Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021

78 مسرح السيد حافظ من الالتزام بقضايا الإنسان إلى التمرد على الواقع المرير بقلم : ابراهيم عبد المجيد

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

( 78 )


دراسات أدبية
مسرح السيد حافظ
من الالتزام بقضايا الإنسان
إلى التمرد على الواقع المرير
 بقلم : ابراهيم عبد المجيد

 

دراسة من كتاب

المسرح التجريبى بين المراوغة واضطراب المعرفة

 

دراسات أدبية
مسرح السيد حافظ
من الالتزام بقضايا الإنسان
إلى التمرد على الواقع المرير
 بقلم : ابراهيم عبد المجيد

جريدة المجاهد – الجزائرية فى الجمعة 28 جويلية 1978 العدد : 937

 

 

 

 

 

قد يبدو هذا العنوان فضفاضاً من النظرة الأولى ، ومن ثم يستدعى حكماً – من النظرة الأولى أيضاً – بأن الدراسة كلها مجاملة " وأخذ بالخاطر" .

والنظرة الأولى هى آفتنا الأولى وهى دائماً ساذجة ، ومن ثم فأحكامها سطحية وهى تضرر عن بعض الناس نتيجة للطبيعة الإنفعالية للتفكير فى البلاد المتخلفة – ونحن منها – وهى تصدر عند البعض الآخر نتيجة كبرياء يخفى زيفاً وخواء، فتكون هكذا وسيلة لتبرير القصور..

وكاتبنا الذى نتحدث عنه له مسرح فعلاً ، سواء بمقياس موضوعاته وهمومه أو بمقياس الفن الدرامى بل إذا وضعناه وسط الحركة المسرحية – إذا كان هناك ثمة حركة – نجده متميزاً وبالذات فى داخل هذه الحركة فهو النظرة الأولى ، التى تكتفى بقراءة بعض عناوينه التى تبدو غريبة فتجفل عند قراءة أعماله الفنية وقد نشر الكاتب ثلاث مسرحيات قصيرة هى (كبرياء التفاهة فى بلاد اللامعنى ) نشرت بكتابات معاصرة، حدث كما حدث ولكن لم يحدث أى حدث (الطبول الخرساء فى الأودية الزرقاء) نشرتا فى كتاب واحد يحمل العنوان الأول (حدث كما حدث ولكن لم يحدث) على نفقته الخاصة . لم يتعرض لها النقاد ولا المخرجون بطبيعة الحال وهو يعيش الآن معظم حياته بالاسكندرية بعيداً عن القاهرة . والبعد عن القاهرة كثيرا ما يكون غنيمة ولكنه فى مجتمعنا – وخاصة فى مجالات الأدب مصيبة.

فالكتاب والفنانون جميعاً مدعوون لهجرة الأقاليم والمدن من اجل هذا المرض الخطير المسمى (بالمركزية) مركزية مادية وروحية أيضاً.

وهو فضلاً عن هذه المسرحيات الثلاث له مسرحيات أخرى ، لكنها مازالت حبيسة درج المكتب، وإذا كان نشاط الهواة فى بعض البلاد له قيمته ، ففى بلدنا لا يزيد عن معن (شئ أحسن من لا شئ) .

وهموم هذا الكاتب إما اجتماعية مباشرة أو حضارية. والمسرحيات التى سأقدمها يغلب عليها الطابع الحضارى فى معظمها وقد نجد لها أرضية اجتماعية مباشرة تتوسع شيئاً فشيئاً حتى تشمل معان عامة وتصورات كلية والكاتب الجيد هو الذى نجد فى أعماله فكرة ما أو تصوراً ما يعالجه بطرق مختلفة معبراً عن رؤية كلية للكون والإنسان معاً لكن الكاتب فى بداية حياته الفنية قد تستهوية القضايا المباشرة خصوصاً فى مجتمع يتحول ويتصارع فيه القديم والجديد ، ولكن الكاتب الجيد سرعان ما يرتفع عن هذه القضايا المباشرة والمرحلية إلى آفاق أرحب وأوسع.

لكن أين كاتبنا من هذا كله وما هو موقفه أو رؤيته وما هى قضاياه ؟

يمكن أن نقول على الإجمال أن السيد حافظ يؤمن بالإنسان ، وبأن داخل هذا الإنسان شغفاً كأنه مس من الجن . هذا الشغف يجعل الإنسان متمردا دائماً وهذا التمرد ليس تمردا غبيا بل هو تمرد متفائل بجدواه. وهذا التمرد يكون ضد المواصفات الاجتماعية سواء وضعها الإنسان بنفسه أو التفكير الزائف أو جاءت بها الحضارة. إنه يعتبر التخلف الاجتماعى الطبقى والمتخلف الحضارى – العلمى والفكرى – والجشع الاستعمارى ، وهو وجه حضارى – كل ذلك روح شريرة شغف الإنسان بمقاومتها أصيل حتى لو استكان الإنسان لشروره مغتنماً منها – على أى مستوى – ففى داخله دائماً بذرة التمرد التى بحث عن فرصة للخلاص – والخلاص هنا بالمعنى المباشرة للكلمة لا بالمعنى الدين المسيحى المشهور – أنه يعبر عن هذا التمرد بوضع الإنسان كنمط ضد مواصفات المجتمع أو مظاهر الحضارة.

وهكذا يكون التمرد هو الفكرة الجدلية ولكن كيف ؟

نتحدث الآن بإسهاب أكثر سيكون أكثر سيكون الكلام عن الفن الدرامى عند السيد حافظ فى الجزء الأخير من الدراسة .

1- التمايز الاجتماعى ومشكلات الحياة الاجتماعية :

مسرحية " هم كانوا ومازالو زعاليك " والتى يفضل أن يسميها الكاتب (الزعاليك) فقط لأن العنوان تقريرى يكاد يلخص القضية كلها فى هذه المسرحية نضع ايدينا على قضايا اجتماعية مباشرة فهناك عالم سفلى يجرى شريراً هو " حوده" وأنيسة البغى صديقته التى يستخدمها ليجنى من وراءها مالاً ، ثم عم شحاته الحارس حارس (المبولة) ، ومحمود بائع البطاطا وكلهم غرباء عن المنطقة وينضم اليهم شرطى وماسح أحذية هارب من ثأر فى الصعيد .

هنا نجد ثلاث محاور المحور الأول روحى حيث تلقى الغربة المكانية بظلالها عليهم فيشعرون بغربة روحية ونوعاً من الضيق من حياتهم التى كانوا يأملون فيها خيراً. حتى حودة وهو الشرير جداً جعل له المؤلف ظلاً يتابعه على المسرح . هذا الظل لا يرضى من خلال حركاته عن أعمال حوده . إنه البذرة الخيرة داخل الإنسان المتمرد على انغماسه فى الشر والتى فى النهاية سيكون لها الانتصار ثم هناك محمود ثان هو التفاوت الاجتماعى حيث يتشرد محمود بائع البطاطا لأن يكون حودة ولكن يمنعه عن ذلك لأنه غالى ودمه حر . كما يقول يبيع البطاطا ويبدو هناك كيف يسيطر حوده بماله وسجائره على الجميع.

ثم هناك محور ثالث هو العزلة الاجتماعية حيث تواجه فى بداية المسرحية بمثقف يقف وسط الصالة ويخاطب الممثلين قائلاً (احنا جايين هنا علشان نضحك مش علشان نسمع كلام فارغ حزين – حتى يقول – أنا جاى امتع علشان بعد كده عندى محاضرات ودوشه الخ.. وهذا ليس دليل عزله فقط بل وخواء ثقافى وادانة للمثقفين وهكذا تكتمل الأطرف. وهذا المثقف لن يظهر كثير خلال المسرحية حتى يؤكد عزلته ، فاتفاؤه لا يقلل من قيمة دوره بل يؤكده.

تعرف بعد ذلك أن محمود ترك البلدة ليعمل فى الاسكندرية يرادوه حلم توفير مهر عروسه ، وعم شحاته غادر رشيد ليكون أفندياً بالمدينة فانتهى به الأمر حارساً (للمبوله) وأنيسة تزوجها صديقه لوالدها يكبرها سناً ونهب ميراثها منه . وحودة تاه صغيراً وماسح الأحذية المنقم هارب كما قلنا من الثأر ، يمارس حوده عليهم قهراً حقيقياً ويمارسون هم على بعضهم قهراً زائفاً كنوع من الإزاحة النفسية ، ويصعد شحاته اليهم وبالطبع لا يعطونه شيئاً فيدخل المرحاض ويختفى فيه وعند النهاية يصعد اليهم المثقف لقضاء حاجته يسخرون منه عندما يطلب منهم إخراج من بداخل المرحاض الوحيد الصالح فيصفهم بأنهم (صعاليك ) أو زعاليك كما ينطقونها ونعرف من خلال مونولوج استرجاع المثقف أنه دكتور فى الجامعة يربح من الكتب أرباحاً خياليه لأنه يحب الفقراء ، كذا !!

وهذا المونولوج رغم اغرائه المسرحى دخيل لأننا عرفنا نوعية المثقف من خلال مواقفه ولم يكن هناك داع لتحديده فى هذا الإطار الضيق ، رجال الجامعة ، وإذا كان الكلام الداخلى صادقاً دائماً فعلى المسرح يصبح الموقف والتقابل فى الحدث أكثر صدقاً وفنية .. وتظهر مخاوفهم وأمالهم من هذا الذى بداخل المرحاض .. لم يكونوا يعرفون أنه الشحاذ – ماسح الأحذية – اعتبره عبد القوى الباحث عنه لقتله وحوده تعلق به أمله أباً  وأخاً ينقذه فى الضياع يحطم حوده المرحاض وهو هنا نمط للصعود السريع على طريق شائك والرغبة الملحة فى الأمن والراحة.

 


 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More