دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 194 )
حوار صحفى
مـع الكاتب / السيد حافظ
أجرته الكاتبة والناقدة العراقية
نـجاة صادق الجشعمى
من كتاب
التنوع الدلالى فى مسرح الطفل
ما بين التناص والتراث والإخراج
" الجزء الأول"
جمع وإعداد
د. نـجـاة صـادق الجشـعمى
حوار صحفى
مـع الكاتب / السيد حافظ
أجرته الكاتبة والناقدة العراقية
نـجاة صادق الجشعمى
- الإبداع ليس له جنسية ولا هوية وليس محدداً جغرافياً الإبداع مغامر مجنون
- التركيبة العربية كانت سر نجاح الخلطة الفنية ونجاحها فالتنوع ثراء.
- العنف ظاهرة إنسانية نشأت مع الإنسان الأول طبقاً لقانون البقاء للأقوى.
- إن الأمة العربية تعيش مرحلة الخراب الجميل.
في يوم الاحد الموافق 29/10 /2017 التقيت بأستاذي الكاتب والمبدع الكبير الأستاذ / السيد حافظ وسألته بعض الأسئلة التي تتعلق بمسرح الطفل:
س1 كيف ترى تجربتك في مسرح الطفل مع المخرجين العرب عامة والمصريين خاصة ؟
- أعتقد أنني كنت محظوظاًبتعامليمعمخرجينمنالوطنالعربيومصرفقدتعددتالرؤىالاخراجيةلهذهالنصوصوكانالنصيبالاول و الاكبر لاخراج مسرحياتي من نصيب المصريين بحكم الكم وتعداد السكان والفنانين وأن مصر أقدم الدول العربية في تبني المسرح حيث تأثرت به من خلال الحملة الفرنسية وجذبت الفنانين العرب لتدعيم وتطوير هذا الفن الجديد الا هو المسرح. فقد أخرج لي المبدع الكبير (أحمد عبد الحليم) أربع مسرحيات في الكويت. والدكتور محمد عبد المعطي مسرحيتين ومحمود الالفي مسرحيتين ومحمد سالم مسرحية والدكتور حسام عطا مسرحية وفاروق زكي مسرحية ومحمد متولي مسرحية. وأكثر من عشرين مخرجاً مبدعاً في أقاليم مصر من أشهرهم (مجدي عبيد. سمير زاهر. أحمد إسماعيل. أشرف فاروق. محمد الخولي. سمير حسني. أسامة شفيق.. عادل شاهين.. إبراهيم الدسوقي) وعشرات المخرجين من الشباب المبدعين في الجامعات المصرية.. بالاضافة إلى أن هناك حوالي ثلاثة آلاف مخرج ومخرجة في مدارس مصر تقدم أعمالي في المسرح المدرسي وخاصة مسرحية (سندس)...
ويأتي في المرتبةالثانيةالمخرجونالعراقيونوهمعلىسبيلالمثاللاالحصر(د. وليم يلدا – د.سعدي يونس – د.بشار عليوي – د.عباس تاجر)... مسرحية
وتأتي الكويت بالمرتبة الثالثة.. حيث قدم المخرج (منصور المنصور)
وفي مسرح الشباب في الكويت أخرج لي مسرحيتي من إخراج عبد الله عبد الرسول – والدكتور حسين مسلم. (مسرحية) والدكتور دخيل الدخيل (مسرحية). والحقيقة أن هذه المسرحيات قد قدمت مع مخرجيها من المحيط إلى الخليج.
