... جاءت أنظمة وسقطت أنظمة.. وثارت ثورات وخمدت أخرى.. وجاءت ثورة يناير والسيد حافظ هو السيد حافظ سيد نفسه ثابت على مواقفه لم يُشترَ قلمه ولا ذمته بالدرهم أو الدينار أو الدولار (قالت الأميرة العربية الخليجية:
كيف ترفض أن تعمل عند أميرة خليجية. يا صعلوك يا حقير
قلت لها:
أنا حفيد الفرعون ملك مصر العظيم أول الملوك و لست من هؤلاء المصريين من أصل المماليك.
ضحكت سبتني.. و أغلقت الهاتف). (ص3)
... لم تغره المناصب ولا النساء...غير أنه أحب ويحب النساء.. لكن ليس كل النساء .. لذا أهدى المرأة العربية النيل والبحر والهرم( قلت لها... وأنا أداعب شعرها..
لك النيل و البحر و الهرم يا أميرتي..
قالت و هي بتضحك:
"ايش فيك اتينت (اتجنيت) أنت تعطي نيل مصر والبحر المتوسط والأحمر والهرم لي"
قلت: نعم. أنا نسل الفراعنة أنا جدي فرعون الأول.. ). ص4. غير أن ذلك يعكس حبه لوطنه ولبلده مصر كغيره من الشرفاء .. لأنه المواطن الحق الذي يغار على أرضه وعرضه،... وبأفق استشرافي يهدي النيل والبحر والهرم لكي لا يباع الوطن بنفائسه تلك من قبل الخونة، كما هو مصير الكثير من البلاد العربية التي تغتصب بل تباع تحت كثير من المسميات (خذيه يا أميرتي قبل أن يبيعوه للأجانب أحفاد الرومان و اليونان والتتار والبيزنطيين....
خذيه يا أميرتي.. إنني أمنح كل النساء الجميلات العربيات ما أملك. النيل و الأهرام و البحر و الحقول...
الكل يا جميلة اتفق علي أن يكون اسمي "مواطن".
مواطن عادي.. قلت لها خذيه. أنا ملك فرعوني و أنت أميرة عربية. أنا فرعون عربي. أصبحت عربيا). (ص.4)
لم تثني من عزيمة السيد حافظ المكائد والمصائب بل ظل صامدا ومبدعا: (قالت حمدية صقر رئيسة الرقابة:
علي جثتي يطلع لك عمل في التليفزيون.
قال يحيي العلمي:
علي الطلاق ما أنت داخل التليفزيون تاني....
قالت آمال مراد في تقرير سري: امنعوه من العمل.. إنه مشاكس
قال يوسف شعبان: أنا نقيب الفنانين مش خدام عندك أجيبلك فلوسك من منتج حرامي.
قال المنتج عادل حسني و أنا نائم على السرير في المستشفي:
لن أدفع لك باقي حقك ثمانية وعشرين ألف جنيه.. اخبط دماغك في الحيط. اشتكيني في المحكمة.) (ص.5)
لقد استمر السيد حافظ على نضاله حتى في أحلك الظروف يدافع عن نفسه وعن غيره ولا يزال كما نستقرئ ذلك من إبداعاته ومن هذا العمل تحديدا(قال عبد الغفار عودة.. يا سيد أنت مجنون تريد حقوق المؤلف المسرحي في مصر.. كان غيرك أشطر. هذا البلد يحكمه العشوائية كافح وأنا معك. كافحت كافحت... مات عبد الغفار عودة.... وأنا أكافح من أجل حقوق المؤلف. وحقوق الإنسان) (ص 3)
ومن الواضح بما لا يدع مجالا للشك.. أنه لم ولن يتراجع عن مواقفه، ولن يحد من عزيمته أي شيء،ولم ولن تقهره الصعاب والعوائق وهذا ما يتضح من سجله النضالي الإبداعي. ولعل أجمل ما في كتاباته على الإطلاق هو النفس الطويل في النضال والكفاح من أجل إعلاء الحق.. إلى جانب حبه الرهيب للإنسان عموما،وللإنسان المصري أيا ما كانت ديانته أو أصله، (قال مجدي رزق: اليوم زواج أخي نظمي رزق من تريز دميان تيجي الكنيسة قلت أحب الكنيسة.. كما أحب الجامع.. وذهبت.. حتى يهود مصر أحبهم).(ص3)
فكتاباته إذا هي كتابات للإنسان أينما كان .. هي صفحة مشرقة من صفحات التحدي والمقاومة لكل أنواع الطغيان والفساد من حياة السيد حافظ يرويها عبر "لك النيل والبحر والهرم يا أميرتي" ويستمر على عهده بالنضال رغم النصائح.. (قال عبد الغني داوود: يا عم سيد لحد امتى هتفضل تجاهد).ص.5.
هو باختصار كاتب إستثناء في زمن لا يعترف بالإستثناء المميز والإبداع المبتكر الخلاّق .. بل يعترف فقط بالقاعدة الخاطئة والإستثناء الذي يؤكدها ولا ينفيها أو يبرز ضعفها... هو تاريخ وطن مختزل في تاريخ شخص، أو هو تاريخ شخص يختزل تاريخ وطن بأكمله (أكتب الوطن قصة أو قصيدة. أو مقالة أو.... أنا و الوطن.. أنا الوطن.. الوطن أنا) (ص 6)
.... ومن المؤكد أنه كاتب سبق زمانه بأزمنة، واستشرف واقع زمانه بدهور، وهذا ما تؤكده إبداعاته على الدوام وإذا شككتم في ذلك اقرأوا كتاباته من الآن الأول لبدئها إلى الآن الآني لتكتشفوا ذلك بأنفسكم.
Leila Benaicha (m) Gouali
أستاذة محاضرة بجامعة سطيف ومذيعة سابقة بالإذاعة الجزائرية
حاصلة على شهادة الدكتوراه في الفنون الدرامية.
حاصلة على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية 2011.
تشغل حاليا منصب أستاذة محاضرة (أ) بقسم اللغة العربية وآدابها كلية الآداب واللغات بجامعة محمد لمين دباغين سطيف.
حاصلة على أربع شهادات خبرة في مجال الإعلام والاتصال بالتنسيق بين الإذاعة الجزائرية ومنظمة اليونسكو 2002/2001/2000/1997.
عضو مخبر أرشفة المسرح الجزائري بجامعة السانية وهران.
عضو هيئة تحرير مجلة فضاءات المسرح الصادرة عن نفس المخبر.
رئيسة فرقة بمخبر اتجاهات النقد المعاصر بكلية الآداب واللغات جامعة سطيف.
عضو لجنة القراءة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015.
رئيسة الملتقى العلمي للمسرح الأمازيغي بباتنة دورات 2015/2014 /2013/2012.
رئيسة ورشة تقنيات الكتابة الدرامية وأصولها بأكثر من مهرجان..
عضو لجان تحكيم بأكثر من مهرجان مسرحي وطني.
عضو لجنة جائزة فخامة رئيس الجمهورية علي معاشي للمبدعين الشباب دورتي 2016/2017.
صدر لها أول كتاب عن التجريب في المسرح بعنوان التجريب في مسرح السيد حافظ سنة 2005م بالقاهرة.
وكتاب مخطوط عن نقد النقد المسرحي قراءة في تجارب بعض النقاد المسرحيين العرب .
ومخطوط بعنوان: البحث عن المسرح الحلم مقاربة تأويلية.. .لها عدد من المسرحيات قيد الطبع.. محاكمة نسوية ، أنوثة مصادرة ،سوق النساء ،السوق نتسذنان، أمغار تامنوكالت باللغتين الأمازيغية والعربية..
أعدت واقتبست عددا من النصوص العربية والعالمية من بينها لعبة السلطان والوزير لعبد الله البوصيري والتي أسمتها زيدني نزيدلك المشاركة في مهرجان المسرح العربي بالكويت2016..
ومسرحية التقرير: إكرفالن عن ذكرى سنوية لتشيكوف ، ومسرحية بوسعدية عن نص بابا مرزوق ليحي موسى..
نالت مسرحيتها ورنيد أكيدرنيغ جائزة أحسن عرض متكامل في مهرجان المسرح الأمازيغي بباتنة الجزائر دورة 2014.
نالت جائزة أحسن نص عن مسرحية "ورنيد أكيدرنيغ" في نفس الدورة .
شاركت في عدد من الفعاليات الثقافية وفي عدد من الملتقيات الدولية والعربية منذ 2005 حتى الآن.
مشرفة ومعدة لبرنامج منمنمات ثقافية بالتنسيق مع المسرح الجهوي بالعلمة 2017
للباحثة عدد من المقالات في النقد المسرحي والدرامي التلفزيوني..على صفحات المجلات الفنية العربية والمجلات الأكاديمية المحكمة
شاركت الباحثة في إعداد دراسات متنوعة في عدد من المشاريع البحثية المعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالجزائر وجلها عن المسرح وقضاياه في الجزائر والوطن العربي .
رقم الهاتف: 0021392392448 / 00213796147746
Email:leila_benaicha@yahoo.fr
تصنيف :
0 التعليقات:
إرسال تعليق