Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الاثنين، 27 سبتمبر 2021

236 عن سيمفونية الحب أدب العبث.. أدب المستحيل الممكن بقلم سمير عبد الفتاح

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 236 )

 

عن سيمفونية الحب أدب العبث.. 
أدب المستحيل الممكن
بقلم
سمير عبد الفتاح 

دراسة من كتاب

  تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة
 
                    السيد حافظ نموذجا  

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى





عن سيمفونية الحب أدب العبث.. 
أدب المستحيل الممكن
بقلم
سمير عبد الفتاح 
نظرة عامة :
شئ ملفت بالطبع أن تخرج الإسكندرية، وتضم هذا الكم من كتاب الطليعة الشبان محمد حافظ رجب، ومحمود عوض عبد العال، ومحمد الصاوى، ومحمد مبروك، ورمسيس لبيب، والسيد حافظ وغيرهم من بين أدباء الجيل الخامس. والحقيقة أن تسمية هذا الأدب بالأدب العبثى تسمية غير حسنة النية، - لأنها توحى بالهزل والهذيان، وتعطى لنفسها الحق فى التعميم والاستشراف أيضاً.. وهذه القصة خطيرة جداً لا يمكن أن تقنن بمثل هذه البساطة.
أننى لا أدافع بادىء ذى بدء – عن الغموض فليس هذا دورى أو طبعى.. ولكن التطور التاريخى للحياة والأحياء يجعل من التعميم – أو الإستقراء – فى مثل هذه المسائل أمر بالغ الخطر والخطورة. بالغ المسئولية. فنحن مثلاً نستطيع أن (نقطع) بأن الأدب العبثى نتاج الأدب الرومانسى... وأنه من ثم دليل قحط وشيخوخة حضارة.. تفكير ميكانيكى لا شك.. لأن معطياته تقودنا إلى نتائج عاطفية فى جوهرها مسرفة فى قطعها ونتائجها، لقد ظهر الأدب العبثى نتيجة لعدة أسباب لا سبباً واحداً. عدة أسباب مركبة ومعقدة تتصل بأسباب ونتائج الحربين الكبيرتين. أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وأيديولوجية كثيرة لا سيما بعد انتهاء الطموح الكشفى، وغياب الشمس عن الإمبراطوريتين الكبيرتين، وشيوع الروح الدنيوية، والخضوع للآلة، ثم الأزمة الاقتصادية الدولية... وما نتج عن ذلك كله من قيم وتفسخ اجتماعى وأخلاقى أعمى المرء عن حقيقته وشغله عن ذاته وكينونته.
وكان من الطبيعى جداً أن ينعكس كل هذا على الأدب كمرآة للمجتمع (وترمومتر) للنشاط الاجتماعى والحضارى وكان من الطبيعى أن تتوارى أسماء جوستاف فلوبير، وفكتور هوجو، وسيفات زفايح لتظهر أسماء صمويل بيكيت، وأوجين يونسكو، اداموف واسبورن وغيرهم لا سيما فى فرنسا وانجلترا وهو أدب يرفض الواقع الاجتماعى والأخلاقى والفكرى ويضع بديلاً رافضاً ومتمرداً لهذا الواقع بغية إصلاحه وهو بحث أيضاً عن أشكال جديدة وقيم جديدة ومعرفة وخبرة جديدتين.
وقد حدث فى مصر حيثيات مشابهة لما وقع فى أوروبا، فقد كانت هزيمة 67 وممارسات العقلية المدبرة هى الباعث الأول والرئيسى لذلك، فلم تكن هزيمة يونيو – حزيران – هزيمة عسكرية وحسب ولم تكن كمية وكيفية وحسب ولكنها كانت – وهنا مربط الفرس – هزيمة حضارية ونفسه بالدرجة الأولى.. وصدمة لم يحدث فى تاريخ مصر مثيلاً لها.
ومن ثم.. كان من الطبيعى أن تظهر كتابات حافظ رجب وهاشم الشريف ومحمد الصاوى ومحمود عوض وأحمد الشيخ ومحمد مبروك، والسيد حافظ وغيرهم من الكتاب الذين ربما أثبت التاريخ أنهم كانوا الأكثر صدقاً ووعياً بحاضرهم ومستقبلهم فالأدب مرآة تعكس ما يدور فى المجتمعات ويستشرقه أيضاً.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه بين الأوساط الأدبية والثقافية – فى العادة – هو : ألا تنتفى النتيجة بانتفاء الأسباب؟
وبمعنى أوضح: ما ضرورة استمرار هذه الأنماط الأدبية إذا كانت دوافعاً قد تقلصت أو تغيرت؟ وهو سؤال قد يبدو وجيهاً لأول وهله.. لكنه يفقد براءته بعد فترة تمحص قصيرة، ليس لأنه يؤدى – من ثم – إلى اتهام هذا الأدب بالجمود والتخلق فقط، ولكن لأنه ينظر إلى واقعه نظرة يوتوبية زائفة ومضللة أيضاً.
المؤكد أن ثمة اختلافات – وربما خلافات – بين معطيات الأدب العبثى الأوروبى وبين غيره من الدول لا سيما فى وطننا العربى وعادة ما تتفاوت ردود الأفعال نتيجة لطبيعة المؤثر وأمانه ولكن الأكثر تأكيداً أن ثمة خلافات بين المثقفين فى كلا القطاعين. فإن كانت مشكلة الأوروبى – أو الغربى بمعنى أدق – تكمن فى لا انتمائه فمشكلة العربى تكمن فى انتمائه، وفى تصورى –من ناحية أخرى– أن ما يسمى بأدب العبق العربى يستمد وجوده وشرعيته من عبثيته العلاقات العربية. ولا يمكن أن يكون –بكل هذه السذاجة- موضحة مسلية ومدهشة يمكن محاصرتها أو حسمها بجرة قلم.
هذه هى المسألة باختصار وبساطة. وهى فى كل الحالات نتاج عقلية لا تزال تحلم (بفردوس الأندلس المفقود) دون أن تعمل على خلق البديل الأوفق والممكن أيضاً والسؤال المهم: هل كل الطليعيين؟ بمعنى أن نتاجهم رد فعل مواكب ومدروس.. وكامل الأهلية؟ الإجابة واضحة النفى.. ولكن ما يصعب الأمر حقاً، هو أن هذا الأدب لم يحدد سماته ومعاييره القاطعة بعد.. ومازاد الطين بلة –كما يقولون- هو تطفل المدعوون والمتأدبون على هذا اللون من ألوان الكتابة بدعوى أنه الأسهل.
ومن هنا يختلط الأمر على الراصد الفاحص.. والناقد المؤرخ.. إذ لا يجد -عادة- بين يديه سوى (الرفض) بروافده، المتعددة، كمظهر من مظاهر ذلك الأدب.
والرفض –بطبيعة الحال- لا يشكل حركة أدبية لها تقاليدها ومقاييسها ومعالمها الكلية إذ كثيراً ما تصل المغالاة فى ذلك الرفض إلى حد يستحيل معه تقبل هذا الأدب جملة وتفصيلاً حيث يغدو الأغراب وإثارة الدهشة اللغوية غايته القصوى.
وفى تصورى –أيضاً- أن (السيد حافظ) قد تجاوز هذه المزالق ولا سيما فى مجموعته (سيمفونية الحب) إذ تنفطر الخبرة الدرامية والجمالية معاً.. بصورة تؤكد أنه لم (يثب) إلى الطليعة بضربة حظ. وإنما تدرج حتى وصل إلى الممكن الصعب أى السهل الممتنع كما يقال.
وبما أن الزميل يكتب بغزارة تثير الإعجاب – وربما الحسد- فإنى سأكتفى بعمل واحد وأقصر كلامى على مجموعته (سيمفونية الحب) على أمل الرجوع لأعمال أخرى فيما بعد وحرصاً على ضيق المجال هنا وسأحاول –بطبيعة الحال- أن أتلمس بدورى- بعض السمات والملامح العامة. وأترك لغيرى تلمس جوانب أخرى.
ثمة ثلاثة محاور رئيسية تشكل الرؤية الإبداعية عند السيد حافظ : 
المحور الأول : هو المحور السياسى وهى صفة عامة فى معظم أعماله تقريباً. أدوات هذا المحور كثيرة أهمها الرفض بنوعيه، والرمز الشفاف، والإحالة، والسخرية المريرة، والحث و المباشرة المقصودة والتحريض أحياناً. وهذا يدل على أن الكاتب قد تجاوز ثنائية مع من ضد من يجب أن أقف. وحسمها فنياً وثقافياً بالانحياز إلى القوى المشكلة للمجتمع وأصحاب المصلحة الحقيقية والذى ينتمى الكاتب نفسه إليها. وهذا منطق طبيعى جداً لإنسان يدافع عن حريته وإنسانيته ضد قلة مذهبية باغية تفرض أيديولوجيتها المعادية لقوى الشعب وتفقد –بذلك- التوازى الذى يجب أن يقوم بين عناصر الفكر والنشاط الإنسانى ويمثل هذا المحور قصص : (عندما دقت الساعة العاشرة من صباح أحد الأيام)، وقصة: (سيمفونية الحب)، و(صياد اللؤلؤ)، و(نفوس ودروس من سلسلة البحوث)، و(وواقعة الوقائع فى مدينة القطائع)، و(الثمن) ثم (مهاجر على أشجار القلق)، وسوف نعود بعد لهذه القصص بمزيد من التحليل والأناه.
المحور الثانى: هو المحور الاجتماعى وهو متمخض عن المحور الأول وفرع من فروعه وتمثله قصص (الموقف العادى)، و(لقطات من حطام الزمن الراكد)، و(حروف من يوميات مهدى أفندى)، حيث تنعكس آثام السياسة وحمقها على حياة الرجل العادى فتطارده، وتجزه، وتملأ حياته وعالمه بالدم والإرهاب.
المحور الثالث والأخير: هو محور ثقافى يستفيد من إمكانات المسرح والتراث والفن التشكيلى واللغة والسينما وتمثله قصتان هما: (أشياء تحلم بالهجرة)، و(مقاطع فى حوار أشجار الصنوبر) والحقيقة أن هاتين القصتين هما أضعف قصص المجموعة حيث أن الأولى مغرقة فى التجريد، والثانية تخلو من الصدق والحرارة، نظرية تطبيقية، فى قصة: عندما دقت الساعة العاشرة من صباح أحد الأيام (ينشغل) محسن فريد مدرس التاريخ بمدرسة (مدغشقر) الثانوية المصرية بإعادة كتابة التاريخ بعد أن فقد ثقته وتعينه بما يدرسه لتلامذته.. لقد وصل الرجل إلى حالة جعلته يقترب ويتقوقع فالطغاة يزيفون التاريخ والانقلاب الناجح ثورة، والهزيمة الماحقة يمكن محوها بأغنيتين وترسانة من الشعارات الخ.. ولهذا يشعر (محسن فريد) باغتراب وبأنه يشارك فى مؤامرة دنيئة ويردد –دون أن يدرى- شعارات ودعاوى ديماجوجية تافهة. وأن واجبه الوحيد هو أن يعمل على إعادة كتابة (التاريخ) ولو بطريقته هو طالما لا يملك سوى جلده العارى المؤرق.
فى تصورى أن هذه القصة هى أفضل القصص تليها قصة (سيمفونية الحب) التى حاول بطلها أن يتصالح مع واقعه المر –بل وغير الممكن- بممارسة الجنس. وهو تصالح ضمنى مؤقت لا يلبث أن ينهار لأنه قائم بين طريقين متباعدين فى الفكر والتلقى طرف يملك القوة والشراسة وآخر لا يملك سوى جلده. ولهذا يتخصص بالبلادة والانسحاب وشيئاً فشيئاً يتفجر غازه المضغوط فيمارس كل ما يثير الحفيظة ويصدم العرف التقليدى فى محاولة – شبه انتحارية- للاشباع والتحدى.
ومن ثم يمارس الجنس فى الشارع وعلى مرآى من الناس والحيوانات وكأنه يغتصب حريته وتواصله.
