Add a dynamically-resized background image to the page.txt Sayed Hafez (sayedhafez948@gmail.com) جارٍ عرض Add a dynamically-resized background image to the page.txt.

أدخل كلمة للبحث

الزائرون

Flag Counter

زوارنا

Flag Counter

الزائرون

آخر التعليقات

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2021

16 مسرحية " إشــــاعــة " تجربة البحث عن الحقيقة بقــلـم نصيـــرة يعقـوبـــى

 

 

دراسات من كتب د. نجاة صادق الجشعمي

(16)

 

مسرحية " إشــــاعــة "
تجربة البحث عن الحقيقة
بقــلـم
نصي
ـــرة يعقـوبـــ
ى

 

دراسة من كتاب

إشكالية الحداثة والرؤي النقدية فى المسرح التجريبى

الســيد حــافظ

)نموذجاً(

 


مسرحية " إشــــاعــة "
تجربة
البحث عن الحقيقة
بقــلـم
نصي
ـــرة يعقـوبـــى

 

توطئــــة :

يقول عبد الكريم برشيد:" إن المسرح فضاء الإمكان وليس فضاء المحال، كل شيء فيه ممكن، وبذلك يكون محيطا بلا ضفاف. وان لاكتشاف قضاياه يتطلب ركوب الغامرة، يتطلب الترحال السندبادي بحثا عن الجزر البعيدة والغربية والعجيبة. وإن الإنجازات التي حققها المسرح العربي – لحد الآن – لا تمثل شيئا خطيرا، لأن الأخطر والأهم هو ما يمكن الكشف عنه الآن أو بعد الآن"([1])

لقد استجاب السيد حافظ إلى دعوة هذا الباحث، فزود المكتبة العربية بصفة خاصة والعالمية بصفة عامة بإبداعات مسرحية متميزة طابعها التجديد  والمختلف. فإذا كان " الاتباع خير من الابتداع"، و" الابتداع أخطر من الاتباع" كما قال أبو حيان التوحيدي، فإن مبدعنا اختار الطريق الأصعب وركب الأخطر فلم يكن متبعا بل مبتدعا.

والحديث عن الابتداع في أعمال السيد حافظ المسرحية يحتاج إلى جهود جبارة ويتطلب مجلدات ضخمة. لكن "مالا يدرك كله لا يترك جله". لهذا سنحاول الوقوف عند بعض مظاهر التجديد في إنتاجاته المسرحية من خلال نموذج بعينه. فالبحث في موضوع ما كلما كان محصورا إلا وكان  دقيقا وعميقا.

وبناء على ذلك، فقد اخترت مسرحية " إشاعة" لتكون جوازا لإثارة بعض القضايا الفكرية التي طالما شغلت السيد حافظ، فكانت هاجسه في جل أعماله المسرحية. إنها قضية أو " تجربة البحث عن الحقيقة وإعادة كتابة التاريخ". ترى ما هي الحقيقة التي بحث عنها  السيد حافظ؟ وكيف بحث عنها؟ وما هي أسس إعادة كتابة التاريخ؟ وهل بالإمكان القيام  بذلك؟

تلك هي بعض الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها من خلال محورين كبيرين: يتعلق المحور الأول  بالقضايا الفكرية والمعرفية التي تحفل بها مسرحية " إشاعة". أما المحور الثاني، فيتمثل في  الجوانب الجمالية والأبعاد الفنية، أو بالأحرى " القالب الفني" كما يسميه توفيق الحكيم – الذي صب فيه السيد حافظ تلك القضايا  الفكرية، و" القراءة من فوق أو من خارج الإبداع لا يمكن أن تثمر غير الضباب... يمكن أن تكتب عن الشعر وأنت لست بشاعر، ويمكن أن تكتب عن القصة وأنت لست بقصاص، ولكنه لا يمكن أن تكتب في المسرح  وعن المسرح إلا من داخل المسرح"([2]).

فالمسرح ليس نصا وحسب، بل هو نص وعرض. ولا يتحقق النص إلا بالعرض. وبذلك فإنني  سألج عالم السيد حافظ من خلال مسرحيته " إشاعة" وأنا مؤمنة بأن التعامل مع نص مسرحي يختلف عن التعامل مع نص شعري أو نص قصصي أو روائي.

القضايا الفكرية والمعرفية في مسرحية " إشاعة":

ملخص المسرحية :

تعالج مسرحية " إشاعة" إحدى الآفات الاجتماعية التي تهدم أواصر المحبة. إنها آفة " الإشاعة" كما تدل على ذلك عتبة  العنوان. وقد حاول السيد حافظ معالجة هذا المرض الاجتماعي والنفسي انطلاقا من مؤسسة التعليم التي هي العمود الفقري لكل مجتمع. وقد تمثل دور هذه المؤسسة في شخصية الدكتور مصباح الزمان الذي كان هاجسه نشر الوعي بين الطلبة ودعوتهم إلى إعادة كتابة تاريخ بلدهم.

التف حول هذا الأستاذ مجموعة من الطلبة، تأتي على رأسهم الفتاة التي تشارك أستاذها بطولة المسرحية، هذه  الفتاة التي مثلت دور القروية المثقفة، والتي كان لعمها المتوفى الفضل في مواصلة دراستها.

وستعيش هذه الفتاة صراعا حادا نظرا للإشاعات التي التصقت بها وبأستاذها مصباح الزمان. وسيكون  لتلك الإشاعات عواقب وخيمة، إذ ستؤدي إلى بث  الشك في نفوس أفراد عائلة الفتاة وعلى رأسهم ابن عمها وخطيبها. فما إن يأتي هذا الخطيب للاعتراف لخطيبته بخطئه وبأنها شريفة، حتى تعلو الإشاعة فوق الحق، إذ تدبر مكيدة أخرى تتمثل في اتهام الفتاة بإنجاب طفل، حيث نسمع في آخر المسرحية صوت طفل يبكي فتنتهي المسرحية بطلقات نارية.

أهم التيمات والقيم الفكرية في مسرحية " إشاعة":

لقد تعددت تيمات هذه المسرحية وتنوعت، إذ تطرح أكثر من قضية اجتماعية وسياسية. فإذا كانت التيمة الرئيسة هي تيمة " الإشاعة"، فعن هذه التيمة تتولد عدة قضايا مثل قضية: فقدان الثقة، والخيانة والصدق وحسن النية، وقضية الصراع بين المدينة والقرية. وهناك قضية الحث على الصبر والتضحية في سبيل المبادئ والقيم، وضرورة الإيمان بالقضية التي ندافع عنها.

ولتبين الأمر، لابد من الوقوف عند بعض هذه التيمات بشيء التفصيل والتحليل.

لعل أول تيمة نصادفها هي تيمة " الإشاعة"، هذه  التيمة  التي عانى بسببها كل من الدكتور مصباح الزمان والفتاة صراعا خطيرا بينهما أولا، وبين باقي شخوص المسرحية ثانيا.

لا يخفى على أحد أن السلطات كلما ظهر من يهدد مركزها، إلا وحاولت تنحيته بشتى الوسائل. ولعل هذا ما حاولت مسرحية " إشاعة" معالجته، إذ لما كان مصباح الزمان والفتاة مؤمنين بمبادئهما وطموحاتهما في إعادة كتابة التاريخ من جديد، ومحاربة كل من يقف ضد المبادئ والقيم النبيلة، قام بعض الأفراد الموالين للسلطة السياسية، الذين مثلهم كل من الصحفي أبو الكلام، والأستاذ فهمان بنشر الإشاعات حولهما  للإطاحة بمكانتهما والنيل من سمعتهما. وقد كان لهذه الإشاعات بالغ الأثر في أفراد عائلة الفتاة، تمثل ذلك الأثر  في الصراع بينها وبين خطيبها، وبينها وبين أخيها وأبيها وأمها وجيرانها. ويظهر الصراع بينها وبين خطيبها في الحوار الآتي:

ابن العم :  بيقولوا انك مصاحبة واحدة اسمها بهية.

الفتاة    :  أيوه دي زميلتي في الكلية.

ابن العم :  ولها أخ اسمه يونس.

الفتاة    :  ما شفتوهوش.. لا أفتكرت أنا شفت صورته مع بهية.

ابن العم : اعترفي.

الفتاة    :  بايه.

ابن العم :  بأنك تعرفيه.

الفتاة    :  قالوا أني أعرفه.

ابن العم :  أيوه وبتحبيه([3]).

ويستمر الحوار حيث يطلب ابن العم من خطيبته مقاطعة علاقتها بزميلتها. وبعد أخذ ورد تقرر الفتاة التضحية بالصداقة في سبيل الحفاظ على خطيبها الذي يمثل حلم الغد بالنسبة إليها. وهو ما يظهر من خلال قولها: " أنت حلمي لما أخلص دراستي.. نفتح بيتنا.. ونعلم أولادنا.. نزرع الأرض"([4]).

فنلاحظ كيف تتولد عن التيمة الكبرى تيمات صغرى، مثل التضحية والتشبث بالأمل وغيرهما. ومن نماذج الصراع بين الفتاة وأخيها ما يعكسه الحوار الآتي:

الأخ   : مش حاسه الناس يتقول عنك إيه.

الفتاة  : قوللي يا خويا.. بيقولوا إيه عني.

الأخ   : بيقولوا أنك بترجعي متأخرة.

الفتاة : ساعات..الأتوبيس والزحمة.. واحنا في الشتاء والعتمة بتجي بدري

الأخ : الناس بترقبك بعيونها.. قالوا انك بتخرجي من الصبح  للمسا.. والبنت في الغربة لوحدها ممكن تعمل اللي على كيفها.

الفتاة : أنا.. وأنا اختك.. لحمك.. ودمك.. كفك.. قدمك.. وعينيك.. ياعيني عليك.. فاكر واحنا صغار... الجنينة والساقية والأشجار.

الأخ  : دا كلام أشعار([5]).

لكن وبعد مراقبة هذا الخ لأخته، اتضح له أنها شريفة، فاسترجع ثقفته بها وهو ما يعبر عنه هذا الحوار:

الفتاة  : إيه يا خويا ابن أمي وأبويا جاي تراقبني.

الأخ   : انتي عرضي لحمي.. دمي.. من حقي أشوف بتعملي إيه.

الفتاة  : وبقى لك كام يوم على الحالة دي؟

الأخ   : تلت تيام.

الفتاة  : شفت إيه في التلت تيام؟

 الأخ  : ما شفتش اللي شافوه ولا عرفت اللي عرفوه وح ارجع إيد ورا ويد قدام.. لا عارف  ولا فاهم حاجة.

الفتاة  : ندمان أني شريفة.

الأخ   : لا يا أختي فرحان.

الفتاة  : أمال إيه.

الأخ   : سامحني الإشاعة بتبقى أقوى من الحقيقة  والكذب له ألف ايد وألف لسان.. والحقيقة دايما مع أنها قوية تبقى مختفية مع أنها ظاهرة بس مغطيها التراب([6]).

فالملاحظ أن السيد حافظ يحاول الدفاع عن الحق والحقيقة رغم الصعوبات التي تحول دونهما. فهو" من الكتاب الذين يحملون مسؤولية الغد على أكتافه وفي أعناقه، فهو يخوض غمار معركة الحق والحقيقة والأشياء الخالدة، ويرفض أن يكون ملتزما بالأفكار المجردة أو بإطالة التفكير  المجرد، فمسرحه يتكلم عن كل الأزمات الإنسانية فهو يتكلم عن قضايا إنسانية متعددة"([7]).

