Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

231 رحلة فى سيمفونية السيد حافظ بقلم يوسف عبد المسيح ثروت

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 231 )

 رحلة فى سيمفونية السيد حافظ

بقلم

يوسف عبد المسيح ثروت


دراسة من كتاب

  تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة
 
                    السيد حافظ نموذجا  

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى



رحلة فى سيمفونية السيد حافظ

بقلم

يوسف عبد المسيح ثروت

الطليعة الأدبية – 1981 

تتكون (سيمفونية الحب) للأديب السيد حافظ من اثنتى عشرة نغمة قصيرة قوية.

تبدأ السمفونية بلحن (الثمن) الذى يحكى قصة امرأة صماء خرساء أمية أصيبت بمرض منذ سنوات لا تستطيع الكلام، متزوجة من خمسة رجال. ولأن هذا لا يجوز من الناحية الشرعية، فقد دخلوا السجن جميعاً، أما المرأة فقد قال عنها وكيل النيابة إنها شريفة.

وسواء كانت هذه المرأة تمثل الوطنية أو الكرامة أو الحرية، لقد كان ينبغى على الكاتب أن يكشف لنا الغطاء عن سلوك كل زوج وتصرفاته، والأهم من ذلك كله الأسباب التى دفعته للزواج من هذه الصماء الخرساء.

ثم – بعد ذلك – هل المرأة الخرساء الصماء الأمية لا تستطيع أن تقاوم؟! فى رأيى أن هذه المرأة – بالوضع الذى هى عليه فى القصة – مجرمة أيضاً، بل إنها أول المجرمين، لأنها لم تفعل شيئاً على الإطلاق ينقذها من هذا البلاء. ولو أن الكاتب جعل العلاقة بينها وبين كل واحد من الرجال الخمسة علاقة اغتصاب بالقوة. تقابلها مقاومة من المرأة تنتهى بالهزيمة لكان هذا أقرب إلى الواقع وأفضل.

وقصة (الموقف العادى) تروى حكاية المرأة التى يحبها، والتى تعشق بدورها الثراء، وتعيش فى عالم ساذج، وتحلم بالسيارة والنادى والفخامة والأناقة أما هو فيحب الناس والفلسفة والتاريخ والفن، واللوحات، ويحاول أن يخرجها من عالمها الساذج إلى عالمه الفسيح، ويبذل جهده فى أن يمنعها من الذهاب إلى (س، ص) من صديقاتها لأنهما ترحلان فى سيارة اللذة. وتأكلان التوافق ضحكات، والعالم عندهما وسيلة لغاية الثراء والمتعة مع النبلاء.

وكما يخيل إلينا فإن المرأة هنا هى مصر، ولكن يبقى أن نقول للمؤلف إنك لم تبين لنا الأسباب التى دفعتها لأن تعشق المال. وأن تعيش فى عالم ساذج، وأن تحلم بالسيارة والنادى والفخامة والأناقة، ثم لماذا ننكر عليها مثل هذه التطلعات؟! وهل حب الفلسفة والتاريخ والفن اللوحات إلا وسيلة لتحقيق مثل هذه الأشياء؟!

ثم – فوق هذا وذلك – هل يستطيع أحد أن يقبل على قراءة الفلسفة والتاريخ والفن، وأن يتذوق اللوحات إلا إذا كان لديه الحد المعقول من هذه الأشياء التى تطمح فيها حبيبتك.

والغريب أن الكاتب قد أكد ذلك فى قصة أخرى، عندما قال:

هل تعرف دستوفيسكى؟

الأسعار مرتفعة بشكل مفزع.

هل تدرى ما سر الموسيقى الأوروبية؟

جوربى ممزق، والمدينة بطنها حاوية.

يا جاهل الحوار معك شىء مؤسف.

هل تعرف كم إيجار الشقة الآن؟

ولقد كنا نتمنى من بطل القصة ألا يستسلم للأمر الواقع، هذا إذا كان يحبها فعلاً ويخاف عليها.

وعلى الرغم من ذلك فإن القصة لا تخلو من ومضات قوية، ويكفينا أنها بينت لنا الصراع والقلق الذى يعيشه الكاتب:

(شربت الشاى. حدثنى أخوها عنها حدثته عنى، حدثنى أخى عن الحذاء الذى تمزق بعد شرائه بأسبوع. العلم نور.. العلم نور والنور صعب. وأنا لا أستطيع أن أعرف الصعاب فى نفسى – فنفسى قلقة. فيا نفسى اطمئنى واحملينى يا حبيبتى من رحلة الصعاب).

