دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 192)
شهادة من
يوسف حمدان
من كتاب
التنوع الدلالى فى مسرح الطفل
ما بين التناص والتراث والإخراج
" الجزء الأول"
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
شهادة من
يوسف حمدان
إن الوقوف على تجربة ثرية واسعة عميقة كتجربة مبدعنا الكبير السيد حافظ، تحتاج إلى ما يربو على السبعين عاما حتى تدرك السبعين ربيعا من الحلم الذي بلغه عمره الزمني من أجل تشكيل وخلق أزمنة إبداعية تداخلت فيها مختلف الفنون والثقافات (المسرح والصحافة والإدارة والدراما التلفزيونية والاذاعية وفنون الطفل والدراسة وغيرها من فنون)، كما تحتاج إلى متابعة ومباحثة للدراسات والمؤلفات التي كتبت وتقصت تجربته العميقة.
هو الكاتب المختلف المغاير المتعدد المتنوع الخلاق في كل ما يتصدى له، وخاصة في حقول المسرح التي تصدى لاخراجها ودراستها أغلب المبدعين والنقاد في وطننا العربي، ونالت اهتمام مؤسسات الترجمة الأكثر أهمية في العالم، والتي استحقت جوائز وأوسمة ندرة هم من استحقها من المبدعين في وطننا العربي.
وكان لهذا المبدع الإنساني إلى أبعد درجات الإنسانية، المتواضع الدمث الخلق، حضور فاعل وخلاق في خليجنا العربي وخاصة في الكويت التي من خلالها سنحت لنا الفرصة التعرف على مكانته المسرحية الإبداعية وخاصة في مسرح الطفل الذي يعتبر أول من أسس له في خليجنا العربي وشكل من خلاله مخرجين وممثلين ودارسين له.
وكانت من أهم المسرحيات التي شاهدتها وكان هو مؤلفها، مسرحية سندريلا وسندس والتي عرضتهما مؤسسة عواطف البدر الكويتية بإخراج الفنان الراحل منصور المنصور في أكثر من دولة من بينها مملكة البحرين في منتصف ثمانينيات القرن الماضي.
في هذه الفترة كان لي شرف التعرف على مبدعنا الكبير السيد حافظ، وكنت حينها حديث التخرج من أكاديمية المسرح بالكويت، وكنت حينها مشاكسا إلى درجة لا تحتمل أحيانا، فكانت مسرحية حذاء سندريلا بداية الاشتباك الخلاق مع استاذي الكبير السيد حافظ الذي ظل طيلة قسوتي النقدية على العرض يبتسم بحنو غير عادي من منصة الندوة التطبيقية ويرد على أسئلتي بهدوء اخجلني حقا، وما أن انتهت الندوة حتى بادر هو شخصيا لإكمال الحوار حول العرض بعد الندوة، ولا أنسى وصفه الحميم لي بالابن العاق الذي أصبح فيما بعد عبر رسائله الشخصية لي ملازما لي حتى لدى بعض الأصدقاء المبدعين والمثقفين.
بعد هذا اللقاء وهذه المراسلات التي لازلت احتفظ بها بخط يده حتى هذا اليوم والتي تبدأ دائما بابني العاق، وما احلاها على قلبي وروحي، توطدت العلاقة أكثر مع استاذي المبدع، فرحت اقرأ نصوصه التي كتبها ومن بينها وربما من أهمها حكاية الفلاح عبدالمطيع التي أثارت حوارا وجدلا خلاقين على صعيد الدراسات النقدية في وطننا العربي والتي تعتبر منعطفا مهما في قراءة الموروث والتاريخ والواقع وخاصة في مصر، بل تعتبر محطة تجريبية ينبغي الوقوف عليها وتأملها جيدا ومليا، خاصة وأن الدراسات التجريبية التي رافقت تجريبي القاهرة الدولي منذ تأسيسه منحت نصوصه المسرحية أهمية كبرى في حقل التجريب على النص.
إننا لو تأملنا نصوص مبدعنا الكبير السيد حافظ سنجد أنها أوغلت في كل تفاصيل مصر قديمها وراهنها وحديثها برؤية حداثية مغايرة لا تأبه كثيرا بالتراكم الكمي المتشابه في الفكرة والأسلوب والرؤية والمعالجة التي نال وللأسف الشديد كثير من الكتاب كسب السبق بسببها أو بسبب الارتكان إليها، كما نهل من التراث والاساطير ما منح كتاباته ومؤلفاته خصوصية تنتمي لرؤيته فيها بوصفها مؤلف إبداعي خاص بالمؤلف نفسه.
مبدعنا الكبير السيد حافظ الذي ظلت ابتسامته الطفلية المشرقة ترافقه حتى اللحظة التي التقيته فيها في تجريبي 23 العام الماضي 2016 بقاهرة الإبداع والحب، لمن لا يفهمه أو يدرك حجم إبداعه الثر والغزير الذي يشعرنا وكما لو أنه بدأ حلم الكتابة مذ استنشق نسمة الهواء الأولى في مشيمة التكوين، يذهب به الشطط كثيرا فيستسهل ويبني رأيه على كلمات فارطة مبررة تصدر من مبدعنا في الفيس بوك بقصد استشفاف حالة عابرة أو مؤرقة أو مقلقة، دون أن يذهب إلى عميق بحر إبداعه، وما أكثر هؤلاء الذين رأوا البحر شاطئًا فظلوا يعبثون برماله باعتبارها امواجًا!!.
استاذي المبدع الكبير السيد حافظ، سنظل ننهل من معين ابداعك وانسانيتك الخلاقة وان بلغت من الحلم مالا يحصى من العمر..
انني أراك اللحظة هذه وكما لو انني بشرفة مجاورة لشرفتك، فأنت مصر التي تسكنني وتسكننا أيها المبدع الكبير..
وكل عام ونحن لإبداعك حافظون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق