Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الجمعة، 24 سبتمبر 2021

146 سندريلا من الحكاية إلى المسرحية بقلم الكاتب والناقد المغربى الدكتور / عبد الكريم برشيد

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 146 )

  سندريلا

من الحكاية إلى المسرحية

بقلم الكاتب والناقد المغربى

الدكتور / عبد الكريم برشيد

دراسة من كتاب


 التنوع الدلالى فى مسرح الطفل

ما بين التناص والتراث والإخراج

" الجزء الأول"

جمع وإعداد

د. نـجـاة صـادق الجشـعمى


 


 

مسرحية سندريلا (1983)

تأليف : السيد حافظ

على مسرح عبد العزيز المسعود بكيفان

12 اكتوبر 1983


إعداد / عواطف البدر

إخراج / منصور المنصور

تأليف الأغانى / فلاح هاشم

التوزيع الموسيقى / شعبان أبو السعد

الألحان / طالب غالى

الرقصات / د. حسن خليل

الديكور / مصطفى عبد الوهاب

مساعد مخرج / أسمهان توفيق

بطولة :     هدى حسين – انتصار الشراح

أسمهان توفيق – حسين المنصور

 سندريلا

من الحكاية إلى المسرحية


بقلم الكاتب والناقد المغربى

الدكتور / عبد الكريم برشيد


(اعتقد أننا إذا أردنا أن يكون المسرح الأسبانى متميزاً فى المستقبل القريب، وأن يتخلى المشاهدون عن الذهاب إلى صالات المسرح لهضم الطعام.. فإن علينا أن نبدأ بالسرعة الممكنة إعداد مشاهدين جدد. ونجعلهم متميزين كى يبدأوا باعتبار المسرح شيئاً مختلفاً. وعلى هذا الأساس علينا أن نبدأ دون نقاش بمسرح الطفل والفتيان. شريطة أن يكون مسرح الطفل وفتيان مناقض (لهذا) الذى اعتبر لحد الآن النوع المثالي.... أنطونيو غاراسينا- مجلة الحياة المسرحية)

مدخل لابد منه...

مسرح الطفل.. عربياً – ما زال فى بداية الطريق. هذا ليس عيباً. ولكن العيب هو ألا يدرك واقعه. وألا يتجاوز ذاته باستمرار..

مسرح الطفل كتابة بلا شكل لكنه قبل ذلك مؤسسة.. مؤسسة لها هيكليتها وفلسفتها وسياستها وبرامجها. وهو لا يقوم إلا على أساس وجود تخطيط واسع وشامل، تخطيط يراعى بناء الإنسان العربى جسداً وذوقاً وأخلاقاً وفكراً – يبنيه فى المدرسة والبيت والمسرح والملعب والنادى والشارع والحارة..

وفى الكويت يعرف مسرح الطفل عصره الذهبى.. لقد قدر لى أن أشاهد تجربة وأن أعايشها عن قرب.. وسأقول فيها رأيى.

فى شهر نوفمبر احتضنت الكويت ندوة علمية مهمة. موضوعها الأساس هو (ثقافة الطفل فى المجتمع العربى الحديث) وقد تمت الندوة برعاية المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب. وقد استقطبت مجموعة من الباحثين والمفكرين الذى لهم اتصال مباشر بالطفل. وقد أعطت الندوة مجموعة من الدراسات والأبحاث والتعقيبات والمداخلات والتوصيات.

على هامش الندوة.. حضرنا عرضاً مسرحياً للطفل. وهو نموذج حى وعملى للمسرح الذى تباحثنا فيه وناقشناه على امتداد أربعة أيام – نظرياً – هذا العرض قدمته مؤسسة البدر للإنتاج الفنى على مسرح كيفان وذلك على امتداد شهر من الزمن. وقد لاقى العرض نجاحاً كبيراً من طرف جمهور الأطفال. وهذا ما يفسر أن يستمر عرضه شهراً كاملاً.

مسرح الطفل ومؤسسة البدر :

يرتبط اسم الأستاذة عواطف البدر – فى الكويت – بمؤسسة مهمة للإنتاج الفنى – وهى مؤسسة آمنت بالطفل وبخطورته – الآنية والمستقبلية – فكرست نشاطها له ولثقافته وفنه. لهذا قدمت له - لحد الآن – ستة أعمال مسرحية. وتأتى مسرحية (سندريلا) فى ختام هذه القائمة. وهى قائمة مفتوحية على العطاء والاستمرار.. كتب المسرحية السيد حافظ. وأخرجها منصور المنصور وأدتها مجموعة من الكفاءات المهمة فى المسرح الكويتى.

مسرح الطفل مجال خطير بلا شك. إنه مسئولية أمام التاريخ. لأنه نحت وصناعة لهذا التاريخ. صناعة جيل أو أجيال. وبذلك وجب ألا يدخله إلا من كان يمتلك تأشيرة الدخول. أى أن تكون له الأدوات الحقيقية لمخاطبة الطفل..