إن القارئ يستطيع أن يلمس بسهولة الانتقالات السريعة جداً، والتى تصور بلا شك نفسية المؤلف.

ثم تأتى (سمفونية الحب فى ثلاث حركات) لتؤكد ما قلناه من لحظة واحدة. إنها تعبير عن القلق والتمزيق والتشتت الذى يعيشه هذا الجيل، الذى يحاول أن يصنع شيئاً فيجد الضغط عليه من كل ناحية، ضغط السلطة، وضغط الأحداث.

ولكن القصة انتهت فى الحركة الثالثة بموقف جنسى صارخ، ونحن لا ندرى هل هذا الحل هو الذى ارتضاه المؤلف؟ وهل هذه هى النهاية التى ينبغى.

ويلاحظ أن القاص استخدم الحوار باللغة العامية، وأنا شخصياً لا أحبذ هذا ابداً، وأرفضه على طول الخط، لأن الإلتزام بالفصحى فى الأسلوب يرفع المنزلة الأدبية للقصة، ويمنحها ميزة الإنتشار على مستوى الأمة العربية كلها، وكاتب متمكن كالسيد حافظ كان يستطيع أن يحقق هذه الغاية بكل سهولة.

أما قصة حروف من يوميات مهدى أفندى، فإنها تعبر عن الظروف القاسية والأحوال الطاحنة التى تطارد الناس فى كل مكان، وقد أشار المؤلف إلى ذلك بالدم الذى يطارد مهدى أفندى فى كل مكان. وفى كل وقت، فى بيته، وفى مكتبته، عندما يغتسل، وعندما يشرب.

ويلاحظ فى هذه القصة أن نزول الدم كان مصاحباً للسماح بالتصدير والإستيراد ولا شك أن فى هذا تأييد لوجهة النظر التى تقول إن التصدير والإستيراد سيحمل الفقراء من أمثال مهدى أفندى أعباء مالية ضخمة لن تستفيد منها إلا طبقة معينة هى طبقة الأغنياء القادرين.

وقصة نفوس ودروس من سلسلة البحوث السلطانية الغورية فى بلاد مصر. تروى حكاية رجل فقير فى زمن السلطان قنصوة الغورى، قبض عليه فى الأسبوع الأول، وضرب علقة، وحلق شعره، لأنه يرتدى جلباباً أبيض، فى الوقت الذى كان ينبغى فيه أن يرتدى الملابس السوداء، لأن السلطان عيناه مصابة بألم شديد.

وفى الأسبوع الثانى يعود إلى السجن لأنه يرتدى الملابس السوداء فى الوقت الذى كان ينبغى فيه أن يرتدى الملابس البيضاء ويرقص ويغنى ويعلق الأعلام على بيته لأن السلطان شفى.

وفى الأسبوع الثالث سار عارياً، يهتف بحياة السلطان، وشفاء السلطان، فلما قبضوا عليه ذهبوا به إلى السلطان قال له:

أى الألوان تحب يا سيدى؟

 ضحك السلطان وقال :

عينوه قاضى القضاة.

والقصة بحق جميلة، والإيحاء فيها واضح، فالشعب ينبغى أن يكون فى خدمة السلطان، هذا وإلا حدث له ما لا تحمد عقباه، والذى يصفق للسلطان، ويهتف بحياته، يصير قاضى القضاة بصرف النظر عن مؤهلاته وكفاءاته.

ولكن يبقى أن نقول إن شخصية هذا الرجل الفقير شخصية مسطحة جداً، لم يرنا المؤلف منها إلا ظاهرها فقد، فى الوقت الذى كان ينبغى فيه أن يغوص فى داخلها، ليخرج لنا ما فيها من إحساسات ومشاعر تولدت بالضرورة عن هذا الظلم والقهر. وكان بمقدوره ذلك عن طريق حوار يجريه بين الرجل نفسه، أو بين الرجل وزوجته أو أحد أولاده.

وقصة أشياء تحلم الهجرة كان من الممكن أن تكون أكثر جمالاً وروعة، لو أن المؤلف بين الدوافع التى دفعت الأشجار والطيور والجبل ومريم إلى الهجرة، وهل هى هجرة مؤقتة أو هجرة دائمة.

والوصول إلى ذلك سهل وميسور عن طريق حوار يدور بين الأشياء المهاجرة ومحمد فاروق الذى بقى وحده.

وقصة (وقعة الوقائع فى مدينة القطائع) التى قبض فيها على سرحان، ووضع فى السجن لأنه أنقذ الطفل من الكلب، فى الوقت الذى تمنع فيه البلاد الناس من التعرض للكلاب. لم أفهم السر فى العلاقة التى أقامها المؤلف بين الكلب وكلب أهالى الكهف عندما يقول:

(خرج أهالى الكهف القصر من جناح الظلمة، تأبطوا حقد السنين التى حبسوا فيها، ورغرغة فى فم كلبهم تزداد.. 

فى أهل الضاحية ضباب الخطايات.. وحدثوهم عن عالم البراءة.. عصفورة تنتزع الطهر من فهم البراءة).

حقيقة لم أجد سركاً لهذه العلاقة، لأن ما نعرفه عن أهل الكهف وكلبهم يختلف كلية عن هذه القصة، ثم العلاقة بين جملة (ونشروا فى أهل الضاحية ضباب الخطايات) وما بعدها، وفى قصة (عندما دقت الساعة العاشرة من صباح أحد الأيام) تحكى قصة محسن فريد مدرس التاريخ الذى طورد لأنه لا يلتزم بما فى كتاب الوزارة، إيماناً منه بأن التاريخ خطأ ولابد من تصحيحه، ولما أرادت السلطة إرغامه على ذلك رفض وانتحر ولكن القصة تنتهى نهاية رائعة عندما يظهر بدلاً منه محسن فريد آخر يحل محله ويواصل المسيرة من بعده.

ولكن هذه القصة قد أكدت لدى شيئاً، هو أن معظم أبطال قصص السيد حافظ شخصيات هشة ضعيفة، سرعان ما تستسلم وترضى بالأمر الواقع.

فبطلة.. (الثمن) انتهك عرضها خمسة رجال، وقت واحد، ولم تفعل شيئاً لأنها صماء خرساء لا تتكلم.

وبطل (الموقف العادى) تخلى عن حبيبته لمجرد أنها تحب السيارة والنادى والفخامة وعصام بطل (سيمفونية الحب فى ثلاث حركات) انتهى به الكفاح إلى موقف جنسى حيوانى.

(وحروف من يوميات مهدى أفندى) انتهت ببكاء البطل مهدى أفندى. وبطل (نفوس ودروس من سلسلة البحوث السلطانية الغورية فى بلاد مصر) انتهت بأن خلع بطلها ملابسه جمعيها، وسار عارياً يهتف بحياة السلطان وشفاء السلطان وفى (أشياء تحلم بالهجرة) انتهت بهجرة الأشجار والطيور والجبل ومريم.

وبطل (عندما دقت الساعة العاشرة من صباح أحد الأيام) انتحر فى النهاية.

أما بالنسبة للرمزية فى قصص السيد حافظ، فإنى أضم صوتى إلى صوت الأستاذ عبد الحميد حسن صاحب كتاب الأصول الفنية للأدب وأقول:

(إن للأدباء أن يسلكوا فى تعبيرهم وفى الإفصاح عما تكن صدورهم المسلك الذى يتخيرونه ويرتضونه، وليس لنا أن نقيدهم فى تفكيرهم أو فى أساليبهم، ولا أن نحظر عليهم أن يستخدموا الرمز بدل التصريح، إذا رأوا فى ذلك جمالاً وبراعة واستمتاعاً بحرية التعبير، ولكن الذى نطالبهم به أن تكون طريقتهم الرمزية مستساغة، وألا يسرفوا فى الإغراب والتعمية، وأن يراعوا أن الرمزية نوع من التعبير ينبغى أن تكون فى متناول الفهم الإنسان. وأن توافق الأصول النفسية للتفكير وللعقل الواعى، وبذلك يكون هذا الأسلوب بعيداً عن الشطط، محققاً لما ينشد الأدب والأدباء من غايات).


?



 





0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More