لقد حاول السيد حافظ في جل أو كل مسرحياته معالجة الواقع المصري بصفة خاصة والواقع العربي بصفة عامة، هذا الواقع الذي عاش ومازال يعيش أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ومسرحية " إشاعة" تعكس جوانب من هذه الأزمات يمكن تمثلها فيما يلي:

أ- الواقع السياسي:

يتمثل هذا الواقع  في تسلط السلطة الحاكمة التي حاولت حصر تفكير مصباح الزمان وجماعته. فللقضاء على الثورة ضد الواقع المتردي قامت السلطة بإنشاء وسائل  للترفيه والتسلية بغية تجريد المواطن من الوعي السياسي وتحويله إلى إنسان سلبي جامد الفكر فارغ الذهن ولعل هذا ما يعكسه الحوار الذي دار بين الرجل المهم : ومصباح الزمان :

الرجل المهم : إيه يا مصباح الزمان... أنت عايز تحرض الولاد...الولاد بتحب ديسكو.. والأغاني البرتقالي       وسندوتشات الهمبورجر..

مصباح الزمان : دول ايدنا بكره..عنين بكره

الرجل المهم  :    دا كلام شعر..احنا امبارح والنهاردة وبكره

مصباح الزمان :   لابمكن نحمي الأوطان بجيل أرانب  وقرود

الرجل المهم  :  أنت زودت الحدود..احنا عايزين جيل مسالم بيحب  السلام جيل ما بيحبش المزايد والحوار والكلام.

مصباح الزمان : قصدك جيل أخرس.. جيل من العميان..يبقى على الدنيا السلام([8])

فالسلطة الحاكمة كما تعكسها المسرحية سلطة متسلطة ومتجبرة، ترفض التغيير وتنشد الاستمرارية والبقاء (احنا امبارح والنهاردة وبكرة).

فهي سياسة تسعى إلى خلق مواطن أخرس، مشلول التفكير.

ب- الواقع الاجتماعى :

    الواقع الاجتماعي واقع مليء بالآفات والأمراض النفسية والاجتماعية، مثل انتشار الافتراءات والأكاذيب، وانعدام الثقة والأمن والصدق. وقد عكس لنا السيد حافظ في مسرحيته هذه نموذجين من هذا الواقع.

النموذج الأول : وتمثله القرية حيث يعيش الفلاح البسيط المرتبط بأرضه، والمحب لعائلته وأقاربه ووطنه، المقتنع بقوت يومه.

 النموذج الثاني : تعكسه المدينة بكل تعقيداتها وآلياتها المتطورة        وأحلام أبنائها الزائد عن الحدود. ويتجلى هذا الواقع بنموذجيه في الحوار الذي دار بين الفتاة والطالب الفاسد:

الطالب الفاسد : تسمحي لي أتكلم معاكي في موضوع حساس شويه.

الفتاة  : اتفضل.

الطالب الفاسد: بصراحة أنا بقالي مدة مراقب طلوعك وخروجك.. مشيك.. كلامك.. حوارك أفكارك.

الفتاة  : الله..الله وليه كل دا.

الطالب الفاسد : أنا بصراحة وبدون فصاحة عايز أطلب ايدك.

الفتاة  : "تضحك " آسفة أصل أنا مخطوبة.

الطالب الفاسد : عارف.. دا جواز مش متكافئ.. واحدة زيك فاهمة وعارفة ومستنيرة ودخلت في أحضان المدينة مش معقول تربط مستقبلها بشاب فلاح.

الفتاة  : بتقول فلاح..ما هو أنا فلاحة.. واحنا كلنا فلاحين. مصر كلها وأصلها فلاحين.

الطالب الفاسد : هنا القاهرة.. هنا العاصمة.. هنا التلفزيون والعربيات والحركة الثقافية والخدمات المتطورة

الفتاة  : في كفرنا الناس لغيت الحمير وركبت عربيات نقل وغسالات بالكهرباء.. بطلوا يخبزوا وبنستورد  الخبز من المدينة.. أنت فاكر كل حاجة زي ما كانت زمان.

الطالب الفاسد : ماهو دا كويس بس القرية قرية والمدينة مدينة وأنت هنا تتقدري وتتغندري وأقدر أخليكي أسعد انسانة.

الفتاة  : تفتكر ايه يخليني اسيب ابن عمي وأخدك.. شقة على النيل.. مش حلمي.. عربية مرسيدس مش حلمي.. بيت صغير جنب غيط أبويا يبقى تمام.([9])

ج- الواقع الثقافـى :

تعكسه طبقتان : الطبقة المتنورة، ويمثلها كل من مصباح الزمان والفتاة. والطبقة المتحجرة، ويمثلها الطالب الفاسد، والصحفي أبو الكلام والزميل سمعان النعمان، ومشتاق الزمان، والرجل المهم. وهم يعكسون الصورة السلبية للمثقف العربي الذي ينساق وراء الملذات، ويبيع كرامته وقضايا أمته من أجل الماديات.

ومن أدلة الواقع المتردي، قول الرجل المهم مخاطبا مصباح الزمان:"اسمعني أنت ما تقول كلمتين (في إطار المنهج وبس والشباب سيبهم.. بس سيبك من الانشا والمقالات والشعارات"([10])

لقد اتخذ السيد حافظ من المسرح واجهة نضالية ضد كل آفات المجتمع. وإذا كانت الاحتفالية كما يقول مصطفى رمضاني " ترفض كل تركيز للمسرح على الخطاب الأيديولوجي فقط، فإن ذلك لا يعني أنها لا تملك موقفا إيديولوجيا من الصراع الاجتماعي فكل بياناتها تلح على أن يكون  المسرح مؤسسة شعبية يساهم فيها الشعب بكل مكوناته الفكرية والإيديولوجية، إلا أنها ترفض أن يقوم هذا المسرح على الأسلوب الشعارتي وعلى التحريض، لأنه أسلوب يستفز المتلقي من قنوات تستهدف التأثير العاطفي([11])".

ولعل هذا ما حاول السيد حافظ تجنبه مؤمنا بمعا لجة ما هو معاصر وآني، " لأنه كلما عبرت الكتابة الدرامية عن زمن حياتنا المعقدة بزمن مسرحي ساذج وتبسيطي أصبح مسرحنا تافها وغير محتمل"([12])

أجمع الدارسون على أن كتابات السيد حافظ "تدور..دائما حول الإنسان المعاصر..الإنسان المطحون بين الأمل والاكتراث لذلك فهو يهتم اهتماما كليا بمشكلة الإنسان المعاصر والضغوط الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الملقاة عليه ويحاول أن يقتحم هذه العوالم في داخل الانسان. إن في كل مسرحية من مسرحياته تجد أنه يبذل مجهودا كبيرا وحقيقا في البحث والكشف والتنقيب والنظر الثاقب والصبر النافذ عن معاناة الانسان المعاصر"([13])

د - التراث في مسرحية " إشاعة "

لعل أهم ما يتميز به السيد حافظ هو القدرة على توظيف التراث في أعماله المسرحية، وقد حظيت مسرحيته " إشاعة " بحضور نوع من التراث الشعبي المتمثل في الأمثال الشعبية. من ذلك ما جاء على لسان الأب "صباح الخير ياجاري..أنت في حالك وأنا في حالي"([14]).

وعن توظيف التراث الشعبي يقول إحسان عباس:" للتراث الشعبي ميزة هامة لأنه تراث قريب حي، وحين يلجأ إليه الشاعر لا يحسن أنه مثقل بما في الماضي الطويل من خلافات ومشكلات"([15]).

ويقول محمد إبراهيم أبو سنة في كتابه:" فلسفة المثل الشعبي": والمثل كأي مظهر من مظاهر الفكر الشعبي هو موقف صادق يختزن وجهة نظر قد لا تكون في الامتداد الايديولوجي السليم ولكنها تحمل غبار التجارب الاجتماعية المادية، والمثل كتعبير يصوغ الموقف المادي بلا وساطة نظرية"([16])

وتجدر الإشارة إلى أن أهمية التراث  لا تقتصر على الجانب الفكري والمعرفي وإنما تتعداه إلى الجانب الجمالي، فالمثل الشعبي على سبيل المثال يخفف من جفاف الفكرة ويعطيها صبغة جمالية تستهوي القارئ أو المشاهد.

ومن الخصائص التي تتميز بها أعمال السيد حافظ أيضا استحضار الشخصيات التاريخية. فمن الشخصيات التي ورد ذكرها في هذه المسرحية شخصية صلاح الدين الأيوبي. ويتجلى ذلك في قول مصباح الزمان للفتاة": اسمعي عايزك تعملي بحث عن مصر المملوكية أو عن صلاح الدين لما حلم بمصر"([17]).

وأهمية العمل المسرحي لا تكمن في جانبه الفكري والإيديولوجي فحسب، بل تكمن في الجانب الجمالي والفني أيضا. فما هي الخصائص الجمالية التي تميزت بها مسرحية "إشاعة"؟

الأبعاد الجمالية والفنية في مسرحية "إشاعة" :

يمكن رصد هذه المكو نات الجمالية انطلاقا من العناصر الآتية:

- البناء الدرامي للمسرحية، والشخصيات، والفضاء المسرحي، والصراع الدرامي، والحوار، واللغة.

- البناء الدرامي للمسرحية.

إن القراءة العجلى للمسرحية توحي بأن بناءها شبيه بالبناء الدرامي للمأسـاة عند أرسـطـو، الذي يقوم على بداية ووسط ونهاية. إلا أن الدراسة الفاصحة تثبت عكس ذلك، إذ إن في المسرحية تسلسلا وتطورا للأحداث. لكن هذا التطور لا يخضع لتسلسل منطقي. فالسيد حافظ لو كان مقلدا لما افتتح مسرحيته بتلك الافتتاحية التي تعكس منذ البدء العلاقة الطيبة بين الفتاة والأستاذ مصباح الزمان.

لقد انتهج السيد حافظ منهجا فريدا من نوعه، أساسه التوفيق بين ما هو فكري وجمالي. وتلك إحدى مميزات المسرح التجريبي أو الطليعي."إن من خصائص المدرسة الطليعية التمرد والثورة على قوالب.. المسرح القديم أو الكلاسيكي وأيضا رفض للمدرسة الطبيعية الواقعية. إن موقف التمرد في إبداع الكاتب يتجاوز الإطار المألوف عن الواقع ويغوص في العقــل البــاطني، وعـالم الـلاوعـي واللامعقول"([18]).

وقد صرح أحد الباحثين قائلا:"يظلم السيد حافظ كل من يعامله بمقاييس المسرح التقليدي، وينصفه من ينظر إليه على أنه كاتب طليعي يرفض بإرادة عنيدة متمردة أن يكون مقلدا لغيره، فهو يأتي التقيد في مسرحياته للقالب الواحد يصب فيه مسرحيته كما يضع الكاتب الكلاسيكي أو الطليعي أو الواقعي، بل يؤثر التنقل في المسرحية الواحدة بين الأجواء المختلفة، لتحلق بنا وراء الأجواء المألوفة"([19])

وسيتأكد لنا هذا الابتداع عند السيد حافظ من خلال باقي المكونات الجمالية.

- الشخصيات:

تنقسم شخصيات مسرحية   "إشاعة "إلى ثلاث فئات :

الفئة الأولى : ويمثلها بطلا هذه المسرحية وهما الأستاذ مصباح الزمان والفتاة، وتعكس هذه الفئة جانب الوعي في المجتمع. فمصباح الزمان كما يدل ذلك اسمه يرمز إلى النور، إذ يعمل على بث الو عي بين صفوف الشباب. كما أنه يمثل نموذج المثقف المسؤول أمام قضايا وطنه وهموم أمته. وكأن السيد حافظ من خلال هذه المسرحية " يتقدم ضمنيا.. بمشروع - ينتظر المثقفين عموما والمهتمين بالتاريخ خاصة- يتمثل في الدعوة إلى إعادة كتابة التاريخ.فإعادة الكتابة ستظهر مجموعة من الحقائق الخفية، كما ستكشف عن الذين صنعوا أحداث التاريخ، لأنهم - في غالب الأحيان- يحملون أقنعة تخفي وجوههم الحقيقية"([20])