عود على بدء: واضح طبعاً أننى تناولت المجموعة بعجالة قد لا تكون مقبولة لكن العذر أن ثمة زملاء كثيرين قد كتبوا عن السيد ما يكفى وتناول بعضهم جوانب خاصة فى أعماله. نعود –إذن- إلى موضوعنا عنوان عن هذا المقال، ونحدد موقع السيد حافظ منه وموقع الأدب الطليعى ككل. والحقيقة أن محاولة تقييم حيثيات هذه الحركة –بهدف التنبؤ والاستشراق- محاولة مغنية ولا تخلو من رجل وتعسف ومن ثم فمن المفيد –ولو مؤقتاً- أن لانضيق صدورنا فى فهمه وتذوقه وألا تكبلنا (التقاليد الأدبية).
فإن أثبت التاريخ أنه رجل وهذيان فهو – حتى فى هذه الحالة- لون من ألوان النشاط الفكرى والاجتماعى لاناس يعيشون بين ظهرانينا ويشكلون تياراً سلفياً يجب أن نوفر له شرعيته –والحقيقة أن فلاسفة الجمال- لاسيما هيجل ونيتشه ولالو –والمؤرخون، قد حسموا مثل هذه القضايا منذ القرن التاسع عشر تقريباً وقسم أحدهم – تطور الأدب بما أسماه بالمراحل الجمالية الثلاث وربط آخر بين الدورات الفيزيائية والطبيعية وبين دورات الأدب والحضارة. ويمكن أن نفهم من الفريقين أن الأدب شأنه فى ذلك شأنه عشرات الظواهر الطبيعية – يمر بثلاثة مراحل رئيسية: مرحلة المهد – ما قبل الكلاسيكية- وتبدأ من النقش على جدران الكهوف وتنتهى بوضع بذور الكلاسيكية- النضج والرجولة- حيث استقرت التقاليد الأدبية وقتذاك وتفننت معايير الأدب الجيد والفن الجيد وأنتجت الجيد . ثم مرحلة الشيخوخة وهى مرحلة ما بعد الكلاسيكية وفيها يبدأ الشك فى معايير مرحلة الفتوة والنضج، وتختلط فيها المقاييس والاتجاهات لتكون نواة لدورة جمالية جديدة وهكذا.
ويقولون إن الأدب يعبر عن الحياة والأحياء ومن ثم يمر بأطوارها بيد أن الموت هنا لا يعنى الفناء ولا يعنى إعادة الصياغة والكيفية ولهذا تساءلوا : لماذا لا تكون موسيقى البوب وأدب العبث بأنواعه إلخ هى طفولة المرحلة التالية؟
وأكدوا أن تحديد ميقات هذه الأطوار مستحيل إذ قد تطول فترة أو تتداخل أو تتأخر.
ورغم نظرية هذه الأفكار، إلا أنها جديرة بالبحث والاحترام وهذا ما يجعلنى شخصاً لا أسخر عمن يقولون بأنهم يكتبون للمستقبل. الجدير بالذكر أن معظم الطليعيين فى الفنون والآداب قد بدأوا تقليديين. ففى الشعر مثلاً نجد أن صلاح عبد الصبور نازك الملائكة وحجازى وأدونيس والبياتى ومحمود درويش وغيرهم قد بدأوا تقليديين. وتجاوزوا تقاليدياتهم بدرجات متفاوتة طبعاً.
وفى أدباء الجيل الخامس نجد محمد حافظ رجب قد بدأ تقليدياً فى مجموعته الأولى (غرباء) ومحمود عوض فى (سكر مر) الخ.. وكذلك الحال فى التشكيل والسينما لعل أقربهم إلينا هو يوسف شاهين وليلوش وفلينى وبرجمان وغيرهم فى السينما وصلاح طاهر والجزار بل وبيكاسو نفسه فى الفنون التشكيلية الخ.. الخ.
ما يهمنا هو أن الكاتب المتمكن والموهوب عادة ما يجرب كل الأشكال إلى أن يستقر على شكل واحد والشكل هنا لا ينفصل – طبعاً – عن المضمون لا أشير إلى ذلك على اعتبار أنه صار بديهياً.
أما أدب الطليعة فسيظل فرسانه ومحبوه إلى أن تنتهى الحياة، وأما أدب الرفض فسيبقى أيضا ويستمر.. إلى أن تنتهى أسبابه وبواعثه وإلى نظرة متأنية أكثر فى سيمفونية الحب.. سيمفونية الرفض والتحدى لعاشق الكلمة المعشوق أوزوريس.
السياسة الكويتية – الملحق الأسبوعى
شهر نوفمبر 1983
?

 





0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More