دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
(208 )
التناص والتغير الاجتماعي
فى نصوص السيد حافظ
بقلم دكتورة : لبلبة فتحى
دراسة من كتاب
رؤية النقد لعلامات النص المسرحي
لمســـرح الطــفل فى الوطن العربى
"الجزء الثانى"
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
التناص والتغير الاجتماعي
فى نصوص السيد حافظ
بقلم دكتورة : لبلبة فتحى
بحث مقدم من قبل الباحثة
مديرية التربية في محافظة كربلاء المقدسة(العراق)
قسم الإعداد والتدريب
1436 هـ كربلاء 2015م
ملخص البحث :
يعنى هذا البحث بدراسة : لغة الحوار في نصوص السيد حافظ المسرحية ويقع في أربعة فصول : الأوَّل (الإطار المنهجي) يتضمن مشكلة البحث والحاجة إليه والمتركزة بالاستفهام الآتي : ( كيف تم بناء لغة الحوار في نصوص (السيد حافظ) المسرحية ؟ في حين تجلت أهميَّة البحث بوصفه يقدم جهداً معرفياً متواضعاً لطلبة كليات الفنون الجميلة , ومعاهدها , وللباحثين , والدارسين , والمهتمين في مجال التمثيل المسرحي والأدب والنقد المسرحي , فضلاً عن إفادته مديريات التربية والشعب المسرحية في الأنشطة المدرسية
أما هدف البحث فقد تلخَّص في تعرف ( لغة الحوار في نصوص السيد حافظ المسرحية المخصصة للأطفال) . واقتصرت حدود البحث على المدة الزمنية(1990 - 2014 م ) واختتمت الباحثة الفصل بتحديد وتعريف المصطلحَات : (لغة الحوار ) .
ثم دونت الباحثة الفصلُ الثاني (الإطارُ النظري والدراسات السابقة) والذي تحدثت فيه في المبحث الأول عن : لغة الحوار . أما المبحث الثاني فتحدث عن : لغة الحوار في نصوص مسرح الطفل . ومن ثم جاءت المُؤشِّراتِ التي أسفرَ عنها الإطارُ النظري , لتخلصَ الباحثة بعدَ ذلك إلى الدراسات السابقة ومناقشتها.
أما الفصل الثالث فقد تخصص في ( إجراءات البحث) ، إذ حدَّدَت الباحثة فيه عينة بحثها , وقد استندَت الباحثة على ( أداة ) في عملية التحليل , مستندة إلى منهج.
ودرست الباحثة في الفصلِ الرابعِ : نتائجَ تحليلِ العيِّنة المُختارَةِ ومُناقشتها لتخلصَ إلى جملةٍ من الاستنتاجاتِ التي بنيت على ما ظهرَ من نتائج ، وقد أوصت الباحثة ببعضِ التوصياتِ وقدَّمَت المُقترحات . وفي ختام البحثُ دونت الباحثة المصادرِ التي اعتمدت عليها في عمليتها البحثية .
الفصل الأول : الإطار المنهجي .
أولاً : مشكلة البحث والحاجة إليه .
ثانياً : أهمية البحث .
ثالثاً : هدف البحث .
رابعاً : حدود البحث .
خامساً : تعريف المصطلحات .
أولاً – مُشكلة البحث والحاجة إليه :
Problem of the search and the needed it.
أكدت الدراسات الإنسانية والأبحاث قدرة الدراما على ان تلعب دوراً فاعلاً في تنمية ذهن المتلقي ومخاطبة تفكيره ووجدانه الإنساني بتوسيع مدركاته الحسية والفكرية. ولهذا يعد مسرح الأطفال مؤسسة ثقافية اجتماعية تمارس دوراً مهماً في تهذيب الجانب المعلوماتي . بالإضافة إلى تنمية الحس الجمالي لدى الأطفال .
والى جانب دور مسرح الطفل العلمي والأخلاقي فإنه يضيف للطفل مناظر ومشاهدات وأفعال, لذا تقع المسئولية على القائمين على مسرح الطفل وإمتاعه بهدف إيصال فكرة أو موقف فيه حكمة أو معلومة , تؤثر في الطفل ليعمق تفكيره واستيعابه وينمي شخصيته, إذا" تؤثر المسرحية في الطفل حيث تسهم في إغناء وعيه ونموه , وزيادة ثروته من الكلمات والصور والمعاني والحركات والرموز" ([1]).
لهذا حرص مؤلفو دراما الطفل على تقديم نصوص مسرحية تحقق بعداً جمالياً ومعرفياً من خلال بناء درامي متميز بكل عناصره (الفكرة , الحبكة , الحوار , الشخصية , الزمان , المكان) وتعد( لغة الحوار) من العناصر المهمة التي تربطها جميعاً بعلاقات قوية فالحوار في النص الدرامي لمسرح الطفل يمثل الأداة التي يتم بواسطتها محاكات الفعل وهذه اللغة لها خصائص تميزها عن غيرها بحيث تتفق مع الخصائص التي قررها علماء اللغة عند الأطفال .
وتختلف (لغة الحوار) من كاتب لكاتب فقد يكون الحوار واضحاً أكثر , وقد يكون بارعاً بشكل يلفت النظر , ومن الذين تناولوا مسرح الطفل بالاهتمام هو الكاتب المصري"السيد حافظ" , مما تقدم حددت الباحثة مشكلة بحثها في السؤال الآتي:
كيف تم بناء لغة الحوار في نصوص السيد حافظ المسرحية ؟ .
ثانياً - أهمية البحث : Significance of the search
تتجلى أهمية البحث في تسليط الضوء على لغة الحوار في نصوص السيد حافظ المخصصة لمسرح الأطفال, وذلك بتقديمــه جهداً معرفيـاً , لطلبة كليات الفنون الجميلة , معاهدها , الباحثين , الدارسين , المهتمين في مجاليَّ التمثيل المسرحي والأدب والنقد المسرحي , هذا فضلاً عن إفادته مديريات التربية والشعب المسرحية في الأنشطة المدرسية .
ثالثا ً- هدف البحث : Objective of the search
يهدف البحث إلى تعــرّف :
( لغة الحوار في نصوص السيد حافظ المسرحية المخصصة للأطفال)
رابعا ً- حدود البحث :Limitation of The Research
الحد المكاني : مصر _ القاهرة .
الحد الزماني : 1990 - 2014 م .
الحد الموضوعي : دراسة لغة الحوار في نصوص السيد حافظ المسرحية المقدمة للأطفال .
خامسا ً- تحديد وتعريف المصطلحات : Terminology
لغة الحوار :
أ. (اصطلاحا) :
"هي الكلام الذي تنطق به الشخصية المسرحية , يعتمد اللغة التي يفهمها المتلقين, ويجب أن يتسم الحوار بالتدفق الحيوي المتبادل بين شخصيتين أو أكثر. فالفعل الحواري, يتطلب رد فعل حواري متعلق بالأول , والثاني متعلق بالثالث وهكذا " ([2]) .
ب . (إجرائياً) :
(هي الكلمات التي يطرزها الكاتب على ورقات نصه , محملةً بمضامين فكرية وقيم أخلاقية , وقدرة توصيلية).
الفصل الثاني
( الإطار النظري والدراسات السابقة )
المبحث الأول : لغة الحوار
المبحث الثاني : لغة الحوار في نصوص مسرح الطفل
المبحث الأول : لغة الحوار
تمثل اللغة وسيلة إتصال رئيسة , تجمع بين أفراد المجتمع الواحد , بوساطتها تنتقل الأفكار , ويفهم الناس بعضهم البعض , ويتقدمون صوب المستقبل .
"هناك عدة نظريات تصدت للغة , وأهمها وأكثرها شهرة ً , هي النظرية أو الطرح الذي جاء به العالم اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير , والذي أقصى فيه اللغة عن معناها المعجمي , أي قال لا يوجد معنى معجمي للغة , وإنما سياقي, أي واقع الحال هو الذي ينتج اللغة .
لقد ذهب سوسير إلى أن اللغة هي نظام إعتباطي , لا يمكن مسكه, هي كالحجر في قطعة الشطرنج, لا يمكن أن يثبت حاله إلا بالقطع الأخرى" ([3])
ترى الباحثة أن هناك عدة خصائص للغة , هي :
1. خاصية بشرية .
2. ذات طبيعة اجتماعية .
3. ذات طبيعة صوتية .
4. ذات طبيعة توليدية .
5. ذات طبيعة هرمية .
6. نظام من الرموز الاصطلاحية .
أما عن وظائف اللغة فهي متعددة لدى علماء اللغة , يمكن أن توجزها الباحثة بما يلي:
1. وظيفة دعم عملية التفكير .
2. وظيفة تعبيرية .
3. وظيفة وصفية أو إستعراضية .
4. وظيفة التأثير أو الإقناع .
5. وظيفة تقيمية .
6. الوظيفة الإجرائية .
7. وظيفة تواصلية .
8. وظيفة تفاهمية .