الفئة الثانية: تنقسم هذه الفئة بدورها إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى : ويمثلها كل من الرجل المهم والأستاذ فهمان، والصحفي أبو الكلام. وهذه المجموعة ترمز إلى التحايل والاستبداد بكل أنواعه. كما تمثل المصلحة الخاصة وحب الذات. فالصحفي أبو الكلام متعدد الأوجه والأقنعة، لا يحمل أي مبدأ، بل يكتفي بالكلام الفارغ والخطابات الزائفة. إنه رمز لفئة عريضة من الإعلاميين والصحفيين العرب الذين يتقنون حرفة الكذب والثرثرة الكلامية. وقد استطاع السيد حافظ أن يعبر عن فساد الإعلام من خلال الحوار الذي دار بين الفتاة والصحفي أبو الكلام :

الفتاة:         أنت فنيت عمرك مع الملك كنت قلمه.. مع الثورة كنت قلمها مع كل رئيس كنت قلمه مع الشرق كنت شرقي مع الغرب كنت غربي.. وقلمك هو هو والحبر يتغير مرة أحمر مرة أخضر مرة أصفر.. مرة من دم الغلابة مرة بتبيع الغلابة مرة مع العبيدة مرة مع السادة مرة مؤمن مرة كافر.. بس قولي أنت مين.

الصحفي أبو الكلام : ح أريحك وأشرحلك ببساطة (يفتح دولاب يخرج مجموعة أقنعة) الصحافة السياسية ياصبية.. لعبة بانية ومختفية.. والقضية ببساطة إزاي تحط على وشك قناع.. شوفي (يرتدي قناع ) دا ملكنا يا جماله هل من التاريخ هلاله من بيت للأشراف من نسب الشجرة المباركة) يخلع القناع) بص.. هوب شوف.. التاريخ اتغير أهو) يرتدي قناع آخر) الملك دا كان فاسد والثورة هي الحقيقة والشعب هو الشعب.."([21])

إن هذه المجموعة حاولت بشتى الوسائل والإغراءات إقناع مصباح الزمان بالتخلي عن مبادئه. والحوار الآتي يعكس صورة من صور هذه الإغراءات:

الرجل المهم: لما تخد منا بصحيح ممكن نقول عنك، أنك تصلح  تبقى وزير، تبقى سفير، مسؤول جامعة.

مصباح الزمان: ازاي يعني

الرجل المهم:         كل ما تتعاون معانا تقدر نخدمك أكثر.

الرجل المهم:         ما احنا بلدك شوف سمعان النعمان بقى سفير، شوف صاحبك مشتاق الزمان بقى وكيل وزارة..أنت الوحيد اللي ما فهمتش وما غيرتش أفكارك([22])

فالسيد حافظ يحاول فضح تلاعبات السلطة التي تسعى إلى إذلال  المواطن وغسل دماغه من الفكر الحي والثوري.

أما المجموعة الثانية في هذه الفئة، فيمثلها كل من الطالب الفاسد والزميـل سمعان الزمـان، ومشتاق الزمان. فهذه المجموعة صورة لفئة تلهث وراء الماديات وملذات الحياة بكل أصنافها، غير آبهة للقيم والمبادئ النبيلة. إنها نموذج الخنوع لمغريات السلطة والاستسلام لتجبرها وتسلطها.

الفئة الثالثة: ويمثلها أفراد عائلة الفتاة: الأب والأم وابن العم. وترمز للاضطراب والتردد والحيرة وفقدان الثقة.و لعل ما يعكس ذلك قول الأخ "ما شفتش اللي شافوه ولاعرفت اللي عرفوه وح ارجع ايد ورا وايد قدام....لا عارف ولا فاهم حاجة"([23]).

وبناء على كل ما سبق ذكره حول شخصيات مسرحية  "إشاعة"، يمكن الاتفاق مع ما ذهب إليه حسن عبد الهادي من أن "شخصيات السيد حافظ ضائعة في خضم الحياة تبحث عن القيمة التي زيفتها أصابع الحضارة الحديثة، وتعيش وحشة رهيبة في طريق سعيها إلى تلك القيم  والمثل السياسية، سواء أكان ذلك الصعيد الاجتماعي الإنساني، أم الأصعدة الأخرى كالدين والسياسة والأخلاق"([24])

-  الزمن والمكان المسرحيان.

أ- الزمــــن :

ينقسم إلى قسمين: زمن خاص وزمن عام. فالزمن الخاص محدد ومحصور، ومرتبط بتطور الأحداث. ونماذجه متعددة في المسرحية، أكتفي بنموذج يمثل "الليل" على سبيل الإشارة فقط:

الفتاة : يا أبه خليك للصباح.... والصباح رباح..

الأب : يا بنيتي أمك تعبانة ومستنيااني على نار..

الفتاة : سلم لي على أمي.. قولها إني مستنيه الصيف علشان أجيلها..

الأب : سلام عليكم..

الفتاة : مع السلامة (تخرج بينما الظلام يحدث وتنزل خلاله أغنية قولوا العين الشمس)([25])

أما الزمن العام فهو زمن فضفاض وواسع زمن مرتبط بأزمات المجتمع المصري بصفة خاصة والمجتمع العربي بصفة عامة. زمن يتداخل فيه الماضي والحاضر والمستقبل ومن نماذج ذلك الحوار الآتي:

الفتاة : أرجوك يا دكتور ما تحلمش.. أنت زي والدي.. أرجوك اهرب سافر.. غادر الزمان والمكان

مصباح الزمان : الوطن انسان مش مكان ولا زمان..([26]).

وفي موضع آخر نجد الحوار الآتي:

الفتاة : (مقاطعا) أنت ليه مصمم تفضل هنا  ليه ما تسافرش ما تهجرش.

مصباح الزمان: أنا مهاجر في المستقبل معاكم.