هناك ظاهرة عامة : يمكن أن نلاحظها فى كل مكان. وهى النظر إلى فنون الطفل وعلومه بشئ من الاستخفاف. ولعل هذا ما جعل مسرح الطفل فيه من المتطفلين أكثر مما فى المربين والمعلمين. هذا شئ نشكو منه فى المغرب. حيث تتكاثر الفرق المسرحية التى تضحك الطفل – فى الظاهر – وتضحك عليه – فى الخفاء – نفس الشئ تقريباً نجده فى الكويت. فالسيدة عواطف البدر تقول فى الكتيب الذى يوضع عند مدخل المسرح – والكلام موجه للأطفال الصغار – (أبنائى.. عاتبة عليكم أنا.. وإن كنت سأشهد الاستغراب على وجوهكم إلا أننى أقولها لكم نعم.. إننى أعتب عليكم.. لماذا.. الجواب.. السلبية.. هو سبب العتاب.. المشاركة فى الأعمال الهزيلة وتشجيعها هو سبب العتاب.. والاعتقاد بأن مسرح الطفل هو أغنية وضحكة واستخفاف هو سبب العتاب) وأتساءل – ومن حقى ذلك – وهل يتحمل الطفل حقاً مسئولية الأعمال الرديئة. إنه فعلاً يشارك فيها ويحضرها – مدفوعاً بحاجته إلى اللعب والى المحاكاة. ولكنه مع ذلك يبقى بعيداً عن المسئولية. إن الطفولة هى زمن الاعتماد على الذوات الأخرى. الذوات الأكثر سناً. والأكثر وعياً والأكثر تجربة. هذه الذوات هى التى تمده بالتجارب وتنقل إليه المعارف المتوارثة وتفتح أمامه المغلق. وبهذا أمكن القول أن عدم تقديم هذه المهمة هو شئ فى مستوى الجريمة والخيانة. خيانة لأنها تقوم على تشويه نفسية الطفل وذهنيته وذوقه. وذلك عوض أن تعمل على تهذيب ذوقه وبناء ذهنيته ونفسيته بشكل علمى ممنهج..

إن المسرح لقاء حقاً. وكل لقاء لابد أن يقوم على موضوع. لذلك لابد أن نتساءل.

-     لماذا يجتمع الأطفال فى مكان واحد وزمن واحد.

-     وماذا ينبغى أن نقول لهم فى هذا الاجتماع.

لا يختلف اثنان فى أن اللقاء فى حد ذاته مكسب كبير - لأنه يخرج الطفل فى ذاتيته وفردانيته ليوصله بالآخرين / الجماعة. إن اللقاء يخلق العمل. والعمل حاجة من حاجات الإنسان. ولكنه مع ذلك لابد أن تتحدث المسرحية. أن تقول شيئاً. أى أن تنقل للطفل خطاباً معينا. ذلك الخطاب الذى له بعدان : بعد جمالى وآخر معرفى. وبذلك تزداد مدارك الطفل اتساعاً ويزداد ذوقه رهافة وشفافية. هذا الخطاب الثنائى الأبعاد هو ما ينبغى توفره فى كل مسرحية.

وذلك حتى يؤدى مسرح الطفل وظيفته الحقيقة. وأن يكون عاملاً للدفع إلى الأمام. وليس عاملاً للجذب إلى الخلف.

إن السيدة عواطف البدر متحمسة لمسرح الطفل بشكل كبير. وهى تبدى غيرتها الكبيرة عليه. وحتى لا يسقط هذا المسرح فى الإسفاف والتجارة فهى تقترح اقتراحاً عمليا – هذا الاقتراح يمكن تبنيه – ليس فى الكويت فقط. بل في كل البلاد العربية أيضاً – فهى تطالب بتأسيس هيئة أو لجنة أو جهة معينة. وذلك حتى يصبح قطاع مسرح الطفل خاضعاً للمراقبة التربوية..

كلمات عن الكتابة المسرحية...

(سندريلا) هل هى تأليف أم اقتباس أو ترجمة أو إعداد. هذه تساؤلات رددتها الصحافة فى الكويت. إن الحكاية معروفة ومتداولة فى الأدب الغربى. والحكاية ليست فى الأصل مسرحية وإنما هى مجرد مادة أولية للإبداع الأدبى والفنى. هذه الحكاية نسجت عليها قصص ومسرحيات وأفلام وأشعار كثيرة. وبالرغم من أن المنطلق واحد فإن الإبداع مختلف لأنه صادر عن ذات أخرى.

وتلك ذات هى بالأساس أسلوب مغايرة ورؤية وموقف. فالسيد حافظ – فى مسرحية سندريلا – أعطانا تركيباً جدلياً لتفاعل الذات والموضوع. أعطانا قراءة متميزة وكتابية مغايرة. فهو قد قرأ الحكاية الغربية بعين شرقية. قرأها انطلاقاً من مخزونه الثقافى. ومن وضعه التاريخى والاجتماعى ومن إرثه الحضارى – العربى / الإسلامى. من هنا. نشأ الاختلاف وسط الائتلاف.

انطلق مما هو عام وشائع إلى ما هو خاص وشخصى. وابتداء من المعروف القديم ليعطينا المجهول الجديد. إن المسرحية كتابة جديدة. لأنها – أولاً – تمت بأدوات معرفية وجمالية مغايرة. ولأنها – ثانياً – رؤية وموقف – موقف من الحكاية الأصل. فالأحداث فى الحكاية تنبنى على نوع من التطلع الطبقي.. وهو تطلع تعكسه سندريلا التى تخرج من وضع طبقى لتلتحق بآخر. فهى تهرب من فقرها من خلال الزواج بالأمير. وهى بهذا تجد حلاً خاصاً لمشكل عام. هذا الفعل (الحدث) العام كيف كانت رؤية المؤلف إليه؟ هل ترجمه – كما هو بأمانة –هل حوره بما يتناسب والحقيقة. ذلك ما سوف نجيب عنه عند تحليلنا للمسرحية..

سندريلا. كاحتفال مسرحى. هى فى المقام الأول كتابة لفظية. إنها الرسم بالكلمات ولكنها – إلى جوار ذلك – تتعد الكلمات لتعبر بكل الأدوات التعبيرية المختلفة. فهى بنية كلية مركبة. لأنها بالأساس عناصر فنية مختلفة. إنها الرسم باللحن والرقص والغناء واللباس والإضاءة والملحقات. هذه اللغة / الكل هى لغة المسرحية الاحتفال. وهى لغة تخاطب الأذن كما تخاطب العين. وتخاطب الحس كما تخاطب العقل. وهى فى وظيفتها التعبيرية لا تبخس البعد الجمالى حقه.

شمولية اللغة فى المسرحية ينبع أساساً من شمولية الفضاء المسرحى. وهو فضاء مركب. حيث تتداخل العوالم وتتعايش مع بعضها. فهناك هذا التداخل السحرى بين العالم الواقعى / الطبيعى والعالم الأسطورى السحرى. كل شئ داخل الفضاء المسرحى ممكن ولا مجال للمحال. فالحيوانات شخصيات حية. تنطق وتفكر وتتفاعل مع الناس وقضاياهم. هذا الفضاء المسرحى هو فضاء سحرى بلا شك. فضاء متحرر من العادى والمعروف. إنه العالم – فى عجائبيه – منظوراً إليه بعين طفل..

الموسيقى لها حضور متميز فى المسرحية. فهى جزء من اللغة / الفضاء. فماذا أضافت وماذا أعطت. شئ مؤكد أنها ساهمت فى خلق واقع مسرحى مغاير. إن كل ما فى المسرحية ينطق. وللنطق مستوياته المختلفة.. مستويات تبدأ من الكلمة / اللفظ لتنتهى إلى الكلمة / الغناء وإلى الجملة / اللحن. وبهذا يكون الفرح لحناً ويكون الغضب لحناً آخر.. يقول د. طالب غالى – ملحق المقاطع المغناة فى المسرحية. (من خلالها – الموسيقى – نستطيع أن نوجه أطفالنا ونربيهم التربية الصحيحة. وندخل إلى نفوسهم الفرح. ونركز لديهم القيم الأخلاقية الصادقة.. ونغرس فى أعماقهم حب الخير والابتعاد عن الشر.. والعمل على مساعدة وحب الآخرين والتعايش معهم بمودة واطمئنان) إن المؤلف الموسيقى يركز على الدور التهذيبى والتربوى للموسيقى.. إن الكتابة اللفظية تبقى ناقصة فى غياب الكتابة بالجسد الرقص التعبيرى – وفى غياب الكتابة بالأشكال والألوان والأحجام والكتل..

بحث فى معمارية المسرحية..

 بعد هذا. لابد أن نعرج على المسرحية – كبناء معمارى – أى كحدث متطور ومواقف وشخصيات. فكيف بنى المؤلف المسرحية. إن الجواب سنحتفظ به إلى ما بعد. لأن الأساس أن نفكك ما قام الكاتب بتركيبه. هذه العملية – التحليل / التفكيك – هى وحدها الكفيلة بإعطائنا هندسة المسرحية ومعماريتها الخاصة. إن الحدث المسرحي يولد وينمو داخل فضاءين اثنين : منزل سندريلا / وهو أيضاً بيت الكلب سنور والقط مسرور والأرنب فرفور – السوق – الحارة – القصر الشارع..

فالفضاء الأول يمثل الداخل (البيت) المألوف. أما الفضاء الثانى فهو الخارج (الحارة) العالم الآخر. وبين الفضاءين هناك حوار وتفاعل. فالاختناق داخل البيت / السجن هو ما يدفع سندريلا للبحث عن الخلاص فى الخارج. هذا الخلاص الذى تجده أولاً فى المرأة العجوز – الحارة – ثم بعد ذلك فى الأمير المخلص – القصر..

ولأن سندريلا تعانى الغربة فى البيت- ولأنها غير موصولة إلى زوجة أبيها وأختيها فقد أوجد لها المؤلف رفاقاً من الحيوانات الأليفة والوفية. وبهذا تعوض حب الإنسان بحب الحيوان.. هذه الحيوانات هى جزء من نسيج المسرحية ومن عالمها الفنطازى. فهى تساهم فى صناعة الحدث. وفى بلورته وتطويره ليسير نحو ما هو خير ونبيل و(إنسانى).

المسرحية (النص) الاحتفال هى بالأساس حكاية. وهى لذلك تحتفظ بكل الأجواء السحرية والعجيبة للحكاية – أية حكاية – لا تكون إلا بوجود فعل الحكى وأن الحكى (الفعل المرتبط أساساً بالحاكى) الفاعل فقد وجب أن نتساءل.

-     هذه الحكاية / الأحداث. من يحكيها.

-     ولمن يحكيها ؟

إن المسرحية خطاب. وكل خطاب لابد له من مرسل ومرسل إليه. لذلك فإن حكاية سندريلا يحكيها الثلاثى (القط – الأرنب – الكلب) للأطفال الصغار لأنها العالم – كما تراه الحيوانات ويتقبله الأطفال. مثل هذا العالم لا يمكن أن يكون إلا مدهشاً أو غريباً وساحراً وشفافاً.

يحكى الكلب والقط والأرنب عن بنت جميلة.. مسكينة وفقيرة.. اسمها سندريلا. وإذا كانت الأحداث فى المسرح الكلاسيكى يقدمها عادة الخدم.. لأنهم أكثر التصاقاً بالبيت وبأهله. فإن نفس المهمة تقوم بها الحيوانات الأليفة فى المسرحية.

-     يا أهل الخير والأمل.

-     سنحكى لكم حكاية.

-     فى يوم من الأيام..

-     والأيام كثيرة.

-     كانت هناك بنت..

-     جميلة..

-     بنت..

-     مسكينة..

-     بنت..

-     فقيرة.

لماذا كان وليس يكون – الآن الزمن العجائبى – حيث تنطق الطير والحيوانات لا يمكن أن يكون إلا الماضى؟ إن الأمر لا يتعدى أن يكون وسيلة من وسائل التغريب حيث العبرة فى المحتوى وليس فى الحكاية.

تشريح جسد النص المسرحى...

عملية التحليل تبدأ من رد الكل إلى الأجزاء. أى إلى العناصر / المشاهد مع أن المسرحية لا تشير إلى المشاهد ولا تعطيها أرقاماً ولا ترسم لها حدوداً.

المشهد الأول.. وهو عبارة عن استهلال أو مدخل. وفيه تقدم لنا الحيوانات نفسها من خلال الحركات السريعة والألعاب البهلوانية والغناء. كما تقدم لنا بطلة الحكاية.

المشهد الثانى.. زوجة الأب مع ابنتيها – فهيمة ولئيمة – وهن يبحثن عن سندريلا. هذا البحث يكشف عن حقيقة أساسية. وهى أن سندريلا هى خادمة البيت. إن دورها هو أن تلبى الطلبات الحمقاء والبلهاء للأختين المدللتين.

المشهد الثالث.. سندريلا فى السوق.. تحمل سلتها بيدها ومعها نصف دينار. لوحة غنائية (يتغزل) فيها البائعون بسلعهم المختلفة. تضيع منها الورقة النقدية. فهل تملك سندريلا أن تعود إلى البيت وسلتها فارغة. ولأنها ابنة المرحوم عبد الله الأمين – حارس السوق قديماً – فإن كل التجار يعطونها ما تريد – بعد ذلك يأتى طفل. وهو يحمل الورقة النقدية. لقد عثر عليها. والأمانة تقتضى أن ترد الأشياء إلى أهلها.

المشهد الرابع.. فى البيت. حيث طلبات الأختين لا تنتهى وحيث لا تملك سندريلا سوى أن تجيب. حاضر.. حاضر.. حاضر ولك هذا فى ايقاع تصاعدى عنيف وسريع (حتى تتداخل الأصوات.. تسقط سندريلا فى قلب وسط المسرح).

المشهد الخامس.. سندريلا – وحدها مع الأرنب فرفور والكلب سنور والقط مسرور – يعبرون لها عن حبهم لها. وعن استعدادهم لمساعدتها ووقوفهم إلى جوارها فى غربتها مع – الإنسان..

(إن الإنسان يتعب الإنسان

يا ليت الإنسان يحب الإنسان

ويخدم الإنسان..).

هذا الاقتراب منها يغضب زوجة الأب. فتهدد بأكل الأرنب وقطع ذيل الكلب وسلخ القط..

المشهد السادس.. فى المستوى الأعلى يظهر أمير البلاد مع وزيره. وهو يحدثه عن مسألة.. فالقصص والحكايات لم تعد تسليه كما كانت.. ولم يعد يرضيه سوى أن يسمع غناء الشعب.. وحتى تتحقق له هذه الرغبة – يقترح عليه الوزير أن يتزوج. وفعلاً يأخذ بالاقتراح. ويقرر أن تكون له زوجة من الشعب. ويعلن عن شروطه. وهى أن تكون زوجة مؤدبة وجميلة ولا يهم بعد ذلك. إن كانت بنت أغنى الأغنياء أو أفقر الفقراء.

المشهد السابع : المنادى – فى الأسواق والطرقات – وهو يدعو الناس للحضور إلى قصر الأمير – وذلك حتى يختار من بنات البلاد زوجة له.

المشهد الثامن.. القط والأرنب والكلب وهم يناقشون مسألة ملاقاة الأمير من أجل أن ينصحوه بأن يتزوج سندريلا.

المشهد التاسع.. زوجة الأب مع ابنتيها – فيهمة ولئيمة – يناقشن مسألة الذهاب إلى السوق من أجل شراء قماش وأحذية. وذلك استعداداً للحفل المنتظر إقامته فى بلاط الأمير. يخرجن. على أساس أن البيت فى حراسة الحيوانات..

المشهد العاشر.. فى غياب الجميع عن البيت – يتسلل فرفور وسنور ومسرور إلى القصر يعرضون على الأمير أن يتزوج بأجمل بنت وأطيب بنت والتى ليست بنت أمير من الأمراء ولا وزير من الوزراء. يغضب الوزير لهذا الاقتراح – الحيوانى – لأنه لا يعقل أبداً أن يتزوج الأمير.. وممن؟ من إمراة ترشحها الحيوانات.. لهذا ينادى على الحراس وهو فى حالة غضب. فتفر الحيوانات. من غير أن تجد الفرصة لتطلع الأمير على اسم الزوجة المقترح..

المشهد الحادى عشر.. يعود المنادى ليؤكد الدعوة لأهل المدينة وذلك من أجل أن يحضروا إلى قصر الأمير يوم الخميس. وبهذا النداء ينتهى الفصل الأول من المسرحية..

الفصل الثانى.. وسنقسمه أيضاً إلى مشاهد. وذلك حتى نضع اليد على بنيته. هذه البنية التى تتفق وتختلف مع بنية الفصل الأول. فالفصل الثانى فيه شئ من التركيب لأنه يعتمد على تكسير الخط الكرونولوجى للأحداث. فهناك تداخل متعمد للزمن وبالتالى للأحداث ولترتيبيتها..

المشهد الأول.. فى قصر الأمير. وقد حضر كل أهل المدينة إلا سندريلا. القط والكلب والأرنب يتأسفون لحظها التعس. لأنها لم تجد فستاناً جديداً ولا حذاء جميلاً ولا حقيبة يحكون لنا. من خلال مشهد تذكرى. فلاش باك – عن سندريلا. وعن لقائها العجيب بالمرأة العجوز أم الخير.

المشهد الثانى.. سندريلا وسط الطريق وهى تغنى وتهدهد أحلامها المقموعة. تصادفها إمرأة عجوز تشكو لها الجوع والعطش.. فتعطيها سندريلا كل ما كان معها وتعطيها الطعام الذى كانت ستعود به إلى البيت..

المشهد الثالث.. وهو حكاية داخل حكاية.. حكاية الراعى الذى تعود أن يكذب على الناس فيصدقوه فى كذبه. ثم حدث بعد ذلك أن كان صادقاً فكذبوه فى صدقه. هذه الحكاية/ الأمثولة تسوقها المسرحية تمجيداً للصدق وضرباً للكذب – مهما كان المبرر – لهذا تقرر سندريلا أن تخبر زوجة أبيها بحقيقة الطعام الذى أعطته للعجوز وليقع بعد ذلك مع يقع. قبل أن تختفى العجوز أم الخير تخبر سندريلا بأنها تملك أن تحضر إليها بمجرد ذكر اسمها.

المشهد الرابع.. سندريلا مع حيواناتها الوفية. حديث مع أم الخير التى كانت هنا منذ حين.. تصبح كلمة الخير لازمة تعزف عليها مجموعة من الحوادث تمجد الخير.

المشهد الهامس.. استعداد الأم والبنتين للذهاب إلى الحفل. ووقوع خصومات صبيانية عن أيهما تكون الأولى وتساعدها سندريلا على ارتداء ملابسها. تخرج زوجة الأب بصحبة ابنتيها..

المشهد السادس.. سندريلا وحدها فى البيت. تكشف عن رغبتها – من خلال أغنية – للذهاب إلى الحفل. فجأة تتذكر اسم المراة العجوز فتنادى (يا أم الخير تعالى – تعالى) فتخرج لها المرأة. جاءت لترد الجميل ما هو أجمل منه. وتعطيها فستاناً جميلاً وحذاء وعربة. وتحول حيواناتها إلى خيول تجر العربة. قبل أن تختفى العجوز تشترط على سندريلا أن تعود إلى البيت قبل منتصف الليل.

المشهد السابع.. تقف الخيول بباب القصر. وتدخل سندريلا فيشهق الجميع لرؤيتها. ويراقصها الأمير فى إعجابه بها. وعندما (تدق الساعة الثانية عشر.. تجرى سندريلا وتترك الحذاء خلفها على الأرض ويجد الأمير الحذاء)

المشهد الثامن.. الأمير يطوف بالحذاء على المدعوات.. فتدعى كل واحدة بأنها صاحبته.. وينتهى المشهد (بأغنية عن الحذاء والبحث عن صاحبة الحذاء الجميل).

المشهد التاسع.. سندريلا وهى فى ملابسها المخرقة. تدخل زوجة الأب بصحبة ابنتيها ليجدن أن سندريلا نائمة..

المشهد العاشر.. الأمير فى قصره وهو فى حالة حزن. يأمر وزيره بأن يمر على البيوت فى المدينة من أجل أن يبحث له عن صاحبة الحذاء يتولى جنديان هذه المهمة. فيطرقان الأبواب باباً وراء باب. وينتهى بهما البحث إلى بيت سندريلا فتعمل زوجة الأب على إخافتها. ولا تظهر غير ابنتيها وتحاول البنتان ارتداء الحذاء فلا تفلحان.

المشهد الحادى عشر.. يخرج الجنديان. ولكنهما بعد لحظات يعودان. لقد أحسا الظمأ.. لذلك جاءا يطلبان الماء. وبشكل آلى تنادى زوجة الأب على سندريلا تنادى عليها لأنها خادمة البيت. ولأنها هى من ينفذ الأوامر ويلبى الرغبات (سندريلا.. أحضرى كأس ماء) فتحضر سندريلا. ويكتشف وجودها الحارسان.. وتجرب الحذاء فيكون على مقاسها.

وقفة عند نهاية المسرحية..

إن رؤية الكاتب وفلسفته غالباً ما تظهر فى ختام المسرحية.. فهو يجمع الخيوط المتناثرة ليعيطنا خطاباً معينا. فطوال المسرحية كنا نلتقى بشذرات أخلاقية عن الصدق والأمانة والخير والإحسان ورد الجميل. ولكن الآن وقد بلغنا النهاية فإن الأمر يختلف. فالمؤلف ملزم بأن يعطينا موقفاً فكريا واضحاً. فهو قد أثار قضية خطيرة جداً. فقد أخرج الجنى من قمقمه وعليه أن يرده إلى حيث كان وإلا انقلب السحر على الساحر. هل تنتهى المسرحية (بالتبات والنبات). كما فى الحكاية – فتكذب بذلك عن الواقع والحقيقة وعن الأطفال – هل تصور الأمر بهذه السهولة والبساطة فتكون بذلك تحريضاً على الحلم والارتخاء والمثالية السلبية.

إن المؤلف يقف أمام أكثر من نهاية واحدة. وقد قدم لنا كل هذه النهايات داخل النص. وعلى المخرج بعد ذلك أن يختار.. يختار الأصدق أو الأنجح.

النهاية الأولى المقترحة وتتلخص فى زواج سندريلا بالأمير. أى أن تكون المسرحية نسخة من الحكاية – تبتدئ كما تبتدئ وتنتهى كما تنتهى من غير تدخل ذات الكاتب وواقع الكاتب. لو تم هذا كانت المسرحية مع الهروب الرومانسى. تزرع فى الطفل أحلام اليقظة. وتجعل الحل مرتبطاً بالانتظار. انتظار الفارس المخلص. وهذا ما ليس فى المسرحية.

النهاية الثانية المقترحة. وقد أوردها الكاتب فى آخر النص ولكن المخرج لم يأخذ بها لأنها متطرفة فى واقعيتها. وهى بذلك كانت تمارس على الطفل عدوانية مقلقة. وتتلخص هذه النهاية فى أن تجرب سندريلا الحذاء لتجده فى غير مقاسها مع أنها تؤكد للجميع العكس وتصر على ذلك بكل قوتها (لا.. الحذاء حذائى.. حذائى تبكى نهاية المسرحية) شئ مؤكد أن هذه النهاية لا تتناسب مع تلك البداية. فهذه الواقعية المتطرفة لا يمكن أن تستقيم مع شاعرية المسرحية / الكل ولا مع عجائبيتها وحلميتها..

النهاية الثالثة المقترحة. وهى أن تكون مسألة اللقاء الأخير – بين سندريلا والأمير – مجرد حلم فقط. حلم الأمير وحلم سندريلا كذلك.. بعد الحلم يقرر الأمير أن ينزل بنفسه للشعب للبحث عن صاحبة الحذاء. واعتقد أن الحلم – مسرحياً وسينمائياً وروائياً – حيلة فنية مستهلكة ومتجاوزة لذلك ابتعدت عنه المسرحية. وقد تبنت نهاية مغايرة فيها شئ من الواقع وشئ من المثال. فيها نزول فى مقابل صعود. نزول أمير وصعود سندريلا. فيها خلاص الفرد وخلاص الجماعة. أى أن سندريلا تشترط ألا تصعد وحدها. ولكن أن يكون ذلك برفقة الآخرين. كما تشترط أن تزف للأمير فى أزيائها التى تعكس فقرها وحقيقتها. أى من غير حذاء سحرى ولا عربة ولا خيول.

كلمات عن الإخراج المسرحى...

الإخراج كتابة ثانية للنص.. إنه كتابة ما لم يكتبه الكاتب. وهو بهذا يكون استنطاقاً للصامت فى المسرحية. وتجسيداً للمعنوى وتحريكاً لما هو ثابت وهو بتعبير آخر لا حفريات أركيولوجية فى وعى ولا وعى الكاتب والكتابة معاً. الإخراج الجيد لا يكتب من خارج النص. ولكن من داخله. أى أن يوجد لغته ومضمونه ومفرداته – المنظورة والمسموعة – من جوف المفردات اللفظية..

ولعل أول شروط الإخراج هو أن يمتد حبل الحوار بين المخرج والنص. وهو حوار جدلى يقوم على التقابل والتضاد وتفاعل السلب والإيجاب. وبهذا يقرأ المخرج النص ويكتبه. يقرأ رموزاً على الورق ثم يكتبه على الفضاء – أو داخله – يكتبه بالممثل والحركة واللون والضوء واللباس والشكل والحجم والكتلة.

ولقد نجح المخرج منصور المنصور فى أن يتمثل النص تمثلاً سليماً. ذلك لأنه أعطانا موحدة وحدية. كتابة يذوب فيها المؤلف والمخرج معاً ولا نعود نبصر أمامنا إلا المسرحية.

كل نص مسرحى يشكل بنية معينة. وكل بنية لها أقفالها ومفاتيحها الخاصة. من غير امتلاك هذه المفاتيح فإن النص يبقى منغلقاً على نفسه. يبقى بعيداً وغريباً.. وإذا تساءلنا. ما هى مفاتيح هذا النص. فإن الجواب يمكن أن يكون كالتالى.

إن هذه المفاتيح تتجسد فى وجود ثنائيات متناقضة ومتصارعة ومتكاملة. من هنا إذن تبتدئ عملية الإخراج. أى من وضع اليد على جدلية الخير والشر، والفقر والغنى، والأعلى والأسفل، والحلم والواقع، والطبيعى والماورائى، الإنسان والحيوان، الذكاء والغباء، والحسن والقبح، المادى والمعنوى، هذه الثنائيات هى ما يشكل البنية العميقة للنص وللإخراج معاً.

لقد عمد الإخراج إلى أن يصنع واقعاً جديداً. فيه شئ من الحلم وشئ من الواقع. وبذلك فقد وظف كل الأدوات الفنية. وذلك من أجل أن يسجل هذا العالم الطفولى الشفاف. ويبقى أن نسجل أن المشاهد الواقعية كانت أقل نجاحاً من المشاهد الفنطازية فما السبب فى ذلك؟ هل يرجع ذلك إلى طبيعة الطفل أم إلى طبيعة الكتابتين النصية والإخراجية. لقد كانت مشاهد الأمير جادة وجافة. فى جو شفاف وغير جاد. كانت واقعية فى فضاء غير واقعى. ولعل هذا ما جعل تلك المشاهد تكون أقل حرارة من المشاهد الأخرى..

الإخراج الجيد يبدأ من اختيار النص الجيد. وفى هذا كان منصور المنصور موفقاً. ثم إن هناك شيئاً آخر – قد لا نعيره ما يستحقه من اهتمام – وهو مسألة توزيع الأدوار. توزيعاً حقيقياً وعادلاً. إن الأساس – سواء فى الحياة أو المسرح – هو أن يكون الرجل المناسب فى الدور المناسب أو فى الوظيفة المناسبة وبهذا تسير المسرحية/ الحياة نحو الاكتمال والنجاح. مرة أخرى نسأل هل كان المخرج موفقاً فى توزيع الأدوار. هذا ما سوف نجيب عنه عند حديثنا عن الممثلين..

الديكــور..

يمكن أن نسجل أن مصمم الديكور كان ذكياً. لأنه تنبه إلى ما تنبه إليه الإخراج. وهو بنية النص القائمة على جدلية الأعلى والأسفل. لذلك فقد أوجد مستويين مكانيين. الأول مرتفع والثانى منخفض. فهناك إذن حوار مكانى يوازى حوار الشخصيات.. سندريلا فى الأسفل تتطلع إلى الأعلى. والأمير فى الأعلى يطل على الأسفل. وبين المستويين تنتصب سلالم تربط بينهما..

كثيراً ما يكون الديكور مجرد كتلة ثابتة. كتلة صماء وخرساء. لا تقول شيئاً ولا تشير إلى شئ. وبذلك يصبح خلفية غريبة.. عن الممثل والجمهور معاً.. بالنسبة للديكور فى مسرحية (سندريلا) هل أدى دوراً معيناً. وإن كان كذلك. فما هذا الدور.

نعرف أن المسرحية عبارة عن مشاهد عديدة. وهى بذلك انتقال سريع داخل المكان والزمان. الشئ الذى جعل الديكور يعطى الإطار الحقيقى للمكان وللوضعية الاجتماعية التى يمثلها. فالديكور المسرحى ثوابت ومتغيرات. وأن القطع السينوغرافية المتغيرة هى التى تغير المناظر– الحارة– القصر– السوق– الشارع.

الملابس، المكياج..

يقول المثل الفرنسى. اللباس لا يصنع الراهب. ولكنه مسرحياً يصنعه. أو يساهم فى صنعه. مصمم الملابس فى المسرحية مطالب بأن يوجد اللباس المناسب للدور المناسب. فهل أعطتنا عواطف البدر الشخصية فى اللباس. هل أعطتنا النفسية والذهنية والوضع الاجتماعى والانتماء المهنى والمكانى للشخصيات.