أما إن كنتي تقصدين رأيي الشخصي والانطباعي سوف أقول لك :
إن الإبداع ليس له جنسية ولا هوية وليس محدداً جغرافياً الإبداع مغامر مجنون ولذلك ينتشر دون لغة ولكن استفدت استفادة كبرى من التنوع. فإن التنوع يمنح الفرد القدرة على التجديد والتطوير ويتجاوز نفسه دائماً فالثبات موت. ثبات المؤلف على فكرة واحدة أو لغة واحدة أو رؤية واحدة هو موت وأثبتت لي تجربتي الأولى في مسرحية (سندريلا) التي حققت نجاحاً خرافياً في الكويت والخليج وسر نجاحها كان التركيبة المتنوعة من المبدعين فيها فالملحن طالب غالي من العراق.. والشاعر فلاح هاشم من العراق. ومهندس الديكور مصري وهدى حسين البطلة (عراقية وقتها تحمل الجنسية العراقية) وزوجة الأب أسمهان توفيق (فلسطينية) هذه التركيبة العربية كانت سر نجاح الخلطة الفنية ونجاحها فالتنوع ثراء.
س 2 غياب مسرح الطفل في السنوات الاخيرة عن الساحة منحصراً في المهرجانات فقط والعرض لمدة ليلة واحدة.. ما هو السبب ؟؟؟
- فيالحقيقةالمسرحلايزدهرالافيمناخديمقراطيوجومنالحريةالمسرحيحبانيتنفسالحرية.. ويقاومالظلمبالرمزوهواسرعالفنونواصدقهامعالجماهيروالتلاحممعالشعبفيالحربوالسلموالتعبئةالعامةوالاحتجاجلذلكفالمسرحيخيفالسلطاتعامةوالفاسدة خاصة فالوطن العربي يمر بازمة حقيقية لان المجتمعات العربية تمر بأزمات سياسية حقيقية.. المسرح العربي عامة ومسرح الطفل خاصة ينهار لان المجتمعات العربية عامة تنهار فالمسرح مرآة المجتمع. والحقيقة المرعبة ان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار الاشتراكية ووجود قوة واحدة هي الرأسمالية ممثلة في أميريكا وانهيار واحتلال بغداد وسقوط القومية العربية بعد سقوط الناصرية بموت عبد الناصر اصبح المسرح عامة والطفل خاصة بلا قضية... ودعيني أتجرأ وأٌقول بعد خروج القضية الفلسطينية من نقطة ومحور الارتكاز إلى هامش الهامش فإنها وقعت في فخ وقعنا جميعاً في فخ النظرية الرأسمالية الاستهلاكية التي تعتمد على تقديم وجبات فنية سريعة (تيك اوي) للمتفرج العربي سواء كان صغيراً أو كبيراً مسرحيات تعتمد على الرقصة والاغنية والنكتة والتهريج ثم في آخر المسرحية نصيحة أخلاقية ساذجة في أغنية أو على لسان البطل فالكويت مثلاً..كانت أفضل دولة عربية في مسرح الطفل تقدم في كل عام حوالي (15 مسرحية) في اربع مواسم وهي..عيد الفطر _ عيد الاضحى _ دخول العام الدراسي - بداية العطلة الصيفية. ووصلت التذكرة إلى (15 دينار) في مسرحية أبو زيد الهلالي (من تأليفي) وقامت الدنيا ولم تقعد من الصحافة والنقاد ومديري الفرق المسرحية الاهلية حتى ضغطوا على وزارة الاعلام ان تصدر قراراً أن لايزيد سعر التذكرة أكثر من (6 دينار) كانت حملة هوجاء قادها صديقي (أحمد العدساني) رحمه الله وخلال عدة سنوات اختفت المواسم المسرحية وأصبح هناك عرضاً أو اثنين خلال فترة العيد..فاذا ماتت الشجرة الاصل يبست فروعها لو أحصينا ما قدمته الكويت في مسرح الطفل خلال الفتره من (79-89) سنجد مجموع المسرحيات التي قدمتها الكويت أكثر مما قدم في جميع اقطار الوطن العربي ولا زالت مصر أكبر دوله عربية وأكثر دولة غنية بالمواهب والمشاهدين لكنها تقدم عرضين فقط طوال العام فما بال الاقطار العربية الاخرى...