وهاجس الزمن حاضر في مسرحية " إشاعة " بشكل مثي ولافت للنظر، كما يبدو من خلال أسماء الشخصيات، من أمثال: مصباح الزمان    وعصر الزمان الفهمان. فهذه المسرحية لاتعالج مرحلة بعينها، بل هي مسافرة في كل الأزمان والعصور.

ب- المكان :

ما قيل عن الزمن يقال عن المكان أيضا. فهناك المكان الثابت المرتبط بتطور الأحداث مثل: الجامعة، البيت، مكتب مصباح الزمان، القرية، المدينة وغيره من الأمكنة. وهناك المكان العام المرتبط بالوجود الإنساني. ف"قضية المكان في مسرح السيد حافظ تحتاج لبعض المناقشة فهو ليس محدد بحدود الواقعية المألوفة، بل هو مكان فنتازي، تجريدي يقع على حافة الاحتمال غير المحدد بمحددات آلية. وهو واقع مكاني خاص، متحرر من المواصفات الشكلية المعتادة غوص في اللامحدود والوهمي والشبحي"([27]).

وعن عالمية المكان في مسرح السيد حافظ يقول إسماعيل الأمبابي : "هذا الكاتب لم يحمل جواز سفر مصريا فقط، بل في الحقيقة حمل هذا الكاتب جواز سفر عربيا إفريقيا عالميا...فكل قلوب الناس حقيقته"([28]).

إن بنية المكان في مسرحية "إشاعة " بصفة خاصة، وباقي أعمال السيد حافظ المسرحية متنـوع ومتعدد. فتجاربه " تسافر..في جميع الأمكنة، في الشوارع في السجون، في المعتقلات، وفي الساحة العمومية، ليتجاوز ضيق الخشبة الإيطالية.. التي تقبر ذهن الممثل والمتلقي بتعليماتها الحرفية، فتسقط معها تلك النمطية مع كاتبنا ليجعل المسرح متحركا يخاطب الماضي والحاضر، لتكون في الأخير نسيجا متناسقا يروم إلى المستقبل المشرق وهذا ما أكده الباحث عبد الكريم بقوله: "لأنها كتابات جادة وجريئة، كتابات لا تقف عند الشائع المعروف، ولكنها تتعداه لتطل إلى مشارق كتابة مستقبلية جديدة. وهي تتوسل إلى كل ذلك من خلال التجريب الواعي"([29])

وخلاصة القول في هذا المقام، "إن السيد حافظ لا يلتزم بحرفية تعليمات وحدات الزمان والمكان الأرسطية، ولكن تنصب اهتماماته على تجريد المسرح كمسرح من الأشكال التقليدية القديمة"([30])

جـ - الصراع الدرامي:

لقد تعددت مظاهر الصراع في مسرحية " إشاعة " وتنوعت. فهناك صراع نفسي تعانيه بعض شخصيات المسرحية، بدءا بالفتاة التي عانت الويلات من جراء ما قيل عنها من إشاعات. فرغم أنها نموذج للمرأة الواعية المتشبثة بمبادئها المؤمنة بقضية أمتها، فإن ضغوطات أفراد المجتمع  كادت تفقدها الثقة في نفسها، وتتخلى عن مبادئها من ذلك ما يعبر عنه الحوار الآتي:

الفتاة : ممكن اسأل حضرتك سؤال ايه فايدة البحوث لما ترتمي في الادراج والاعلى الرفوف ولا تتسجن في كتاب ضرير ما يتقراش.. ايه فايدة القصيدة والجريدة... والعلم والحلم لحظة انهيار وطن.

مصباح الزمان : الكلام دا يأس ما حبهوش.. ما علمتهوش لكم..ما عرفتهوش في حياتي أنت أكيد قابلتي الدكتور عصر الزمان..([31])

فالملاحظ أن الباطل كاد يصبح حقيقة، لولا تشجيعات الدكتور مصباح الزمان وقوة إيمانه التي استطاع بفضلها أن يتغلب على الإشاعات، ويعين بذلك الفتاة على إعادة الثقة في نفسها. إن الدكتور مصباح الزمان نموذج للخير في مقابل الشر الذي عكسته بعض شخصيات المسرحية، من أمثال الرجل المهم والأستاذ فهمان وغيرهما.

هناك إذن صراع بين الخير، المتمثل في الإيمان بالقضايا الإنسانية كما عكستها شخصية الدكتور مصباح الزمان وشخصية الفتاة. والشر، المتمثل في التسلط والتجبر والوقوف ضد الحق. وقد عكسته مجموعة من الشخصيات، من أمثال الرجل المهم وغيره. وهناك صراع آخر طالما تكرر في أعمال السيد حافظ : إنه الصراع بين المدينة والقرية. ومن نماذج الأعمال التي عكست هذا الصراع إلى جانب مسرحية " إشاعة مسرحية " حكاية الفلاح عبد المطيع "

د-  الحــوار :

إن الحوار من الأسس والدعائم التي يقوم عليها البناء الدرامي. فبواسطته تتبلور الأحداث وتتطور. كما أنه يساهم في رسم معالم الشخصية وحالتها النفسية.

وقد تنوعت أضرب الحوار في مسرحية "إشاعة " واختلفت من ناحية الطول والقصر. ولعل "ما يميز الحوار عند السيد حافظ هو ذلك التنوع ليكون همزة وصل بين مجريات الأحداث ومشاعر الشخصيات التي تساهم في بلورته، وهو حوار يفصح عن مجموعة من المواقف والأفكار"([32]).

 

هـ - اللغة في مسرحية "إشاعة "

لقد كتب السيد حافظ هذه المسرحية باللغة العامية المصرية. ولا يعد ذلك عيبا أو نقصا. بل إن القارئ غير المصري والمشاهد العربي بصفة عامة يحس بجمال هذه المسرحية وبفنيتها، نتيجة تذوقه للهجة المصرية. كما أنه لولا هذه الكتابات باللهجات المحلية، لما استطعنا أن نطلع على التراث المحلي لكل بلد على حدة؛ من ذلك : التقاليد والعادات والتراث الشعبي، مثل الأمثال الشعبية المحلية.