9. وظيفة نقل التراث من جيل إلى آخر .
10. وظيفة إنمائية .
11. وظيفة شعرية وأدبية .
12. وظيفة مرجعية .
13. وظيفة كشف وإظهار .
14. وظيفة إخفاء وإضمار .
15. وظيفة سلطوية .
16. وظيفة معرفية .
17. وظيفة نفعية .
18. وظيفة تنظيمية .
19. وظيفة تفاعلية .
20. وظيفة شخصية .
21. وظيفة إستكشافية .
22. وظيفة تخيلية .
23. وظيفة إعلامية – إخبارية .
24. وظيفة رمزية .
25. وظيفة نفسية .
أما عن المدارس التي تصدت للغة ومكوناتها وأنظمة بنائها , فهي متعددة جميعها كانت طروحات سوسير دافع لها , من أبرز تلك المدارس التي تجد الباحثة أهمية في الحديث عنها هي ([4]) :
1. المدرسة السلوكية ( التعلم والتشريط) : تنظر إلى اللغة على أنها مجموعة من العادات كالعادات السلوكية .
2. المدرسة اللغوية العقلية : اقتصرت على ظاهر اللفظ عند التحليل , واقتصار ذلك على الصورة الصوتية .
3. مدرسة فلمور ( الإستدراك الإستدلالي ) : تعتمد على قواعد الحالة الإعرابية .
4. المدرسة المعرفية : تعتمد على تعلم وإكتساب اللغة .
5. المدرسة الوظيفية : إنصب إهتمامهم في مجال التداولية والسياق اللغوي - أي الإستعمال الفعلي للغة ضمن المجتمع .
ختاماً ترى الباحثة أن اللغة تتغير بالحوار لأن الأخير يعتمد على الحالة النفسية والتصويت بدرجة كبيرة , على عكس اللغة التي هي مكتوبة غير قابلة للتغيير لحظات أدائها.
المبحث الثاني : لغة الحوار في نصوص مسرح الطفل .
تحتاج اللغة في مسرح الأطفال إلى دراية بالغة في نفسية الطفل , ومستواه المعرفي, ومديات تقبله للأشياء من قبل الكاتب . وتكمن وراءها أهداف , تبغي رفع مستويات القدرة الذهنية والتوعوية له , وتنميتها , وإشعاره بالبهجة والسرور. ناهيك عن غرس روح المحبة والتعاون , وتقوية الروابط الإجتماعية التي يبتغيها الأباء لأبنائهم .
ومن المعطيات التي يجب أن تتوافر في شخصية الكاتب الذي يقصد فئة الأطفال:([5])
1. الموهبة والملكة الإبداعية في التأليف .
2. القدرة على التعبير .
3. أن يفهم عقلية وطريقة تفكير الطفل ويحترمها .
4. أن يعرف مرحلتهم العمرية , وكيفية التعامل معها على المستويين السيسيولوجي والسيكولوجي.
5. أن يعرف ما يشد إنتباههم , ويحرك مشاعرهم وعواطفهم .
6. أن يتحدث إليهم , وأن يسجل خواطرهم ومشاهدتهم للمسرحية .
7. مطالعة الكتب الموجهة لهذه المرحلة العمرية وفهمها بالشكل الجيد .
8. أن يكون لديه فكرة عن إخراج المسرحيات , لأن ذلك يجنبه الوقوع في الخطأ الفني .
9. أن يعرف مستويات قدراتهم اللغوية .
يذكر (يوسف رشيد جبر)" أهم سمات المسرحيات المقدمة في هذه المرحلة هي مخاطبة العقل , فتتضمن معلومات تأريخية , ودينية , وتأكيد المثل العليا, وأن تكون ذات أهداف سامية, ويزداد عند الفتيات فضولهن للمسرحيات التي تمتزج فيها العاطفة بالمغامرة, ويزداد عندهم الميل للقيم المثالية"([6]), أما (عبد الفتاح رواس قلعه جي) فيشير في كتابه إلى أن الأطفال"تبدأ لديهم جدولة المفاهيم, حسب أهميتها بالنسبة لتفكيرهم: الصداقة, الواجب, الشرف, النجاح ... ويأتي الإهتمام بالجنس الآخر , ويفضلون في المطالعة والعروض المسرحية قصص الغموض , والخيال العلمي , والفكاهة والمغامرات , وتفضل الفتيات القصص العاطفية"([7]). إن هذه الموضوعات تشمل الأطفال في المرحلة العمرية الأخيرة , أي القريبة من التحول لمرحلة الشباب , وعادة ما تكون لغة الحوار هنا مناسبة لتطلعاتهم وأحلامهم .
أما عن القيم التي تقدم من خلال مسرح الأطفال ؛ فهي كثيرة منها :([8])
1. القيم الترويحية : تعمل على تلهيتهم من خلال تمثيل الروايات , والحكايات المستلهمة عن التراث أو واقع الحال , ذات الفاعلية المسرحية الفياضة . فالمسرح جذاب لهم , وله قيمته في شغل أوقات فراغهم , وهو يفضي إلى قيم وفوائد .
2. القيم الثقافية : فالملاحظ أن المسرح لا يستهوي ميول الإنسان الذهنية فقط , بل ميوله العاطفية والجمالية , ويعمل على ترسيخ مفاهيمها .
3. القيم الإجتماعية: أي أنه يخرج الإنسان من فرديته, لا سيما إذا ما كان ذو طابع غير إجتماعي (إنعزالي) , فيتيح المسرح للعاملين فيه , فرصة طيبة جداً , للتمرس بمعيشة جماعية , تتسم بالروح الجمالية .
4. القيم التعليمية : يساهم المسرح إلى حد كبير في بناء شخصية الفتى , ورفدها بشتى أنواع المعارف , فلنطق الفتى للحوار أمام الجمهور , ومعالجة المواقف التي قد تحصل أثر أي خلل فني . يساهم في تقوية شخصية الفتى , وتحويلها من شخصية إعتيادية إلى شخصية قيادية لها دورها في بناء المجتمع .
إن لغة الحوار تلعب الدور الرئيس في إيصال هذه القيم إلى الفئة المستهدفة (فئة الأطفال) , آخذاً الكاتب فيها بنظر الإعتبار أيسر الجمل والعبارات وأقصرها في إيصال الأفكار التي يبغي طرحها .
إن النصوص المسرحية التي تناولت موضوعات الأطفال كثيرة , تذكر الباحثة عدداً وجيزاً منها بقصد الإيضاح .
في نص مسرحية ( ذكاء القاضي ) للكاتب نصري الجوزي , المنشورة في كتاب عبد الفتاح أبو معال , التي تدور أحداثها في أحد أحياء بغداد , في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد . يوظف حكاية شعبية تدور حول أحد تجار بغداد , الذي ترك أمانة عند صديقه التاجر ولم يحفظها . عملية التوظيف جاءت من خلال تمثيل الحكاية الشعبية , داخل النص من قبل الأطفال . فقد قام صاحب الفكرة (عمر) بتوزيع الأدوار على أصدقائه , وأسند إلى نفسه دور القاضي , بعد أن حصل على موافقة الآخرين, مما يدل على نكرانه للذات , وكان توزيعه للأدوار بفطنة وذكاء. إذ أسند الأدوار حسب الإمكانيات المتوافرة.
"عمر : هل لكم في لعبة نقطع بها وقتنا ؟
الأولاد : لعبة جميلة وما هي يا عمر ؟
عمر : كلنا يعرف قصة علي جوجيا مع صديقه المخلص والأمين التاجر حسن , فما رأيكم لو نقوم نحن بتمثيل القصة ؟"([9]).
تهدف المسرحية إلى تعلم مبادئ الأخلاق , وكيفية القضاء على أوقات الفراغ , فضلاً عن التسلية والإمتاع . ويفوق ذلك كله دعوتها إلى الأمانة وعقوبة من لا يحفظها , ويظهر ذلك جلياً في قول هارون الرشيد .
"هارون الرشيد : أتخون الصديق وقد إئتمنك .. لا رحمة , ولا شفقة للذين يعيثون فساداً في الأرض , ويخونون أمانات الناس , ويزيدون متاعب الإنسانية, يجب أن يأخذ العدل مجراه"([10]).
تلحظ الباحثة هنا أن لغة الحوار إتسمت بالوضوح والمباشرة في إيصال الأفكار لجمهور الأطفال , فلم يشبها أي غموض أو تكلف .
أما في مسرحية (الطير الأبابيل) للكاتب محمد بري العواني , فمن عنوانها نعرف أن الكاتب, إتخذ القرآن الكريم مصدراً لها في عمليته الكتابية , فالطير الأبابيل هي إحدى القصص التي ورد فيه ذكرها . وتحديداً في (سورة الفيل) التي تتحدث عنْ غَزوِ (أبرَهةَ) ملك الحبشة, للكعبة المشرَّفة بغية هدمها, لكنه يُهزم شر هزيمة, ويعمل الكاتب على ممازجة هذه الأحداث, بأحداثٍ من التَّاريخ العربي القديم والحديث. محاولاً أن يثبت في أذهان الأطفال بطولات أشقاءهم في الجولان العربي السوري, وصمود المقاومة في جنوب لبنانَ, وصمود الإنتفاضةِ في الأقصى المبارك وبُطولات (أطفالِ ثورةِ الحجارةِ) المباركةِ العظيمةِ في فلسطينَ العربيةِ المحتلَّةِ.
