دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 171 )
مسرحية (الشاطر حسن)
انطلاقة جديدة لمسرح الطفل
بقلم : عبد العليم رسلان
دراسة من كتاب
التنوع الدلالى فى مسرح الطفل
ما بين التناص والتراث والإخراج
" الجزء الأول"
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
مسرحية (الشاطر حسن)
انطلاقة جديدة لمسرح الطفل
بقلم : عبد العليم رسلان
كثر الجدل واللغط فى هذه الأيام حول العسر العربى، ومدى عطائه، فبعض الأقلام ترى أن هناك أزمة حادة يعانى منها مسرحنا العربى الجاد، ويختلف أصحاب هذه الأقلام فيما بينهم فى تعليل هذه الظاهرة الغريبة وتلك الأزمة، فبعضهم يرجعها إلى عدم وجود النص الجيد الصالح للعرض، وآخرون يرجعونها إلى المناخ غير الصحى الذى يعيش فيه الأدباء ولكن هناك فريقا آخر من المتفائلين يرون أن مسرحنا العربى لا يزال بخير وقد يكون لهؤلاء المتفائلين وجهة نظر فيما يقولون.
فمسرحية الشاطر حسن التى عرضت على مسرح المسعود بكيفان منذ عدة أسابيع تعد بداية طيبة لنهضة المسرح العربى من كبوته وبشير خير للعناية بأدب الطفل العربى(المحروم) من هذا الغذاء الثقافى الذى ينمى مداركه ويهذب وجدانه.
ومسرحية "الشاطر حسن" تعكس جرأة وثورية الكاتب المسرحي السيد حافظ وغاية هذه الجرأة فكرة المسرحية ذاتها وموضوعها فهى تحاول أن توضح وتفسر للطفل العربى – ببساطة وسهولة – علاقة الحاكم برعيته وشعبه، وهى – فى نظر المسرحية وكاتبها – علاقة يحكمها الحب ومداها المودة والوئام، فليس الحكم – كما تقدم المسرحية – أبهة ووجاهة وسرقة ونهبا لأموال الشعب الكادح، وإنما هو خدمة وتكليف ومعاناة قبل أن يكون تشريفا.
وأشهد أن هذا المعنى هو أكثر ما شدني فى المسرحية وهزنى من الأعماق وأكثر منه تأثيرا فى نفسي أن تسمح الكويت بعرض المسرحية، وفيها هذا النقد.
وهذا النقد الحر الجرئ، على الرغم من أنه بناء وهادف، وليس هداما إلا أنه علامة مضيئة ومشرفة فى تاريخ الكويت المعاصر، بقدر ما هو علامة مضيئة ومشرفة أيضا فى تاريخ المسرح العربى وفى تاريخ كاتب المسرحية وممثليها فى وقت كممت فيه الأفواه وأخرست الألسنة ومن المعروف أن فكرة المسرحية، أو موضوعها – هى عمودها الفقرى الذى تبنى بقية المواقف والتفاصيل والكاتب الناجح هو الذى يعرف كيف يختار لمسرحيته الفكرة الشائعة التى تجمع بين المتعة والفائدة وهو إما أن يستمد فكرته من وحى خياله ومن بطن التاريخ أو من الأحداث اليومية المعاصرة، أو من تجربته الشخصية أو من أى مصدر اخر.
وقد استطاع كاتب المسرحية أن يجمع بين هذه المصادر وغيرها فإن قلت – عزيزى القارئ – أن الفكرة مستمدة من الأحداث اليومية المعاصرة فما جاوزت الصواب، فعلاقة الشعوب العربية بحكامها فى حاجة إلى رأب الصدع الذي أصابها فأوهن عزيمتها وأضعف قواها وكان من نتيجة ما كان من ضياع الأرض وفقد الأهل ومن قبلهما ضياع العزة وامتهان الكرامة، وإن قلت إن مؤلف المسرحية استوحى الفكرة من تجربته الشخصية فقد أصبت أيها القارئ لأننى لا أخاله إلا أنه قد عانى وقاسى، وصدمت أراؤه وأفكاره عتاة الطغاة وصلفهم.
ومما يحسب للكاتب فى هذا المجال أنه استطاع فوق هذا وذاك – أن يوظف "الحدوتة الشعبية" بمقدرة عظيمة لخدمة الفكرة، ويستغلها بذكاء فى تحقيق الهدف المقصود كما استطاع أيضا أن يربط بين أحداث "الحدوتة" وبين الواقع المر الذى تعانى منه أمتنا العربية.
وحتى نكون منصفين أو قريبين من الإنصاف فإن ما قلناه فى المسرحية من إيجابيات لايمنع من أن فى العرض المسرحي بعض الهنات التى لا يسلم منها أى عمل سواءا أكان عملا فنيا أم غير فنى بطبيعة الحال، وهى لا تقلل من جهد المؤلف فى المسرحية، ومن هذه الهنات: الجيش العرمرم الذى كان على خشبة المسرح(من أطفال وشباب وغيرهم) دون أن يؤدوا دورا يذكر والكم الهائل من الأغانى التى طغت على الحوار الجاد الهادف فى المسرحية، و لا أعتقد أن مؤلف المسرحية هو المسئول عن كل هذه التجاوزات بقدر ما يكون المخرج والممثلون مسئولين عنها.
ويبقى فى النهاية أن نقول: إذا كانت المسرحية، ومؤلفها قد فتحا فتحا جديدا فى أدب الطفل وقدما جهدا مشكورا، فعلى هؤلاء الذين يكثرون من الكلام ويثيرون الضجيج نقدا وتجريحا أن يلجوا الباب، فها هو مفتوح أمامهم على مصراعيه، ويكفى مؤلف المسرحية أن يكون قد فتحه لهم بعد أن كان موصداً.
0 التعليقات:
إرسال تعليق