س3 : لماذا فشل مسرح الطفل في معظم أقطار الوطن العربي؟؟؟
- إن مسرح الطفل هو الباب السري الذي يدخل الفاشلونمنه. ممثلفاشليصبحمخرجاًأو مؤلفاًشاعر فاشل يتحول مخرجاً أو مؤلفاً كل هذا أدى بنا إلى إفشال مسرح الطفل خاصة وان المؤلفين الكبار يبتعدون عنه بسبب الميزانيات الهزيلة والمكافئات الاكثر ضعفاً وهروب النجوم الكبار من هذه الرسالة الانسانية الكبرى علماً ان الغرب يقوم كبار النجوم بها فمثلا (يول برنير) قدم مسرح للأطفال في امريكا عدة سنوات وكانت هناك تجربة قام بها المنتج (عصام إمام) مع المخرج المبدع (خالد جلال) بنجوم كبار لكن التجربة فشلت بسبب ارتفاع سعر التذكرة وضعف دخل الفرد المصري في مصر ويظن بعض الاغبياء من المنتجين والمسئولين ان الأطفال يقبلون أي فن وأي تهريج وليس لهم ذائقة فنية وأدبية وذوقية وهذا ظن باطل وغبي...
- س4 : أستاذ هل لك أن تحدثنا عن العنف فى الطفولة ولعب وفنون الأطفال الآن؟
- العنف ظاهرة إنسانيةنشأتمعالإنسانالأولطبقاًلقانونالبقاء للأقوى ثم تطور هذا العنف واتخذ أشكالاً مختلفة.. عنف سياسى، عنف اجتماعى، عنف إيدولوجى (نتيجة التعصب) وفى الوطن العربى ظهر العنف مع القبائل العربية البسيطة نتيجة احتكاكات وأسباب تافهة، حيث تمت حروب طويلة بسبب سباق ناقة أو كبوة حصان فى السباق.. وامتدت عشرات السنين ومات الآلاف.. كان العنف القبلى شديد الضراوة أو شديد القسوة..
أما فى البلاد الزراعية كان العنف ظاهرة عسكرية ارتبطت بنمو الدولة وتقدمها واطماع الفرعون أو الملك أو الحاكم..
أما الإعلام فقد ظل تابعاً فى عبودية للأقوى وللحاكم وللحكومة بدءاً من شاعر القبيلة حتى قنوات الأخبار الحالية..
كنت أود أن أجيب على سؤالك ولكن كيف أجيب والوطن يعيش واقع يتغير كل يوم بل كل ساعة.. سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.. كنت اود أن اتحدث عن الطفولة والإعلام ولكن أى طفولة وأى إعلام.. والأطفال المشردون من الوطن العربى بالملايين فى أوروبا وفى فلسطين وفى اليمن وفى العراق وفى سوريا.. أى أطفال سأتحدث عنهم والطفل نصيبه فى الإعلام أقل من 1% ومراكز الطفولة أغلبها بل معظمها أو غالبيتها رجال ليس لهم علاقة بالطفل سوى شهادات ورقية غير عملية ولا أنفى وجود مغامرين ورواد فى أدب الأطفال ومسرح الطفل أفنوا حياتهم من أجل الطفل.. وهؤلاء أيضاً غالبيتهم غير مؤهلين علمياً أو ابداعياً لهذا الدور الهام.
إن الدول الكبرى تضع استراتيجيات للطفولة وحمايتها.. والأفكار المتعصبة تهتم بالطفولة تخرج جيلاً متعصباً سواء كانت أفكار دينية أو سياسية.
س5 : ما دور الإعلام بالنسبة لمسرح الطفل؟ وكيف ساهم في مهمته الثقافية بالنسبة لمسرح الطفل؟؟
- إن الإعلامساهمبدوركبيرفى إهمالالطفلوتقديمنماذجمشوهةله.. ولذلكأخفقفىحملأىرسالةثقافيةأو دينيةأو ايدولوجية.. أو سياسيةأو أخلاقية.. فكمفيلماً ينتج فى العام للأطفال ؟؟!
وكم مسرحية تنتج فى العام للأطفال ؟!
وكم برنامجاً يقدم للأطفال فى التليفزيون كل يوم ؟!
وكم أغنية تنتج للأطفال فى العام؟!
وكم كتاباً ينتج للأطفال فى العام؟؟!
وكم ميزانية البرامج الموجهة للأطفال والتى جعلت الفنانين الكبار يهربون من تقديم أعمال للأطفال.. إننا فى كارثة فكرية وايدولوجية فلا توجد استراتيجية للطفل ولا توجد برامج وخطط ولا توجد ميزانية.
إن الطفل العربى يتيم إعلامياً.. هو ابن الصدفة.. قد يجد كتاباً أو يجد فيلماً أجنبياً فى قناة أطفال.. أو يجد أغنية تخصه وتتحدث عنه أفراحه وأحلامه وعالمه الطفولى.
س 6 : ما دور المؤسسات فى الوطن العربى والتى باتت مغيبة عن استراتيجيات وزارات الثقافة والإعلام والحركة الفنية بشكل عام.؟
- إنالأمةالعربية تعيش مرحلة الخراب الجميل حيث يبدو أن كل شئ على ما يرام والحقيقة ليس هناك أى شئ على ما يرام. فالسوس قد نخر عصا سليمان.. وسليمان هو الوطن العربى وقد مات سليمان واقفاً متكئاً على عصاه والكل لا يدرى أنه قد مات حتى الجن غاب عنه فهم حالة الوفاة.
س 7 : ترى هل نعلن بصراحة ووضوح أننا قد نسينا الأطفال وتركناهم عرضة للتعصب الدينى والتطرف الفكرى والأخلاقى والاجتماعى وأن سليمان قد مات ؟
- فى البدء كانت الكلمة.. والكلمةفنوخلقكماقالعبدالرحمنالشرقاوىومااللهسوىكلمةوماعيسىسوىكلمة ألقاهااللهعلىمريم،ولكنأهلالفنوالتربيةقدابتذلواالكلمةبشكليثيرالشفقةوالعجبإنالكلمات المطبوعة والمسموعة والمقروءة والمرئية الغالبية العظمى منها خارج إطار التاريخ.
ماذا يحدث فى المجتمع العربى منذ نصف قرن أو يزيد جاء تقسيم سايكس بيكو السياسى لوطن متهالك فى الأساس.. متنازع على الكلأ والماء ووهم أننا خير أمة أخرجت للناس.. ففى المجال السياسى تم التقسيم، والحرب العالمية الثانية وقبلها الأولى كل الفنون تكالبت أو وضعت نفسها فى خندق الدفاع عن الوطن تحت شعار الأرض هى العرض، هذا ما كان فى القرن الماضى (القرن العشرين) خرج جيل يرى العنف السياسى تحت شعارات تحرير الأرض – تحرير الإنسان – تحرير فلسطين – مقاومة الاستعمار – الخلافة الإسلامية – القومية العربية – كل هذه الإشكاليات أو الاطروحات التى قدمت فى شكل فنى وأدبى (قصة – مسرحية – قصيدة – فيلم – مسلسلاً تليفزيونياً أو إذاعياً) فما بين المرئى والمقروء والمسموع كانت نغمة واحدة سائدة تملك من الحماسة الكثير وتملك من الفكر القليل، فالأفكار البريئة الحسنة لا تصنع شعوباً كبيرة ولا تدخل المستقبل، فعانينا ما عانينا أشكال العنف المجتمعى المختلفة.
والطفل العربى شاهد ومازال يشاهد كل يوم على شاشات التلفاز الأحداث السياسية أو يشاهدها على أرض الواقع.....
س 8 : كيف نقسم وضعية الطفل العربى ؟
- الطفل العربى يمكن تقسيمه إلى عدة أنواع منها :
1- أطفال الطبقة الارستقراطية أو البرجوازية الكبرى وهؤلاء لهم مدارسهم الخاصة للغات والتعليم الأميريكى والأوروبى وهو مغترباً ثقافياً وفنياً عن وطنه فكل مشاريعه ومشاهداته هى برامج أجنبية عن وطنه العربى وهذه البرامج ليست كلها سيئة وليست كلها حسنة لكنها برامج ثقافية وفنية نتاج مجتمعاتها الغربية ولذلك يعيش الطفل حالماً بالسفر إلى الغرب كارهاً وطنه نافراً من كل أقرانه فى المجتمع الذى يعيش فيه. ويلاحظ ان هذا الطفل يحمل برامج أجنبية على اللاب توب أو الموبايل ولا يتعامل مع البرامج العربية إن وجدت فهى سطحية وسخيفة فى أغلبها. حتى الكتب التى يقتنيها هى قصص أجنبية من المكتبات لا تمت للتراث العربى ولا الإسلامية والمسيحى ولا الشرق أوسطي فهنا يمارس عليها العنف الناعم ثقافياً وهو أخطر أنواع العنف التى يتعرض لها الوطن العربى حالياً تتعرض لها الأمة العربية والإسلامية حيث أن الأفق مسدود ومشتت نتيجة التعصب الدينى لكل أصحاب الأديان الثلاثة الأكثر قوة على الأرض.. والقوى الناعمة الثقافية المدمرة المكبلة للطفل، والتدمير لا يعنى هنا التعنصر فى الثقافة العربية بقدر ما يعنى التعنصر للحلم العربى بأن يتحرر من تخلفه وعبوديته المختارة.
2- أما النوع الثانى من الأطفال فهم أبناء الطبقة الوسطى التى هى عمود المجتمعات والتى تتعرض إلى التنكيل والسحق والانهيار الاقتصادى تحت وطأة وأقدام الرأسمالية المالية المتوحشة الجاهلة، والتى لا تنتمى أصلاً إلى مفهوم الراديكالية أو الليبرالية أو الرأسمالية الوطنية، والطفل من هذا النوع ابن الطبقة المتوسطة محاصر بثلاث قضايا :
أولاً : التعليم من حيث المدرسة والدروس الخصوصية.
ثانياً : الصراع اليومى الأسرى بسبب الاحتياجات الاقتصادية التى تحتاجها الأسرة وقد يلجأ الأب أو الأم إلى نوع من العنف كرد فعل على الحالة الاقتصادية المنهارة أو التى تحاول أن تتشبث بالبقاء دون أن تسقط فى شبح الفقر وابن هذه الطبقة يعيش يومياً صراع اجتماعى ويرى بعينيه العنف الاجتماعى والحوادث بين الجيران والأهل وأصدقاء العائلة وهذا الطفل ابن الطبقة المتوسطة ليس له من يعبر عنه ثقافياً ولا أدبياً فهو ملقى فى احضان المجتمع ناقماً أحياناً على أطفال الطبقة الرأسمالية ومستفزاً من أطفال الطبقة الدنيا (المعدومة).
3- أما الطبقة الدنيا (أو الفقراء) فهم أبناء الفقراء المعدومين (اللاجئون فى الداخل واللاجئون فى الخارج).. وهم الباحثون عن وطن، عن خبز، عن تعليم، عن شربة ماء نقية، الذين لا يملكون إلا الغضب المكتوم والمقهور، وهؤلاء قدمتهم السينما العربية وخاصة المصرية فى أفلام عدة بصورة جريئة تلقى بالأسئلة دون الأجوبة وتمجد الحل الفردى وذلك باستخدام العنف أسوة بالنموذج الأمريكى القديم فى أفلام الكاوبوى الذى يأتى ويقتل وينتقم ويدمر وللأسف هذه الأفلام حققت نجاحات كبيرة على مستوى نشر الرذيلة وغياب الفضيلة، نشر العنف الاجتماعى وغياب السلام الاجتماعى، وعدم الاقتراب من الوضع السياسى وجعل القضية قدرية وفردية.
4- أما النوع الرابع هم اطفال الشوارع الذين بلغ عددهم فى القاهرة فقط اثنين مليون طفل وفى مخيمات اللاجئين فى الداخل والخارج نفس العدد تقريباً وهم الذين يمارسون كل أنواع العنف.. فما بالك بأطفال الشوارع فى الوطن العربى. ورغم رسائل الدكتوراة والماجستير فى مراكز البحوث حول هذه المشكلة ورغم الوعود من المسئولين طوال اربعين سنة وحتى الآن لم تحل المشكلة وخرج أجيال جديدة والعدد فى تزايد. عن أى إعلام وفن إذاً يمكن أن نتحدث.. إن تشارلز ديكنز الكاتب الانجليزى عندما كشف القناع عن قضية أطفال الشوارع فى لندن قامت الدنيا ولم تقعد.. البرلمان، الأحزاب، الساسة، رجال الأعمال، ونحن فى وطننا العربية لدينا دولة اسمها (أطفال الشوارع) وهم الذين خلقوا فناً جديداً يمجد فى طفل الشوارع ويجعله بطلاً والمخلص الاجتماعى أو الشارع، فظهرت أفلام عديدة (ابراهيم الأبيض، عبده موتة، كلاشيبنكوف) فالمجد للعنف على الشاشات واختفت قضايا الطفل عموماً..
5- ماذا حدث فى مصر كنموذج للعنف الاجتماعى عند الأطفال من حيث المجال الفنى والتربوى أما فى المجال التربوى اختفت حصص التربية الرياضية من الغالبية العظمى من المدارس فلم يعد هناك مكاناً لممارسة النشاط الرياضى ككرة القدم والكرة الطائرة والسلة وغيرها من الألعاب، وهنا اصبحت هناك طاقات مكبوتة داخل نفوس هؤلاء الأطفال.
اختفت أيضاً حصص الموسيقى فى المدارس بل تكاد تكون معدومة بسبب أن الموسيقى تحتاج إلى امكانيات متعددة غرف التدريب ومدرس الموسيقى وآلات موسيقية متعددة ولذلك اختفت الناحية الفنية عند الأطفال.
المسرح المدرسى لم يعد له وجود إلا على الورق ينحصر ما بين عام وعام ويقل عدد المتسابقين فى المدارس المختلفة والسبب أن ميزانية المسرح تكون عرضه للسلب والسرقة من بعض المسئولين عن المسرح المدرسى.
وفى ظل غياب استراتجية المسرح المدرسى على مستوى الوطن العربى والاستهتار والتجاهل الحكومى للمسرح المدرسى والذى يعد اللبنة الأولى لاكتشاف المواهب والدفاع عن المستقبل الفنى والثقافى والأدبى حين يكتشف الطفل المسرح فى المدرسة.. يكتشف أن هناك ما يسمى بالنص المسرحى والمخرج المسرحى والإضاءة المسرحية ويتقمص شخصية ويتفاعل ويشارك مع الجمهور فبعض القادة العرب تخرجوا من المسرح المدرسى حيث تعلموا به الخطبة وفن الالقاء والتفاعل مع الجماهير.
س 9 : ما رأيك بمسرح الطفل والدولة.. ؟
- إن مصر كنموذج هى أول دولة فى الوطن العربى قدمت مسرحاً خاصة للطفل (محترف) حيث يتم قطع التذاكروالحضور للعرضالمسرحىوكان هذا فى الستينيات فى عهد المشروع الناصرى الذى كان يهدف إلى ترسيخ مبادئ الحرية والاشتراكية والوحدة ووطن عربى واحد من المحيط إلى الخليج.. شعب واحد.. أمة واحدة.. فلزم الأمر أن يكون هناك اهتماماً بالطلائع والطفولة والمسرح جزء منها.. ولكن هذا المشروع استهدف من المتعصبين والمتشددين والجهلاء وعندها اوقف المشروع وبعد ذلك بسنوات عادت فرقة مسرح الطفل فى مصر ولكن الوقت قد فات فلم يكن هناك مشروعاً قومياً فقد جاء عصر الانفتاح الذى يعتمد على التجارة المفتوحة بلا قيود وعلى الشطارة والفهلوة وليس الكفاح والجد، ودخلت المدارس الخاصة الأجنبية من كل لون وصوب وكان هدفها الكسب التجارى وليس بناء البشر فقد تخلت الدولة فى عصر السادات عن بناء الطفولة والبشر فأخذت البرامج والمسرحيات الخاصة بالطفل تنحصر تدريجياً من خارطة الأعلام المصرى بل من المضحك المبكى أن شركة كبرى مثل صوت القاهرة التابعة للدولة والتى تهتم بانتاج مسلسلات للأطفال كانت تنتج فى العام الواحد ست مسلسلات وتدفع للمؤلف والممثل والمخرج نصف الأجر لأنها للأطفال.. وهذه نكتة وسخافة فكرية والغريب فى الأمر أن فى كل عام تخرج ست مسلسلات للأطفال لا تعرض على الشاشة تظل حبيسة المخازن والأغرب أن الدول العربية أثناء التسوق وشراء الأعمال لا تطلب مسلسلات أو برامج للأطفال وكأن الطفل العربي ليس له ولياً ولا راعياً ولا من يهتم به هو طفل يتيم اعلامي غريب فى وطنه.. يبحث عن نفسه فلا يجدها.
وفى المسرح ظل الحال وحتى الان أن يقدم عرض للطفل فى كل عام مرة واحدة يكلف به المخرج الكبير (فلان الفلانى) ويحضر بعض النجوم وتقدم مسرحية امام سيدة مصر الأولى لمدة ليلة واحدة فى 35 دقيقة تتكلف هذه المسرحية ما يعادل ميزانية هيئة المسرح (عشر فرق مسرحية) فى عام كامل أى أصبحت احتفالية مسرحية أمام سيدة مصر الأولى من كل عام مثل احتفالية وزارة الداخلية كل عام، واحتفالية العيد الوطنى لكل عام، مثل احتفالية الحرب والسلام، فأصبح الطفل احتفالية يوم واحد فى العام.
س 10 : ما حال مسرح الطفل بالوطن العربى.؟
- حاول بعض المخلصينفىالأقطارالعربيةالكفاحمناجلمسرحالطفلوخاصةفىالمملكةالأردنيةالهاشميةعلىسبيلالمثاللاالحصرتجاربليناالتل(الدرامافىالتعليم)، وتجارب سمر دودين، وتجارب نعيمحدادين،وعلىالجراح،وعصمتفاروق،وسميرالخوالدة. وأيضاًخالد المسلمانى، وكذلك قدم المخرج/ قاسم محمد فى العراق تجربة والمخرج/ محمود أبو العباس تجربة والمخرج/ عزيز خيون تجربة، وفى سورياً تقدم البعض بعدة تجارب مهمة وفى مقدمتهم الفنان/ دريد لحام حيث قدم أيضاً سينما للأطفال وكانت تجربة ناجحة جداً لكنها لم تلق الدعم الحكومى والمؤسساتى، وكذلك فى الجزائر أيضاً هناك تجارب لمسرح الطفل ورجال ونساء وهبوا أنفسهم لمسرح الطفل فى المغرب وفى تونس وفى كل الأقطار العربية وخاصة الكويت التى نجحت فى ترسيخ موسم مسرحى لمسرحيات الأطفال منها تجارب عبد الرحمن عقل وهدى حسين والمسرح الشعبى وفؤاد الشطى فى المسرح العربى ولكن تبقى عواطف البدر ومنصور المنصور المؤسسة الأولى التى وهبت المسرح الكويتى هذا الوافد الجديد وهو مسرح الطفل ليكون مسرحاً متقدما فنياً وعلامة من علامات الخليج وبدأت هذه الفرقة بنص للأطفال للكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن وهو السندباد البحرى كما ساهمت شخصياً فى ثمان مسرحيات لفرق مختلفة فى الكويت.