إن التلاقح الذي يجنح إليه الكاتب , والمزاوجة بين القرآن الكريم , والتأريخ , والمعاصرة . ليس إلا تعبيراً عن رؤية جمالية خلاقة , فيصور لنا أطفال ثورة الحجارة على أنهم الطير الأبابيل التي أفنت أحلام إبرهة الحبشي ( الإسرائيليون ) بتهديم الكعبة المشرَّفة , أي بتهديم المنازل الفلسطينية , وبناء وطن لهم في فلسطين والعيش فيه آمنين . وهذا من المحال لأن البناء الإسرائيلي لا يستند على أساس يدعمه - بناء هش – ووجوده كعدمه . لأنه لا يتضمن إعترافاً من أصحاب الأرض , فضلاً عن أنهم لم ولن يحولوا دونما مقاومته . كما أنهم يستمدون قوتهم في النص من القرآن الكريم وتحديداً من(الطير الأبابيل) وما صنعوه في جيش إبرهة.
" ( تُسمَعُ أَصواتُ الأطفال مختلطةً بصوتِ المعلمةِ وهمْ يرتّلونَ سورةَ الفيلِ، حتى يشاركهم الجميعُ بمنْ فيهمُ الرَّجُلُ العجوزُ)...(يصبحُ ترتيلُ السورةِ بشكلٍ جماعي , قوة تمكِّنُ النَّاسَ من ملاقاةِ الجنودِ الصَّهاينةِ ...ولهذا تزدادُ قوّةُ الصَّوتِ كُلَّما عاود النَّاسُ قراءةَ السُّورَةَ.)"([11]).
كما يجنح الكاتب إلى التذكير بالأبطال الإسطوريين , وقدراتهم الفتاكة , في مواجهة درامية يصنعها الكاتب بين العرب والإسرائيليين .
"المعلمة: نحنُ العربُ منَّا جلجامشْ, مِنَّا سِرْغُونْ, منَّا حمُورابي ... ونبوخذُ نصَّرُ من ينساهُ . إذْ شتَّتكُمْ , وسباكُمْ خدماً، لخيانتكُمْ ؟! هلْ تنسونَ نبُوخَذْ نصَّرْ . إذْ أقسمَ أنْ يُفنِيَكُمْ ؟! نحنُ سلالتهُ الحُرَّةْ , شمسُ الأكوانْ , قرْطاجٌ عمَّرْناها بحضارتِنا, وفلسطينُ العربيةْ جنَّةُ كنعانْ , (يتكاتفُ الإسرائيليُّون جميعاً وينشدونَ ويرقصونَ في مواجهةِ العربِ).
الإسرائيليّون: كنعانُكمُ الفينيقيُّ طردناهُ في جوفِ الصَّحرا رغماً شرَّدْناهُ , وسلبنا أرضاً أعطاها الرَّبْ , وطناً لِيهودا لنْ ننساهُ"([12]).
وتستمر المواجهة بين الطرفين حتى يقوم الكاتب بفضح جميع المخططات الإسرائيلية والتواطؤ العالمي مع إسرائيل , ويوضح أن الفلسطينيين سيبقون مقاومين , رغم ما تمتلكه إسرائيل من دعم دولي , ومن سلاح متطور كالطائرات والدبابات الأمريكية .
"المعلمة :
لنْ نرحلَ إنّا باقــونْ
وسنبقى فالموتُ يهونْ
إنّا لا نخشى صِهيـونْ
(ثمَّ تتناولُ المعلِّمةُ حجراً وترمي بهِ الإسرائيليينَ، وكذلكِ يفعلُ الأطفال)"([13]).
إن لغة الحوار هنا كانت متلكئة بعض الشيء نتيجة الموضوعات التي تبناها النص فمرة نصادف الوضوح ومرة أخرى لا يلاقينا غير الغموض , والسبب يعود هو أن الموضوع أكبر مستوى في الفكر من قدرات الأطفال .
الفصل الثالث : إجراءات البحث
أولاً : مجتمع البحث .
ثانياً : عينة البحث .
ثالثاً : أداة البحث .
