دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي
( 75 )
شهادة حق موضوعية
بقلم المخرج المسرحى
أحمد عبد الحليم
من كتاب
المسرح التجريبى بين المراوغة واضطراب المعرفة
شهادة حق موضوعية
بقلم المخرج المسرحى
أحمد عبد الحليم
· إنه مما لا شك فيه أن لعبة المسرح تعتمد أساساً على نص مكتوب يحتوى على مفردات فنية تساعد من يتولاها قراءة أو إخراجاً أن يتفهم جيداً ما وراء سطورها من دلالات حتى يستمتع بها قراءة أو يتحمس لإخراجها.
· فقضية المسرح أنها تعتمد أساساً على منطلقات تكون ذات رابطة متينة وقوية بالمتلقى، وإذا فقد المسرح هذه الرابطة فإن العمل المسرحى يصبح ثرثرة وجعجعة بلا طحن، فالمسرح رسالة تقويمية تنويرية ثقافية تعليمية وترفيهية أيضاً ترسخ فى عقل ووجدان المتفرج قيماً جديدة تساعده على تفهم الحياة واستيعاب كونية الوجود فضلاً عن إثارته بموضوعات ما كان ليحصلها من قراءاته الأدبية والروائية، وذلك لأن المسرح كلمة وصورة متحركة ودرجة التأثر به عالية، ولا يعنى هذا أن القراءة تتوقف بل العكس فإن القراءة تخدم نواحى أخرى بل إنها من تأثيراتها أن تساعد على تنمية خيال القارئ إذ أنه محصور بكلمات فقط، ومن ثم فإن القراءة ومشاهدة المسرح كل منهما يؤدى إلى نتائج إيجابية تفيد القارئ والمشاهد.
· لا شك أن المسرح مدرسة فنية تتعانق الكلمة فيه مع الصورة فيخلق نوعاً من التوازن فى الحياة، ولا يمكن أن نستغنى عن المسرح أو الفن بصورة عامة إذ أنهما يلعبان دوراً هاماً فى حركة الحياة، ولا يمكن للحياة أن تستغنى عن المسرح وكذا الفن عموماً لأنهما يشكلان أهمية فى توازن الحياة إذ بدونهما تهتز الحياة نفسها وتصبح مملة وممجوجة.
وأحب هنا أن استرشد برأى عبر عنه المصور موندريان (بيتر موندريان) 1872-1944 وهو رسام هولندى اشتهر برسومه التجريدية ذات الأشكال الهندسية وتعتمد على الخطوط المتقاطعة وحدها.. قال هذا الفنان إنه يرى أن الفن يمكن أن يختفى وأن الواقع سوف يحل بالتدريج محل الفن، إذ لم يكن الفن فى جوهره إلا تعويضاً عن انعدام التوازن وهو بهذا يرى فى الفن بديلاً للحياة، ووسيلة لإيجاد التوزان بين الإنسان والعالم الذى يعيش فيه.. وهى فكرة تحوى اعترافاً جزئياً بطبيعة الفن وضرورته، ولكن.. وجود التوازن الدائم بين الإنسان وعالمه أمر مستبعد حتى فى أرقى أشكال المجتمع، ومن هنا نستطيع أن نستنتج – حتى من هذا الرأى ذاته – أن الفن سيكون ضرورة فى المستقبل كما كان فى الماضى، ومن هذا المثل يتأكد لنا ضرورة وجود الفن أنه يعتبر التعويض عن تلك الحياة المتوترة حيث التناقضات فى سلوك الدول ببعضها البعض وكذلك الأفراد وتفاقم الأوضاع وانهيار الاخلاقيات والكذب والافتراء على المكشوف فى ظل الامبراطوريات الجديدة التى تبنى صروحها على أنقاض الدول الفقيرة التى تريد لنفسها مخرجاً لحياة مرفهة من خلال صراعات وحروب لا تتوازى فيها قوى الشعوب المغلوبة على أمرها مع قوى الشر والاستغلال والهيمنة والعولمة.
· ومن هنا خرج علينا الفن بكل صوره وأشكاله وموضوعاته وذلك من أجل إيجاد حياة أخرى يتمثل فيها كل القيم الجميلة وهى الحق والجمال والخير تعوضنا عن تلك الحياة الحقيقة من خلال شعراء وكتاب وروائيين وقصصيين وفنانين تشكيليين إلى أخره من نماذج إنسانية تعلو بقامتها رجال السياسة والحرب، ولقد خرج من ضمن هؤلاء الكاتب المسرحى والتليفزيونى والصحفى والفنان والناقد الأستاذ السيد حافظ فهو فنان مهموم بقضايا كثيرة عبر عنها من خلال أعماله المتنوعة الراقية التى تتضمنها أعماله الفنية كلها ، وكان من حسن حظى أننى تعاملت معه فى أعمال مسرحية تعنى الطفل ومشاكله إبان كنت فى الكويت استاذاً بالمعهد العالى للفنون المسرحية.