إن الزمن فى المسرحية غير محدد.. والمكان أيضاً فالأحداث تدور فى مدينة غريبة. مدينة تقع على الحدود بين الكائن والممكن والمحال. وبذلك جاءت الملابس تركيباً للواقعية والفنطازى. إنها اجتهاد يقوم على المزج بين المعروف والمجهول. بين ما هو محسوس وملموس وما هو متخيل.

جمالياً كان اللباس مقنعاً ومنسجماً مع الجو العام للمسرحية. فهو أيضاً يقوم على جدلية الأعلى والأسفل. كما أنه يضم كل الألوان التى لها علاقة حميمية بعين الطفل. تلك العين الظمأى إلى الألوان الصارخة والأشكال الغريبة..

المكياچ فى المسرح. قد يكون تلويناً داخلياً. وقد يكون مجرد أصباغ خارجية. ولا يكون المكياج ناجحاً إلا عندما يكون منسجماً مع الألوان النفسية الداخلية بأن يكون استجابة للتلوين النفسى الباطنى. وذلك حتى يعكس –حسياً – الطهارة والبراءة أو القبح والحقد والإجرام.. ومسرح الطفل. هل يمكن أن يقوم بدون مكياج.

هناك مسرحيات عديدة لا شئ فيها سوى المكياج والملابس لا شئ غير أصباغ صارخة على الوجه. فالأنف مكور أحمر. والشفاه كذلك. وكل شئ فى الوجه مرسوم بعشوائية مقصودة. كل ذلك من أجل ابتزاز الضحك من الجمهور فالمهم هو دغدغة عين الطفل لو عن طريق ارتداء الملابس بالمقلوب ووضع الطراطير على الرأس وانتعال الأحذية العملاق.

لقد كان المكياج فى المسرحية رصيناً. فقد أعطى الحيوانات حقها. وأعطى الشخصيات ما تحتاجه بدون مبالغة. وعن التمثيل. ماذا يمكن أن نقول.

الملاحظة الأولى هى أن بهذا العمل المسرحى طاقات فنية مهمة. فهناك اقتناع داخلى لدى الممثلين بما يفعلون. اقتناع بالمسرح –مسرح الطفل– وبمسرحية سندريلا يترجم هذا الاقتناع إلى الحرارة التى تؤدى بها المسرحية. تلك الحرارة التى تجلت بشكل واضح فى تلقائية التمثيل وعفويته وفى حيويته وصدقه.

لقد تألقت أسماء فى الأداء. سواء بين الممثلين الأطفال أو الممثلين الضيوف – فسندريلا (هدى حسين) كانت بحق سندريلا. فالممثلة هى الشخصية. إنها هى كل شئ – فى الكليات والجزئيات – فى رقتها وطيبتها.. فى فقرها وغربتها وبراءتها وحسنها وآلامها وآمالها. أما ثنائى الأختين – فهيمة ولئيمة – فقد تعاطف معهما الأطفال الصغار. مع أنه الجانب المضاد للبطلة سندريلا. هذا الثنائى يشكله (سحر حسين، وانتصار الشراح). الأولى رفيعة والثانية بدينة. وهما بذلك على خلاف مادى جسدى مع بعضهما. كما أنهما على خلاف نفسى سلوكى. فالثنائى يعتمد على المبالغة فى الأداء وعلى التعبير بالإيماءات والحركات الفاقعة. هذه الكاريكاتورية لذاتها أنها تعطى للشر صورة مكبرة ومشوهة. اما الأم فقد جسدت حيرتها بين ابنتيها وقبحهما ونباهة سندريلا وجمالها (أسمهان توفيق). أما الأمير – حسين منصور – فقد قدم لنا نموذجاً للأمير / الموديل. الأمير المعروف. وقد قدمه بشكل واقعى. فى الوقت الذى كان عليه أن يقدمه بشكل فنطازى وذلك حتى يكون منسجماً مع الجو العام للمسرحية. وما قيل عن الأمير ينطبق تماماً على الوزير – حسين البدر– لأنه أيضاً كان جاداً فى أجواء مرحة وشفافة..

ثلاثى الحيوانات الصغيرة كان مرحاً.. حياً وراقصا. تخضع تحركاته لكتبة كوريغرفية بديعة.

هذه إذن هى مسرحية (سندريلا) مجهود جاد وطيب. يعكس اهتمام الإنسان العربى فى الكويت بأجياله القادمة. ويبقى أن الذين ساهموا فى إنجاز هذا العمل الفنى – من قريب أو بعيد – أكثر من أن تستوعبهم هذه الدراسة. إن المسرح عمل جماعى جوانبه الخفية أكبر من جوانبه الظاهرة. والعاملون فى الظل. لا يقلون خطورة عن العاملين فى الضوء. فتحية لكل التقنيين المسرحيين الذين يشتغلون فى صمت.

بقلم الدكتور/ عبد الكريم برشيد

الكاتب والناقد المغربى

مجلة إبداع المصرية - عدد يوليو 1985

 

 

 

 

 

 




 




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More