وفى الكويت كان يقدم فى وقت واحد ثلاث أعمال على ثلاث مسارح مختلفة يقوم بها كبار النجوم وأسعار التذاكر أعلى من أسعار القطاع الخاص للكبار، لكن التجربة الكويتية التى قادتها السيدة/ عواطف البدر مثل التجارب الأخرى واجهت حرباً خفية فتقلصت وتقلصت وتقلصت.....
- وبعد كل هذا وذاك والأمنياتوالتصوراتالتيتميزتبهاحول تنظيرنا بخريطة مسرح الطفل في مصر خاصة والوطن العربي عامة وإجاباتك التي سلطت الضوء على الطفل والعنف والإهمال تبقى كلماتك علامات متميزة في مسرح الطفل المعاصر وركائز للتقنية والابداع سواء كان ذلك الإبداع معرفياً أو فكرياً أو جمالياً ويبقى الأستاذ السيد حافظ قطب من الأقطاب الفكرية والمشاريع الابداعية دون منازع رغم انك لم تحظى بالحظ الوافر والتكريم من قبل الدولة والامة العربية لكنك في قلوب الفنانين الشرفاء العرب جميعاً اضحيت اليوم أحد المصادر الاساسية في تدريس المسرح بل صارت نصوصك مواد تدرس أكاديمياً في جامعات الوطن العربي كالجزائر والمغرب....فمن المؤكد تحدث زوبعة هنا وهناك وما هذا الحوار الا نقطة في بحر من فكرك وابداعك وما هذا الحوار الا من فيض اجاباتك الغنية بالفكر والابداع والحرص على التطور والتجديد ولذلك يستحسن استحضار تجلياتك وافكارك واستقراء نصوصك المسرحية وارساء الاصالة الفكرية التي تساهم في تحرير المسرح من الاهمال والانقراض واكتشاف الطاقات الشبابية ودعمها في تطوير إمكانياتهم الفنية في كتابة النصوص المسرحية تمثل ذلك بالورشات العملية لكتابة المسرح التي أقمتها في القاهرة والاسكندرية..... أطال الله عمرك أستاذنا العبقري (السيد حافظ)...
السؤال الاخير؟؟؟؟
ختاماً أستاذنا المبدع والأسطورة وعبقرية الكلمة وجمال الحرف والذوق الأدبي.. كلمة تتمنى أن تقولها؟؟؟
كلمة الختام!!
إنالإعلامالعربىهوالمسئول الأول عن هروب الأطفال إلى الأفكار السيئة وثقافة الموت، هنا كما حددتها الأمم المتحدة من الميلاد حتى 21 عاما هؤلاء الذين انضموا إلى داعش من الأطفال لاستخدام العنف تبعاً لثقافة الموت ذنبهم وجريمتهم فى رقبة الإعلام العربى ووزارات الثقافة، إن داعش التى تضم الشباب والأطفال وتمنحهم اسبوعياً 250 دولار لم يدعمها، إلا التجاهل الاعلامى والثقافى والعمل على الخطاب الأيدولوجى للأطفال هذا ما جنته أيادى الأعلام العربى فهذا المهمل يعود إلينا موتاً وخطراً.
ولله الأمر من قبل ومن بعد...
أجرى اللقاء الكاتبة والناقدة العراقية
نـجاة صادق الجشعمي
0 التعليقات:
إرسال تعليق