· حقيقة لابد أن أسند الفضل إلى أصحابه فكان هذا الفنان السيد حافظ إذ سمح لى أن أدخل إلى أجواء أعماله المسرحية المعنية بالطفل وهذا يعتبر جانباً من جوانب نشاطه الواسع إذ كتب لمسرح الكبار ومازال يكتب حتى الآن، وللحق كنت غير معتاد على إخراج مسرحيات للأطفال إذ كنت مشغولاً بمسرح الكبار ، فاستفدت من تلك التجارب الخاصة بالأطفال إذ وجدته مسرحاً معقداً ومركباً على غير ما كنت اعتقده.. فمسرح الطفل ليس بالسهولة التى نتصورها فهو عالم جدير بالاهتمام من حيث ضرورة سخاء الانتاج فى الملابس والمناظر المسرحية والموسيقى والرقص والتمثيل إذ أنه مؤثر للغاية فى تنمية عقول ووجدانات وخيال أطفالنا أى رجال المستقبل، وإنه لمن الأمانة الفنية والعلمية أن أقول بأن مسرح الطفل صعب للغاية وسهل إذا ما تفهمناه حقيقة، ولا يمكن فى النهاية أن نضحك على عقول أطفالنا فهذا يعتبر تخريباً وإجراماً فى حق تنشئة أولادنا.
· لقد شدنى مسرح الطفل بفضل هذا الفنان الواعى الأستاذ السيد حافظ وأصبح مسرح الطفل أحد اهتماماتى فى عالم الإخراج، فقد اخرجت للاستاذ حافظ كثيراً من الأعمال المسرحية منها (الشاطر حسن) و(محاكمة على بابا) و(عنتر وعبلة) و(الساحر حمدان) وكل من تلك المسرحيات تحمل مضامين وقيماً رائعة استطعت من خلالها التواصل بين العرض وعقل ووجدان المتلقى الصغير، فكانت المسرحيات التى أخرجتها تعتبر من أهم المحطات الفنية لى.. فبقدر ما يتمتع به الفنان السيد حافظ من موهبة أكيدة فإنه كان يعطى للطفل أجرومية تتناسب وسنه، هذا فضلاً عن القيم التى ضمنها أعماله الفنية بما تساعد بشكل أو بأخر على تنمية خيال المتفرج وبث رسائل فنية تحمل معانى وقيماً مستمدة من الحق والخير والجمال بحيث تساعد الطفل فى نموه على تمثل تلك القيم الجميلة واعتناقها بما تساهم فى تواجد جيل يحمل فى داخله كل المعانى والقيم والفضائل التى تبنى مجتمعاً بشرياً مكتمل الصحة النفسية والجسدية والعقلية.
· هذا هو الفنان الأستاذ السيد حافظ الذى يثرى حركة المسرح بأعماله الفنية المتميزة.
المخرج المسرحى
أحمد عبد الحليم
· إنه مما لا شك فيه أن لعبة المسرح تعتمد أساساً على نص مكتوب يحتوى على مفردات فنية تساعد من يتولاها قراءة أو إخراجاً أن يتفهم جيداً ما وراء سطورها من دلالات حتى يستمتع بها قراءة أو يتحمس لإخراجها.
· فقضية المسرح أنها تعتمد أساساً على منطلقات تكون ذات رابطة متينة وقوية بالمتلقى، وإذا فقد المسرح هذه الرابطة فإن العمل المسرحى يصبح ثرثرة وجعجعة بلا طحن، فالمسرح رسالة تقويمية تنويرية ثقافية تعليمية وترفيهية أيضاً ترسخ فى عقل ووجدان المتفرج قيماً جديدة تساعده على تفهم الحياة واستيعاب كونية الوجود فضلاً عن إثارته بموضوعات ما كان ليحصلها من قراءاته الأدبية والروائية، وذلك لأن المسرح كلمة وصورة متحركة ودرجة التأثر به عالية، ولا يعنى هذا أن القراءة تتوقف بل العكس فإن القراءة تخدم نواحى أخرى بل إنها من تأثيراتها أن تساعد على تنمية خيال القارئ إذ أنه محصور بكلمات فقط، ومن ثم فإن القراءة ومشاهدة المسرح كل منهما يؤدى إلى نتائج إيجابية تفيد القارئ والمشاهد.
· لا شك أن المسرح مدرسة فنية تتعانق الكلمة فيه مع الصورة فيخلق نوعاً من التوازن فى الحياة، ولا يمكن أن نستغنى عن المسرح أو الفن بصورة عامة إذ أنهما يلعبان دوراً هاماً فى حركة الحياة، ولا يمكن للحياة أن تستغنى عن المسرح وكذا الفن عموماً لأنهما يشكلان أهمية فى توازن الحياة إذ بدونهما تهتز الحياة نفسها وتصبح مملة وممجوجة.
