Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

58كتاب من الكويت حكاية الفلاح عبد المطيع مسرحية تأليف: السيد حافظ جريدة الوطن الكويتية

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 58 )


 

كتاب من الكويت

حكاية الفلاح عبد المطيع

مسرحية تأليف: السيد حافظ

جريدة الوطن الكويتية

دراسة من كتاب

المسرح التجريبى بين المراوغة واضطراب المعرفة

 

 

كتاب من الكويت

حكاية الفلاح عبد المطيع

مسرحية تأليف: السيد حافظ

جريدة الوطن الكويتية

الخميس 10 فبراير 1983

عرض  / شفيق العمروسى


 

حكاية "الفلاح عبد المطيع" أو "ممنوع أن تضحك، ممنوع أن تبكى" والتى صدرت مؤخراً هى آخر أعمال الكاتب المسرحى السيد حافظ وقد كتبها فى الفترة من عام 1979 إلى 1981 أى استغرقت كتابتها حوالى ثلاث سنوات ويمثل تاريخ كتابتها مسألة هامة إذ أنه من الناحية التاريخية يمثل تاريخ كتابتها مسألة هامة إذ أنه من الناحية التاريخية يمثل نهاية فترة من أخطر الفترات التى مرت بها مصر والتى تتعرض لها المسرحية.

وعبد المطيع كما تخبرنا المسرحية "فلاح فقير" أجير، عيناه مسجدان وقلبه يتسع حتى يحتوى العالم ويداه صلبتان فى صلابة صخر النيل، يعيش بالقاهرة فى كوخ على شاطئ النيل.. على هامش الطريق.. يغنى لأطفاله كل مساء وينام وهو "متعب بجوار عتبة الباب لأن غرفته صغيرة لا تتسع لعشرة أفراد ورغم أنه يمضى حياته هذه منزوياً لا يشعر به أحد حتى الجيران فهو يعرف كما علمه والده أن الأحزان تأتى من الجيران، يتعرض لمتاعب كبيرة، فقد مرضت عينا السلطان ولأجل شفاء عيونه تقرر أن يرتدى أهل المدينة الحداد، لأن صاحبنا كان مشغولاً بالبحث عن الطعام لأولاده وحماره لم ينتبه للقرار، فقبض عليه وقضى بالحبس سبع أيام تعرض خلالها لمعاملة من نوع خاص، خرج بعدها كى يرتاح فيذهب فى غيبوبة طويلة، وخلال غيبوبته ليخرج إلى الشارع فى ملابسه السوداء حيث يقبض عليه هذه المرة لأنه لم يخلع ملابس الحداد ويرتدى ملابس الفرح البيضاء وأيضاً يقضى سبعة أيام أخرى فى الحبس يرفض بعدها منصب قاضى القضاة ويفضل أن يخلع ملابسه ويكون من العراة.

تلك هى بشكل عام حكاية الفلاح عبد المطيع وهى تذكرنا بالنوادر التى ارتبطت بشخصية جحا، وهى الشخصية التى اختلف عديد من الباحثين فى حقيقتها وموطنها الأصلى، وإن كان هناك شبه إجماع بينهم على أنها ظهر كرد فعل لحكم الطغيان.

المهم إن السيد حافظ استطاع أن يقدم لنا تلك الحكاية فى قالب مسرحى من نوع التراجيكوميدى "وليست كما فضل أن يقدمها باعتبارها كوميديا" فالمسرحية حين تجعلنا نضحك على السذاجة البادية لعبد المطيع تدفعنا فى نفس الوقت إلى البكاء معه عليه، ورغم أنه لا يحدث انقلاب مفاجئ من الضحك إلى المأساة أو العكس إلا أن السخرية والتهكم يستمران طوال المسرحية ويكشفان عن مأساة الطبقة الفقيرة والطغيان والإرهاب والفساد.

فى بداية المسرحية يدعونا الراوى إلى العودة للوراء إلى زمن كان الإنسان مفقود القيمة يهان، كان الإنسان الحيوان، قوى النفوذ والسلطان.

و"كان" هذه لابد وأن تدفعنا إلى التساؤل، هل حقاً افتقاد الإنسان للقيمة وإهانته وسطوته بعضه على البعض الأخر مجرد ماض، أم أنها مازالت متصلة حتى الآن؟

من الواضح أن الكاتب لم يرغب بتقييمه لذلك العمل أن يقدم لنا مجرد صورة "كاريكاتورية تاريخية" أو لم يرغب فى تقديم عمل تاريخى فى إطار الكوميديا، إذ لا يخفى على القارئ أن اختيار الكاتب جاء لتلك المرحلة التى حكم فيها قنصوه الغورى مصر كان وسيلة للتغبير عما حدث فى مصر طوال فترة السبعينات من القرن الحالى.

فقد اختار الكاتب فترة حكم قنصوه الغورى زمناً لمسرحيته، وهى فترة لم يحاول أى كاتب أخر أن يستفيد منها رغم أهميتها، فأكثر من تعرض للطغيان والفساد اتخذ من فترات الحاكم بأمر الله أو كافور الأخشيدى رموزاً.