رابعاً : منهج البحث .
خامساً : تحليل العينات .
إجراءات البحث
أولاً - مجتمع البحث : Population of the Research
ينحصر مجتمع البحث في جميع النصوص المسرحية التي كتبها السيد حافظ في المدة الزمنية الممتدة بين1990 - 2014 م , والمنشورة جميعها في كتب ومجلات وصحف عربية متداولة .
ثانياً - عينة البحثSample of the Research :
بما أن مجتمع البحث تجمع عناصره سمة التجانس , لأنه يعود لكاتب محدد بفكر محدد, لذا لجأت الباحثة إلى الطريقة العشوائية في إختيار عينة بحثها المدونة في الجدول أدناه , علماً أن طريقة تحديد العينة تمت وفق نظام القرعة , لتتجنب الباحثة بذلك الإصطدام في مطب التحيز لعنصر دون آخر من عناصر المجتمع .
ت | إسم النص | التأليف | سنة النشر |
1 | عنتر بن شداد | السيد حافظ | 1990 |
ثالثاً - أداة البحثInstrument of the Research :
اعتمدت الباحث الملاحظة المنتظمة إلى جانب المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري , بوصفها معايير تحليلية لـ ( أداة بحث) معتمدة في تحليل العينة.
رابعاً - منهج البحثMethodology :
إعتمد الباحث (المنهج الوصفي) في تحليل العينة , وذلك لتماشيه وهدف البحث.
خامساً - تحليل العينات :Test of the samples
مسرحية ( عنتر بن شداد ) _ تأليف : السيد حافظ .
وظف فيها السيد حافظ الحكاية الشعبية الدائرة حول سيرة عنتر البطل الذي حطم كل القيوّد التي وقفت لتنال من حريته , بالرغم من الصعوبات التي واجهها , فقد كان يصارع من أجلها ,وهذه القيوّد لا ترتبط بالدرجة الأولى بالمجتمع القبلي الذي كان ينتمي إليه , بل هي قضايا إنسانية عامة . فعدم إعتراف والد عنتر بعنتر لا لسبب غير أن عنتر ولد من أم حبشية , وما ترتب على هذه القضية من إستحالة زواجه من إبنة عمه عبلة , ثم قضية لونه , حيث أن المجتمع كان ينظر إلى السود على أنهم عبيد, في صميم الإنسانية. وترتكز الحكاية على ثيمة (الحب) الذي يختلج بالعواطف الصادقة , وهو الدافع الأساس لكل ما وصل إليه إبن شداد , بداية من قدرته في إنتزاع الإعتراف الرسمي من والده (شداد) بأُبوته, وصولاً إلى نجاحه في الفوز بعبلة . في النص ركز حافظ على رسائل شتى منها ماهو فكرياً ومنها ما هو إجتماعياً ومنها أخلاقياً . وبذلك يكون النص عبارة عن خطاب متنوع الأبعاد والدلالات . إصلاح الواقع فيه هدف سامي لدى الكاتب , فلم يوظف التراث من أجل التراث فحسب _ أي غناه وتنوعه وجماليته _ بل من أجل التوجيه والتربية السليمة , فأظهر سلبيات عدة منها بعض ما يبثه الإعلام متمثلاً بالتلفاز وما يبثه من رسائل متنوعة , فقد حث على عدم متابعة بعضها , لأن فيها ما يتنافى مع المعتقدات والقيم العربية .
"الطفل الأول: أريد أن أشاهد التليفزيون .. جونكر .
الأم : من جونكر هذا ؟
الطفل الثاني : لا باباي .. أجمل .
الأب : أنا لا أفهم كيف يعرف أولادنا حكاية جونكر وبيل و سباستيان و جونكر ولا يحفظون أبطال حكاياتنا" .
الكاتب من خلال توجيه رسائله للأطفال , دعى أُسرهم إلى معرفة ما يوجه لأبنائهم من مواد برامجية , ليتم السيطرة عليها . وبالتالي تنشئة جيل سليم خالٍ من المعوقات . ولم يلتزم بجميع الأحداث كما هي , بل ذهب إلى ما يخدم مسرحه مستغلاً خياله الخلاق , ففي الحكاية الأصل , الزواج من عبلة يتطلب المستحيل , وهو أن يقدم لها مهراً لم يقدمه أحد من قبل , وهو عبارة عن ألف من النوق العصافير التي كانت لدى الملك النعمان , ولم تكن في قبائل العرب قبيلة تملكها , وقد حاول عنتر الحصول عليها من دون وجه حق , وهذا ما يتنافى والقيم التي أراد السيد حافظ تقديمها , لذا أخذ بالتغيير عبر إقحام عنتر بالمغامرات المليئة بالصراعات . وهذا ما يتضح في حوار زبيبة والدته التي تدعوه لكي يتميز عن الآخرين .
