Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

السبت، 25 سبتمبر 2021

195مقدمة كتاب رؤية النقد لعلامات النص المسرحي لمســـرح الطــفل فى الوطن العربى بقلم الدكتورة فايزة سعد

 


دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 195 )

 

مقدمة
بقلم الدكتورة فايزة سعد

 

عن هذا الكتاب

دراسة من كتاب

رؤية النقد لعلامات النص المسرحي

 لمســـرح الطــفل فى الوطن العربى

"الجزء الثانى"

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى


 


مقدمة
بقلم الدكتورة فايزة سعد

 

عن هذا الكتاب

يضم هذا الكتاب عددا من الدراسات والمقالات التى تدور جميعها حول مسرحيات السيد حافظ التى كتبها لمسرح الطفل. هذا المجال الإبداعى الذى لم يحظ بعد بما يستحقه من عناية الكتاب والنقاد على السواء، وربما يعود هذا لصعوبة مخاطبة عقل الطفل وإثارة دهشته فى آن واحد وهو أهم ما يميز الكتابة للطفل.

وقد تنوعت هذه الدراسات والمقالات تنوعا جليا فى منهج التناول وزاوية الرؤية لهذه الأعمال المسرحية، ومع هذا التنوع البين تظل قضية استلهام التراث وتوظيفه أهم المحاور التى دارت حولها هذه الدراسات.

وقد توقفت بعض الدراسات والمقالات عند النص المسرحى باعتباره نصا أدبيا كُتب خصيصا للأطفال، بينما تناولت بعض الدراسات النص الأدبى والعرض المسرحى أيضا؛ إذ أن جميع المسرحيات موضوع هذا الكتاب قد تم عرضها على خشبة المسرح.

وبينما تناولت بعض هذه الدراسات والمقالات مسرحيات بعينها، آثر بعضها أن يتناول مسرح الطفل عند السيد حافظ بشكل عام .

  وقد تلاقت الرؤى فى طرحها رؤية عامة لمسرح الطفل عند السيد حافظ فى كثير من خطوطها العريضة ؛ إذ شكل تناول المضمون الفكرى ، والقيم الأخلاقية والتربوية التى يرسخها فى وجدان الطفل العربى محورا بارزا فى هذه الدراسات، بالإضافة إلى تناول العلاقة بين الأعمال المسرحية والموروث الشعبى من القصص والحكايات والسير والملاحم لتقديم هذه القيم الأخلاقية والتربوية.

 ومن تلك المقالات التى تناولت مسرح الطفل عند السيد حافظ بشكل عام هذه الإطلالة التى قدمها الأستاذ الدكتور كمال الدين حسين حول التغيرات الاجتماعية وكيفية تناولها فى مسرح الطفل عند السيد حافظ، إذ قدم تصوره عن الدور التربوى لمسرح الطفل ، وأهميته فى تنمية الانتماء للوطن، وبث قيم التنافس الشريف لدى الأطفال، وما يعتور مسرح الطفل من قصور عن مواكبة الأحداث العربية وبخاصة ما يتعلق منها بموضوع الصراع العربى الإسرائيلى، وعزل الطفل العربى معرفيا عما يدور حوله من قضايا ومشكلات، ناهيك عن قصور المؤسسات التعليمية أيضا عن تنمية القدرات التعليمية للطفل مما يشكل خطورة على تنشئة هذه الشريحة الاجتماعية، ويؤدى إلى تنشئة جيل من الأطفال المستأنسين فى أوطانهم.

ثم انتقل الكاتب فى دراسته إلى مسرح السيد حافظ الذى يعده مسرحا تحريضيا سياسيا خرج به السيد حافظ من عباءة القيم التربوية ليغرس فى الأطفال من خلاله معانى الحرية والوحدة والمقاومة . وقد توقف الكاتب عند بعض المسرحيات التى تعكس الرؤية الأيديولوجية للكاتب والتى اتخذ من التراث إطارا فكريا لها ليعبر من خلاله عن قضايا العصر ومشكلاته، لما لهذا التراث من بريق جاذب ، خاصة التراث الشعبى وما يمتاز به من مرونة تسمح بالحذف والإضافة حسب مقتضى الحال . وقد ركز كاتب المقال على إبراز التغير الاجتماعى الذى عبر عنه السيد حافظ فى أعماله لمسرح الطفل فى الفترة الممتدة من 1983 حتى 1993 متناولاً أهم القيم والرؤى الأيديولوجية التى قدمها السيد حافظ فى مسرحيات تلك الفترة.

فتوقف عند مسرحية "سندريلا" تلك الحكاية الخرافية العالمية التى أعمل فيها السيد حافظ قلمه وخياله بالحذف والإضافة ليرسخ لدى الأطفال قيم التراحم والمودة والتعاطف، ورفض الجحود والقهر الذى تعرضت له سندريلا، وكيف استطاع العمل المسرحى أن يعبر عن فساد رجال القصر ، وانعزال الحكام عن واقع شعوبهم.

ثم انتقل الكاتب إلى مسرحية "أولاد جحا" متناولا توظيف الرمز فى التعبير عن القضية الفلسطينية، ورؤية السيد حافظ للتغير السياسى والاجتماعى الذى أصاب الأمة العربية بعد هزيمة يونيو 1976، والانقسام المجتمعى إزاء اتفاقية السلام، وموقف الدول العربية التى أعلنت رفضها للاتفاقية بينما كانت تمارس فى الخفاء العلاقات العربية الاسرائيلية .

وفى تناوله مسرحية " على بابا"، توقف الكاتب عند رصد الفساد الذى ساد المجتمع العربى فى الثمانينات من القرن الماضى ، وهو ما يرتبط بالثراء الفاحش عن طريق أساليب غير مشروعة، وكيفية إفساد العدالة تحت سطوة رأس المال الجشع.

ثم تناول الكاتب مسرحية " الشاطر حسن" مسلطا الضوء على موضوع المسرحية الذى يعرض الهوة الواسعة بين الحاكم والشعب ، ودور بطانة الحاكم فى عزله عن شعبه .

  وكما قدم الأستاذ الدكتور كمال الدين حسين رؤية عامة لمسرح السيد حافظ وما يطرحه من قضايا فكرية ، عرضت الدكتورة ليلى بن عائشة رؤية بانورامية لأعمال السيد حافظ من منظور آخر؛ إذ ركزت فى دراستها على موضوع توظيف التراث فى مسرح الطفل عند السيد حافظ متناولة أهمية مسرح الطفل فى التكوين المعرفى للطفل، وتربية الذوق والجمال الفنى لديه، والأدوات التى يجب أن يمتلكها من يتصدى للكتابة للطفل لتحقيق هذه الغايات، ثم عرضت الظروف والملابسات التى دفعت بالسيد حافظ للكتابة لمسرح الطفل، والهجوم الذى تعرض له من قبل بعض النقاد.

ثم تناولت الكاتبة بعض المسرحيات متوقفة عند المضمون الفكرى ، وما تقدمه من قيم وأخلاقيات؛ فتناولت مسرحية "سندريلا" وما قدمته من قيم أهمها التمسك بالحق والدفاع عنه، وتناولت مسرحية " الشاطر حسن" وما طرحته من قيم أخلاقية تتعلق بالمحبة والتواصل الاجتماعى، وحرية الفرد التى تتحقق من خلال حرية القول وحرية الفعل للجميع، كما عرضت الكاتبة واحدة من أهم القضايا التى ألح عليها السيد حافظ فى مسرحه للكبار والصغار على السواء وهى علاقة الحاكم بالمحكوم. وتوقفت الكاتبة عند مسرحية " على بابا" متناولة ما تضمنته من صراع طبقى بين الأغنياء والفقراء، وصراع السلطة مع الشعب، وتناولت حرص السيد حافظ وإلحاحه على موضوع القضية الفلسطينية لتنمية وعى الأطفال بهذه القضية وأبعادها.

كما عرضت الكاتبة لمسرحية " سندس" التى يدين فيها النص المسرحى الموقف العربى الذى يسميه بالتخاذل والتقاعس عن توحيد الصف واستثارة الهمم لتحرير بيت المقدس.

ثم انطلقت الكاتبة إلى موضوع المصادر التراثية التى اعتمد عليها مسرح السيد حافظ من سير وملاحم شعبية مثل سيرة فارس بنى هلال التى ارتكزت إليها مسرحية " أبو زيد الهلالى" التى طرح الكاتب من خلالها همومه القومية وقضية الانتماء، وسيرة عنترة بن شداد التى ارتكزت إليها مسرحية " عنترة بن شداد" التى تحمل كنزا من الحكم والأمثال وتبرز فضيلة الشجاعة والاستبسال ، وأهمية العلم فى حياة الإنسان، كما تدعو إلى التلاحم والتكاتف الجماعى لتحقيق الأحلام والآمال.

 ثم توقفت الكاتبة بشكل تفصيلى أمام مسرحية "حب الرمان وخيزران"؛ إذ تناولت المسرحية من خلال دراسة فنية تناولت الحدث والمكان والزمان والشخصيات والبنية اللغوية من خلال الوصف التحليلى لعناصر البنية ، كما تناولتها من خلال الدراسة الموضوعية التى تناولت ما تحمله المسرحية من قيم وأخلاقيات تعد بيت القصيد فى المسرحية ، إذ تمثل الهدف الذى تقدمه المسرحية للطفل.

أما الدراسة التى قدمتها الأستاذة فاطمة حاجى فقد انقسمت إلى قسمين بدأتهما بمدخل عام عن أهمية المسرح ودوره التنويرى فى المجتمع متوقفة بشكل خاص أمام مسرح الستينيات، ودوره الثقافى ، وأهمية استلهام التراث العربى بالغ الثراء فى تجديد الخطاب المسرحى.

ثم تناولت فى القسم الأول مسيرة السيد حافظ فى الإبداع المسرحى بشكل عام وأهم المحطات فى هذه المسيرة التى يعد التجريب أبرز سماتها المميزة، كما يعد انشغاله بالهم الوطنى والقومى أيضا من أهم القضايا التى ألحت عليها هذه المسيرة الفنية الحافلة .

كما تناولت مسرح الأطفال عند السيد حافظ من خلال دراسة موضوعية وفنية؛ فتناولت مسرحية " سندريلا" وما تحمله من قيم تربوية ، كما قدمت رؤية فنية للخطاب المسرحى وكيفية توظيف الرمز وبنية الحكاية داخل الحكاية .

ثم عرضت الكاتبة لمسرحية" على بابا " المستوحاة من قصص ألف ليلة وليلة والتى قدم فيها الكاتب القضية الفلسطينية بأسلوب رمزى يتناسب والمرحلة العمرية التى تمثل الفئة المستهدفة .كما عرجت الكاتبة على استلهام التراث الشعبى فى مسرحية " أبو زيد الهلالى" وما تبثه هذه المسرحية من قيم أخلاقية وأهداف تربوية، وكيف حققت المسرحية هذه الدهشة لدى جمهور الأطفال الذين عرفوا بعضا من ملامح الماضى وما حمله من قيم نبيلة بالإضافة إلى الأهداف التعليمية التى حققتها المسرحية متمثلة فى تعريف الطفل بأدوات الحرب والقتال ووسائل الاتصال بالزمن الماضى ليعرفوا بعضا من ملامح تاريخهم . وكان للكاتبة تحفظ على حكمة الصبر التى اتسم بها الساحر، وقد بررت تحفظها هذا بأن صورة الساحر الراسخة فى ذهن الطفل ترسمه فى صورة الرجل الذى يعتمد على السحر والشعوذة والأساليب الملتوية وصولا لهدفه، وربما كانت شخصية الدرويش أو العجوز أكثر ملائمة لهذا الدور.

وفى تناولها مسرحية" عنترة بن شداد" سلطت الكاتبة الضوء على أن الكاتب منذ البداية يستحث جمهور البراعم للدفاع عن شرف الوطن ضد المغتصبين :( إن حكاية عنترة ليست للتسلية والترفيه فقط بل هي أيضاً مرآة تعكس القيم النبيلة كالشرف والنبل وتصور عظمة الإنسان في قوة شخصيته وصلابته أمام الأعداء وليس في حسبه ونسبة.)

 ثم انتقلت الكاتبة إلى مسرحية" أولاد جحا" وقدمت عرضا سريعا لبعض الأعمال الأدبية التى استلهمت قصة جحا موضوعا أدبيا فى الأدب العربى، ثم توقفت أمام مسرحية السيد حافظ وكيف تدعو الأطفال إلى "التآلف والتآزر من أجل تحرير الأرض، وكيف تساعد المسرحية على تفتح ذهن الطفل لاكتشاف حقيقة العصر والمثل العليا التي اتصف بها أبناء جحا لعلهم يحذون حذوهم في الكفاح".

وفى تناولها مسرحية"سندس" عرضت الكاتبة اهتمام المسرحية بالقضية الفلسطينية وخطط العدو الصهيونى للاستيلاء على بيت المقدس، ومخاطبة وعى الطفل لتعريفه بما أصاب الصف العربى من انشقاق، وتخاذل العرب عن تحرير فلسطين. أما تناولها مسرحية " لولو والخالة كوكو " فقد سلطت الضوء على موضوع المسرحية المتعلق بخروج المرأة للعمل وترك الأطفال للمربيات للقيام بدور الأم ، وأهمية هذه القضية التربوية وخطورتها فى المجتمعات العربية مشيرة إلى عدد من القيم التربوية التى يجب على الأسرة العربية الانتباه إليها.

أما القسم الثانى من الدراسة فقد قدمت فيه الكاتبة تحليلا موضوعيا لمسرحية " الشاطر حسن" متناولة الحضور التراثى فى المسرحية، والموازنة بين النص المسرحى والحكاية التراثية الخيالية لأبى الحسن المغفل مع هارون الرشيد، لتعرض مدى التزام السيد حافظ بالخطوط الرئيسة للحكاية التراثية، وما تدخل به فى النص التراثى من حذف وإضافة للتعبير عن قضايا العصر، وما قدمته هذه المسرحية من قيم تربوية وما حققته من أهداف سيكولوجية ،كما تناولت المسرحية بالتحليل الفنى حيث قامت بتحليل الشخصيات ، والعناصر الفنية فى المسرحية فتناولت الزمان والمكان والبناءالدرامي واللغوى والحوار .

أما الدكتور نادر القنة فقد ألقى محاضرة فى العاشر من أغسطس عام 1988 بقصر ثقافة الحرية بالإسكندرية قدم فيها رؤية موضوعية شاملة لمسرح الطفل عند السيد حافظ مشيرا إلى أهمية هذا المسرح فى تاريخ مسرح الطفل فى الكويت ، إذ يعد السيد حافظ صاحب الكم الأكبر والكيف الأفضل والأكثر تنوعا فى بنية هذا المسرح مبرهنا على هذه الرؤية بإطلالة سريعة على تاريخ مسرح الطفل فى الكويت قبل السيد حافظ حتى يبرز موقعه على خارطة مسيرة مسرح الطفل فى الكويت وأهميته.

ثم تعرض الدكتور نادر القنة إلى المؤثرات الثقافية المختلفة التى أسهمت فى تشكيل رؤية السيد حافظ للإبداع بعامة ، والكتابة للطفل بخاصة ، وذلك من خلال عرض الظروف السياسية والاجتماعية التى عاصرها السيد حافظ إبان هزيمة 1976 وما بعدها.

وقد حدد الكاتب محاور ثلاثة لتكون مداخل لتناول مسرح الطفل عند السيد حافظ وهى : المضامين الفكرية، والبنى الشكلية، والخصائص العامة التى أرساها السيد حافظ فى مسرح الطفل الكويتى.

ومن خلال مناقشة المضمون الفكرى سلط الكاتب الضوء على اهتمام السيد حافظ بالمضامين القومية ومناقشة وعى الطفل بجميع همومه ومشاكله، وفى هذا الصدد تعرض الكاتب لمسرحية ( سندس) التى قامت على تسييس مسرح الطفل؛ إذ قدمت العداء الأزلى بين الفكر العربى والفكر الصهيونى ببساطة شديدة للطفل. كما تناول الكاتب قضية الانتماء التى كانت المحور الرئيس فى مسرحية (أبوزيد الهلالى) .

أما تناوله البنى الشكلية فى مسرح السيد حافظ فقد أفاض فى طرح قضية الأصالة والمعاصرة من خلال مناقشة استدعاء الموروث وإعادة هيكلته ضمن حدود مسرحية قادرة على الوصول إلى وعى الطفل.

ثم أنهى الكاتب محاضرته بعرض السمات الفنية والتربوية التى تعد من أبرز ملامح مسرح الطفل التى رسخها السيد حافظ فى مسرح الطفل الكويتى.

وقدمت الباحثة المغربية نزيهة بن طالب قراءة تحليلية لمسرحيات السيد حافظ مع مقارنتها بالأصل الشعبى . وقد مهدت الكاتبة لتناولها بمدخل قدمت من خلاله القيم الفكرية والمعرفية والجمالية التى يقدمها مسرح السيد حافظ للطفل بطريقة إيحائية. ثم تطرقت إلى استلهام التراث وإعادة تشكيله ليقدمه بشكل مسرحى مميز، وكيفية تطويع هذا التراث لفنيات المسرح من ناحية ، وجعله ملائما لمزاج المتلقى من ناحية أخرى.

ثم تناولت الكاتبة بعض الأعمال المسرحية فى علاقتها بأصولها التراثية من خلال قراءة أيديولوجية تعكس كيفية تدخل السيد حافظ فى تلك الأصول التراثية بالإضافة او الحذف ، فقدمت أوجه التلاقى والاختلاف بين سندريلا الحكاية الخرافية فى الأدب العالمى وسندريلا السيد حافظ، ثم تناولت مسرحية الشاطر حسن وعلاقتها بقصة أبى الحسن المغفل مع هارون الرشيد مقدمة موازنة بين القصة الأصلية وتناول السيد حافظ لها ، وما تحمله من قيم ومبادئ سعت المسرحية إلى ترسيخها فى وعى الطفل العربى.

كما تناولت الكاتبة قضية الوعى السياسى وعلاقة الحاكم بالمحكوم فى مسرحية (أولاد جحا)، وقدمت عرضا لمضمون كل من مسرحيتى (عنترة بن شداد) و (أبو زيد الهلالى) مسلطة الضوء على قصص البطولة فى التراث العربى ، و علاقة كل من المسرحيتين بالسير والملاحم الشعبية وما ترسخه من قيم الشجاعة والبطولة.

 ثم توقفت الكاتبة عند مسرحية (سندس) لتقدم دراسة فنية للبناء الفنى للمسرحية متناولة اللغة والحوار والزمان والمكان والبنية الدرامية للمسرحية.

مسرحية سندريلا:

أما الدراسات النقدية التى توقفت عند بعض الأعمال المسرحية لتتناولها بالتحليل والنقد فهى تشكل الغالبية العظمى من الدراسات النقدية والمقالات فى هذا الكتاب. وقد حظيت مسرحية "سندريلا" بالنصيب الأكبر من اهتمام الكتاب والنقاد، إذ تم تناولها من خلال رؤى نقدية متعددة سواء تلك التى تناولت المسرحية باعتبارها نصا أدبيا ، أو التى تناولتها باعتبارها عرضا مسرحيا ، أو الدراسات والمقالات التى جمعت بين الرؤيتين فتناولت النص الأدبى ثم تناولت المعالجة المسرحية وفنياتها.

فتناول الدكتور عبد الكريم برشيد البعد الجمالى والبعد المعرفى فى مسرح الطفل وأهميته فى اتساع مدارك الطفل والارتقاء بذائقته. ثم انتقل إلى مسرحية سندريلا متسائلا عما إذا كانت تأليفا أو اقتباسا أو ترجمة أو إعدادا. ويخلص الكاتب إلى أن السيد حافظ أعطانا تركيبا جدليا بين الذات والموضوع؛ إذ قرأ الحكاية الغربية بعين شرقية، قرأها انطلاقا من مخزونه الثقافى ومن وضعه التاريخى والاجتماعى، ومن إرثه الحضارى العربى / الإسلامى ، ومن هنا نشأ الاختلاف وسط الائتلاف.

ثم تناول الكاتب المسرحية باعتبارها عرضا فنيا على خشبة المسرح مقدما رؤيته لجماليات العرض المسرحى، لينتقل من هذه الرؤية إلى النص الأدبى مقدما رؤيته التحليلية للفضاء المسرحى وعلاقته بإبداع الدلالة فى النص ، من خلال مناقشة الخطاب الدرامى فى النص مْن الذى يحكى فى النص؟ ولمن يحكى؟

ثم تناول الكاتب هيكلة النص المسرحى : فصوله، ومشاهده، من حيث المحتوى ليقدم رؤية موضوعية فنية توقفت باستفاضة عند البنية العميقة للنص التى قدمها الكاتب من خلال الثنائيات الجدلية :الخير/الشر، الفقر/الغنى، الحلم/والواقع، الذكاء/الغباء...وكيف تلعب تلك الثنائيات دورا بارزا فى ترسيخ القيم الأخلاقية التى ترسخها المسرحية فى ذهن الطفل كالصدق، والأمانة، والخير، ورد الجميل...، وكذلك النهايات التى تهدف إلى ربط الطفل بالواقع، وعدم الإسراف فى اختيار النهايات المثالية الحالمة التى ترسخ مفاهيم التواكل وانتظار المعجزات.

أما الدكتور عبد العزيز خلوفة فقد تناول مسرحية " سندريلا والأمير" موضحا كيف اقتبس السيد حافظ القصة العالمية باعتبارها مادة خام أعاد تشكيلها لتناسب عقل الطفل العربى ، وليقدم من خلاله القيم والأخلاقيات والقضايا المتعلقة بمجتمع الطفل . وقد اتخذ الكاتب من هذا التناول مدخلا لعرض خصائص وسمات الكتابة لمسرح الطفل.

ثم قدم الكاتب دراسة بنائية للنص المسرحى فتناول بنية الدلالة وتوظيف الرمز فى النص ، ثم تناول الشخصيات بين مرجعية الحكاية والواقعية الرمزية ، وما قام به السيد حافظ من تعديلات على هذه الشخصيات، كما تناول شعرية اللغة فى النص المسرحى.

قم انتقل الكاتب إلى تناول المسرحية باعتبارها عرضا فتناول الفضاء الدرامى والديكور، والإضاءة والموسيقى والأغانى، والرقص، والملابس، والمؤثرات الصوتية.

وتناولت الباحثة الكويتية آمال الغريب المسرحية بوصفها نصا أدبيا ، وبوصفها عرضا مسرحيا تناولا أكاديميا . فتناولت حكاية سندريلا فى المسرح الكويتى بشكل عام، ثم توقفت أمام سندريلا السيد الحافظ متناولة أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين أصولها فى الأدب العالمى مبررة هذا الاختلاف سواء بالإضافة او بالحذف لتعريب الفكرة وتحميلها القيم الخاصة بالمجتمع العربى ، تلك القيم التى يهدف المؤلف لغرسها فى وجدان الطفل العربى.

وتوقفت الكاتبة عند بعض النقاط فى البنية الدرامية والحدث الدرامى فى النص ،إذ رأت الباحثة أن مشهد السوق لم يخدم الحدث الدرامى لما يحمله من تناقض فى موقف الباعة الذين لم يتعاطفوا مع سندريلا رغم انتمائهم للطبقة الاجتماعية نفسها، ورأت الباحثة أن المشهد غير موظف دراميا . كما ترى الباحثة أن بنية الحكاية داخل الحكاية لم تؤد الهدف منها ، فهى لم تخدم تطور الفعل الدرامى، بالإضافة إلى ما يمكن أن تؤدى إليه من تشتت ذهن الطفل.

وهو رأى خاص بالباحثة ، إذ تنفتح تلك المشاهد على تأويلات عدة ، فمشهد السوق يحمل دلالة عميقة تشير إلى الافتقار إلى التراحم الإنسانى حتى داخل الشريحة الاجتماعية نفسها، أما الحكاية داخل الحكاية فهى إثراء للنص المسرحى وتقدم تقنية التعليم بالمثال؛ فمن خلال حكاية الراعى والغنم أرادت أم الخير أن تعلم سندريلا أهمية الصدق فى التعامل مع الآخرين دون أن تلجأ إلى النصيحة المباشرة او اللغة الخطابية .

كما تناولت الباحثة توظيف الحيوانات فى النص المسرحى لتقوم بدور الكورال فى المسرح الإغريقى ، إذ تقوم بالتعليق على الأحداث ، وسد فجوات النص بحكاية الأحداث التى وقعت خارج خشبة العرض، وقد أخذت الباحثة على النص عدم التمهيد لعلاقة سندريلا مع الحيوانات ، ومن ثم كان تعاطفهم معها غير مبرر بأسباب مقنعة، بالإضافة إلى كثرة الحكم التى رددتها الحيوانات فى مواقف كثيرة لا علاقة لها بالموقف الدرامى.

ثم تناولت الباحثة الشخصيات من خلال دراسة فنية متناولة الشخصيات الرئيسة والشخصيات الثانوية، والعناصر الفنية للعرض فعرجت على الإخراج والموسيقى ، والملابس، والإضاءة.

وأما الدكتورة نيرمين يوسف الحوطى فقد استعرضت الأعمال الإبداعية العالمية التى استلهمت تلك الحكاية الخرافية التى كتبها الكاتب الفرنسي "بيرو"، منوهة إلى اختلاف القوالب الفنية التى عالجت أسطورة سندريلا، واختلاف تلك المعالجات ، والتصرف فى الأسطورة بما يخدم رؤية وهدف كل منها.

ثم توقفت الكاتبة عند رؤية السيد حافظ التى تمحورت حول الصراع الأزلى بين الخير والشر، لتقدم رؤية موضوعية وفنية للمسرحية، فتناولت فصلىّ المسرحية بعرض للمضمون الدرامى لكل منهما، مع تسليط الضوء على فنيات العرض المسرحى فى علاقتها بدلالات النص وأيديولوجيته؛ فتناولت الديكور الذى قسم خشبة المسرح إلى ثلاثة مستويات اتساقا مع الرؤية الدلالية للنص ، كما تناولت بقية عناصر العرض الفنى من أغنيات وموسيقى، وإضاءة وحوار .

وقد توقفت الكاتبة أمام ملحوظة لم تجذب انتباه غيرها ممن تناولوا المسرحية بالتحليل البنائى أو الموضوعى، وهى هذه المفارقة الساخرة التى جسدت القيم الإنسانية النبيلة من خلال الحيوانات ، بينما جسد البشر المتمثلين فى شخصية زوجة الأب وابنتيها نماذج للغرائز الدنيا فى الإنسان كالجشع والأنانية ، وانتهاك حقوق الغير، وهو ما يعكسه بوضوح الحوار بين الحيوانات وهنود، هذا الحوار الذى اتسم بالسرعة والانسيابية من خلال بنية لغوية آثرت الجمل القصيرة المتتابعة مما أدى إلى سرعة إيقاع الحوار وحيويته. كما توقفت الكاتبة أمام دور الإخراج المسرحى فى تأطير القيم الثقافية المتعلقة بالعادات والتقاليد بجانب السلوك والأخلاقيات التى حثت عليها الديانات جميعا.

وفى تناولها لمسرحية " سندريلا والأمير" قدمت الأستاذة إيمان الزيات فى الفقرة الافتتاحية لمقالها الإطار العام الذى تدور فيه المسرحية، والذى يمكن اعتباره مدخل الكاتبة لتناول المسرحية حيث تقول : "مابين الغناء، والاستعراض، والأضواء والديكورات، وأصوات الفرح والحزن، والضحك والبكاء، وصخب الحواة ومهرجي القصر، ونبرات المتآمرين وأنات المظلومين، قدمت مسرحيةالأطفال «سندريلا والأمير» .

ومن خلال رؤية تربوية تعرضت الكاتبة لأهمية المسرح باعتباره أسلوبا من الأساليب الفاعلة فى معالجة بعض المشكلات النفسية والاجتماعية لدى الأطفال. ثم عرضت الكاتبة ست سمات رئيسة من وجهة نظرها يجب توافرها فى الكاتب الذى يتصدى للكتابة للطفل باعتباره وسيطا بين ثقافة الطفل والعالم الخارجى الوطنى والمحلى والعالمى. ثم قدمت الكاتبة دراسة تحليلية للمسرحية التى رأت أنها نص سهل فى لغته ، ومغاير فى أطروحاته ، وعميق فى رموزه ومدلولاته. فتناولت بنية النص الذى التزم التقسيم الشكلى الكلاسيكى بتقسيم النص المسرحى إلى فصلين ، وكيف اتكأ النص على قصة سندريلا العالمية وقام بمعالجتها بطريقة مغايرة ، وبكيفية تخدم غرضه الرئيس المخبأ خلف النص أو (بميتاسرد النص) من حيث المضمون . ثم انتقلت الكاتبة إلى الموازنة بين شخصيات الأسطورة وما أجراه السيد حافظ بها من تغييرات بما يخدم رؤيته المسرحية، مما يشكل انتقالا مما هو ذاتى (قصة سندريلا) إلى ما هو موضوعى (قصة ظلم الشعب وقهره) مما صبغ النص بصبغة توجيهية محفزة .

كما عرضت الكاتبة لكيفية تغيير الكاتب ثيمات النص المكانية والشكلية من خلال عنصرى الديكور والإضاءة ، مما يشعرنا بالحيوية ويكسر الرتابة والاعتيادية، كما يضفى على النص الثيمة الشرقية. ولما كان الحوار هو حامل مضمون العمل المسرحى إلى المتلقى تعبيرا عن الأحداث، فقد تناولت الكاتبة لغة النص من خلال رؤية تحليلية قدمت تحليلا لمستويات الأداء اللغوى فى علاقتها بالشخصية ؛ فتناولت الأساليب اللغوية من حيث الخبر والإنشاء ومناسبتها للطبقة الاجتماعية المتحدثة بها مما يعكس عمق الباحثة ودقتها فى تناول التراسل بين اللغة الدرامية والشخصية المسرحية ، وهو ما لم يتوقف عنده غيرها ممن تناولوا المسرحية بالشرح والتحليل ، كما تناولت الباحثة تنوع مستويات اللغة بين الحوار المسرحى والأغنيات والمنولوجات .

ثم انتقلت الباحثة إلى العناصر الفنية للعرض المسرحى : الشخوص، والحركة، والديكور، والملابس، واللون ، والمناظر على خشبة المسرح، وكيف تم توظيفها لتخطى إشكاليات التلقى المسرحى، هذا إلى جانب الإشارة إلى امتلاك الكاتب أدواته فى توظيف السينوغرافيا والتقنيات الجمالية التى وسمت النص بالمرونة والجهوزية لتحويله إلى فرجة بصرية دون المساس بجوهره الفكرى ، فقد أدى فهم الكاتب للتقنيات العملية للعرض المسرحى إلى اتساق الفضاء الدرامى بالنص مع الفضاء الحركى / فضاء خشبة المسرح.

مسرحية " الشاطر حسن"

تأتى مسرحية " الشاطر حسن فى المرتبة التالية لمسرحية " سندريلا" من حيث اهتمام النقاد والكتاب بها نصا أدبيا أو عرضا مسرحا أو كليهما معا. كما تنوعت زوايا الرؤية فى تناول المسرحية ما بين القراءة الموضوعية، والقراءة الفنية ، والقراءة البنائية.

تناولت الأستاذة آمال الغريب المسرحية تناولا موضوعيا من خلال مدخل عرضت فيه الأعمال المسرحية التى استلهمت قصة أبى الحسن المغفل فى المسرح العربى للكبار و للصغار.

كما عرجت على بعض قصص الأطفال العالمية التى يبدو أنها مأخوذة من الموضوع نفسه مثل قصة " الأمير والفقير". وتذهب الكاتبة إلى أن أصل الحكاية الشعبية "الشاطر حسن " مزيج من قصتين : حكاية "أبي الحسن المغفل" المستقاة من ألف ليلة وليلة ، وحكاية الشاطر حسن التي وردت في قصص الشطار والعيارين في التراث العربي.

وتعرضت الكاتبة لأوجه الشبه والاختلاف بين الحكاية الشعبية ومسرحية السيد حافظ التى تدخل فيها بالتعديل والحذف والإضافة لإضفاء صفة العمومية على المضمون الفكرى ، وتقديم إسقاط فكرى على الواقع العربى، فالمسرحية تعالج القضايا الداخلية والخارجية معا مما يشكل انعكاسا للواقع العربي السياسي المعاصر.

ومن خلال التحليل الفنى قدمت الكاتبة تحليلا للشخصيات الرئيسة والشخصيات الثانوية، ودور كل منها فى تقديم الدلالة الفكرية للنص المسرحى .كما تناولت البناء الدرامى الذى اقتصر على تلخيص المحتوى الدرامى للمسرحية ، ثم انطلقت لتناول الحوار الذى اتسم بالبساطة والوضوح وانسجامه مع الشخصيات ، وقد أخذت الكاتبة على الحوار صياغته باللهجة الكويتية المصرية ، هذا إلى جانب ما شابه من بعض الذاتية والذهنية والصبغة التقريرية فى بعض المشاهد الدرامية. كما تناولت عناصر العرض المسرحى من إخراج وديكور، وإضاءة، وملابس، وموسيقى، وغناء، وكيف أسهمت جميعا فى إحداث الدهشة لدى المتلقى الطفل الذى تبهره المتعة البصرية والسمعية إلى جانب الحكاية موضوع المسرحية.

ثم قدمت الكاتبة ما أطلقت عليه ( بعض الانتقادات للمعالجة المسرحية) ومن هذه الانتقادات قصة السؤال التى ساقها الكاتب ليؤكد على ذكاء الشاطر حسن ، وقد رأت الكاتبة أنها مقحمة على السياق الدرامى، وأنها مجرد محاولة ذهنية أراد بها المؤلف مزاوجة رموز من الأساطير الإغريقية برموز من التراث الأسطوري الشرقي ، بطريقة لا تبدو لنا مناسبة .

كما تحفظت الكاتبة على مشهد حضور مدعي السعادة (قميص أسعد سعيد) لقصر الأمير ، ورأت أنه غير موظف دراميا ، هذا بالإضافة إلى أنه يظهر الحاكم بصوره ساذجة للغاية.

فى تناوله الموضوعى للمسرحية اتخذ الدكتور نادر القنة من الطرح الفكرى فى مسرحية" سندريلا" مدخلا لتناول مسرحية " الشاطر حسن"، ويذهب الدكتور إلى أن السيد حافظ يريد صناعة جيل لا يعرف التردد .

ويتناول الكاتب موضوع تعامل السيد حافظ مع التراث وهو المحور الرئيس للمقال. فيتعرض الكاتب إلى قصة الوحش فى أسطورة أوديب ، ويعرض أوجه التلاقى والاختلاف بين العملين ويذهب إلى أن الاختلاف الجوهرى يكمن فى فلسفة السؤال؛ فبينما كان الإنسان فى الدراما الإغريقية إنسانا قدريا غيبيا، فإن الإنسان عند السيد حافظ محكوم بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويتناول الكاتب الأعمال الإبداعية التى استلهمت حكاية " أبى الحسن المغفل" على مابينها من اختلاف فى التناول والرؤى الفكرية . ثم يتناول خصوصية الرؤية الفكرية عند السيد حافظ، وتوظيفه الرموز لدعم هذه الرؤية فى المسرحية. ويذهب الكاتب إلى أن المخرج آثر الأسلوب الاستعراضى لتقديم هذا الطرح الفكرى بأسلوب شائق قريب المأخذ من عقل الطفل ودرجة وعيه.

مسرحية " عنترة بن شداد"

تناولت الباحثة يمينة الراوى مسرحية "عنترة بن شداد" تناولا فنيا وبنائيا؛ فبدأت بعرض ملخص للمسرحية، ثم تناولت الجوانب التربوية فى المسرحية، وما تطرحه من قيم وأخلاقيات أهمها الانحياز للإنسان البسيط فى وقوفه ضد القهر والظلم، كما أشارت إلى خطورة التأثير الغربى على وعى الطفل العربى من خلال وسائل الإعلام وبخاصة" التليفزيون".

وإلى جانب تناولها البعد التربوى، والبعد الاجتماعى فى المسرحية، تناولت أيضا الخطاب السياسى الذى استمد قوته من الأحداث التى تحمل دلالات التحرر والانعتاق من الأسر، والتأكيد على الحرية قيمة إنسانية يتحقق من خلالها الوجود الإنسانى فى أسمى معانيه.

وقد أخذت الباحثة على السيد حافظ أنه " يواجه الثقافة الغربية بخطاب تملؤه الخرافة والعموميات، بحيث أن استحضار أشياء لا واقعية أمام الطفل هو ما يشكل بعض الجوانب المظلمة في الخطاب التربوي العربي كأن يتم الحديث عن الحوار الذي جرى بين عنترة والحيات ومع ملك القرود..." وقد أغفلت الباحثة فى هذه الرؤية النقدية المرحلة العمرية التى تشكل الفئة المستهدفة بهذا الخطاب، والتى يعد عالم الحيوانات ، والعالم الخيالى أكثر العوالم إثارة لدهشتها، وأن الطفل قد لا يقبل الخطاب الواقعى المباشر ، ولكن يمكن التأثير فيه فكريا ووجدانيا من خلال اللعب، ومن خلال هذه العوالم الخيالية الأكثر تأثيرا فيه.

ثم تناولت الباحثة الجوانب الفنية فى المسرحية ؛ فتوقفت عند البناء المعمارى أو هيكلة النص الذى تكون من فصلين وعدة مشاهد أعادت الباحثة عرض المضمون الدرامى فى كل منها منوهة بخروج السيد حافظ على القواعد الكلاسيكية فى المسرح الأرسطى.

كما تناولت الباحثة " التناص" فى هذه المسرحية التى استقى المؤلف مادتها من الحكاية الشعبية المعروفة فى الأدب العربى، إيمانا منه بقدرتها على معالجة قضايا العصر التى يتخبط فيها الطفل العربى.

وتحت عنوان " الصراع الدرامى " تناولت الباحثة الصراع الداخلى الذى عانت منه شخصية عنترة بسبب ما عاناه من ظلم العبودية، ورغبته فى التحرر والانعتاق من أسره. والصراع الخارجى بين قبيلة عنترة والأعداء الذين أسروا كل شباب القبيلة وفرسانها. ثم تناولت الصراع الثقافى بين ماهو عربى وما هو غربى دخيل.

كما تناولت الباحثة الشخصيات الرئيسة والشخصيات الثانوية وما تحمله كل منها من قيم ودلالات رمزية, و الفضاء المسرحى ممثلا فى بنية كل من الزمان والمكان ، كما تناولت اللغة المسرحية والحوار مؤكدة على أن اختيار المؤلف اللغة الفصحى كان الاختيار الأمثل، وذلك لما يمكن أن يحققه من انتشار فى الوطن العربى كله دون أن يقف اختلاف اللهجات حائلا دون ذلك. وتوقفت أمام الأساليب اللغوية للحوار كالاستفهام، والنداء، والأمر، والنهى، والتعجب وغيرها من الأساليب التى حققت الإثارة والتشويق لدى الطفل مما جعل المؤلف قادرا على تحقيق تواصل حى وفعال مع الطفل العربى.

أما الدكتور طارق محمود الحصرى فقد بدأ دراسته الفنية لمسرحية "عنترة بن شداد" باستعراض الأعمال الإبداعية التى استلهمت سيرة البطل الشعبى عنترة بن شداد، وما تحمله سيرة عنترة من قيم أخلاقية وتربوية، وما ترسخه من مبادىء إنسانية، قبل أن يشرع فى قراءته التحليلية لمسرحية السيد حافظ التى استهلها بالمشهد الافتتاحى فى المسرحية، وما يحمله من دلالات فكرية تتعلق بصراع الأصالة والحداثة، وأهمية دور الأسرة فى تربية الأطفال وتنشئتهم، ودور المجتمع ، وبخاصة الإعلام، فى بث القيم التربوية الإيجابية فى عقل ووجدان الناشئة. ويرى الكاتب أن هذه الافتتاحية تضعنا وجها لوجه أمام صدمة الحداثة والثقافة الغربية؛ فعلاقة الأطفال بالحكايات الغربية علاقة وثيقة، بينما لايعرفون شيئا عن حكايات الفرسان فى التراث الشعبى العربى.

 وبعد عرضه مضمون المسرحية، وأحداثها يستنتج الكاتب ما تضمنته المسرحية من العناصر والسمات المميزة للبطل فى السير الشعبية من حيث القوة البدنية، والمهارات القتالية، والقدرات الذهنية... متناولا كلا منها بالشرح والتحليل. ثم يتناول دور البطل المساعد فى السير الشعبية متخذا من شخصية شيبوب فى مسرحية عنترة نموذجا يشرح من خلاله أهمية هذا البطل فى تحريك الأحداث.

ثم ينتقل الكاتب إلى الإطار الفكرى للمسرحية، ذلك الإطار الذى يراه خطابا متعدد الدلالات والأبعاد؛ فيتناول البعد الاجتماعى والثقافى موضحا أهميته فى إبراز قضية ثقافة الطفل ومحاولات الغرب المستميتة لفصله عن ثقافته وتراثه العربى، وكيف أشارت المسرحية إلى خطورة هذه القضية وأهميتها.

وفى تناوله الخطاب التربوى عرض الكاتب ما تحمله المسرحية من قيم ومبادىء أخلاقية ، كما تناول الخطاب السياسى وما يحمله من قيم المطالبة بالحرية للنفس وللوطن.

 ثم ينتقل الكاتب إلى الصراع الدرامى فى المسرحية سواء الصراع الداخلى أو الصراع الخارجى فى البنية الدرامية للنص المسرحى.

أما تناوله للغة المسرحية ، فيرى الكاتب أن المؤلف اعتمد على لغة نثرية اتسمت بالتقريرية والوضوح، والمباشرة، ومراعاة أن الجمهور المستهدف هو الطفل فابتعد عن الزخرفة اللفظية، والمحسنات البديعية التى قد تكون أعلى فى مستواها اللغوى من قدرة الطفل على الاستيعاب.

وتناولت الباحثة خلود محمود عبود لغة الحوار فى نصوص السيد حافظ المسرحية ، فبدأت بمقدمات بالغة الطول عن وظائف اللغة والمدراس المختلفة التى تناولت هذه الوظائف، والسمات الواجب توافرها في كل من يتصدى للكتابة والطفل ، والحوار وأهميته فى العمل الأدبى ، وعرض بعض الأعمال الأدبية ومناقشة عنصر الحوار فى هذه الأعمال.

وبعد هذه المقدمات بالغة الطول التى ترهل بها هذا البحث الأكاديمى بدأت الباحثة فى تناول لغة الحوار فى مسرح السيد حافظ ، وبعد أن ذكرت الباحثة أن بحثها يتناول أعمال السيد حافظ المسرحية المكتوبة فى الفترة من 1990 إلى 2014 ذكرت الباحثة أنها اختارت مسرحية "عنترة بن شداد" عن طريق القرعة لتكون عينة بحثية لدراسة الحوار فى مسرح السيد حافظ !!! كيف يتم اختيار عينة البحث عن طريق القرعة وكأن المسرحيات جميعا نسخا مكررة من بعضها البعض ، وكيف تنسحب النتائج المستخلصة من دراسة لغة الحوار فى مسرحية عنترة على سائر المسرحيات المكتوبة فى الإطار الزمنى الذى حددته الباحثة!!

وقد حددت الباحثة المنهج الوصفى منهجا لتحليل الحوار فى مسرحية عنترة بن شداد، ومع ذلك بدأت تناولها بالعرض الموضوعى للمسرحية متوقفة عند توظيف التراث الشعبى من خلال سيرة البطل الشعبى عنترة بن شداد، وعلى الرغم من أن موضوع الدراسة هو لغة الحوار، توقفت الباحثة عند القضايا الاجتماعية التى يحملها النص من وجهة نظرها مثل قضية المرأة وحريتها فى اختيار الزوج من خلال شخصية عبلة، وقد عرضت الباحثة القضية من خلال لغة عامة تخلو من المنهجية العلمية حيث قررت مواصفات الرجل الذى"يملأ عينى المرأة".

وحين تعرضت على عجالة للغة الحوار فى المسرحية قدمت رؤيتها الخاصة بأن لغة الحوار فى المسرحية لم تراع المراحل العمرية المختلفة للأطفال: (لقدعبرت لغة الحوار بشكل واضح عن أفكار الشخصيات وطموحاتها, فكانت لغة سلسة واضحة معبرة عن الدوافع النفسية للشخصية وأهدافها, إلاأنها لم تعبر عن كل المستويات العمرية للطفل وإنما تحددت بالمستوى الأخير أو الأكبر عمراً.. وجاء ذلك نتيجة لطبيعة المصدر الأساس الذي استلهم منه السيد حافظ نصه. مما جعل ذلك النص غامضاً على المستويات العمرية الأولى للطفل, من حيث عدم تلبيته لحاجاتهم الفكرية) ولم تقدم الباحثة أى سند علمى لرؤيتها الانطباعية فى بحث تربوى؛ فهى لم تحدد الشريحة العمرية التى تناولتها، ولم تحدد آلية الاستقصاء التى خرجت منها بهذا الرأى ، ناهيك عن عدم التزامها بأى مستوى من مستويات تحليل لغة الحوار فى المسرحية ، مما أوقعها فى تناقض النتائج ؛ فقد ذكرت فى النتيجة الأولى من نتائج البحث: (لم يتمكن السيد حافظ من مراعاة جميع المستويات الفكرية للأطفال في نصوصه, مما انعكس ذلك على لغة الحوار المستخدمة)، ثم ذكرت فى النتائج التالية: (خلت لغة الحوار من المصطلحات المعقدة أو المبالغ بها. .

ابتعاد لغة الحوار عن اللهجات الشعبية , جعلها أكثر تماسكاً ووضوح وأكثر قدرة في التعليم والتوجيه..

امتازت لغة الحوار بوضوح تام , ممايعكس تمرس الكاتب ومعرفته الجمة بالأطفال ومداركهم)             

مسرحية " أبو زيد الهلالى" :

جاء تناول الدكتور طارق محمود الحصرى لمسرحية " أبو زيد الهلالى " فى إطار تناوله السيرة الشعبية فى مسرح الطفل، فبدأ بمقدمة بالغة الإيجاز مشيرا إلى استلهام السيد حافظ هذه المسرحية من السيرة الهلالية، واختياره أبرز أبطالها موضوعا لمسرحيته.

قسم الدكتور طارق الحصرى دراسته إلى عدة محاور اتخذها عناوين فرعية تناول كلا منها بالشرح والتحليل ، فتناول موضوع المسرحية الذى عرض فيه مضمون كل فصل من فصلى المسرحية ، ثم تناول كيفية توظيف السيد حافظ السيرة الهلالية لتقديم المحتوى الفكرى، وتحقيق غاياته التربوية التى يعد التحدى والصمود لمواجهة الشر أهم دعائمها.

ثم تناول الصراع فى المسرحية مشيرا إلى تعدد أشكال الصراع واختلاف أهدافه فى النص المسرحى.

كما تناول الكاتب اللغة والحوار مشيرا إلى أن اللغة تميزت بالبساطة والسهولة التى تتناسب مع المستوى العقلى للطفل؛ إذ جاءت لغة الحوار متدرجة من كلمة واحدة إلى كلمتين ثم جملة بسيطة قصيرة... مما جعل الطفل لا يشعر بالملل مع تبادل الحوار المستمر بين الشخصيات وأضفى حالة من الحركة والحيوية .

ثم تناول الكاتب شخصيات المسرحية، وكيف حافظ السيد حافظ على السمات الرئيسة للشخصيات فى الحكاية الشعبية، وبخاصة شخصية " أبو زيد الهلالى" وما اتسمت به من صفات الشجاعة والفروسية ، والقدرات الذهنية... كما توقف الكاتب أمام توظيف السيد حافط للحيوانات شخصيات فاعلة فى النص المسرحى، مما حقق له عنصر الإثارة والتشويق لدى الأطفال الذين يشكل عنصر الخيال واحدا من أهم وسائل التأثير الفكرى والوجدانى لديهم .

ثم انتقل الكاتب إلى البناء الملحمى للنص المسرحى وكيف يؤكد من حين لآخر على أن هذا العمل ليس واقعا ولكنه عمل تمثيلى تخييلى حتى لا يقع المتلقى فى دائرة الاندماج مع الشخصيات المسرحية.

واما الأستاذ عبد الغنى داوود فقد تناول مسرحية " أبو زيد الهلالى" تناولا فنيا بدأه بعرض موجز لمضمون المسرحية ومرجعيته فى السيرة الهلالية. ثم انطلق إلى القراءة الفنية لبنية النص المسرحى ، وكانت بدايته مع قضية الراوى فى النص حيث أشار إلى ما أطلق عيه (المسرح المشارك) مشيرا فى ذلك إلى أسلوب السيد حافظ الذى جعل الحصان، والكلب راويان فى النص المسرحى، هذا بالإضافة إلى كسر الحائط الرابع فى المسرح البريختى حيث جعل الأطفال يشاركون بالرأى والمشورة فى أحداث المسرحية. ويركز الكاتب فى مقاله على ما يحمله النص من أيدولوجية الكاتب وموقفه من قضايا الوطن المعاصرة التى استطاع أن يقدمها للطفل من خلال لغة بسيطة وبأسلوب شائق يصل إلى ذهن الطفل ووجدانه، دون اللجوء إلى الخطابة ، ولغة الوعظ والإرشاد؛ فقدم ماحدث للوطن السليب فى فلسطين من خلال نص زاخر بالرموز والدلالات الإيحائية التى تعبر عن نكبة فلسطين بسبب تفكك العرب الذين تنقصهم قوة العلم، وهى أقوى من قوة السلاح وكثرة الرجال. كما عرض الكاتب لرمزية الأسماء فى النص المسرحى وما تحمله من دلالات مثل سارة وأم سارة وهى أسماء يهودية، ورمزية الشويش الذى يمثل المستعمر الغربى الذى يساند الصهيونية، ، ويرى الكاتب أن النص نموذج جيد لمسرح الطفل الذى يدعو إلى المقاومة اليقظة، ومواجهة العدو بالوعى وسلاح العلم. وفى تناوله فنية النص المسرحى يرى الكاتب أنه على الرغم من جدية الموضوع وخطورته، فإن المؤلف اختار الأسلوب المسرحى المناسب تجنبا لكل ما قد يُحدث انفصال بين الرسالة المسرحية وقنوات التواصل. وأشار الكاتب إلى بعض من تاريخ مسرح الطفل فى الغرب، منوها إلى أننا مازلنا نبحث عن الهوية العربية لمسرح الطفل العربى، وأن السيد حافظ يمثل خطوة على هذا الدرب من خلال استقراء تراثنا الأدبى، والإلمام بأصول الفرجة التمثيلية، وجذورها، وتعدد أشكالها، ومعطياتها، ومكوناتها لتجسد لنا مقومات مسرح يعبر عن هويتنا العربية الأصيلة.

مسرحية " على بابا"

تناولت الدكتورة فاطمة حاجى مسرحية " على بابا" فى إطار رؤيتها البانورامية لمسرح الطفل عند السيد حافظ وما يقدمه هذا المسرح من قيم تربوية للطفل العربى ، وبدأت الكاتبة هذا الجزء من دراستها بالإشارة إلى أن النص المسرحى " على بابا" مستوحى من قصص ألف ليلة وليلة ، ثم تعرضت للمضمون الكلى أو هدف النص الذى لخصته فى الصراع بين الطبقات ؛ الطبقة العليا والطبقة السفلى من المجتمع: الطبقة العليا التى يمثلها "قاسم وشهبندر التجار وسالم"، والطبقة السفلى ويمثلها "على بابا وحمدان ومحجوب"، وكيف حول السيد حافظ فلسفة النص من صراع طبقى فحسب إلى صراع بين الفرد والسلطة، وكيف قدم الكاتب رؤية لمغايرة لصورة على بابا التى درجت الأعمال الفنية على تقديمها فى صورة الشخص الطيب الذى سرق الأموال ووزعها على الفقرء، ليقدمه فى صورة الإنسان الانسحابى، والسارق الانتهازى الذى حارب الشر بالشر، ثم تناولت الكاتبة نهاية المسرحية التى ينتصر فيها الخير على الشر.

أما الدكتورة منيرة مصباح فقد بدأت مقالها " محاكمة على بابا" بتساؤلات حول القيم التى يجب أن نقدمها للطفل من خلال المسرح، سواء أكانت تلك القيم ثقافية ام أخلاقية ، وما هى معطيات الواقع الذى نعيشه وكيف نقدمه للطفل.

وقد ناقشت الكاتبة المسرحية عبر ثلاثة محاور رئيسة : الفكرة المطروحة فى النص المسرحى، وهدف الكاتب، ومدى نجاحه فى الوصول إلى عقل الطفل ومداركه.

فى تناولها المحور الأول أشارت الكاتبة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى يقدم فيها المؤلف أعمالا تقدم الواقع المعاصر للطفل من خلال توظيف الموروث الشعبى، ولخصت الكاتبة القضية موضوع النص فى هذا الصراع الأزلى من أجل البقاء فى المجتمعات الإنسانية.

وقد كان للكاتبة رؤيتها النقدية في مضمون النص ؛ إذ رأت أن تقديم شخصية على بابا فى صورة الشخصية الانتهازية كان همها طوال العمل المسرحى أن تصبح غنية ، كان له أثره السلبى فى أن جعل الأطفال يحبون هذا النمط من الشخصيات السلبية، كما رأت الكاتبة أن النص كرس مفهوم الانتهازية فى المجتمع بشكلها الفردى فى سلوك أفراد دون أن يلقى اللوم على فكرة الانتهازية نفسها باعتبارها قيمة سلبية ، كما تعرضت الكاتبة إلى رمزية الشخصيات المسرحية فى علاقتها بالواقع ؛ وقد رأت الكاتبة أن الشخصية الرئيسة التى اعتبرها الكاتب رمزا لمجتمع مسحوق وبائس، تنتمى إلى عائلة ثرية؛ فالعائلة التى ينتمى إليها على بابا لم تكن عائلة فقيرة أو متوسطة؛ فقد قدمت المسرحية شقيقه فى صورة الرجل الغنى الذى يبخل على شقيقه ولا يساعده ، وهذا (غير منطقى فى مجتمع كمجتمعنا) دون أن يقدم أى مبرر فى ابتعاده عن طرح المفاهيم، والمبادىء الإنسانية الحقيقية والثابتة بمضمونها الصحيح وليس الملتوى . ويبدو أن الكاتبة قد رأت فى هذه القضية أن المؤلف يقدم نقدا خاصا بالأوضاع الاجتماعية فى المجتمع الذى عرضت فيه المسرحية ؛ ومن ثم أخذت تدافع عن هذا المجتمع من خلال مطالبة الكاتب بأن يلتزم الخطاب المباشر فى تناوله القيم الاجتماعية، مما يحول النص الفنى إلى خطاب تعليمى مباشر، وأنا أطرح بدورى التساؤل عن مشروعية مثل هذا الطرح: هل من حق الناقد أن يقترح على المؤلف الخطاب الفنى الذى يقدم من خلاله المحتوى الفكرى سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، أم أنه يتعامل مع العمل الإبداعى كماهو مناقشا معطياته اتفاقا او اختلافا دون طرح البديل؟

ثم انتقلت الكاتبة إلى اللوحات الغنائية التى قدم من خلالها المؤلف المضمون المسرحى بعيدا عن الحوارات الطويلة ، أو اللغة الخطابية مما شكل عنصر جذب للأطفال ، غير أنها توقفت عند فنيات تقديم هذه اللوحات التى رأت أنها قدمت قيما سلبية بالنسبة للطفل؛ إذ قدمت هذه اللوحات الفقراء سود البشرة بينما قدمت الأغنياء بيض البشرة مما يوحى بأن (الفقراء عبيد).

وتوقفت الكاتبة طويلاً أمام قضية أثر اللون على مفاهيم الأطفال ومداركهم، ورأت أن (أى عمل ثقافى يقدم للطفل يجب أن يدرس بشكل جيد من كافة جوانبه ليكون سهلا على الطفل استيعاب الأفكار بوضوح). وفى تقييمها النهائى للنص المسرحى أشارت الكاتبة إلى أن توجه الكاتب إلى التاريخ، وإلى التراث الثقافى، والأدبى ليعبر من خلاله عن قضايا تشغله فى المجتمع ليس إلا دليلا على غياب الديمقراطية التى ننتظر جميعا الإفراج عنها فى يوم قريب.

مسرحية " أولاد جحا":

فى إطار تناولها مسرح الطفل وأهميته باعتباره وسيلة معرفية وجمالية ، تناولت الباحثة المغربية نزيهة بن طالب مسرحية " أولاد جحا" فيما تناولته من مسرحيات، فبدأت بعرض موجز للأعمال الأدبية التى اتخذت من شخصية جحا موضوعا أدبيا. ثم تناولت رؤية السيد حافظ فى مسرحيته التى قدم فيها طرحه الفكرى فى أهمية التكاتف لتحرير الأرض ، كما قدم من خلالها أهدافه التربوية التى تهدف إلى تنمية وعى الطفل بقضايا عصره ، وتبث فيهم الإيمان بأهمية وحدة الصف لينجحوا فى مسعاهم كما نجح أبناء جحا.

ومن منظور آخر تناولت الدكتورة جميلة مصطفى الزقاى المسرحية نفسها؛ إذ تناولتها من خلال قراءة ثقافية للأنساق السياسية، والاجتماعية، والدينية. تناولت الكاتبة إشكالية المصطلح (التراث/ التراث الشعبى/ الفنون الشعبية) ، وناقشت خصائص التراث الشعبى وسماته، وأثره فى خاصة الناس وفى عامتهم على السواء.

ثم تناولت توظيف الأنساق الثقافية للتراث فى أدب الطفل، وبخاصة فى مسرح الطفل ، لتناقش استحضار شكل من أشكال التراث فى أحداث النص الموجه لشريحة الصغار ، والعمل على استلهام هذه الأشكال من الريبرتوار الإنسانى أو العربى على غرار كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة، وسير وبطولات بعض الشخصيات الملحمية التى اشتهرت فى فترة من فترات التاريخ الإنسانى... وكيفية تقديمها للطفل حسب المرحلة العمرية لهذا المتلقى ذى الخصوصية المتميزة ، ذلك لأن كل مرحلة من مراحل النمو تتباين عن الأخرى فى قدراتها العقلية ومستوى الوعى.

ثم تناولت الكاتبة بعض الشروط الواجب توافرها لتحقيق القيم الفكرية والجمالية فى النص المقدم للطفل، والتى تتمثل فى الرؤية الجديدة واللغة الجيدة ، وكيفية تحقيق معادلة المحافظة على الأصالة ، والمعاصرة فى تناول التراث العربى وتقديمه للأطفال.

كما أشارت الكاتبة إلى أهمية دراسة هذا المتلقى الصغير نفسيا وذهنيا حتى نقدم له هذا التراث دون إساءة للماضى ( بالمحافظة على جوهر الموضوع الأصلى) ، كما يجب أن يحقق هذا التوظيف الأهداف التربوية والأهداف الفنية معا.

مسرحية " سندس"

يرى الناقد علاء الجابرى أن مسرحية " سندس" هى أنجح مسرحيات السيد حافظ فى مسرح الطفل على الإطلاق ، وينطلق الكاتب فى حكمه هذه من خلال رؤية انطباعية ترتكز إلى توجهه الأيديولجى؛ إذ يبرر رأيه هذا بأن مضمون المسرحية يقدم الصراع العربى الصهيونى ، الذى يجب أن يعيه الطفل العربى الذى يجب أن يتشكل وجدانه إزاء العدو من خلال إلمامه بمعطيات هذا الصراع، وكشف حقيقته. ويرى الكاتب أن السيد حافظ قد تمكن من أدواته الفكرية قبل الدرامية فى هذا النص المسرحى، بيد أن الناقد برأيه هذا يبخس النص قيمته الفنية والإبداعية حين ينظر إليه هذه النظرة الأحادية الجانب مهملا الخطاب الدرامى وجمالياته فى النص المسرحى.

وينحو النحو نفسه تقريبا الدكتور أسامة أبو طالب الذى استعرض فى مقاله الانطباعى علاقته بالسيد حافظ ومسرحه بشكل عام حتى وصل إلى مسرحية "سندس" واتفق فى الرأى مع الأستاذ علاء الجابر واعتبرها من أهم محطات الإبداع فى مسرح الطفل عند السيد حافظ ؛ إذ استطاع أن يقدم السياسة للطفل بأسلوب بسيط مقنع وشائق فى الوقت نفسه ، دون أن يتطرق للمسرحية من الناحية الفنية.

مسرحية " سندباد سواح فى البلاد"

تناول الدكتور سيد على إسماعيل مسرحية " سندباد سواح فى البلاد" من خلال رؤية نقدية موازنة بين مسرح الكبار، ومسرح الأطفال، وكيف يستطيع الكاتب بحرفية ومهنية أن يكتب نصا مسرحيا يصلح لكليهما معا ؛ فتناول اختيار أسماء الشخصيات ، إذ رأى أن ثمة أسماء خاصة بعالم الطفل مثل: سندباد وكوكو وبك باك وكروان وشعبان..وهى جميعا أسماء بسيطة فى تركيبها ، بينما ثمة أسماء مركبة مثل: قوت القلوب ،ودار الزمان، وعين المكان، وصوت الحنان..هى أسماء مركبة أكثر قربا إلى وعى الكبار منها إلى عالم الأطفال.

كما تناول الكاتب القيم التى تقدمها المسرحية ورأى أن فيها قيما خاصة بعالم الطفل نحو وجوب غسل اليد قبل الأكل ، وهناك أيضا بعض القيم الخاصة بعالم الكبار مثل" عيب عليك لما تتهجم على الستات" وهى قيم قد لا يستوعبها عقل الطفل لما لها من أبعاد اجتماعية ، وأشار الكاتب أيضا إلى بعض العبارات الإسلامية مثل :"سبحان الله الذى علم الإنسان الخير والعطاء والسر فى البقاء" التى ربما أراد المؤلف من ورائها الارتقاء بفكر الأطفال، وحثهم على التفكير والتدبر ، بيد أن هناك بعض العبارات التى ربما كانت بعيدة عن إدراك الطفل مثل: " ترضى إن قرد يتجوز بنى آدم. دا حرام من أمنك لم تخونه ولوكنت خاين) ويرى الكاتب أن مثل هذه العبارات وأمثالها بعيدة عن إدراك الطفل ووعيه.

وفى نهاية مقاله يتوقف الكاتب عند الرمز السياسى، أو ما أطلق عليه الغمز السياسى فى المسرحية متمثل فى حب الوطن ، وأن المؤلف قد أحال مباشرة إلى هدفه حين اختتم المسرحية بعبارة جاءت على لسان جميع الشخصيات حيث رددوا " أجمل بلاد الدنيا هى بلادى رغم الصعاب ورغم المحن هى بلادى" .

مسرحية " قميص السعادة":

بدأت الباحثة المغربية نعيمة عبد اللاوى تناولها التحليلى لمسرحية قميص السعادة بعرض موجز لموضوع المسرحية، خلصت منه إلى التشابه بين بعض الأحداث الدرامية فى " قميص السعادة" ومسرحية " الشاطر حسن" ، مثل فكرة نزول الأمير متنكرا إلى السوق، واستخدام المؤلف بعض أسماء الشخصيات التى استخدمها فى مسرحية الشاطر حسن، هذا إلى جانب المحافظة على الفضاء المكانى، والفضاء الزمانى نفسه فى المسرحيتين، والتأكيد على ثيمة ثنائية الخير/ الشر، والكذب/ الصدق، والخيانة/الأمانة...

ثم تناولت الكاتبة بالتفصيل البناء الفنى للمسرحية؛ فتناولت بنية المكان ، وبنية الزمان فى علاقة كل منهما بالشخصيات والأحداث فى النص المسرحى. كما تناولت الشخصيات المسرحية وكيف يستمد السيد حافظ من التراث الشعبى وبخاصة حكايات ألف ليلة وليلة ملامح هذه الشخصيات وصفاتها، وكيف تحمل هذه الشخصيات التراثية قيما معاصرة تعبر عن الواقع العربى الراهن، فتناولت الشخصيات جميعا بالشرح والتحليل. ثم انتقلت الكاتبة إلى تناول الصراع الدرامى الذى تمحور حول صراع القصر مع السوق ، ورأت أنه صراع نابع من صميم الواقع الذى نعيشه فى عالم متعطش إلى العدل والمساواة والتكافل الاجتماعى.

أما عن الحوار واللغة فقد رأت الكاتبة أن الحوار تميز بسرعة الإيقاع والتنوع الذى يبعد شبح الملل عن الطفل، باستثناء مواضع معدودة اتسمت فيها لغة الحوار بالطول النسبى.

وتصل الباحثة فى خاتمة بحثها إلى نتيجة مفادها أن (المؤلف نجح فى الوصول إلى عقل الطفل وإدراك خصوصياته وسبر أغواره، كما تمكن من تحقيق هدفه ودعوته إلى تكوين مسرح الطفل فى العالم العربى ككل).

كما تناول مسرحية " قميص السعادة" الدكتور عبد العزيز خلوفه فى إطار دراسته الحكاية الشعبية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ، ومن ثم كانت بدايته من المرجعية الثقافية للمسرحية فى الحكايات الشعبية ، والأعمال الأدبية التى تناولت الثيمة نفسها موضوعا أدبيا، ثم تناول عرضا موجزا لمضمون فصلى المسرحية باعتبارهما البنية الهيكلية للنص المسرحى، ومن المضمون انتقل الكاتب إلى الدلالة، حيث تناول علاقة المضمون الدرامى بالبنية العميقة للطرح الفكرى فى النص الذى يهدف إلى طرح القضايا السياسية التى يجب أن تقدم للطفل، وأن يكون على وعى بها، وما يرتبط بها من قيم المحافظة على الأرض والدفاع عنها. ومن خلال تناوله عنصر الرمز فى تقديم المحتوى الفكرى للمسرحي يذهب الكاتب إلى أن السيد حافظ يحذر الطفل العربى من الحاشية الضالة المضللة، لأنها السبب فى تمزيق جسد الأمة ، وهى التى تسببت فى انتشار الفقر والجوع.

ومن خلال دراسة تحليلية مستفيضة تناول الكاتب الشخصيات المسرحية بين المرجعية الحكائية والرمزية الواقعية، وكيف استطاع الكاتب أن يحمل هذه الشخصيات بالرؤى الفكرية التى أراد ان يطرحها من خلال مسرحيته.

ويختم الكاتب مقاله بتناول الحوار الذى اتسم بالبساطة والبعد عن التعقيد ، ولغة النص المسرحى الذى كتب بالعامية المصرية. ويناقش الكاتب إلى أى حد كان اختيار العامية المصرية بدلا من الفصحى هو الاختيار الأمثل، ويرى أن الكتابة بالفصحى تتيح التواصل بين أطفال العالم العربى جميعا دون أن تقف بعض التعبيرات العامية الخاصة بلهجة دون أخرى عائقا فى سبيل التواصل بين الطفل والعمل المسرحى.

وإلى جانب هذه الدراسات التى حاولت سبر أغوار العمل المسرحى باعتباره نصا أدبيا أولا ، ثم باعتباره عرضا مسرحيا، ضم هذا الكتاب بين طياته أيضا عددا من المقالات الصحفية التى كان العرض المسرحى همها الأول فى التناول فلم تتوقف أمام النص إلا فى مرور عابر سريع ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مقال الدكتور علاء عبد الهادى عن الرحلة فى مسرحية " حب الرمان"، ومقال الأستاذ حسن عبد الهادى، الذى تناول العرض المسرحى" الشاطر حسن" من حيث وصف فضاء العرض، والإخراج، والديكور، والموسيقى، والممثلين، وقد عرض سريعا إلى ما يحمله العرض من قيم تقدم للأطفال، والدراسة االخاصة بالتنظير النقدى للإخراج فى مسرحية " قميص السعادة" للدكتور محمد عبد المعطى، وفيما أرى أن إعداد كتاب على هذا النحو يجمع الرؤى النقدية حول مسرح الطفل عند السيد حافظ كان عليه أن يلتزم تصنيفا ما أيا كان هذا التصنيف ، إما أن يفصل الدراسات الخاصة بالعروض المسرحية فى باب مستقل، أو أن يرتب المقالات والدراسات ترتيبا تاريخيا حسب صدور المقالات النقدية، أو الدراسات، أو أن يرتبها طبقا للأعمال المسرحية التى تتناولها... أما جمع كل ما كتب عن هذه الأعمال أيا كان موضوع التناول، بالإضافة إلى الأحاديث الصحفية للكاتب فقد أدى فى النهاية إلى تضخم الكتاب على نحو يصعب معه على الباحث أن يذهب فيه مباشرة إلى ضالته ، خاصة أننا بصدد كتاب بالغ الأهمية فيما تضمنه من دراسات جادة حول مسرح الطفل عند السيد حافظ ،مما يجعله مرجعا مهما للباحثين فى مسرح الطفل بعامة، والباحثين عن توظيف التراث فى مسرح الطفل، والباحثين عن دور السيد حافظ فى النهوض بمسرح الطفل العربى بصفة خاصة.

أ.م.د/ فايزة محمد سعد

القاهرة فى 10/1/2018

 

 

 

 




 




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More