من المعروف أن قنصوه الغورى استمر فى الحكم حوالى ستة عشر عاماً "1501 - 1516" وقد حكم زمن نهاية دولة المماليك الثانية التى تميزت بعدة ظواهر من أهمها التنافس على السلطة، فأصبح القادر منهم هو الذى يتولى الحكم فانتشر الارهاب والفساد وفى نفس الوقت انتشرت الفتن والثورات الداخلية. كما تحقق لتلك الفترة أكبر اتساع امبراطورى لدولة المماليك.

إذن جاء قنصوه الغورى ليحكم تلك الدولة وقت أن بلغ الفساد قمته وليس أدل على ذلك ما حدث من الخيانة المعروفة التى تعرض لها أثناء صدامه بالاتراك فى معركة مرج دابق من قادة جنده، وهى المعركة التى لقى فيها حتفه وأودت بالامبراطورية المملوكية فى مصر والشام وقضت على استقلالها بقرون عديدة. بل ويدلل على ضعف الدولة المملوكية فى ذلك الوقت أن قنصوه الغورى دخل تلك المعركة مضطراً بعد أن رفض العثمانيون الصلح الذى عرضه عليهم، والواضح أنه لم تكن لديه الرغبة أو القدرة على القتال إذ لم يكن لمماليكه من هم سوى جمع المال من الأهالى الغارقين فى بحر الفقر والإهمال.

ومن خلال ذلك الواقع التاريخى حاول الكاتب أن يقدم عمله المسرحى حيث يعرض علينا أنماطاً من السلوك الاجتماعى ترتبط أشد الارتباط وتنتشر أوسع الانتشار فى ظل حكم الطغيان، وذلك من خلال ما يعانيه شخص الفلاح عبد المطيع الذى يمثل بجانب سذاجته جموداً يعتبر امتداداً تراثياً خطيراً فى تاريخنا ممثلاً فى قيم مجتمع الطغيان التى سيطرت نتيجة عهود طويلة لا يمثل عهد السلطان قنصوه الغورى سوى مرحلة من مراحلها.

وسط تلك الظروف عاش الفلاح "عبد المطيع" وهو الذى يمثل لنا شريحة هامة من الأهالى تعيش حياة الحيوان، وكما يبدو من المسرحية فإن عبد المطيع يجد غذاؤه الوحيد فى صداقته للحمار، بل نحن نجد حوار يدور بين الاثنين فى بداية المسرحية، والحمار عند عبدالمطيع يفهم "أكثر من أى شخص فى هذه الضاحية" كما يلعب الحيوان دوراً هاماً فى الكشف عن الظروف التى يعيشها عبدالمطيع.

فى ظل الطغيان يتحول القهر إلى سلوك عام فالأمر لا يقتصر على قهر السلطان ارعيته بل يمتد ليشمل الجميع فعبدالمطيع يخالف زوجته، وهى تتهمه بأنه سبب بلائهم هى وأولادها ورئيس الشرطة يجد لذته فى القبض على فلاحنا الساذج، ثم أن القهر يولد القهر فعندما تؤلم السلطان عيناه "يصرخ ويصيح ملعون الوزير" والوزير بدوره يهتف "ملعون المستشارون".

والقهر يتبعه بالضرورة النفاق، ويصوره لنا السيد حافظ أروع تصير فى مقابلة عبدالمطيع لصديقه مرسى فى السوق ففى إطار كوميدى يعتمد على المفارقة فى الحوار بينهما تكتشف أن عبد المطيع هذا الكائن البسيط قادر على التلون بأكثر من لون وممارسة الحزن طبقاً لما يتطلبه الموقف فى اعتقادى بوجود مصاب اليم ألم بأسرة صديقه موسى "فالموت قد يأتى مفاجأة لمن تحب"، وهذا أمر يستلزم تعبيرات الحزن وقد يتطلب ذم الميت إذا كان ممن لا تحب، بل أن عبدالمطيع بفطرته وسذاجته اللتين تسلل اليهما النفاق يعلنها صريحة فهو لم يسمع بجنازة إلا و"خرجت فى الحال". فأنا لا أترك أى جنازة إلا وسرت خلفها، الحياة موعظة والموت أكبر موعظة.

ولا يجد عبدالمطيع فى النهاية ما يواجه به عالمه المهترئ غير أن يخلع ملابسه ويقف عارياً وذلك ليرد على قرار تعيينه قاضى القضاة.. ربما رفضاً للنفاق الاجتماعى وربما تعبيراً عن سخطه ورفضه وتمرده على كل قيم عصره الفاسد وسلوك مجتمع الطغيان، وتصاب حاشية السلطان بالذعر بينما يضحك الفلاح عبدالمطيع فى النهاية!

وتصبح نهاية المسرحية التى أرادها الكاتب مثار تساؤل وتفكي فى الإطار المسرحى الذى يعتمد على التنوير، فالنهاية تمثل الحركة العفوية فى مواجهة الطغيان، وهذا ما استطاع السيد حافظ أن يقدمه بذكاء شديد فى إطار متماسك وبلغة لم تفقد تلك الشاعرية التى تعودنا منه فى أعماله السابقة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More