وقد وظف السيد حافظ في مسرحيته هذه في بعض الأحيان اللغة الثالثة كما يسميها توفيق الحكيم، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر قول الرجل المهم : "يا مصباح الزمان، لكل زمان رجاله ولكل دولة رجال وأنت ما اتغيرتش وما بقتش معانا "([33])

ومن جماليات اللغة في هذه المسرحية، المزج بين لغة النثر ولغة الشعر. "والبناء الشعري - عند السيد حافظ - لا يقوم على موسيقى الشعر بقدر ما يقوم على الصورة الفكرية التي تبعث من البناء اللغوي. والشعر هنا شعر مضمون لا شعر اللفظ "([34]). وقد وسم عبد  الرحمن أبو عوف اللغة في مسرح السيد حافظ بـ "اللغة اللاواقعية " فمما قاله ما يلي : "لقد رفض تبني المسرح الطبيعي الواقعي الأسلوبي لقد تبنى  أسلوبا بليغا شعريا مدعوما بعيدا عن اللغة اليومية بعد الشعر عن النثر، فشخصياته يعبرون بلغة مصطنعة تصويرية متعددة عاطفية وفلسفية رومانتيكية وشعرية وأحيانا مغلقة بالصور فهو يحاول إعادة سلطان وعظمة الشعر ولكن هل الشعرية طغت على الدراما"([35])

من نماذج هذه اللغة التي يغلب عليها طابع  الصنعة قول الطالب الفاسـد: أنا بصراحة وبدون فصاحة([36]) (وقوله في موضع آخر: حفلة خلوية في الهيلتون.. الزفاف في الشيراتون([37]).

هذه بعض وليس كل الجوانب الفنية التي تميزت بها مسرحية "إشاعة "، هذه المسرحية التي تتوفر على " إرشادات مسرحية " وتقنيات فنية تحتاج إلى وقفة خاصة.


خاتمـــــة :

تلك هي بعض المكونات الفكرية والجمالية في مسرحية "إشاعة". التي حاول السيد حافظ من خلالها فضح الواقع المصري بصفة خاصة،  والواقع العربي بصفة عامة، وتعريته بغية إصلاحه وتقويمه. ولعل الدعوة إلى كتابة التاريخ، والبحث عن الحقيقة ظلت هاجسه في هذه المسرحية ومسرحيات أخرى.

لقد جعل السيد حافظ من أعماله المسرحية واجهة نضالية ضد الظلم بمختلف أشكاله. فهو يدعو الإنسان إلى عدم الاستسلام أمام آفات المجتمع الخطيرة، منها آفات الأمراض الاجتماعية والنفسية كما صورتها هذه المسرحية.  فـ " السيد حافظ من كتاب المسرح الإنسانيين، ليس بنزعته نحو العدالة في الحياة فقط ولكن  باندماجه في هموم الحياة العربية ككل، في تعبها الإنساني والمحاولة العاجزة عن خلق  نظام  يحقق مجتمعا جديدا تتحقق فيه سعادة تمسح  التعاسة والاندحار في أعماق الإنسان العربي السيئ الحظ" ([38])

إنني بهذا العمل المتواضع أتمنى أن أكون قد ساهمت ولو بقدر يسير في رد الجميل لهذا المبدع النموذجي الذي يستحق الشكر والثناء، هذا المبدع الذي عانى التهميش كما عبر عن ذلك بنفسه: "أنا من الجيل الذي ضحى واستشهد في 73 ولم يذكره التاريخ... أديبا أو فنيا أو ثقافيا وظلت اللعبة كما هي.. الذين تسببوا في طعن الوطن وهزيمته يقودون الوطن فكرا وفنا وثقافة وتألهوا بدون مبرر على ذكريات ما قبل النكسة لا أدري !!فأنا أبحث عن شكل مسرحي جديد مع جيلي ولست بمفردي جيل كامل... كان يبحث نقدا وإبداعا وهذا الجيل ظلم"([39])

وإذا كان التاريخ قد ظلم السيد حافظ، فإن الباحث المتعطش للمعرفة والتحصيل العلمي لن ينسى جهد أبطال القلم والكلمة، وسيبقى مدينا لهم بأعمالهم المتميزة التي نسأل الله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم  والحمد لله رب العالمين.

 


المصادر والمراجع

المؤلفات :

1- أسئلة المسرح العربي " عبد الرحمن بن زيدان، سلسلة الدراسات النقدية7، دار الثقافة - الدار البيضاء، الطبعة الأولى : 14/7/1987

2- الأشجار تنحني أحيانا 9 مسرحيات تجريبية " : السيد حافظ، المركز الأكاديمي الدولي، مطبعة الفتح، فيصل - الهرم.

3-"إشاعة " : السيد حافظ، سلسلة إشراقات أدبية 164، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة أول أبريل 1994.

4- " حبيبتي أميرة السينما ": السيد حافظ، سلسلة رؤيا-الإسكندرية، الطبعة الثالثة: 1982

5- السيد حافظ بين المسرح التجريبي والمسرح الطليعي ": محمد نظمي، سلسلة رؤيا، مركز الوطن العربي للنشر والإعلام، الإسكندرية-مصر 1989

المجلات والجرائد والبحوث والأطروحات الجامعية :

1- إشكالية التجريب في مسرح السيد حافظ : بن يونس الهواري، أطروحة لنيل دبلوم الدراسات العليا، شعبة اللغة العربية وآدابها، بإشراف: مصطفى رمضاني، السنة الجامعية : 199-2....

2-التجريب في مسرح السيد حافظ " حبيبتي أنا مسافر والقطار أنت والرحلة الإنسان نموذجا": بنيونس الهواري، (بحث لنيل الإجازة). السنة الجامعية: 1992-1993

3-" عالمية المسرح عند السيد حافظ: "إبراهيم عابدين، مجلة " الثقافة العراقية " السنة: 13 العدد: 1/1983

4- " المسرح العربي الهوية المصادرة -قراءة في كتاب" هنا المسرح هنا بعض تجلياته لحسن المنيعي ":محمد بهجاجي، الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي، العدد: 362 دجنبر 199..

5-" نحو تأسيس كتابة مسرحية عربية مغايرة" : مصطفى رمضاني، مجلة  " التأسيس " السنة الأولى، العدد: 1 يناير 1987.

 

 



 ([1]) أسئلة المسرح العربي"، عبد الرحمن بن زيدان، سلسلة الدراسات النقدية، 7 دار الثقافة،  الدار البيضاء، ط1، 1407  - 1987، ص: 5 6.

 ([2])  - "عن أسئلة المسرح العربي"، عبد الرحمن بن زيدان، ص: 7.

 ([3])  - مسرحية " إشاعة"، السيد حافظ، سلسلة، إشراقات أدبية، 164، الهيئة المصرية للكتاب- القاهرة، أول أبريل 1994، ص: 18 19.

 ([4])  - المسرحية، ص: 19.

 ([5])  - المسرحية، ص: 8 9.

 ([6])  - المسرحية، ص: 52- 53- 54.

 ([7])  - " الإبداع والتجريب في مسرح السيد حافظ": إسماعيل  الأنبابي، المعرفة السورية، س: 22، ع: 254، 1983 عن " التجريب في مسرح السيد حافظ":  حبيبتي أنا مسافر"  والقطار  انت والرحلة الإنسان"  نموذجا"عن بنيونس الهواري،  بحث لنيل الإجازة ،بكلية الآداب، وجدة، المغرب سنة 1992–1993، ص:29.

 ([8])  -المسرحية، ص:13-14

 ([9])  -المسرحية، ص: 55-56-57

 ([10])  -نفسها، ص:....

 ([11])  -" نحو تأسيس كتابة مسرحية عربية مغايرة مجلة " التأسيس " المغربية  س1 ع:1 يناير 1987، ص:69

 ([12])  -" المسرح العربي الهوية المصادرة -قراءة في كتاب هنا المسرح هنا بعض تجلياته لحسن المنيعي": محمد بهجاجي، الملحق الثقافي لجريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية، ع: 362 دجنبر 1990، ص: 3

 ([13])  -" الوعي الفلسفي السياسي في مسرح السيد حافظ " :مازن الماعيّ" الأشجار تنحني أحيانا 9 مسرحيات تجريبية" :السيد حافظ، المركز الأكاديمي الدولي، مطبعة الفتح، فيصل، الهرم،ص:303-304

 ([14])  - المسرحية: ص:42

 ([15])  - عن السيد حافظ بين المسرح التجريبي والمسرح الطليعي:" محمد عزيز نظمي، سل.رؤيا، مركز الوطن العربي للنشر والإعلام، الإسكندرية-مصر 1989، ص:34

 ([16])  - نفسه، ص:55

([17]) المسرحية، ص:52

([18]) "المسرح التجريبي والمسرح الطليعي": محمد عزيز نظمي، ص:15

([19]) " السيد حافظ والمسرح الطليعي عبد الله هاشم، جريدة الرأي الأردنية، 14-03-1980، عن " التجريب في مسرح السيد حافظ ":بنيونس الهواري،  بحث لنيل الإجازة   1992-1993، ص:46

([20]) " إشكالية التجريب في مسرح السيد حافظ ":بنيونس الهواري، أطروحة لنيل دبلوم الدراسات العليا، اللغة العرية وآدابها: إشراف: مصطفى رمضاني،كلية الآداب،وجدة سج: 1999-2000، ص: 171

([21]) المسرحية، ص: 44.

([22]) نفسها، ص:15

 ([23]) نفسها، ص: 53

 ([24]) " قراءة نقدية لأعمال السيد حافظ المسرحية، مجلة  " صوت الخليج" / نوفمبر 1981 عن "التجريب في مسرح السيد حافظ حبيبتي أنا مسافر والقطار أنت والرحلة الإنسان نموذجا " بنيونس الهواري،  بحث لنيل الإجازة  س: 1992- 1993، ص: 73.

 ([25]) المسرحية، ص: 42

 ([26])  - المسرحية، ص: 52

 ([27]) قراءة في مسرحية ظهور واختفاء أبو ذر الغفاري: "عبد الرحمن أبو عوف، عن "الأشجار تنحني أحيانا 9 مسرحيات تجريبية ": السيد حافظ، ص: 325.

 ([28]) عن الإبداع والتجريب في مسرح السيد حافظ "."المعرفة السورية س: 22ع 254 س: 1983 عن " التجريب في مسرح السيد حافظ " : بنيونس الهواري،  بحث لنيل الإجازة  1992-1993، ص:44.

 ([29]) عالمية المسرح عند السيد حافظ :"إبراهيم عابدين، مجلة "الثقافة  العراقية " سنة13 ع1/1983، ص:30.

 ([30]) 2- نفسه، ص:30

 ([31])  -المسرحية، ص: 49-50

 ([32])  - التجريب في مسرح السيد حافظ : "بنيونس الهواري،  بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا، ص:73.

 ([33])  - المسرحية، ص: 14

 ([34]) "حبيبتي أميرة السينما " :السيد حافظ، سلسلة رؤيا- الاسكندرية : ط3-1982، مقدمة سعد أردش، ص:18

 ([35]) "قراءة في مسرحية ظهور واختفاء أبو ذر الغفاري مسرحية " الأشجار تنحني أحيانا ":السيد حافظ، ص:332

 ([36]) المسرحية، ص:55

 ([37]) نفسها، ص:58

([38]) السيد حافظ بين المسرح التجريبي والمسرح الطليعي": محمد عزيز نظمي، سلسلة رؤيا، مركز الوطن العربي للنشر والإعلام، السكندرية*- مصر 1989، ص: 70-71.

([39]) مهرجان الكويت المسرحي الثاني الندوة التطبيقية حول مسرحية  حكاية الفلاح عبد المطيع : ناديا كامل، "الأشجار تنحني أحيانا " السيد حافظ، ص:298-299.






0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More