دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 183 )
نظرة أخرى
على مسرحية الشاطر حسن
بقلم : حمد الرقعي
دراسة من كتاب
التنوع الدلالى فى مسرح الطفل
ما بين التناص والتراث والإخراج
" الجزء الأول"
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
نظرة أخرى
على مسرحية الشاطر حسن
بقلم : حمد الرقعي
القبس 26 سبتمبر 1984م
إن ما يفرق مسرح الطفل عن مسرح الكبار هو جمهور المشاهدين، لذلك يجب على الكاتب المسرحي والمخرج وكذلك العاملين في مسرحية تعرض للأطفال، معرفة المتفرج الذي يخاطبونه من خلال هذا العمل، فموضوع المسرحية وطريقة معالجتها أدبيا وإخراجيا يتوقف على مدى هذه المعرفة، ونعني بداهة أهمية الإحاطة بالتكوين النفسي والمستوى الثقافي للطفل، فالنجاح الفني والجماهيري للمسرحية يتوقف على إدراك هذه المعرفة والإلمام بالصلة بين المرحلة العمرية للطفل والصفات الفنية والجمالية للمسرحية التي تعرض له.
ومسرحية " الشاطر حسن " التي كتبها سيد حافظ وأخرجها الأستاذ أحمد عبد الحليم تقدم مضمونا للكبار وشكلا للصغار، وهي لا تأتي بجديد في طرحها هذا الخلط من حيث الشكل والمضمون، فقد أصبحت هذه الطريقة في الطرح سمة من سمات مسرح الطفل في الكويت منذ أن قدم محمد عبد الله حسن مسرحية " قفص الدجاج " التي تعد منعطفا في طرحها لمضامين فكرية وسياسية في معالجتها للنص. في حين أن مسرحية الأطفال الناجحة فنيا وأدبيا، والتي لم تصل لها حتى الآن، هي التي يفترض أن تحقق من خلال الشكل والمضمون معاً، الوظيفة التربوية والثقافية المنشودة للأطفال وليس للكبار، وتعاد الكرة من جديد في مسرحية " الشاطر حسن " التي تقدم مضمونا للكبار من خلال طرحها قضية سياسية في معالجتها لقضية لا سلام في ظل الاستعمار، من خلال فكرة المسرحية الرئيسية التي تمثل حلم الفقير في اعتلائه عرش الحكم ليحقق العدالة التي يراها من وجهة نظر الشعب. الفكرة تكررت في أعمال سابقة كثيرة، وقد كانت معالجة النص جيدة من حيث رسم الشخصيات إلا أن المؤلف لم يراع وحدة الحدث في التسلسل الدرامي للمسرحية، فهناك أحداث متزامنة تجري ما بين القصر والسوق مما يصعب على الأطفال الاندماج في الحكاية. كما أنه لم يبرز الصراع في المسرحية، أما مخرج المسرحية الأستاذ أحمد عبد الحليم فقد استطاع من خلال خبرته وتجربته الواسعة أن يجعل من المسرحية أشبه بالاستعراض الرائع من خلال استغلاله لكل أدواته من إضاءة وصوت وديكور. كما أثبت حرفية الأستاذ في تحريك المجاميع على خشبة المسرح، وقد استطاع توظيف الإضاءة بشكل جمالي مؤثر أبرز من خلال جماليات الديكور وليشد الطفل من خلال إبهاره، مما أكسب المسرحية شكلا جذابا جعلها بالتالي تكتسب شكل مسرح الأطفال.
بالنسبة للتمثيل فقد استطاع عبد الرحمن العقل الاستفادة من اختلاف شخصية السلطان والشاطر حسن لينوع في أدائه ويظهر بالتالي مدى إمكاناته كممثل وقد نجح في ذلك.
أما استقلال أحمد فقد أدت دورها بشكل جيد من خلال صدامها المستمر مع الوزير الذي أدى دوره كاظم القلاف بشكل جيد ومقنع، أما الشخصيات فقد أدت كل بحدود دورها وبشكل جيد ومنظم. قام بعمل الديكور ماجدة وقد كان تجريديا جماليا، بسيطا في حركته وتركيبه، هادئا في ألوانه، ولكن مع قوة الديكور وجماله إلا أنه جاء ليحمل لنا شكلا ومفهوما أعلى من إدراك الطفل، مع أن الإضاءة استطاعت توظيفه بشكل جيد في سبيل اجتذاب الطفل، إلا أن تعدد النقلات المكانية وكثرتها في مدة بسيطة شتت المشاهد الصغير الذي لم يتمكن من متابعة ما يجرى أمامه من أحداث، ولعل هذا من أهم عيوب النص الذي ألزم الديكور بهذا الشكل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق