( 233 )
في مجموعة لك النيل والقمرللكاتب السيد حافظ
بقلم
الكاتبة : شاهيناز الفقي
دراسة من كتاب
تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
في مجموعة لك النيل والقمر
للكاتب السيد حافظ
بقلم
الكاتبة : شاهيناز الفقي
سيمفونية الحب هي قصة من قصص المجموعة، و أعتقد أننا يمكن أن نطلق على المجموعة كلها سيمفونية الحب، فبين سطور المجموعة يعزف لنا السيد حافظ بالحروف فنسمع موسيقى الشعر و أمواج بحر الإسكندرية وقطرات المطر الخفيف وهي تداعب رصيف الكورنيش، ويمزج لنا السياسة بالحب بالجنس في خليط يحمل الضعف الإنساني في أبدع صوره، و كعادة الكاتب لم يتخذ الاسلوب التقليدي في كتابة القصة منهجا، وانما هو في كل قصة يؤكد على تحرره من كل القواعد، فيحير القارئ هل المتحدث هو بطل القصة ام انه السيد حافظ، هل هي قصة من وحي الخيال ام انه مجرد حكي عن تجارب شخصية، و ما لفت انتباهي هي القصص القصيرة جدا الذي ضمها لهذه المجموعة، مجموعة من الومضات المكثفة العميقة، التي تحمل رائحة الوطن و مذاق العشق و نزق الجنس، يقول الكاتب في قصة سلة المهملات
(انتهيت من كتابة رسالة إلى الوطن ووضعتها في ظرف وأمسكت القلم لأكتب العنوان فلم أتذكره فوضعت الخطاب في سلة المهملات)
هل يمكن أن ينسى السيد حافظ عنوان الوطن أم أن الوطن هو من نسى السيد حافظ وكثيرين... هل تحول الوطن لسلة مهملات!
اما في قصة الواعظ الفاسد فاستخدم أسلوبا رمزيا و لكنه واضح جدًا للتعبير عن حالة الوطن فكتب : (ذهبت إلى بيت حبيبتي في تلك اللحظة العميقة رأيت الواعظ جبته على الأرض وروب القاضي الفاسد بجوارها وقبعات الجنود فصرخت أين هي؟ واقتحمت الغرفة أبحث عنها فلم أجدها ولم أجدهم أغلقت الباب ومشيت.. أبكى) قصة الشوارع والتهمة الحب في زمن الكراهية.
(زمني هو قبلة من شفتيك وعندما يسير الحراس في الشوارع الليلية يفتشون عن الهوية.. اجري يجرون خلفي.. يفتشونني وينزعون القميص من فوق صدري ثم يضحكون يصرخ كبيرهم.. أنظر ماذا كتب على جسده.. أحبك يا مجنونة. حاكموني.. التهمة الحب في زمن الكراهية)
كل قصة في مجموعة السيد حافظ تحمل لك همًا جديدًا يضعه في عقلك وقلبك وبين عينيك وفوق كتفيك، ويأخذنا مع شخوص القصص لنكتشف حجم التشابه بيننا وبينهم في الكثير وكأنه يتحدث عن المصريين منذ الأزل وحتى اليوم الحب هو نفسه والنضال والشقاء والخيانة، في قصة أربع رسائل من العمر الضائع يضعنا في مواجهة مع المجتمع والعادات والتقاليد زهرة الفتاة التي تسير على نمط مصري شرقي عربي فترى الحب بلا زواج عبث والقبلة في العلن فضيحة قد تمنح كل شيء سرًا ولكن في النهاية لابد من إرضاء المجتمع حتى لو تركت عمر نجيب يصيبه الجنون فيمزق ملابسه ويصرخ انتخبوا زهرة عبد السميع لي.
صابر طز... رحلة الحياة الذي عاشها والناس حوله يثرثرون.. صابر أفندي كافر.. صابر أفندي عاقر.. صابر أفندي شيوعي ليموت ويسرق اللص هويته ويصبح أداة تعليمية في محاضرة تشريح لكلية الطب ومازال الناس يثرثرون.. لقد هرب بره البلاد.. تزوج امرأة أخرى.. سيعود.. ويثير فينا ياسر طز تساؤل هل نحن كلنا في هذا الوطن لا نملك الا ان نكون ياسر طز هل الرحلة تنتهي دائما بطز ام ان الامل مازال موجودًا...
محسن فريد الذي يريد إعادة كتابة التاريخ.. سرحان الذي أنقذ الطفل من الكلب فحبسوه لأن في بلادنا يمنعون التعرض للكلاب، ومهدي أفندي الذي يشعر بطعم الدم في جوفه والعديد من الشخصيات التي لا تستطيع ان تمر امامك مرور الكرام بدون ان تجد وجها للتشابه بينك وبينها.
وقد آلمتني قصة مدينة نعم وشعرت بمرارة في جوفي و انا اقرأ الفتاة الصغيرة الفقيرة الخادمة الحبلى بكلمة نعم، فهي لا تستطيع إلا ان تقول نعم حتى لمن يشاركها الفراش او لرجل عجوز يعيش وحيدًا، نعم تلك الكلمة التي قتلت الكثيرين قتلت الفتاة أيضا تحت عجلات السيارة مع الرجل العجوز و ينصرف الناس للبحث عن الملح، ولا يدركون ان الملح يسكن فوق جبين الكثير من الفتيات الفقيرات في بلدنا، قصة مؤلمة وواقع مؤلم يعريه السيد حافظ امامنا من خلال الرمزية في السرد.
ولكن ما يلفت الانتباه ايضًا في هذه المجموعة مثل معظم كتابات السيد حافظ هو حضور السيد حافظ نفسه بين السطور، فانا حين اقرأ رواية او قصة إنما اقرأ الكاتب وقد يسبب ذلك من وجهة نظري نوع من التشتت لدى القارئ، بالإضافة أن أسلوب الكاتب يتكرر في بعض الأحيان بنفس الكيفية والوصف والتوظيف اللغوي مما أضاف إلى شعور في بعض القصص أنني قرأتها من قبل، كما ان هناك بعض القصص تحوي احداثا لم يبرر لها الكاتب ولم يفسرها مثلًا في قصة الثمن كلهم على السمنودي عامل ومحامي وطالب وشاعر وصحفي.. خليط من المصريين والحبيبة واحدة صماء أمية مريضة.. تتزوج خمسة رجال ولكنها شريفة.. لم يبرر لي الكاتب لماذا تتزوج الصماء المريضة خمسة رجال ولماذا يراها القاضي شريفة...ربما لو كان برر ارتباطها بالخمسة رجال انهم تناوبوا اغتصابها عنوة وتزوجوها رغما عنها كانت القصة تبدو أكثر اقناعا..
في النهاية المجموعة القصصية لك النيل مجموعة تحمل روح الكاتب السيد حافظ وتحمل لنا اللذة النبيهة والألم الذكي.
بقلم : شاهيناز الفقي
السيرة الذاتية
شاهيناز الفقي
روائية وقاصة مصرية
عضو اتحاد كتاب مصر
عضو نادي القصة المصري
عضو نادي أدب مصر الجديدة
عضو الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما
Email: gooddays_70@hotmail.co.uk
الإصدارات الأدبية
1- رواية سعيدة ملحمة العشق والحرية سنة 2017 الطبعة الثانية من الرواية عام 2019 دار زهراء الشرق للنشر والتوزيع
2- رواية سنوات التيه 2018 دار زهراء الشرق للنشر والتوزيع
3- مجموعة قصصية الدبلة المحبس 2019 دار غراب للنشر والتوزيع.
4- قصص قصيرة مترجمة للإنجليزية في كتاب حكايات النيل
5- المشاركة بقصص رعب في كتاب بعنوان الأرض الملعونة
6- المشاركة بدراسات نقدية في كتاب بعنوان تمظهر التجديد في بنية السرد في القصة القصيرة للدكتورة نجاة الجشعمي من العراق.
الجوائز التي حصلت عليها :
- جائزة واحة الأدب بالكويت 2018 عن قصة "لا وقت للحزن" من المجموعة القصصية الدبلة والمحبس
- جائزة إحسان عبد القدوس 2020عن رواية يا شمس أيوب.
0 التعليقات:
إرسال تعليق