"زبيبة : ما بك تكلم ؟
عنتر : لا شيء .. أُريد أن أعرف هذه القبيلة إني أنا إبنها أم غريب عنها؟
زبيبة : إبنها وفارسها ..
عنتر : لماذا يبخلون عليَّ إذاً ؟ لماذا يرفضون زواجي من عبلة؟
زبيبة : عبلة يطمع فيها كل الرجال .. عمارة بن زياد .. الربيع بن زياد .. ضرغام وأنت .
عنتر : ( مقاطعاً ) كفى .. كفى يا أمي .. أرجوك ..
زبيبة : لن أكف عن الكلام معك في هذا الموضوع عبلة تختار من تراه مناسباً لها ..
عنتر : وأنا غير مناسب ؟ .
زبيبة : يجب أن تفعل ما يجعلها تثق بك وتميزك عن الرجال.. يجب أن تفعل شيئا للقبيلة"([14]).
كما أراد الكاتب أن يوضح حقيقة مفادها : ليس كل النساء كن مغلوبات على أمرهن فهاهي عبلة تختار شريك حياتها بملء إرادتها دونما ضغطٍ أو إكراه من أي جهة. فهي قد رفضت الخاطبين لها , رغم أن أولهم كان ثرياً , وثانيهم كان جميلاً , وثالثهم كان قوي العضلات , ولم تختر في آخر الأمر سوى عنتر, الذي ملأ عينيها وفاز بقلبها .
ترى الباحثة أن هذا الرفض , تكمن وراءه رسالة مهمة , مفادها : أن المرأة يملأ عينيها الرجل حينما يكون رجلاً بحق . فالمال , والجمال , وقوة العضلات لا تصنع رجولة . بل إن ما يصنعها وعيُّ الرجل وثقافته ودماثة أخلاقه . كما ترى أن إصرار عنتر على كسب الإعتراف به وعلى زواجه من عبلة, وعدم إستسلامه لواقع حاله , وسعيه نحو التغيير ضرب مفهوم القضاء والقدر , الذي عادة ما يرمي بعض الناس اللوّم عليه , نتيجة خمولهم وخوفهم من عمليات المواجهة الحقيقية للحياة .
لقد عبرت لغة الحوار بشكل واضح عن أفكار الشخصيات وطموحاتها , فكانت لغة سلسلة واضحة معبرة عن الدوافع النفسية للشخصية وأهدافها , إلا أنها لم تعبر عن كل المستويات العمرية للطفل وإنما تحددت بالمستوى الأخير أو الأكبر عمراً .. وجاء ذلك نتيجة لطبيعة المصدر الأساس الذي إستلهم منه السيد حافظ نصه . مما جعل ذلك النص غامضاً على المستويات العمرية الأولى للطفل , من حيث عدم تلبيته لحاجاتهم الفكرية .
المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري :
اللغة وسيلة إتصال رئيسة , تجمع بين أفراد المجتمع الواحد , بوساطتها تنتقل الأفكار , ويفهم الناس بعضهم البعض .
اللغة لها خصائص ووظائف متعددة تصب جميعها في خدمة المجتمعات الإنسانية.
اللغة في مسرح الطفل تبغي رفع مستويات القدرة الذهنية والتوعوية للطفل , وتنميتها , وإشعاره بالبهجة والسرور.
أبرز المعطيات التي ينبغي توفرها بشخص كاتب الأطفال تعرف مستوياتهم وقدراتهم اللغوية.
الدراسات السابقة ومناقشتها
من خلال إطلاع الباحثة على فهارست عدد من المكتبات , كذلك على الدراسات المنشورة عبر شبكة الإنترنت , فضلاً عن إتصالها بالكاتب السيد الحافظ موضوع الدراسة , لم تجد أية دراسة سابقة تعترض نصوص هذا الكاتب من حيث البنية اللغوية لنصوصه .
أولا - النتائج :
لم يتمكن السيد حافظ من مراعاة جميع المستويات الفكرية للأطفال في نصوصه , مما إنعكس ذلك على لغة الحوار المستخدمة .
خلت لغة الحوار من المصطلحات المعقدة أو المبالغ بها .
إبتعاد لغة الحوار عن اللهجات الشعبية , جعلها أكثر تماسكاً ووضوح وأكثر قدرة في التعليم والتوجيه .
إمتازت لغة الحوار بوضوح تام , مما يعكس تمرس الكاتب ومعرفته الجمة بالأطفال ومداركهم .
ثانياً – الإستنتاجات :
وجود نص مسرحي موجه للأطفال بصورة مفتوحة , دونما مراعاة المستوى العمري للطفل, يوقع النص في إشكالية التلقي .
الوضوح في اللغة , أساس هدف اللغة , لأنها وسيلة تواصلية لا غنى عنها .
ثالثاً – التوصيات :
توصي الباحثة بما يأتي :
1. إنشاء مسارح وإقامة عروض مسرحية دائمية تقدم نتاجاتها للأطفال في أي مكان يتواجدون به .
2. العمل على إقامة الحلقات النقدية والنقاشية حول الطفل وآليات تطويره , وفهم مدركاته وطرق تفكيره .
رابعاً - المقترحات :
يقترح الباحث دراسة: (القيم الجمالية للغة في نصوص مسرح الأطفال ).
قائمة المصادر
* القرآن الكريم
أولا ً- الكتب :
أبو معال , عبد الفتاح, في مسرح الأطفال , (عمان : دار الشروق للنشر والتوزيع , 1984) .
حبيب , حبيب ظاهر , القيم الدراماتيكية في مسرح الطفل , ( بغداد : دار الجواهري , 2013 م ) .
قلعه جي , عبد الفتاح رواس, سحر المسرح هوامش على منصة العرض, (دمشق : منشورات وزارة الثقافة , 2007 ) .
السالم, مصطفى تركي, الإلقاء في عروض مسرح الأطفال , (بغداد:دار القتح , 2015).
الطائي , محمد إسماعيل , دراسات في المسرح التربوي , ( الموصل : دار إبن الأثير للطباعة والنشر , 2012 ) .
العواني , محمد بري, شموس لا تغيب ( مسرحيتان) , مسرحية (الطيرُالأَبابيل) , ( 12-14 سنة) , (دمشق : منشورات إتحاد الكتاب العرب , 2001) .
المطلبي , عبد الرزاق , حق الطفل في الراحة ووقت الفراغ حقه في الثقافة , (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة , 2001) .
ثانياً – الدوريات :
جبر , يوسف رشيد , التربية المسرحية والفئات العمرية , المؤتمر الثالث لتفعيل مسرح الطفل في العراق, (بغداد: دائرة السينما والمسرح, 2007)
ثالثاً - المسرحيات
السيد حافظ , مسرحية عنتر بن شداد , ( بيروت : دار آزال للطباعة والنشر, 1990 ) .
رابعاً - المحاضرات
10. السالم , مصطفى تركي , اللغة , محاضرات ( غير منشورة ) , قدمت لطلبة الدكتوراه في قسم الفنون المسرحية _ جامعة بغداد , في تاريخ16_3_2015.
([1]) عبد الرزاق المطلبي , حق الطفل في الراحة ووقت الفراغ حقه في الثقافة , (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة , 2001) , ص71 .
([3]) ينظر : مصطفى تركي السالم , اللغة , محاضرات ( غير منشورة ) , قدمت لطلبة الدكتوراه في قسم الفنون المسرحية _ جامعة بغداد , في تاريخ 16 _ 3_ 2015 .
[4])) مصطفى تركي السالم, الإلقاء في عروض مسرح الأطفال, (بغداد:دار القتح,2015), ص 87 .
([5]) ينظر: عبد الفتاح أبو معال, في مسرح الأطفال , ( عمان : دار الشروق للنشر والتوزيع, 1984) , ص 40 _ 41 .
([6]) يوسف رشيد جبر , التربية المسرحية والفئات العمرية , المؤتمر الثالث لتفعيل مسرح الطفل في العراق , (بغداد : دائرة السينما والمسرح , 2007 ), ص 52 .
([7])عبد الفتاح رواس قلعه جي , سحر المسرح هوامش على منصة العرض , (دمشق : منشورات وزارة الثقافة , 2007 ) , ص 174 .
([8]) ينظر : محمد إسماعيل الطائي , دراسات في المسرح التربوي , ( الموصل : دار إبن الأثير للطباعة والنشر , 2012 ) , ص 49 _ 50 .
([11]) محمد بري العواني, شموس لا تغيب (مسرحيتان), مسرحية (الطّيرُالأَبابيل), (12-14سنة), (دمشق:منشورات إتحاد الكتاب العرب , 2001), ص113-114.
0 التعليقات:
إرسال تعليق