وأحب هنا أن استرشد برأى عبر عنه المصور موندريان (بيتر موندريان) 1872-1944 وهو رسام هولندى اشتهر برسومه التجريدية ذات الأشكال الهندسية وتعتمد على الخطوط المتقاطعة وحدها.. قال هذا الفنان إنه يرى أن الفن يمكن أن يختفى وأن الواقع سوف يحل بالتدريج محل الفن، إذ لم يكن الفن فى جوهره إلا تعويضاً عن انعدام التوازن وهو بهذا يرى فى الفن بديلاً للحياة، ووسيلة لإيجاد التوزان بين الإنسان والعالم الذى يعيش فيه.. وهى فكرة تحوى اعترافاً جزئياً بطبيعة الفن وضرورته، ولكن.. وجود التوازن الدائم بين الإنسان وعالمه أمر مستبعد حتى فى أرقى أشكال المجتمع، ومن هنا نستطيع أن نستنتج – حتى من هذا الرأى ذاته – أن الفن سيكون ضرورة فى المستقبل كما كان فى الماضى، ومن هذا المثل يتأكد لنا ضرورة وجود الفن أنه يعتبر التعويض عن تلك الحياة المتوترة حيث التناقضات فى سلوك الدول ببعضها البعض وكذلك الأفراد وتفاقم الأوضاع وانهيار الاخلاقيات والكذب والافتراء على المكشوف فى ظل الامبراطوريات الجديدة التى تبنى صروحها على أنقاض الدول الفقيرة التى تريد لنفسها مخرجاً لحياة مرفهة من خلال صراعات وحروب لا تتوازى فيها قوى الشعوب المغلوبة على أمرها مع قوى الشر والاستغلال والهيمنة والعولمة.
· ومن هنا خرج علينا الفن بكل صوره وأشكاله وموضوعاته وذلك من أجل إيجاد حياة أخرى يتمثل فيها كل القيم الجميلة وهى الحق والجمال والخير تعوضنا عن تلك الحياة الحقيقة من خلال شعراء وكتاب وروائيين وقصصيين وفنانين تشكيليين إلى أخره من نماذج إنسانية تعلو بقامتها رجال السياسة والحرب، ولقد خرج من ضمن هؤلاء الكاتب المسرحى والتليفزيونى والصحفى والفنان والناقد الأستاذ السيد حافظ فهو فنان مهموم بقضايا كثيرة عبر عنها من خلال أعماله المتنوعة الراقية التى تتضمنها أعماله الفنية كلها ، وكان من حسن حظى أننى تعاملت معه فى أعمال مسرحية تعنى الطفل ومشاكله إبان كنت فى الكويت استاذاً بالمعهد العالى للفنون المسرحية.
· حقيقة لابد أن أسند الفضل إلى أصحابه فكان هذا الفنان السيد حافظ إذ سمح لى أن أدخل إلى أجواء أعماله المسرحية المعنية بالطفل وهذا يعتبر جانباً من جوانب نشاطه الواسع إذ كتب لمسرح الكبار ومازال يكتب حتى الآن، وللحق كنت غير معتاد على إخراج مسرحيات للأطفال إذ كنت مشغولاً بمسرح الكبار ، فاستفدت من تلك التجارب الخاصة بالأطفال إذ وجدته مسرحاً معقداً ومركباً على غير ما كنت اعتقده.. فمسرح الطفل ليس بالسهولة التى نتصورها فهو عالم جدير بالاهتمام من حيث ضرورة سخاء الانتاج فى الملابس والمناظر المسرحية والموسيقى والرقص والتمثيل إذ أنه مؤثر للغاية فى تنمية عقول ووجدانات وخيال أطفالنا أى رجال المستقبل، وإنه لمن الأمانة الفنية والعلمية أن أقول بأن مسرح الطفل صعب للغاية وسهل إذا ما تفهمناه حقيقة، ولا يمكن فى النهاية أن نضحك على عقول أطفالنا فهذا يعتبر تخريباً وإجراماً فى حق تنشئة أولادنا.
· لقد شدنى مسرح الطفل بفضل هذا الفنان الواعى الأستاذ السيد حافظ وأصبح مسرح الطفل أحد اهتماماتى فى عالم الإخراج، فقد اخرجت للاستاذ حافظ كثيراً من الأعمال المسرحية منها (الشاطر حسن) و(محاكمة على بابا) و(عنتر وعبلة) و(الساحر حمدان) وكل من تلك المسرحيات تحمل مضامين وقيماً رائعة استطعت من خلالها التواصل بين العرض وعقل ووجدان المتلقى الصغير، فكانت المسرحيات التى أخرجتها تعتبر من أهم المحطات الفنية لى.. فبقدر ما يتمتع به الفنان السيد حافظ من موهبة أكيدة فإنه كان يعطى للطفل أجرومية تتناسب وسنه، هذا فضلاً عن القيم التى ضمنها أعماله الفنية بما تساعد بشكل أو بأخر على تنمية خيال المتفرج وبث رسائل فنية تحمل معانى وقيماً مستمدة من الحق والخير والجمال بحيث تساعد الطفل فى نموه على تمثل تلك القيم الجميلة واعتناقها بما تساهم فى تواجد جيل يحمل فى داخله كل المعانى والقيم والفضائل التى تبنى مجتمعاً بشرياً مكتمل الصحة النفسية والجسدية والعقلية.
· هذا هو الفنان الأستاذ السيد حافظ الذى يثرى حركة المسرح بأعماله الفنية المتميزة.
المخرج المسرحى
أحمد عبد الحليم
0 التعليقات:
إرسال تعليق